اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

من يعلق الجرس للتعليم المهني في مصر؟؟


Recommended Posts

بداية لا بد أن أعترف أن فكرة هذا الموضوع نبعت من قراءتي للموضوع القديم المتجدد للفاضل عصام شوقي بخصوص محنة الحاصلين على مؤهلات متوسطة في مصر.

المتابع لقطاعي التعليم والعمل الفني والحرفي في مصر سيكتشف أننا نعيش في فوضى عارمة ووضع مزري، فمن جهة هناك مئات الآلاف من خريجي المدارس الصناعية ومعاهد التعليم المتوسط وفوق المتوسط الذين - رغم حصولهم على شهادات - يفتقرون الى المهارات اللازمة للدخول والمنافسة في سوق العمل، وعلى الجانب الآخر فإن لدينا ملايين المتسربين من مراحل التعليم المختلفة الذين يلتحقون بأعمال فنية وحرفية في سن مبكر ويحصلون على تدريب عشوائي على أيدي "اسطوات" الورش ولكنهم لا يمتلكون الأدوات المناسبة لتطوير أنفسهم ورفع مستوى مهنتهم.

النتيجة ملايين العاطلين من خريجي المدارس الصناعية والمعاهد الفنية الذين يأسوا من البحث عن مهن تناسب دراستهم، والمحظوظون منهم وجدوا فرصة عمل في الخليج في مهن دنيا لا علاقة لها بما تعلموه (عامل زراعي - حارس أمن ... الخ). وعلى الطرف الآخر تدني مستمر في مستوى الحرفيين وأخلاقياتهم وندرة في بعض التخصصات الفنية للدرجة التي أجبرت بعض أصحاب المصانع على استقدام عمالة من دول جنوب آسيا للعمل في مصر لتغطية هذا العجز.

وضع شاذ هو نتيجة سياسات تعليم خاطئة ورهبة وتكاسل عن تغيير مفاهيم وممارسات عفا عليها الزمن ونظرة مجتمعية سلبية للعمل الفني والحرفي .

حتى لا أسترسل أكثر في وصف وتشخيص المشكلة اسمحولي أن اقترح مقاربة لمعالجة هذا الملف الشائك، وسوف ألخص فكرتي في نقاط محددة:

أولا: إصلاح شامل في هرم النظام التعليمي، يجعل 90% على الأقل من الطلاب يتجهون للتعليم المهني والفني بعد اجتياز مرحلة معينة (10 سنوات مثلا من التعليم الأساسي)، وال 10% الباقية يتم تأهيلهم في مدارس عليا تمهيدا لالتحاقهم بالجامعات. مع فتح الطريق أمام طلاب المسارات الفنية والمهنية لمزيد من التدريب والتعلم بعد عملهم في اتجاه زيادة مهاراتهم وصقلها في جامعات فنية متخصصة ليست معنية بمنح شهادات بقدر اهتمامها بإكساب مهارات ونقل خبرات . ولأضرب مثالا فإنه في نظام المؤهلات الحرفية الاسكتلندي مثلا فإن الطالب الحرفي يمكنه أن يكمل دراسته وتدريبه ليحصل على شهادة مكافئة للماجستير في تخصصات قد لا تخطر على بال أحد مثل أعمال السباكة والخياطة والجزارة.

ثانيا: ينبغي إنشاء عدد كبير من معاهد ومراكز التدريب الفني والحرفي لتقديم خدمات التدريب والتأهيل في جميع التخصصات ابتداء من الحرف البسيطة مثل الكواء والحلاق وعامل المطعم ومرورا بأعمال الإنشاءات (نجار مسلح – حداد – نقاش) والمهن الفنية (لحام – ميكانيكي – كهربائي – فني كمبيوتر ... الخ) والمهن الكتابية (فني حسابات – أمين مخزن - كاتب ...الخ) والفندقية والخدمية وغيرها، بحيث يمكن أن يحصل أي مواطن في أي مرحلة سنية على تدريب منظم في إحدى الحرف عن طريق الالتحاق بدورات متخصصة في هذه المعاهد سواء في الفترة الصباحية أو المسائية.

ثالثا: هذه المعاهد ليست بالضرورة أن تكون حكومية بل إن معظمها يجب أن يكون أهليا، ويجب أن تكون قائمة على أساس ربحي أو على الأقل تكون قادرة على تغطية تكاليفها عن طريق المصاريف التي يدفعها المتدربون وبيع إنتاجهم في السوق، ويمكن للدولة أن تمنح المواطنين الراغبين في التدريب إعانات عن طريق كوبونات تعليم وتدريب على أساس الحاجة أو الجدارة أو كلاهما.

رابعا: يكون للمعاهد حرية طرح الدورات في التخصصات التي تراها مطلوبة في السوق، على أن تخضع جميع الدورات لرقابة من جهة مركزية للتحقق من مستوى جودة التدريب والتقييم ("هيئة المؤهلات الفنية والحرفية" مثلا) ، حتى نضمن أن هناك مجموعة معينة من المهارات قد أتقنها المتدرب نتيجة التحاقه بدورة معينة. والهيئة المذكورة وظيفتها أن تضع وصفا للدورات المعتمدة والمهارات والكفايات التي ينبغي أن يتقنها المتعلم بعد اجتيازه الدورة والمعايير التي يتم عن طريقها قياس مدى اتقانه لهذه المهارات وأن تأخذ عينات من أعمال الطلاب لمراجعتها للتحقق من موثوقية عملية التقييم التي تتم في المراكز.

خامسا: يكون لكل حرفة جمعية للإشراف على الجوانب الفنية والتنظيمية لهذه الحرفة، ولا يحق لأي شخص ممارسة أي حرفة قبل التحاقه بالجمعية واجتيازه للمتطلبات التي تضعها لمن يرغب في ممارسة المهنة مثل اجتيازه دورات تدريبية معينة أتقن من خلالها مجموعة محددة من المهارات واجتيازه لامتحانات دورية وخضوعه لإشراف من تلك الجمعية لمراقبة التزامه بالضوابط الفنية والأخلاقية لممارسة المهنة، ويمكن أن تمنح الجمعية تراخيص لأكثر من مستوى في المهنة الواحدة (مبتدئ – ممارس – متخصص ... الخ) بناء على التدريب الذي يحصل عليه الفني وخبرته وسجله المهني. ويكون من حق أي جمعية اتخاذ الإجراءات التأديبية بحق أعضاءها الذين ينتهكون قواعد مهنتهم بما في ذلك تخفيض تصنيفهم أو ايقافهم أو فصلهم نهائيا.

سادسا: بالنسبة لمجموعة الحرف التي تقدم عادة على أساس تعاقدي مثل أعمال الإنشاءات ،تكون ممارسة المهنة بعد الحصول على الترخيص عن طريق شركات متخصصة تنظم العلاقة بين الفني والعميل بحيث لا يكون هناك تعامل مادي أو قانوني مباشر بينهما بل عن طريق الشركة التي تلتزم قانونيا أمام عميلها وتدفع للفني مستحقاته، ويكون لكل فني أن يبدأ شركته الخاصة بعد اجتيازه دورات إضافية في الإدارة والتعامل مع العملاء وبعد اجتيازه مرحلة معينة في مهنته.

سابعا: من الأفضل أن يكون هناك اتفاقيات بين الجمعيات المهنية المصرية ونظيرتها في دول أوروبا وأمريكا للاعتراف المتبادل (طبعا لن يتأتى هذا إلا عندما تكون معاييرنا مكافئة على الأقل للمعايير المتبعة لديهم) بحيث يستطيع العامل المصري العمل مباشرة في تلك الدول بعد حصوله على دورات إضافية في اللغة والأنظمة المحلية، وحتى يصبح العامل المصري في دول الخليج مثلا حاصلا على مؤهل مهني مساوي لنظيره الأمريكي أو الانجليزي يجعله في نظرهم خبيرا كما هو الحال مع مواطني هذه الدول.

ثامنا: بالنسبة لمن يمارسون المهن حاليا بدون ترخيص يتم عمل اختبارات لهم وتحديد جوانب القصور لديهم (نظرية – عملية ) وتصنيفهم، ومن ثم إلحاقهم بدورات لتغطية هذه الجوانب ومن ثم حصولهم على الترخيص وانضمامهم الى الجمعيات.

رغم أن النظام الذي أقترحه يبدو صارما ومعقدا ومكلفا، فإنني أعتقد أنه من أفضل السبل لمعالجة مشكلة الجمود والعشوائية والهدر الهائل في الموارد الذي نشهده اليوم في هذا القطاع، وهو أيضا السبيل لاستعادة سمعة العامل المصري التي أصبحت في الحضيض وفتح سوق العمل العالمي أمامه بحيث يستطيع المنافسة مع نظيره الأمريكي والأوروبي والياباني.

لا داعي طبعا لأن أؤكد أن نزاهة واحترافية القائمين على مشروع بهذا الحجم هي أهم عوامل نجاحه، لأننا لو وضعنا المشروع في أيدي القائمين على التعليم الفني في مصر حاليا ممن تأصلت لديهم الأفكار والممارسات الخاطئة فإننا سنصل لنفس وضعنا اليوم مع اختلاف المسميات، لذا فإنني – رغم ثقتي في أبناء بلدي – لا أجد سبيلا سوى الاستعانة بكثافة بالخبراء والمتخصصين من الخارج لا سيما في المراحل الأولى والمراكز الحساسة في المشروع، وللمتخوفين من مؤامرات تدبر ضد بلدنا فإننا يمكن أن نستعين بخبرات من دول صديقة أو محايدة مثل ماليزيا، كوريا و اليابان.

كلي ثقة بأن الإخوة المحاورين لديهم الكثير من المقترحات بخصوص إصلاح هذا القطاع الهام والحيوي لاقتصادنا وأمننا القومي، وأنا أدعوكم جميعا لبدء نقاش هادف في هذا الاتجاه، آملا أن أكون قد وفقت بهذه المداخلة الافتتاحية في إلقاء حجر في الماء الراكد.

وتحياتي لكم.

إن فشلنا في الوصول للحكم ولتغيير البلد .. لا تقلقوا .. نحن فكرة .. الفكرة لا تموت ... تستمر لا تتوقف

البرادعي 15/10/2011

رابط هذا التعليق
شارك

رغم أن النظام الذي أقترحه يبدو صارما ومعقدا ومكلفا، فإنني أعتقد أنه من أفضل السبل لمعالجة مشكلة الجمود والعشوائية والهدر الهائل في الموارد الذي نشهده اليوم في هذا القطاع، وهو أيضا السبيل لاستعادة سمعة العامل المصري التي أصبحت في الحضيض وفتح سوق العمل العالمي أمامه بحيث يستطيع المنافسة مع نظيره الأمريكي والأوروبي والياباني.

لا داعي طبعا لأن أؤكد أن نزاهة واحترافية القائمين على مشروع بهذا الحجم هي أهم عوامل نجاحه، لأننا لو وضعنا المشروع في أيدي القائمين على التعليم الفني في مصر حاليا ممن تأصلت لديهم الأفكار والممارسات الخاطئة فإننا سنصل لنفس وضعنا اليوم مع اختلاف المسميات، لذا فإنني – رغم ثقتي في أبناء بلدي – لا أجد سبيلا سوى الاستعانة بكثافة بالخبراء والمتخصصين من الخارج لا سيما في المراحل الأولى والمراكز الحساسة في المشروع، وللمتخوفين من مؤامرات تدبر ضد بلدنا فإننا يمكن أن نستعين بخبرات من دول صديقة أو محايدة مثل ماليزيا، كوريا و اليابان.

مبدئيا اسمح لى احييك بشدة ع الموضوع القوى والذى يمس مشكلة عويصة تتعرض لها الاسرة المصرية و كذا الصناعة المصرية

قرات الطرح جيدا و اعجبتنى تلك النقاط التى اقتبستها

لانها تقبض بيد من حديد على اساس المشكلة

و لعلى اذكر نفسى قبل غيرى اننا ما عدمنا المفكرين ابدا ابدا

و انما نحن ف حاجة لمن يدرس ويناقش هذه الافكار ثم يبدأ ف تنفيذها حتى نخرج من هذا الوضع اللعين

مرة اخرى اشكر المهندس احمد سيف على هذا الطرح الرائع

تفاءلوا بالخير تجدوه

بعضا مني هنا .. فاحفظوه

رابط هذا التعليق
شارك

موضوعات ذات صلـــــــــة

--

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}(11){اَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}(12)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ}(11)

new-egypt.gif

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله *** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
***************
مشكلة العالم هي أن الحمقى والمتعصبين هم الأشد ثقة بأنفسهم ، والأكثر حكمة تملؤهم الشكوك (برتراند راسل)
***************
A nation that keeps one eye on the past is wise!A
A nation that keeps two eyes on the past is blind!A

***************

رابط القرآن كاملا بتلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل برابط ثابت مع رابط للقراءة
***************
رابط
القرآن كاملا ترتيل وتجويد برابط ثابت مع رابط للقراءة
***************
رابط سلسلة كتب عالم المعرفة

رابط هذا التعليق
شارك

الفاضل/ محمد

أشكرك على وضع وصلات للمواضيع ذات الصلة وآمل ضم مداخلتي الى أحد هذه المواضيع حتى تظل الفكرة متصلة

المهندس الفاضل/ ياسر

تحياتي لك على المتابعة وفي انتظار مقترحاتك بصفتك أحد العاملين في المجال الصناعي ولك بالتأكيد دراية ممتازة بأساليب تأهيل الفنيين واعتمادهم في الشركات العالمية

إن فشلنا في الوصول للحكم ولتغيير البلد .. لا تقلقوا .. نحن فكرة .. الفكرة لا تموت ... تستمر لا تتوقف

البرادعي 15/10/2011

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...