اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

السلطان و ملك الموت .. مسرحيه


سيزيف

Recommended Posts

الاخوه الاعزاء

اهديكم تجربتى المسرحيه الاولى

و ارجو ان تنال اعجابكم

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------

الفصل الاول

--------------

------

المشهد الاول

------

المكان : ساحه المدينه المجاوره لاسوار قصر السلطان

الزمان : زمن ما

-----

المنادى واقف فوق اسوار القصر و الساحه يملؤها العديد من الناس

بعضهم ماره يسيرون فى الطريق و بعضهم باعه جائلين و بعض زبائنهم

و ما ان رفع المنادى عقيرته بالنداء المنغم حتى توقف جميعا ً عما كانوا يفعلونه

فالماره وقفوا فى اماكنهم

و الباعه توقفوا عن النداء على بضاعتهم

و المشترون توقفوا عن الشراء و الفصال

المنادى : يا أهل البلد

سبحان من يدوم الى الأبد

قد توفى سلطانكم

فيالهول أحزانكم

اليوم سيعلن الحداد

ثلاثه ايام و ليال سهاد

تتباين ردود افعال الماره بالساحه

فالبعض يبكى و اخرون صامتون و اغلب الناس عادوا الى ما كانوا يفعلون فى غير اهتمام واضح

ثم يبدا اثنان من الماره فى الحديث

رجل 1 : يا الله

اوأخيرا مات السلطان ؟

" ثم اردف عبارته بضحكه قصيره و قال بلهجه ساخره "

لقد كدت اظنه لا يموت

رجل 2 : صه يا احمق

هل تبغى هلاكنا ؟

رجل 1 : و ما همك ؟

قد مات السلطان

رجل 2 : الم اقل لك انك احمق

" ثم اقترب منه و هو يهمس :

ان كان السلطان قد مات فابنه لا زال على قيد الحياه

رجل 1 : و مالنا و ماله ؟

رجل 2 " وقد نفذ صبره " : و من تظنه يولى سلطانا علينا يا سلطان الاغبياء ؟

رجل 1 : اتقصد .........؟

هذا الصبى الغر يولى علينا سلطانا ؟

رجل 2 " و هو مرتعد " : اخفض صوتك يا رجل و الا طارت اعناقنا

حقا قيل

لكل داء دواء يستطاب به

الا الحماقه اعيت من يداويها

رجل 1 " وهو يتلفت حوله " : اهدأ بالا فلا احد يسمعنا

رجل 2 : يقولون ان الحيطان لها اذان

و فى بلدنا السعيد كل شىء له اذان

رجل 1 : دعك من هذا و اخبرنى

كيف بالله عليك يحكمنا هذا الصبى ؟

رجل 2 : و كيف حكمنا اباه ؟

ثم تلفت حوله و قال همسا :

السلاطين لا يحكمون

و لكن بطانتهم هى التى تحكم باسمهم

فالسلاطين تجىء و تذهب

و لكن بطاناتهم لا تتغير حتى لو تغيرت الوجوه

رجل 1 : و كيف ذلك ؟

رجل 2 : لكل سلطان بطانه

تقبع خلفه و تبدى له السمع و الطاعه

تشير عليه و تمليه

و تتظاهر بانها تعمل وفقا لاوامره

و لكنهم فى حقيقه الامر هم الامرون و الناهون

رجل 1 : اظنك تهذى و تتكلم بما لا تعلم

ايأتمر السلطان باوامر بطانته ؟

رجل 2 : يا غبى

هم لا يأمرونه بالطبع

و لكن بطانه السلطان اذا فسدت

زينت له الفساد

و البست الحق ثوب الباطل

و اشارت عليه بما فيه خيرهم هم لا خير البلاد و العباد

رجل 2 : اذن فلا خير الا لو مات هؤلاء الفاسدون او انكشف امرهم

رجل 1 : هذا امر بعيد المنال

رجل 2 : كيف ؟

رجل 2 : ان ماتوا فهناك من يرثهم

رجل 1 : ابنائهم و اهليهم ؟

رجل 1 : ليس حتما

ولكن كل فاسد من ولاه الامر لن يقرب منه و لن يرفع الا فاسدا مثله

فان مات الفاسد الكبير او ذهب

حل محله من هو افسد منه

رجل 2 : و ان انكشف امرهم ؟

رجل 1 : ان سقط واحد منهم حاولوا حمايته

فان تعذر عليهم ذلك

تركوه للعامه تنهشه

رجل 2 " مندهشا " : كأنى بك تقول انه لا فكاك من هذا الامر ؟

رجل 1 : الله قادر على كل شىء

رجل 2 " يتمتم فى يأس ظاهر " : لله الامر

" ستار "

-----------------------------------------------------------

المشهد الثانى

------

المكان : نفس المكان السابق

الزمان : بعد ثلاثه ايام

-----

المنادى يخرج فوق اسوار القصر

و يشرع فى النداء بذات النبره المنغمه

المنادى : يا اهل البلد

سبحان الواحد الاحد

قد انتهى الحداد

و من الله عليكم بالسعاد

اليوم تولى عليكم سلطان جديد

هو ابن سلطانكم المجيد

فاظهروا له الولاء و الطاعه

و توافدوا عليه للتو و الساعه

العامه يتصايحون و يهتفون و يظهرون اشكالا من الفرحه و ان ظل بعضهم صامت لا يحرك ساكنا

ثم يشرع البعض فى الهتاف و الدعاء للسلطان الجديد

و يدخل على هذا الجمع الرجلين

رجل 1 : والله لقد صدق حدسك

رجل 2 : اوكنت تظنه لا يصدق ؟

رجل 1 : و لكن العامه تبدو عليهم السعاده

رجل 2 : هذا شعب مسكين

قد صدق فيه قول القائل

يجمعه مزمار و تفرقه عصا

رجل 1 : اذن هم يستحقون ما هم فيه من بؤس و شقاء

رجل 2 : ربما

و لكن الاكيد ان غيرهم لا يستحق ما هو فيه من خير و رخاء

على اى حال

ساتركك الان و امضى

ام تراك ذاهب معى ؟

رجل 1 : الى اين ؟

رجل 2 : الى وليمه السلطان

رجل 1 " مندهشا " : ماذا ؟

رجل 2 : و ماذا فى هذا ؟

رجل 1 : فانت راض عن ولايته اذن ؟

رجل 2 : و ما الفرق ان كنت راضيا ام ساخطا ؟

رجل 1 : لا شىء

لكنى ابغى ان اعرف

رجل 2 : ليس الامر هذا او ذاك

و لكن لى مده لم اذق طعم اللحم

رجل 1 " بعد تفكير قصير " : و الله انك لاحكم اهل زمانك

خذنى معك

-----

ينصرف الرجلان من المسرح

و يدخل من الناحيه الاخرى قائد الشرطه و بعض رجاله

فيفسح الناس لهم الطريق فى خوف

و يلملم الباعه بضاعتهم و ينصرفون

و يهرول الماره كل الى طريق

و لكن يستوقف قائد الشرطه احد الباعه

القائد : انت يا هذا

البائع " فى هلع " : امرك سيدى

القائد : ماذا تفعل ههنا ؟

البائع : اطال الله عمر سيدى قائد الشرطه

كما ترى انا ابيع بعض الفاكهه

القائد " يعنفه بصوت عال " :

و كيف طاوعتك نفسك ايها اللص الاثيم ان تبيع الناس المساكين تلك الفاكه المعطوبه ؟

البائع " و هو يكاد يبكى " : لله درك يا سيدى

و الله لقد قطفت هذه الفاكهه صباح اليوم

القائد " فى غيظ " : اتنعتنى بالكذب ايها اللص ؟

البائع " و هو يكاد يغمى عليه رعبا " : فليقطع لسانى يا سيدى ان كنت قد قصدت هذا

و لكن ..... و لكن .....

القائد : و لكن ماذا ؟

البائع " وهو يحاول ان يسترد انفاسه " : فى بعض الاحيان تعطب الفاكهه فوق الاغصان

فمن غفلتى لم انتبه الى ذلك

- ثم يردف مستعطفا - رحماك يا سيدى

القائد " يهمهم و يتنحنح " : اذن فانت تعترف بالخطأ

حسنا

سارحمك هذه المره

و لكن خذ حذرك

ففى المره القادمه ساجلدك بنفسى

البائع " ينقض على يد القائد يحاول تقبيلها فلا يمكنه الاخير من ذلك مبديا الاشمئزاز منه " :

اشكرك يا سيدى اشكرك

ثم ينصرف البائع و قبل ان يخرج يستجمع شجاعته و يشرع فى العوده الى القائد

ولكنه يبدو مترددا

ثم اخيرا يقترب فى مذله و يقول باستعطاف

البائع : هل يسمح لى سيدى برجاء ؟

القائد : ماذا تريد ؟

البائع : ان يعطينى سيدى هذه الفاكهه المعطوبه و اقسم لك بالله انى لن ابيعها

القائد " مندهشا " : فماذا ستفعل بها اذن ؟

البائع : ساطعم منها اولادى

فهم جياع و لم يذوقوا الزاد منذ الامس

القائد " بصوت غاضب صائح " : و الله انك حقا تستحق الجلد

ايها الرجل عديم الضمير و الاخلاق

كيف تطعم اولادك طعاما معطوبا ؟

هذه الفاكه قد صادرتها ولابد ان تعدم حتى لا يمرض بها احد الرعيه

البائع " بصوت يخنقه الرعب " : اغفر لى يا سيدى

و لكن ان يمرضهم الطعام المعطوب

خير من ان يموتوا جوعا

القائد : يالك من كافر عديم الايمان

- ثم يردف بنبره خشوع زائف -

الله سبحانه و تعالى هو الرزاق

فهل سمعت يوما عن انسان هلك جوعا فى بلدنا الكريم ؟

اغرب عن وجهى قبل ان اّمر بك فتجلد

البائع : و هو يكد يبكى " : سمعا و طاعه يا سيدى

ينصرف البائع و يبدأ القائد فى الحديث مع رجاله

القائد : كيف حال المدينه ؟

شرطى 1 : المدينه فى امان و سلام طالما ان سيدى قائد الشرطه يسهر عليها

القائد " وقد انتفخت اوداجه " : عظيم

- ثم يقطب جبينه و يتحدث بلهجه غاضبه و يردف - اذن ما هذا الذى اخبرنى به بعض جواسيسى ؟

شرطى 2 : و ماذا اخبروك يا سيدى ؟

القائد : يقولون ان بعض الرعاع من العامه يظهرون ضيقا و تذمرا من سلطاننا المعظم

شرطى 1 : يا سيدى

فى كل شعب لابد ان تجد الصالح و الطالح

و شعبنا و ان كان شعبا طيبا مسالما

الا ان بين افراده ذئاب فى ثياب حملان

و لكن

لا تحمل هما يا سيدى

القائد " فى غضب " : و كيف لا احمل هما و هؤلاء الذئاب يعيثون فسادا بين الرعيه ؟

شرطى 2 : قر عينا يا سيدى

فنحن نعرفهم جيدا

انما نتحين الوقت المناسب لصيدهم

فنضعهم بين يديك

فتوقع بهم اشد العقاب

حتى يعتبر بهم العامه

و يعلم مولاى السطلن الجديد

ان سيدى قائد الشرطه ليس بغافل عمن يهددون عرشه

القائد " وهو يكاد ينفجر من السعاده " : يالكم من دهاه

و الله حين تفعلون سكأفئكم مكافئه ضخمه

شرطى 1 : انما نحن عبيد احسانك يا سيدى

و يكفينا رضاكم عنا

القائد : حسنا ساذهب الان لملاقاه السلطان

ثم يهمس الى الشرطيين : و هذه الفاكهه

انتم تعلمون اين بها تذهبون

الشرطيان " وهما يبتسمان ابتسامه ذات مغزى " : طبعا يا سيدى

يدخل القائد من بوابه القصر و بعد دخوله يذهب الشرطيان الى صناديق الفاكهه التى صادرها قائد الشرطه

فيتناولان منها بعضا ثم ينادى احدهما بعض الجنود اّمرا اياهم ان يحملوها الى بيت قائد الشرطه فيشرع الجنود فى تنفيذ الامر عدا احدهم

تبدو عليه حداثه السن و حداثه العهد بالوظيفه فلم ينفذ الامر على الفور و بدت عليه امارات التعجب

الجندى الشاب : و لكن يا رفاق

كيف بالله عليكم نحمل فاكهه معطوبه الى بيت قائد الشرطه ؟

بل بالاحرى كيف تأكلان انتما منها ؟

يستغرق الشرطيان فى الضحك ثم يقول احدهما

شرطى 1 " : يالك من غر ساذج

اوتظن حقا ان تلك الفاكه معطوبه ؟

الجندى : اوليست كذلك ؟

شرطى 2 : هى معطوبه عندما كان يحملها هذا البائع المسكين

و لكن عندما نحملها الى بيت القائد او نأكل بعضا منها لن تصبح معطوبه

الجندى تبدو عليه علامات الحيره : أهذه احجيه ؟

شرطى 2: اف

يبدو انك بطىء الفهم

عندما يقول قائد الشرطه ان الفاكهه معطوبه فلابد ان يمتثل الناس لقوله حتى و لو لم تكن كذلك

افهمت ؟

الجندى " و قد بدت عليه علامات الفهم " : اظن ذلك

و لكن انى تاكلان منها و هو لم يجز لكما ذلك ؟

شرطى 1 : الم اقل لك انك غر ساذج ؟

عندما يأكل قائد الشرطه

لابد ان يأكل رجاله قليلا مما يأكل

فالوحوش عندما تلتهم فرائسها

تقتات الكواسر بفضلاتها

الجندى يتناول تفاحه من احد الصناديق و يشرع فى التهامها و يقول : فهمت

الشرطيان يستغرقان فى الضحك

شرطى 2 : واضح انك اصبحت سريع الفهم

لكن تذكر ان على الكواسر الا تتجاوز حدودها حتى لا تفتك بها الوحوش

" ستار "

-------------------------------------------------------------------------------------------------------

الفصل الثانى

--------------

المشهد الاول

--------

المكان : قاعه العرش فى القصر السلطانى

الزمان : بعد عام من تولى السلطان

السلطان يجلس على عرشه و حوله وزرائه و كبار رجال دولته و قائد الشرطه يتداولون فى امور الحكم

السلطان : كيف حال الرعيه يا وزرائى ؟

كبير الوزراء : الرعيه يا سيدى فى اسعد حال و تلهج النتهم بالثناء و الدعاء لمولاى السلطان

السلطان : هل يتوافر لهم الشراب و الطعام ؟

يرد الوزير المختص بشئون الطعام و الشراب " وزير التموين " : الطعام كثير و الشراب وفير و الخير يعم الجميع

السلطان : و كيف حال الزرع و الضرع

وزير الزراعه : الخير يعم البلاد و الزرع يفيض عن طعام العباد

السلطان : اخبرنى يا وزير المال كيف حال الخزانه ؟

وزير المال : الحق يا مولاى ان عظمتكم قد انفقتم كثيرا من الاموال على المشروعات التى فيها الخير الكثير للعباد حتى كادت الخزانه تخلو من المال

لذا اشير عليكم بان نفرض بعض الضرائب على الرعيه حتى تتوافر لنا الاموال لمزيد من الاصلاح

السلطان : الن ترهق الضرائب الجديده رعيتى ؟

وزير المال : كلا يا مولاى

فالرعيه ترفل فى النعيم

و تلك الضرائب اليسيره لن تكون عبئا على كواهلهم

السلطان : فكيف حال الامن و الامان ؟

قائد الشرطه : الامن مستتب فى البلاد و العباد اّمنون مطمئنون

السلطان : الم يظهر اّخرون من مثيرى الشغب كهؤلاء الذين القيت القبض عليهم من بضعه اشهر ؟

القائد : كلا يا مولاى انهم كانوا فئه ضاله و قد قمنا بتقويمهم

السلطان : جهد مشكور ايها القائد

" ثم يشير الى كرش قائد الشرطه المتضخم و يداعبه " و لكن مالى اراك ازددت بدانه ؟

القائد " يضحك " : هذا من خير مولاى

فمنذ ولايتك يا مولاى و الخير و الرخاء يعم البلاد حتى اتخم الناس جميعا

بقيه الوزراء و رجال الدوله يضحكون و يؤكدون على كلام القائد

السلطان : الحمد لله

قد كنت اخشى ان اقصر فى اعباء الحكم بعد وفاه والدى

كبير الوزراء : حاشاك يا مولاى

قد كنت خير خلف لخير سلف

و لولا خجلى منك

لاخبرتك ان عهدك يفضل عهد اباك السلطان الاعظم رحمه الله

السلطان " مندهشا " : و هل قصر ابى فى شىء ؟

كبير الوزراء : حاشا لله ان ارمى مولاى السلطان الاعظم بالتقصير

و لكن فى عهده كان اعداء البلاد فى الخارج يهددون المملكه

فاضطر مولاى السلطان ان يقود جيوشه الى بلادهم ليؤدبهم

اما الاّن فقد استقر لنا الامر و ساد السلام

السلطان : فهل ينقص الرعيه شىء ؟

كبير الوزراء : بل هم اسعد اهل الارض فى ظل حكم مولاى السلطان

السلطان : الحمد لله

الان استطيع ان انام مرتاحا هادىء البال

" ستار "

-----------------------------------------------------------------------------------

المشهد الثانى

--------

الزمان : فى نفس الليله

المكان : حجره نوم السلطان

السلطان نائم فى فراشه الوثير و الحجره مظلمه

فجأه يظهر نور خافت يملأ الحجره

و يظهر من طرف الحجره رجل طويل غريب يرتدى ملابس داكنه فضفاضه

و يقف قرب فراش السلطان و يقف محدقا به

و السلطان يتقلب فى فراشه فيصحو من نومه مذعورا عندما يشاهد هذا الرجل

السلطان : من انت يا هذا و كيف دخلت الى هنا ؟

الغريب : ليس هناك مكان لا يمكننى الدخول اليه

السلطان : لا ريب انك مجرم اثيم

" ثم يصيح " يا حراس

الى يا حراس

الغريب : لا تتعب نفسك

فلن يسمعك احد

السلطان : اذن فقد اشتريت حراسى او قتلتهم

" ثم يردف فى غضب " لا بأس

سأقتلك بيدى اذن

الا تعلم ايها الاحمق انى ابرع الناس فى المبارزه و القتال ؟

" ثم يستدير السلطان ليلتقط سيفا ضخما معلقا فوق الفراش " : حانت نهايتك ايها المجرم

و اذ يهم السلطان بالهجوم على الغريب و لكن باشاره واحده من يد الغريب يتجمد السلطان فى مكانه متسمرا كأن شيئا خفيا قد شل حركته و يسقط السيف من يده و يقع السلطان على الارض متالما

السلطان " فى رعب و فزع " : من انت ؟

هل انت ساحر ؟

هل انت شيطان ؟

الغريب : شيطان ؟!!

بل على النقيض

انا ملك

السلطان " يردد فى دهشه " : ملك ؟؟؟!!!

الغريب : كأنك لا تصدقنى

السلطان " مرتبكا " : انت لا تبدو كالملائكه

الغريب : و كيف تبدو الملائكه ؟

السلطان : لها اجنحه و تبدو بيضاء

الغريب : هل رايت ملاكا من قبل ؟

السلطان : كلا طبعا لم افعل

لكن هذا ما اخبرنا به الاولون

الغريب : دعك من مظهرى و ثق فيما اقوله لك

انا ملك

السلطان : حسنا حسنا

انت ملك

فماذا تبغى منى ؟

الغريب : و هل تظن اننى جئت ابغى منك شيئا ؟

ليس لديك شىء ابغيه

السلطان : فلماذا جئت اذن ؟

الغريب : جئت لاقبض روحك

السلطان ينتابه الرعب الشديد : تقبض روحى ؟

كيف ؟ و لماذا ؟

الغريب : الناس يموتون كل يوم

اما كيف و لماذا فهذا علمه عند الله

السلطان " وهو يكاد يبكى " : لكننى شاب و صحتى على ما يرام

الغريب : و هل يعصمك شبابك و صحتك من الموت ؟

حتى الاطفال يموتون اذا ما قدر لهم الموت

السلطان : و لكن ..... و لكن .....

انا لم افعل شرا

الغريب : و هل يخلد الابرار فى الدنيا

الموت قدر الاشرار و الابرار على حد سواء

السلطان : لكن رعيتى تحتاجنى

الغريب : ماذا تقصد ؟

السلطان : انا لم احكم الرعيه الا عام واحد

و مع ذلك فقد حققت لهم الخير و الرخاء

فاخشى ان مت الان ان تضطرب احوالهم و تتزعزع البلاد

الغريب " يبتسم " : الملوك و السلاطين يموتون كل يوم

و الناس يتدبرون امرهم

السلطان : و لكنى جعلت رعيتى اسعد اهل الارض

الغريب يحدق فى وجه السلطان و يقول بلهجه جاده :

اوتظن ذلك حقا ؟؟

السلطان " يهتف بحراره " : بل ذلك هو الحق

الغريب يبتسم و يقول للسلطان : اذن دعنى قبل ان اقبض روحك

اطوف بك فى جوله قصيره فى ارجاء مملكتك

يطفأ النور

ستار

-----------------------------------------------------------------------------------------

الفصل الثالث

---------------

المشهد الاول

------------

المكان : ساحه المدينه امام القصر

يدخل ملك الموت و فى رفقته السلطان الى الساحه و الناس يمرون بها كعادتهم و لكن لا يبدو على احد انه يراهما

السلطان : اين نحن ؟

الملك : نحن فى ساحه مدينتك

السلطان : احقا ؟

و لكن الناس يمرون بى و كانهم لا يعرفوننى

الملك : انهم لا يرونك

السلطان : كيف ذلك و انا امامهم و ارهم ؟

الملك : ثق بى

هم لا يرونك

السلطان ينظر اليه و قد فهم ان الملك قد اخفاه عن عيون الناس :

و لماذا اتيت بى الى هنا ؟

الملك : اصبر ستفهم بعد قليل

اصوات ضجه و مشاجره من خارج المسرح

امرأه تصرخ بصوت عالى و رجل ينهرها

ثم يدخل احد الشرطيين الذين ظهرا سابقا و هو يجر امرأه من شعرها

الشرطى : اصمتى يا امرأه و لا ترفعى صوتك

المرأه : دعنى يا حقير

دعنى

انا لا املك مالا اعطيك اياه

الشرطى : حقير !!!!!

سوف تدفعين ثمن هذه الكلمه غاليا يا عاهره

سوف اسوقك امام القاضى

و ساودعك السجن حتى يتعفن جسدك الرخيص

المرأه و قد بدا عليها الرعب عندما سمعت كلمه السجن فتتغير نبره صوتها و تقول بنبره مستعطفه :

يا سيدى الشرطى

انما انا ارمله مسكينه

لدى اربعه اطفال لا اجد ما اطعمهم به

ارجوك يا سيدى

اطلقنى يرحمك الله

الشرطى : اوتجرؤين على ذكر الله ايتها العاهره ؟

انت التى تبيعين جسدك لمن يدفع الثمن

انت التى تتصيدين الرجال على قارعه الطريق لينالوا منك مأربهم لقاء بعض الدراهم

المرأه تبكى و يتهدج صوتها : يا سيدى

انا لا انكر اثمى

اتظن انى سعيده بما افعل ؟

اترانى افرح عندما ينهشنى الرجال ثم يلقون الى بفتات النقود و يتركوننى خلفهم كافضلات

يا سيدى

اننى اموت كل يوم فى داخلى

لكن عزائى ان اطفالى لا يأكلهم الجوع كما ياكل ذئاب البشر امهم

الشرطى " يضحك ضحكه ساخره " : و الله لقد مزقت نياط قلبى

كل نساء الليل لديهم قصصا زائفه كقصتك تدمى لها القلوب

لماذا لا تجدين لك عملا شريفا او زوجا ؟

المرأه : يا سيدى انا ارمله ذات اربعه اطفال

من يرضى ان يتزوجنى ؟

اما عن العمل فقد طفت بالمدينه اياما

و قبلت الايدى و الاقدام حتى اجد عملا

ولكن ان كان الرجال يعجزهم ان يتدبروا عملا لهم

فكيف لى ان افعل

الشرطى : احقا مات زوجك ؟

المراه : نعم يا سيدى قد مات منذ بضعه اعوام

الشرطى " بتهكم " : لابد انه مات عارا

المرأه " بسخريه مريره " : بل مات فقرا

كان زوجى عامل بسيط

يكدح طوال اليوم حتى يسد اجره بالكاد اعوازنا اليوميه

ثم اتى رجال السلطان و فرضوا علينا ضرائب مضاعفه

فواصل زوجى العمل حتى اتصل ليله بالنهار

ثم ما لبث ان مرض و مات

الشرطى : انتم شعب ملعون

يكره العمل

ويحتفى بالكسل

على اى حال زوجك اسعد حالا من تعسه مثلك

المراه : ارجوك يا سيدى اطلقنى

اطفالى فى البيت و لا احد يرعاهم

الشرطى : يا لك من غبيه

قلت لك انك ستذهبين الى السجن

المرأه " فى صوت به مزيج من التحدى و الحذر " : يا سيدى

انا افعل ما افعل منذ سنوات

فلماذا لم تمسكوا بى الا اليوم

الشرطى " ببرود " : انا لم ارك قبل اليوم

المرأه " تصيح فى و تواجهه " : بل كنت ترانى

كنت ترانى و انا ادخل الى فراش قائدك و انت واقف بالباب

الشرطى : صه يا امرأه

لا تتحدثى عن سادتك

المرأه : سادتى ؟

منذ سنوات

قبل ان ياكل المرض و الفقر جمالى و جسدى

كان هؤلاء الساده يتهافتون على

و اليوم بعد ان القونى

تجروء على ان تمسك بى

الشرطى " و هو يبتسم فى خبث " : قد مضى اوانك يا امرأه

فما تجدين اليوم الا الفقراء بدراهمهم القليله

المرأه : ارجوك يا سيدى

اطلقنى و لن اعرف بعد اليوم غنيا او فقير

بل سارحل عن تلك المدينه للابد

الشرطى " يميل عليها هامسا بعد ان يتلفت حوله " : هل تملكين مالا ؟

المرأه : يا سيدى لو كنت املك مالا ما بعت جسدى

لست املك سواه

فان شئت قدمته لك

الشرطى " يضحك ساخرا " : لا مأرب لى فى جسدك العجوز الذى انهكه الفقر و السنون

هيا يا امرأه

اذهبى امامى الى القاضى

يدفعها خارج المسرح بقسوه و هى تبكى و تولول

السلطان و الملك يتصدران خشبه المسرح بعد ان كانا طيله الحوار يحتلان جانبا منه

السلطان تبدو عليه علامات الذهول

السلطان : من هذه المرأه ؟

الملك : هى امراه من رعاياك

السلطان : أحقا ما قالت ؟

الملك : بلى هو الحق

السلطان : و لكن وزرائى اخبرونى ان الضرائب يسيره و انها لن ترهق انسان

الملك : و لماذا صدقتهم ؟

السلطان : و ماذا كنت افعل ؟

هل كنت انزل الى المدينه افتش فيها عن حال الناس ؟

الملك : و لم لا ؟

اتظن الله وهبك ملكا و سلطانا على الناس حتى تاخذ منهم لا تعطيهم ؟

السلطان " فى عناد " : لكن هذه المرأه ليست معيارا

انها امرأه ليل

اختارت ان تبيع جسدها

الملك : حسن

دعنا نرى غيرها من الناس

الملك يصطحب السلطان الى ركن من اركان المسرح

و من جانب المسرح يدخل شحاذ عجوز مقطوع الساق يقوده صبى صغير

الشحاذ يتسول من الماره و لكن لا احد يعطيه شيئا

فيتوجه الى منتصف المسرح و يجلسه الصبى على الارض و يجلس الى جواره

الصبى : يا جدى

نحن نطوف المدينه منذ بزوغ الشمس

وقد قاربت الشمس على المغيب

الا نرجع الى دارنا ؟

الشحاذ : يا بنى

لم نجمع شيئا يذكر

فاصبر عسى ان يتصدق علينا رجل محسن بطعام العشاء

الصبى : اى عشاء ؟

انا لم اّكل شئا منذ الامس

الشحاذ : يا بنى

لا تكن متذمرا و احمد الله

الصبى : الحمد لله

و لكن الناس اصبحوا بخلاء مقترين

لابد ان الله سيعاقبهم و يلقى بهم فى النار

الشحاذ : لا تظلم الناس يا صغيرى

فالفاقه قد اكلت اموالهم حتى كادوا لولا بقيه من حياء يتسولون كما نفعل

الصبى : اه لو كنت كبيرا لامكننى ان اعمل و ان اعيلك يا جدى

الشحاذ : غدا ستكبر و تصبح رجلا

الصبى : عندما اكبر ساصبح جنديا فى جيش السلطان

تماما كما كنت يا جدى

الم تخبرنى انك كنت جنديا فى جيش السلطان ؟

الشحاذ : بلى قد كنت كذلك

الصبى : و لما تركت الجيش يا جدى

الشحاذ " يبتسم " : هل رايت من قبل جنديا مقطوع الساق ؟

الصبى : و لكن انت اخبرتنى ان ساقك قد قطعت فى الحرب

الم تكن تحارب من اجل البلاد ؟

الشحاذ : يا ولدى

منذ زمن بعيد كنت جنديا فى جيش السلطان الاعظم

ابو السلطان الحالى

و قد كان سلطاننا الراحل رحمه الله رجل يعشق الحروب

فكان يغير على البلاد المجاوره

مبتغيا توسيع ملكه و فرض سلطانه

الصبى : يقولون انه كان بطلا منتصرا

الشحاذ " يضحك و يتلفت حوله " : بل كانت اكثر حروبه هزائم

ولكن اكثر الناس لا يعلمون

الصبى " مندهشا " : و كيف ذلك يا جدى

الشحاذ : اكثر من شاركوا فى الحرب ماتوا

او فقدوا بعضا من اجسادهم كما حدث لى

فكان رجال السلطان يخبرون الناس ان جنود السلطان اثخنوا الاعداء جراحا و استوطنوا بلادهم

اما باقى الجنود فكانوا يحمدون الله على عودتهم احياء

فلم يكن من بينهم من يقوى على كشف الحقيقه

الصبى : فلم الحرب اذن ؟

الشحاذ : يا ولدى

الجنود لا يسالون سلاطينهم عن سبب الحرب

فنحن كنا نحارب من اجل السلطان

الصبى : فلماذا لا تخبر السلطان الجديد انك فقدت ساقك من اجل والده اللسلطان

فيقرر لك مالا نتعيش منه ؟

الشحاذ : يا بنى

انما نحن قوم فقراء

و الفقراء هم حطب الحرب و وقودها

فهل شاهدت حطبا يسأل الحطاب ان يعطيه اجر احتراقه ؟

الصبى : يا جدى

انا لا اريد ان اصبح جنديا

الشحاذ " يبتسم " : الان قد تعلمت الدرس يا بنى

هيا بنا نجرب مكانا اخر

ربما نصيب شيئا من الطعام

السلطان و ملك الموت يتصدران المسرح مره اخرى بعد انصراف الشحاذ و حفيده

و السلطان يبدو اشد ذهولا و حزنا

السلطان : من هؤلاء ؟

الملك : هم رعاياك

السلطان : احقا ما قالوا ؟

الملك : بلى

السلطان : كنت اخال والدى بطلا عظيما منتصرا

اتراه كان غازيا ظالما مهزوما ؟

لابد انه يحترق الان فى الجحيم

" ثم يلتفت الى الملك "

اهو الان فى الجحيم ؟

الملك : ليس من شأنى ان اخبرك

علم ذلك عند الله

السلطان : و لكن كيف يصير كل هذا دون ان اعلم به

اترانى كنت غافلا عنه

" ثم يردف فى غضب و عناد "

كلا

ليس هؤلاء هم الناس الحقيقيين

رعاياى ليسوا مجرد عاهرات و شحاذون

اين الناس الشرفاء الذين يجتهدون و يعملون ؟

لابد ان اولئك سعداء

الملك " يبتسم " : لم تنته جولتنا بعد

تعال معى

السلطان : الى اين تاخذنى ؟

الملك : تعال و سترى بنفسك

"ستار"

-----------------------------------------------------------------------------------------------

المشهد الثانى

--------

المكان : بيت فقير حوائطه متاّكله يكاد يخلو تقريبا من الاثاث الا بعض الحصر و ادوات المعيشه البسيطه

البيت به امراه وثلاث اطفال تحمل اصغرهم بين ذراعيها و الطفلين الاّخرين نائمان

يدخل ملك الموت و السلطان الى البيت و ايضا لا يبدو على المرأه او الاطفال انهم يشعرون بوجودهما

السلطان يقف و يراقب الموقف

السلطان : من هؤلاء ؟

الملك : هؤلاء من رعاياك

السلطان : اتعشم الا تكون تلك المرأه احدى نساء الليل او شحاذه

الملك : بل هى زوجه عاديه شانها شان الاف الزوجات و زوجها رجل يعمل بشرف ليعيل اسرته

السلطان : فاين هو ؟

الملك : سياتى بعد قليل فاصبر

الملك و السلطان يتخذان ركنا و يقفان فيه

المرأه تحكم الغطاء على طفليها النائمين و لكن الطفل الصغير بين يديها و تهدهده باغنيه صغيره

المرأه : نم يا طفلى نم

نم و استغرق فى الاحلام

و عندما تستيقظ فى المساء

ابوك سوف يأتى بالطعام

الطفل يهدأ قليلا

جلبه صغيره عند باب البيت توحى ان شخصا سيدخل

فتضع الام طفلها على احد الحصر

و تهرع نحو الباب لتستقبل زوجها

يدخل الزوج البيت فنتبين انه بائع الفاكهه و يبدو مرهقا تعبا

الزوجه " بفرح " : اراك لاتحمل شيئا

هل بعت كل بضاعتك ؟

الزوج " حزينا " : لم ابع شيئا

الزوجه " مندهشه " : فاين بضاعتك اذن ؟

الزوج : اخذها قائد الشرطه و رجاله

الزوجه " بفزع " : قائد الشرطه ؟ كيف اخذها ؟ و لماذا ؟

الزوج : قال انها معطوبه و اخذها

الزوجه : معطوبه ؟ لم تكن الفاكهه معطوبه بل كانت طازجه نضره

الزوج : اذهبى الى قائد الشرطه و قولى له هذا

الزوجه : و كيف سمحت له باخذهاا ؟

الزوج : ماذا تعنين بهذا القول الاحمق ؟

و هل كنت املك ان اسمح او لا اسمح ؟

ينبغى ان احمد الله انه اكتفى باخذ الفاكهه ولم يقبض على او يجلدنى

الزوجه : و كيف سكتت على هذا ؟

لما لم تذهب فتشكوه الى كبير الوزراء او السلطان ؟

الزوج : ما الذى دهاك اليوم يا امرأه ؟

يبدو انك فقدت عقلك

اى سلطان الذى اذهب اليه ؟

الزوجه : سلطان البلاد و حاكمها

اوليس هو من ترفع اليه المظالم ؟

الزوج : لا ليس هو

فى هذا البلد لا ترفع المظالم الا لله

الزوجه : و هل حاولت ان تذهب اليه ؟

الزوج : امجنون انا لافعل ذلك ؟

فالسلطان اما انه لا يعلم ما يفعل رجاله بنا

و اما انه لا يريد ان يعلم

و اما انه يعلم ولا يكترث

و فى كل الاحوال يكون اللجوء اليه ضرب من الجنون

الزوجه " تبكى و تنتحب " : و لكن ماذا سنفعل الان ؟

اطفالنا سيموتون جوعا

الزوج " فى صوت يائس تكاد تخنقه العبرات " : وماذا بيدى ان افعل ؟

غدا ساذهب الى المرابين احاول ان اقترض منهم مالا

الزوج " بلوعه" : المرابين ؟

كلا ارجوك لا تفعل

الزوج : يا امرأه قد بعنا كل ما نملك

حتى اثاث البيت لم يبق منه شيئا له قيمه

ليس امامى حل اّخر

الزوجه : و لكن كيف ستسد دين المرابين ؟

انهم قوم لا قلوب لهم

فان لم تسددهم اسلموك الى النخاسين و باعوك فى سوق العبيد

الزوج " فى ضجر و يأس " : و ماذا فى هذا ؟

على الاقل لو صرت عبدا اضمن طعامى

الزوجه : وماذا عنا ؟

و ماذا عن اطفالك ؟

الزوج : ربما يصبحون عبيدا هم ايضا

و ربما يدركهم الموت سريعا

فان كانت الاخيره فهم عندئذ من المحظوظين

الزوجه " تبكى " : رحمتك يا رب

يطفأ النور و تتركز بقع الضوء على حيث يقف السلطان و الملك على جانب المسرح

السلطان يمسك راسه بكلتا يديه و يجثو على الارض

الملك : ما بك ؟

السلطان : رأسى يكاد ينفجر

الملك : لماذا ؟

السلطان : لا اصدق ما تراه عيناى

اهؤلاء شعبى ؟

اهذه رعيتى ؟

ماذا اقول لله عندما يسألنى عنهم ؟

اين كنت انا لاهيا عندما كانوا يتضورون جوعا و يعبث بهم الظالمون ؟

الملك : و لما لم تفكر فى هذا قبل اليوم ؟

السلطان : ضللنى رجالى

و خانتنى قله خبرتى و صغر سنى

الملك : الانسان لا ينى يجد الاعذار و التبريرات لاخطائه و خطاياه

السلطان : انت على حق

فلا شىء يبرر ما رايت من اهوال يقاسيها الناس

الملك : فهل لديك ما تقوله ؟

السلطان " فى حزن و يأس " : كلا

افعل بى ماشئت

الملك : اذن فقد انتهت الجوله وحان الوقت

يطفأ النور

"ستار"

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------

المشهد الثالث

--------------

المكان : حجره نوم السلطان

النور باهت للغايه نتبين السلطان على فراشه ولا يبدى حراكا

السلطان يهب من فراشه مطلقا صرخه عظيمه مدويه

يقتحم حارسان حجره نوم السلطان على الفور

حارس 1 : مولاى السلطان

مولاى السلطان

ما بك يا مولاى ؟

السلطان يلهث و تتلاحق انفاسه بسرعه و يتامل الحجره :

اين انا ؟

اين انا ؟

حارس 2 : حفظ الله مولاى السلطان

انت فى قصرك

فى حجره نومك

السلطان : فى قصرى ؟

من انتما ؟

حارس 1 : نحن حراسك يا مولاى

الساهرون عليك

السلطان " فى دهشه و عدم تصديق لما يجرى " : اذن

هل كان كل ما جرى حلما ؟

حارس 2 : بل قل كابوسا يا مولاى

فنحن كنا نسمع صوتك بين الحين و الاخر

وقد كان صوتك يبدو مضطربا مخنوقا

السلطان " بعد ان هدأ قليلا و استرد انفاسه " :

لا لم يكن كابوسا

و لم يكن حلما ايضا

بل كانت رؤيا

وانذارا

السلطان يفكر قليلا ثم يهتف يحارسيه :

اذهبا الان على عجل

وائتيا لى بكل الوزراء و رجال الدوله

اجمعوهم فورا الى القصر

حارس 1 " فى تردد " : الان يا مولاى ؟

و فى مثل هذه الساعه ؟

السلطان " يصرخ فيهما " : قلت لكما الان

الحارسان ينسحبان من الحجره بسرعه و هما يرددان : سمعا و طاعه يا مولاى

السلطان و قد خلت عليه الحجره يحدث نفسه :

من اليوم كل شىء سيتغير

لن يظلم انسان فى بلدى

لن يموت الفقراء جوعا

لن تبيع امرأه عرضها لتطعم اطفالها

من اليوم

عهد جديد

"ستار"

----------------------------------------------------------------------------------------------------------

المشهد الرابع

--------------

المكان : ساحه المدينه

الزمان : بعد اعوام عديده من ولايه السلطان

ساحه المدينه على حالتها المعتاده تعج بالماره و الباعه

فجأه تسمع ابواق الحرس تعلن عن مقدم السلطان و يتصايح الناس بان السلطان قادم

ثم يدخل موكب السلطان من جانب المسرح

و السلطان محمول على هودج يحمله اربعه رجال

يظهر السلطان و قد خط الشيب رأسه و ظهر عليه تقدم العمر

ينظر السلطان الى الناس الموجودين فى الساحه و يحييهم

والناس يحيونه و يهتفون له

ثم يستوقف السلطان احد الماره و يساله :

هل كل شىء على ما يرام ؟

الرجل : كل شىء بخير حال فى ظل حكم مولانا السلطان

السلطان : الحمد لله

ثم يمضى موكب السلطان و ينصرف من الساحه

تسمع جلبه من خارج المسرح

و يظهر رجل و هو يدفع فتاه شابه امامه بقسوه

ونتبين انه نفس الشرطى الذى ظهر فى الفصل الثانى و الفتاه تصيح و تولول

الشرطى : اطبقى فمك يا عاهره يا بنت العاهره

حقا قيل ان البنت لامها

الفتاه " تبكى " : دع امى فى حالها

فقد ذهبت الى بارئها

الشرطى : بل ذهبت الى الجحيم

حيث مثوى العاهرات

الفتاه " فى جرأه و شراسه " : بل الجحيم مثوى اللصوص و الظالمين

الشرطى : يالك من عاهره سليطه اللسان

لعمرى انك نسخه منها

و ستقضين نحبك فى السجن مثلها

الفتاه " فى لهجه استعطاف " : ارجوك يا سيدنى اطلقنى

فلى اخوه صغار اعولهم ليس لهم بعد الله غيرى

الشرطى : لا تجرؤى على ذكر الله يا بنت الليل

و على اى حال اخوتك افضل حلا بدونك

هيا

ثم يدفعها الشرطى الى خارج المسرح

يدخل من جانب المسرح فتى يتوكأ على عصا و يرتدى ملابس باليه نتبين انه نفس الصبى حفيد الشحاذ العجوز

الفتى : يا اهل الاحسان

من يمنح الفقير المحتاج

درهما او كسره خبز

ينبرى له احد الماره : يالك من فتى كسول

لماذا لا تجد لك عملا بدلا من تتسول

الفتى : والله يا سيدى منذ وعيت على الدنيا لم اعرف لى عملا غير هذا

و قد نال منى الجوع و المرض حتى صرت اتوكأ على عصا كما ترى

و لا اخال احدا يستخدمنى

فهل لديك يا سيدى عمل لى

الرجل : ااحمق انا حتى استخدم فتى كسول عاجز مثلك ؟

اغرب عن وجهى

الفتى يبتعد و هو يتمتم : يالكم من بخلاء قساه القلوب

ادعو الله ان يحرقكم فى نار جهنم

ثم يخرج الفتى من المسرح و هو يردد عبارات التسول

هرج و مرج خارج المسرح و يظهر بعض الباعه و الماره يهرولون و يفرون

يدخل بعض رجال الشرطه

نتبين منهم الجندى الشاب الذى ظهر فى الفصل الثانى و قد اصبح قائدا للشرطه

يذهب قائد الشرطه الجديد مع جنوده الى الباعه

القائد : ايها اللصوص الافاقين معدومى الضمير

اليوم تنالون جزاؤكم

احد الباعه : عفوك يا سيدى

ماذا فعلنا ؟

القائد : تغشون فى الموازين و تبيعون الناس بضاعه فاسده و باغلى من اثمانها

ايها الجنود

اقبضوا عليهم و صادروا بضاعتهم و اموالهم

يبدأ الجنود فى القبض على الباعه دون مقاومه تذكر

ثم يميل القائد على احد جنوده و يهمس له :

انت تعلم ماذا تفعل بتلك البضائع و الاموال

الجندى " يبتسم ابتسامه ذات مغزى " : سمعا و طاعه يا سيدى

يخرج الجميع و تخلو الساحه من الناس

يدخل الى المسرح الرجلين الذين ظهرا فى بدايه المسرحيه

رجل 1 : ما اشبه الليله بالبارحه

لا شىء يتغير فى هذا البلد

رجل 2 : اذكر منذ سنوات عديده

عندما كان السلطان شابا

انتابته حماسه مفاجئه فحكم بالعدل و حارب الفساد و المفسدين

للاسف لم يستمر ذلك طويلا

رجل 1 : اذن

ما الحل ؟

رجل 2 : فى ماذا ؟

رجل 1 : فيما نحن فيه

رجل 2 : لا افهم الام ترمى ؟

رجل 1 : هل انت راض عما نحن فيه ؟

رجل 2 " يضحك " : الم اقل لك من قبل

ان رضانا او سخطنا لن يغير من الامر شيئا

رجل 1 : كيف ؟

رجل 2 : نحن لسنا نملك من الامر شيئا

فلنقبل الحياه كما هى

رجل 1 " مستنكرا " : كيف نقبل هذه الحياه

اهذه هى حكمتك البالغه ؟

ان تحيا حياتك كلها صامتا

رجل 2 : اخفض صوتك يا مجنون

رجل 1 : لقد سئمت الصمت و مللت الصوت الخفيض

انا لن اصمت

لن اخفض صوتى بعد اليوم

ساصرخ باعلى صوتى

رجل 2 " مندهشا " : ستصرخ ؟

كيف ؟

ماذا ستقول ؟

رجل 1 : ساقول ان الشحاذون يجب ان يجدوا طعاما

و ان العاهره يجب ان تجد عملا حتى لا تبيع عرضها

و ان بائع الفاكهه يجب الا يستولى رجال السلطان على بضاعته ظلما

ساقول كل ما اراه من ظلم و فساد

ساصرخ

و لن اصمت

رجل 2 : يا مجنون

ستموت قبل ان يسمعك احد

رجل 1 : ساعتها ساموت راضيا لانى قد حاولت

رجل 2 : و ماذا تامل من وراء هذا ؟

رجل 1 : ان يسمعنى الناس فيصرخ و لو واحد منهم معى

رجل 2 : و ماذا بعد ؟

رجل 1 : يصرخ ثالث و رابع و خامس

حتى يصير صوتنا مسموعا

رجل 2 : انت اعزل و هم مسلحون

رجل 1 : قلبى سلاحى

رجل 2 : هم يحتمون فى اموالهم و نفوذهم

وانت لا شىء يحميك

رجل 1 : الحق درعى

رجل 2 : سيسجنوك

رجل 1 : و هل انا الان حر ؟

رجل 2 : سيقتلوك

رجل 1 : وهل انا الان حى ؟

رجل 2 : يبدو انك مصمم على الانتحار

رجل 1 : بل انا مصمم على الحياه

رجل 2 : ارجوك اخفض صوتك

رجل 1 : لن اخفضه

بل ساصرخ باعلى صوت

لا للظلم

لا للقهر

لا للفساد

ثم يردد بصوت اعلى : لا للظلم

لا للقهر

لا للفساد

يكرر الرجل هتافه عده مرات

و رويدا ينفعل معه صديقه و يهتف معه بصوت خفيض يعلو شيئا فشيئا

ترتفع خلفيه المسرح

فنرى خلفها شخوص المسرحيه

بائع الفاكهه و زوجته و اطفاله و العاهرتين و الشحاذ العجوز و حفيده

ويدخل الماره و الباعه من جانبى المسرح

و يهتف الجميع :

لا للظلم

لا للقهر

لا للفساد

" ستار "

" تمت بحمد الله "

ليس شرطا للموت ان يكفن الميت

ولا ان ينشر له نعيا

او ان يضعوا شاهدا على قبره

انت تموت عندما تصمت بينما كان ينبغى عليك ان تتكلم

"shinercorner"

رابط هذا التعليق
شارك

الله عليك يا استاذ سيزييف..........

رائعه رائعه........

تجسيد حقيقي للواقع المر......

غفلة السلاطين......وفساد بطانتهم......

انا كنت داخله بس اخد فكره عنها......

بس والله ماقديرتش ارفع عنيه غير لما قريت اخر سطر.....

محاوله شديده التمييز ما شاء الله......

حقيقي انا كنت سعيده جدا بقرايه كل سطر فيها......

منتظرين من حضرتك المزيد إن شاء الله......

خالص تحياتي :unsure:

لا تيأسن من لطف ربك

إن كنت تغدو في الذنـوب جليـدا ... وتخاف في يوم المعاد وعيـدا

فلقـد أتاك من المهيمـن عـفـوه ... وأفاض من نعم عليك مزيـدا

لا تيأسن من لطف ربك في الحشا ... في بطن أمك مضغة ووليـدا

لو شــاء أن تصلى جهنم خالـدا ... ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيــدا

من شعــر الإمام الشافعي

siwa2cq6.jpg

رابط هذا التعليق
شارك

العزيزه سيوه

اشكر لك متابعتك

و اطرائك الجميل

و انا سعيد للغايه انها نالت اعجابك

ليس شرطا للموت ان يكفن الميت

ولا ان ينشر له نعيا

او ان يضعوا شاهدا على قبره

انت تموت عندما تصمت بينما كان ينبغى عليك ان تتكلم

"shinercorner"

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 1 شهر...

العزيزه الغالية تيتا شهد

اشكر لك مرورك الكريم

و تشجيعك الدائم

:rolleyes:

ليس شرطا للموت ان يكفن الميت

ولا ان ينشر له نعيا

او ان يضعوا شاهدا على قبره

انت تموت عندما تصمت بينما كان ينبغى عليك ان تتكلم

"shinercorner"

رابط هذا التعليق
شارك

سيزبف

جميلة المسرحيه دى

وانا باقرائها تخيلت المشاهد وممكن ديكورها يكون ازاى

وازاى الملابس لازم تكون معبرة وفى نفس الوقت لا تحمل عصر محدد

المسرحيه بتشرح وضع حالى بلغة سابقة او بوصف لاماكن ملك غير موجود حاليا

بس لو اتعملت فى الواقع لازم يتغير عدد المتكلمين من الشعب وتكون اكتر من شخصين فقط لاثراء الحركه على المسرح

اهنيك على مسرحيتك التى اجبرتنى انى اتخيلها واقع يمكن تنفيزة مسرحيا

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...