اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

لاتتخذوا اليهود والنصارى اولياء


Recommended Posts

عندما يحتدم النقاش احيانآ بيننا حول علاقات انسانية تجمعنا .. فبين مؤيد و رافض .. يحتكم البعض لفصل الختام .. آيات القرآن الكريم .. و بالذات الآية الكريمة : (يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين)(المائدة: 51).

و لكم شغلتني بالفعل تلك الآية .. فكما قلت هي فصل الختام في اي دعوة الي موالاتنا .. سواء علي الصعيد الأجتماعي ام الأنساني بوجه عام .. لكن لم أحتاج الي بحث متعمق كي أصل الي سببها ...

فنحن عندما نأتي الي تلك الآية فلا يجب ان نبترها عما قبلها و ما بعدها ... فيُفهم منها ان الأسلام ينهي نهيآ جازمآ عن مصادقة اليهود و المسيحيين .. بل يهدد المسلم الذي يصادقهم بأنه أنفصل عن الأسلام و التحق بأحدهما .. و لتسمحوا لي المعني بهذا التعميم باطل... و الآيات اللاحقة بهذه الآية و المرتبطة بها في موضوعها تحدد الموضوع بجلاء لا يحتمل الخطأ ...

تلك الآية مثلها مثل مثيلاتها ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء .... ) و ( يا ايها المؤمنون لا تتخذوا بطانة من دونكم ...) نزلت تطهيرآ للمجتمع الأسلامي من مؤمرات كانت تُدبر في الخفاء لمساعدة فريق معين من أهل الكتاب أعلنوا علي المسلمين في حينها حربآ شعواء .. و أشتبكوا مع الدين الجديد في قتال ... هو بالنسبة له قتال حياة أو موت ... فيهود و مسيحي الجزيرة العربية في هذه الآية قوم يحاربون المسلمين فعلآ ... و قد بلغوا في حربهم منزلة من القوة جعلت ضعاف الأيمان يفكرون في التحبب اليهم ... فنزلت هذه الآية و نزل معها ما يفضح نوايا المتخاذلين في الدفاع عن الدين الذي أنتسبوا اليه : ( فتري الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسي الله أن يأتي بالفتح أوامر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين) ... ثم تستطرد في توصية المؤمنين بتدعيم صفوفهم أمام المتربصين و تطالبهم بمقاطعة المحاربين للأسلام من أهل الكتاب .. مبررة تلك المقاطعة بأنها رد للعدوان الذي قام به تلك الجماعة ..

لم ترد آية واحدة في القرآن الكريم تنهي عن ولاية أهل الكتاب اليهود والمسيحيين لأجل دينهم أو عدم اعتناقهم للإسلام .. إلا الذين حاربوا المسلمين في دينهم أو اغتصبوا حقوقهم أو أعانوا أعداء المسلمين عليهم وناصروهم وساعدوهم ضدهم ... وكل آية وردت في النهي عن موالاة المشركين أو اليهود أو النصارى ومن ناصرهم ومن تولاهم لا بد وأن يذكر سياق القرآن أنهم ظالمين للمسلمين أو معتدين على حقوق المسلمين أو مناصرين لأعداء المسلمين... ومن يأت بنص مقتطع من سياق الآيات فليراجع القارىء الآيات قبلها والآيات بعدها وسيعرف أن كل نهي عن موالاة المشركين واليهود والنصارى مقصود منه المحاربين للمسلمين فقط ... وليس كل اليهود والمسيحيين بل المعادين والمحاربين لهم والمعتدين عليهم بسبب دينهم.

فهل ما يحكم علاقتنا ببعض في مصر .. الآن .. في عصرنا الحالي ... بل و السابق منذ تواجدنا معآ به أي تشابه أو اثر لما حدث بين مسيحيي نجران و المسلمين في فجر الأسلام ؟؟؟؟

تحياتي

ملحوظة :

أعطي للأدارة كل الحق مقدمآ في التصرف بما يروه ملائم لهذا الموضوع سواء بالحذف او الغلق او النقل اذا كنت قد تعديت حدودي فيه أو اذا اسفر عن سؤ تفاهم آخر ...

كل اللي حيلتي زمزمية أمل... و إزاي تكفيني لباب القبر


"صلاح جاهين"


رابط هذا التعليق
شارك

هرد عليك بايات وتفسيرها

الميزان في تفسير القرآن

سورة المائدة

51 - 54

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)

بيان

السير الإجمالي في هذه الآيات يوجب التوقف في اتصال هذه الآيات بما قبلها، و كذا في اتصال ما بعدها كقوله تعالى: «إنما وليكم الله و رسوله» إلى آخر الآيتين ثم اتصال قوله بعدهما: «يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا» إلى تمام عدة آيات ثم في اتصال قوله: «يا أيها الرسول بلغ» الآية.

أما هذه الآيات الأربع فإنها تذكر اليهود و النصارى، و القرآن لم يكن ليذكر أمرهم في آياته المكية لعدم مسيس الحاجة إليه يومئذ بل إنما يتعرض لحالهم في المدينة من الآيات، و لا فيما نزلت منها في أوائل الهجرة فإن المسلمين إنما كانوا مبتلين يومئذ بمخالطة اليهود و معاشرتهم أو موادعتهم أو دفع كيدهم و مكرهم خاصة دون النصارى إلا في النصف الأخير من زمن إقامة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة فلعل الآيات الأربع نزلت فيه، و لعل المراد بالفتح فيها فتح مكة.

لكن تقدم أن الاعتماد على نزول سورة المائدة في سنة حجة الوداع و قد فتحت مكة فهل المراد بالفتح فتح آخر غير فتح مكة؟ أو أن هذه الآيات نزلت قبل فتح مكة و قبل نزول السورة جميعا؟.

ثم إن الآية الأخيرة أعني قوله: «يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم» الآية هل هي متصلة بالآيات الثلاث المتقدمة عليها؟ و من المراد بهؤلاء القوم الذين تتوقع ردتهم؟ و من هؤلاء الآخرون الذين وعد الله أنه سيأتي بهم؟ كل واحد منها أمر يزيد إبهاما على إبهام، و قد تشتت ما ورد من أسباب النزول و ليست إلا أنظار المفسرين من السلف كغالب أسباب النزول المنقولة في الآيات، و هذا الاختلاف الفاحش أيضا مما يشوش الذهن في تفهم المعنى، أضف إلى ذلك كله مخالطة التعصبات المذهبية الأنظار القاضية فيها كما سيمر بك شواهد تشهد على ذلك من الروايات و أقوال المفسرين من السلف و الخلف.

و الذي يعطيه التدبر في الآيات أن هذه الآيات الأربع على ما نقلناها متصلة الأجزاء منقطعة عما قبلها و ما بعدها، و أن الآية الرابعة من متممات الغرض المقصود بيانه فيها غير أنه يجب التحرز في فهم معناها عن المساهلات و المسامحات التي جوزتها أنظار الباحثين من المفسرين في الآيات و خاصة فيما ذكر فيها من الأوصاف و النعوت على ما سيجيء.

و إجمال ما يتحصل من الآيات أن الله سبحانه يحذر المؤمنين فيها اتخاذ اليهود و النصارى أولياء، و يهددهم في ذلك أشد التهديد، و يشير في ملحمة قرآنية إلى ما يئول إليه أمر هذه الموالاة من انهدام بنية السيرة الدينية، و أن الله سيبعث قوما يقومون بالأمر، و يعيدون بنية الدين إلى عمارتها الأصلية.

قوله تعالى: «يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء بعضهم أولياء بعض» قال في المجمع:، الاتخاذ هو الاعتماد على الشيء لإعداده لأمر، و هو افتعال من الأخذ، و أصله الائتخاذ فأبدلت الهمزة تاء، و أدغمتها في التاء التي بعدها و مثله الاتعاد من الوعد، و الأخذ يكون على وجوه تقول: أخذ الكتاب إذا تناوله، و أخذ القربان إذا تقبله، و أخذه الله من مأمنه إذا أهلكه، و أصله جواز الشيء من جهة إلى جهة من الجهات.

انتهى.

و قال الراغب في المفردات:، الولاء و التوالي أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما، و يستعار ذلك للقرب من حيث المكان، و من حيث النسبة و من حيث الدين، و من حيث الصداقة و النصرة و الاعتقاد انتهى موضع الحاجة و سيأتي استيفاء البحث في معنى الولاية.

و بالجملة الولاية نوع اقتراب من الشيء يوجب ارتفاع الموانع و الحجب بينهما من حيث ما اقترب منه لأجله فإن كان من جهة التقوى و الانتصار فالولي هو الناصر الذي لا يمنعه عن نصرة من اقترب منه شيء، و إن كان من جهة الالتيام في المعاشرة و المحبة التي هي الانجذاب الروحي فالولي هو المحبوب الذي لا يملك الإنسان نفسه دون أن ينفعل عن إرادته، و يعطيه فيما يهواه و إن كان من جهة النسب فالولي هو الذي يرثه مثلا من غير مانع يمنعه، و إن كان من جهة الطاعة فالولي هو الذي يحكم في أمره بما يشاء.

و لم يقيد الله سبحانه في قوله: «لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء» الولاية بشيء من الخصوصيات و القيود فهي مطلقة غير أن قوله تعالى في الآية التالية: «فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة»، يدل على أن المراد بالولاية نوع من القرب و الاتصال يناسب هذا الذي اعتذروا به بقولهم: «نخشى أن تصيبنا دائرة» و هي الدولة تدور عليهم، و كما أن الدائرة من الجائز أن تصيبهم من غير اليهود و النصارى فيتأيدوا بنصرة الطائفتين بأخذهما أولياء النصرة كذلك يجوز أن تصيبهم من نفس اليهود و النصارى فينجو منها باتخاذهما أولياء المحبة و الخلطة.

و الولاية بمعنى قرب المحبة و الخلطة تجمع الفائدتين جميعا أعني فائدة النصرة و الامتزاج الروحي فهو المراد بالآية، و سيجيء ما في القيود و الصفات المأخوذة في الآية الأخيرة: «يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه»، من الدلالة على أن المراد بالولاية هاهنا ولاية المحبة لا غير.

و قد أصر بعض المفسرين على أن المراد بالولاية ولاية النصرة و هي التي تجري بين إنسانين أو قومين من الحلف أو العهد على نصرة أحد الوليين الآخر عند الحاجة، و استدل على ذلك بما محصله أن الآيات - كما يلوح من ظاهرها - منزلة قبل حجة الوداع في أوائل الهجرة أيام كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و المسلمون لم يفرغوا من أمر يهود المدينة و من حولهم من يهود فدك و خيبر و غيرهم، و من ورائهم النصارى و كان بين طوائف من العرب و بينهم عقود من ولاية النصرة و الحلف، و ربما انطبق على ما ورد في أسباب النزول أن عبادة بن الصامت من بني عوف بن الخزرج تبرأ من بني قينقاع لما حاربت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و كان بينه و بينهم ولاية حلف، لكن عبد الله بن أبي رأس المنافقين لم يتبرأ منهم و سارع فيهم قائلا: نخشى أن تصيبنا دائرة.

أو ما ورد في قصة أبي لبابة لما أرسله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليخرج بني قريظة من حصنهم و ينزلهم على حكمه، فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه: أنه الذبح.

أو ما ورد أن بعضهم كان يكاتب نصارى الشام بأخبار المدينة، و بعضهم كان يكاتب يهود المدينة لينتفعوا بمالهم و لو بالقرض.

أو ما ورد أن بعضهم قال: إنه يلحق بفلان اليهودي أو بفلان النصراني إثر ما نزل بهم يوم أحد من القتل و الهزيمة.

و هؤلاء الروايات كالمتفقة في أن القائلين: «نخشى أن تصيبنا دائرة» كانوا هم المنافقين، و بالجملة فالآيات إنما تنهى عن المحالفة و ولاية النصرة بين المسلمين و بين اليهود و النصارى.

و قد أكد ذلك بعضهم حتى ادعى أن كون الولاية في الآية بمعنى ولاية المحبة و الاعتماد مما تتبرأ منه لغة الآية في مفرداتها و سياقها كما يتبرأ منه سبب النزول و الحالة العامة التي كان عليها المسلمون و الكتابيون في عصر التنزيل.

و كيف يصح حمل الآية على النهي عن معاشرتهم و الاختلاط بهم و إن كانوا ذوي ذمة أو عهد، و قد كان اليهود يقيمون مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و مع الصحابة في المدينة، و كانوا يعاملونهم بالمساواة التامة انتهى ما ذكره ملخصا.

و هذا كله من التساهل في تحصيل معنى الآية أما ما ذكروه من كون الآيات نازلة قبل عام حجة الوداع و هي سنة نزول سورة المائدة فمما ليس فيه كثير إشكال لكنه لا يوجب كون الولاية بمعنى المحالفة دون ولاية المحبة.

و أما ما ذكروه من أسباب النزول و دلالتها على كون الآيات نازلة في خصوص المحالفة و ولاية النصرة التي كانت بين أقوام من العرب و بين اليهود و النصارى.

ففيه أولا أن أسباب النزول في نفسها متعارضة لا ترجع إلى معنى واحد يوثق و يعتمد عليه، و ثانيا أنها لا توجه ولاية النصارى و إن وجهت ولاية اليهود بوجه إذ لم يكن بين العرب من المسلمين و بين النصارى ولاية الحلف يومئذ، و ثالثا أنا نصدق أسباب النزول فيما تقتضيها إلا أنك قد عرفت فيما مر أن جل الروايات الواردة في أسباب النزول على ضعفها متضمنة لتطبيق الحوادث المنقولة تاريخا على الآيات القرآنية المناسبة لها، و هذا أيضا لا بأس به.

و أما الحكم بأن الوقائع المذكورة فيها تخصص عموم آية من الآيات القرآنية أو تقيد إطلاقها بحسب اللفظ فمما لا ينبغي التفوه به، و لا أن الظاهر المتفاهم يساعده.

و لو تخصص أو تقيد ظاهر الآيات بخصوصية في سبب النزول غير مأخوذة في لفظ الآية لمات القرآن بموت من نزل فيهم، و انقطع الحجاج به في واقعة من الوقائع التي بعد عصر التنزيل، و لا يوافقه كتاب و لا سنة و لا عقل سليم.

و أما ما ذكره بعضهم: «أن أخذ الولاية بمعنى المحبة و الاعتماد خطأ تتبرأ منه لغة الآية في مفرداتها و سياقها كما يتبرأ منه أسباب النزول و الحالة العامة التي كان عليها المسلمون و الكتابيون في عصر التنزيل» فمما لا يرجع إلى معنى محصل بعد التأمل فيه فإن ما ذكره من تبري أسباب النزول و ما ذكره من الحالة العامة أن تشمل الآيات ذلك و تصدق عليه إذا لم يأب ظهور الآية من الانطباق عليه، و أما قصر الدلالة على مورد النزول و الحالة العامة الموجودة وقتئذ فقد عرفت أنه لا دليل عليه بل الدليل - و هو حجية الآية في ظهورها المطلق - على خلافه فقد عرفت أن الآية مطلقة من غير دليل على تقييدها فتكون حجة في المعنى المطلق، و هو الولاية بمعنى المحبة.

و ما ذكره من تبري الآية بمفرداتها و سياقها من ذلك من عجيب الكلام، و ليت شعري ما الذي قصده من هذا التبري الذي وصفه و حمله على مفردات الآية و لم يقنع بذلك دون أن عطف عليها سياقها.

و كيف تتبرأ من ذلك مفردات الآية أو سياقها و قد وقع فيها بعد قوله: «لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء» قوله تعالى: «بعضهم أولياء بعض» و لا ريب في أن المراد بهذه الولاية ولاية المحبة و الاتحاد و المودة، دون ولاية الحلف إذ لا معنى لأن يقال: لا تحالفوا اليهود و النصارى بعضهم حلفاء بعض، و إنما كان ما يكون الوحدة بين اليهود و يرد بعضهم إلى بعض هو ولاية المحبة القومية، و كذا بين النصارى من دون تحالف بينهم أو عهد إلا مجرد المحبة و المودة من جهة الدين؟.

و كذا قوله تعالى بعد ذلك: «و من يتولهم منكم فإنه منهم» فإن الاعتبار الذي يوجب كون موالي جماعة من تلك الجماعة هو أن المحبة و المودة تجمع المتفرقات و توحد الأرواح المختلفة و تتوحد بذلك الإدراكات، و ترتبط به الأخلاق، و تتشابه الأفعال، و ترى المتحابين بعد استقرار ولاية المحبة كأنهما شخص واحد ذو نفسية واحدة، و إرادة واحدة، و فعل واحد لا يخطىء أحدهما الآخر في مسير الحياة، و مستوى العشرة.

فهذا هو الذي يوجب كون من تولى قوما منهم و لحوقه بهم، و قد قيل: من أحب قوما فهو منهم، و المرء مع من أحب، و قد قال تعالى في نظيره نهيا عن موالاة المشركين: «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي و عدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة و قد كفروا بما جاءكم من الحق - إلى أن قال بعد عدة آيات - و من يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون»: الممتحنة: 9 و قال تعالى: «لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله و لو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم»: المجادلة: 22، و قال تعالى في تولي الكافرين - و اللفظ عام يشمل اليهود و النصارى و المشركين جميعا -: «لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين و من يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة و يحذركم الله نفسه»: آل عمران: 28 و الآية صريحة في ولاية المودة و المحبة دون الحلف و العهد، و قد كان بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و بين اليهود، و كذا بينه و بين المشركين يومئذ أعني زمان نزول سورة آل عمران معاهدات و موادعات.

و بالجملة الولاية التي تقتضي بحسب الاعتبار لحوق قوم بقوم هي ولاية المحبة و المودة دون الحلف و النصرة و هو ظاهر، و لو كان المراد بقوله: «و من يتولهم منكم فإنه منهم» أن من حالفهم على النصرة بعد هذا النهي فإنه لمعصيته النهي ظالم ملحق بأولئك الظالمين في الظلم كان معنى - على ابتذاله - بعيدا من اللفظ يحتاج إلى قيود زائدة في الكلام.

و من دأب القرآن في كل ما ينهى عن أمر كان جائزا سائغا قبل النهي أن يشير إليه رعاية لجانب الحكم المشروع سابقا، و احتراما للسيرة النبوية الجارية قبله كقوله: «إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا»: التوبة: 28 و قوله: فالآن باشروهن و ابتغوا ما كتب الله لكم و كلوا و اشربوا» الآية: البقرة: 178 و قوله: «لا يحل لك النساء من بعد و لا أن تبدل بهن من أزواج»: الأحزاب: 52 إلى غير ذلك.

فقد تبين أن لغة الآية في مفرداتها و سياقها لا تتبرأ من كون المراد بالولاية ولاية المحبة و المودة، بل إن تبرأت فإنما تتبرأ من غيرها.

و أما قولهم: إن المراد بالذين في قلوبهم مرض المنافقون فسيجيء أن السياق لا يساعده فالمراد بقوله: «لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء» النهي عن موادتهم الموجب لتجاذب الأرواح و النفوس الذي يفضي إلى التأثير و التأثر الأخلاقيين فإن ذلك يقلب حال مجتمعهم من السيرة الدينية المبنية على سعادة اتباع الحق إلى سيرة الكفر المبنية على اتباع الهوى و عبادة الشيطان و الخروج عن صراط الحياة الفطرية.

و إنما عبر عنهم باليهود و النصارى، و لم يعبر بأهل الكتاب كما عبر بمثله في الآية الآتية لما في التعبير بأهل الكتاب من الإشعار بقربهم من المسلمين نوعا من القرب يوجب إثارة المحبة فلا يناسب النهي عن اتخاذهم أولياء، و أما ما في الآية الآتية: «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا و لعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و الكفار أولياء» من وصفهم بإيتائهم الكتاب مع النهي عن اتخاذهم أولياء فتوصيفهم باتخاذ دين الله هزوا و لعبا يقلب حال ذلك الوصف - أعني كونهم ذوي كتاب - من المدح إلى الذم فإن من أوتي الكتاب الداعي إلى الحق و المبين له ثم جعل يستهزء بدين الحق و يلعب به أحق و أحرى به أن لا يتخذ وليا، و تجتنب معاشرته و مخالطته و موادته.

و أما قوله تعالى: «بعضهم أولياء بعض» فالمراد بالولاية - كما تقدم - ولاية المحبة المستلزمة لتقارب نفوسهم، و تجاذب أرواحهم المستوجب لاجتماع آرائهم على اتباع الهوى، و الاستكبار عن الحق و قبوله، و اتحادهم على إطفاء نور الله سبحانه، و تناصرهم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و المسلمين كأنهم نفس واحدة ذات ملة واحدة، و ليسوا على وحدة من الملية لكن يبعث القوم على الاتفاق، و يجعلهم يدا واحدة على المسلمين أن الإسلام يدعوهم إلى الحق، و يخالف أعز المقاصد عندهم و هو اتباع الهوى، و الاسترسال في مشتهيات النفس و ملاذ الدنيا.

فهذا هو الذي جعل الطائفتين: اليهود و النصارى - على ما بينهما من الشقاق و العداوة الشديدة - مجتمعا واحدا يقترب بعضه من بعض، و يرتد بعضه إلى بعض، يتولى اليهود النصارى و بالعكس، و يتولى بعض اليهود بعضا، و بعض النصارى بعضا، و هذا معنى إبهام الجملة: «بعضهم أولياء بعض» في مفرداتها، و الجملة في موضع التعليل لقوله: «لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء» و المعنى لا تتخذوهم أولياء لأنهم على تفرقهم و شقاقهم فيما بينهم يد واحدة عليكم لا نفع لكم في الاقتراب منهم بالمودة و المحبة.

و ربما أمكن أن يستفاد من قوله: «بعضهم أولياء بعض» معنى آخر، و هو أن لا تتخذوهم أولياء لأنكم إنما تتخذونهم أولياء لتنتصروا ببعضهم الذي هم أولياؤكم على البعض الآخر، و لا ينفعكم ذلك فإن بعضهم أولياء بعض فليسوا ينصرونكم على أنفسهم.

قوله تعالى: «و من يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين» التولي اتخاذ الولي، و «من» تبعيضية و المعنى أن من يتخذهم منكم أولياء فإنه بعضهم، و هذا إلحاق تنزيلي يصير به بعض المؤمنين بعضا من اليهود و النصارى، و يئول الأمر إلى أن الإيمان حقيقة ذات مراتب مختلفة من حيث الشوب و الخلوص، و الكدورة و الصفاء كما يستفاد ذلك من الآيات القرآنية قال تعالى: «و ما يؤمن أكثرهم بالله إلا و هم مشركون»: يوسف: 160 و هذا الشوب و الكدر هو الذي يعبر تعالى عنه بمرض القلوب فيما سيأتي من قوله: «فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم».

فهؤلاء الموالون لأولئك أقوام عدهم الله تعالى من اليهود و النصارى و إن كانوا من المؤمنين ظاهرا، و أقل ما في ذلك أنهم غير سالكين سبيل الهداية الذي هو الإيمان بل سالكو سبيل اتخذه أولئك سبيلا يسوقه إلى حيث يسوقهم و ينتهي به إلى حيث ينتهي بهم.

و لذلك علل الله سبحانه لحوقه بهم بقوله: «إن الله لا يهدي القوم الظالمين» فالكلام في معنى: أن هذا الذي يتولاهم منكم هو منهم غير سالك سبيلكم لأن سبيل الإيمان هو سبيل الهداية الإلهية، و هذا المتولي لهم ظالم مثلهم، و الله لا يهدي القوم الظالمين.

و الآية - كما ترى - تشتمل على أصل التنزيل أعني تنزيل من تولاهم من المؤمنين منزلتهم من غير تعرض لشيء من آثاره الفرعية، و اللفظ و إن لم يتقيد بقيد لكنه لما كان من قبيل بيان الملاك - نظير قوله: «و أن تصوموا خير لكم»: البقرة: 148 و قوله: «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر و لذكر الله أكبر»: العنكبوت: 45 إلى غير ذلك - لم يكن إلا مهملا يحتاج التمسك به في إثبات حكم فرعي إلى بيان السنة، و المرجع في البحث عن ذلك فن الفقه.

قوله تعالى: «فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم» تفريع على قوله في الآية السابقة: «إن الله لا يهدي القوم الظالمين» فمن عدم شمول الهداية الإلهية لحالهم - و هو الضلال - مسارعتهم فيهم و اعتذارهم في ذلك بما لا يسمع من القول، و قد قال تعالى: «يسارعون فيهم» و لم يقل يسارعون إليهم، فهم منهم و حالون في الضلال محلهم، فهؤلاء يسارعون فيهم لا لخشية إصابة دائرة عليهم فليسوا يخافون ذلك، و إنما هي معذرة يختلقونها لأنفسهم لدفع ما يتوجه إليهم من ناحية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و المؤمنين من اللوم و التوبيخ بل إنما يحملهم على تلك المسارعة توليهم أولئك اليهود و النصارى.

و لما كان من شأن كل ظلم و باطل أن يزهق يوما و يظهر للملأ فضيحته، و ينقطع رجاء من توسل إلى أغراض باطلة بوسائل صورتها صورة الحق كما قال تعالى: «إن الله لا يهدي القوم الظالمين» كان من المرجو قطعا أن يأتي الله بفتح أو أمر من عنده فيندموا على فعالهم، و يظهر للمؤمنين كذبهم فيما كانوا يظهرونه.

و بهذا البيان يظهر وجه تفرع قوله: «فترى الذين» إلخ على قوله: «إن الله لا يهدي القوم الظالمين» و قد تقدم كلام في معنى عدم اهتداء الظالمين في ظلمهم.

فهؤلاء القوم منافقون من جهة إظهارهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و المؤمنين ما ليس في قلوبهم حيث يعنونون مسارعتهم في اليهود و النصارى بعنوان الخشية من إصابة الدائرة، و عنوانه الحقيقي الموافق لما في قلوبهم هو تولي أعداء الله فهذا هو وجه نفاقهم، و أما كونهم منافقين بمعنى الكافرين المظهرين للإيمان فسياق الآيات لا يوافقه.

و قد ذكر جماعة من المفسرين أنهم المنافقون كعبد الله بن أبي و أصحابه على ما يؤيده أسباب النزول الواردة فإن هؤلاء المنافقين كانوا يشاركون المؤمنين في مجتمعهم و يجاملونهم من جانب، و من الجانب الآخر كانوا يتولون اليهود و النصارى بالحلف و العهد على النصرة استدرارا للفئتين، و أخذا بالاحتياط في رعاية مصالح أنفسهم ليغتبطوا على أي حال، و يكونوا في مأمن من إصابة الدائرة على أي واحدة من الفئتين المتخاصمتين دارت.

و ما ذكروه لا يلائم سياق الآيات فإنها تتضمن رجاء أن يندموا بفتح أو أمر من عنده، و الفتح فتح مكة أو فتح قلاع اليهود و بلاد النصارى أو نحو ذلك على ما قالوا و لا وجه لندمهم على هذا التقدير فإنهم احتاطوا في أمرهم بحفظ الجانبين، و لا ندامة في الاحتياط، و إنما كان يصح الندم لو انقطعوا من المؤمنين بالمرة و اتصلوا باليهود و النصارى ثم دارت الدائرة عليهم، و كذا ما ذكره الله تعالى من حبط أعمالهم و صيرورتهم خاسرين بقوله: «حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين» لا يلائم كونهم هم المنافقين الآخذين بالحائطة لمنافعهم و مطالبهم إذ لا معنى لخسران من احتاط بحائطة اتقاء من مكروه يخافه على نفسه ثم صادف إن لم يقع ما كان يخاف وقوعه، و الاحتياط في العمل من الطرق العقلائية التي لا تستتبع لوما و لا ذما.

إلا أن يقال: إن الذم إنما لحقهم لأنهم عصوا النهي الإلهي و لم تطمئن قلوبهم بما وعده الله من الفتح، و هذا و إن كان لا بأس به في نفسه لكن لا دليل عليه من جهة لفظ الآية.

قوله تعالى: «فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين» لفظة «عسى» و إن كان في كلامه تعالى للترجي كسائر الكلام - على ما قدمنا أنه للترجي العائد إلى السامع أو إلى المقام - لكن القرينة قائمة على أنه مما سيقع قطعا فإن الكلام مسوق لتقرير ما ذكره بقوله: «إن الله لا يهدي القوم الظالمين» و تثبيت صدقه، فما يشتمل عليه واقع لا محالة.

و الذي ذكره الله تعالى من الفتح - و قد ردد بينه و بين أمر من عنده غير بين المصداق بل الترديد بينه و بين أمر مجهول لنا - لعله يؤيد كون اللام في «الفتح» للجنس لا للعهد حتى يكون المراد به فتح مكة المعهود بوعد وقوعه في مثل قوله تعالى: «إن الذي فرض عليك القرءان لرادك إلى معاد»: القصص: 85 و قوله: «لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله»: الفتح: 27 و غير ذلك.

و الفتح الواقع في القرآن و إن كان المراد به في أكثر موارده هو فتح مكة لكن بعض الموارد لا يقبل الحمل على ذلك كقوله تعالى: «و يقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم و لا هم ينظرون فأعرض عنهم و انتظر إنهم منتظرون»: السجدة: 30 فإنه تعالى وصف هذا الفتح بأنه لا ينفع عنده الإيمان لمن كان كافرا قبله، و أن الكفار ينتظرونه، و أنت تعلم أنه لا ينطبق على فتح مكة و لا على سائر الفتوحات التي نالها المسلمون حتى اليوم فإن عد نفع الإيمان و هو التوبة إنما يتصور لأحد أمرين - كما تقدم بيانه في الكلام على التوبة -: إما بتبدل نشأة الحياة و ارتفاع الاختيار لتبدل الدنيا بالآخرة، و إما بتكون أخلاق و ملكات في الإنسان يقسو بها القلب قسوة لا رجاء معها للتوبة و الرجوع إلى الله سبحانه قال تعالى: «يوم يأتي بعض ءايات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا»: الأنعام: 185 و قال تعالى: «و ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن و لا الذين يموتون و هم كفار»: النساء: 18.

و كيف كان فإن كان المراد بالفتح أحد فتوحات المسلمين كفتح مكة أو فتح قلاع اليهود أو فتح بلاد النصارى فهو، إلا أن في انطباق ما ذكره الله تعالى بقوله: «فيصبحوا على ما أسروا» إلخ و قوله: «و يقول الذين» إلخ عليه خفاء تقدم وجهه.

و إن كان المراد به الفتح بمعنى القضاء للإسلام على الكفر و الحكم الفصل بين الرسول و قومه فهو من الملاحم القرآنية التي ينبىء تعالى فيها عما سيستقبل هذه الأمة من الحوادث، و ينطبق على ما ذكره الله في سورة يونس من قوله: «و لكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم» إلى آخر الآيات: يونس: 47 - 56.

و أما قوله: «فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين» فإن الندامة إنما تحصل عند فعل ما لم يكن ينبغي أن يفعل أو ترك ما لم يكن ينبغي أن يترك، و قد فعلوا شيئا، و الله سبحانه يذكر في الآية التالية حبط أعمالهم و خسرانهم في صفقتهم فإنما أسروا في أنفسهم تولي اليهود و النصارى لينالوا به و بالمسارعة فيهم ما كانت اليهود و النصارى يريدونه من انطفاء نور الله و التسلط على شهوات الدنيا من غير مانع من الدين.

فهذا - لعله - هو الذي أسروه في أنفسهم، و سارعوا لأجله فيهم، و سوف يندمون على بطلان سعيهم إذا فتح الله للحق.

قوله تعالى: «و يقول الذين ءامنوا» إلى آخر الآية و قرىء «يقول» بالنصب عطفا على قوله: «يصبحوا» و هي أرجح لكونها أوفق بالسياق فإن ندامتهم على ما أسروه في أنفسهم و قول المؤمنين: «أ هؤلاء» إلخ جميعا تقريع لهم بعاقبة توليهم و مسارعتهم في اليهود و النصارى، و قوله: «هؤلاء» إشارة إلى اليهود و النصارى، و قوله: «معكم» خطاب للذين في قلوبهم مرض و يمكن العكس، و كذا الضمير في قوله: «حبطت أعمالهم فأصبحوا»، يمكن رجوعه إلى اليهود و النصارى، و إلى الذين في قلوبهم مرض.

لكن الظاهر من السياق أن الخطاب للذين في قلوبهم مرض، و الإشارة إلى اليهود و النصارى، و قوله: «حبطت أعمالهم»، كالجواب لسؤال مقدر، و المعنى: و عسى أن يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده فيقول الذين آمنوا لهؤلاء الضعفاء الإيمان عند حلول السخط الإلهي بهم: أ هؤلاء اليهود و النصارى هم الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم أي أيمانهم التي بالغوا و جهدوا فيها جهدا إنهم لمعكم فلما ذا لا ينفعونكم؟! ثم كأنه سئل فقيل: فإلى م انتهى أمر هؤلاء الموالين؟ فقيل في جوابه: حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين.

كلام في معنى مرض القلب

و في قوله تعالى: «في قلوبهم مرض» دلالة على أن للقلوب مرضا فلها لا محالة صحة إذ الصحة و المرض متقابلان لا يتحقق أحدهما في محل إلا بعد إمكان تلبسه بالآخر كالبصر و العمى أ لا ترى أن الجدار مثلا لا يتصف بأنه مريض لعدم جواز اتصافه بالصحة و السلامة.

و جميع الموارد التي أثبت الله سبحانه فيها للقلوب مرضا في كلامه يذكر فيها من أحوال تلك القلوب و آثارها أمورا تدل على خروجها من استقامة الفطرة، و انحرافها عن مستوى الطريقة كقوله تعالى: «و إذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله و رسوله إلا غرورا»: الأحزاب: 12 و قوله تعالى: «إذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم»: الأنفال: 49 و قوله تعالى: «ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض و القاسية قلوبهم»: الحج: 53 إلى غير ذلك.

و جملة الأمر أن مرض القلب تلبسه بنوع من الارتياب و الشك يكدر أمر الإيمان بالله و الطمأنينة إلى آياته، و هو اختلاط من الإيمان بالشرك، و لذلك يرد على مثل هذا القلب من الأحوال، و يصدر عن صاحب هذا القلب في مرحلة الأعمال و الأفعال ما يناسب الكفر بالله و بآياته.

و بالمقابلة تكون سلامة القلب و صحته هي استقراره في استقامة الفطرة و لزومه مستوى الطريقة، و يئول إلى خلوصه في توحيد الله سبحانه و ركونه إليه عن كل شيء يتعلق به هوى الإنسان، قال تعالى: «يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم»: الشعراء: 89.

و من هنا يظهر أن الذين في قلوبهم مرض غير المنافقين كما لا يخلو تعبير القرآن عنهما بمثل قوله: «المنافقون و الذين في قلوبهم مرض» في غالب الموارد عن إشعار ما بذلك، و ذلك أن المنافقين هم الذين آمنوا بأفواههم و لم تؤمن قلوبهم، و الكفر الخاص موت للقلب لا مرض فيه قال تعالى: «أ و من كان ميتا فأحييناه و جعلنا له نورا يمشي به في الناس»: الأنعام: 122 و قال: «إنما يستجيب الذين يسمعون و الموتى يبعثهم الله»: الأنعام: 36.

فالظاهر أن مرض القلب في عرف القرآن هو الشك و الريب المستولي على إدراك الإنسان فيما يتعلق بالله و آياته، و عدم تمكن القلب من العقد على عقيدة دينية.

فالذين في قلوبهم مرض بحسب طبع المعنى هم ضعفاء الإيمان، الذين يصغون إلى كل ناعق، و يميلون مع كل ريح، دون المنافقين الذين أظهروا الإيمان و استبطنوا الكفر رعاية لمصالحهم الدنيوية ليستدروا المؤمنين بظاهر إيمانهم و الكفار بباطن كفرهم.

نعم ربما أطلق عليهم المنافقون في القرآن تحليلا لكونهم يشاركونهم في عدم اشتمال باطنهم على لطيفة الإيمان، و هذا غير إطلاق الذين في قلوبهم مرض على من هو كافر لم يؤمن إلا ظاهرا قال تعالى: «بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أ يبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا و قد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم ءايات الله يكفر بها و يستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره أنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين و الكافرين في جهنم جميعا»: النساء: 104.

و أما قوله تعالى في سورة البقرة: «و من الناس من يقول ءامنا بالله و باليوم الآخر و ما هم بمؤمنين - إلى أن قال -: في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا - إلى أن قال - و إذا قيل لهم ءامنوا كما ءامن الناس قالوا أ نؤمن كما ءامن السفهاء» الآيات: البقرة: 7 - 20 فإنما هو بيان لسلوك قلوبهم من الشك في الحق إلى إنكاره، و أنهم كانوا في بادىء حالهم مرضى بسبب كذبهم في الإخبار عن إيمانهم و كانوا مرتابين لم يؤمنوا بعد، فزادهم الله مرضا حتى هلكوا بإنكارهم الحق و استهزائهم له.

و قد ذكر الله سبحانه أن مرض القلب على حد الأمراض الجسمانية ربما أخذ في الزيادة حتى أزمن و انجر الأمر إلى الهلاك و ذلك بإمداده بما يضر طبع المريض في مرضه، و ليس إلا المعصية قال تعالى: «في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا»: البقرة: 10 و قال تعالى «و إذا ما أنزلت سورة - إلى أن قال -: و أما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم و ماتوا و هم كافرون أ و لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون و لا هم يذكرون»: التوبة: 162 و قال تعالى - و هو بيان عام -: «ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله و كانوا بها يستهزءون»: الروم: 10.

ثم ذكر تعالى في علاجه الإيمان به قال تعالى - و هو بيان عام -: «يهديهم ربهم بإيمانهم»: يونس: 9 و قال تعالى: «إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه»: فاطر: 10 فعلى مريض القلب - إن أراد مداواة مرضه - أن يتوب إلى الله، و هو الإيمان به و أن يتذكر بصالح الفكر و صالح العمل كما يشير إليه الآية السابقة الذكر: «ثم لا يتوبون و لا هم يذكرون»: التوبة: 162.

و قال سبحانه و هو قول جامع في هذا الباب: «يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أ تريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار و لن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا و أصلحوا و اعتصموا بالله و أخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين و سوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما»: النساء: 164 و قد تقدم أن المراد بذلك الرجوع إلى الله بالإيمان و الاستقامة عليه و الأخذ بالكتاب و السنة ثم الإخلاص.

قوله تعالى: «يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه» ارتد عن دينه رجع عنه، و هو في اصطلاح أهل الدين الرجوع من الإيمان إلى الكفر سواء كان إيمانه مسبوقا بكفر آخر كالكافر يؤمن ثم يرتد أو لم يكن، و هما المسميان بالارتداد الملي و الفطري حقيقة شرعية أو متشرعية.

ربما يسبق إلى الذهن أن المراد بالارتداد في الآية هو ما اصطلح عليه أهل الدين، و يكون الآية على هذا غير متصلة بما قبلها، و إنما هي آية مستقلة تحكي عن نحو استغناء من الله سبحانه عن إيمان طائفة من المؤمنين بإيمان آخرين.

لكن التدبر في الآية و ما تقدم عليها من الآيات يدفع هذا الاحتمال فإن الآية على هذا تذكر المؤمنين بقدرة الله سبحانه على أن يعبد في أرضه، و أنه سوف يأتي بأقوام لا يرتدون عن دينه بل يلازمونه كقوله تعالى: «فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين»: الأنعام: 89 أو كقوله تعالى: «و من كفر فإن الله غني عن العالمين»: آل عمران: 97 و قوله تعالى: «إن تكفروا أنتم و من في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد»: إبراهيم: 8.

و المقام الذي هذه صفته لا يقتضي أزيد من التعرض لأصل الغرض، و هو الإخبار بالإتيان بقوم مؤمنين لا يرتدون عن دين الله، و أما أنهم يحبون الله و يحبهم، و أنهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين إلى آخر ما ذكر في الآية من الأوصاف فهي أمور زائدة يحتاج التعرض لها إلى اقتضاء زائد من المقام و الحال.

و من جهة أخرى نجد أن ما ذكر في الآية من الأوصاف أمور لا تخلو من الارتباط بما ذكر في الآيات السابقة من تولي اليهود و النصارى فإن اتخاذهم أولياء من دون المؤمنين لا يخلو من تعلق القلب بهم تعلق المحبة و المودة، و كيف يحتوي قلب هذا شأنه على محبة الله سبحانه و قد قال تعالى: «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه»: الأحزاب: 4 و من لوازم هذا التولي أن يتذلل المؤمن لهؤلاء الكفار، و أن يتعزز على المؤمنين و يترفع عنهم كما قال تعالى: «أ يبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا»: النساء: 193.

و من لوازم هذا التولي المساهلة في الجهاد عليهم و الانقباض عن مقاتلتهم، و التحرج من الصبر على كل حرمان، و التحمل لكل لائمة في قطع الروابط الاجتماعية معهم كما قال تعالى: «يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوي و عدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة و قد كفروا بما جاءكم من الحق - إلى أن قال - إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي و ابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة»: الممتحنة: 1 و قال تعالى: «قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم و الذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم و مما تعبدون من دون الله كفرنا بكم و بدا بيننا و بينكم العداوة و البغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده»: الممتحنة: 4.

و كذلك الارتداد بمعناه اللغوي أو بالعناية التحليلية صادق على تولي الكفار كما قال تعالى في الآية السابقة آية: 51: «و من يتولهم منكم فإنه منهم» و قال أيضا: «و من يفعل ذلك فليس من الله في شيء»: آل عمران: 28 و قال تعالى: «إنكم إذا مثلهم»: النساء: 104.

فقد تبين بهذا البيان أن للآية اتصالا بما قبلها من الآيات و أن الآية مسوقة لإظهار أن دين الله في غنى عن أولئك الذين يخاف عليهم الوقوع في ورطة المخالفة و تولي اليهود و النصارى لدبيب النفاق في جماعتهم، و اشتمالها على عدة مرضى القلوب لا يبالون باشتراء الدنيا بالدين، و إيثار ما عند أعداء الدين من العزة الكاذبة و المكانة الحيوية الفانية على حقيقة العزة التي هي لله و لرسوله و للمؤمنين، و السعادة الواقعية الشاملة على حياة الدنيا و الآخرة.

و إنما أظهرت الآية ذلك بالإنباء عن ملحمة غيبية أن الله سبحانه في قبال ما يلقاه الدين من تلون هؤلاء الضعفاء الإيمان، و اختيارهم محبة غير الله على محبته، و ابتغاء العزة عند أعدائه و مساهلتهم في الجهاد في سبيله، و الخوف من كل لومة و توبيخ سيأتي بقوم يحبهم و يحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم.

و كثير من المفسرين و إن تنبهوا على اشتمال الآية على الملحمة و أطالوا في البحث عمن تنطبق عليه الآية مصداقا غير أنهم تساهلوا في تفسير مفرداتها فلم يعطوا ما ذكر فيها من الأوصاف حق معناها فآل الأمر إلى معاملتهم كلام الله سبحانه معاملة كلام غيره و تجويز وقوع المسامحات و المساهلات العرفية فيه كما في غيره.

فالقرآن و إن لم يسلك في بلاغته مسلكا بدعا، و لم يتخذ نهجا مخترعا جديدا في استعمال الألفاظ و تركيب الجمل و وضع الكلمات بحذاء معانيها بل جرى في ذلك مجرى غيره من الكلام.

و لكنه يفارق سائر الكلام في أمر آخر، و هو أنا معاشر المتكلمين من البليغ و غيره إنما نبني الكلام على أساس ما نعقله من المعاني، و المدرك لنا من المعاني إنما يدرك بفهم مكتسب من الحياة الاجتماعية التي اختلقناها بفطرتنا الإنسانية الاجتماعية، و من شأنها الحكم بالقياس، و عند ذلك ينفتح باب المسامحة و المساهلة على أذهاننا فنأخذ الكثير مكان الجميع، و الغالب موضع الدائم، و نفرض كل أمر قياسي أمرا مطلقا، و نلحق كل نادر بالمعدوم، و نجري كل أمر يسير مجرى ما ليس بموجود يقول قائلنا: كذا حسن أو قبيح، و كذا محبوب أو مبغوض، و كذا محمود أو مذموم، و كذا نافع أو ضار، و فلان خير أو شرير، إلى غير ذلك فنطلق القوم في ذلك، و إنما هو كذلك في بعض حالاته و على بعض التقادير، و عند بعض الناس، و بالقياس إلى بعض الأشياء لا مطلقا، لكن القائل إنما يلحق بعض التقادير المخالفة بالعدم تسامحا في إدراكه و حكمه، هذا فيما أدركه من جهات الواقع الخارج، و أما ما يغفل عنه لمحدودية إدراكه من جهات الكون المربوطة فهو أكثر، فما يخبر به الإنسان و يحدثه عن الخارج و خيلت له الإحاطة بالواقع إدراكا و كشفا فإنما هو مبني على التسامح في بعض الجهات، و الجهل في بعض آخر، و هو من الهزل إن قدرنا على أن نحيط بالواقع ثم نطبق كلامه عليه، فافهم ذلك.

فهذا حال كلام الإنسان المبني على ما يحصل عنده من العلم، و أما كلام الله سبحانه فمن الواجب أن نجله عن هذه النقيصة، و هو المحيط بكل شيء علما و قد قال تعالى في صفة كلامه: «إنه لقول فصل و ما هو بالهزل».

و هذا من وجوه الأخذ بإطلاق كلامه تعالى فيما كان بظاهره مطلقا لم يعقب بقيد متصل أو منفصل، و من وجوه إشعار الوصف في كلامه بالعلية فإذا قال: «يحبهم» فليس يبغضهم في شيء و إلا لاستثنى، و إذا وصف قوما بأنهم أذلة على المؤمنين كان من الواجب أن يكونوا أذلاء لهم بما هم مؤمنون أي لصفة إيمانهم بالله سبحانه، و أن يكونوا أذلاء في جميع أحوالهم و على جميع التقادير، و إلا لم يكن القول فصلا.

نعم هناك معان تنسب إلى غير صاحبها إذا جمعها جامع يصحح ذلك كما في قوله: «و لقد ءاتينا بني إسرائيل الكتاب و الحكم و النبوة و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم على العالمين»: الجاثية: 16، و قوله: «هو اجتباكم و ما جعل عليكم في الدين من حرج»: الحج: 78، و قوله: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر»: آل عمران: 101، و قوله: «لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا»: البقرة: 134، و قوله: «و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرءان مهجورا»: الفرقان: 30 إلى غير ذلك من الآيات المشتملة على أوصاف اجتماعية يتصف بها الفرد و المجتمع و ليس شيء من ذلك جاريا مجرى التسامح و التساهل بل هي أوصاف يتصف بها الجزء و الكل، و الفرد و المجتمع لعناية متعلقه بذلك كمثل حفنة من تراب مشتملة على جوهرة يقبض عليها لأجل الجوهرة فالتراب مقبوض و الجوهرة مقبوضة و الأصل في ذلك الجوهرة، و لنرجع إلى ما كنا فيه: أما قوله: «يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه» فالمراد بالارتداد و الرجوع عن الدين بناء على ما مر هو موالاة اليهود و النصارى، و خص الخطاب فيه بالمؤمنين لكون الخطاب السابق أيضا متوجها إليهم، و المقام مقام بيان أن الدين الحق في غنى عن إيمانهم المشوب بموالاة أعداء الله، و قد عده الله سبحانه كفرا و شركا حيث قال: «و من يتولهم منكم فإنه منهم» لما أن الله سبحانه هو ولي دينه و ناصره، و من نصرته لدينه أنه سوف يأتي بقوم براء من أعدائه يتولون أولياءه و لا يحبون إلا إياه.

و أما قوله: «فسوف يأتي الله بقوم» نسب الإتيان إلى نفسه ليقرر معنى نصره لدينه المفهوم من السياق المشعر بأن لهذا الدين ناصرا لا يحتاج معه إلى نصرة غيره، و هو الله عز اسمه.

و كون الكلام مسوقا لبيان انتصار الدين بهؤلاء القوم تجاه من يقصده هؤلاء الموالون لأعدائه من الانتصار القومي، و كذا التعبير بالقوم و الإتيان بالأوصاف و الأفعال بصيغة الجمع كل ذلك مشعر بأن القوم الموعود إيتاؤهم إنما يبعثون جماعة مجتمعين لا فرادى و لا مثنى كان يأتي الله سبحانه في كل زمان برجل يحب الله و يحبه الله ذليل على المؤمنين عزيز على الكافرين يجاهد في سبيل الله لا يخاف لومة لائم.

و إتيان هذه القوم في عين أنه منسوب إليهم منسوب إليه تعالى و هو الآتي بهم لا بمعنى أنه خالقهم إذ لا خالق إلا الله سبحانه قال: «الله خالق كل شيء»: الزمر: 62 بل بمعنى أنه الباعث لهم فيما ينتهزون إليه من نصرة الدين، و المكرم لهم بحبه لهم و حبهم له، و الموفق لهم بالتذلل لأوليائه، و التعزز لأعدائه، و الجهاد في سبيله، و الإعراض عن كل لائمة، فنصرتهم للدين هي نصرته تعالى له بسببهم و من طريقهم، و قريب الزمان و بعيده عند الله واحد، و إن كانت أنظارنا لقصورها تفرق في ذلك.

و أما قوله تعالى: «يحبهم و يحبونه» فالحب مطلق معلق على الذات من غير تقييده بوصف أو غير ذلك، أما حبهم لله فلازمه إيثارهم ربهم على كل شيء سواه مما يتعلق به نفس الإنسان من مال أو جاه أو عشيرة أو غيرها، فهؤلاء لا يوالون أحدا من أعداء الله سبحانه، و إن والوا أحدا فإنما يوالون أولياء الله بولاية الله تعالى.

و أما حبه تعالى لهم فلازمه براءتهم من كل ظلم، و طهارتهم من كل قذارة معنوية من الكفر و الفسق بعصمة أو مغفرة إلهية عن توبة، و ذلك أن جمل المظالم و المعاصي غير محبوبة لله كما قال تعالى: «فإن الله لا يحب الكافرين»: آل عمران: 32 و قال: «و الله لا يحب الظالمين»: آل عمران: 57 و قال: «إنه لا يحب المسرفين»: الأنعام: 41 و قال: «و الله لا يحب المفسدين»: المائدة: 64 و قال: «إن الله لا يحب المعتدين»: البقرة: 109 و قال: «إنه لا يحب المستكبرين»: النحل: 23 و قال: «إن الله لا يحب الخائنين»: الأنفال: 58 إلى غير ذلك من الآيات.

و في هذه الآيات جماع الرذائل الإنسانية، و إذا ارتفعت عن إنسان بشهادة محبة الله له اتصف بما يقابلها من الفضائل لأن الإنسان لا مخلص له عن أحد طرفي الفضيلة و الرذيلة إذا تخلق بخلق.

فهؤلاء هم المؤمنون بالله حقا غير مشوب إيمانهم بظلم و قد قال تعالى: «الذين ءامنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن و هم مهتدون»: الأنعام: 82 فهم مأمونون من الضلال و قد قال تعالى: «فإن الله لا يهدي من يضل»: النحل: 37 فهم في أمن إلهي من كل ضلالة، و على اهتداء إلهي إلى صراطه المستقيم، و هم بإيمانهم الذي صدقهم الله فيه مهديون إلى اتباع الرسول و التسليم التام له كتسليمهم لله سبحانه قال تعالى: «فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما»: النساء: 65.

و عند ذلك يتم أنهم من مصاديق قوله تعالى: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله»: آل عمران: 31 و به يظهر أن اتباع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و محبة الله متلازمان فمن اتبع النبي أحبه الله و لا يحب الله عبدا إلا إذا كان متبعا لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم).

و إذا اتبعوا الرسول اتصفوا بكل حسنة يحبها الله و يرضاها كالتقوى و العدل و الإحسان و الصبر و الثبات و التوكل و التوبة و التطهر و غير ذلك قال تعالى: «فإن الله يحب المتقين»: آل عمران: 76 و قال: «إن الله يحب المحسنين»: البقرة: 159 و قال: «و الله يحب الصابرين»: آل عمران: 164 و قال: «إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص»: الصف: 4 و قال: «إن الله يحب المتوكلين»: آل عمران: 195 و قال: «إن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين»: البقرة: 222 إلى غير ذلك من الآيات.

و إذا تتبعت الآيات الشارحة لآثار هذه الأوصاف و فضائل تتعقبها عثرت على أمور جمة من الخصال الحسنة، و وجدت أن جميعها تنتهي إلى أن أصحابها هم الوارثون الذين يرثون الأرض، و أن لهم عاقبة الدار كما يومىء إليه الآية المبحوث عنها: «يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه» و قد قال تعالى - و هي كلمة جامعة -: «و العاقبة للتقوى»: طه: 123 و سنشرع معنى كون العاقبة للتقوى فيما يناسبه من المورد إن شاء الله العزيز.

قوله تعالى: «أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين» الأذلة و الأعزة جمعا الذليل و العزيز، و هما كنايتان عن خفضهم الجناح للمؤمنين تعظيما لله الذي هو وليهم و هم أولياؤه، و عن ترفعهم من الاعتناء بما عند الكافرين من العزة الكاذبة التي لا يعبأ بأمرها الدين كما أدب بذلك نبيه في قوله: «لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم و لا تحزن عليهم و اخفض جناحك للمؤمنين»: الحجر: 88. و لعل تعدية «أذلة» بعلى لتضمينه معنى الحنان أو الحنو كما قيل.

قوله تعالى: «يجاهدون في سبيل الله و لا يخافون لومة لائم» أما قوله: «يجاهدون في سبيل الله» فقد اختص بالذكر من بين مناقبهم الجمة لكون الحاجة تمس إليه في المقام لبيان أن الله ينتصر لدينه بهم، و أما قوله: «و لا يخافون لومة لائم» فالظاهر أنه حال متعلق بالجمل المتقدمة لا بالجملة الأخيرة فقط - و إن كانت هي المتيقنة في أمثال هذه التركيبات - و ذلك لأن نصرة الدين بالجهاد في سبيل الله كما يزاحمها لومة اللائمين الذين يحذرونهم تضييع الأموال و إتلاف النفوس و تحمل الشدائد و المكاره كذلك التذلل للمؤمنين و التعزز على الكافرين و عندهم من زخارف الدنيا و مبتغيات الشهوة، و أمتعة الحياة ما ليس عند المؤمنين هما مما يمانعه لومة اللائم، و في الآية ملحمة غيبية سنبحث عنها في كلام مختلط من القرآن و الحديث إن شاء الله تعالى.

بحث روائي

و في الدر المنثور،: في قوله تعالى: «يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود» الآية: أخرج ابن إسحاق و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و أبو الشيخ و ابن مردويه و البيهقي في الدلائل و ابن عساكر عن عبادة بن الوليد أن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع. رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تشبث بأمرهم عبد الله بن أبي بن سلول و قام دونهم، و مشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و تبرأ إلى الله و إلى رسوله من حلفهم، و كان أحد بني عوف بن الخزرج، و له من حلفهم مثل الذي كان لهم من عبد الله بن أبي فخلعهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، و قال: أتولى الله و رسوله و المؤمنين، و أبرأ إلى الله و رسوله من حلف هؤلاء الكفار و ولايتهم.

و فيه،: و في عبد الله بن أبي نزلت الآيات في المائدة: «يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء - بعضهم أولياء بعض إلى قوله فإن حزب الله هم الغالبون» و فيه، أخرج ابن أبي شيبة و ابن جرير عن عطية بن سعد قال: جاء عبادة بن الصامت من بني الحارث بن الخزرج إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله إن لي موالي من يهود كثير عددهم، و إني أبرأ إلى الله و رسوله من ولاية يهود، و أتولى الله و رسوله. فقال عبد الله بن أبي: إني رجل أخاف الدوائر لا أبرأ من ولاية موالي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعبد الله بن أبي: يا أبا الحباب أ رأيت الذي نفست به من ولاء يهود على عبادة فهو لك دونه؟ قال: إذن أقبل فأنزل الله: «يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء - بعضهم أولياء بعض إلى أن بلغ إلى قوله و الله يعصمك من الناس».

و فيه، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: آمن عبد الله بن أبي بن سلول قال: إن بيني و بين بني قريظة و النضير حلفا، و إني أخاف الدوائر فارتد كافرا، و قال عبادة بن الصامت: أبرأ إلى الله من حلف قريظة و النضير و أتولى الله و رسوله و المؤمنين. فأنزل الله: «يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء إلى قوله فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم» يعني عبد الله بن أبي و قوله: «إنما وليكم الله و رسوله و الذين ءامنوا - الذين يقيمون الصلاة - و يؤتون الزكاة و هم راكعون» يعني عبادة بن الصامت و أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال: «و لو كانوا يؤمنون بالله و النبي - و ما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء - و لكن كثيرا منهم فاسقون».

أقول: و رويت القصة بغير هذه الطرق، و قد تقدم أن هذه الأسباب أسباب تطبيقة اجتهادية، و فيها أمارات تدل على ذلك، كيف و الآيات تذكر النصارى مع اليهود، و لم يكن في قصة بني قينقاع و ما جرى بين المسلمين و بين بني قريظة و النضير للنصارى إصبع، و لا للمسلمين معهم شأن؟ و مجرد ذكرهم تطفلا و اطرادا مما لا وجه له، و في القرآن آيات متعرضة لحال اليهود في الوقائع التي جرت بينهم و بين المسلمين و ما داخل فيه المنافقون من أعمالهم خص فيه اليهود بالذكر و لم يذكر فيه النصارى كما في سورة الحشر و غيرها، فما بال الاطراد و التطفل يجري حكمهما هاهنا و لا يجري هناك.

على أن الرواية تذكر الآيات النازلة في عبادة بن الصامت و عبد الله بن أبي سبع عشرة آية آية: 51 - 67 و لا اتصال بينها حتى تنزل دفعة أولا، و فيها آية: «إنما وليكم الله و رسوله» و قد تواترت روايات الخاصة و العامة على أنها نزلت في علي (عليه السلام) ثانيا، و فيها آية: «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك» و لا ارتباط لها مع القصة البتة ثالثا.

فليس إلا أن الراوي أخذ قصة عبادة و عبد الله ثم وجد الآيات تناسبها بعض المناسبة فطبقها عليها ثم لم يحسن التطبيق فوضع سبع عشرة آية مكان ثلاث آيات بمناسبة تعرضها لحال أهل الكتاب.

و في الدر المنثور، أخرج ابن جرير و ابن المنذر عن عكرمة: في قوله: «يا أيها الذين ءامنوا - لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء - بعضهم أولياء بعض» في بني قريظة إذ غدروا و نقضوا العهد بينهم و بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كتابهم إلى أبي سفيان بن حرب يدعونهم و قريشا ليدخلوهم حصونهم فبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا لبابة بن عبد المنذر إليهم أن يستنزلهم من حصونهم فلما أطاعوا له بالنزول أشار إلى حلقه بالذبح. و كان طلحة و الزبير يكاتبان النصارى و أهل الشام، و بلغني أن رجالا من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا يخافون العوز و الفاقة فيكاتبون اليهود من بني قريظة و النضير فيدسون إليهم الخبر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يلتمسون عندهم القرض و النفع فنهوا عن ذلك.

أقول: و الرواية لا بأس بها و هي تفسر الولاية في الآيات بولاية المحبة و المودة و قد تقدم تأييد ذلك، و هي إن كانت سببا للنزول حقيقيا فالآيات مطلقة تجري في غير القصة كما نزلت و جرت فيها، و إن كانت من الجري و التطبيق فالأمر أوضح.

و في المجمع،: في قوله تعالى: «يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه - فسوف يأتي الله بقوم» الآية قال: و قيل: هم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) و أصحابه حين قاتل من قاتله من الناكثين و القاسطين و المارقين،: و روي ذلك عن عمار و حذيفة و ابن عباس، و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام).

أقول: قال في المجمع، بعد ذكر الرواية: و يؤيد هذا القول أن النبي وصفه بهذه الصفات المذكورة في الآية فقال فيه و قد ندبه لفتح خيبر بعد أن رد عنها حامل الراية إليه مرة بعد أخرى و هو يجبن الناس و يجبنونه -: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يده» ثم أعطاها إياه.

فأما الوصف باللين على أهل الإيمان، و الشدة على الكفار و الجهاد في سبيل الله مع أنه لا يخاف فيه لومة لائم فمما لا يمكن أحدا دفع علي (عليه السلام) عن استحقاق ذلك لما ظهر من شدته على أهل الشرك و الكفر و نكايته فيهم، و مقاماته المشهورة في تشييد الملة و نصرة الدين، و الرأفة بالمؤمنين.

و يؤيد ذلك أيضا إنذار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قريشا بقتال علي (عليه السلام) لهم من بعده حيث جاء سهيل بن عمرو في جماعة منهم فقالوا: يا محمد إن أرقائنا لحقوا بك فارددهم إلينا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لتنتهن يا معاشر قريش أو ليبعثن الله عليكم رجلا يضربكم على تأويل القرآن كما ضربتكم على تنزيله، فقال له بعض أصحابه: من هو يا رسول الله؟ أبو بكر؟ قال: لا، و لكنه خاصف النعل في الحجرة، و كان علي (عليه السلام) يخصف نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

و روي عن علي (عليه السلام) أنه قال يوم البصرة: و الله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم، و تلا هذه الآية.

و روى أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بالإسناد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يرد إلى قوم من أصحابي يوم القيامة فيحلون عن الحوض فأقول: يا رب أصحابي، أصحابي فيقال: إنك لا تدري بما أحدثوا من بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى، انتهى.

و هذا الذي ذكره إنما يتم فيه (عليه السلام) و لا ريب في أنه أفضل مصداق لما سرد في الآية من الأوصاف لكن الشأن في انطباق الآية على عامة من معه من أهل الجمل و صفين و قد غير كثير منهم بعد ذلك، و قد وقع قوله تعالى: «يحبهم و يحبونه» إلخ في الآية بغير استثناء، و قد عرفت معناه.

و فيه، أيضا. و روي: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سئل عن هذه الآية فضرب بيده على عاتق سلمان فقال: هذا و ذووه، ثم قال: لو كان الدين معلقا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس.

أقول: و الكلام فيه كالكلام في سابقه إلا أن يراد أنهم سوف يبعثون من قومه.

و فيه، و قيل: هم أهل اليمن هم ألين قلوبا، و أرق أفئدة، الإيمان يماني، و الحكمة يمانية، و قال عياض بن غنم الأشعري: لما نزلت هذه الآية أومأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أبي موسى الأشعري فقال: هم قوم هذا.

أقول: و روي هذا المعنى في الدر المنثور، بعدة طرق، و الكلام فيه كالكلام في سابقه.

و في تفسير الطبري، بإسناده عن قتادة قال: أنزل الله هذه الآية و قد علم أنه سيرتد مرتدون من الناس فلما قبض الله نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) ارتد عامة العرب عن الإسلام إلا ثلاثة مساجد أهل المدينة و أهل مكة و أهل البحرين قالوا: نصلي و لا نزكي و الله لا تغصب أموالنا، فكلم أبو بكر في ذلك فقيل لهم: إنهم لو قد فقهوا لهذا أعطوها و زادوها فقال: لا و الله لا أفرق بين شيء جمع الله بينه، و لو منعوا عقالا مما فرض الله و رسوله لقاتلناهم عليه، فبعث الله عصابة مع أبي بكر فقاتل على ما قاتل عليه نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى سبى و قتل و حرق بالنيران أناسا ارتدوا عن الإسلام و منعوا الزكاة فقاتلهم حتى أقروا بالماعون و هي الزكاة صغرة أقمياء، الحديث:. أقول: و رواه في الدر المنثور، عن عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر و أبي الشيخ و البيهقي و ابن عساكر عن قتادة، و رواه أيضا عن الضحاك و الحسن.

و لفظ الحديث أوضح شاهد على أنه من قبيل التطبيق النظري، و حينئذ يتوجه إليه ما توجه إلى ما تقدمه من الروايات فإن هذه الوقائع و الغزوات تشتمل على حوادث و أمور و قد قاتل فيها رجال كخالد و مغيرة بن شعبة و بسر بن الأرطاة و سمرة بن جندب يذكر التاريخ عنهم فيها و بعد ذلك مظالم و آثاما لا تدع الآية: يحبهم و يحبونه، إلخ أن تصدق فيهم و تنطبق عليهم، فعليك بالرجوع إلى التاريخ ثم التأمل فيما قدمناه من معنى الآية.

و قد بلغ من إفراط بعض المفسرين أن استغرب قول بعضهم: «إن الآية أوضح انطباقا على الأشعريين من أهل اليمن منها على هؤلاء الذين قاتلوا أهل الردة» قائلا: إن الآية عامة تشمل كل من نصر الدين ممن اتصف بمضمونها من خيار المسلمين من مؤمني عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و من جاء بعد ذلك من المؤمنين، و تنطبق على جميع ما تقدم من الأخبار كالخبر الدال على أنهم سلمان و قومه - على ضعفه - و الخبر الدال على أنه أبو موسى الأشعري و قومه، و الخبر الدال على أنه أبو بكر و أصحابه إلا ما دل على أنه علي - (عليه السلام) - فإن لفظ الآية لا ينطبق عليه لأن لفظ القوم - المأخوذ في الآية - لا يجري على الواحد لأنه نص في الجماعة.

هذا محصل كلامه، و ليس إلا أنه عامل كلامه تعالى فيما ذكره من الثناء على القوم و مدحهم معاملة الشعر الذي يبني المدح على التخيل، فما قدر عليه خيال الشاعر حمله على ممدوحه من غير أن يعتني بأمر الصدق و الكذب، و قد قال تعالى: «و من أصدق من الله قيلا»: النساء: 122 أو على المتعارف من الكلام الدائر بيننا الذي لا يعتمد في إلقائه إلا على الأفهام البانية على التسامح و التساهل في التلقي و الإلقاء، و الاعتذار بالمسامحة في كل ما أشكل عليها في شيء و قد قال تعالى: «إنه لقول فصل و ما هو بالهزل»: الطارق: 14 و قد عرفت فيما تقدم أن الآية لو أعطيت حق معناها فيما تتضمنه من الصفات تبين أن مصداقها لم يتحقق بعد إلى هذا الحين فراجع و تأمل ثم اقض ما أنت قاض.

و من العجيب ما ذكره في آخر كلامه فإن من ذكر نزول الآية في علي (عليه السلام) إنما ذكر عليا و أصحابه كما ذكر آخرون: سلمان و ذويه، و آخرون: أبا موسى و قومه، و آخرون: أبا بكر و أصحابه، و كذا ما ورد من الروايات - و قد تقدم بعضها - إنما ورد في علي و أصحابه، و لم يذكر نزول الآية في علي (عليه السلام) وحده حتى يرد بأن لفظ الآية نص في الجماعة لا ينطبق على المفرد.

نعم ورد في تفسير الثعلبي أنها نزلت في علي و أيضا في نهج البيان للشيباني عن الباقر و الصادق (عليهما السلام) أنها نزلت في علي (عليه السلام)، و المراد به بقرينة الروايات الآخر نزوله فيه و في أصحابه من جهة قيامهم بنصرة الدين في غزوة الجمل و صفين و الخوارج.

مع أنه سيأتي أن الروايات من طرق الجمهور متكاثرة في نزول آية: «إنما وليكم الله و رسوله» في علي (عليه السلام) و لفظ الآية جمع.

على أن في الرواية - رواية قتادة و الضحاك و الحسن - إشكالا آخر و هو أن قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم و يحبونه» إلخ ظاهر ظهورا لا مرية فيه في معنى التبديل و الاستغناء سواء كان الخطاب للموجودين في يوم النزول أو لمجموع الموجودين و المعدومين، و المقصود خطاب الجماعة من المؤمنين بأنهم كلهم أو بعضهم إن ارتدوا عن دينهم فسوف يبدلهم الله من قوم يحبهم و يحبونه - و هو لا يحب المرتدين و لا يحبونه - و لهم كذا و كذا من الصفات ينصرون دينه.

و هذا صريح في أن القوم المأتي بهم جماعة من المؤمنين غير الجماعة الموجودين في أوان النزول، و المقاتلون أهل الردة بعيد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا موجودين حين النزول مخاطبين بقوله: «يا أيها الذين آمنوا» إلخ فهم غير مقصودين بقوله: «فسوف يأتي الله بقوم» إلخ.

و الآية جارية مجرى قوله تعالى: «و إن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم»: محمد: 38.

و في تفسير النعماني، بإسناده عن سليمان بن هارون العجلي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن صاحب هذا الأمر محفوظ له، لو ذهب الناس جميعا أتى الله بأصحابه، و هم الذين قال الله عز و جل: «فإن يكفر بها هؤلاء - فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين» و هم الذين قال الله: «فسوف يأتي الله بقوم يحبهم و يحبونه - أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين» أقول: و روى هذا المعنى العياشي و القمي في تفسيريهما.

كلام و بحث مختلط من القرآن و الحديث

مما تقدم في الأبحاث السابقة مرارا التلويح إلى أن الخطابات القرآنية التي يهتم القرآن بأمرها، و يبالغ في تأكيدها و تشديد القول فيها لا يخلو لحن القول فيها من دلالة على أن العوامل و الأسباب الموجودة متعاضدة على أن تسوقهم إلى مهابط السقوط و دركات الردى، و الابتلاء بسخط الله كما في آيات الربا و آية مودة القربى و غيرهما.

و من طبع الخطاب ذلك فإن المتكلم الحكيم إذا أمر بأمر حقير يسير ثم بالغ في تأكيده و الإلحاح عليه بما ليس شأنه ذلك، أو خاطب أحدا بخطاب ليس من شأن ذلك المخاطب أن يوجه إلى مثله ذلك الخطاب كنهي عالم رباني ذي قدم صدق في الزهد و العبادة عن ارتكاب أفضح الفجور على رءوس الأشهاد دل ذلك على أن المورد لا يخلو عن شيء و أن هناك خطبا جليلا و مهلكة خطيرة مشرفة.

و الخطابات القرآنية التي هذا شأنها تعقبت حوادث صدقتها في ما كانت تلوح إليه بل تدل عليه، و إن كان السامعون لعلهم ما كانوا يتنبهون في أول ما سمعوها يوم النزول على ما تتضمنه من الإشارات و الدلالات.

فقد أمر القرآن بمودة قربى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و بالغ فيها حتى عدها أجر الرسالة و السبيل إلى الله سبحانه ثم وقع أن استباحت الأمة في أهل بيته من فجائع المظالم ما لو أمروا به لم يكونوا ليزيدوا على ما أتوا به فيهم.

و نهى القرآن عن الاختلاف و بالغ فيه بما لا مزيد عليه ثم وقع إن تفرقت الأمة تفرقا و انشعبت انشعابات زادت على ما عند اليهود و النصارى، و كانت اليهود إحدى و سبعين فرقة، و النصارى اثنتين و سبعين فرقة فأتى المسلمون بثلاث و سبعين فرقة هذا في مذاهبهم في معارف الدين العلمية، و أما مذاهبهم في السنن الاجتماعية و تأسيس الحكومات و غيرها فلا تقف على حد حاصر.

و نهى القرآن عن الحكم بغير ما أنزل الله، و نهى عن إلقاء الاختلاف بين الطبقات و نهى عن الطغيان و اتباع الهوى إلى غير ذلك و شدد فيها ثم وقع ما وقع.

و الأمر في النهي عن ولاية الكفار و أهل الكتاب نظير غيره من النواهي المؤكدة الواردة في القرآن الكريم بل ليس من البعيد أن يدعى أن التشديد الواقع في النهي عن ولاية الكفار و أهل الكتاب لا يعدله أي تشديد واقع في سائر النواهي الفرعية.

فقد بلغ الأمر فيه إلى أن عد الله سبحانه الموالين لأهل الكتاب و الكفار منهم: «و من يتولهم منكم فإنه منهم» و نفاهم من نفسه إذ قال: «و من يفعل ذلك فليس من الله في شيء: آل عمران: 28 و حذرهم منتهى التحذير فقال مرة بعد أخرى: «و يحذركم الله نفسه»: آل عمران: 28 - 30 و قد مر في الكلام على الآية أن مدلولها وقوع المحذور لا محالة قضاء حتما لا مبدل له و لا محول.

و إن شئت مزيد وضوح لذلك فتدبر في قوله تعالى: «و إن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم - و قد ذكر قبل الآية قصص أمم نوح و هود و صالح و غيرهم ثم اختلاف اليهود في كتابهم - إنه بما تعملون خبير فاستقم كما أمرت و من تاب معك و لا تطغوا - و الخطاب كما ترى خطاب اجتماعي - إنه بما تعملون بصير»: هود: 121 ثم تدبر في قوله تعالى بعده: «و لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار و ما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون»: هود: 131.

و قد بين الله سبحانه معنى مسيس هذه النار في الدنيا قبل الآخرة - و الآية مطلقة - و هو الذي توعد به في قوله: «و يحذركم الله نفسه» بقوله تعالى: «اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم و اخشون»: المائدة: 3 فبين فيه أن الذي كان يخشاه المؤمنون على دينهم من الذين كفروا و هم المشركون و أهل الكتاب - كما تبين سابقا - إلى يوم نزول الآية فهم اليوم في أمن منه فلا ينبغي لهم أن يخشوهم فيه بل يجب عليهم أن يخشوا فيه ربهم، و الذي كانوا يخشونهم فيه على دينهم هو أن الكفار لم يكن لهم هم فيهم إلا إطفاء نور الدين، و سلب هذه السلعة النفيسة من أيديهم بأي وسيلة قدروا عليها.

فهذا هو الذي كانوا يخشونه قبل اليوم، و بنزول سورة المائدة أمنوا ذلك و اطمأنت أنفسهم غير أنه يجب عليهم أن يخشوا في ذلك ربهم أن لا يذهب بنورهم و لا يسلبهم دينه.

و من المعلوم أن الله سبحانه لا يفاجىء قوما بنقمة أو عذاب من غير أن يستحقوه قال تعالى: «ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»: الأنفال: 53 فبين أن تغييره النعمة لا يكون إلا عن استحقاق، و أنه يتبع تغيير الناس ما بأنفسهم، و قد سمى الدين أو الولاية الدينية كما تقدم نعمة حيث قال بعده: «اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا»: المائدة: 3.

فتغيير هذه النعمة من قبلهم، و التخطي عن ولاية الله بقطع الرابطة منه، و الركون إلى الظالمين، و ولاية الكفار و أهل الكتاب هو المتوقع منهم، و الواجب عليهم أن يخشوه على أنفسهم فيخشوا الله في سخط لا راد له، و قد أوعدهم فيه بقوله: «و من يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين»: المائدة: 51 فأخبر أنه لا يهديهم إلى سعادتهم فهي التي تتعلق بها الهداية، و سعادتهم في الدنيا إنما هي أن يعيشوا على سنة الدين و السيرة العامة الإسلامية في مجتمعهم.

و إذا انهدمت بنية هذه السيرة اختلت مظاهرها الحافظة لمعناها من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و سقطت شعائره العامة، و حلت محلها سيرة الكفار و لم يزل تستحكم أركانها و تستثبت قواعدها، و هذا هو الذي عليه مجتمع المسلمين اليوم.

و لو تدبرت في السيرة الإسلامية العامة التي ينظمها الكتاب و السنة و يقررانها بين المسلمين ثم في هذه السيرة الفاسدة التي حملت اليوم على المسلمين ثم تدبرت في ما يشير إليه بقوله: «فسوف يأتي الله بقوم يحبهم و يحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم»: المائدة: 54 وجدت أن جميع الرذائل التي تحيط بمجتمعنا معاشر المسلمين و تحكم فينا اليوم - مما اقتبسناها من الكفار ثم نمت و نسلت فينا - إنما هي أضداد ما ذكره الله في وصف من وعد بالإتيان به في الآية أعني أن جميع رذائلنا الفعلية تتلخص في أن المجتمع اليوم لا يحبون الله و لا يحبهم الله، أذلة على الكافرين، أعزة على المؤمنين، لا يجاهدون في سبيل الله، يخافون كل لومة.

و هذا هو الذي تفرسه القرآن في وجه القوم، و إن شئت فقل: هو النبأ الغيبي الذي نبأ به العليم الخبير أن المجتمع الإسلامي سيرتد عن دينه، و ليست ردة مصطلحة و إنما هي ردة تنزيلية يبينها قوله تعالى: «و من يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين»: المائدة: 51 و قوله: «و لو كانوا يؤمنون بالله و النبي و ما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء و لكن كثيرا منهم فاسقون»: المائدة: 81.

و قد وعدهم الله النصر إن نصروه، و تضعيف أعدائهم إن لم يقووهم و يؤيدوهم فقال: «إن تنصروا الله ينصركم»: محمد: 7 و قال: «و لو ءامن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون و أكثرهم الفاسقون لن يضروكم إلا أذى و إن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ضربت عليهم الذلة و المسكنة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله و حبل من الناس»: آل عمران: 121 و ليس من البعيد أن يستفاد من قوله: «إلا بحبل من الله و حبل من الناس» أن لهم أن يخرجوا من الذلة و المسكنة بموالاة الناس لهم و تسليط الله تعالى إياهم على الناس.

ثم وعد الله سبحانه المجتمع الإسلامي - و شأنهم هذا الشأن - بالإتيان بقوم يحبهم و يحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم، و الأوصاف المعدودة لهم - كما عرفت - جماع الأوصاف التي يفقدها المجتمع الإسلامي اليوم، و يستفاد بالإمعان في التدبر فيها تفاصيل الرذائل التي تنبىء الآية أن المجتمع الإسلامي سيبتلى بها.

و قد اشتملت على تعدادها عدة من أخبار ملاحم آخر الزمان المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و الأئمة من أهل بيته (عليهم السلام)، و هي على كثرتها و من حيث المجموع و إن كانت لا تسلم من آفة الدس و التحريف إلا أن بينها أخبارا يصدقها جريان الحوادث و توالي الوقائع الخارجية، و هي أخبار مأخوذة من كتب القدماء المؤلفة قبل ما يزيد على ألف سنة من هذا التاريخ أو قريبا منه، و قد صحت نسبتها إلى مؤلفيها و تظافر النقل عنها.

على أنها تنطق عن حوادث و وقائع لم تحدث و لم تقع في تلك الأونة و لا كانت مترقبة تتوقعها النفوس التي كانت تعيش في تلك الأزمنة فلا يسعنا إلا الاعتراف بصحتها و صدورها عن منبع الوحي

تفسير نور الثقلين

سورة المائدة

82 - 86

لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ (85) وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (86)

316 - في تفسير على بن ابراهيم واما قوله: لتجدن اشد الناس عداوة ييبي للذين آمنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن اقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى فانه كان سبب نزولها انه لما اشتدت قريش في اذى رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه الذين آمنوا به بمكة قبل الهجرة أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرجوا إلى الحبشة، وأمر جعفر بن أبيطالب ان يخرج معهم، فخرج جعفر ومعه سبعون رجلا من المسلمين حتى ركبوا البحر، فلما بلغ قريشا خروجهم بعثوا عمرو بن العاص وعمارة ابن الوليد إلى النجاشى ليردهم اليهم، وكان عمرو وعمارة متعاديين، فقالت قريش: كيف نبعث رجلين متعاديين؟ فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة، وبرئت بنوسهم من جناية عمرو بن العاص، فخرج عمارة وكان حسن الوجه شابا مترفا، فأخرج عمرو بن العاص أهله معه، فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر فقال عمارة لعمرو بن العاص قل لاهلك تقبلنى، فقال عمرو: أيجوز هذا سبحان الله؟ فسكت عمارة فلما انتشا عمرو وكان على صدر السفينة فدفعه عمارة وألقاه في البحرر فتشبث عمرو بصدر السفينة وأدركوه وأخرجوه فوردوا على النجاشى وقد كانوا حملوا اليه هدايا فتقبلها منهم فقال عمرو بن العاص: ايها الملك ان قوما منا خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا وصاروا اليك فردهم الينا، فبعث النجاشى إلى جعفر فجاءه فقال: يا جعفر ما يقول. هؤلاء؟ فقال جعفر: ايها الملك وما يقولون؟ قال يسئلون ان أردكم اليهم، قال: ايها الملك سلهم أعبيد نحن لهم؟ فقال عمرو: لابل أحرار كرام، ثم قال: فسلهم ألهم علينا ديون يطالبونا بها؟ قال: لامالنا عليكم ديون، قال: فلكم في أعناقنا دماء تطالبونا بذحول1 فقال عمرو الا، قال. فما تريدون منا؟ آذيتمونا فخرجنا من بلادكم، فقال عمرو بن العاص ايها الملك خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا وأفسدوا شبابنا وفرقوا جماعتنا فردهم الينا ليجمع امرنا فقال جعفر، نعم ايها الملك خالفناهم بعث الله فينا نبيا أمرنا بخلع الانداد وترك الاستقسام بالازلام وامرنا بالصلوة والزكوة. وحرم الظلم والجور وسفك الدماء بغير حقها. والزنا والربا والميتة والدم ولحم الخنزير وامرنا بالعدل والاحسان، وايتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى، فقال النجاشى، بهذا بعث الله عيسى بن مريم عليهما السلام ثم قال النجاشى. ياجعفر هل تحفظ مما أنزل الله على نبيك شيئا؟ قال. نعم فقرء عليه سورة مريم فلما بلغ إلى قوله، (وهزى اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلى واشربى وقربى عينا) فلما سمع النجاشى بهذا بكى بكاءا شديدا وقال، هذا والله هو الحق فقال عمرو بن العاص، ايها الملك ان هذا مخالف لنافرده الينا، فرفع النجاشى يده فضرب بها وجه عمرو ثم قال اسكت والله لئن ذكرته بسوء لافقدنك نفسك. فقام عمرو ابن العاص من عنده والدماء تسيل على وجهه وهو يقول: ان كان هذا كما يقول ايها الملك فانا لانتعرض له وكانت على رأس النجاشى وصيفة2 له تذب عنه، فنظرت إلى عمارة بن الوليد وكان فتى جميلا فأحبته فلما رجع عمرو بن العاص إلى منزلة قال لعمارة: لو راسلت جارية الملك؟ فراسلها فأجابته، فقال عمرو. قل لها تبعث اليك من طيب الملك شيئا فقال لها فبعثت اليه فأخذ عمرو من ذلك الطيب وكان الذى فعل به عمارة في قلبه حين ألقاه في البحر، فأدخل الطيب على النجاشى فقال. ايها الملك ان حرمة الملك عندنا وطاعته علينا وما يكرمنا اذ دخلنا بلاده ونأمن منه الانغشه ولانريبه وان صاحبى هذا الذى معى قدراسل حرمتك وخدعها وبعثت اليه من طيبك، ثم وضع الطيب بين يديه فغضب النجاشى وهم بقتل عمارة ثم قال. لايجوز قتله فانهم دخلوا بلادى بأمان. فدعى النجاشى السحرة فقال لهم. اعملوا به شيئا أشد عليه من القتل. فأخذوه ونفخوا في أحليله الزيبق، فصار مع الوحش بغدو ويروح وكان لايأنس بالناس، فبعث قريش بعد ذلك فكمنوا له في موضع حتى ورد الماء مع الوحش فأخذوه، فما زال يضطرب في ايديهم ويصيح حتى مات، ورجع عمر والى قريش فأخبرهم ان جعفرا في أرض الحبشة في اكرم كرامة، فلم يزل بها حتى هادن رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا وصالحهم وفتح خيبرا، فوافى بجميع من معه وولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبدالله بن جعفر، وولد للنجاشى ابن فسماه النجاشى محمدا وكانت ام حبيب بنت أبى سفيان تحت عبدالله. فكتب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى النجاشى يخطب ام حبيب. فبعث اليها النجاشى. فخطبها لرسول الله فأجابته فزوجها منه وأصدقها أربعمائة دينار، وساقها عن رسول الله، وبعث اليها بثياب وطيب كثير وجهزها وبعثها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وبعث اليه بمارية القبطية ام ابراهيم، وبعث اليه بثياب وطيب وفرس، وبعث ثلثين رجلا من القسيسين، فقال لهم. انظروا إلى كلامه والى مقعده ومشربه ومصلاه، فلما وافوا المدينة دعاهم رسول الله إلى الاسلام وقرأ عليهم القرآن: (واذ قال الله يا عيسى بن مريم اذكر نعمتى عليك وعلى والدتك) إلى قوله. (فقال الذين كفروا ان هذا الاسحر مبين) فلما سمعوا ذلك من رسول الله بكوا وآمنوا ورجعوا إلى النجاشى فأخبروه خبر رسول الله وقرأوا عليه ماقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله. فبكى النجاشى وبكى القسيسون، وأسلم النجاشى ولم يظهر للحبشة اسلامه وخافهم على نفسه فخرج من بلاد الحبشة يريد النبى صلى الله عليه وآله فلما عبر البحر توفى فأنزل الله على رسوله (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود) إلى قوله: ذلك جزاء المحسنين).

317 - في تفسير العياشى عن مروان عن بعض أصحابنا عن ابيعبدالله عليه السلام قال: ذكر النصارى وعداوتهم فقال قول الله: ذلك بان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون قال اولئك كانوا قوما بين عيسى ومحمد ينتظرون مجئ محمد صلى الله عليه وآله.

أحترم كلامك جدا بالفعل لازم الواحد يشوف الآيات كامله وانت متعدتش حدودك كلامك مفهوش اي غلط بالعكس انا مشفتش اي كلمه فيها اهانه لدين الاسلامي

تم تعديل بواسطة inas

* لسانك لا تذكر به عورة امرىء فكلك عورات وللناس أعين

* إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر

022.gif

79046.gif

رابط هذا التعليق
شارك

الاخ الفاضل كامل الجمل.

انا بأكتبلك ردى الشخصى واظن ان فيه ناس كتير بيشاركونى الرد ده...

اساس العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين موجودة فى الاياتين الكريمتين:

"لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَِ* إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَِ"

خلى بالك من كلمتي البر والقسط وما تعنيهما... وده تجاه غير المسلمين بمن فيهم المشركين... فما بالك باصحاب الكتاب من مسيحيين ويهود...

ما تعانيه مصر هو ظلم بين وفساد تام يخلى الكل يشعر بالظلم والضيق حتى بين الاخوة... بس لو حسبتها كويس حتعرف ان المسلم والقبطى اخوة وجيران واصحاب من زمان... وصدقنى دعاة الفرقة والتشرذم من الطرفين وان كان صوتهم عالى دلوقتى ... صوتهم مش حيدوم...

لو انشغلت تانى ومعرفتش ادخل الموقع فى فترة الاعياد... احب اقول لك كل سنة وانت طيب.. :wub:

تحياتى

تم تعديل بواسطة New
رابط هذا التعليق
شارك

كل سنه وانت طيب يا كيمو :lol:

شوف يا كامل

اتفق معاك قلبا و قالبا و ما قلته اتفق عليه الكثير من علماء الدين الإسلامي المعتدلين

أخطر و ألعن حاجه عندنا و في اي مجتمع آخر هي حكمة ذوي أنصاف المعلومات

حتقولي يعني ايه (على رأي ابو محمد)

أقولك يعني مثلا زي التمرجي اللي يبتدي يعتقد انه بقى دكتور ويبتدي يوصف الأدويه للمرضى

صحيح ممكن يكون عنده شوية معلومات اكتر من اي واحد طبيعي

لكن ممكن يودي المرضى في داهيه لأنه ببساطه مش دكتور

و حكاية آية لا تقربوا الصلاه عندنا معروفه ايضا

تلاقي واحد حفظله آيتين و ميعرفش اسباب نزولهم ولا ايه معناهم الحقيقي و يقوم قايلهم في اي مناسبه يخلي الناس الطيبه البسيطه تكره بعض و تموت بعض

بالرغم انه ملوش مصلحه حقيقيه من وراء ذلك

انما الحماس الزائد و فهمه الخاطئ في ان اي مساهمه منه قد تزيده ثواب او قربا الى الله بصرف النظر عن صحة او خطأ المساهمه و النتائج

تأكد ان المسلمين الحقيقين مش متعصبين لكن كل مجتمع فيه الضال و الغير ضال حسب مورد علمه و ثقافته و سعة أفقه

حتى انتو كمان كده صح؟ :lol:

وانا زعلان منك عشان قلتلك ميري كريسماس و كل سنه وانت طيب و لسه مرديتش عليا

انت متعصب ولا إيه؟ :o

Vouloir, c'est pouvoir

اذا كنت لا تقرأ الا ما يعجبك فقط فإنك لن تتعلم ابدا

Merry Chris 2 all Orthodox brothers

Still songs r possible

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم

الاخوه الاعزاء اتفق معكم تماما فى ان الاسلام دين الرحمه و الانسانيه ليس فقط مع مخالفيه فى العقيده و انما حتى مع الحيوان الاعجم .

نظره بسيطه فى التاريخ يوم دخول الاسلام مصر كان نصارى مصر مضطهدين تحت الحكم الرومانى الجائر فماذا حدث بعد دخول عمرو و رفاقه هل اقاموا مذابح جماعيه و تهجير كما فعل تتار العصر مع الهنود الحمر اصحاب البلد و ابادوهم عن بكره ابيهم ام ماذا فعلوا لقد اعاد عمرو كبير النصارى الهارب من بطش الرومان فى الصحراء الى كرسيه و سمح له بممارسه دينه و لم يجبره هو و اتباعه على الاسلام فماذا حدث اليوم مصر ولله الحمد 95% منها مسلمون و كان لها و مازال الى ما شاء الله اكبر الاثر فى نصره هذا الدين و لله الحمد او ليس جندها خير اجناد الارض .

اخوتى ديننا و لله الحمد دين كامل لم يترك اى شئ ووضع لنا كل الضوابط للتعامل مع الغير ايا كان موقف هذا الغير او عقيدته .

و كل هذا مدون و لله الحمد فى القران او السنه المطهره الصحيحه فى كتب اهل العلم المشهود لهم

نتراحم مع اهل الكتاب نعم نعاملهم باحترام و حسن الجوار نعم نواليهم لا بنص الكتاب و السنه لا.

و المشكله كما اشار اخونا زهيرى ليس فى وجود انصاف المتعلمين و انما اضيف اشباه المتعلمين و لا اقصد بالطبع التعليم الدنيوى فى الطب و الهندسه و ما الى ذلك و انما علوم الدين و على راسها التوحيد و الذى هو فرض عين على كل مسلم ان يتعلمه لانه اول ما يسال عليه المسام فى قبره فللاسف الكثير كما اسلف اخونا يدلى بدلوه في ما ليس له به علم .

نقول لهم هداكم الله و دين الله احق بالاتباع و ليتذكر الموالون ان المرء على دين خليله و ان المرء يحشره الله مع من احب.

<strong class='bbc'><strong class='bbc'>وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا</strong></strong><br /><br /><strong class='bbc'><span style='font-family: arial'>يَعْمَلُ </span></strong><br /><br /><strong class='bbc'><span style='font-family: arial'><strong class='bbc'>الظَّالِمُونَ</strong></span></strong><br /><br /><strong class='bbc'><span style='font-family: arial'>إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ</span></strong><br /><br /><br /><br /><br /><br /><p class='bbc_center'><span style='font-size: 18px;'><strong class='bbc'>(24) إبراهيم </strong></span></p>

رابط هذا التعليق
شارك

الاخ المحترم

عندما رايت موضوعك حقيقة ترددت بالاشتراك فيه ليس لانه موضوعك ولكن خشية من فهم الكلام خطأ كما سبق وحدث ولكنى اردت المشاركة لتوضيح بعض الامور لحضرتك ولبعض ناس تحاول استخدام كلامات نحن فى غنى عنها وتعتقد انها واحدها تفهم مايحتويها اويصعب فهما علينا ولكن هذا لايهم ماعلينا منها....

شوف يا اخى المحترم هنكلم بكل هدوء وصراحة ليس فيها اى تعصب ولا زعل ولاغضب واحب اذكرك بشىء فى بداية كلامى نحن عندما نتكلم عن المسيحين ماذا نقول ؟؟ نقول (الاخوه المسيحين ) واحب اشكر الاخت ايناس على مجهودها

الايه الكريمة : 5_051.gif

تفسير الايه :

يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن تتخذوا اليهود ولا النصارى نصراء توالونهم، فهم سواء فى معاداتكم. ومن جعل لهم الولاية عليه فإنه من جملتهم، وإن الله لا يهدى الذين يظلمون أنفسهم بجعل ولايتهم للكافرين... ينهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى ، الذين هم اعداء الاسلام واهله - قاتلهم الله- ثم اخبر ان بعضهم اولياء بعض ثم تهدد وتوعد من يتعاطى ذلك .. فقال : { ومن يتولهم منكم فانه منهم } قال ابن ابى حاتم : حدثنا كثير بن شهاب حدثنا عمرو بن ابى قيس عن سماك بن حر ب ،، عن عياض ان عمر امر ابا موسى الاشعرى ان يرفع اليه ما اخذ واعطى فى أديم واحد وكان له كاتب نصرانى ، فرفع اليه ذلك ، فعجب عمر وقال : ان هذا لحفيظ ، هل انت قارىء لنا كتابا فى المسجد جاء من الشام ؟ فقال : انه لايستطيع ، فقال عمر : اجنب هو؟ قال : لا بل نصرانى . قال : فانتهرنى وضرب فخذى ، ثم قال اخرجوه ثم قرأ { يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء }

فهذا ليس معناه الكره او اننا نكن لكم الكره فكيف ونحن نتعامل معكم من كل ناحيه نتعامل سواء اصدقاء او جيران او زملاء عمل فهذا لا يعنى عدم التعامل نهائيا ولكننا نتحدث عن المولاة اتمنى ان يكون المقصود واضح

كما جاء فى نفس السورة . سورة المائدة قول الله تعالى :

5_082.gif

تفسير الايه مبسط :

نؤكد لك - أيها النبى - أنك تجد أشد الناس حقدًا وكراهية لك، ولمن آمن بك هم اليهود والذين أشركوا مع الله غيره فى العبادة، وتجد أن أقرب الناس مودة ومحبة لك هم أتباع عيسى الذين سموا أنفسهم نصارى، لأن فيهم قسيسين يعلمون دينهم، ورهبانًا يخشون ربهم، ولأنهم لا يستكبرون عن سماع الحق. .

فبماء اننا نؤمن بكل ما جاء فى كتابا الكريم فكيف لا نؤمن بمثل هذه الايه

الاخ الكريم حبيت اوضح لك بابسط الكلام والتفسير والشرح ان مش معنى اننا نتبع او نوضح شىء بديننا ويكون قد حرمه معناه الكره للغير فكل منا يرى ان دينه دين الحق وهذا لا غبار عليه صح الكلام فبتالى من حق كل انسان مناقشة دينه بحرية بدون حساب لزعل غيره :lol: طبعا بدون المساس بالاديان السماوية

واحب اقولك بعيد عن الايات والدين اننى كانت من اعز اصدقائى اخت مسيحية كانت زميلتى فى العمل ورغم كل هذا اذا قلت انى لا اوليها على اخت مسلمة هل معنى ذلك انى اكرها طبعا لاء واعتقد انها هى ايضا نفس الشىء وتأكد اننا اذا قلت لك عكس ذلك فاعرف وتأكد اننى منافقه واتمنى الا تزعل من صراحتى فى بعض الكلام فنحن نتحدث فى امور لايصح فيها النفاق او المجامله .. اللهم ارشدنا جميعا الى طريق الحق والهدايه

وايضا مع احترامى الشديد لاخ زوهيرى بمناسبة مداخلته احب اذكره بالايه الكريمه :

49_011.gif

فانت من يذكرنا دائما بحسن اداب الاسلام مع تحياتى للواد الامور اللى انت مش عوز تقولى اسمه ايه لغايه دلوقت

تم تعديل بواسطة بنت النيل

وبحبك وحشتينى ... بحبك وأنتى نور عينى

ولو أنتى مطلعه ... عينى بحبك موووت

مــــــــــصــــــــــــــر

رابط هذا التعليق
شارك

الاخوة والاخوات ماشاء الله قدمتم عرض هايل جدا لدرجة اني احس ليس لدي شيء اقوله

بارك الله فيكم

بالنسبة للافكار التي توءدي بينا الي طريق اللا نهاية وهي في الاساس التعصب الزائد

و المرفوض فياريت ينقوم بعودة بسيطة للوراء نلاحظ ان الاسلام لما دخل مصر كرم اهلها والمسحيين رحبوا بالاسلام ولا اعثر علي اي روايه فيها ظلم علي المسحيين عندما دخل الاسلام مصر بل بالعكس اخذوا حقوقهم وحريتهم والتي رفضها من قبل المقوقس ان يعطيها لهم

الان اختلف الامر واختلط الحابل بالنابل واصبحنا كلنا كمصريين مظلومين ومسلوبها حقوقنا فادعوا الاخوه المهتمين بالوفاق الوطني ان توضح الصورة حتي لا نقع في ما لا تحمد عقباه

عبده بيه

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

رابط هذا التعليق
شارك

وايضا مع احترامى الشديد لاخ زوهيرى بمناسبة مداخلته احب اذكره بالايه الكريمه :

49_011.gif

فانت من يذكرنا دائما بحسن اداب الاسلام مع تحياتى للواد الامور اللى انت مش عوز تقولى اسمه ايه لغايه دلوقت

:lol: والله العظيم لم اقصدك أو أقصد أي حد

كلامي كان عام و يحث كله على محبة الآخر طالما لم يظلمنا

و بعدين يابنت النيل هانم أنا عايز بس نخلي بالنا ان ليس كل ما يقوله المسلمون بينهم وبين بعض و خصوصا ما يمس من قريب او بعيد الأديان الأخرى ينفع نقوله على الملأ لأنه قد يجرح مشاعرهم و يتسبب في مشاكل جمه من عدم الفهم او عدم الاتفاق بدون داعي

و الكلام ده ينطبق على المسيحيين كمان طبعا

مش معنى كده اننا بنخجل من دينا او بنداري منه حاجات

بس رسول رسول الله لملك الحبشه (و لنا منه عبره) مراحش و هو بيقدمله الإسلام و جابله مثلا آية :

لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

مينفعش مثلا انا اروح أقوله انتو دينكم غلط و محرف و فيه كذا و كذا

ولا ينفع هو يقولي احنا آخر دين و مينفعش ييجي نبي تاني بعد المسيح عليه السلام

لو عملنا كده يبقى لازم حندبح في بعض في الآخر

لازم الديبلوماسيه و لكم دينكم ولي ديني والناس تعيش في سلام و اللي في القلب في القلب

لو انا غلطان صلحيلي من فضلك :o

و بالنسبه للواد الأمور اللي مسهرنا الليل اسمه إياد باشا على سن و رمح

عندك عروسه؟ :lol:

Vouloir, c'est pouvoir

اذا كنت لا تقرأ الا ما يعجبك فقط فإنك لن تتعلم ابدا

Merry Chris 2 all Orthodox brothers

Still songs r possible

رابط هذا التعليق
شارك

تحية عظيمة للفاضل سكوربيون على شجاعته الأدبية وأدبه الجم في عرض الموضوع

وكل سنة وأنت طيب أقولها لك من قلبي لك ولكل المشاركين معنا مسلمين ومسيحيين

وحتى يكون ردي له قيمة فسأنقل للجميع فتوى رسمية من إسلام أون لاين لفضيلة الشيخ القرضاوي أدام الله عليه الصحة وأعتقد أننا كلنا نتفق على الشيخ وعلى الموقع وأراؤه

،بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أجازت الشريعة الإسلامية معاملة أهل الكتاب، فأباحت أكل ذبائحهم (الجائز أكلها في شريعتنا) وأجازت نكاح نسائهم، والبيع والشراء لهم ، وكذلك القسط والبر والإحسان إليهم ما داموا غير محاربين، ولذلك لا مانع من تهنئتهم بأعيادهم دون أن نشاركهم في الاحتفالات التي لا تقرها شريعتنا

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :

إذا أردنا أن نجمل تعليمات الإسلام في معاملة المخالفين له - في ضوء ما يحل وما يحرم- فحسبنا آيتان من كتاب الله، جديرتان أن تكونا دستورا جامعا في هذا الشأن. وهما قوله تعالى: "لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (الممتحنة

فالآية الأولى لم ترغب في العدل والإقساط فحسب إلى غير المسلمين الذين لم يقاتلوا المسلمين في الدين، ولم يخرجوهم من ديارهم -أي أولئك الذين لا حرب ولا عداوة بينهم وبين المسلمين- بل رغبت الآية في برهم والإحسان إليهم. والبر كلمة جامعة لمعاني الخير والتوسع فيه، فهو أمر فوق العدل. وهي الكلمة التي يعبر بها المسلمون عن أوجب الحقوق البشرية عليهم، وذلك هو (بر) الوالدين.

وإنما قلنا: إن الآية رغبت في ذلك لقوله تعالى: "إن الله يحب المقسطين" والمؤمن يسعى دائما إلى تحقيق ما يحبه الله. ولا ينفي معنى الترغيب والطلب في الآية أنها جاءت بلفظ "لا ينهاكم الله" فهذا التعبير قُصد به نفي ما كان عالقا بالأذهان -وما يزال- أن المخالف في الدين لا يستحق برا ولا قسطا، ولا مودة ولا حسن عشرة. فبين الله تعالى أنه لا ينْهَى المؤمنين عن ذلك مع كل المخالفين لهم، بل مع المحاربين لهم، العادين عليهم.

ويشبه هذا التعبير قوله تعالى في شأن الصفا والمروة -لما تحرج بعض الناس من الطواف بهما لبعض ملابسات كانت في الجاهلية-: "فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا" (البقرة: 158) فنفى الجناح لإزالة ذلك الوهم، وإن كان الطواف بهما واجبا، من شعائر الحج.

نظرة خاصة لأهل الكتاب

وإذا كان الإسلام لا ينهى عن البر والإقساط إلى مخالفيه من أي دين، ولو كانوا وثنين مشركين -كمشركي العرب الذين نزلت في شأنهم الآيتان السالفتان- فإن الإسلام ينظر نظرة خاصة لأهل الكتاب من اليهود والنصارى. سواء أكانوا في دار الإسلام أم خارجها.

فالقرآن لا يناديهم إلا بـ (يا أهل الكتاب) و(يا أيها الذين أوتوا الكتاب) يشير بهذا إلى أنهم في الأصل أهل دين سماوي، فبينهم وبين المسلمين رحم وقربى، تتمثل في أصول الدين الواحد الذي بعث الله به أنبياءه جميعا: "شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ" (الشورى: 13).

والمسلمون مطالبون بالإيمان بكتب الله قاطبة، ورسل الله جميعا، لا يتحقق إيمانهم إلا بهذا: "قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (البقرة: 136).

وأهل الكتاب إذا قرؤوا القرآن يجدون الثناء على كتبهم ورسلهم وأنبيائهم. وإذا جادل المسلمون أهل الكتاب فليتجنبوا المراء الذي يوغر الصدور، ويثير العداوات: "وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (العنكبوت: 46).

وقد رأينا كيف أباح الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب وتناول ذبائحهم. كما أباح مصاهرتهم والتزوج من نسائهم مع ما في الزواج من سكن ومودة ورحمة. وفي هذا قال تعالى: "وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ" (المائدة: 5).

هذا في أهل الكتاب عامة. أما النصارى منهم خاصة، فقد وضعهم القرآن موضعا قريبا من قلوب المسلمين فقال: "وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ" (سورة المائدة: 82).

أهل الذمة

وهذه الوصايا المذكورة تشمل جميع أهل الكتاب حيث كانوا، غير أن المقيمين في ظل دولة الإسلام منهم لهم وضع خاص، وهم الذين يسمون في اصطلاح المسلمين باسم (أهل الذمة) والذمة معناها: العهد. وهي كلمة توحي بأن لهم عهد الله وعهد رسوله وعهد جماعة المسلمين أن يعيشوا في ظل الإسلام آمنين مطمئنين.

وهؤلاء بالتعبير الحديث (مواطنون) في الدولة الإسلامية، أجمع المسلمون منذ العصر الأول إلى اليوم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، إلا ما هو من شؤون الدين والعقيدة، فإن الإسلام يتركهم وما يدينون.

وقد شدد النبي -صلى الله عليه وسلم- الوصية بأهل الذمة وتوعد كل مخالف لهذه الوصايا بسخط الله وعذابه، فجاء في أحاديثه الكريمة: "من آذى ذميا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله"."من آذى ذميا فأنا خصمه ومن كنت خصمه، خصمته يوم القيامة"."من ظلم معاهدا، أو انتقصه حقا، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة".

وقد جرى خلفاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- على رعاية هذه الحقوق والحرمات لهؤلاء المواطنين من غير المسلمين. وأكد فقهاء الإسلام على اختلاف مذاهبهم هذه الحقوق والحرمات.

قال الفقيه المالكي شهاب الدين القرافي: "إن عقد الذمة يوجب حقوقا علينا؛ لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا وذمتنا وذمة الله تعالى، وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء، أو غيبة في عرض أحدهم، أو أي نوع من أنواع الأذية أو أعان على ذلك، فقد ضيع ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم وذمة دين الإسلام".

وقال ابن حزم الفقيه الظاهري: "إن من كان في الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح ونموت دون ذلك صونا لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة".

موالاة غير المسلمين ومعناها

ولعل سؤالا يجول في بعض الخواطر، أو يتردد على بعض الألسنة، وهو:

كيف يتحقق البر والمودة وحسن العشرة مع غير المسلمين، والقرآن نفسه ينهى عن موادة الكفار واتخاذهم أولياء وحلفاء في مثل قوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ" (المائدة:51،52).

والجواب: إن هذه الآيات ليست على إطلاقها، ولا تشمل كل يهودي أو نصراني أو كافر. ولو فهمت هكذا لناقضت الآيات والنصوص الأخرى، التي شرعت موادة أهل الخير والمعروف من أي دين كانوا، والتي أباحت مصاهرة أهل الكتاب، واتخاذ زوجة كتابية مع قوله تعالى في الزوجية وآثارها: "وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً" (الروم:21). وقال تعالى في النصارى: "وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى" (المائدة: 82).

إنما جاءت تلك الآيات في قوم معادين للإسلام، محاربين للمسلمين، فلا يحل للمسلم حينذاك مناصرتهم ومظاهرتهم -وهو معنى الموالاة- واتخاذهم بطانة يفضي إليهم بالأسرار، وحلفاء يتقرب إليهم على حساب جماعته وملته؛ وقد وضحت ذلك آيات أخر كقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتِّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ" (آل عمران: 118،119).

فهذه الآية تبين لنا صفات هؤلاء، وأنهم يكنون العداوة والكراهية للمسلمين في قلوبهم، وقد فاضت آثارها على ألسنتهم.

وقال تعالى: "لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ" (المجادلة: 22). ومحادَّة الله ورسوله ليست مجرد الكفر، وإنما هي مناصبة العداء للإسلام والمسلمين.

وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ" (الممتحنة: 1).

فهذه الآية نزلت في موالاة مشركي مكة الذي حاربوا الله ورسوله، وأخرجوا المسلمين من ديارهم بغير حق إلى أن يقولوا: ربنا الله. فمثل هؤلاء هم الذين لا تجوز موالاتهم بحال. ومع هذا فالقرآن لم يقطع الرجاء في مصافاة هؤلاء، ولم يعلن اليأس البات منهم، بل أطمع المؤمنين في تغير الأحوال وصفاء النفوس، فقال في السورة نفسها بعد آيات: "عَسَى اللهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (الممتحنة:7).

وهذا التنبيه من القرآن الكريم كفيل أن يكفكف من حدة الخصومة وصرامة العداوة، كما جاء في الحديث: "أبغض عدوك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما".

وتتأكد حرمة الموالاة للأعداء إذا كانوا أقوياء، يرجون ويخشون، فيسعى إلى موالاتهم المنافقون ومرضى القلوب، يتخذون عندهم يدا، يرجون أن تنفعهم غدا. كما قال تعالى: "فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ" (المائدة: 52). "بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ للهِ جَمِيعًا" (النساء: 138،139).

استعانة المسلم بغير المسلم

ولا بأس أن يستعين المسلمون -حكاما ورعية- بغير المسلمين في الأمور الفنية التي لا تتصل بالدين من طب وصناعة وزراعة وغيرها، وإن كان الأجدر بالمسلمين أن يكتفوا في كل ذلك اكتفاء ذاتيا.

وقد رأينا في السيرة النبوية كيف استأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط -وهو مشرك- ليكون دليلا له في الهجرة. قال العلماء: ولا يلزم من كونه كافرا ألا يوثق به في شيء أصلا؛ فإنه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق ولا سيما في مثل طريق الهجرة إلى المدينة.

وأكثر من هذا أنهم جوزوا لإمام المسلمين أن يستعين بغير المسلمين -بخاصة أهل الكتاب- في الشؤون الحربية، وأن يسهم لهم من الغنائم كالمسلمين.

روى الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود في حربه فأسهم لهم، وأن صفوان بن أمية خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين وكان لا يزال على شركه.

ويشترط أن يكون من يستعان به حسن الرأي في المسلمين، فإن كان غير مأمون عليهم لم تجز الاستعانة به؛ لأننا إذا منعنا الاستعانة بمن لا يؤمن من المسلمين مثل المخذل والمرجف فالكافر أولى.

ويجوز للمسلم أن يهدي إلى غير المسلم، وأن يقبل الهدية منه، ويكافئ عليها، كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى إليه الملوك فقبل منهم. وكانوا غير مسلمين.

قال حفاظ الحديث: والأحاديث في قبوله صلى الله عليه وسلم هدايا الكفار كثيرة جدا فعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لها: "إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي من حرير".

إن الإسلام يحترم الإنسان من حيث هو إنسان فكيف إذا كان من أهل الكتاب؟ وكيف إذا كان معاهدا أو ذميا؟

مرت جنازة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام لها واقفا، فقيل له: "يا رسول الله إنها جنازة يهودي؟! فقال: أليست نفسا"؟! بلى، وكل نفس في الإسلام لها حرمة ومكان.

ويقول في تهنئة اليهود والنصارى في أعيادهم:

هذه حقوق مشتركة، فإذا كان الكتابي يأتي ويهنئك ويعيد عليك في عيدك ويشارك في أتراحك ومصيبتك فيعزيك بها، فما المانع من أن تهنئه بعيده وفي أفراحه وتعزيته في مصيبته؟ الله سبحانه يقول: "وإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا" (النساء: 86)، وهذا لا يعني أن نحتفل معهم، إنما نهنئ فقط، وهذا من البر والقسط الذي جاء به هذا الدين.

والله أعلم.

وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلة ٌ وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا

وَلَسْتُ بَهَيَّــــــابٍ لمنْ لا يَهابُنِي ولستُ أرى للمرءِ ما لا يرى ليــا

فإن تدنُ مني، تدنُ منكَ مودتــي وأن تنأ عني، تلقني عنكَ نائيــــا

كِلاَنــا غَنِيٌّ عَنْ أخِيه حَيَـــــاتَــه وَنَحْنُ إذَا مِتْنَـــا أشَدُّ تَغَانِيَــــــــا

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم

إخوتى الاعزاء جزاكم الله كل خير هذا جزء من محاضره للعلامه الراحل ابن عثيمين فى هذا الموضوع ارجو من الله ان نستفيد منها .

http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_232.shtml

(أيها المسلمون أقرءوا التاريخ فإن التاريخ في ماضيه وحاضره ليثبت ما قرره الله عز وجل في هذه الآيات الكريمة فإياكم إياكم إن تنخدعوا بما عليه أعداكم من الكفر بالله ورسله وانحلال الأخلاق وفساد الأفكار وإن زينوا ذلك في أعينكم وسولوه وسهلوه في نفوسكم ولقد أغتر كثير من الناس ولقد أغتر كثير من الناس ممن هم سفهاء العقول سفهاء العقول غلال الدين اغتروا بما عليه هؤلاء الأعداء من القوة المادية فصاروا يداهنونهم ويتوددون إليهم مع أن الله عز وجل قال (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَه وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) ولهذا إي من التودد لهؤلاء الأعداء الكفار أن بعض الناس يهنئ هؤلاء الكفار بأعيادهم الدينية التي يقيمونها على رأس سنتهم وهذا حرام بالاتفاق قال أبن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة قال : وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول عيد مبارك فيقول عيدٌ مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا والقول لأبن القيم رحمه الله فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات إي أنه يخشى على من هنأهم بأعيادهم الدينية أن يخرج من الإسلام وهو لا يشعر قال فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة من يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الزنا يعني انتهاك الفرج المحرم ونحوه قال أعني أبن القيم : وكثيرٌ ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وكثيرٌ ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك إي في تهنئة هؤلاء بأعيادهم ولا يدري قبح ما فعل فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه) انتهى كلامه رحمه الله أيها المسلمون إننا مقبلون على رأس سنتهم إي سنة الكفار في آخر هذا الشهر المبارك ولربما يقوم بعض الناس بتهنئتهم تزلفاً إليهم أو تودداً أو مجاملة أو لغير ذلك من الأسباب فإياكم أن تقوموا بهذا فإن تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية وشعائرهم الدينية تعني إقرارهم والرضاء بما هم عليه من الكفر بل وإدخال السرور عليهم بما رضوه لأنفسهم من الكفر بالله ورسله وهذا خطر عظيم وإن كان المهنئ لهم لا يرضى أن يكون على ملتهم ولكن رضا ولكن الرضا بكفر الغير رضاً بما لا يرضاه الله عز وجل فإن الله لا يرضى بدين سوى دين الإسلام كما قال الله تعالى(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )وقال الله عز وجل(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وقال تعالى (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُم) فكيف يرضى المؤمن بدين أو بشعائر دين لا يرضاه الله عز وجل كيف يدخل السرور على قوم إذا أقاموا شعائر دين لا يرضاه الله عز وجل هل هذا لائق بالمسلم إنه لا يليق أبداً أن نهنئ هؤلاء بأعيادهم الدينية وإذا كان تهنئتنا إياهم بأعيادهم الدينية حراماً فإنهم لو هنئونا هم بها فإننا لا نجيب يعني لو قالوا نهنئك برأس السنة فلا تجبهم لأنها ليست بأعياد لنا ولأنها أعياد لا يرضاها الله عز وجل حتى لو كتب لك التهنئة في كتاب أو برقية أو مهاتفة فلا تجبه لأنك إذا أجبته فقد رضيت بهذه الدين الذي لا يرضاه الله عز وجل فإنها أعياد غير شرعية فهي إما بدعية في دينهم لم يشرعها الله أصلا وأما مشروعة في دينهم لكن نسخت بدين الإسلام بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى جميع الناس وفرض عليهم أتباعه وقال عنه(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :(والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يعني أمة الدعوة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ) رواه مسلم في صحيحه ولا يحل للمسلم أن يجيب دعوتهم إلى حضور هذه الأعياد لأن حضور هذه الأعياد أعظم من تهنئتهم بها لأن ذلك مشاركة لهم فيها ولا يحل للمسلم أن يتشبه بهم بإقامة الحفلات بهذه المناسبة أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى أو أطباق الطعام أو تعطيل الأعمال أو تنزيل قيم السلع أو غير ذلك من ما يعد من ما يعد نوعاً ،نوعاً من الفرح لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :(من تشبه بقوم فهو منهم ) قال شيخ الإسلام أبن تيميه رحمه الله : (أقل أحوال هذا الحديث التحريم إي أن التشبه بالكفار حرام وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم وقال رحمه الله :مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل وربما، وربما أطمعهم وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص وأستزلال الضعفاء) انتهى كلامه رحمه الله فمن فعل شيئاً من ذلك إي هنأهم أو قبل هديتهم بهذه المناسبة أو أهدى إليهم أو تشبه بهم فهو آثم سواء فعله تودداً أو مجاملة أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله ومن أسباب تقوية الكفار واعتزازهم واغترارهم بدينهم فأحذر أيها المسلم أحذر ما حذرك الله ورسوله منه واتقي ربك إن كنت تريد الفلاح واتقي النار فإنها أعدت للكافرين وأطيع الله ورسوله إن كنت تريد رحمة الله عز وجل اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تعزنا بدينك اللهم أعزنا بدينك الله أعزنا بدينك وأعز دينك بنا يا رب العالمين اللهم اجعلنا أشداء على الكفار رحماء بيننا يا ذا الجلال والإكرام اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ...)

رحم الله الشيخ و جزاه خيرا

<strong class='bbc'><strong class='bbc'>وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا</strong></strong><br /><br /><strong class='bbc'><span style='font-family: arial'>يَعْمَلُ </span></strong><br /><br /><strong class='bbc'><span style='font-family: arial'><strong class='bbc'>الظَّالِمُونَ</strong></span></strong><br /><br /><strong class='bbc'><span style='font-family: arial'>إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ</span></strong><br /><br /><br /><br /><br /><br /><p class='bbc_center'><span style='font-size: 18px;'><strong class='bbc'>(24) إبراهيم </strong></span></p>

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم

إخوتى لزياده الفائده هذا تفسير ابن كثير لايات سوره المائده المذكوره سلفا ذكرتها كلها لتمام الفائده لانها ذكرت غير كامله من قبل فى مداخله الاخت الفاضله بنت النيل .

** لَتَجِدَنّ أَشَدّ النّاسِ عَدَاوَةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنّ أَقْرَبَهُمْ مّوَدّةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّا نَصَارَىَ ذَلِكَ بِأَنّ مِنْهُمْ قِسّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى الرّسُولِ تَرَىَ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ مِمّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقّ يَقُولُونَ رَبّنَآ آمَنّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ الْحَقّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَآءُ الْمُحْسِنِينَ * وَالّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: نزلت هذه الاَيات في النجاشي وأصحابه الذين حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب بالحبشة القرآن, بكوا حتى أخضلوا لحاهم, وهذا القول فيه نظر, لأن هذه الاَية مدنية, وقصة جعفر مع النجاشي قبل الهجرة. وقال سعيد بن جبير والسدي وغيرهما: نزلت في وفد بعثهم النجاشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسمعوا كلامه ويروا صفاته, فلما رأوه وقرأ عليهم القرآن أسلموا وبكوا وخشعوا, ثم رجعوا إلى)النجاشي فأخبروه. قال السدي: فهاجر النجاشي فمات بالطريق. وهذا من أفراد السدي, فإن النجاشي مات وهو ملك الحبشة, وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم يوم مات, وأخبر به أصحابه, وأخبر أنه مات بأرض الحبشة. ثم اختلف في عدة هذا الوفد, فقيل: اثنا عشر: سبعة قساوسة وخمسة رهابين. وقيل: بالعكس. وقيل: خمسون. وقيل: بضع وستون. وقيل: سبعون رجلاً, فالله أعلم وقال عطاء بن أبي رباح: هم قوم من أهل الحبشة أسلموا حين قدم عليهم مهاجرة الحبشة من المسلمين وقال قتادة: هم قوم كانوا على دين عيس ابن مريم, فلما رأوا المسلمين, وسمعوا القرآن أسلموا ولم يتلعثموا, واختار ابن جرير أن هذه الاَيات نزلت في صفة أقوام بهذه المثابة, سواء كانوا من الحبشة أو غيرها.

فقوله تعالى: {لتجدنّ أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} ما ذاك إلا لأن كفر اليهود كفر عناد وجحود ومباهتة للحق وغمط للناس وتنقص بحملة العلم, ولهذا قتلوا كثيراً من الأنبياء حتى هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة, وسموه وسحروه, وألبوا عليه أشباههم من المشركين عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة. قال الحافظ أبو بكر بن مردويه عند تفسير هذه الاَية: حدثنا أحمد بن محمد بن السري, حدثنا محمد بن علي بن حبيب الرقي, حدثنا علي بن سعيد العلاف, حدثنا أبو النضر عن الأشجعي, عن سفيان, عن يحيى بن عبد الله, عن أبيه, عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ماخلا يهودي بمسلم قط إلا همّ بقتله», ثم رواه عن محمد بن أحمد بن إسحاق العسكري, حدثنا أحمد بن أيو ب الأهوازي, حدثنا فرج بن عبيد, حدثنا عباد بن العوام عن يحيى بن عبد الله, عن أبيه, عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ماخلا يهودي بمسلم إلا حدث نفسه بقتله», وهذا حديث غريب جداً.

وقوله تعالى: {ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى} أي الذين زعموا أنهم نصارى من أتباع المسيح وعلى منهاج إنجيله فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة, وما ذاك إلا لما في قلوبهم إذ كانوا على دين المسيح من الرقة والرأفة, كما قال تعالى {وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية} وفي كتابهم: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر. وليس القتال مشروعاً في ملتهم, ولهذا قال تعالى: {ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون} أي يوجد فيهم القسيسون وهم خطباؤهم وعلماؤهم, واحدهم قسيس وقس أيضاً, وقد يجمع على قسوس, والرهبان جمع راهب, وهو العابد, مشتق من الرهبة, وهي الخوف, كراكب وركبان, وفرسان. قال ابن جرير: وقد يكون الرهبان واحداً وجمعه رهابين, مثل قربان وقرابين, وجردان وجرادين, وقد يجمع على رهابنة, ومن الدليل على أنه يكون عند العرب واحداً قول الشاعر:

لو عاينت رهبان دير في القلللانحدر الرهبان يمشي ونزل

وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا بشر بن آدم. حدثنا نصير بن أبي الأشعث, حدثني الصلت الدهان عن جاثمة بن رئاب, قال: سألت سلمان عن قول الله تعالى {ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً} فقال: دع القسيسين في البيع والخرب, أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم «ذلك بأن منهم صديقين ورهباناً», وكذا رواه ابن مردويه من طريق يحيى بن عبد الحميد الخاني عن نضير بن زياد الطائي, عن صلت الدهان, عن جاثمة بن رئاب, عن سلمان به. قال ابن أبي حاتم: ذكره أبي, حدثنا يحيى بن عبد الحميد الخاني, حدثنا نضير بن زياد الطائي, حدثنا صلت الدهان عن جاثمة بن رئاب قال: سمعت سلمان وسئل عن قوله {ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً} فقال هم الرهبان الذين هم في الصوامع والخرب فدعوهم فيها, قال سلمان: وقرأت على النبي صلى الله عليه وسلم {ذلك بأن منهم قسيسين} فأقرأني «ذلك بأن منهم صديقين ورهباناً» فقوله {ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون} تضمن وصفهم بأن فيهم العلم والعبادة والتواضع, ثم وصفهم بالانقياد للحق واتباعه والإنصاف, فقال {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق} أي مما عندهم من البشارة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم {يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين} أي مع من يشهد بصحة هذا ويؤمن به.

وقد روى النسائي عن عمرو بن علي الفلاس, عن عمر بن علي بن مقدم, عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت هذه الاَية في النجاشي وفي أصحابه {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين} وروى ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم في مستدركه من طريق سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس في قوله {فاكتبنا مع الشاهدين} أي مع محمد صلى الله عليه وسلم وأمته هم الشاهدون, يشهدون لنبيهم صلى الله عليه وسلم أنه قد بلغ, وللرسل أنهم قد بلغوا, ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد, ولم يخرجاه.

وقال الطبراني, حدثنا أبو شبيل عبد الله بن عبد الرحمن بن واقد, حدثنا أبي, حدثنا العباس بن الفضل عن عبد الجبار بن نافع الضبي, عن قتادة, وجعفر بن إياس عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس في قول الله تعالى: {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع} قال: إنهم كانوا كرابين يعني فلاحين, قدموا مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة, فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم القرآن, آمنوا وفاضت أعينهم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لعلكم إذا رجعتم إلى أرضكم انتقلتم إلى دينكم» فقالوا: لن ننتقل عن ديننا, فأنزل الله ذلك من قولهم {ومالنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين} وهذا الصنف من النصارى هم المذكورون في قوله تعالى: {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله} الاَية, وهم الذين قال الله فيهم {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين} إلى قوله {لا نبتغي الجاهلين} ولهذا قال تعالى ههنا: {فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار} أي فجزاهم على إيمانهم وتصديقهم واعترافهم بالحق {جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها} أي ماكثين فيها أبداً لا يحولون ولا يزولون {وذلك جزاء المحسنين} أي في اتباعهم الحق وانقيادهم له حيث كان وأين كان ومع من كان, ثم أخبر عن حال الأشقياء فقال {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا} أي جحدوا بها وخالفوها, {أولئك أصحاب الجحيم} أي هم أهلها والداخلون فيها.

<strong class='bbc'><strong class='bbc'>وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا</strong></strong><br /><br /><strong class='bbc'><span style='font-family: arial'>يَعْمَلُ </span></strong><br /><br /><strong class='bbc'><span style='font-family: arial'><strong class='bbc'>الظَّالِمُونَ</strong></span></strong><br /><br /><strong class='bbc'><span style='font-family: arial'>إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ</span></strong><br /><br /><br /><br /><br /><br /><p class='bbc_center'><span style='font-size: 18px;'><strong class='bbc'>(24) إبراهيم </strong></span></p>

رابط هذا التعليق
شارك

شكر عميق لكل الأخوة علي مشاركتهم في هذا الحوار ... و سواء اختلفنا او توافقنا علي مضمونه .. فلن يفسد الخلاف ودآ أبدآ ... الخطأ سيكون في الهجوم و التصنيف كمنبع للخطر لمن يخالفني في الرأي ... و انشاءالله لن نقع في هذا الخطأ ...

سأترك جميع المداخلات ( لأنها بصورة أو بأخري توافقت مع المداخلة الأولي ) و أتوقف قليلآ عند مشاركات الفاضل abaomar الأخيرة ... ففيما قام بأقتباسه مشكورآ من تفسيرات و محاضرات تنهي بالفعل عن الموالاة بأي صورة من الصور و تجعل منها غير محددة بمجموعة او بمكان او حادثة معينة و هي جميعآ مدعمة بصورة لا تقبل الشك بأحاديث و آيات كريمة بل من وقائع تاريخية محددة ...

و لكني أخي الفاضل اعتذر عن عدم نيتي في الخوض في مناقشة مفصلة لهذه الأراء او التفسيرات .. و ان كان المرور السريع بها ضروريآ للتعرف علي المناهج المختلفة التي عالج بها الفقهاء العلاقة مع الآخرين ... و لتسمحوا لي (بكل تواضع من اخ لكم يطمع في كرم ربه عندما يحين الوقت) ان كل هذه الأراء .. سواء منها ما يتعلق بتصنيف الناس او تقسيم الأرض ... ما هي الا اجتهادات طرحها الفقهاء و الباحثون في ضوء قراءاتهم للواقع الذي عايشوه هم ... و ينبغي الا تؤخذ بأعتبارها دينآ ملزمآ .. بل يسترشد بها في غير الزام .. هذا لا يعني بأي حال التقليل من شأنها ... و انما فقط هي دعوة الي التعامل معها بحجمها الطبيعي .. دون تهويل و دون تهوين ...

فأكثر هذه الأراء يخاطب عالمآ غير عالمنا الذي نعيشه الآن ...فهي تتحدث عن عصور غابت فيها فكرة الوطن الذي يضم بشرآ متعدديا لأديان و الأصول العرقية... عالم لم يكن فيه قانون دولي و لا منظمات دولية ...الأمر الذي كان مقبولآ معه أن يجتهد الفقهاء في صياغة علاقة دار الإسلام بالآخرين .... و لكن دار الأسلام تلك التي يتحدث عنها الفقهاء نجدها فقط في كتب التاريخ للأسف ...و أراضي المسلمين صارت موزعة بين اوطان عديدة ... باتت حتي اسماءها مرتبطة بالأجناس و القوميات .. بل و بأسامي أسر و عائلات ! .. فدار الحرب التي كان يتم التحذير منها لم تعد واقعة في مربع الآخرين من غير المسلمين بالضرورة ... بل الأمر المحزن و المفجع ان اكثر حروب بلاد المسلمين باتت في أراضي الأسلام ذاتها .. مدي هذا التغيير في واقع المسلمين لم يخطر منطقيآ علي بال الفقهاء الأقدمين.. فلم يتصوروا حربآ بين مسلمين و مسلمين بغض النظر علي المسببات و المؤمرات ...

مثال صغير و حاسم علي ما اقوله نجده في السيرة النبوية نفسها ... فالرسول عليه السلام عندما وقع اول معاهدة مع "الآخرين" نصت المعاهدة التي تعد اول دستور للدولة في الأسلام علي "أن يهود بني عوف أمّة مع المؤمنين ، لليهود دينهم و للمسلمين دينهم "

هنا لم يوضع غير المسلمين خارج الدائرة التي تضم المسلمين ... و لكنهم كانوا مع المسلمين "أمة واحدة" ما داموا مسالمين .. هنا لم يكن الدين هو الحد الفاصل بين المسلمين و الآخرين .. و انما المسالمة هي التي كانت المعيار الذي أخذ به ...

هذا هو الرأي الذي وددت ان اشرحه لحضرتك و للأخت بنت النيل ...

فما هو رأيك أخي الفاضل ؟

أخي الحبيب قوي ابو اياد ...

الزعل مرفوع و الشكك ممنوع و الأجر علي الله ... عايزني ارد عليك فين بس انت و كل حبايبي اللي هنونا بالعيد .. و انا كل مرة ارجع البيت و ناوي ارد الاقي الموضوع ولع .. و مالوش حل غير الحذف أو الغلق ... علي العموم احنا لسه فيها ...

و انت طيب يا اخي العزيز ... انت و صبح و بنت مصرية و عصام شوقي من غير آديجكتيف كواليكاتيف علشان هما مشرفين... و الغايب الحاضر الأفوكاتو ... دقيقة و احدة بآخد نفسي . و نانو الرائعة .. و نورا في اللوك الجديد ... و هامر الشديد ... و الرائع موديست .. و العزيز new ...

علي فكرة لو ربنا حيحشرني مع من احب ... فأنا داخل الجنة داخلها... لأن نص حبايبي مسلمين و نصهم مسيحيين...

بس علي فكرة العيد لسه فاضل عليه 18 يوم .. انتوا باين عليكم عالم فاضية ماوراهاش حاجة ...انا اللي بقولكم كلكم كل سنة و انتم طيبين

:blink: :D

كل اللي حيلتي زمزمية أمل... و إزاي تكفيني لباب القبر


"صلاح جاهين"


رابط هذا التعليق
شارك

اقتباس

و انت طيب يا اخي العزيز ... انت و صبح و بنت مصرية و عصام شوقي من غير آديجكتيف كواليكاتيف علشان هما مشرفين... و الغايب الحاضر الأفوكاتو ... دقيقة و احدة بآخد نفسي . و نانو الرائعة .. و نورا في اللوك الجديد ... و هامر الشديد ... و الرائع موديست .. و العزيز new ...

علي فكرة لو ربنا حيحشرني مع من احب ... فأنا داخل الجنة داخلها... لأن نص حبايبي مسلمين و نصهم مسيحيين...

بجد انا فوجئت بردك وتهنأتك ليا وشكرا انك منستنيش عموما كل سنه وانت طيب وربنا يديم المعروف وانا شيفه ان الرسول قال ان الكلمه الطيبه صدقه فليه نبخل بكلمه طيبه لناس لم نري منهم شر وده طبعا بعد كل الكلام الي قالوا صبح واكده من دار الافتاء .

733540902_l.gif

717a4sn.gif

رابط هذا التعليق
شارك

يا اخى الفاضل انت تقول :

فأكثر هذه الأراء يخاطب عالمآ غير عالمنا الذي نعيشه الآن ...فهي تتحدث عن عصور غابت فيها فكرة الوطن الذي يضم بشرآ متعدديا لأديان و الأصول العرقية... عالم لم يكن فيه قانون دولي و لا منظمات دولية ...الأمر الذي كان مقبولآ معه أن يجتهد الفقهاء في صياغة علاقة دار الإسلام بالآخرين .... و لكن دار الأسلام تلك التي يتحدث عنها الفقهاء نجدها فقط في كتب التاريخ للأسف ...و أراضي المسلمين صارت موزعة بين اوطان عديدة ... باتت حتي اسماءها مرتبطة بالأجناس و القوميات .. بل و بأسامي أسر و عائلات ! .. فدار الحرب التي كان يتم التحذير منها لم تعد واقعة في مربع الآخرين من غير المسلمين بالضرورة ... بل الأمر المحزن و المفجع ان اكثر حروب بلاد المسلمين باتت في أراضي الأسلام ذاتها .. مدي هذا التغيير في واقع المسلمين لم يخطر منطقيآ علي بال الفقهاء الأقدمين.. فلم يتصوروا حربآ بين مسلمين و مسلمين بغض النظر علي المسببات و المؤمرات ...}

احب اوضح لك ان الدين هو الدين مهما مر عليه الزمن وتغيرت الظروف هذا ما انزله الله وما امرنا به حتى نلقاه يعنى مش كل سنتين ولا ثلاثه ولا على حسب الظروف اللى هنمر بيها نعمل دين جديد ونحذف ونحط على هوانا

فمهما اختلفت العصور وتعددت الاديان فهذا لن يغير شىء فالقراءن هو القراءان .... لا احد يستطيع تغير كلمة او اضافة كلمة فى ما انزله الله الينا وامرنا به حبيبنا ورسولنا وسيد الخلق اجمعين محمد صلى عليه افضل الصلاة والسلامكما احب ان اوضح شىء مهم كنت قد اشرت اليها من قبل ان ليس معنى ذلك اننا نكره او نقاطع او عدم المعامله طبعا لاء وهذا لم يحدث والا لم تجد من يشاركك مثل هذا الحديث واعتقد ان معامله الاعضاء معك تدل على صحه كلامى

الاخ الفاضل رواودنى سؤلا ملحا الان عن كتابتى والذى اتمنى ان يلاقى اجابة صريحه واضحه بدون الدخول فى حوارات اجابه بكلمة واحدة نعم ،، او لاء

اذا افترضنا ان الامر معكوس بالنسبة لنا ولك وموجود عندك ويوصى به وطبعا قصدى مفهوم ،، هل كنت ستقوم بتهنئاتنا نحن المسلمين ؟؟ ولاحظ ان هذا ما امرك دينك به

وعلى العموم لقد قلت انت ان الاختلاف فى الرىء لايفسد للود قضية وايضا اشكر الاخ الفاضل abaomarعلى مشاركته الرائعه جزاءه الله خيرا عليها

والتى ندعوا الله الا يلاقى عليها هجوما لمحاوله اظهار الموده والمجامله والتودد واتهامه ......... ما علينا

وبهذه الايام المباركة اقول كل عام والأمه الاسلاميه جميعها بخير وامان

بعيده عن الفتنه

تم تعديل بواسطة بنت النيل

وبحبك وحشتينى ... بحبك وأنتى نور عينى

ولو أنتى مطلعه ... عينى بحبك موووت

مــــــــــصــــــــــــــر

رابط هذا التعليق
شارك

إذا أجيز لى أن أصرح بما أفهمه فيما يتعلق بمقوله أن القرآن لكل العصور ..

فإن ما أفهمه - وقد أكون مخطئا طبعا - أن القرآن لكل العصور فيما يتعلق بالتشريعات فقط .. أما فيما يتعلق بالــ" قــَـصص " فهذا غير صحيح ..

يعنى من المعلوم .. أن القرآن لم ينزل دفعة واحدة .. وإنما على مراحل وسنوات .. فارتبط فى بعض مواقعه بأحداث كانت تمر بالإسلام والمسلمين لم تتكرر ولم يعد لها وجود بعد ان انتهت .. كحاذثة الإفك مثلا .. أو كتحريم الخمر .. إلخ وهو ما لا يمنع بالطبع الاهتداء بها فيما شابهها ..

وهنا تظهر أهمية وضع الأيات فى سياقها وعدم نزعها منه او استخدامها فرادى إلا فى حدود ذلك .. خاصة عند الاستدلال بها فى التأكيد فى منهج المسلمين وشريعتهم وممارساتهم العقائدية والدنيوية ..

وأخيرا أرجوا ألا يكون فهمى لذلك قاصرا .. وإن كان فليقومنى أحد العالمين ..

بالمناسبة أختى العزيز بنت النيل .. ولو أننى لم أقرأ ما كتبتى فى الموضوع الآخر لأنه كان قد حُذف .. إلا أننى أرجوا أن تقبلى اعتذارى عما أساءك من كلامى ..

تحياتى

[وسط]!Question everything

[/وسط]

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم

الفاضل المحترم سكوربيون شكرا على ذوقك

إضافه بسيطه لما قالته الاخت بنت النيل تذكره بايه داله و جامعه ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)الانعام

هذا هو الفيصل عند المسلم ان كل ما يفعله مرجعه عقيدته التى ارتضاها الله له و ان الدين و اعنى الاسلام هو الفيصل فى كل القضايا و كل زمان و مكان و انه و الحمد لله به الحل لكل و اعيد لكل قضايانا و مشاكلنا.

خلافنا مع غير المسلمين ليس لكره مسبق لهم او لشخوصهم و انما خلاف عقدى نحن موحدون بالله و الحمد لله و هم على عقيده مغايره ارتضوها و هم و ان كانوا زملاء او اصدقاء او جيران نحبهم فالله و اسلامنا احب الينا منهم و ان كنا الان فى زمن هوان و استضعاف فان ذلك الى اجل و الاسلام قادم ..قادم شاء من شاء و ابى من ابى .

<strong class='bbc'><strong class='bbc'>وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا</strong></strong><br /><br /><strong class='bbc'><span style='font-family: arial'>يَعْمَلُ </span></strong><br /><br /><strong class='bbc'><span style='font-family: arial'><strong class='bbc'>الظَّالِمُونَ</strong></span></strong><br /><br /><strong class='bbc'><span style='font-family: arial'>إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ</span></strong><br /><br /><br /><br /><br /><br /><p class='bbc_center'><span style='font-size: 18px;'><strong class='bbc'>(24) إبراهيم </strong></span></p>

رابط هذا التعليق
شارك

الفاضلة بنت النيل كتبت :

احب اوضح لك ان الدين هو الدين مهما مر عليه الزمن وتغيرت الظروف هذا ما انزله الله وما امرنا به حتى نلقاه يعنى مش كل سنتين ولا ثلاثه ولا على حسب الظروف اللى هنمر بيها نعمل دين جديد ونحذف ونحط على هوانا

حاشا لله يا عزيزتي ان كنت اقصد بموضوعي هذا اي تغيير لأحكام الدين او التعرض لنصوصه و احكامه ... نحن هنا نتناقش في جزئية محددة و هي تتعلق بأثمن شيء نملكه معآ .. علاقتنا مع بعض علي أرض مصر .. و اعتذر بشدة اذا اعطيت بكتاباتي انطباعآ مختلفآ ...

الدين هو الدين ... لا جدال علي تلك الجملة .. و لأنه الدين الذي نرجع اليه كل تصرفاتنا فيجب أن نكون في غاية الحذر عندما نطبقه ... فعندما تعرض الإمام الشاطبي مثلآ لتصرفات الرسول عليه السلام :

" ينبغي علينا النظر : هل ينسحب طلب هذا الفعل منه في كل حالة، أو في هذه الحالة (وحدها) ؟ ... هل يختص بهذا الزمان ، أو هو عام في جميع الأزمنة ؟ ... أو يختص به وحدهأو يكون حكم أمته حكمه ؟"

و هنا مربط الفرس أختي الفاضلة ...

ذلك لأننا يجب أن نتحقق من هذا العنصر جيدآ ... هل قول النبي عليه السلام قصد به التشريع و التعميم... أم قصد به علاج حالات طارئة .. سواء علي المستوي الخاص و العام ؟... ثم ان أرتباط الحكم بالحالة و المصلحة أمر آخر له أهمية في قراءتنا تلك الأحاديث النبوية.. فقد تكون الحالة طارئة ... قد تكون المصلحة موجودة في زمن و منتفية في زمن آخر ... قد يكون الأجراء أملته الضرورة في مرحلة .. و ذهبت هذه الضرورة في مرحلة أخري...

مثال علي ذلك ...

عندما رفض أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إخراج سهم "المؤلفة قلوبهم" لبعض وجهاء قريش من بيت مال المسلمين رغم النص الواضح علي ذلك في القرآن الكريم ( سورة التوبة آية 60 ) قائلآ ان هذا العطاء كان مبررآ في مرحلة ضعف المسلمين .. و لا مبرر له بعد انتصارهم و ثبلت دعوتهم .. فهو حينما أقدم علي هذه الخطوة كان متسلحآ بأعلي درجات الشجاعة و البصيرة .. و الثقة في أنه يقدم علي عمل يخدم به مصالح المسلمين و لا يغضب الله سبحانه ...

انتهي المثال

الموقف كما رآه عمر كان ان ذلك النص استهدف حالة معينة .. انتفت بثبات الدولة الأسلامية و قوة المسلمين .. فلم يجد مبررآ لأستمرار الألتزام به ... و لم يتهمه أحدآ انه يبدل دينآ ... بهذا المنهج ينبغي أن نتعامل مع الأحاديث النبوية ... و لكننا ايضآ يجب ان نكون علي حذر بالغ من التوسع في هذا الأمر فقد يفتح الباب للمساس بالدين فعلآ و التحلل من نصوصه ...

اذا افترضنا ان الامر معكوس بالنسبة لنا ولك وموجود عندك ويوصى به وطبعا قصدى مفهوم ،، هل كنت ستقوم بتهنئاتنا نحن المسلمين ؟؟ ولاحظ ان هذا ما امرك دينك به

بل ان في ايات العهد القديم ما أجده مشابها بالفعل لتلك الآيات ... و لكنني انظر لها بنفس المنظور ... فقبل ان اطلب من الآخرين عمل شيء فأولي بي ان اقوم به أولآ ...

احب ان اوضح شىء مهم كنت قد اشرت اليها من قبل ان ليس معنى ذلك اننا نكره او نقاطع او عدم المعامله طبعا لاء وهذا لم يحدث والا لم تجد من يشاركك مثل هذا الحديث واعتقد ان معامله الاعضاء معك تدل على صحه كلامى

اثق بالفعل في حسن نية الجميع عندما تصطدم علاقتنا بتلك الجزئية الحساسة.. بل عندما تناديني بلقب "أخ" فبهذا اكبر مثال علي ذلك ... هي فقط دعوة نستطيع تلخيصها في جملة سابقة :

هي دعوة الي التعامل معها بحجمها الطبيعي .. دون تهويل و دون تهوين ...

تحياتي و احتراماتي دائمآ ....

عزيزي abaomar

عفوآ ... كتبنا في نفس الوقت فلم أري مداخلتك الا الآن ...

كل الأحترام لما تعتقده و رؤيتك لتطبيقه ... فلكل منا ثوابه علي ذلك ... و لن يمنع هذا ابدآ الود و القسط الموجود بيننا ... اما اذا حدث ففقط في تلك الحالة يكون الدين تمت معاملته معاملة غير صحيحة ...

تحياتي دائمآ ...

كل اللي حيلتي زمزمية أمل... و إزاي تكفيني لباب القبر


"صلاح جاهين"


رابط هذا التعليق
شارك

ايضا اشكر الاخ الفاضل abaomarعلى مشاركته الرائعه جزاءه الله خيرا عليها

والتى ندعوا الله الا يلاقى عليها هجوما لمحاوله اظهار الموده والمجامله والتودد

وبهذه الايام المباركة اقول كل عام والأمه الاسلاميه جميعها بخير وامان

بعيده عن الفتنه

متنساش يا كامل تبقى تدينا اللي وعدتنا بيه نظير التودد و المجامله !!

و حيث انني لا انسى ابدا اننا في موقع اسمه محاورات المصريين (كلهم)...

اقول كل عام و الأمه المصريه جميعها بخير و أمان

بعيده عن الفتنه..

ولا انسى في الآخر ان احسدك على حلمك و سعة صدرك في استيعاب الرأي الآخر

مهما كان

شكرا

Vouloir, c'est pouvoir

اذا كنت لا تقرأ الا ما يعجبك فقط فإنك لن تتعلم ابدا

Merry Chris 2 all Orthodox brothers

Still songs r possible

رابط هذا التعليق
شارك

أخي العزيز زهيري ...

أجد الجميع يتفقون جميعآ هنا علي شيء واحد .. و لكن كلآ منا ينظر اليه بنظرة مختلفة .... فلا بأس من اختلاف وجهات النظر فهو شيء أكثر من صحي لأثراء حياتنا .... فقط حتي لو كنت مقتنع بأن وجهة نظر الآخر هي الخاطئة فأقل شيئآ ان أحترمها و ان كنت أختلف معه فيها .. فقط لا يجب أن أؤلب الآخرين عليه و أدعوهم الي الأنضمام الي صفي و الا اصبحوا كذا وكذا ...

محبتي و احترامي هو ما استطيع ان أدفعه لك ... ينفع ؟؟؟

كل اللي حيلتي زمزمية أمل... و إزاي تكفيني لباب القبر


"صلاح جاهين"


رابط هذا التعليق
شارك

و حيث انني لا انسى ابدا اننا في موقع اسمه محاورات المصريين (كلهم)...

اقول كل عام و الأمه المصريه جميعها بخير و أمان

بعيده عن الفتنه..

ولا انسى في الآخر ان احسدك على حلمك و سعة صدرك في استيعاب الرأي الآخر

مهما كان

شكرا

لأول مرة يا زوهيري أحييك على رأي قلته :)

ألف مبروك B)

وفعلا

تحية لسكوربيون على أدبه قبل حلمه :lol:

نقول كمان

هل يجوز أن يقوم الجار المسلم بزيارة وتهنئة الجار المسيحي في عيده؟ وما الدليل على ذلك؟ مع العلم أن الجار المسيحي لا يؤذي جاره المسلم أبدا

أ.د محمد السيد الدسوقي المفتي

أولا: الجار في الإسلام له حقوق، سواء كان مسلما أم غير مسلم، فإذا كان مسلما وله بجاره قرابة أصبح له ثلاثة حقوق: حق القرابة، والإسلام، والجوار. أما إذا كان مسلما ولم يكن بينهما قرابة؛ فله حقان: حق الإسلام، وحق الجوار

فإذا كان هذا الجار غير مسلم فله حق واحد وهو حق الجوار، وهذا الحق حق مقدس نبه عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" أي يجعله جزءا من الأسرة، فهذا الجار المسيحي يحض الإسلام على الإحسان إليه وحسن معاملته والله يقول: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين". ومن البر بهم مجاملتهم في أعيادهم، ويجوز مشاركتهم فيها ما دام لا يُرتكب فيها أي محرم. وهذا السلوك الإسلامي قد يكون عاملا من عوامل هداية هؤلاء، وقد انتشر الإسلام في بلاد كثيرة لم تدخلها الجيوش، وإنما كان الخلق الإسلامي الذي مثله الرحالة والمهاجرون والتجار من عوامل نشر الإسلام في أمم ما زالت تحتفظ به حتى الآن في دول جنوب شرق آسيا

وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلة ٌ وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا

وَلَسْتُ بَهَيَّــــــابٍ لمنْ لا يَهابُنِي ولستُ أرى للمرءِ ما لا يرى ليــا

فإن تدنُ مني، تدنُ منكَ مودتــي وأن تنأ عني، تلقني عنكَ نائيــــا

كِلاَنــا غَنِيٌّ عَنْ أخِيه حَيَـــــاتَــه وَنَحْنُ إذَا مِتْنَـــا أشَدُّ تَغَانِيَــــــــا

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة

×
×
  • أضف...