الحمد لله أن عاد هؤلاء المساكين أشقاء سبع الليل الفولي إلى أهليهم المساكين أيضا .. هذا هو أهم شيء في هذا الموضوع .. فحياة الإنسان أهم من أي شيء آخر ..
هذا أولا .. وأما ما بعد أولا .. فلدينا هنا عدة حقائق في هذه الأزمة ..
1- هناك جنود مصريين قد اختطفوا في سيناء بعضهم ينتمي للجيش وبعضهم ينتمي للشرطة
2- تم عرض شريط فيديو مهين للكرامة - كرامة مصر كلها بما فيها كرامة الجيش و الشرطة - لهؤلاء المخطوفين وهم معصوبي العين وأيديهم فوق رؤوسهم .. وطلبوا إطلاق سراح المدعو أبي شيتة
3- خرج علينا بعض المتطرفين والإرهابيين أمثال محمد الظواهري .. ومرجان سالم .. بالحديث عن ضمانهم لعودة الجنود سالمين في حال استجابت الدولة لمطالبهم
4- خرج علينا المدعو مرجان ليعلن عن تكفيره لجميع أفراد الجيش لأنه جيش علماني وجميع من يعمل فيه كافر حتى ولو كان إماما لمسجد .. وبالتالي فهؤلاء الجنود يستحقون ما جرى لهم
5- خرج بيان من الرئاسة يطالب بحل المشكلة مع الحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين
6- تم نقل عدد مهول من وحدات الجيش إلى سيناء لدرجة أنني تصورت في بعض الأحيان أننا مقبلون على معركة مع إسرائيل .. وليست مجرد عملية لتحرير بعض الرهائن تم إطلاق اسم كودي عليها وهو اسم " كرامة " ..
7- تم إطلاق سراح الجنود اليوم دون سابق إنذار ودون أن نعرف أي تفاصيل .. وخرج بيان من المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة يقول " الجنود المصريين المختطفين السبعة فى طريقهم إلى القاهرة بعد إطلاق سراحهم نتيجة جهود للمخابرات الحربية المصرية بالتعاون مع شيوخ قبائل وأهالى سيناء الشرفاء ".
هذه هي الحقائق التي جرت خلال هذه الأزمة ..
من خلال تصريح المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة فإن إطلاق سراح الجنود تم بناء على جهود للمخابرات الحربية بالتعاون مع بعض قبائل سيناء .. أي أنه لم تكن هناك لا عملية عسكرية ولا تهديد بعملية عسكرية ولا شيء .. المخابرات الحربية ( جهة معلومات ) + شيوخ سيناء ( مجالس عرفية ) .. هذه هي الجهات التي كان لها الفضل في إطلاق سراح الجنود .. ويحسب طبعا للمخابرات الحربية أنها نجحت في تنفيذ تعليمات السيد الرئيس بالحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين معا ..
نأتي الآن للتساؤل الهام جدا .. وهو .. ما الثمن ؟
ما ثمن إطلاق سراح الجنود ؟ هل من المعقول أنه تم إطلاق سراحهم دون ثمن ؟ أو أن خاطفيهم قد خافوا من تحركات الجيش ففروا كالفئران وأطلقوا الجنود .. إذا ما دور مشايخ وقبائل سيناء إذن ؟ ما دامت أن العملية عسكرية محضة أو شبه عسكرية .. إذن فالتفاوض الذي حدث وكانت واسطته قبائل سيناء يعني أنه كان هناك اتفاقا بين الجانبين ( لاحظوا أن الدولة المصرية بإقرارها صارت تتفاوض مع جزء منها - ألم أقل لكم أن سيناء قد أصبحت خارج السيادة وأهلوها فقط هم من يديرون أمرها ) .. إذن التفاوض يقتضي أن هناك هناك ثمن وثمن مضاد أو مقابل ومقابل مضاد .. فأحد المقابلين كان إطلاق سراح الجنود .. فيا ترى ماذا كان المقابل الآخر ؟
وجود ذكر لمشايخ سيناء .. يعني جيدا أن هؤلاء المشايخ يعرفون هوية الخاطفين .. وكانوا ( أي المشايخ ) جهة الوساطة بين المخابرات الحربية وبين الخاطفين .. وبناء عليه تم إطلاق سراح الجنود .. وقد سبق وصرح الظواهري ومرجان بأنهما يضمنان حياة الجنود في حال نفذت الحكومة طلباتهم وهو ما يؤكد أيضا أنهما يعرفان هوية الخاطفين ..
إذن يأتي هنا السؤال الثاني الهام .. أين الخاطفون ؟
لا أحد يعرف .. لم يأت أي حديث عن الخاطفين مطلقا .. فلم نعرف من هم .. ولا لماذا خطفوا إذا كانوا سيطلقون السراح بغير ثمن .. لا أحد يعرف عن الخاطفين شيئا حتى الآن .. ولا عددهم ولا مقدار تسليحهم ولا أوكارهم ولا أي شيء .. ولا حتى ما هي الضمانة بألا يقوموا بمثل هذه العمليات مستقبلا ..
السؤال الثالث .. عندما نشر هذا الفيديو .. هل شعر بعضهم بجرح الكرامة .. أكاد أجزم أن هناك من لم يتأثر مطلقا ولم تهتز شعرة واحدة في جسده وهو يشاهد جنود بلاده في هذا الوضع المهين .. لكن بالتأكيد أن الغالبية الأعم من الأسوياء شعرت بجرح غائر في الكرامة .. وللعجب أنه تم إطلاق اسم " كرامة " على العملية العسكرية المذكورة .. فهل شعر من جرحت كرامته وأهينت .. بأنه قد استرد هذه الكرامة ؟ الدكتور مرسي على تويتر كتب قائلا بعد إطلاق سراح الجنود .. " تحيا مصر.. عزيزة أبية " .. فهل يا ترى شعر ما انجرحت كرامته بالعزة والإباء حقا .. بعد إطلاق سراح " وليس تحرير " وهناك فارق كبير جدا بين اللفظين .. هل شعر من انجرحت كرامته بأنه قد استرد هذه الكرامة في ظل بقاء الخاطفين الذين عصبوا أعين جنودنا وأجلسوهم القرفصاء واضعي أيديهم فوق رؤوسهم - في ظل بقاء هؤلاء الخاطفين مطلقي السراح يعيثون في الأرض مرحا أو فسادا .. هل هذه بالفعل هي العزة والإباء التي نطلبها ..
السؤال الرابع والأهم .. وهو سؤال يقتضي الصدق والصراحة مع النفس .. هل تشعرون بالأمان والاطمئنان على هذا البلد المستهدف من الكل .. في ظل وجود هذه القيادة سواء القيادة السياسية أو القيادات السيادية الكائنة حاليا .. هل الدولة التي يقتل جنودها على أراضيها ولا تستطيع أن تنتصر لهم أو تأتي بمن قتلهم .. ويختطف ضباطها وينقلون إلى قطاع مجاور .. دون أن تجد من يحاول استعادتهم .. ويتم اختطاف جنودها وتصويرهم بأوضاع مهينة .. دون أن تنتقم ممن خطفهم أو أذلهم .. هل يشعر بعضهم حقا بالأمان لو أن الدولة التي تنهزم أمام مجموعة من الإرهابيين أو تستلم لهم أو حتى تفاوضهم واجهت بالفعل هجوما منظما من قوات محترفة مدربة .. سواء كان هجوما عسكريا شاملا كالحرب مثلا .. أو هجوما خاطفا منظما مثل حروب الشوارع .. ولكنه على أيدي أفراد محترفين ومدربين على التعامل وسط التجمعات السكنية .. وليسوا مجرد متمردي جبال ..
السؤال الخامس .. خرج بعض مؤيدي الجماعة يلقون باللوم على الرئيسين السادات ومبارك في ترك سيناء بدون تنمية حقيقية .. وهؤلاء نقول لهم .. ها أنتم ذا .. معكم الكرة والملعب خال أمامكم منذ ما يقرب من عام كامل .. فأين هي أهداف التنمية أو حتى هجماتها الخطيرة التي قمتم بها في مرمى سيناء .. الإجابة .. لا شيء حتى الآن .. فلنتغاض عن الآن هذه .. ها أنتم حملتم مسؤولية ما حدث في سيناء لعدم وجود تنمية .. فهل يا ترى سوف تبدؤون بهذه التنمية الآن .. حتى لا يأتي من سيأتي بعدكم ليحملكم مسؤولية بقاء سيناء بدون تنمية حقيقة ؟؟ الأيام بيننا ..
سؤال على الهامش .. سيادة الفريق السيسي .. هل شعرت حقا أنك قمت من على كرسيك وانتفضت في وجه هؤلاء الذين ألقوا لك بهذه العبارة ؟