تابعنا على مدار الأيام الماضية الضجة التي صاحبت الحكم القضائي الخاص ببطلان تعيين طلعت عبد الله نائبا عاما للبلاد .. الحكم الذي أصدره المستشار الشجاع جاب الله محمد جاب الله والقاضي ببطلان تعيين طلعت عبد الله نائبا عاما وبالتالي بطلان كل ما صدر ويصدر وسيصدر عنه من قرارات لو استمر في موقعه ..
كان يجب تنفيذ الحكم فورا استجابة لقرار المحكمة وإخراج عبد الله من مكتب النائب العام ثم محاولة البحث عن حل لإشكالية القرارات الباطلة التي أصدرها النائب الباطل طلعت ..
لكن بدلا من هذا وجدنا النائب العام بكل صفاقة يذهب اليوم لمكتبه ممارسا مهام عمله ضاربا بحكم المحكمة عرض الحائط دائسا عليه بأقدم حذاء عنده ..
فما هي الرسالة التي يريد النائب العام إيصالها لنا ؟؟
أننا الآن أصبحنا في دولة اللاقانون وأننا سنفعل كل ما بدا لنا رغما عن أنف القانون وعن أنف القضاء وعن أنف المستشارين وعن أنف أكبر كبير فيك يا مصر ..
كيف سيتأتى للنائب العام أن يحيل المواطنين للمحاكمة أمام القضاء إذا كان هو شخصيا لا يعترف بالقضاء ولا يؤمن به .. ؟ ( من المفارقة أن من أول ما فعله هو إحالة بلاغين ضد النائب العام الشرعي عبد المجيد محمود إلى التحقيق .. لنصبح في دولة الملهاة والسخرية - نائب عامل باطل يحيل بلاغات ضد نائب عام شرعي للتحقيق )
وماذا سيفعل سيادته عندما يقوم من يحيلهم للقضاء برفع قضايا أمام المحاكم ببطلان قرارات الإحالة التي تصدر عنه لأنها صادرة من شخص باطل ؟؟ ماذا سيفعل عندما يحكم القضاء ببطلان قرارات الإحالة أو قرارات الضبط والإحضار أو قرارات الاحتجاز ؟؟
هل سيعتمد على أن القضاة والمستشارين ليس بإمكانهم فعل أي شيء سوى إصدار الأحكام التي لا تساوي في نظر السيد طلعت وجماعته ثمن الورق الذي كتبت عليه أو ثمن الحبر الذي سطرت به .. وسيظل يعطي أوامره للشرطة بضبط هذا واعتقال هذا وحبس هذا .. معتمدا على أن الشرطة قد سلمت سلاحها ورفعت راياتها البيضاء والحمراء والخضراء وكشفت كامل عوراتها أمام الجماعة تفعل بها ما تشاء وتوظفها كيفما شاءت لثبت ( أي الشرطة ) أنها بالفعل في غالب أفرادها ورجالها تجتاج لإعادة فورمات كاملة من جديد .. بل ربما تحتاج لعملية الفورمات هذه عدة مرات وليس مرة واحدة .. وتجعلني أندم على كل كلمة وجملة سطرتها سابقا في محاولة للدفاع عنها وعن أفرادها ضد الحملة الشرسة التي قادها ضدهم وياللعجب من يأمرونهم ويستعملونهم الآن ..
هل سيعتمد الإخوان على أن مؤسسات القوة في مصر قد خضعت وخنعت وسلمت واستسلمت وتركت هذا الشعب البائس للجماعة تفعل به ما تشاء وتحكمه كيفما أرادت اعتمادا على الأمر الواقع .. فالشرطة في ظل وزيرها الجديد قد أصبحت وياللعجب والسخرية مجندة للدفاع عن المقرات الغير شرعية للجماعة التي طالما هاجت الشرطة سابقا واعتدت عليها وقتلت أفرادها .. وأما الجيش فإنه واحسرتاه ( مقموص وواخد على خاطره ) نتيجة قيام بعض السفهاء والعملاء والمغيبين والسذج بمهاجمته خلال الفترة الانتقالية وارتضى بأن يركن بعيدا عن المشهد تاركا البلاد للعبث الإخواني ومكتفيا بالهدايا والرشاوى المقنعة التي حصل عليها في صورة ميزات حالية أضيفت إلى الميزات السابقة التي يحصل عليها رجاله وأفراده موقنا بأنه وأفراده سيبقون بعيدا عن أداة البطش الإخوانية ما دام القانون العسكري يحصنهم ( سواء كانوا حاليين أو متقاعدين أو سابقين ) من المساءلة أمام نائب عام الإخوان وما دام في أمان من بطش داخلية وميلشيات الإخوان ؟
وربما يكون الجيش هو الآخر قد آمن وأيقن بالدعوة الإخوانية وأهميتها لمستقبل مصر .. وأن مصر ستكون في أمن وأمان ما دامت تحت حكم الإخوان ..
وأما بخصوص النائب العام .. فإنه بهذا قد أثبت تماما بما لا يدع مجالا للشك من موقفه الحالي إضافة إلى مواقف كثيرة سابقة له أنه لا يأتمر بأمر القضاء ولا يهمه إرضاء القانون أو الرضى به .. وإنما كل ما يهمه فقط هو إرضاء ورضى الجماعة أو مكتب الإرشاد .. ولو افترضنا أن مرسي قام بإصدار قرار جديد بإقالة النائب العام طلعت .. فهل سيستطيع طلعت حينها أن يعارض هذا القرار أو يمتنع عن تنفيذه ؟؟ أم أنه سيهرع فورا لتطبيق السمع والطاعة مثبتا أن سمعه وطاعته ليس للقانون المصري وإنما لقانون الجماعة ..
أما أكثر الأمور مدعاة للسخرية أو الشفقة فهي أن شباب رجال القضاء يطلبون من الشعب المصري إرسال برقيات لمحكمة الاستئناف لكي يطلبوا منها إلزام النائب العام بتطبيق الحكم القضائي .. شباب القضاة لم يعد بأيديهم شيء سوى الاستنجاد بالشعب .. وأقول لهم .. لو أرسلوا مليون مليون برقية .. فلن يستجيب النائب العام .. ما لم يأته أمر من المقطم ..
في النهاية نقول للسادة الثوار .. هنيئا لكم بمصر الجديدة التي صنعتوها أو طعنتوها .. ما رأيكم في مصر الجديدة إذن .. دولة رائعة أليس كذلك .. دولة رائعة تطبق أحكام القانون وتنفذ أحكام القضاء وتساوي بين المواطنين وخالية من الاستبداد والتعذيب ؟ دولة اقتصادها قوي وثابت ومزدهر وليس على حافة الانهيار .. دولة آمنة مطمئنة يمشي أهلها ليلا ونهارا في الطرقات والأزقة بغير خوف أو جزع ..
هنيئا لكم بمصر الجديدة التي صنعتوها ولن تستطيعوا أن تسقطوا نظامها الحالي ثانية أبدا مهما حاولتم لأن الحالي غير السابق وعقيدة الحالي غير عقيدة السابق .. وطريقة تعامل الحالي غير طريقة تعامل السابق .. ولا تتخيلوا أنهم ستسطيعون إسقاطها بالانتخابات لأن من لا يتورع عن الدوس على أحكام القضاء .. لن يكون صعبا أبدا عليه تزوير الانتخابات ..
لن تسامحكم مصر ولن تسامحكم الأجيال القادمة كلها على ما فعلتوه بسوء نية أو بحسن نية أو بغباء لا يضاهيه غباء في مصر وفي مستقبلها ومستقبل أجيالها القادمة ..
اليوم أقلعت من مطار القاهرة أول رحلة متجهة من القاهرة إلى طهران منذ 34 عاما .. في تطبيع رسمي للعلاقات مع الدولة الشيعية التي ما زالت تكرم قتلة السادات .. ولكن كيف نلوم على طهران تكريمها لقتلة السادات إذا كان هؤلاء القتلة قد كرموا في مصر ذاتها وعلنا على الملأ نهارا جهارا ..
اليوم يتم منع بنتي عمر سليمان من السفر بحجة اتهامها في قضايا كسب غير مشروع رغم أنهما لا يعملان بالحكومة أصلا .. في ذات الوقت الذي يطير فيه طارق الزمر وصفوت عبد الغني إلى قطر لبحث آخر تطورات الموقف السياسي المصري على الصعيد العربي ..
هنيئا لكم يا سادة يا ثوار يا أحرار يا من أكملتم مشوار تسليم مصر لأيدي من سبق وقتلونا وروعونا وكفرونا وجعلتم منهم أبطالا ونجوما يظهرون ليل نهار على الفضائيات ليناقشوا مستقبل مصر ويحللوا أوضاع مصر ويهددوا أحيانا أبناء مصر بالويل والثبور وعظائم الأمور .. إن فكر أحد في الانقلاب على حكمهم الفاشي ..
في النهاية نقول للجماعة وحلفاءها .. ما طار طير وارتفع إلا وكما طار وقع .. ويوم الوقوع لن يرحمكم أحد .. فمن لم يَرحم لن يُرحم