متلازمة محاكمة مبارك
" mubarak trial" 's Syndrome
المتلازمة : هي مجموعة من الأعراض المرضية والعلامات المتزامنة ذات المصدر الواحد. !!
فى أعقاب محاكمة المخلوع ( الثالث من أغسطس , يوم الأربعاء الماضي )
لاحظت ظاهرة نفسية أو حالة مزاجية منتشرة بين الناس و النشطاء ... انتشرت بشكل غريب
.. في البداية اعتقدتها مقتصرة على الدائرة القريبة مني ,
و لكن اكتشفت أن الحالة المزاجية اكثر انتشارا و أكثر اتساعا - و ارجو ان اكون مخطئا -
و الظاهرة يمكن ان نسميها على سبيل التندر :
متلازمة محاكمة مبارك !
و تمثل - حسب رؤيتي البسيطة - حالة تحول تدريجي فى المزاج العام
يمر باربع مراحل :
المرحلة الأولى :
■ 1 | مرحلة عدم التصديق :
و تسمع فيها عبارات على غرار " استحالة يجيبوه , ايه ده جابوه ؟ مش ممكن ؟ اكيد تمثيلية او دوبلير " ! لكن بمرور الوقت و المشاهدة و التكرار يتأكد المشهد : الفرعون فى القفص ... حقيقة و لحظة تاريخية !
المرحلة الثانية
■ 2 | مرحلة الشعور بالفخر و الانتصار :
و كان فيها نوع من الاحتفاء و الاحتفال , مثل وضع صورة مبارك على القفص على بروفايلك , تبادل التهنئة بمناسبة محاكمة المخلوع و الشعور بالفخر لتحقيق انجاز و هدف , كان فى وقت من الاوقات يبلغ حد الاستحالة
و الهدف الذي اعنيه طبعا هو : خلع الطاغية الفرعون و حاشيته و هامانه ( اداة بطشه : وزير الداخلية و رجاله )
و تحقق ما هو أبعد : المحاسبة و المحاكمة
و كما قلت لصديقتي المراسلة : وضع مبارك فى القفص هو بحد ذاته يعتبر تحقيق ل 50 % من القصاص
و هو انجاز و لحظة تاريخية بأي مقياس
و يزداد الفخر بالنسبة لنا - في مصر - عندما نسمع الى تهنئات اخواننا التوانسة , الذين سبقونا بالثورة
و سبقناهم نحن - بفضل الله أولا و أخيرا - بمحاكمة مخلوعنا العزيز !
المرحلة الثالثة :
■ 3 | مرحلة الهدوء و السلبية و اللامبالاة :
نعم , حقيقة علمية لاحظتها فى أغلب الشباب من حولي ( و لا استثني حتى نفسي منها و المرور بها ) و هو الاحساس لوهلة بالهدوء و باحساس شعور من حقق نصرا هائلا لا يتكرر و هدفا يعتبر بمثابة " سدرة المنتهى " فى قمة الاهداف الثورية من حيث صعوبتها
و فكر قليلا ... أي هدف سوف يكون أصعب من هذا ؟
حتى جميع أهداف بناء البلد و بداية بناء نموذج ديمقراطي سيعتبر ( للوهلة الاولي و لغير المدقق ) هدف سهل و بسيط
( و طويل ) بل و اقرب لكونه روتينيا ..
و ذلك مقارنة بهدف وضع الفرعون الطاغية الجبار فى القفص ... هو و آله ( جمال و علاء ) و هامانه !
هذا في حد ذاته استدعي مخزونا سلبيا و هدوءا غير عادي لدى شباب الثورة
وصل الى درجة الخمول الثوري ممن يفترض كونهم : نشطاء !!!
المرحلة الرابعة :
■ 4 | مرحلة التخدير الموضعي التام :
و يستتبع هذا وصولنا لمرحلة التخدير الموضعي التام .. نفسيا !
فكر معي .. ما هو التخدير ؟ اليس هو أن اقوم بتخدير - ذراعك مثلا - تمهيدا اني اضع ابرة فيها .. فلا تشعر بيها ؟طيب جسد الثورة وضعت فيه وخزتين - لو كانت فى وقت أخر لقامت الدنيا و لم تقعد
و اعني وخزة منع جنازة الشهيد محمد محسن يوم الجمعة - نهارا بالقوة
ثم وخزة الاعتداء على المفطرين يوم الجمعة مساءا فى اعقاب افطار شبابي بسيط
وخزتين زي دول .. بالذمة لو كانت حصلت قبل محاكمة مبارك .. ماذا كانت ستكون ردة الفعل المتوقعة ؟
و لكن تامل معي و انظر ما حدث هنا : لا شيء !!!
ما السبب ؟متلازمة محاكمة مبارك تؤثر و بقوة
حان الوقت يا شباب نفوق و بقوة ... استيقظوا .. لأن القادم يحتاج الى - " كامل " وعينا و ان نكون فى اشد حالات الجهوزية التامة لأن محاكمة مبارك تمثل نهاية مرحلة اعلان رمزي لإزالة معاول الهدم فى النظام
بينما المرحلة القادمة و هي : منع وجود معاول هدم اخرى فى المستقبل
هي الأشد و الاصعب
الأمر اشبه .. بما يقوم به أهالينا الفلاحين ... من حرث الارض التى كانت تنبت صبارا و حنظل .. و من ازالة الحشائش الضارة منها ... و هو انجاز صعب و يعتبر - في حالة الثورة هنا - عملا مجهدا و صعبا و شاقا و رهيبا
لكن ترك الارض بعد ذلك على حالها ... لكل من يزرع زرعه ... و بدون تخطيط او تفكير .. سيجعلنا فى النهاية نحصد المرارة وحدها
بالبلدي كدة : فوق يا بني انته و هو !! ..
و بصفة عامة .. انا متفائل ان هذه الحالة لن تدوم
... و ان متلازمة محاكمة مبارك سوف تنتهي قريبا جدا
و عندما اشعر ببوادر انتهائها فى الأجواء .. قد نتحدث سويا عما يمكن فعله فى المرحلة القادمة
و الله الموفق !
محمد علم الهدى
6.7.2011
القاهرة - مصر
_________________________