فليكن تذوق الفن للجميع (محاولة لتبسيط الفن التشكيلى)

[disappointed]

ليس من المطلوب أن يكون الجميع فنّانين , ولكن المطلوب أن نحاول الارتقاء بالجميع ليتذوّقوا جماليّات الفن التى يبدعها الفنّانين من الصفوة الّذين حباهم الله بالموهبة الفنّية فصقلوها لينتجوا غذاء الروح لمجتمعاتهم

عندما كنت صغيرا كنت أتمنّى أن أكون فنّانا...و كانت لى محاولات فاشلة عديدة فى الكثير من المجالات الفنّية.....حاولت فى الرسم ولكننى فشلت لسبب بسيط وهو انّى رسمى وحش ولم يهبنى الله هذه الموهبة..ولكننى خرجت من محاولاتى بشيئ مهم...وهو تذوّق جماليّات الفن التشكيلى

وحاولت فى تعلّم آلة موسيقيّة ولم أكمل المشوار...ولكننى تعلّقت بالموسيقى وتذوّقتها

وهكذا...ظللت أحاول فى طفولتى وشبابى فلم أنجح فى مجال فنّى معيّن لأن الله لم يهبنى الموهبة...ولكننى خرجت من هذه المحاولات بالشيئ الأهم...وهو تذوّق الفن...وتذوّق الجمال...وظللت مداوما على زيارة المعارض الفنّية والمتاحف لشحن روحى بطاقة الجمال التى تملأ الانسان من الداخل...ثم...عوّضت ذلك الفشل والافتقار الى الموهبة بزواجى من فنّانة تشكيلية (فاذا لم يكن الله قد منحنى الموهبة فقد عوّضتها بالزواج ممّن لديها الموهبة...والقرعة تتباهى بشعر بنت أختها)

ونظرا لأهمّية تذوّق الفن والجمال فى تشكيل هويّة أفراد المجتمع..فاننى أحلم باليوم الذى أجد فيه الغالبية من أبناء مجتمعى وهو متذوّقين للفن و قادرين على الاحساس بجماليّاته لأنه ما أن يدخل الجمال والشعور به الى نفس الانسان حتّى يجد نفسه وقد ارتقى بفكره وبمشاعره وسمى بقيمه و تصرّفاته..وهو الشيئ الذى يصب فى النهاية فى خانة الارتقاء بوحدة بناء المجتمع ...وهى الفرد

اسمحوا لى بهذه المحاولة المتواضعة لتبسيط الفن التشكيلى قدر الاستطاعة معتمدا فى ذلك على قراءات شخصيّة و تراكم متابعتى للفن التشكيلى كهاوى ومتذوّق له وبالطبع على ما اكتسبته من معلومات بحكم معاشرتى لفنانة تشكيلية تحت سقف بيت واحد لمدة تناهز الأربع سنوات...وأتمنّى أن يكون ذلك خطوة فى طريق نشر تذوّق الفن للجميع وهو الطريق الّذى أدعو من كان من الأعضاء محترفا لأى من أنواع الفن أن يمشيه ويحاول تبسيط وشرح نوع الفن الذى يمتهنه للجميع تمهيدا لتذوّقهم للفنون والالمام بها...فعلى حد علمى يوجد فنّانين محترفين بالمنتدى وعلى رأسهم هشام عبد الوهّاب الذى يحترف العمل فى مجال الموسيقى

[disappointed]

التكعيبيّه

(يعنى ايه البتاعه التكعيبيّه دى؟؟!!!)

الشيئ الغريب ان مسمّى "التكعيبيّة" لم يكن من اختراع قادة الحركه من الفنّانين التشكيليين الذين أنشأوها....ولكن كان لفظ "التكعيبيّه" من صنع النقّاد حينما تعرّضوا لأعمال هؤلاء الفنّانين بالتحليل وبيان منبعها

ويمكن فى هذه الجزئيّة بالذات لازم نتذكّر مقولة "بيكاسو" الشهيرة :

"حينما اكتشفنا التكعيبيّة لم نكن نقصد بتاتا اكتشافها وانّما كنّا نود التعبير عمّا بأنفسنا"

وبكده...يكون الأصل هو ايجاد مدخل للتعبير يكشف عن الحقيقة الفنّية التى يريد الفنّان التعبير عنها , ويكون مدخل أيضا يبيّن الفنّان من خلاله قيم فنّية قد يكون فات على أجيال سابقة له اكتشافها

أغلبنا طبعا يقفز اسم "بيكاسو" الى ذهنه عندما يكون الحوار حول "التكعيبيّه"...و "بابلو بيكاسو" فنّان أسبانى ولد فى أواخر القرن التاسع عشر وتوفّى فى 1973 عن عمر يناهز الـــ92 عاما , وكان ابن لمعلم رسم هو "خوزيه رويز بلاسكو" , ولهذا ظل "بيكاسو" يستخدم اسم "رويز بيكاسو لوبيز" فى أعماله حتى سن العشرين...وعندما تخطّى العشرين من العمر قام بتغيير اسمه , وتزامن ذلك مع مرحلة "اشتغل فيها فى الأزرق" وهى المرحلة التى عرفت باسم المرحلة الزرقاء والتى استمرّت معه 4 سنوات كان يقوم فيها برسم صور أشخاص غامضين محرّفة باللون الأزرق.....وبعدين "اشتغل بقى فى الأحمر" سنه واحده فقط وهى الفترة التى عرفت باسم المرحلة الحمراء فى تاريخه الفنّى...وهى مرحلة لم تستمر معه طويلا حيث كان يبحث عن هويّة فنّية له من خلالها....ثم أعقبت مرحلته الحمراء مرحلة عكف فيها على التركيز على لوحته الشهيرة "نساء أفنيون" وهى اللوحة التى تعتبر نقطة انطلاق المدرسة التكعيبيّه

وصحيح أن لوحة "نساء أفنيون" كانت مدخل الحركة التكعيبيّة ولكن "بيكاسو" لم يتبع بعدها خط فنّى مستقر وثابت لفترة طويلة بعدها...فقد رسم العديد من اللوحات التى تندرج تحت بند الكلاسيكية والرومانتيكية والتعبيرية والتجريدية والطبيعية (سأحاول الحديث عنهم بصورة منفصلة لاحقا)....كما كانت له مغامرات لاترقى لمستواه كفنان تشكيلى فى مجالات الخزف والنحت...وظل هكذا الى أن بلور ابداعه فى لوحته الأشهر "جورنيكا" التى عرضها قبل الحرب العالمية الثانية (مش فاكر التاريخ بصراحه)...وهى لوحة تمثّل كابوس أو حلم مزعج تعرّض له فترجمه الى لوحة حائطية تمثل الحرب الأهلية الأسبانية ومصائبها

ولتفهّم معنى التكعيبيّة فى الفن التشكيلى فانه يكون من الأنسب متابعة تسلسل المراحل الفنّية التى خاضها "بيكاسو" مع صديقه الفنان "جورج براك" معتمدين فى ذلك الى حد ما على ما تركه الفنان العظيم "سيزان" من أفكار وتراث

[فــيــروز]

زيى تمام انا شخصيا بعد فشلى فى تعلم الرسم قررت اتعلم نقد سينمائى .. بس طبعا عن طريق القراءه الحره لانى كثيرا ما اعجب لقدرة النقاد على رؤية اشياء لا يراها الجمهور العادى .. و ان شاء الله لو نجحت ابقى اقول لكم النتيجه ..

ممكن طلب بقى .. لو فيه اعمال فن تشكيلى متاحه ممكن ترفقها مع الموضوع عشان بس يبقى الموضوع اوضح؟ مع الشكر و الامتنان ..

[فــيــروز]

دايما اتكلم فى الوقت الغير مناسب

حلو اوى .. استمر

[disappointed]

ولتفهّم معنى التكعيبيّة فى الفن التشكيلى فانه يكون من الأنسب متابعة تسلسل المراحل الفنّية التى خاضها "بيكاسو" مع صديقه الفنان "جورج براك"  معتمدين فى ذلك الى حد ما على  ما تركه الفنان العظيم "سيزان" من أفكار وتراث

الغريبه ان "بيكاسو" انتقل من مرحلة لأخرى فى تعبيراته الفنّية وكأن كل مرحلة منفصلة عن الأخرى وذات طابع خاص مميّز لها

فمثلا....

مرحلة بيكاسو الأولى كانت هى المرحلة الزرقاء كما قلت فى المداخلة السابقة...واهتم فيها بيكاسو باللون الأزرق بجميع تنوعّاته ودرجاته , وكانت موضوعات لوحاته فى هذه المرحلة مأساويّة....يعنى تبص تلاقى فى لوحاته فى هذه الفترة صور مثلا لأشخاص يرتعشون من البرد وعلى وجوههم لمحة بؤس وشقاء...أو مثلا لوحة " من الحياة " التى رسمها ليظهر فيها الرجل والمرأة بأجسام عارية متلاصقة و حولهما مناظر معبّرة عن الطفولة والكهولة , فكانت اللوحة معبّرة عن امتداد الحياة وتعاقب الأجيال , ورغم أن هذه اللوحة بصريّة فى مجموعها الاّ أنها كانت تحمل بالتأكيد بوادر اهتمامه بالرمزيّه التى اتضّحت بعد ذلك فى مستقبله الفنّى

وغالبا ما كانت تعبيرات الوجوه التى يرسمها فى تلك المرحلة تنم عن الصرامة والجدّية وأحيانا كثيرة الحزن أو الألم....ويمكن هذا الشيئ ظاهر على سبيل المثال فى لوحته التى صوّر فيها "المكوجى" وهو يقوم بعمله....فقد رسمه بيكاسو وهو يضغط بكل ثقل جسمه فوق المكواة من اجل أن يقوم بفرد القماش و كيّه , فما كان من بيكاسو الاّ ان لجأ الى المغالاة فى ابراز ميل رقبة المكوجى وانثنائة كتفه وضغط أيديه وأوتارها مع مسحة من الصرامة و الارهاق والعرق على وجه المكوجى حتّى نجح فى ابراز معاناته أثناء العمل....ثم قام بلف كل هذه التوليفة بدرجات اللون الأزرق التى أضفت على كامل اللوحة لمحة مأساويّة و موحشة أكثر وأكثر

ثم انتقل بيكاسو بعد ذلك الى المرحلة الحمراء أو القرمزيّه فى أطوار حياته الفنّيه التى اهتدى من خلالها الى التكعيبيّه

[disappointed]

دايما اتكلم فى الوقت الغير مناسب

حلو اوى .. استمر

ياااخبر.......سورىىىى

ما كنتش واخد بالى انك بتكلّمينى...أصلى كنت بأكتب فى الناحيه الثانيه

مممم....

طيّب أكمّل وبعدين نتكلّم...وآهو بالمرّه أكون دوّرت على شويّة لوحات على النت لأنى ماعنديش سكانّر أقدر أنزّل بيه اللوحات المطبوعة على ورق عندى...وربّنا يدل "وايت هارت" على الموضوع ده يمكن يتحفنا بشويّة لوحات تكعيبيّة يكون مخزّنها على الهارد ديسك بتاعه..وانتى عارفه بقى...جيب الفنّان ما يخلاش من المكعّبات

[disappointed]

ثم انتقل بيكاسو بعد ذلك الى المرحلة الحمراء أو القرمزيّه فى أطوار حياته الفنّيه التى اهتدى من خلالها الى التكعيبيّه

هيّه الحقيقه ما كانتش فى البدايه حمراء قوى......هيّه كانت ابتدت معاه على بمبى شويّتين فى الأول وبعدين الاحمرار ابتدى يثقل معاه بالتدريج

المرحلة دى بقى ربّنا فك كرب الحاج بيكاسو وابتدى يفرد شويّتين بدل الكلكعه والمأساويّه اللى كان عايش فيها...فابتدت ألوانه تبقى أقل كئابة و ما بقتش موحشه و مقبضة قوى زى المرحلة اللى كان شغّال فيها فى الأزرق

المرحلة دى ألوانه بقت أكثر مرحا و زهوا وحرارة , وابتدى الاكتئاب المصاحب لدراميّة لوحاته فى الانكسار بالتدريج

اللذيذ والطريف قوى بقى ان المرحلة الورديّة دى (اللى قلبت معاه بعد كده باحمرار وبقت المرحلة الحمراء أو القرمزيّه) كان بيكاسو فيها معجب قوى بالستّات التخان والفتيات البدينات....ما تعرفوش بقى ده كان ذوقه فعلا والاّ كان متأثّر بالفن السوميرى اللى كان بيهتم بابراز ضخامة الأجسام و توضيح الأطراف واليدين الملظلظه...يعنى ليه لوحة مثلا اسمها "الفلاّحون الناعسون" Sleeping Peasants رسمها بألوان الجواش وعبّر فيها عن راحة الفلاّحين فى وقت الظهيرة بعد عناء العمل..ورسم فيها الفلاّحة وهي مسترخية و نائمة على ظهرها , وتعمّد ابراز بدانتها بصورة كبيرة حيث رسم أجزاء كبيرة من ثدييها مكشوفين فى أوضاع مثيرة تظهر اكتناز صدرها , بينما رسم رأسها مرتكزا الى الوراء فوق فخذ فلاّح آخر يستريح بجوارها تحت ظل شجرة , وصوّر بيكاسو الفلاّح فى وضع يكمّل الفلاّحة من الناحية التركيبيّة وان كان ينم فى نفس الوقت عن نزعة تعبيرية رومانتيكية (كان يتجاهلها تماما فى المرحلة الزرقاء التى سبقت مرحلته الحمراء)...فقد رسم الفلاّح وهو يكوّر جسمه ليحيط بالفلاّحه بحس شاعرى خفىّ يبدو فى انحنائه وحركته واتّجاه يديه الكبيرتين الخشنتين...وكانت هذه اللوحة بالكامل يغلب عليها الألوان الحمراء والبرتقاليّه والورديّه والقرمزيّه مع تداخل من اللون الأصفر

وخلال هذه المرحلة الحمراء وضح ابتعاد بيكاسو تماما عن المواضيع الدينية الكنسيّة التى كان يميل اليها كثيرا فى المرحلة الزرقاء, ووضح أيضا اهتمامه بالمرأة مع اظهاره لشخصيّات جديدة تماما على مواضيع لوحاته فى المرحلة الزرقاء حيث صوّر فى المرحلة الحمراء مهرّج السيرك و صاحب الحانة...الخ الخ الخ , مع تركيزه على الشخصيّات التى كانت تدور فى فلك حياته وكذلك بعض عشيقاته

ولكن.....

بيكاسو ماعمّرش فى الأحمر كثير

لم تستمر المرحلة الحمراء معه أكثر من عام واحد فقط...لأنه كان مشغول (هو وصديقه الفنان جورج براك) بأفكار وتراث "سيزان"... وبهذا بدأ فى التركيز على أن يحاول الاجتياز بأفكار "سيزان" مسافة أكبر الى الأمام....فكانت هذه المرحلة هى حجر الأساس فى تأسيسه للمدرسة التكعيبية فى الفن التشكيلى

[disappointed]

لم تستمر المرحلة الحمراء معه أكثر من عام واحد فقط...لأنه كان مشغول (هو وصديقه الفنان جورج براك) بأفكار وتراث "سيزان"... وبهذا بدأ فى التركيز على أن يحاول الاجتياز بأفكار "سيزان" مسافة أكبر الى الأمام....فكانت هذه المرحلة هى حجر الأساس فى تأسيسه للمدرسة التكعيبية فى الفن التشكيلى

"سيزان" كان دائما يقول أن كل جسم فى الطبيعة يمكن ترسيبه أو ارجاعه الى معادله الهندسى.....

يعنى ايه الكلام ده؟؟!!

يعنى...مثلا...مثلا....الى دائرة أو مستطيل أو مربّع أو مخروط أو مكعّب أو منشور...الخ الخ

الحقيقه ان "سيزان" بهذا الكلام ما جابش حاجه جديده...هوّه بس أكّد على أهمّية تبنّى منهج بنائى للأعمال الفنّيه باعتبار ان العمل الفنّى التشكيلى أساسه هو الهندسة التى يقوم عليها أو العلاقات الهندسيّة والتركيبيّة التى يحتويها ( ودى طبعا تظل دائما هى أساس و جوهر البناء الفنّى التشكيلى)

تبنّى "سيزان" ده للمنهج البنائى فى أعماله الفنّية ظهر بوضوح كبير جدّا فى آخر أعماله التى قام برسمها فى أواخر أيّامه....فى البيوت اللى رسمها....فى تفّاح حدائق البيوت الذى أشتهر بولعه الدائم لرسمه وتصويره.....وفى كل الأعمال دى كان "سيزان" بيركّز قوى على السطوح البارزه...على الهندسه المميّزه لبناء المنازل....لدرجة أن بعض النقّاد والمحلّلين ترجموا الكثير من لوحاته الى أشكال هندسيّه صرفه وأظهروا فيها المعادلة التركيبيّة الهندسيّة اللى كانت مستخبّيه فى لوحاته

و....مات سيزان

و...ساب فكرته الأساسيّه فى مرحلة تطوّرها المبكّره

مالحقش يكمّلها

وهنا...جاء بيكاسو (و جورج براك برضه علشان حقّه ما يتهضمش لمجرّد أنه لم ينل شهرة بيكاسو).....وشاف بيكاسو فى منهج "سيزان" احتمالات تطوير أكبر و أبعد من اللى وصل ليها "سيزان" فعليّا قبل ما يموت

وعلى فكره....

يمكن اللى ساعد بيكاسو ( و براك) على انّه يسير فى هذا الاتّجاه ان فى هذه الفترة فى أوروبا كان هناك اهتمام كبير بالفنون البدائيّة والزنجيّه والشعبيّه والغجريّه وغيرها...و دى كلّها أمور كانت بتوضّح ان الحقيقة الفنّيه مش بس ضوئيّه أو بصريّه زى ما كان الفنّانين التأثيريين بيحاولوا دائما يبرزوها..... وما كانتش برضه حقيقه فنّيه تحريفيّه بألوان صاخبه زى ما الفنانين الوحشيين حاولوا يظهروها....لا...بيكاسو نظر الى الحقيقة الفنّيه على أنها أساسا حقيقة تركيبية وبنائية و معمارية...وهو الشيئ اللى ميّز المذهب التكعيبى فى الفن التشكيلى

[White heart]

disappointed كتب:

وربّنا يدل "وايت هارت" على الموضوع ده يمكن يتحفنا بشويّة لوحات تكعيبيّة يكون مخزّنها على الهارد ديسك بتاعه..وانتى عارفه بقى...جيب الفنّان ما يخلاش من المكعّبات

بصراحة يا عزيزى مش مخزن هذا النوع من اللوحات.... بس اهة فرصة و جت لحد عندى ... تنفع المجموعة دى؟

[disappointed]

تسلم الأيادى يا وايت هارت

بص بقى اللوحة دى بالذات

 

أنا كنت قلت ان بيكاسو مش لوحده هوّه اللى مشى فى طريق التكعيبيّه , هوّه استقى الفكره الأساسيّه من "سيزان" و مشى فى السكّه دى مع الفنان "جورج براك"

لو بصّيت على لوحات بيكاسو و "براك" فى كل متاحف نيويورك وباريس ولندن حتلاقى نفسك لا تكاد تلمح أى فروق جوهريّه بين انتاج بيكاسو و "براك"....الاّ......فى اللوحات اللى زى المنشورة فوق دى....لأن الفرق والاختلاف بين أسلوب بيكاسو و "براك" كان بيبان فقط عند تصوير الطبيعة الصامته.....زى العود أو الماندولين أو نوتة الموسيقى...شويّة مفارش....طقم كاسات أو أطباق...الخ الخ الخ....دى كلّها غالبيّتها من النوع المسطّح , وكان أسلوب بيكاسو مختلف عن "براك فيها" لأنه كان بيستخدم لون ودرجاته (فى معظم الأحيان النبيتى ومشتقّاته بدرجات متفاوته تنتهى بالأصفر المائل للاحمرار زى ما فى الصورة دى) , وكان بيكاسو يمثّل بدرجات هذا اللون الأضواء المنتشره فى ثنايا الصوره

طبعا ما كانش مهم عند بيكاسو فى هذه اللوحات أنه يظهر الصورة من زاوية واحده بلقطة تعادل اللى ممكن تسجّله كاميرا مثلا....لأن الاتجاه التحليلى التكعيبى كان بيميل الى ادخال مجموعة صور فى صورة واحده ...يعنى زى ما يكون الفنّان بيبص للشيئ اللى بيرسمه من اليمين و من الشمال و من فوق و من تحت فى وقت واحد (زى ما الأطفال بيعملوا عادة على سبيل المثال).....وعلشان كده لو بصّيت للّوحه اللى فوق دى حتلاقى مجموعة مسطّحات : مستطيلات...مثلّثات...مربّعات...أقواس.....دوائر...أنصاف دوائر...الخ الخ...ودى طبعا هى ملخّص اللقطات المتراكمة فى ذهن الفنّان عند النظر للشيئ الواحد من عدّة زوايا....يقوم الفنّان مجمّعها كلّها فى لقطة واحده...اللى هيّه الصورة اللى بيرسمها فى لوحته

تم تعديل 7 أغسطس 2004 بواسطة disappointed

[disappointed]

لسّه فيه كلام كثير عن التكعيبيّه....بس يمكن بكره أو بعده أقدر ألاقى وقت أكمّل كتابته...وآهى فرصه برضه المدام تقرى اللى أنا كتبته وتغشّشنى شويّه أو تصحّح لى فيه وتدّينى نمره (ويمكن كمان نجمه زى أيّام زمان)

وش واحد عايز يعمل فيها بيفهم فى الفن على حس مراته اللى بتفهم فيه

[disappointed]

بقى يا راجل يا مفترى تقول انك مش مخزّن هذا النوع من اللوحات وانت عامل داون لود من جهازك لأعظم لوحات الفن التشكيلى التكعيبى وأكثر لوحات بيكاسو التكعيبية روعة وخلودا؟؟!!!

ده انت ما عملتش داون لود لأى لوحه

ده انت خلّيتنا نشوف فى منتدانا لوحة "جورنيكا" التى تعتبر من أعظم و أبدع ما أنتج الابداع الانسانى وتعتبر من أثمن ما أنتجه الفن الحديث , وهى اللوحة التى نوّهت عنها فى مداخلة سابقة و ذكرت ان بيكاسو أنجزها قبل الحرب العالمية الثانية و مثّلت ترجمته للكابوس والحلم المزعج الذى شاهده فى منامه فترجمه الى هذه اللوحة الحائطيّة التى تمثّل الحرب الأهلية ومصائبها فى أسبانيا فكانت هذه اللوحة رد فعل من جانب بيكاسو للهجوم النازى الوحشى على قرية "جورنيكا" الأسبانية وتحطيمها بالقنابل ابّان تحالف "فرانكو" طاغية أسبانيا مع النازيين فى فترة الحرب الأهلية الأسبانيّه

ركّزوا معايا بقى فى اللوحه :

مش ملاحظين ان ألوان اللوحة دائرة بالكامل تقريبا فى فلك اللون الرمادى ودرجاته؟؟؟؟

وده ليه ؟؟؟ لأن شغل بيكاسو الشاغل فى اللوحه دى ما كانش وهج اللون بقدر ما كان شغله الشاغل هو الدراما والمأساة التى تحملها هذه اللوحه

مش معنى كده طبعا عدم اهتمام بيكاسو بالألوان...بيكاسو ليه لوحات شفتها فى كتالوج صادر عن متحف الفن الحديث النيويوركى الشهير وفى هذه اللوحات ألوان صاخبة....زى مثلا لوحته المشهورة "امرأة تنظر الى المرآة" اللى كانت كلّها ألوان حراريّة ماليها الأصفر والأحمر بجميع درجاتهما

وبالمناسبه...لوحة "جورنيكا" دى بعد ما بيكاسو توفّى فى 1973 أسبانيا طالبت متحف الفن الحديث بنيويورك بيها وبأنه يعيدها لأسبانيا باعتبارها تراث حضارى وثقافى انسانى أسبانى خاصة وان موضوع اللوحة متعلّق بتأريخ حدث موجع لأحد القرى الأسبانيّه , وفعلا بعد شد و جذب تم نقل اللوحة الى متحف "برادو" فى أسبانيا (وعلى فكره...بيكاسو بعد ما أنهى لوحته وعرضها فى باريس كان أوصى أن اللوحة لا تعود الى أسبانيا الاّ بعد تحريرها)

وعلشان نعرف مدى عمق تعبير لوحة "جورنيكا" فيكفى أن أذكّر بأنه فى مهرجان "وارسو" الدولى لأعياد الشباب وأعياد الصداقة والسلام الذى أقيم فى منتصف الخمسينيّات من القرن الماضى (مش فاكر التاريخ بالظبط للأسف وان كنت أعتقد أنه كان فى 1954 أو 1955) تم نسخ وتكبير لوحة "جورنيكا" لتغطّى سور عريض وكبير جدّا فى أحد ميادين وارسو الرئيسيّة فى اشارة الى ما تتضمّنه هذه اللوحة الخالده من المناداة بالرسالة الانسانيّة ضد التخريب والغدر وافناء البشر , وهو ما يؤكّد مدى أهمّية رسالة الفن التشكيلى وامكانية استخدامه كسلاح يحسب له من يفهم عمق تأثيره ألف حساب

عموما.....آهوه وجود لوحة "جورنيكا" بالذات على صفحات المنتدى فى هذا الموضوع فرصة ذهبيّة لا تعوّض انّى أحاول ألبّى طلب العزيزه فيروز واللى كان من رأيها انى أحاول أشرح اللى عايز أقوله على لوحة تكون هيّه شايفاها علشان الأمور تكون أوضح وأسهل....

خلّينى أحاول فى المداخله الجايّه أشرح بعض الأشياء المتعلّقه بلوحة "جورنيكا"....

مع شكرى لعزيزى وايت هارت على اتاحته هذه الفرصه لنا

تم تعديل 7 أغسطس 2004 بواسطة disappointed

[White heart]

مش معنى كده طبعا عدم اهتمام بيكاسو بالألوان...بيكاسو ليه لوحات شفتها فى كتالوج صادر عن متحف الفن الحديث النيويوركى الشهير وفى هذه اللوحات ألوان صاخبة....زى مثلا لوحته المشهورة "امرأة تنظر الى المرآة" اللى كانت كلّها ألوان حراريّة ماليها الأصفر والأحمر بجميع درجاتهما

تقصد اللوحة دى؟

[disappointed]

خلّينا نشوف مع بعض بيكاسو كان بيقول ايه فى لوحة جورنيكا

(مع اهداء خاص للعزيزة فيروز)

أول حاجه لازم أنوّه الى أن بيكاسو لمّا عرض لوحته دى فى باريس أول مرّه عرض معاها أكثر من 60 رسم و لوحة تحضيرية له كانت كلّها فى صورة دراسات تشكيليّة للخيل والثيران وأشلاء الجثث....ودى طبعا وليدة فهمه التكعيبى للفن التشكيلى بدون شك (مضافا اليها بالطبع مغزى رمزى تعبيرى من جانبه)

لوحة "جورنيكا" لوحة تكعيبيّة من ناحية بناء مكوّناتها الفنيّة على منهج هندسى و من ناحية بنائها بالرماديّات المختلفة(بجميع درجاتها) حتى يتبيّن لمن يرى اللوحة احكام التركيب وعدم تشتيت تركيزه بالألوان....واللوحة فى نفس الوقت على أعلى درجة من التعبيريّة..فمثلا : رأس الثور , و رأس الحصان , و رأس الأم الثكلى , والرأس الجريحة الملقاة على الأرض , والأيدى الممزّقة التى تئن بفعل الألم والتفتيت الذى أحدثته قنابل النازى...كل دى مظاهر تعبيريّة فى غاية القوة والتأثير لم يصل بيكاسو اليها الاّ بعد عمليّات بحث عميقة وتجارب تحضيريّة مضنية للوحته....فبيكاسو فى الرسوم التحضيرية كان من الواضح أنه درس وبحث بعمق شديد جدّا فى أسنان الحصان وأنفه و شفتيه (كل شكل على حده)

ومن الناحية الرمزيّه فكل شكل فى هذه اللوحة يشير الى معنى عميق ....فمثلا :

الثور : يرمز الى وحشية القوات النازية المخرّبة التى لا تحكّم العقل ولا تحترم القيم الاخلاقية و الانسانية

الحصان: يرمز الى أسبانيا الجريحة (بصّوا شوفوا التعبير على وجه الحصان و فتحة فمه وأسنانه التى تعطى احساس رهيب بالألم والمعاناة والتفتّت المختلطين بالغضب العاجز عن فعل شيئ)

الرأس التى تصيح و الذراع الذى يحمل المصباح : يرمزان الى الضمير الانسانى الذى يلقى الضوء على مأساة قرية "جورنيكا" ليندب ضحاياها ويدعو الانسان الى التأمّل فى كيف خلق بذاته أدوات التخريب التى يستخدمها بنفسه ليحطّم حضارته و يذبح انسانيّته غير عابئ بالقيم التى من المفترض أنه بلورها عبر العصور

بصورة عامة :

المأساة التى تعبّر عنها هذه اللوحة ليست معنوية فقط..اذ أن كل خط , وكل تحريف , وكل تمويج , أراد به بيكاسو التعبير عن هذه المأساة بلغة التشكيل ذاتها (وهو سبب قوّة مكانة بيكاسو والهامه)

بصّوا مثلا الى أسنان الحصان , ولسانه , وعينيه الدائرتين اللتين تشبهان عينى البومة أكثر من عينى الحصان....تأمّلوا الأصابع التى تقبض على المصباح (اللمبه)....شوفوا أيضا المصباح الكهربائى (اللمبه الكبيره التى فى أعلى اللوحة - فى اليسار الأقرب الى وسط أعلى اللوحة-) هذه اللمبة تكسو سائر اللوحة وتغمرها بأضوائها فى تعبير عن أنه لابد من ضوء بعد الظلام وفى رمزية عن وجوب تسليط الضوء على هذه الفضيحة الانسانيّة

لو تأمّلنا فى سائر الخطوط و الأعين فى هذه اللوحة سنجدها كلّها فى حركات تتمّم وتكمّل بعضها البعض لتشكّل صور متشابكة متتابعة لمأساة "جورنيكا" (زى ما يكون الواحد بيتفرّج على فيديو كليب سريع الايقاع....مليان حركه..وصوت عالى...)

الحقيقه ان الرسوم التحضيريّه للوحة "جورنيكا" واللى كان عددها فوق الــ60 رسم تحضيرى كانت قيمتها الفنّية لا تقل قيمة عن اللوحة الأساسيّة لأن كل رسم كان وراؤه بحث متعمّق من جانب بيكاسو فى العلاقات الخطّية والعلاقات بين المساحات

لو الواحد قعد يتأمّل فى هذه اللوحة ويعيش فيها حيكتشف أنه لو أراد أن يشاهد فيلم درامى على أعلى مستوى عن مذبحة "جورنيكا" فستكون اللوحة أكثر تعبيرا عن هذه المذبحة وتأثيرا فى نفسه كمتلقّى (لأنها تطلق له العنان فى التخيّل و معايشة الحدث)

تم تعديل 7 أغسطس 2004 بواسطة disappointed

[disappointed]

مش معنى كده طبعا عدم اهتمام بيكاسو بالألوان...بيكاسو ليه لوحات شفتها فى كتالوج صادر عن متحف الفن الحديث النيويوركى الشهير وفى هذه اللوحات ألوان صاخبة....زى مثلا لوحته المشهورة "امرأة تنظر الى المرآة" اللى كانت كلّها ألوان حراريّة ماليها الأصفر والأحمر بجميع درجاتهما

وهذه هى اللوحه

(لاحظ بقى أنه رغم أنه المفروض أن المرأة تنظر الى صورتها فى المرآة الاّ أن وجهها المرسوم على شكل شمس منيرة تحوّل الى هلال فى المرآة - يعنى النور تحوّل الى ظلام...يعنى البهجة الى حزن- , وتحوّلت الابتسامة الرقيقة الهادئة الوديعة على وجهها وشفتيها الى دمعة حزن تنحدر على وجنتها فى اتّجاه شفتيها المزمومتين فى المرآة) وهو اسقاط و رمزيّة فى منتهى البلاغة عن أن المرأة لم تنظر الى نفسها فى المرآة كأنها تنظر الى معالمها الحسّية الجسديّة الخارجيّة ولكنّها كانت تنظر فى المرآة الى داخلها ومعالم نفسها الروحيّة والشعوريّة الداخليّة...حيث أراد بيكاسو أن يعبّر عن مدى اختلاف ما يعتمل بداخل الانسان من مشاعر وتناقضه عمّا قد يبدو على هذا الانسان عندما تنظر اليه من الخارج وليس من الداخل)

تم تعديل 7 أغسطس 2004 بواسطة disappointed

[disappointed]

وعلشان نعرف مدى عمق تعبير لوحة "جورنيكا" فيكفى أن أذكّر بأنه فى مهرجان "وارسو" الدولى لأعياد الشباب وأعياد الصداقة والسلام الذى أقيم فى منتصف الخمسينيّات من القرن الماضى (مش فاكر التاريخ بالظبط للأسف وان كنت أعتقد أنه كان فى 1954 أو 1955) تم نسخ وتكبير لوحة "جورنيكا" لتغطّى سور عريض وكبير جدّا فى أحد ميادين وارسو الرئيسيّة فى اشارة الى ما تتضمّنه هذه اللوحة الخالده من المناداة بالرسالة الانسانيّة ضد التخريب والغدر وافناء البشر , وهو ما يؤكّد مدى أهمّية رسالة الفن التشكيلى وامكانية استخدامه كسلاح يحسب له من يفهم عمق تأثيره ألف حساب

فالفن التشكيلى بالتأكيد يمكنه ان يسهم فى خير البشريّة (بأكثر من طريقه....برسالته الجمالية .....بالتنبيه الرمزى المصوّر لبعض المفاهيم الانسانية العامة التى ترتبط على سبيل المثال بحقوق الانسان أو بحقه فى أن يعيش فى سلام ووئام و أمان....الخ الخ الخ)...والفنّان التشكيلى بامكانه أن يعبّر من خلال لوحاته و أعماله التشكيليّة عن هويّته الأيديولوجيّة و معتقداته الفكريّة والسياسيّة و الاجتماعيّة

الفن التشكيلى يمكنه أن يكون صرخة فى وجه الظلم أو القهر أو الاستبداد.....يمكنه أن يكون من أخطر الأسلحة (ولهذا عرفته الحضارات القديمة واعتمدت عليه فى تسجيل أيديولوجيّاتها كما حدث فى الفن المصرى والفن الآشورى والفن الاغريقى على سبيل المثال)

وللتأكيد على ما أقوله فان القوّات النازية قبل أن تدخل فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية كانت قد تعمّدت أن تثير موجة من الارهاب والهلع والفزع لدى الكثير من الفنّانين والمفكّرين والكتّاب ممّا جعل العديد منهم يفر من فرنسا الى أمريكا قبل دخول النازى الى باريس (مثل "فرنان ليجيه" و "آندريا بريتون" و "ماكس ارنست" و "أوسيب زادكين" وغيرهم كثيرين)...ولكن بيكاسو كانت لديه الشجاعة ليستمر فى فرنسا أثناء الحرب بعد أن عرّض بالنازيّة فى لوحة "جورنيكا" , وبرغم اضطهاد الطاغية الأسبانى "فرانكو" المتحالف مع النازيين له ,ورغم علمه بأن "هتلر" دأب على مهاجمة أعماله الفنّية بمنتهى القسوة...وهى تلك الشجاعة التى يجب أن يتحلّى بها الفنّان حتّى يستطيع أن يؤدّى رسالته الانسانيّة

وقد حدث أن التقت فرانسوا ساجان الأديبة الفرنسية الشهيرة ببيكاسو بعد انتهاء الحرب العالمية بعقدين من الزمان فأثارت معه هذا الموضوع وسألته عمّا اذا كان من الحكمة أن يمكث فى فرنسا مع دخول النازيين اليها وعمّا اذا كان من الفطنة أن يجابه تلك المخاطر فما كان من الرجل الاّ ان قال ما يجدر بفنان يدرك رسالة فنّه أن يقوله :

"لم أشعر للحظة بأن هناك أى مخاطر.....فنوع القوة الجبريّة الوحيدة التى كان بامكانها أن تحملنى على مغادرة باريس هو أن أشعر بالرغبة فى مغادرة باريس...ولهذا فاننى لا أرى فى بقائى فى باريس أى دلالة على الشجاعة ولكنه كان بالنسبة لى نوعا من الرغبة الداخلية فى الاسترخاء اذ أننى فى ذلك الوقت اعتقدت أنه من الأفضل لى أن أكون بباريس ولهذا قرّرت البقاء فى باريس ...فكلانا (يقصد نفسه و باريس) كان بحاجة الى الآخر"

وهذه الكلمات التى قالها بيكاسو تبيّن الى أى مدى يجب للفن التشكيلى أن يسهم فى مسيرة الانسانية و أن يكون الفنّان التشكيلى على قدر المسئولية الملقاة على عاتقه وعلى قدر الرسالة التى يتوجّب عليه أن يؤدّيها للانسانيّة

[disappointed]

وهو ما يؤكّد مدى أهمّية رسالة الفن التشكيلى وامكانية استخدامه كسلاح يحسب له من يفهم عمق تأثيره ألف حساب

فبيكاسو كانت لوحاته التشكيليّة تعرض آرائه الخاصّة والشجاعة فى المدنيّة الحديثة وفى علاقات البشر وفى الحروب بصورة خلّدت فكره و وجدانه

لوحة "جورنيكا" كانت لبيكاسو تماما كما كانت أبيات الشعر الملهمة بالنسبة للمتنبّى عندما قال :

تقطع ما لايقطع الدرع والقنا.....و فى الفرسان من لا يصادم

وقفت وما فى الموت شك لواقف...كأنك فى جفن الردى وهو نائم

تمر بك الأبطال كلمى هزيمة...و وجهك وضّاح و ثغرك باسم

تجاوزت مقدار الشجاعة و النهى...الى قول قوم أنت بالغيب عالم

ضممت جناحيهم على القلب ضمّة....تموت الخوافى تحتها و القوادم

[disappointed]

والفنّان التشكيلى بامكانه أن يعبّر من خلال لوحاته و أعماله التشكيليّة عن هويّته الأيديولوجيّة و معتقداته الفكريّة والسياسيّة و الاجتماعيّة

الملاحظ أنه برغم الاختلافات الأيديولوجية الرهيبة بين الشرق والغرب الاّ أن أعمال بيكاسو التشكيلية وجدت السوق المتذوّق والمقدّر لها فى كلا المعسكرين

وعلى فكره....

بمناسبة لوحة "جورنيكا" التى أنزلها مشكورا العزيز وايت هارت : كثيرا ما كان النقّاد على هامش العديد من لوحات بيكاسو (و خصوصا لوحة "جورنيكا") يتسائلون عمّا اذا كان بيكاسو منتميا أيديولوجيّا الى المعسكر الشيوعى

والحقيقة هى أن بيكاسو كان فعلا قد شارك فى الحزب الشيوعى الفرنسى عندما كان فى باريس....ويظهر توجّهه الشيوعى حين زاره الأديب والشاعر "لويس أراجون" فى مرسمه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ببضعة سنوات من أجل ان يحاول الضغط على بيكاسو كى يعطيه رسما كروكيّا كان قد وعده به ليضعه فى اعلان عن مؤتمر عالمى للسلام كانت الهيئة الشيوعية الفرنسية على وشك تنظيمه , فاذا بيكاسو يقول له أنه لم يعد شيئا مخصوصا للمناسبة...ولكنّه ناوله رسما لحمامة بيضاء كان قد رسمها سابقا فى لحظة تأمّل عاش خلالها وهو يحلم بالسلام...وبالفعل....تم اعتماد هذه الحمامة رمزا للمؤتمر....وسرعان ماظهرت صور حمامة السلام فى الاعلانات على جدران المبانى فى باريس ...وظلّت حمامة بيكاسو البيضاء بعدها رمزا تتناقله الأجيال للسلام دون أن تعى غالبية هذه الأجيال أن بيكاسو كان هو من تصوّرها كرمز للسلام

وللتدليل على وعى الفنّان التشكيلى الحقيقى برسالته الانسانيّة واحترامه لفكره الذى يقدّمه من خلال فنّه...فرغم أن بيكاسو كان محسوبا على التيّار الشيوعى الاّ أن لم يساير مخططات الأحزاب الشيوعية التى كانت تضغط عليه من أجل توظيف فنّه فى سبيل تمجيد الشيوعيّة...بل على العكس من ذلك تماما...فقد انتفض بيكاسو ضد انحراف تطبيق الشيوعية وأنتج عددا من اللوحات تعبّر عن غضبه من انحراف التطبيق وانتقد بشدّة تحطّم أحلام البروليتاريا التى اصطدمت بجدران الستالينية الشمولية البغيضة.....وكان واضحا و جريئا و شجاعا فى التعبير عن هذه الآراء لدرجة انه رسم لوحة لــ"ستالين" يسخر فيها منه ورفض الاعتذار عنها بكل اباء و شمم قائلا : "هذا هو رأيى فى الرجل الذى اغتال الشيوعية و طعن مبادئها فى ظهرها ببرودة دم فسحق البروليتاريا بدلا من أن يحرّرها"

[disappointed]

وعلى فكره....

يمكن اللى ساعد بيكاسو ( و براك) على انّه يسير فى هذا الاتّجاه ان فى هذه الفترة فى أوروبا كان هناك اهتمام كبير بالفنون البدائيّة والزنجيّه

لو أى حد منّنا تأمّل أى تمثال من الفن الزنجى (الأفريقى) حيكتشف أنه ليس الاّ بناء هندسى :

يعنى.....حتلاقى :

الجسم والأطراف فى التماثيل الأفريقيّة أشبه بالاسطوانات والمخروطات و أنصاف الكرات

الشعر الأكرت المجدول المتهدّل أشبه بشويّة حبال سميكة مبرومة

العيون حتلاقيها قوسيّة بيضاويّة

هذه التكعيبيّة الفطريّة البدائيّة فى الفنون التشكيلية الزنجية الأفريقيّة شدّت انتباه بيكاسو وصاحبه جورج براك قوى وجعلتهم يسيرون قدما فى مدرستهم التكعيبيّه...ويمكن اللى أضاف سبب أكبر لتشبّثهم و اعجابهم بالفن الأفريقى فى تلك المرحلة ان الفن البدائى الأفريقى كان دائما يعطى الاحساس بأنه نفحة من الطبيعة مليانه عمق وانطلاق و جموح خلّى لهذا الفن البدائى القدرة الدائمة على أن يكون له قوة مثيرة و مباشرة تترك أثرها على الدوام داخل المتلقّى ليظل طعمها عالقا لفترة طويلة بمجسّات التذوّق الفنّى عند المتلقّى ولتظل نكهتها عالقة بروح متذوّق هذا النوع من الفنون التشكيليّة (خصوصا مع ما تحمله من غموض و سحر و قوّة تأثيريّة كون هذا النوع من الفن البدائى مرتبط ارتباط وثيق بطقوس عقائدية واجتماعية و دينية عند هذه المجتمعات الأفريقية البدائية)

وطبعا ما كانش بيكاسو و براك و أقطاب المدرسة التكعيبية الآخرين هم الوحيدين الذين اكتشفوا ان جمال الفن و قوّة تأثيره وعمقه تكمن فى الأساس فى بدائيّته...فعندكم مثلا "جوجان" اللى ساب باريس و راح قعد فى تاهيتى و أبدع فى أعماله الفنّية و هو يعيش الحياة على فطرتها ... وعندكم "فان جوخ" اللى كان بيلف فى المزارع و هو ّه شايل حامل معدنى لامع ليقف به تحت أشعة الشمس المحرقة لينقل وهج الشمس الذهبى فوق سنابل القمح المتراصّة التى تصبح بهذا متلألأة بالوميض الذهبى الأخّاذ ليطبع المشهد فى مخيّلته قبل أن يذهب الى مرسمه ليترجمه الى لوحة فنّية رائعة

ومعنى هذا الكلام أن الفنّانين الأوروبيين (سواءا كانوا تعبيريين أو تأثيريين أو تجريديين أو تكعيبيين) اكتشفوا بما لا يدع مجال للشك ان المدنية الحديثة لم تجد اشباعا لوجدانها فيما اخترعته من آليّات بينما كانت المفارقة أن ذلك الاشباع كان موجودا حتّى الثمالة فيما كان لدى المجتمعات البدائية من فنون (سواءا فى الموسيقى أو الرسم او النحت...الخ الخ الخ ) ممّا يؤكّد الرؤية التى تربط مدى اشباع الفن لوجدان المتلقّى بمدى بدائية و بساطة وعمق و صفاء التعبير... وهى كلّها أشياء يغتالها ايقاع المدنيّة الحديثة الجامد

[disappointed]

وهنا...جاء بيكاسو (و جورج براك برضه علشان حقّه ما يتهضمش لمجرّد أنه لم ينل شهرة بيكاسو)

التكعيبيّة...بنكهة "جورج براك"

جورج براك اتظلم على مستوى الجمهور من ناحية الشهرة و المال والتقدير....لكن النقّاد و متذوّقى الفن التشكيلى أنصفوه...لأن هذا الفنّان لا يقل عن بيكاسو من الناحية الفنّية (وان ظل الفارق بينهما أن فكر بيكاسو العام و شخصيّته الانسانية كانت أقوى منه بكثير فاستحق بيكاسو فارق المكانة التى فصلته عن مكانة جورج براك فى تاريخ الفن التشكيلى)

جورج براك من أقطاب التكعيبيّة بل و من مؤسسيها...واستطاع ببراعة فائقة أن يقوم بترسيب الأشخاص و المناظر و العناصر الموجودة فى حياتنا اليوميّة الى أشكالها الهندسيّة الأساسيّة (واستعان فى ذلك بدأبه المستمر على تجنّب الخطوط المنحنية فى أعماله)

جورج براك أول من ابتدع فكرة "الكولاج" (أو التوليف) و هو المحرّك الأصلى لهذه الفكرة العبقريّة والتى تمكّن من خلالها أن يدخل عناصر و مواد مختلفة فى كيان نفس العمل التشكيلى ليدمج هذه العناصر والمواد الغير متماثلة فى لوحته بعد لصقها بالغراء(كقصاصات الورق , و نشارة الخشب , والرمال , والجير , بل و أحيانا بعض الفضلات)

اللذيذ ان "براك" فى بداياته ارتبط لفترة قصيرة بالحركه الفنّية الوحشيّة ( لو ربّنا سهّل حنبقى نتكلّم عنها لاحقا) قبل ما يتّجه الى التكعيبيّة

و زى ما قلت فى مداخلة سابقه أنه فى المراحل الأولى للتكعيبية التحليلية (خاصة بالنسبة لرسم الصور الشخصيّة) كان صعب جدّا ان أى حد يقدر يفرّق بين أعمال بيكاسو و "براك" لأنهما كانا لا يزالان مغموران و يحاولان فى الفكرة التكعيبية سويّا (عن طريق التزاور والتناقش والتأمّل المشترك)....بس التشابه ده ما استمرّش كثير...وبدأت تكعيبيّة "براك" يكون لها نكهة خاصة بها

ايه هيّه هذه النكهة؟؟!!!!

براك شخصيّته كانت شخصيّة ثوريّة عنيفة جامحة (يمكن ده اللى خلاّه فى البداية يتّجه للحركة الفنّية الوحشيّة)...وكان من النوع اللى ممكن يقعد فترة طويلة فى دائرة تأمّليّة معيّنة ويزيدها تعمّقا...وعلشان كده تحليله للأشياء والأشكال الى مثلّثات و مستطيلات و دوائر نمت بسرعة فائقة داخله....فبدأ ينبهر بأنواع المواد الخام المستخدمة فى أعماله و أخذ يتأمّل فى ملمسها (كان والده يمتلك محل للبويات فكان يجلس فى المحل لفترات طويلة يتأمّل فى نشارة الخشب والألوان والحبال والموزايكو)...ويمكن ده اللى خلّى "براك" يستغل هذه المواد الخام ويستخدمها فى تنويع وتأكيد تحليلاته التكعيبيّة الهندسيّة للأشياء... وبدأت تظهر فى صوره أنواع من المجموعات الصامته...صور مراكب... تماثيل نصفيّه...أوراق صفراء قديمه....أشكال منقّطة شبيهة بالموزايكو...الخ الخ الخ

من ناحية الألوان كانت أعمال "براك" يغلب عليها البنّيات والرماديّات, وكان متمكّن جدّا بالنسبة لتوزيع الضوء فى اللوحة باعتماده على التكوين الفنّى المحكم وتوزيع الغوامق مع الفواتح

"براك" كان عبقرى فى اللعب بالألوان واستحداث درجات ألوان غريبة و جديدة....يعنى مثلا....اللون البنّى اللى كان بيظهر بدرجات متنوّعة و جديدة على العين فى أعماله كان بيسهر يعمل تجارب للوصول الى هذه الدرجات عن طريق خلط ألوان لا تخطر على البال مع بعضها البعض (زى خلط الأزرق البروسى بالأحمر القرمزى اللى أنتج لون بنّى مشرّب بالزرقة كان يعد لون فربد فى أعماله فى تلك الفترة)

يا سلام بقى لو وايت هارت قدر يلاقى لينا من أعمال "براك" لوحة "امرأة و ماندولين" و لوحة "جيتار و كلارينيت" و عمل ليهم داون لود علشان نشوفهم

فى لوحة "امرأة و ماندولين" تشعر بسخاء رهيب و بلا حدود للاحساس بحاسة الملمس فى اللوحة...لأنه فى هذه اللوحة ظهر ورق الحائط فى الخلفيّة بأخضرات و زخارف متنوّعه بينما فى المشهد الأمامى للّوحة امرأة جالسة بطريقة رمزيّة و جسدها به خطوط مميّزة...وعندما تشاهد اللوحة تشعر برغبة عارمة و لا شعوريّة فى لمس اللوحة بيديك وتحسسها بأناملك

أما فى لوحة "جيتار وكلارينيت" فكانت تعتمد على موضوع المسطّحات التكعيبيّة الصرفة ومعالجتها فى صورة أشكال هندسية قوامها درجات اللون البنّى مع ملمس مستمد من نشارة الخشب الداخلة فى تركيب اللوحة ( وكعادته فقد أبدع فى توزيع الغوامق و الفواتح ليظهر توزيع الضوء و مدى احكام البناء التركيبى للوحته)

و ستظل أعماله مثل "المرأة الحامل" و "نوتة الموسيقى" و "الأباجورة" وغيرها من أبدع ما أفرزته التكعيبيّة فى الفن التشكيلى...فقد كان له نكهة مميّزة فى تكعيبيّته كما كان هناك نكهات أخرى مميّزة للتكعيبيّة فى أعمال أقطاب تكعيبيين آخرين مثل "جوان جرى" و "فرنان ليجيه"