Sherief AbdelWahab بتاريخ: 26 مارس 2006 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 26 مارس 2006 مقدمة : أكره روزا اليوسف ، وأكره نفاقها ، ومنطقها الوصائي الذي يحول بمقتضاه صحفيو الجريدة والمجلة أنفسهم إلى مدرسين يؤدبوننا بالخيرزانة..ومع ذلك فإنني أنقل مقالاً منها أتوقع أن يثير جدلاً ، ليس فقط بسبب تناوله لرأي آخر بحق الأستاذ هيكل ، ولكن بشأن الأسلوب أيضاً.. هيــكـل الأُلـعـبــــان قبل نحو عامين استأذن الأستاذ محمد حسنين هيكل فى الانصراف، قال إنه سوف يعتزل ويتفرغ لكتابة مذكراته، وبعد جدل استمر أشهر، وصخب مفتعل بلا قيمة، قال له قطاع عريض من القراء، ومثله من النخبة: «مع ألف سلامة».. لكن الأستاذ هيكل، كما الضيف الثقيل والمراوغ، لم ينصرف حتى الآن.. بل إنه حتى لم يصحح إلى الآن - باعتباره صحفيا - أكبر وأعرض خبر كاذب نشره على الرأى العام.. على اعتبار أن «الانصراف» نفسه فى حد ذاته كان خبرا «مضروبًا»!. لقد كان الانصراف لعبة، من «ألعبان» محترف، ولعلها صدفة أن يكون وزن كلمة «ألعبان» فى اللغة العربية هو نفسه وزن كلمة «بهلوان». وقد كان من الممكن أن نتفهم الموقف، لو أنه عاد وقال: «أريد أن أستمر وقتا آخر.. أستأذن فى البقاء..».. لكنه تخلى عن لياقة الحالة الأولى، وهى لياقة مفتعلة على كل حال، وفرض ذاته.. وبصورة أكبر وأشد كثافة مما كان عليه الوضع قبلها. وفى كل الأحوال، عبر الشاشات والصفحات، يواصل هيكل ممارسة الألعوبة، ينثر اللغو المنمق فوق خرافات تلتحف بإيحاءات المنطق، يبعثر ادعاءات العقل، وتحليلات هشة كما لو أنها «بجد»، ويصر على ما احترفه منذ زمن بعيد.. وهو ألا يمارس مرة واحدة تطبيق الأحكام الموضوعية.. فقد اشتهر بأنه الشخص القادر ببراعة واحتراف على استبعاد كل الحقائق وكل التحليلات التى تؤدى إلى عكس المعنى الذى يريد ترويجه.. وهو على استعداد لأن يفعل أى شىء مقابل أن يتمكن من إثارة الدهشة بجملة غريبة.. أو عنوان عجيب.. أو مصطلح متميز.. إذا ما توقفت وناقشته فسوف تكتشف حجم الخواء الرهيب الذى يخفيه خلفه. إن الصحفى الأشهر، صاحب أبرز خبر كاذب .. أى «الانصراف»، وباعتباره «كاتبا شفويا»، يسجل الأحاديث ويراجعها قبل النشر كلمة.. كلمة.. يعيش حالة من «الرطانة»، و«الطنطنة»، التى تسمح له فى أسبوع واحد بأن يتكلم فى موضوع مقاومة الإنسان للسرطان.. من خلال قصة نصائحه للمرحوم الفنان أحمد زكى التى نشرتها جريدة «الفجر»، فى ذكرى رحيل زكى.. كما يتحدث فى الحراك المجتمعى، وأزمة مصر، ومشكلة التوريث، وهو ما فعله فى حوار ممتد ومفاجئ مع جريدة «الدستور». لقد كانت «روزاليوسف» هى التى حولت هيكل إلى هذا الطراز الجديد من الكتاب الشفويين، ففى الفترة من 1992 إلى 1998 عاشت «روزا» منهجا صحفيا مختلفا، أثار الجدل لأنه كان ـ أولا ـ الوحيد على الساحة الذى.. يبدو مختلفا.. بغض النظر عن رأيى الحالى فى هذا المنهج، وقد كان من علامات هذا المنهج استكتاب محمد حسنين هيكل مرة على الأقل فى الشهر.. على شريط كاسيت.. ثم يتم تفريغ الشريط.. ويذهب إلى هيكل.. فيراجعه.. ويضبط لغته.. وينشر المقال على شكل حوار. فيما بعد، وخلال الربع الأخير من سنوات هذا المنهج، صدرت «جريدة الدستور» بترخيص قبرصى.. قبل أن يتم إغلاقها حين ارتكبت جريمة صحفية كبرى عندما نشرت بيانا مزيفا يحمل تهديدا من الجماعات المتطرفة بقتل رجال الأعمال الأقباط.. وهى جريمة لا تقارن فى مأساويتها بعشرات من الجرائم التى ترتكبها الآن، أسبوعيا، وبعد أن صدرت بترخيص قانونى من المجلس الأعلى للصحافة.. ولا تقارن فى «فبركتها» بأكذوبة انصراف هيكل. «الدستور» بشكل ما، مثلت فى ذلك الوقت «انشقاقا صحفيا» على صاحب منهج العمل وقتها فى «روزاليوسف»، ومن ثم فإنها وعلى سبيل «النكاية» ضمت هيكل إلى قائمة «أسوأ عشر شخصيات فى مصر».. لكن الزمن دار.. والكاتب الشفوى صار الكاتب الرطن.. الذى يتكلم على نفسه.. ووصل به الحال أن أعطى هذه الجريدة حوارا طويلا نشر فى عددها الماضى. ولا يمكن أن تعرف أيهما يعيش حالة تناقض صارخ، «الحاضر ـ المنصرف» الذى يمتدح أسلوب «الدستور» وصراخها، أم الجريدة التى تتقلب مواقفها من عبث إلى عبث.. ومن عشوائية إلى ابتذال. إن هيكل فى حد ذاته، ومنذ دخل هذه المرحلة الشفوية فيما قبل منتصف التسعينيات، لم يعد مكسبا لصحيفة، فهو «يرطرط» كثيرا، وفى كثير من الأحيان فإنه يتعمد أن ينشر «رطانته» التليفزيونية الشفوية فى قناة الجزيرة، فى ثلاث صحف على الأقل، ربما لكى يؤكد أكذوبة خبر انصرافه.. ولكى يوثقه.. وربما كنوع من التعبير الإضافى عن عشق الذات المتراكم.. وهو عشق لا يسمح له بأن يراجع ما يقول بعقل الناقد.. بغض النظر عن أنه يراجعه بيد «اللغوى»، صائغ العبارات.. الذى يراعى الإيقاع الموسيقى بين الكلمات. إن الانتقال من المرحلة التحريرية - الكتابة باليد - إلى المرحلة الشفوية - الكتابة باللسان - هى عملية انتقال من المنهج المنظم الموثق - حتى لو اختلفت مع هذا المنهج - إلى سياق الارتجال السهل وإغواء الألفاظ.. أو ببساطة أكبر - غير مخلة - فإنها تمثل الانتقال من مرحلة الكاتب إلى مرحلة المتكلم.. ولا أقول «الرغاى». شخصيا، وبحكم المهنة، فإننى أتابع هذه «الرطانة» باستمرار، ففى النهاية مازال محمد حسنين هيكل نجما.. والنجومية صفة وليست تقييما.. وهناك قائمة طويلة من النجوم الذين ينبغى علينا أن نتابعهم صحفيا.. لكن هذه المتابعة لا تنفى أن لدىّ حكما خاصا على الكاتب الذى لم ينصرف منذ زمن.. لا يتعلق باختلافى مع كثير مما كتب وقال.. وإنما يتعلق بثلاثة مواقف محددة. الأول يتعلق بأننى تابعت عن قرب مرحلة تحوله إلى «الشفوى» من خلال عملى فى «روزاليوسف». الثانى.. حين قرأت مقالة له فى الأعداد الأولى من مجلة «وجهات نظر»، ووجدت فصلا كاملا فى هذا المقال- وقد كان طويلا للغاية، وعن كولن باول - طبق الأصل من مقال قرأته فى «النيوزويك» فى عدد كان غلافه صورة وزير الخارجية الأمريكى السابق. الثالث.. حين انزعج محمد حسنين هيكل من لوحة رسم فيها الفنان سامح حسان فى غلاف «روزاليوسف» وجهه وكأنه «تمساح باسم..» وهالنى أن يكون الكاتب الشفوى الذى يدافع عن حرية الرأى ينزعج من أن يبدى فنان رأيه بهذه الطريقة.. و«بالمناسبة فإن سامح حسان هو صاحب لوحة غلاف هذا العدد». ومن ثم، فإننى لم أكن ألجأ كثيرا إلى أسلوب التعليق على ما يقول الكاتب الشفوى الكبير، إلا حين تصل «الرطانة» إلى حدود غير مقبولة.. ففى أحيان كثيرة يجوز أن تمرر «لغوا ما».. أو قل «تصهين» عنه .. وفى أحيان كثيرة لايجوز. وفى هذا السياق نشرت فى «روزاليوسف» اليومية قبل أشهر تعليقا للكاتب مصطفى بيومى على سخافة أن الأستاذ هيكل اعتبر أن «الأعمال البطولية فى حرب أكتوبر هى مهمة موظفين يجب أن يقوموا بها». ومثل هذا، فى الأسبوع الماضى، وجدت فى حواره مع «الدستور» ما يستوجب التوقف، ليس لأنه قال جديدا.. فهو لا يضيف منذ فترة.. ولكن لأن ما جاء فى هذا الحوار هو خير دليل على ألاعيب «الألعبان».. فى ذلك فإن ما ردده الأستاذ هيكل لا يحتاج أن يفند.. بقدر ما يحتاج إلى أن نلقى عليه الضوء.. لكى ندرك انعدام المنطق.. وخواء المعنى.. وسيادة اللغو.. والإعجاب بالذات. على سبيل المثال، لا الحصر، فإن هيكل يخلط ما بين نظريات علم الفلك، وتحليل السياسة، فى تمرير تفسير يرغب من خلاله فى أن نقبل بمبدأ «الفوضى الخلاقة»، الذى تروجه كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية.. ويأخذنا الكاتب الشفوى إلى أن خلق الكون أطلق زمانه بالانفجار الكبير.. وكيف أنه تخلقت بعده أشياء وتطورت.. وكيف أن هناك الآن فوضى.. وأن فى الفوضى أشياء ذات قيمة.. وتظهر كل الأفكار.. وأن هذه هى الطريقة التى تمت بها الثورات والتطورات فى العالم. ولا أظن أن رايس نفسها كانت تفكر بهذه الطريقة، وهى تعلن مبدأها، لكى تفسر ما سببته التحركات الأمريكية وغزو العراق من ارتباكات وتدمير.. فى العراق والمنطقة .. ولكى تبرر أن هذا الدمار سوف يؤدى إلى نشوء جديد.. ولا أظن أنه مطلوب من كاتب عربى أن يمرر بيننا المعنى اعتمادا على ما لديه من مصداقية بين بعض الناس.. لكنه تطوع وفعل.. وربما لم يكن ذلك تطوعا! فى هذا الإطار، وبمثل ذلك الأسلوب، مطلوب منا أن نستمع إلى الرطانة، وأن نقبل الإبداع اللسانى الشفوى لرجل ينفث الكلمات المنمقة كما لو أنه ينفث دخان سيجاره الشهير، وعلينا بالتالى ألا نسأله عن مصادر معلوماته.. التى يسربها على أنها حقائق غير قابلة للجدل والنقاش. وكمثال آخر، فإنه يبيع للناس خبرا يقول إن شارون اتصل ببوش حين جرت الانتخابات البرلمانية فى مصر، وقال له: «سيادة الرئيس.. إن ما يحدث فى مصر هو خطر للغاية، الانتخابات أسفرت الآن عن نجاح ظاهر للإخوان، وهؤلاء سوف يتصلون بحماس وحزب الله وأيضا إيران».. ويضيف هيكل أنا أقول هذا الكلام كمخبر صحفى وليس كمحلل.. ولك أن تستنتج ما تستنتج! وبطبيعة الحال فإن الكاتب الشفوى لا يوثق ما يقول، ولا يعلن لنا على أى سلك تليفون كان يتنصت، أو من سرب له هذا الكلام، من إسرائيل أم من أمريكا، أم أنه نقله من جريدة هنا وهناك.. ولم يقل لنا ماذا كان رد بوش بعد أن عبر لنا عن مخاوف شارون.. ولم يوضح هل يقصد من ذلك أن يؤكد أن هناك تخوفا إسرائيليا من الإخوان.. أم أنه يريد أن يشير إلى احتمالات التحالف المستقبلى فى المنطقة لو وصل الإخوان إلى الحكم. إن عليك أن تقبل ما يقول، ومن ثم لا تفهم لماذا بعد هذه الحكاية التافهة، المتوقعة، عن اتصال شارون ببوش، يقول الكاتب الشفوى: «هل تعرف أن لديك مجموعة من الحكومات العربية تستعين بإسرائيل لتسهيل مصالح مع أمريكا»؟ ما هو مبرر الربط بين هذا وذاك؟ وهل يقصد هيكل مثلا قطر التى تستضيف ذكرياته التليفزيونية وتدفع له ملايين الدولارات.. فى مقابلها.. دون حسد؟! ويسأل عن هذه الملايين إبراهيم المعلم إذا أردنا توثيق الأرقام. عموما، أعجب ما قرأت فى هذا الحوار هو أنه فسر أحاديثه مع قناة الجزيرة.. وهى عمل ذاتى وشخصى.. ولا أقول «سبوبة» نهاية العمر.. على أنه «قبلها لكى يستثير الذاكرة.. إذا لم تكن لديك ذاكرة فليس لديك وعى».. حسنا.. هذا كلام سليم.. ولكن من قال إن ما تفعله هو استثارة ذاكرة.. أليس من الممكن أيضا أن يكون تشويه ذاكرة.. وأن تكون أنت بدورك إحدى أدوات تضليل الوعى. ليس من الضرورى أن تقنعنا بأن ما تقدمه فى الجزيرة هو عمل كبير له دور تاريخى.. ما هذه النرجسية.. ولماذا لا يكون مجرد برنامج.. وقرشين.. وخلاص.. خاصة أنه يأتى بعد أن استأذنت فى الانصراف.. وقد أذنا لك.. ولكنك لم تنصرف بعد.. نقول هذا على سبيل تنشيط الذاكرة.. لعل الوعى قد يعود. ثم إنه، وبنفس المنطق، على الجميع أن يقبل ما يقول الكاتب الشفوى عن قصة التوريث، هو يدعى أن مسئولا مطلعا قال له أن التوريث سوف يتم خلال هذا العام.. لأنه ينبغى أن يتم فى وجود الرئيس. وعلى القارئ أن يقبل ما يقوله الكاتب الشفوى على لسان رجل عليم.. وفوق هذا القبول فإنه يبنى أحكامه.. ويقارن بين وضع مصر ووضع سوريا.. متجاوزا كل أوجه المقارنة المختلفة.. وبعد ذلك فإن «الأُلعبان» يذكرك بأن مبارك نفسه قال لا توريث.. وأن جمال مبارك نفسه قال لا توريث. إذن من علينا أن نصدق فى تحليل هذا الرجل الذى ساق لنا خبرا على لسان رجل عليم؟! ليس عليك أن تسأل.. فاللغو ليس له منطق.. المهم أن تقبل منه فكرة تصدير الخطر.. والتلويح بالكوارث.. تماما كما فعل فى عام 1971 وأسماه عام الحسم.. ثم كانت الحرب التى لم يعرف بها فى عام 1973.. وتماما حين وصف عام 2005 بأنه عام الفزع.. ولوح بكوارث وأزمات.. وهاهو الآن قد جاء إلى عام 2006 ويكاد يقول أنه عام التوريث. إن قليلا من احترام الذات، وليس عبادتها، سوف يدفع الأستاذ هيكل إلى بعض المنطق، وبعض الموضوعية يمكن أن تقوده إلى تحليلات صائبة، وقليل من الدقة والتوثيق قد يجعله يصل إلى نتائج أخرى.. لكنه لا يفعل.. وبالذات حين يصل إلى مناقشة أى أمر يخص عصر مبارك.. الذى أنهى أسطورته.. وأضاع عليه فرصة الاستمرار فى أن يدعى أنه الكاتب الأثير والمفضل لدى الحاكم. بعض الناس يظن أن هناك عداء شديدا بين السادات وهيكل، ولكننى أظن شخصيا أن مشكلته الحقيقية مع مبارك، فالسادات وإن اختلف معه إلا أنه منحه بعض الوقت بالقرب منه، مما وفر له فرصة الحكى والقول إنه قال له وذكر له.. ولكن مبارك لم يفعل ذلك على الإطلاق.. ومن ثم فإن هيكل كصحفى اعتمد فى بناء مجده على الاقتراب من صانع القرار.. لم يجد نفس الفرصة فى هذا العصر.. الذى احترم نفسه ولم يرغب فى أن يستثمر رطانة الكاتب الشفوى. لقد تحول فى هذا العصر من مخبر صحفى، صحت أخباره أو كذبت، إلى معلق.. وهو يعرف الفرق العميق.. ولذا فإنه كألعبان يلف ويدور.. ويدعى الاستناد إلى مصدر عليم.. رغم أنه واقعيا لا يعرف شيئا دقيقا عن مجريات الحكم ومسارات الدولة فى العصر الحالى. خير مثال على ذلك، هو ما يكرره كثيرا حول «ضرورة إنشاء مجلس رئاسى بجوار الرئيس، حتى تشهد هذه المؤسسة حيوية أوسع ربما تطرح بدائل».. وفى موقع آخر هو يقول لك «مجلس مستشارين».. ربما لكى يعرض أن يكون بين هؤلاء المستشارين.. وبغض النظر عن أن ما يقوله غير دستورى خاصة فى مسألة المجلس الرئاسى.. فإن حديثه عن «الحيوية الأوسع» فى مؤسسة الرئاسة يؤكد أنه لا يعرف شيئا عن طبيعة تكوين هذه المؤسسة الحيوية والمنظمة فى إطار قانونى ودستورى وسياسى.. وفق منهج علمى.. لا يجعل من الرئيس حاكما فردا.. وإنما قائد لمؤسسة ذات شرعية موثوقة تقود الدولة فى نظام رئاسى منتخب. ولأن بينه وبين نظام مبارك ثأرا دفينا، لا يستطيع أن يعلنه، فإنه لا يفوت فرصة لكى يمارس دور المعلق.. الذواقة.. على أى شىء.. حتى لو كان ما يقوله باطلا.. وفى ذلك فإننى أتوقف أمام تعليقه الممتعض على ما قاله الرئيس مبارك لمراسل «يديعوت أحرونوت».. إذ قال المراسل: حماس تقول إنها سترمى إسرائيل فى البحر.. فرد مبارك قائلا: «يا عم احنا قلنا قبل كده هنرميكم فى البحر.. كان حد رماكم»! فى التعليق على هذا يقودنا الكاتب الشفوى إلى رحلة توثيق تاريخى لمقولة «الإلقاء فى البحر».. مؤكدا أنها لم تحدث.. وأن كل ما حدث هو أن الملك عبدالعزيز سئل عام 1947,. وقال كحل لمشكلة اللاجئين «يركبوا البحر.. ويرجعوا مكان ما أتوا».. هكذا مطلوب منا أن ننسى بناء على هذا التفسير منطق مرحلة كاملة، كانت تقول دائما أنها سوف تلقى إسرائيل فى البحر.. وأن نتجاهل أن دولا ورثت عن عهد عبدالناصر، ومنظمات عديدة، هذا المنطق، وهو معنى جاهدت مصر سنوات لكى تنفيه.. ولكى تؤكد أنه لا يوجد فى المنطقة من يريد إنهاء إسرائيل.. لكى تفرغ مضمون الحجج الإسرائيلية التى تستثير تعاطف الغرب باعتبارها دولة مضطهدة ومهددة. ومثل هذا كثير، وحواديت عريضة، وقصص متنوعة، وتحليلات تسقط عند أول جدل حقيقى.. مظاهر مختلفة لكاتب شفوى استعراضى يمارس الألعاب اللغوية والبهلوانيات اللفظية.. لعله يبقى على الساحة فترة أطول.. حتى لو اضطره ذلك لأن يقبل حوارا مع جريدة اعتبرته من أسوأ عشر شخصيات فى مصر. لقد استأذن هيكل فى الانصراف طواعية، ولكنه لم يفعل، وهاهو يصر يوما تلو آخر على أن يدفع القراء دفعا لكى يطلبوا منه الانصراف إجباريا.. وهو أمر لن يحدث قسريا.. وإنما من خلال إدراك الأجيال الجديدة لحقيقة أسلوبه وطوية منهجه.. وحسنا يفعل لو استمر فى لعبته.. حتى ينال ما يستحق من الرأى العام. http://rosaonline.net/alphadb/article.asp?view=971 هل يتناقض ما قاله البيه مع مقال لصديقه كرم جبر في روزا عن حرية الصحافة وقلة الأدب؟ خلص الكلام Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Sherief AbdelWahab بتاريخ: 3 أبريل 2006 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 أبريل 2006 ياخسارة ..موقع روزا شكله وقع .. كان نفسي تشوفوا العبارات الغريبة اللي كاتباها المجلة الحيزبون على هيكل .. عبارات تبين أن روزا اليوسف أصبحت مجلة "مؤدبة ..جداً جداً جداً جداً" (أغنية عصام كاريكا) :P خلص الكلام Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
kotoz9 بتاريخ: 3 أبريل 2006 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 أبريل 2006 الفاضل شريف عبد الوهاب هى دى عادة جريدة روزاليوسف تهاجم كل من يقترب أو يمس السيد جمال مبارك تهاجم الكل إخوان والأستاذ هيكل و الدستور وبلال فضل وأى واحد يستجرى انه يتكلم عن السيد جمال لا علاقة لروزاليوسف بالأدب من قريب أو بعيد اما قلة الأدب فلها باع طويل فيه من يهن يسهل الهوان عليه مـا لجرح بميـت إيـلام رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Sherief AbdelWahab بتاريخ: 5 أبريل 2006 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 5 أبريل 2006 بائع الأكاذيب (والمقال أنشره نقلاً عن أخويا العزيز كين اللي عرف يمسك المقال من روزا..أعتقد أنه حينتزع لقب الواد العفريت من عصام كاريكا :wub: ) بائع الأكاذيب لسنا أول من تصدى لأوهام هيكل.. وقد فعل ذلك أساتذة عظام منهم: جلال الحمامصى ومصطفى أمين وموسى صبرى ومحمد جلال كشك وفتحى غانم وصلاح حافظ وسليم اللوزى مشكلة الصحفى هى ميزته، أى أنه قد يعرف أكثر، بل إن عليه أن يعرف أكثر.. وكلما زادت مساحة الضوء التى تتاح أمامه فإنه يكتشف حقائق قد تكون رائعة وقد تكون عادية وقد تكون مروعة. هنا هو أمام خيارات عديدة: إما أن يبقى راكداً.. لا يسعى لأن يعرف.. فيريح ويستريح ويخمل وكأنه ليس معنا. أو أن يعرف ويصمت، و«يفوت»، وكأن الأمور لا تعنيه.. فيتحول إلى ماء بارد، لا لون ولا طعم ولا رائحة.. أو أن يعرف ويتكلم ويكتب ما لديه.. وبالتالى فإنه بقدر ماسوف يكشف للناس.. سوف يسبب ضرراً لفريق منهم.. كما سوف يحقق مصلحة التنوير للقطاع الأعرض من الرأى العام. أو أن يعرف ويكتب ولكن بأسلوب يشوه الحقائق.. وبما يخدم مصالحه هو. وبين كل الخيارات يقرر الصحفى مصيره ودوره. وليس شرطاً أن تكون المعرفة فى الصحافة «معلومة»، أو خبراً، أو سراً، بل لعلها فى أحيان كثيرة قد لا تكون أكثر من تحليل عميق، وترتيب منطقى، تقود إليه خبرات مختلفة.. واطلاعات متنوعة.. وحين تكون الرؤية التى يقدمها التحليل غامضة قبل إعلانه.. فإن الكشف عنها فى حد ذاته يكون خبرا.. مادام يقود إلى إضاءة.. وإماطة لثام عن ظلام. إن الشرط الأصيل هو أن يكون صاحب القلم قادراً على أن يصل إلى ما يريد.. والصحيح بالطبع أن قوة نفوذ الكاتب تؤثر فيها شبكة مصادره وخريطة علاقاته.. ولكن الأصح كذلك أن هناك عشرات من الصحفيين أتيح لهم أن يتواصلوا مع قدر هائل من صناع الأخبار.. لكنهم لم يستثمروا هذا لصالح القارئ، ومن ثم فإننى أحمد الله أن شبكة علاقات ومصادر «روزاليوسف» صارت فى فترة وجيزة من الاتساع بحيث يحقق هذا للقارئ أكبر قدر من اتساع الرؤية. إن مساحة الاطلاع التى تتيح للصحفى أن يعرف، والأهم أن يوثق ما يعرف.. حتى لا يصبح مجرد بوق شائعات وخرافات، ومن ثم أن يكتب، وتزيد مساحة قرائه.. صارت (أى مساحة الاطلاع) فى مصر الآن أيسر من أى وقت مضى.. لأن الدولة، وهى المصدر الرئيسى لصناعة الأخبار، لم تعد تعتمد المنهج الكلاسيكى القديم فى أن يكون لها صوت واحد وقلم واحد وكاتب واحد.. كما كان الحال فى مصر الناصرية، حين كان الأستاذ محمد حسنين هيكل هو المحتكر الوحيد لكل المعلومات.. فالذى يريد أن يعرف الآن عليه أن يسعى وسوف يعرف.. وفوق ذلك فقد تنوعت مصادر المعرفة الإعلامية أمام الرأى العام.. واتسعت داخلياً وخارجياً.. وتضاعفت أعداد الصحفيين. ورغم ذلك فإن الصحفى يواجه أكثر من تحد، خاصة إذا كان صاحب موقف. منشورات ومشتمة! التحدى الأول، وكما أقول دائماً، هو أنه يفترض فى الصحافة أن تكون مرآة مستوية لحال المجتمع، لا هى مقعرة، ولا هى محدبة، أى متوازنة، ولكن المشكلة الخطيرة هى أن الموضوعية صارت أمراً شديد الصعوبة فى مناخ يعانى من الاستقطاب.. حيث يسود منطق إما معى .. أو على.. ولا يمكن قبول خصائص وصفات الاختيارات الوسيطة. وبين هذه المواقف، وتلك، تسود حملات التخوين والتشويه، وربما التكفير، وفى غالبية الأحوال فإن نقد الرأى والاعتراض على الآراء يقوم على أساس شخصى وذاتى ولا يحركه صلب الموضوع.. وأزعم أن سيادة هذه الأساليب فى الصحافة هى المسئولة عن تأخر الوصول إلى «النضج الديمقراطى».. وعدم انتشار التفاعل الموضوعى الفعال والمثمر. أضف إلى هذا، أن هناك نوعا من «ثقافة القطيع» ورغبة طراز من «الصحافة الخاصة» فى أن يفرض كلمته على الساحة.. ولو من خلال أساليب الإرهاب الفكرى.. وحتى لو تبدلت مواقف هذه الصحف دون مبرر موضوعى.. فإنها صارت من «الغشم» بحيث تريد من الجميع أن يقبل هذا منها.. على اعتبار أنها تقدم نفسها باعتبارها صوت الوطنية الوحيد. كمثال أصيل على هذا يمكن أن نرى «الدستور»، وهى صحيفة خاصة تصدر وفق قوانين النظام العام، رغم أن سلوكها الأسبوعى يهدف إلى «هدم النظام العام» ، وهى مثال على الرعونة، والفوضى، والعشوائية، وانحطاط منظومة القيم، ولا تعدو سوى أن تكون «منشوراً»، أو على أقصى تقدير «مشتمة».. مبتذلة.. لا تصنف تحت أى بند صحفى مهنى.. وقد وصفت رئيس تحريرها فى مقال سابق فى «روزاليوسف اليومية» بأنه «عبد هواه».. وهواه مكشوف فى كل صفحات مشتمته. التحدى الآخر، وهو ما يزيد الأمر تعقيداً، أن الصحافة صارت هى ساحة التفاعل السياسى الأولى، إن لم تكن الوحيدة، فى ضوء ضعف الأحزاب والقوى السياسية.. والمشكلة الأهم أن كل المتفاعلين اقتحموا الصحافة باعتبار أنها أداتهم الأثيرة فى استعراض المواقف أمام الرأى العام.. وهى ظاهرة قد تكون إيجابية.. ولكن لها جانبها السلبى.. من حيث إنها جعلت الصحافة أداة صراع سياسى وليست أداة رقابة على التنافس السياسى. الأهم، أن الصحافة، خاصة المشاتم، تخلق من خلال الصخب المكتوب كيانات ليست لها قيمة حقيقية من الناحية السياسية.. حيث لا يوجد معيار حقيقى فى تقديم هذا أوذاك.. فالمهم لديها أن تعطى مساحة أكبر لمن يشتم أكثر وبأعلى صوت.. حتى لو كان بلا قيمة أو تأثير جماهيرى. فى هذه الحالة «الديماجوجية»، تنتفى الموضوعية، ويتراجع صوت العقل، وبالتالى فإن النقاش المتوازن صار استثناء، بل يثير الدهشة، وقول الكلمة التى تشذ عن سياق الصخب يمثل صدمة ويثير الانزعاج. عن «الألعبان» فى ضوء هذا كله، وربما غيره، أستطيع أن أتفهم الحالة التى انتابت البعض حين قرأ مقالى الأخير عن الأستاذ محمد حسنين هيكل تحت عنوان «الألعبان»، فإلى جانب أن «الصحافة الشتامة» لم تعد تريد أى نقاش.. وتخشى من أن مواجهتها سوف تفضحها.. فإنها أصبحت «صحافة ديكتاتورية».. تحاول إجبار أى كاتب أن يمضى فى طريق القطيع.. وعلى القارئ أن يقبل ما يملى عليه. وقد استفاد الكاتب محمد حسنين هيكل من هذه الحالة.. واستثمرها.. فهو، من جانب، ولأسباب متنوعة، لديه «خصومة غير أيديولوجية» مع النظام الذى لم يستدعه ولم يستعن به.. وتركه بعيدا.. ويوظف هيكل تلك الصحف فى التخديم على صراعه والانتقام لذاته المرفوضة.. وهو من جانب آخر وصل إلى نقطة بعيدة جدا من مراحل «النرجسية المتوافقة مع قيم الصحافة الديكتاتورية».. بحيث إنه فوجىء بالنقاش.. واندهش تماما بمن يتعامل مع كلماته على أنها تقبل الجدل.. وباعتبارها ليست قرآنا. أعرف أن ما كتبت كان مؤلما، ففى النهاية أنا كنت واحدا ممن كشفوا حقيقة «أسطورة آمن بها فريق من الناس»، وقدسها البعض حتى إنه لا يريد أن يصدق عكسها، وقبل هذه النهاية فإن هناك من يقدم الأستاذ هيكل على أنه «قيمة».. بل وحتى الآن فإنه يمثل «مثلاً أعلى لعديد من الصحفيين».. ولكن هذا لاينفى أن علينا أن نقول رأينا.. خاصة إذا كان الأستاذ هيكل نفسه يدعو لحرية الرأى.. كما يحلو له أن يقول ويردد. المتلبس إننى أدرك أن ماكتبت سبب صدمة للأستاذ هيكل فيما يلى: 1- إنه، مهنياً، ضبط متلبساً، فى حالة دعم ومساندة لصحيفة «منشور»، يمتدح ما تكتب، ويثنى على ما تفعل بل ويصفها بأنها «كوماندوز» يتقدم الصفوف.. ولا شك أن ذلك مثل تناقضاً مروعاً فى مسيرة كاتب يعتبره الكثيرون من أهل المهنة «قيمة»!!.. وفى ذلك وبناء على هذا التقييم الهيكلى والتوصيف الغريب، نتساءل: هل يمكن مثلا أن تمنح «مؤسسة هيكل» المزمع تأسيسها فى مبنى نقابة الصحفيين جائزة صحفية «للدستور».. وما هو - وهو الرجل الذى حرص طوال عمره على أن يبدو صحفياً رصيناً - ما هو تقييمه للأداء المهنى لذلك «المنشور» الذى أعطاه حواراً.. مع التأكيد المتكرر منا على أننا لانريد منه حواراً.. ولانراه مكسباً صحفياً.. باعتباره صار متكرراً وكلامه محروقا.. ولايمكن أن نقدم منطقه المشوه لقارئنا. 2- ومن ناحية ثانية، فقد ضبط هيكل متلبساً بالنسيان، وهو الرجل المعروف عنه أنه صاحب ذاكرة صلدة.. وقد قلنا إن «الدستور» نفسها شتمته هو.. ولكنه، وقد انغمس فى غى النرجسية، لم يتذكر، وحين نقول ذلك فإننا نعرف أننا نطعن فى صميم بضاعة مازال يسوقها.. صحفيا وتليفزيونياً.. وهى «التاريخ» وادعاؤه أنه «يستثير الذاكرة.. لكى ينبه الوعى».. ومن ثم فقد وجد نفسه أمام من ينبه ذاكرته لعل الوعى يعود.. وسوف نثبت ذلك مجدداً بعد قليل ولكنى لا أستطيع فى هذا السياق أن أتجاهل فرضية أن هيكل كان يتذكر جيدا أن «الدستور» قد شتمته.. ولكنه تغاضى عن ذلك، واستخدمها كـ «أداة» فى تحقيق هدف سياسى، اعتمادا على أجندة غامضة. 3- ومن ناحية ثالثة، فقد ضبط الأستاذ هيكل متلبساً، بالترويج للأجندة الأمريكية، وهو يبيع من خلال حواره مع «الدستور»، تفسيراً لنظرية الفوضى الخلاقة..وقد مضى كما لو أنه «فوضوى فلكى» يرحب بالنظرية -.. ويشبهها -يا للعجب- بالانفجار الكبير الذى حدث فى بداية نشوء الكون. وضبط وهو يمارس التدليس التاريخى (متلبساً) كذلك حين قال إن أحدا لم يقل من قبل أنه «سوف يرمى إسرائيل فى البحر».. والأستاذ - إذا أصر - مدعو لنشر دراسته حول التحقيق التاريخى فى هذه الواقعة فى روز اليوسف.. ولكن وبشرط أن يقبل أيضاً نشر دراسة مناقضة لما يقول ولدينا مئات الأدلة. 4- ومن ناحية رابعة، فقد ضبطنا الأستاذ هيكل متلبسا بنشر خبر كاذب، حين قال إنه «يستأذن فى الانصراف ولم ينصرف».. ولعله قد تذكر الآن أنه كتب فى الأهرام بخط يده: «كان تقديرى أن أى حياة عمرا وعملا لها فترة صلاحية بدنية وعقلية وإنه من الصواب أن يقر كل إنسان بهذه الحقيقة». الصنم وعموماً، هناك أسباب أخرى للصدمة، ولكن الأهم هو أن الجميع نسى أن هيكل كان يُناقش من قبل، وبالتالى فأنا لا أدعى سبقا ولاتميزاً، ولا أقول أننى الوحيد الذى كسرت «التابو» وناقشت كاتبا يعامل الآن معاملة «الأصنام المقدسة».. ولست المؤمن الوحيد الذى رفض عبادة الأصنام.. ذلك أنه من قبل وفى فترات عديدة نوقش من كتاب عظام وبحدة غير منظورة، كما فعل الأساتذة جلال الحمامصى وموسى صبرى ومصطفى أمين ومحمد جلال كشك وسليم اللوزى وفتحى غانم وصلاح حافظ.. وفى الأرشيف والمكتبات عشرات الأمثلة على ذلك. ولكنى أتفهم حالة أن هذا النقد الذى واجه الأستاذ هيكل كان يأتيه فى مراحل هو فيها ما بين القوة والضعف.. أما ما كتبت فهو يأتى فى مرحلة تصور فيها «الأستاذ» أنه الوحيد على الساحة، الباقى على قيد الحياة من أبناء هذا الجيل.. وأن مجايليه قد رحلوا.. بكل ما كان بينه وبينهم.. وهو الآن منفرد.. لديه برنامج تلفزيونى ضخم.. ودار نشر.. ومجلة شهرية.. وأربع صحف أسبوعية -على الأقل- تسبح بما يقول.. وشبكة هائلة من «العلاقات العامة».. وفريق غير ممكن إحصاؤه من «الدراويش». لقد أدخلت هذه الحالة «الأستاذ» فى مرحلة «خيلاء» أنسته أن الكاتب يكتب، أو يتكلم، ليس لكى يستمع الناس فقط.. وإنما لكى يناقش.. ويدخل فى جدل.. وتظل أفكاره قيد الاختبار.. وبحيث تجاهل حقيقة العصر الذى يتغنى بمميزاته.. وهو عصر يعتمد على الحوار.. وصار فيه أى كاتب فى العالم ـ أيا ما كان ـ يضع فى نهاية مقاله عنوان بريده الإلكترونى، أو طريقة الاتصال به عبر الماسنجر، لكى يقبل النقاش والتواصل مع القراء. (لا أذكر، وأرجو أن أكون على خطأ، أن هيكل تحدث عن رأى وصله من قارىء). لكن الكاتب الشفوى، المتكلم، دخل مرحلة «المونولوج»، صوت واحد يقول فقط ولايسمع، ويرفض «الديالوج»..وقيمة الحوار حتى إنه، فى المرحلة الثانية من برنامجه التلفزيونى فى الجزيرة قرر أن يكون فى الأستوديو وحده.. بدون مذيع.. وهو ما يمثل حالة نشاز ليس فقط مع سياق طبيعة العصر ولكن أيضا مع سياق القناة التى يقدم فيها برنامجه.. وإن ما يقوله تليفزيونيا يبدو كما لو أنه نشرة أخبار مصمتة.. على المشاهد أن يتلقى، فيها دون أى حوار.. و لكن المدهش أن النشرات أيضا أصبحت الآن تفاعلية.. وفيها حوارات على هامش الأخبار. ومن هنا، فإن السبب الأول والأخير لما كتبت فى الأسبوع الماضى هو أننى وكصحفى من جيل آخر، أرغب فى أن أنبه الأستاذ الكبير إلى ضرورة تذكر قاعدة الحوار.. وأن أول أسس هذه القاعدة هى أن يقبل تطبيق منطق ما يقول على نفسه.. إذ كيف تدعو للديمقراطية ولا تقبل بها.. وكيف تريد أن تكون مبشرا بالإصلاح وأنت لا تريد أن يمارسه أحد معك. وفى مقال انصرافه، على سبيل التذكير، قال هيكل: «من اللائق أن يجئ هذا الإقرار- أى أن للعمر فترة صلاحية- قبولا ورضا وليس إكراها وقسرا، كما يستحسن أن يتوافق - الإنسان- مع أوانه، فلاينتظر المعنى به حتى تتطوع مصارحة مخلصة أو تدارى مجاملة مشفقة لأن انتظار المصارحة مؤلم وغطاء المجاملة مهين». عد إلى الانتباه عموما، فإننا سوف نحاول أن نعيد الأستاذ هيكل إلى حالة «الديالوج»، لعله - وقد بلغ كل هذا العمر، منحه الله الصحة، وكل تلك الخبرة - يحاول أن ينفى عن نفسه، ما اتهم به طوال رحلة عمله.. وهو أنه صنع الأوهام وباع الأكاذيب. وبالمناسبة، وقبل أن نغوص فى التفاصيل فإننا نشير إلى واقعة كانت معروفة فى نهاية الستينيات.. فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية. فى هذا الوقت كان حامد ربيع، أستاذ العلوم السياسية الذى كان يطلق عليه من فرط نبوغه، «الدكاترة حامد ربيع»، يعقد كل يوم سبت محاضرات ليست لها علاقة بالمنهج الدراسى تحت عنوان «ترهات محمد حسنين هيكل».. وفيها كان يناقش مقال يوم الجمعة «بصراحة» الذى كان يكتبه هيكل.. وكان المدرج يزدحم بطلاب كليات الاقتصاد، والحقوق - وكانت تجاورها - والهندسة حيث كان يأتى الطلبة من على الجانب الآخر للطريق. ولم يكن حامد ربيع يدافع عن أى برنامج سياسى للتوريث كما تزعم «الدستور» عنا، فى تعقيبها انتقادنا لمحمد حسنين هيكل، ثم إن «الدستور» نفسها فى إصدارها الأول، وحين كانت تهاجم هيكل بالحديد والنار لم تكن تدافع عن أى برنامج سياسى.. وإليكم فى هذا السياق - ولمن غالب ذاكرته ونسى أرشيفه - المثال الثلاثى التالى.. فى 71 يناير 6991 نشرت الجريدة المقالات التالية: 1- مقال لإبراهيم عيسى - تحت عنوان «شتاء الغضب».. وفيه ما يلى: «1» أفكر فى مجتمعى وفى ناسى ومواطنى مصر المحروسة فأجد أن بصمات هيكل موجودة فى كل منهم، كل الإرث الخرب من عصر التعبئة الإعلامية والحشد الجماهيرى والخطب النارية والمنبرية والرأى الواحد والفكر الواحد وتعاليم الزعيم فى الميثاق ومارس وخطبة التنحى، أجد أنه أفسد فى البنية الأساسية للمواطن المصرى، ليس وحده قطعا لكنه كان فى مقدمة الصفوف. «2» هل يمكن فصل هيكل عن عبدالناصر شخصا ونصا، وفصلا فى تاريخ مصر.. إذا حاول هو.. لا نحاول نحن.. وهو لا يحاول أصلا! «3» أنيس منصور قال ذات مرة أنه كان ميكروفون السادات. هيكل إذن كان قلم عبدالناصر وواعظه «آه من وعاظ السلاطين»، كان حبر أفكاره والحبر أسود. «4» بذل هيكل جهدا فى الكتابة عن عصر عبدالناصر لإنصافه فلم ينصفه لا الرجل.. ولا العصر، كتب ملفات السويس وحتى الانفجار دليل على فوضى اتخاذ القرار والصغار والصغائر الذين فتتوا مصر ودليل على فردية صناعة السياسة. «5» كان حاضرا ومشاركا وصانعا ومبشرا وواعظا وفيلسوفا تحت مظلة «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، «لا حرية لأعداء الشعب»، «أهل الثقة وليس أهل الخبرة».. هذه المقولات الثلاث على سبيل المثال لا الحصر دمرت مصر وجعلت من الشعب رخوا. كانت هذه الأفكار هى المؤهل الشرعى والمدرسة الابتدائية لكل ما جاء بعدها من أفكار وتيارات التكفير والتخوين والعمالة. هى التى هدت الكفاءة لصالح الانتهازية والتسلق، هى التى قتلت روح النقد والمعارضة، هى التى جعلت العسكر أهل ثقة وأوامر يضغطون على أنفاسنا وأكتافنا وصدورنا بأوامرهم وليس بأفكارهم «إن وجدت». «6» حاول هيكل أن يدين السادات، فإذا به ينصفه، بمعنى أنه قدمه نموذجا كاملا لعبدالناصر فى صناعة القرار وفرديته، فرعون آخر يستبد بالرأى ويتخير ويتحيز فى المشورة. «7» عبدالناصر أحبه البعض لأنه المستبد العادل «سحقا لهذه الفكرة وصاحبها»، والسادات أحبه البعض لأنه كبير العائلة «تلك التى تمزقت». «8» هيكل غير مقتنع أن نظام يوليه إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، استمر بعد عبدالناصر النظام الذى رباه ونماه وزير الإرشاد القومى الأستاذ هيكل، جماهير تهلل وتصفق وتركب سيارات النقل لتأييد الزعيم «أى زعيم» وتحتشد بالروح والدم لتنتظره على محطة القطار «..» الجماهير التى يحركها إعلام اتجاه واحد يحشد ويعبئ ويزن ويرن، يوليه هى يوليه حتى لو صارت يونيه أو أكتوبر أو مايو! «9» هيكل ليس صحفيا يكتب فى السياسة، بل سياسى «وزير سابق» يكتب فى الصحافة.. دائما يتكلم من موقع المسئول وليس السائل وهو يعامل المختلفين معه والناقدين له نفس معاملة السادة المسئولين، لا يرد، ولا يصد، ولا يفند، إنه لورد إنجليزى يتعالى على الجميع، يعلم ويلقن الجماهير «نحن يعنى» دروسا للإملاء، ثم كأنه لا يسمع الآخرين.. كأنه لا يسمع أحدا.. يلعب الجولف ويدخن السيجار والمطلوب منا نحن الذين لا نلعب الجولف ولا ندخن السيجار أن نسمع ونصمت. «01» يأتى هذه الأيام ليصبح نجما شعبيا وهذا حقه ويستحقه، لكن أن يصبح صنما ووثنا فوق النقد وكلامه موضع القداسة فهذا ما لا تستحقه مصر ولا تستحقه الحقيقة منا. «11» عندما يبدأ أحد المثقفين كلامه بـ «أصل الأستاذ هيكل..» «يقول هيكل..» فهذا ما لا يعنى لدى إلا أن منهج هيكل لايزال ناجحا، منهج صناعة الزعيم، وتخليق الأصنام.. وإنه لا حرية لأعداء هيكل. طبق الأصل. 2- من مقال للكاتب ياسر أيوب، بعنوان «رجوع الشيخ إلى صباه».. وبعض ما جاء فيه ما يلى: هى أبداً ليست مشكلة هيكل وإنما مشكلة كثيرين منا يريدون حين يجرى ثمة حوار يخص هيكل أن يكون الناس إما معه أو عليه.. وكأنه لا خيار ثالثا أو آخر هناك.. أو كأنه ليس من الطبيعى ولا هو من المنطق أن يفتش أى أحد تحت جلد وبين سطور هيكل فيجد الكثير الذى يستحق أن يحتفظ به الإنسان فى جيبه وعقله وقلبه وبين أصابعه.. ويجد فى المقابل ألف دليل على أن هيكل ليس أسطورة وإنما إنسان كانت ولاتزال له مواهبه وحسناته بقدر ما له مطامعه ومصالحه وخطاياه أيضا.. لست من قبيلة أعداء هيكل ولا من حاملى لواء كراهيته والحقد عليه وعلى كل هذا النجاح وكل هذا الكبرياء وكل هذه الموهبة.. ولكننى أعتذر تماما عن الانضمام للمعسكر الآخر الذى لا يرى فى هيكل إلا ما هو جميل واستثنائى وأنيق، أما القبح والتخلف والفشل فهو هؤلاء الآخرون وانكساراتهم وهزائمهم.. أى أننى باختصار أحب وأحترم هيكل ولا أحبه ولا أحترمه فى نفس الوقت. أحب فى هيكل أناقة الكلمات وبريق المعانى.. فهو ليس من أولئك الذين حين يكتبون يمنحونك إحساسا بأنهم جالسون على رصيف سوق يفتشون وينشدون مفرداتهم وعباراتهم.. وهو أبدا لم يكتب يستجدى مشاعر أو تأييدا..وهو الذى سيتوقف أمامه تاريخ الصحافة المصرية طويلا باعتباره أول من علمنا جميعا أن التحليل السياسى ليس تلك السطور الزاعقة.. وإنما هو همس العقل الذى لابد وأن يستعين بالأدب بالشعر بالتاريخ بالفلسفة بالعلم. وفى مقابل ذلك كله.. لا أحب هيكل حين يهين الصحافة كمهنة إلى هذا الحد.. نعم فبقدر ما أعطى هيكل للصحافة وأضاف إليها بقدر ما بقى حتى اليوم يهينها ويجرحها حين لايزال على نفس قناعته القديمة بأن الكتابة وحدها لا تكفى.. وإنما لابد وأن يضيف إليها شراكة المسئولية والأضواء والقرار.. صحيح أن هيكل ليس له منصب أو مقعد رسمى منذ خروجه من الأهرام.. لكن بإمكانك أن تقرأ هيكل فى العشرين سنة الماضية وستكتشف أنه يخاطب المسئولين أحيانا أكثر مما يخاطب القراء.. يقول لهم هناك خلل وأنا الذى يعرف كيف يصلحه.. هناك أزمات وكوارث دعونى أنا أتصدى لها.. يؤكد لهم أن قراراتهم التاريخية وغير التاريخية تحتاج إلى غطاء فكرى لا يملكه أحد سواه.. وعبثا تحاول إقناع هيكل بأن مقعده كمفكر عظيم وكاتب أعظم أهم كثيرا من مقعد مستشار السلطة والسلطان والحكومة. لا أحب فى هيكل أيضا مثل هذا الخلط المزعج بين صداقته الشخصية لجمال عبدالناصر وبين أمانة الكلمة ومسئوليتها.. فليحب هيكل عبدالناصر كيفما يشاء وليغلق على نفسه بابه ويبكى موت عبدالناصر ألف يوم أو ألف سنة.. وليتحدث عنه فى مجالسه بكل ما يشاء أو يستطيع من حب وتقدير وتقديس.. لكننا جميعا - ومصر معنا وليست مع هيكل - لسنا مطالبين بمشاركة هيكل هذا الحب وهذا البكاء وإلى حد قلب الأوراق والحقائق والمعانى من أجل عبدالناصر.. إن هذا هو الخطأ القاتل الذى وقع فيه هيكل ولم يحاول أبدا تصحيحه ولا أظنه بات يستطيع ذلك حتى وإن أراد المراجعة والتصحيح.. إذ يستلزم ذلك رجوع الشيخ إلى صباه.. وأن يبدأ هيكل الكتابة من جديد بنفس الأناقة والعمق والجاذبية ولكن بمقاييس أكثر عدلا وبمنطق يحترم مصر وأهلها وليس فقط يحترم عبدالناصر ومصر حين كان يحكمها عبدالناصر.. وعلى من لا يصدق ولايقتنع بذلك أن يتذكر يوم صفقنا جميعا لهيكل حين كتب عن قانون الصحافة الجديد أنه يعكس أزمة سلطة شاخت فوق مقاعدها.. كان هيكل محددا جدا وواضحا جدا.. ورأى قانونا ظالما يعكس أزمة سلطة.. لكنه أبدا لم ير أية أزمة فى هزيمة يونيو.. ولم يعتقد أن الهزيمة تعكس أزمة سلطة شاخت فوق مقاعدها وبات من الضرورى تغييرها.. إن هذا مجرد مثال بسيط ومتواضع للغاية وهناك غيره ألف مثال ودليل على أن هيكل هو الذى شاخ فوق مقعده وفى مكتبه الأنيق، ولن يجرؤ أحد من خلصائه الذين يسمح لهم الأستاذ بزيارته بين الحين والآخر على أن يقولوا له ذلك.. مع أننى أتخيل أن الصديق دوره الحقيقى هو المصارحة والمكاشفة لا النفاق والخداع.. إنها أزمة حقيقية تلك التى يعيشها هيكل الآن.. فهو لايزال يجرى وراء سلطة لن تفتح له أبوابها لينصحها ويكتب لها.. وهو لايزال يتجاهل الناس ويتعامل معهم على أنهم بلا ذاكرة.. والذى لا يعرفه هيكل وقد لا يعرفه أبدا أن فى مصر اليوم أجيالا جديدة لا تنسى ولا تسامح ولا تعبد الأصنام.. متهورون ربما.. قليلو الخبرة والتجربة ممكن.. لكنهم يحبون مصر بلا تماثيل ولا أصنام ولا مقدسات. 3- من مقال لكاتب من أصول يمنية، صار فيما بعد يشتم النيل ويدعو للبصق فيه، واسمه بلال فضل، نشرت الدستور فى نفس العدد تحت عنوان «سيدنا هيكل عليه «الملام»! ما يلى: لست محتاجا لأن يذكرنى أحد بقدر الأستاذ هيكل وأبهته، لكن جيلنا ليس فى حاجة لكل أبهة هيكل ولا هو طامع فيها، ولقد كنت دائما من عشاق هيكل وعشاق سيراميك الأرض التى يكتب عليها، إلى أن قرأت كتابه (الانفجار) فتغير ذلك عندى، صحيح أننى عندما قرأت الكتاب (انسطلت) من حجم معلوماته، ولا يمكن لك أبدا أن تستعير نسختى لما بها من شتائم للقوى التآمرية والهجمات الاستعمارية، لكنك ما إن تفيق من قراءة الكتاب، وتمعن النظر فيما قرأت، حتى يخنقك الألم.. من ذلك المنهج التبريرى الذى ينثره هيكل فى كل سطر، وستصبح مطالبا بالاقتناع أن تلك الصداقة القاتلة التى جمعت بين ناصر وعامر هى أمر علينا أن نتقبله ونغفره لأن الضعف الإنسانى لا يرحم، وستصبح مطالبا أن تشكر هيكل لأنه نجح فى إقناع ناصر فى أن يبقى الوضع على ما هو عليه، وأن الأمر نكسة لا تستدعى أن يفرح العدو فينا، ولعل هيكل أراد بذلك المنهج أن يريح الأجيال التى لم تشهد الانفجار من مصارحتها بآلام ما حدث، لكنه لا يعرف أن جرح تلك الحرب التى لم نخضها لا يندمل فى ذاكرتنا وأننا نؤمن أن (مؤرخك من صدقَك لا من صدّقك). ومع الاعتذار لحزب الإرهاب الهيكلى فإن أزمة جيلنا مع هيكل أنه يصور لنا دائما أنه مجرد شاهد على التاريخ لا مشارك - ومشارك أساسى فى صنعه - لذلك فهو يهرب من أسئلة تشغلنا دائما منها: أين كان هيكل عندما أعدم سيد قطب وقتل شهدى عطية الشافعى؟ هل كان لا يعرف؟ كيف وهو لم يكن محررا فنيا وقتها بل صحفيا كبيرا وصديق الرئيس أيضا، وأين كان عندما ارتكبت كل أخطاء عهد عبدالناصر؟ ولماذا نراه فقط وهو يصف لنا الإنجازات - التى نجلها ونحترمها ؟ إننا نحاسب هيكل على كل هذا لأننا نراه الآن مفكرا محترما وهو بعيد عن السلطة ينقد ويحلل، لكن احترامه ينقص عندما نسأل هل كان يفعل ذلك عندما كانت السلطة فى يده؟ ولو كانت حوادث الزمان لم تحدث هل كان هيكل سيظل المقرب لرؤساء زمان ما بعد ناصر؟ كل هذه الأسئلة لا تنفى أنه الآن ذو رأى محترم بالفعل؟ لكننا لن نسبق اسمه بـ (سيدنا) ونلحقه بـ (عليه السلام)، سنقول سيدنا - احتراما لقدره - وسنقول عليه الملام احتراما لعقولنا. (طبق الأصل) حثالة وحشرات انتهى الاقتباس من هذه المقالات، التى نشرت فى جريدة الدستور، وهناك عشرات غيرها فى نفس الجريدة، وحسب ما جاء فى هذه المقالات هو: «أفسد البنية الأساسية للمواطن المصرى»، «كان قلم عبدالناصر وواعظه.. بل من وعاظ السلاطين»، «يتكلم من موقع المسئول لا السائل»، «يعامل المختلفين معه معاملة المسئولين.. لا يصد ولا يرد»، «كأنه لا يسمع الآخرين»، «لا ينبغى أن يصبح صنما ووثنا فوق النقد». وهو «تبريرى» لديه «حزب إرهاب هيكلى»، «أين كان حين أعدموا سيد قطب»، وهو أيضا: «أهان الصحافة وجرحها»، «يريد أن يصبح مستشار السلطة والسلطان»، «لماذا لم يصف سلطة عبدالناصر بأنها شاخت فوق مقاعدها حين وقعت النكسة». لقد كان هذا بعض ما جاء فى «الدستور»، وبالصدفة فإنها كانت تحرر بنفس رئيس تحريرها الحالى، ولا أظن أنه نفسه -أى إبراهيم عيسى- حين «تشملل» وحاول أن يصد انتقادنا لهيكل، كان يذكر هذا.. فهو يكتب ولا يقرأ.. وإن قرأ نسى.. ومن ثم فإن كل الأوصاف التى قالها فى مقاله عمن يهاجمون هيكل تنطبق عليه بدوره.. وقد قال فى مشتمته الأخيرة، من بين ما قال - وسبحان الله الذى منح الخلق كل هذه القدرة على التناقض: «كم تعرض هيكل منذ قرر أن يعيش بقلمه وانصرف غانما عن السلطة لبذاءات من أوغاد وكلاب حراسة لحكام وحكومات وظل هيكل مترفعا عن أى هجوم عليه ولم يلتفت إلى حثالات كثيرة صادفها فى مشواره، ولا أظنه يلتفت بعد هذا العمر الرائع العظيم لنباح أو نواح يخرج من خرابات فكرية وسياسية، ولم يضر هيكل يوما من هذه البذاءات، بل ظل ضميرا ناصعا لمصر وللعالم العربى ورمزا سامقا للكاتب المستقل وأستاذا متألقا ومعلما مبهرا ومرشدا». ويقول عيسى أيضا، وبلا أدنى خجل أو ذاكرة: «يظل هيكل راية صحفية شامخة وشاهقة لم تعطلها حشرات صحفية، يترفع هيكل عن أن يدوسها بنعل حذائه». ترى هل كان يقصد إبراهيم عيسى بكل هذه الشتائم نفسه، وهل يمكن اعتبار وصف هيكل بأنه «كان فى مقدمة صفوف من أفسدوا البنية الأساسية للمواطن المصرى»، وأنه «لا يصد ولا يرد».. وأنه يجب «أن يعود إلى صباه لكى يعيد كتابة كل شىء».. هل يمكن اعتبار ذلك اختلافا فى الرأى ومناقشة «للراية الصحفية الشاهقة».. أم أن بائع الأكاذيب الأكبر وجد إلى جانبه كتيبة كذابين.. هو نفسه امتدحها فى حواره. وثيقة من الماضى ما علينا، نعود إلى الوثيقة الأهم التى ننفرد بنشرها، بعد 33 سنة، وهى نص رسالة بعث بها الرئيس محمد نجيب فى 41 أغسطس 3791 إلى الأستاذ إحسان عبدالقدوس رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، تعليقا على مقال كتبه هيكل عن نجيب رحمه الله، بعد أن أدلى الرئيس الراحل بحوار إلى مجلة «الحوادث» انتقد فيه هيكل، فعلق الأخير فى مقالة بعنوان «حكاية مع شبح من الماضى» وفى هذه المقالة كتب محمد حسنين هيكل فى الأهرام يوم 01/8/3791 : لقد فكرت جديا فى بداية هذا الأسبوع أن أطلب إلى محامى رفع دعوى قذف ضد اللواء محمد نجيب، وذلك بسبب حديث أدلى به إلى إحدى المجلات اللبنانية قال فيه أنه رفض أن يقابلنى أربع مرات خلال سنة 4591، لأن المخابرات المصرية «قدمت لى تقريرا عنه جاء فيه أنه متصل بالأمريكيين»، وقال اللواء نجيب أشياء أخرى ليست أكثر من ذلك فى صدقها وإن كانت أقل منه فى خطرها. ومع أنه ليس من عادتى أن أرد على هجوم يوجه إلى فقد اعتدت ذلك - وأخشى أن أقول أنى تعودت أن أستمتع به - فإننى فى هذه المرة وجدت أن «الأقوال المنسوبة» إلى اللواء محمد نجيب لا يصح أن تترك دون رد لأن الرجل كان فى يوم من الأيام وهو بمحض المصادفات على قمة الدولة المصرية.. ولقد استعملت تعبير «الأقوال المنسوبة» قصدا ذلك لأن اللواء محمد نجيب كان على اتصال دائم بى خلال السنة الأخيرة على الأقل يبلغنى كل يوم جمعة تقديره لما أكتب، وكان تعبيره عن هذا التقدير يدفعه إلى مبالغات فى المديح لا أعتقد أننى أستحقها. وعندما نشر ما نشر على لسانه اتصلت به تليفونيا مساء السبت الماضى أقول له: إننى لا أستطيع التوفيق بين ما كان يبديه لى وبين ما نقل عنه. وكان رده مساء يوم السبت الماضى وبالنص: - يعلم الله أننى برىء مما نسب إلى قوله عنك.. وليس هذا كلامى». وخلال الحديث التليفونى قلت للواء نجيب: إنه سوف يكفينى أن أتلقى منه ورقة تقول أن ما نسب إليه لم يصدر عنه. وقال لى اللواء نجيب أنه سيمر على بالأهرام غدا - الأحد - وسيكتب الورقة أمامى وبما يرضينى. وفى اليوم التالى - الأحد - وقبل الموعد المحدد بنصف ساعة اتصل بى اللواء نجيب يقول أن قريبا له - اسمه السيد القشلان على ما أتذكر - مصاب بمرض خطير وأنه سيذهب لزيارته ويطلب منى تحديد موعد آخر.. وفى مساء نفس اليوم الأحد عاودت الاتصال باللواء نجيب، ولكن المراوغة بدت فى لهجته وإن كان قد عاد فى نهاية الاتصال وأكد عزمه على الوفاء بما وعد وعلى أن نلتقى فى اليوم الثانى - الاثنين. وصباح الاثنين اتصل بى المقدم جلال ندا يقول لى: - «هل لديك مانع من أن تلتقى باللواء نجيب فى بيتى.. لكى ننتهى من هذا الموضوع ونسويه بكلمة صريحة منه تضع الحق فى موضعه»! وقلت: «إننى لا أريد أن أجر الرجل فى شيخوخته إلى مشاكل هو فى غنى عنها وإن كنت على أى حال أقوم بتحضير أوراقى». وقال جلال ندا: - «ليس هناك ما يدعو لذلك لأن الرجل على استعداد للتصحيح وأنتظر حتى نلتقى فى الساعة الخامسة بعد ظهر اليوم فى بيتى». وجلست بعض الوقت أفكر فى الموضوع كله، وخطرت على بالى ملاحظات مبدئية على ما نسب للواء محمد نجيب: 1- إننى لا أتذكر أننى طلبت مقابلة اللواء محمد نجيب سنة 4591 أربع مرات وأنه رفض، وما أتذكره هو أننى منذ بداية سنة 3591 حددت موقفى فى الخلاف بينه وبين الثورة، وكان موقفى مع الثورة، ولم يكن معه ولا كان ضده، رغم أننى انتقدت كتابه وبصراحة بعضا من تصرفاته فى ذلك الوقت ولا يعقل - وهذا موقفى - أن أطلب مقابلته منتظرا أن يستجيب أو أن يعتذر. 2- إنه مما يثير الدهشة أن تقريرا من نوع ما أشير إليه فيما نسب للواء محمد نجيب عرض عليه هو ولم يعرض على جمال عبدالناصر، وقد كان دور محمد نجيب فى الثورة المصرية مجرد مصادفة، وكان جمال عبدالناصر هو قائدها الحقيقى، ولو أن مثل ذلك التقرير كان له أصل لعرف به جمال عبدالناصر ولما سمح لى أن يكون قريبا منه بالقدر الذى كنته وتشرفت به. 3- إن ما هو منسوب إلى اللواء محمد نجيب جزء من عملية واسعة وراءها ما وراءها، ومهما يكن من شىء، فلقد يكون مناسبا أن يعرف الذين يهمهم الأمر أنه لايزال هناك من يؤمنون بالقول المشهور «ليس هناك ما نخافه إلا الخوف ذاته». 4- ومع أننى أتردد كثيرا فى هذه النقطة، فقد أصبح ضروريا أن يقال ذلك أن ما هو منسوب للواء «محمد نجيب» - خارجا عما هو متصل بى وهو لا يزيد على سطور قليلة فى صفحات كثيرة - جزء من مخطط كامل ضد جمال عبدالناصر، لم ينجح خصومه فيه وهو حاضر، وتصوروا إمكانية النجاح فيه وهو غائب، وأثق أنهم لن ينجحوا، وقد أضيف أنه ربما كان مناسبا أن يتذكر بعض الذين ينسون أن دور جمال عبدالناصر وتجربته فى مصر هى الأساس فى شرعية النظام المصرى. ولست أريد أن يتصور أحد أننى أحمى نفسى بجمال عبدالناصر، فالرجل فى رحاب الله لا يحمى أحدا ولا يحميه أحد.. تاريخه وحده هو شاهده. وانصرفت إلى إعداد بعض الأوراق، ووجدت منها كثيرا، فيها ما يتعلق بقيمة أى شىء يصدر عن اللواء محمد نجيب على فرض أنه صدر عنه فعلا، وفيها ما يتعلق بما هو منسوب إلى اللواء محمد نجيب نفسه. كان بين ما وجدت ما يلى: 1- سلسلة مقالات كتبها الرئيس أنور السادات بنفسه فى جريدة الجمهورية عن دور اللواء محمد نجيب فى الثورة، وقد نشرت هذه السلسلة فى الفترة ما بين يناير سنة 5591، إلى مارس من تلك السنة. وكان بين ما ورد فى التقديم لحلقات هذه السلسلة، مقال للرئيس أنور السادات - وبقلمه - فى عدد جريدة الجمهورية الصادر يوم 11 يناير سنة 5591، قال فيه ضمن ما قال: «إن قصة اللواء نجيب مليئة بالأحداث والغرائب. إنها أعجب قصة فى تاريخ مصر الحديث، إنها الأسطورة الكبرى التى ظهرت على ضفاف النيل فجأة، ثم تلاشت فجأة كضباب الضحى». ثم يمضى الرئيس أنور السادات فى قوله: «إنها قصة الذين كانوا يرهبون كلمة ثورة، وهى قصة الصراع الخالد المجيد بين جيل ناشئ يريد أن يبنى مصر، وجيل عفن مهزوم عاش فى كنف الخنوع وأصبح لا يعنيه أن يتطور الشعب». ثم يستطرد الرئيس السادات بقول: «هى قصة الذين أرادوها ثورة وقصة الذين أرادوها حكومة. أعدها من أجل الحائرين الذين رأونا نحمل محمد نجيب على أكتافنا إلى قبلى ثم إلى بحرى، ورأونا ونحن ننكر أنفسنا ونذكره، ورأونا ونحن نصنع منه زعيما، وهو يحفر للثورة قبرا». وتمضى حلقات السلسلة بعد ذلك. وتكفى عناوين بعض الحلقات لكى تضع دور محمد نجيب، ومدى ما كان يعلمه، مما يجرى فى موضعه، بين هذه العناوين مثلا: «نجيب كان المرشح الثالث لقيادة الثورة وهو لا يعلم». «الصدفة هى التى جعلت نجيب يدخل من أبواب التاريخ». «نجيب لم يكن يعرف الضباط الأحرار فى يوليو سنة 2591». «أول معركة انتصر فيها نجيب وهو لا يعلم». «كنا نعد الخطة النهائية للثورة ونجيب فى منزله». «نجيب فى منزله لا يرى شيئا ولا يسمع شيئا». «بعد الثورة كان نجيب يجلس بيننا ولا يعرف شيئا مما يدور فى رءوسنا». 4- تقرير سرى كتبه السيد حسن التهامى الوزير السابق والأمين العام لرئاسة الجمهورية، والأمين العام للمؤتمر الإسلامى بجدة، وأحد الضباط الأحرار فى الخلية الأولى التى رأسها جمال عبدالناصر بنفسه - وكان هذا هو السبب الذى دعا الرئيس السادات إلى اختيار حسن التهامى عضوا فى محكمة الشعب بعد حركة التصحيح فى 51 مايو سنة 1791 - وفى هذا التقرير فإن حسن التهامى يسجل كتابة وبتوقيعه تفاصيل عن «الاتصالات بين المخابرات الأمريكية وبين اللواء محمد نجيب» «أقول ذلك متحفظا، لأن التقرير فيه ما هو أشد صراحة». وقد كان هذا التقرير وثيقة مهمة فى التاريخ المصرى الحديث، لأنها تتعلق بقصة ثار من حولها جدل كبير، ولأهميتها فإن نسخا منها وضعت فى ملفات رئاسة الجمهورية، وفى مجلس الأمة، وفى المخابرات العامة، حتى تظل الحقيقة باقية للتاريخ. «مضيت فى تحضير أوراقى إذن منتظرا موعد الخامسة بعد ظهر يوم الاثنين، وذهبت إلى بيت جلال ندا، وجاء محمد نجيب، وكان لقاء غريبا بدأه هو باستعادة ذكريات الظروف التى جمعتنا فى حرب فلسطين، فى معركة نيتسانيم هو ضابط فيها وأنا صحفى شاب - وقتها - يتابع المعارك ويغطى أخبارها. وذكرنى بواقعة كنت قد نسيتها، فقد أراد أحد المصورين أن يلتقط له صورة وهو يضع حذاءه على جثة جندى إسرائيلى قتيل، وتقدمت منه وقلت له إننى أخشى أن تستغل هذه الصورة دعائيا ضد التقاليد العسكرية المصرية فى الخارج. وذكرنى بأننى رشحته لنجيب الهلالى ليأخذه وزيرا للحربية معه فى شهر مارس سنة 2591 - قبل الثورة - وكيف أن نجيب الهلالى - يرحمه الله - قبل ترشيحى له، ولكن الملك فاروق اعترض عليه. وذكرنى.. وذكرنى. وقلت له فى النهاية وأنا أقترب من الموضوع: - لذلك كانت دهشتى عندما وجدتك تقول عنى ما قلت أخيرا»! وقال نجيب ببساطة: - «إننى على استعداد أن أصحح بما يرضيك، ولكن المسألة أننى أريد أن أنشر مذكراتى وأخشى إذا أصدرت تكذيبا لما نسب إلى أن يؤثر ذلك على قيمة المذكرات، وأخشى أن يتضايق الذين اتفقوا معى فى المجلة اللبنانية على نشرها». واستطرد نجيب: - «إنهم على أى حال لم يذكروا شيئا يمكن أن يضايقك.. إنك على صلة بالأمريكيين، ولماذا لا تكون - كصحفى - على صلة بالأمريكان وبالروس وبكل الدنيا»! وقلت له بكل صبر: - «سيادة اللواء.. أنت تعرف كيف أن هذا التعبير عبء بإيماءات لا أرتضيها لنفسى». وطالت المناقشة.. كأنها حوار مع شبح من الماضى.. وكان هناك شهود عليها، بينهم أربعة شبان من أسرة جلال ندا، راحوا من بعد يتابعون ما يسمعون ويرون وهم فى دهشة لا يخفونها. وقلت للواء نجيب كل ما أردت أن أقوله وبأدب. ووصل أخيرا إلى أن يقول: - إننى على استعداد لأن أكتب ما يرضيك، ولكن على شرط ألا يؤثر على اتفاقى بشأن المذكرات». وبدأ يكتب صيغة خطاب، وبدأ جلال ندا يساعده، واستأذنته فى أن أدعو الدكتور جمال العطيفى ليساعده فى كتابة صيغة معقولة ومقبولة. وانضم إلينا الدكتور جمال العطيفى فى بيت جلال ندا. وكتب الدكتور جمال العطيفى حصيلة لكل المناقشات التى أعدنا تلخيصها أمامه فى صيغة أمسكها اللواء نجيب فى يده وراح يقرؤها. كان نصها: «يود اللواء محمد نجيب أن يوضح بشأن ما ورد فى الحديث المنشور بإحدى المجلات اللبنانية متعلقا بالأستاذ محمد حسنين هيكل ما يأتى: 1- أن وقائع هذا الحديث ترجع إلى أكثر من عشرين عاما، وأنه يحاول استخلاصها من الذاكرة. 2- أن السياق الذى رويت فيه كان بمناسبة الحديث عن بدء علاقته بالأستاذ محمد حسنين هيكل. 3- أن حديثه المتصل بالأستاذ محمد حسنين هيكل قد لحقه تحريف أخل بالمعنى المقصود منه. 4- أنه لم يشك لحظة، سواء طوال مدة رياسته أو بعدها، فى وطنية الأستاذ محمد حسنين هيكل، وفى تجرده المهنى والسياسى». وقال اللواء محمد نجيب أنه يخشى أن تؤثر النقطة الأولى على قيمة مذكراته حين يعلم الناس أنه يحاول «استخلاصها من الذاكرة». وقال اللواء محمد نجيب أنه يخشى من كلمة «تحريف» فى النقطة الثالثة، لأنها قد تغضب الذين اتفقوا معه. وقلت للواء محمد نجيب فى ختام مناقشة طويلة: - «خذ الصيغة إلى محاميك وابحث معه كما تشاء ثم اتصل بى». وعاد اللواء محمد نجيب يعرض صيغا أخرى كتبها محاميه ورفضت هذه الصيغ واحدة بعد واحدة. والتقيت بالأستاذ الكبير الدكتور محمد عبدالله شيخ المحامين وأستاذهم وقلت له: - «لدى قضية وأريد أن أعرضها عليك». وأمسك الدكتور محمد عبدالله بعدد المجلة التى نشر فيها اللواء محمد نجيب ما نشر، وبعد أن قرأه قال لى: - هل أغضبك هذا؟ قلت له: - ما رأيك؟ قال: - أدر ظهرك لمثل هذا كله، وامض فى طريقك.. هذه محاولة شتم لا أكثر ولا أقل.. حتى سياق الكلمات فيها يكشف نفسه بنفسه». كان ذلك مساء الثلاثاء. وظهر الأربعاء كنت مع الدكتور محمود فوزى، وتحدثت معه فى الأمر، كصديق أحترمه وأعتز برأيه. وقال لى الدكتور محمود فوزى وأنا مع الدكتور محمد عبدالله: «أدر ظهرك لهذا كله وامض فى طريقك». ثم أضاف الدكتور فوزى، بحكمته العميقة والعريقة: - «واقفل أذنيك عن هذا كله ومثله.. لابد أن نحمى آذاننا من كل ما لا جدوى منه، حتى لا ينفذ إلا ما يفيد.. إلا ما يستطيع أن يغذى أفكارنا ويجعلنا نضيف إلى بهجة الحياة.. وهل بهجة الحياة إلا عقل مستنير؟ وأدرت ظهرى. وأقفلت أذنىّ. ورجوت الدكتور جمال العطيفى أن يوقف اتصاله بمحامى اللواء محمد نجيب بحثا عن صيغ جديدة فى معنى الاعتذار، وأن يترك الرجل فى شيخوخته يبيع ما يريد بيعه.. وبأية وسيلة يختارها لنفسه! رسالة نجيب انتهت مقالة هيكل، التى تجرأ ووصف فيها رئيسا مصريا أسبق بأنه مراوغ «شبح من الماضى»، ولعلنا لاحظنا هنا استعانته بشهادة مطولة للرئيس أنور السادات.. ذلك الذى ظل يهاجمه طوال الثلاثين عاما الماضية. المهم أنه بعد نشر هذا المقال كتب الرئيس نجيب إلى الأستاذ إحسان عبدالقدوس ردا رغب فى نشره فى أخبار اليوم، أرفقه برسالة قال فيها: لقد نشرت جريدة الأهرام يوم 01 أغسطس مقالاً للأستاذ محمد حسنين هيكل ملأه بالتجريح و«كلل» لى خلاله تهما كاذبة تسىء إلى سمعتى، ويقينى بأن الصحافة المصرية هى ملك للشعب ولا سلطان لأحد عليها سوى سلطان الضمير وسيادة القانون، وعملا بحرية النشر، فإننى أرسل إلى سيادتكم صورة من ردى.. رجاء التكرم بنشره فى صفحات جريدة الأخبار فى مكان يتناسب مع مكان ما نشر الأستاذ هيكل». ولم ينشر الأستاذ إحسان الرد، لأن الأهرام هى المعنية بالنشر، وفى الأسبوع الماضى وصلنى ما كتبه الرئيس نجيب من أحد المقربين من الأستاذ إحسان رحمه الله - وليس مصدرا عليما كما يفضل هيكل أن يدعى فى وصف مصادره0 وهنا نص المقال: الحقيقة تتحول إلى شبح يبدو أن الأستاذ محمد حسنين هيكل لم يستجب لرأى الأستاذ الدكتور محمد عبدالله المحامى، ولا لرأى الدكتور محمود فوزى نائب رئيس الجمهورية، عندما نصحه الاثنان بقولهما: «أدر ظهرك لهذا كله وامض فى طريقك»، فقد أبى إلا أن ينشر مقالا طويلا ردا على بضعة سطور فى حديث أجراه معى الأستاذ سليم اللوزى فى مجلة «الحوادث»، وقد ذكر فى هذا المقال أننى قلت فى حديث مع مجلة «الحوادث» اللبنانية أن المخابرات المصرية قد كتبت عن الأستاذ محمد حسنين هيكل أن له صلة بالأمريكان، وأغفل الأستاذ هيكل باقى ما جاء فى حديثى من أنه كان يتقاضى مرتبا من أحمد عبود باشا، وأعتقد أن الأستاذ محمد حسنين هيكل قد أغفل ذكر هذه الواقعة، لأن المقالات التى كتبها فى مجلة «آخر ساعة» عن شركات عبود باشا قبل الثورة موجودة ويستطيع أى إنسان الاطلاع عليها. وقد ترقبت هذا المقال بعد رفضى المطلق توقيع أية أوراق تتعلق بالحديث وخاصة التى أعدها الدكتور جمال العطيفى وكيل مجلس الشعب وعضو مجلس إدارة الأهرام بعد جلسة امتدت نحو الساعتين فى منزل المقدم جلال ندا. ترقبت المقال معتقدا أنه لن يتجاوز التعليق على السطور التى وردت فى الحديث، ولكنى دهشت عندما وجدت الأستاذ هيكل لا يكسر قاعدته فى عدم الرد فقط - كما يقول - ولكنه تجاوز ذلك إلى الهجوم الشخصى والسياسى معا. ولو تعلق الأمر بشخصى لتغاضيت عن الرد، فكم تحملت من متاعب وآلام وكم تعرضت لهجمات خلال السنوات الماضية، ولم تكن عندى فرصة للرد، كما كانت الفرصة متاحة دائما للأستاذ هيكل فارسا وحيدا فى الميدان، لا تشطب له كلمة وويل لمن تأخذه الجرأة بالرد عليه. ولكن الأستاذ هيكل شاء أن يخلط فى رده بين المواقف السياسية والشخصية، مما يدفعنى دفعا إلى توضيح الحقيقة، إيمانا بأنه لا شىء يجب أن يخفى عن الشعب. وإذا كان الأستاذ هيكل قد استهل مقاله بقوله: «إن الأقوال المنسوبة إلى اللواء محمد نجيب لا يصح أن تترك دون رد لأن الرجل كان فى يوم من الأيام، وهو بمحض المصادفات على قمة الدولة المصرية»، ولست أعرف صادقا أية مصادفات يشير إليها الأستاذ هيكل. هل كانت ثورة 32 يوليو صدفة من الصدف؟ وهل كان موقعى فى طليعتها منذ اللحظة الأولى، ومجابهة الملك والاستعمار باسمى صدفة أيضا؟ وهل يريد الأستاذ هيكل أن ينضم إلى قافلة الذين حكموا بالإعدام على اسمى وأنا حى أعيش؟ أم هل يريد أن يمضى مع الدعاية المركزة التى حاولت تصغير دورى فى مقدمة الثورة ليصبح حبة رمل فى جبل؟! على أية حال فثورة يوليو لم تكن صدفة، وموقعى فيها لم يكن صدفة أيضا، ولست أريد أن يسحبنى هذا الحديث، فقد قلت رأيى فى كتابى «كلمتى.. للتاريخ» الذى سيصدر قريبا، ويصبح الحكم عليه بعد ذلك من حق الجماهير وحدها. ويقف الأستاذ هيكل بعد ذلك عند حديثى معه حول بعض مقالات كتبها، وهو أمر مثير للدهشة، فالكاتب قد يكتب من المقالات أحيانا ما يستحق الإشادة والتقريظ، وقد تمضى بعض مقالاته بلا أثر وتستحق مقالات أخرى النقد واللعنة. ولم أتصور لحظة أن إعجابى بمقال سوف يمنعنى من رواية واقعة تاريخية أو أنه سوف يكون حاجزا يمنع حقى فى التعبير. مقال جيد لا يعنى مطلقا أن الكاتب لم يخطئ، وتقريظ مقال واحد ليس حكما لتأييد الكاتب تأييدا مطلقا فى كل الكلمات والتصرفات. ونأتى بعد ذلك إلى ما أطلق عليه الأستاذ هيكل اسم «ملاحظات مبدئية»، فإن فيها ما يستحق التعليق، لما يثيره بعضها من قضايا عامة ومهمة أيضا. 1- يقول الأستاذ هيكل أنه لا ينكر أنه طلب مقابلتى أربع مرات وأنى رفضت ذلك.. ولا أريد أن ألقى اللوم كله على ضعف الذاكرة، فإن ذلك قد يمسنى كما يمسه أيضا.. ولكنى واجهته بذلك فى جلستنا بمنزل المقدم جلال ندا، وكان معنا الأستاذ محمد رياض الذى كان قائدا لحرسى عام 35، والذى كان وسيطا للأستاذ هيكل فى طلب المقابلة، ولم ينكر الأستاذ هيكل ذلك، وقد كان ذلك فى عام 3591، وليس عام 4591، وقبل أن يحدد الأستاذ هيكل إلى أى جانب ينحاز، وقد حضر الأستاذ هيكل فى هذه المرات الأربع إلى منزلى فى حلمية الزيتون وانتظر فى غرفة الحرس، وفى كل مرة كنت أرفض المقابلة فى إصرار للأسباب التى أبديتها فى حديث مجلة الحوادث. 2- محاولة طمس فكرة وجود تقرير المخابرات المشار إليه عن طريق القول بأن عرضه على لا يستقيم مع عدم عرضه على جمال عبدالناصر الذى كان هيكل قريبا منه، وهو أمر يستند إلى الاستنتاج أكثر منه إلى الحقيقة، لأننا أمام احتمالين لا ثالث لهما، وهما إما أن جمال عبدالناصر قد أبلغ هيكل بمضمون التقرير تبسطا معه، وإما أنه حجبه عنه حتى لا يكشف عمل أجهزته ويضع كل أمر فى موضعه. 3- القول بأن ما قلته هو جزء من عملية واسعة وراءها ما وراءها، هو قول مردود من جذوره بالنسبة لى، فإننى عشت حياتى بعيدا عن الاشتراك فى عمليات أو مؤامرات تتنافى مع الصراحة والشجاعة.. لم ندبر شيئا فى السر إلا حركة 32 يوليو، ومن بعدها تعرضت لطوفان من المتاعب والإساءة لحرصى الشديد على المجاهرة بما أقتنع به وأنه حق وصدق، ويعلم الأستاذ هيكل بعض أو كل ما عنيت. ولهذا فإننى أرفض الإشارة إلى أن أحدا قد يستخدم كلماتى لعملية خفية.. وأومن بأن انطلاق الكلمات حرة هو الضمان الأكيد والوحيد للديمقراطية وللقضاء على العمليات والمؤامرات الخفية، وآمل أن يكون الأستاذ هيكل متشربا فى أعماقه القول الشهير الذى كتبه «ليس هناك ما نخافه إلا الخوف ذاته». 4- النقطة الأكثر أهمية فى حديث الأستاذ محمد حسنين هيكل هى محاولته تصوير حديثى مع مجلة «الحوادث» على أنه جزء من مخطط كامل ضد جمال عبدالناصر، وهو ما أعترض عليه فى شدة، فإن جمال عبدالناصر وهو فى رحاب الله لم يختف تماما من الحياة، فله أفكاره التى عبر عنها ووضحت فى خطبه وتجسدت فى مواثيق الثورة، وهى الآن ليست ملكا خاصا لأحد، كما لا يستطيع أحد الادعاء بأنه الوحيد المعبر عنها أو الموكل بتفسيرها، وإنما هى ملك للشعب، كل الشعب، وإرادته ونضاله وأمله فى مستقبله. وحديثى الذى نشر، وكتابى الذى سينشر، لا يتعرض لفترة حكم عبدالناصر، لكنه يتعرض فقط للفترة التى كنت فيها رئيسا للجمهورية، ويظهر لأبناء شعبنا حقيقة الحركة السياسية التى وقفت فيها مدافعا عن الديمقراطية حتى دخلت أبواب المعتقل. ما تصورت أن يلقى الأستاذ هيكل بهذا الاتهام الذى ينبع من تصور خاص للمرحلة، وإذا كان نقد بعض التصرفات فى فترة مضى عليها اليوم حوالى عشرين عاما، يعتبر تدبيرا ضمن مخطط ما، فإن هذا يعنى - فى رأيى - محاولة للحجر على حرية التعبير والديمقراطية، وهما الهدف الذى ناضلت من أجله، وفشلت فى الوصول إليه، ولكننى أزداد كل يوم اقتناعا وإيمانا به. وحتى يستبين موقفى تماما من هذه القضية كنت أتمنى أن يشير الأستاذ هيكل إلى ما رويته فى الحديث من أنى كنت أبرق إلى جمال عبدالناصر مؤيدا الكثير من مواقفه وخطواته الوطنية التقدمية. ويشاء الأستاذ هيكل أن يقلب أوراقه بحثا عن بعض ما يوجهه لى من إساءة بعيدا عن موضوعه الشخصى الذى تصورت أنه يحرص على تبرئة ذمته منه، أكثر من حرصه على ترديد اتهامات ظلت تلاحقنى حوالى 71 عاما، وأنا خلف جدران الصمت فى المعتقل، وليست عندى فرصة وحيدة للرد «بصراحة أو بغير صراحة». وعندما أتاحت لى الظروف كتابة «كلمتى.. للتاريخ» انضم الأستاذ هيكل أيضا إلى مجموعة المهاجمين، ولو صبر لوجد أن اسمه لم يرد مطلقا فى الكتاب إلا فى ذلك اليوم - 81 يوليو 2591 - الذى عرفته فيه إلى جمال عبدالناصر لأنه لم يكن له دور سياسى أساسى أو ثانوى فى الحركة السياسية المصرية حتى انتهى دورى الشخصى فى 41 نوفمبر 4591. وإذا كان ذكاء الأستاذ هيكل قد هداه إلى استعارة بعض ما كتبه الرئيس أنور السادات فى أعداد الجمهورية فى الشهور الأولى من عام 5591، بعد أن انتهت قصتى مع مجلس قيادة الثورة، كأنما يريد بذلك أن يوقع بينى وبين الرجل الذى وضع نهاية لتقييد حريتى، فإنى أقول له أننى رغم كل شىء أحمل جميل الوفاء للرئيس أنور السادات، ولو كانت هناك خلافات فى وجهات نظر مضت عليها أعوام طويلة تبدلت فيها الأحوال وتغيرت الأدوار، وأصبحت الفرصة متاحة أكثر من أى وقت لتأكيد الديمقراطية وانتصارها. أما تقرير الأستاذ حسن التهامى الذى أشار إليه الأستاذ محمد حسنين هيكل، فإنه يفتتح به بابا ما تصورت له أن يفتحه من جديد بعد أن كانت الأمور قد وصلت إلى ساحة القضاء بعد قضية رفعتها ضده أمام محكمة جنايات الجيزة لبعض ما ورد فى كتابه «عبدالناصر والعالم»، وحرص الأستاذ هيكل على عدم وصول الأمر إلى غايته فنشر تكذيبا واعتذارا عن الذى كتبه فى الكتاب، نشر فى صحف القاهرة ولندن وبيروت، واعتذارا من محاميه وتكذيبا لما قاله ثبت فى محضر المحكمة، وبناء على ذلك تنازلت عن القضية، ولكنه يعود اليوم إلى الحديث مستندا إلى تقرير كتبه حسن التهامى أحد ضباط المخابرات المصرية سابقا، وصاحب المراكز المرموقة التى حرص الأستاذ هيكل على ذكرها متصورا أنه بهذا يدعم قوله وحجته، واستناد الأستاذ هيكل إلى تقرير حسن التهامى يدعم التأكيد بأنه لا يمكن أن يكون مؤهلا أو مفوضا لكتابة تاريخ مصر الثورة، وإن كان من حقه أن يكتب ما يشاء. ألا يعرف الأستاذ هيكل تاريخ كتابة هذا التقرير؟ ألم يعلم بأنه قد كتب بعد نشر كتاب لعميل المخابرات المركزية الأمريكية «مايلز كوبلند» يروى فيه قصة الثلاثة ملايين دولار التى ترتبط بأسماء معروفة محددة؟ هل يعتقد الأستاذ هيكل أن هذا التقرير الذى كتبه مرءوس يمكن أن يعتبر مستندا تاريخيا وهو بمثابة محاولة للتبرئة وصرف الأنظار، سجلها الذين ارتبطت أسماؤهم بما كتبه عميل المخابرات المركزية الأمريكية؟ وليعلم الأستاذ محمد حسنين هيكل أنى مازلت مستعدا للعودة إلى المحكمة من جديد مخاصما ما ورد فى كتابه «عبدالناصر والعالم»، رغم ما نشره من تكذيب، إذا كان فى ذلك ضرورة لإظهار الحقيقة للجماهير.. وللتاريخ. وأتابع مقال الأستاذ هيكل فأعود إلى اللقاء الذى تم بيننا والذى شاء أن ينشر بعض ما ورد به من حديث، وشاء أيضا أن يهمل البعض الآخر.. ولست هنا مثله فى محاولة للاصطياد أو ركوب موجة الغرور، فإن الأمر أكبر من ذلك كثيرا، فقد شاء أن ينشر بعض ما حدث فى جلستنا بمنزل جلال ندا، ونشره محرفا وخانته الذاكرة فلم يذكر أنه اتصل بى خمس مرات خلال أربع وعشرين ساعة، لأوافق على مقابلته، ولم يذكر أنه ألح إلحاحا شديدا لأكذب الحديث، فلم أوافق وقلت له إن الحديث صحيح، وأن تقرير المخابرات صحيح، وقلت له إن مصر والعالم العربى كله يعرف صلته بالأمريكان، وأنه لا يستطيع إنكار هذه الصلة، فأجاب بأنه فعلا صديق للأمريكان وقال مفاخرا: إن مستر نيكسون عندما حضر لزيارة مصر زار الأستاذ هيكل فى منزله وتناول معه الغداء. وكذلك نسى الأستاذ هيكل أن يذكر أننى اعتذرت له عندما عرض على أن يقوم ببيع مذكراتى لجريدة التايمز الإنجليزية، مقابل مائة ألف جنيه استرلينى، وقلت له أننى لا أجرى وراء المال، وليعلم الأستاذ هيكل أننى أعطيتها لجريدة الحوادث لنشرها باللغة العربية دون مقابل رغم إلحاح جريدة الحوادث أن تدفع مبلغا كبيرا ثمنا لهذه المذكرات. وأقول له أنى لست صاحب اقتراح كتابة كلمة ترضية، ولكن الأستاذ هيكل هو صاحب الاقتراح وصاحب التعبير أيضا. وقد فشل محاميه الأستاذ جمال العطيفى ومحامى الأستاذ أحمد شوقى الخطيب فى الوصول إلى كلمة اتفاق وكانت المحصلة هى هذا المقال. وقد أساءنى أن يختار الأستاذ هيكل لمقاله عنوان «حكاية مع شبح من الماضى».. فإن هذا دليل على أن الحقيقة إذا مسته تتحول إلى أشباح مزعجة.. ودليل أيضا على أن أعصابه ليست هادئة. أمر يسير أن يعمد الكاتب إلى الإساءة أو السباب.. وخاصة إذا كان المجال مفتوحا له وحده لسنوات طويلة يكتب ما يريد دون تعقيب، ويهاجم من يشاء دون فرصة رد. وأنا لست ضد ذلك.. فإن من حق كل كاتب أن يسجل رأيه بما يمليه عليه ضميره، ولكنى ضد أن يكون هذا الحق احتكارا لكاتب وحده دون سواه. تعليق غير أخير انتهت رسالة الرئيس نجيب، و بكل ما فيها من معلومات، وبكل ما فيها من شجن عاطفى، وبكل ما تكشفه فإنها تعتبر دليلا إضافيا على هذه «الحالة».. التى يعبر عنها الأستاذ محمد حسنين هيكل. وليست الرسالة سوى قطرة فى بحر.. ولو اختار «الأستاذ» مبدأ النقاش عبر الصفحات، بدلا من أن يمارس ضغوطا على مشتمة «الدستور» لكى ترد عنه.. بالوكالة، فإننا قادرون على أن نفيض من هذا البحر على الصفحات.. لكى نعيد تقييم «أسطورته».. ونحدد مستوى قيمته.. ونختبر مصداقية ما قال وتكلم به طوال السنوات والعقود الماضية. أم ترى أن علينا أن نعيد نشر التكذيب الذى كتبه على نفسه حتى لا يواصل الرئيس محمد نجيب قضيته. إن على هيكل، للأسف، وبعد كل هذا العمر.. وكل هذه الكتب.. وكل هذه المقالات.. وكل هذه الحوارات.. وكل هذا اللغو.. وكل هذه الوثائق.. وكل هذه البرامج.. وكل هذه التحليلات.. وكل هذه «الرطانة».. و«الرطرطة».. أن يعود إلى المربع رقم واحد.. مادام أصر على أن يقول أحكاما مطلقة.. ومادام أراد أن يملى علينا آراءه.. وأن يسوق أجندات.. وأن يستمر فى تضليل وعى الأمة فى نفس الوقت الذى يدعى فيه أنه «يستثير الوعى». لقد كان محمد حسنين هيكل هو الذى جعل من هزيمة 7691 «نكسة»، وكان هو الذى دافع عن نظام السقوط.. وكان هو الرجل الذى صعد بأحلام جيل كامل إلى عنان السماء.. ثم بعد أن هوت بهم الهزيمة إلى الحضيض.. لم تأته شجاعة الاعتراف.. وراح يبرر فيما بعد هذه الهزيمة.. ويحاول أن يعيد للنظام هوى بعض رصيد من كلام. عبدالله كمال خلص الكلام Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان