اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

حقائق أساسية حول القضية الفلسطينية


Recommended Posts

حقائق أساسية حول القضية الفلسطينية

الكاتب :د.محسن محمد صالح

1) يطلق اسم "فلسطين" على القسم الجنوبي الغربي لبلاد الشام، تقع فلسطين على ساحل البحر الأبيض المتوسط، غرب قارة آسيا، وتعتبر صلة الوصل بين آسيا وإفريقيا، كما تتميز بقربها من أوربا. ويحدها شمالاً لبنان، ومن الشمال الشرقي سوريا، وشرقاً الأردن، وجنوباً مصر. وتبلغ مساحة فلسطين في حدودها المتعارف عليها حالياً 27ألف كم2. وهي تتمتع بمناخ معتدل(مناخ البحر المتوسط).

2) أرض فلسطين من أقدم المناطق الحضارية في العالم، وحسب الاكتشافات الأثرية الحديثة فهي أول أرض شهدت تحول الإنسان إلى حياة الاستقرار والزراعة قبل حوالي 9 آلاف سنة ق.م.، وفي ربوعها أنشئت أقدم مدينة في التاريخ (مدينة أريحا) حوالي 8 آلاف سنة ق.م. ، وما زالت معمورة زاخرة بالحضارات المختلفة إلى عصرنا هذا.

3) لأرض فلسطين مكانة عظيمة في قلب كل مسلم فهي:أرض مقدسة و مباركة بنص القرآن الكريم ، وفيها المسجد الأقصى أول قبلة للمسلمين، وثالث المساجد مكانة في الإسلام ،وهي أرض الإسراء، فإليها أسرى محمد صلى الله عليه وسلم ،وهي أرض الأنبياء فقد ولد في هذه الأرض وعاش عليها ودفن في ثراها الكثير من الأنبياء عليهم السلام الذين ذكروا في القرآن الكريم .وهي تعد في المنظور الإسلامي أرض المحشر والمنشر، وعقر دار الإسلام، والمقيم المحتسب فيها كالمجاهد في سبيل الله، و مركز الطائفة المنصورة والثابتة على الحق إلى يوم القيامة.

4) أرض فلسطين أرض مقدسة لدى اليهود و النصارى أيضاً :فيعدها اليهود أرضهم الموعودة، ومحور تاريخهم، ومرقد أنبيائهم، ومركز مقدساتهم في القدس والخليل. ويعدها النصارى مهد ديانتهم حيث ولد عيسى عليه السلام وقام بدعوته، وبها مراكزهم الدينية العظيمة في القدس وبيت لحم والناصرة.

5) إن أقدم شعب معروف سكن فلسطين، وطبعها بطابعه هم "الكنعانيون"، الذين قدموا من جزيرة العرب منذ نحو 4500 عام، وعرفت أول الأمر باسم "أرض كنعان". وشعب فلسطين الحالي هم سلائل الكنعانيين ومن اختلط بهم بعد ذلك من شعوب شرقي البحر المتوسط الـ"بلست" أو الفلسطينيون، والقبائل العربية. ورغم أن فلسطين حكمها أقوام شتى بين فترة وأخرى إلا أن أهلها ظلوا يعمرونها دونما انقطاع.وإن أهل فلسطين هؤلاء هم أنفسهم الذين أسلمت أغلبيتهم الساحقة وتعربت لغتهم مع قدوم الإسلام. حيث تأكدت الهوية الإسلامية لأرض فلسطين لأطول فترة تاريخية متواصلة منذ الفتح الإسلامي لها في 15 هـ –636م حتى الآن، ولا عبرة بإخراج جزء من أهلها قهراً تحت الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948.

6) إن مزاعم الحق التاريخي لليهود في فلسطين تتهافت أمام حق العرب المسلمين في أرضهم، فأبناء فلسطين عمروا هذه الأرض قبل نحو 1500 عام من إنشاء اليهود دولتهم واستمروا أثناءها، ثم بعد أن انقطعت صلة اليهود بها إلى الآن،.لقد حكم اليهود أجزاء من فلسطين (وليس كلها) حوالي أربعة قرون (خصوصاً بين 1000-586 ق.م) وزال حكمهم كما زال حكم غيرهم من ا لدول كالآشوريين والفرس والفراعنة والإغريق والرومان بينما ظل شعب فلسطين راسخاً في أرضه. وكان الحكم الإسلامي هو الأطول (636-1917) باستثناء الفترة الصليبية (90عاماً) أي نحواً من 1200 سنة. وقد انقطعت صلة اليهود عملياً بفلسطين نحو 1800 عام (منذ 135م- وحتى القرن العشرين) دون أن يكون لهم تواجد سياسي أو حضاري وريادي فيها،بل و حرمت تعاليمهم الدينية العودة إليها. وإن أكثر من 80%من اليهود المعاصرين لا يمتون تاريخياً بأيّ صلة لفلسطين ،كما لا يمتون قومياً لبني إسرائيل، فالأغلبية الساحقة ليهود اليوم تعود إلى يهود الخزر (الأشكناز) وهي قبائل تترية-تركية قديمة كانت تقيم في شمال القوقاز، وتهودت في القرن الثامن الميلادي. فإن كان ثمة حق عودة لليهود ، فهو ليس إلى فلسطين وإنما إلى جنوب روسيا.

ثم إن دعوى تعلق اليهود بفلسطين وارتباطهم بها لا تقف أمام حقيقة أن معظم بني إسرائيل رفض الانضمام إلى موسى عليه السلام في مسيرته للأرض المقدسة، كما رفض معظمهم العودة إليها من بابل بعد أن عرض عليهم الإمبراطور الفارسي قورش ذلك، وطوال التاريخ وحتى أيامنا هذه لم تزد أعداد اليهود في فلسطين في أفضل أحوالهم عن 40% من اليهود في العالم.

7) تعود نشأت الحركة الصهيونية التي سعت لإنشاء كيان يهودي في فلسطين إلى ظهور النزعات الصهيونية- المؤيدة لتجميع اليهود في فلسطين- وسط مسيحيي أوربا، وخصوصاً البروتستانت منذ القرن السادس عشر. وإلى ظهور الأيديولوجيات القومية والوطنية ونشوء الدولة القومية في أوربا خصوصاً في القرن التاسع عشر، وإلى نشأة "المشكلة اليهودية" خصوصاً في أوربا الشرقية ،وما تعرض له اليهود من اضطهاد على يد الروس، وإلى تمكُّن اليهود من الوصول إلى عدد من دوائر النفوذ في أروبا وأمريكا، بالإضافة إلى فشل حركة الاستنارة اليهودية "الهسكلا" التي سعت إلى دمج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها.

8) إن فكرة إنشاء الكيان اليهودي ليقوم بدور "الدولة الحاجزة" والتي دعمها الاستعمار الغربي، وخصوصاً بريطانيا، تمثل ذروة الخطر الغربي- الصهيوني في قلب العالم العربي والإسلامي. إذ تهدف إلى شطر جناحي العالم الإسلامي في آسيا وأفريقيا إلى شطرين منفصلين. وهي بذلك تسعى إلى منع وحدته وإضعافه، وإبقائه مفككاً عاجزاً عن النهضة، قابعاً في دائرة التبعية. كما تهدف إلى منع ظهور قوة كبرى، تحل مكان الدولة العثمانية التي كان يتم القضاء عليها. إن معادلة بقاء الكيان اليهودي-الصهيوني واستقراره ونموه –في وسط معاد- مرتبطة بضمان ضعف ما حوله من أقطار المسلمين وتفككها وتخلفها. وكذلك فإن معادلة نهضة الأمة ووحدتها وقوتها مرتبطة بالقضاء على المشروع اليهودي-الصهيوني الجاثم على قلبها.

9) نشأت المنظمة الصهيونية العالمية في بال بسويسرا في أغسطس 1897 بقيادة ثيودور هرتزل، وربطت نفسها بالمشروع الاستعماري الغربي، وفشلت في الحصول على أي شيئ ذا قيمة حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. والحركة الصهيونية حركة عنصرية قائمة على ديباجات وخلفيات دينية وتراثية وقومية يهودية، وشرط نجاحها مرتبط بإلغاء حقوق أهل فلسطين العرب في أرضهم والحلول مكانهم. ولا فرق في جوهر الفكرة الصهيونية بين تيارات علمانية أو اشتراكية أو دينية أو ثقافية أو سياسية فكلهم في النهاية صهاينة توفيقيون يسعون إلى الأهداف العليا نفسها.

10) تبنت بريطانيا المشروع الصهيوني فأصدرت في نوفمبر 1917 وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وتمكنت من إتمام احتلالها لفلسطين في سبتمبر 1918. وتنكرت لوعودها للعرب بزعامة الشريف حسين بالحرية والاستقلال. وقسمت دوائر النفوذ في بلاد الشام والعراق بينها وبين فرنسا وفق اتفاقيات سايكس-بيكو (مايو 1916)التي خططت لجعل فلسطين منطقة دولية، ثم إن بريطانيا استأثرت بفلسطين وفق اتفاقات سان ريمو (إبريل 1920)، وتمكنت من إدماج وعد بلفور في صك انتدابها على فلسطين الذي قررته لها عصبة الأمم في يوليو 1922.

11) فتحت بريطانيا خلال احتلالها لفلسطين 1918 – 1948 الأبواب للهجرة اليهودية فتضاعف عدد اليهود من 55 ألفاً سنة 1918 إلى 646 ألفاً سنة 1948 (أي من 8% من السكان إلى 31%)، كما دعمت تملك الأراضي فتزايدت ملكية اليهود للأرض من نحو نصف مليون دونم (2% من الأرض)، إلى نحو مليون و 800 ألف دونم (6,7% من أرض فلسطين)، تسربت إلى اليهود في الغالب من الحكم البريطاني أو من أيدٍ غير فلسطينية، وتمكّن شعب فلسطين رغم قساوة الظروف والمعاناة من الصمود في أرضه طيلة ثلاثين عاماً محتفظاً بأغلبية السكان 69% وبمعظم الأرض 93,3%. وقد تمكن اليهود تحت حماية الحراب البريطانية من بناء مؤسساتهم الاقتصادية والسياسية والتعليمية والعسكرية والاجتماعية، وفي سنة 1948 كانوا قد أسسوا 292 مستعمرة ، وكونوا قوات عسكرية من الهاغاناه الأرغون وشتيرن يزيد عددها عن سبعين ألف مقاتل، واستعدوا لإعلان دولتهم.

12) رغم أن المؤامرة على فلسطين كانت أكبر بكثير من إمكانات الشعب الفلسطيني، إلا أن شعب فلسطين رفض الاحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني، وطالب بالاستقلال. وقامت التيارات الوطنية والإسلامية بزعامة الحاج أمين الحسيني بالتعبئة الشعبية والتحركات السياسية والثورات العارمة، فكانت ثورات القدس 1920، و يافا 1921، والبراق 1929، وأكتوبر 1933، وحركة الجهادية بقيادة القسام وعصابة الكف الأخضر ومنظمة الجهاد المقدس . وتحت ضغط الثورة الكبرى 1936 – 1939 اضطرت بريطانيا في كتابها الأبيض (مايو 1939) أن تتعهد بقيام الدولة الفلسطينية خلال عشر سنوات وأن توقف بيع الأرض لليهود، وأن توقف الهجرة اليهودية بعد خمس سنوات . ولكنها تنكرت لالتزاماتها في آخر 1945، وعادت الحياة للمشروع الصهيوني من جديد برعاية أمريكية.

13) في 29 نوفمبر 1947 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار رقم 181 بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية و يهودية ( نحو 54% للدولة اليهودية، و 45% للدولة العربية و 1% منطقة دولية (منطقة القدس) ) .وقرارات الجمعية العامة ليست قرارات ملزمة حتى ضمن مواثيق الأمم المتحدة نفسها. والقرار نفسه مخالف للأساس الذي قامت عليه ا لأمم المتحدة، وهو حق الشعوب في الحرية وتقرير مصيرها بنفسها. ثم إن الشعب الفلسطيني المعني أساساً بالأمر لم تتم استشارته ولا استفتاؤه. فضلاً عن الظلم الفادح في إعطاء الأقلية اليهودية الدخيلة المهاجرة الجزء الأكبر والأفضل من الأرض.

14) أعلن الصهاينة دولتهم "إسرائيل" في مساء 14 مايو 1948، وتمكنوا من هزيمة الجيوش العربية التي مثلت نموذجاً لسوء القيادة وضعف التنسيق وقلة الخبرة، ووقوع عدد منها تحت النفوذ الاستعماري. واستولى الصهاينة على نحو 77% من أرض فلسطين، وشردوا بالقوة 800 ألف فلسطيني خارج المنطقة التي أقاموا عليها كيانهم من أصل 925 ألفاً كانوا يسكنون في هذه المنطقة. ودمروا 531 قرية فلسطينية من أصل 585 قرية كانت قائمة في المنطقة المحتلة، وارتكبوا 34 مجزرة. أما بالنسبة لما تبقى من فلسطين فقد قامت الأردن بضم الضفة الغربية رسمياً إليها (5878 كم2) كما وضعت مصر قطاع غزة (363 كم2) تحت إدارتها. وقد وافقت الأمم المتحدة على دخول الكيان الصهيوني "إسرائيل" في عضوية الأمم المتحدة بشرط السماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم ، وهو ما لم يفعله الكيان الصهيوني مطلقاً.

15) ساد شعارا "قومية المعركة"، و "الوحدة طريق التحرير" الفترة 1948 – 1967، وتولت الأنظمة العربية بقيادة جمال عبد الناصر زمام المبادرة، بينما تراجع الدور القيادي الوطني الفلسطيني إفساحاً للمجال للحلِّ العربي، غير أن الأنظمة العربية افتقدت المنهجية الصحيحة والجدية والإرادة الحقيقية للقتال، وتبتت المقاومة الفلسطينية لأسباب تكتيكية مرحلية، وليس ضمن خطة استراتيجية شاملة، وانشغلت بدغدغة عواطف الجماهير بدلاُ من إعدادها للمعركة، بينما كان الكيان الصهيوني "الغض" يشتد ويزداد قوة ورسوخاً.

16) أنشئت منظمة التحرير الفلسطينية (م . ت. ف) سنة 1964 برئاسة أحمد الشقيري ، وبدعم مباشر من جمال عبد الناصر الذي خشي أن يفلت زمام القضية من يديه بعد أن بدأت الساحة الفلسطينية تموج بالحركات السرية والتنظيمات، وخصوصاً "فتح" التي ترجع جذورها إلى سنة 1957. وهدفت (م . ت. ف) إلى تحرير الأرض المحتلة سنة 1948 ،وشدد ميثاقها على الكفاح المسلح طريقاً وحيداً للتحرير، ورحب عامة الفلسطينيين بها باعتبارها تجسيداً للهوية الوطنية والكيانية الفلسطينية بعد تغييب طويل. وفي عام 1968 انضمت المنظمات الفدائية الفلسطينية وعلى رأسها "فتح" إلى (م . ت. ف) وتولى ياسر عرفات زعيم فتح قيادة (م . ت. ف) منذ فبراير 1969. وفي سنة 1974 أقرت الأنظمة العربية لـ(م . ت. ف) بأنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وتم تمثيلها في العام نفسه بصفة عضو مراقب في الأمم المتحدة.

17) كانت حرب يونيو/حزيران 1967 هزيمة مرة للأنظمة العربية، ففي بضعة أيام ضاع باقي فلسطين فسقطت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، وتم تشريد 330 ألف فلسطيني. كما سقطت الجولان السورية (1150كم2) وسيناء المصرية 61198كم2).

18) واصل الكيان الصهيوني تهويد أرض فلسطين بشكل حثيث، وسعى لاجتثاث هويتها العربية والإسلامية ومعالمها الحضارية، فقد صادر حوالي 97% من الأرض التي احتلها سنة 1948 بما في ذلك أراضي وأملاك الفلسطينيين الذين قام بتشريدهم ، ومعظم الأوقاف الإسلامية، والكثير من أراضي من بقي من العرب هناك. وبنى الصهاينة 756 مدينة وقرية استيطانية في الأرض المحتلة 1948. وبعد حرب 1967 صادر الصهاينة أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية بنى فوقها 192 مستعمرة، كما صادر 30% من مساحة قطاع غزة وبنى فوقها 14 مستوطنة. وبينما حرم الكيان الصهيوني أبناء فلسطين من العودة إلى أرضهم ، فتح أبواب الهجرة اليهودية إلى فلسطين فهاجر إليها أكثر من مليونين و 800 ألف يهودي خلال الفترة 1949 _ 2000، ليبلغ العدد الكلي لليهود حوالي خمسة ملايين.

19) ركز الصهاينة على تهويد مدينة القدس، فسيطروا على 86% منها، وملؤوها بالمهاجرين اليهود (450 ألف يهودي مقابل 200 ألف فلسطيني حسب إحصائيات سنة 2000 ) ،وفي منطقة القدس الشرقية -حيث المسجد الأقصى- أسكنوا نحو 200 ألف يهودي بعد أن أحاطوها بسوار من المستوطنات اليهودية يعزلها عن محيطها العربي الإسلامي. وأعلنوا أن القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني. واهتم اليهود الصهاينة بالسيطرة على المسجد الأقصى، فصادروا الحائط الغربي للمسجد الأقصى (حائط البراق)، ودمروا حي المغاربة المجاور له، وصادروا أرضه. وأنهوا حتى الآن عشرة مراحل من الحفريات تحت المسجد الأقصى، وحفروا أربعة أنفاق بشكل يهدد بانهيار المسجد في أي لحظة. )، وتشكل نحو 25 تنظيم إرهابي يهودي يهدف إلى تدمير الأقصى وإقامة الهيكل اليهودي مكانه. وقاموا خلال 1967 – 1998 بأكثر من 112 عمل عدائي ضد المسجد الأقصى (72 منها بعد اتفاق أوسلو1993)، وكان أشهر الاعتداءات حرق المسجد الأقصى في 21 أغسطس 1969.

20) تمسك اللاجئون الفلسطينيون بحقهم في العودة إلى أرضهم، ورفضوا كل مشاريع توطينهم خارج أرضهم والتي وصلت إلى 243 مشروعاً، ورغم أن الأمم المتحدة أصدرت أكثر من 110 قرارات بحق اللاجئين في العودة، إلا أن أياً منها لم ينفذ بسبب إصرار الكيان الصهيوني على رفضها، وعدم جدية الدول الكبرى والمجتمع الدولي في إجباره على ذلك. ويبلغ الآن(سنة 2000) عدد اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من الأرض ا لمحتلة سنة 1948 وذرياتهم أكثر من خمسة ملايين، بينما هناك نحو مليون فلسطيني من أبناء الضفة والقطاع محرومون من حق العودة إلى أرضهم. وتمثل قضية اللاجئين الفلسطينيين أقدم وأطول وأكبر مأساة إنسانية للاجئين في القرن العشرين.

21) تعاملت الأمم المتحدة مع قضية فلسطين كقضية لاجئين منذ 1949 وحتى بداية السبعينيات من القرن العشرين. ومنذ 1974 أخذت تصدر قرارات كثيرة بأغلبية ساحقة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعطاء الفلسطينيين حق تقرير المصير، وبشرعية الكفاح الفلسطيني ( بما فيه الكفاح المسلح) لاسترداد الحقوق المغتصبة، وباعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال التفرقة العنصرية، وبحق اللاجئين غير القابل للتصرف في العودة إلى أرضهم. لكن الولايات المتحدة وحلفاءها كانوا على استعداد دائم لدعم الكيان الصهيوني في رفض هذه القرارات وتجاهلها وإجهاضها ، واستخدام حق النقض "الفيتو" لمنع التنفيذ العملي لأي منها. في الوقت الذي استخدموا فيه هذه "الشرعية" الدولية لإقامة الدولة الصهيونية على أرض فلسطين وترسيخ وجودها، مما يكشف عن الوجه القبيح الظالم لهذه "الشرعية".

22) مثلت الفترة 1967 – 1970 الفترة الذهبية للعمل الفدائي والمقاومة الفلسطينية، غير أنها حرمت منذ 1971 من استخدام الساحة الأردنية، ورغم تركزها بعد ذلك في الساحة اللبنانية إلا أنها عانت من محاولات الاستهداف والاجتثاث خلال الحرب الأهلية اللبنانية 1975 – 1990، وأسهم العدوان الصهيوني المستمر على لبنان، واجتياحه الجنوب اللبناني سنة 1978 وتشكيله لحزام أمني عميل، ثم اجتياحه الجنوب سنة 1982في ضرب البنية التحتية للمقاومة وإجبار (م . ت. ف) ومقاتليها على الانسحاب من لبنان. وبذلك أغلقت كل الحدود العربية مع الكيان الصهيوني في وجه المقاومة الفلسطينية.

23) وبشكل عام ،عانت الثورة الفلسطينية بشدة من أشقائها العرب "الألدَّاء"، واستُنزفت طاقاتها ودماؤها في صراعها مع الأنظمة العربية التي حاولت ترويضها وضبطها والتحدث باسمها والقفز فوقها، .وبعد حرب أكتوبر 1973 ضد الكيان الصهيوني والتي حققت أساساً انتصارات معنوية لمصر وسوريا، واعتبار (م . ت. ف) ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني 1974، أخذ يتضاءل الشعور العربي بالمسئولية تجاه فلسطين. وبتوقيع مصر لاتفاقيات كامب ديفيد في سبتمبر 1978 خرجت أقوى قوة عربية من الصراع العربي – الصهيوني، ثم إن الحرب العراقية-الإيرانية1980 – 1988، وتراجع الدعم المالي ا لخليجي للثورة الفلسطينية بسبب انخفاض أسعار النفط، فضلاً عن الاجتياح العراقي للكويت 1990، وما نتج عنه من حرب الخليج وتمزق عربي إسلامي واسع، بالإضافة إلى انهيار الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية، كل ذلك أدى لإضعاف المقاومة الفلسطينية وتوجه قيادة (م . ت. ف) نحو التسوية السلمية، وبالتالي حصر نشاطها في دائرة "الممكن السياسي"، خصوصاً مع وجود استعداد ذاتي لدى قيادة (م . ت. ف) للتنازل عن بعض الثوابت مقابل تحصيل ما يمكن تحصيله.

24) مع تزايد ضعف (م . ت. ف) أخذ التيار المؤيد للتسوية السلمية مع الكيان الصهيوني في الاتساع في أوساط المنظمة إلى أن جاء قرارها في نوفمبر 1988 بالاعتراف بقرار الأمم المتحدة 181 الداعي لتقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وقرار مجلس الأمن 242 الصادر في نوفمبر 1967 الذي يتعامل مع قضية فلسطين كقضية لاجئين ،ويدعو لحل القضية بالطرق السلمية. وفي أكتوبر 1991 دخلت (م . ت. ف) والدول العربية في مفاوضات سلمية مباشرة مع الكيان الصهيوني في مدريد. وخلال حوالي سنتين لم يستطع وفد المنظمة الرسمي التوصل إلى اتفاق مع الكيان الصهيوني. ولم تحدث أية حالة انفراج إلا من خلال قناة مفاوضات سرية مختلفة كانت قد فتحت في ديسمبر 1992 وأدت إلى ما يعرف باتفاق أوسلو أو "غزة – أريحا أولاً"، الذي تم في أوسلو بالنرويج، والذي وقعت عليه رسمياً المنظمة مع الكيان الصهيوني في واشنطن في 13 سبتمبر 993.

25) تعترف قيادة (م . ت. ف) من خلال اتفاق غزة – أريحا بحق "إسرائيل" في الوجود، وبشرعية احتلالها وملكيتها ل 77% من أرض فلسطين، وتتعهد (م . ت. ف) بالتوقف عن المقاومة المسلحة والانتفاضة، كما تتعهد قيادة (م . ت. ف) بحذف وإلغاء كافة البنود الداعية لتحرير كل فلسطين وتدمير الكيان الصهيوني من ميثاقها الوطني، وتتعهد أيضاً بحل كافة المشاكل بالطرق السلمية. وتحصل قيادة المنظمة في مقابل ذلك على اعتراف من "إسرائيل" بها باعتبارها ممثلة الشعب الفلسطيني وتعطى حكماً ذاتياً محدوداً في قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية ،على أن يتم حل القضايا الرئيسية الأخرى خلال خمس سنوات.

26) أعطت الانتفاضة المباركة 1987 – 1994 زمام المبادرة للداخل الفلسطيني، وأحيت الانتفاضة التعاطف والاهتمام العربي والإسلامي والدولي بالقضية الفلسطينية، لكن الظروف السائدة والعقليات القيادية الفلسطينية والعربية لم تسمح بتأجيجها وتوسيعها باتجاه التحرير، وإنما استخدمتها للاستثمار السياسي السريع باتجاه التسوية مع الكيان الصهيوني الغاصب.

27) بعد ثماني سنوات من التفاوض مع الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة بين حزب العمال والليكود لم يحصل الفلسطينيون سوى على أقل من 18% من الضفة الغربية وقطاع غزة، أي ما يساوي 2% من فلسطين التاريخية، رغم توقيع اتفاقيات كثيرة خلال هذه الفترة الانتقالية.

28) بعد انقضاء خمس سنوات من عمر الاتفاقيات المرحلية وبداية المفاوضات على الاتفاق النهائي فشل الطرفان في التوصل الى صيغة اطار للحل النهائي في كامب ديفيد رغم التدخل الامريكي السافر وضغطه المستمر على الجانب الفلسطيني للقبول بالتنازل في مسألة القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين مقابل اقامة دولة فلسطينية معترف بها من قبل اسرائيل والعالم.

29) في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 2000 تفجرت انتفاضة الأقصى بسبب الأوضاع المزرية التي يحياها الشعب الفلسطيني، وحنقه على الاحتلال البغيض، وكان السببب المباشر هو اقتحام مجرم الحرب شارون للمسجد الأقصى بحراسة ما يزيد عن 1000 جندي مدجج بالسلاح.

30) سقط في هذه الانتفاضة ما يزيد عن 450 شهيدا وأكثر من خمسة عشر ألف جريح، نسبة كبيرة منهم اعاقته دائمة. وقد استخدم الكيان الصهيوني جميع أنواع الأسلحة من طائرات ودبابات وصواريخ وغازات محرمة دوليا، الا أنه لم يستطع الى اليوم 17/4/2001 تاريخ كتابة هذه السطور من اخماد الانتفاضة.

أكدت انتفاضة الأقصى (سبتمبر 2000 – الآن (فبراير 2001)) تمسك الشعب الفلسطيني بحقه في أرضه، وأكد تفاعل الشعوب الإسلامية الواسع مع الانتفاضة والبعد الإسلامي للقضية، وكشفت شراسة الصهاينة والوجه القبيح لأدعياء السلام الصهيوني، كما وجهت لطمة كبيرة لمشروع التسوية، الذي يجري على حساب حقوق الأمة وثوابتها.

31) إن القضية الفلسطينية قضية ذات أبعاد إنسانية كبرى، إذ تمثل صرخة المظلوم في وجه أدعياء حقوق الإنسان، وتكشف المعايير المزدوجة وسوءات النظام الدولي الجديد، وتزري بالنفاق المقيت لحضارة تزهو بالتقدم والمعرفة والتكنولوجيا وترعى حقوق الحيوان ،بينما تتقبل أن يرمى خمسة ملايين لاجئ في العراء، وأن تحل جماعات يهودية من أشتات الأرض وفق دعاوى بالية _ لا تتوافق مع منطق التاريخ ولا قيم المدنية الحديثة ولا القوانين الدولية _مكان قوم عمروا الأرض منذ 4500 عام. وأن تسفك الدماء في الأرض المقدسة ، التي يجب أن تكون أرضاً للمحبة والسلام. إن الحركة الصهيونية واحتلالها لفلسطين هي النموذج المتبقي للاستعمار التقليدي الأوروبي الغربي الذي زال عن أرجاء العالم، ويجب أن يزول عاجلاً أم آجلاً عن فلسطين.

32) إن وجود الكيان الصهيوني في فلسطين- قلب العالم العربي والإسلامي – وحشده لأسلحة الدمار الشامل بما فيها 200 قنبلة نووية ، وقدرته على تعبئة جيش يصل إلى المليون خلال 72 ساعة، سوف يظل الفتيل المشتعل الذي يهدد السلام العالمي بالانفجار، ويهدد بحرب عالمية ثالثة. فالعرب والمسلمون سيملكون يوماً ما أسباب القوة وأسلحة الدمار الشامل، وهم لم ولن يتنازلوا عن أرضهم ولن يقبلوا كياناً في قلبهم يضعفهم ويمزق وحدتهم، وسيسعون لإزالته كما أزالوا غيره من قبل.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...