اهتمامات النظم المتحضرة ...4- كيف يحاسبون المدرسين المهملين؟
يعتبر المدرس فى أستراليا بمثابة أب لتلميذه, و أى خطأ يرتكبه فى حقه يعتبر مخالفة مشددة, حيث أنه مسئول عنه, و يوصف ذلك بجملة لاتينية وهى in loco parentis , أى أنه يحل محل الأب, أو فى مصاف الأب, أثناء تواجده فى المدرسة أو المعهد..
و كما ذكرنا عن مسئولية الإهمال فى حالة الأطباء, فإن القواعد التى تحكم العلاقة بين التلميذ و المدرس تُستمد أساسا من قانون الأخطاء المدنية The Law of Torts , إلا إذا كان الخطأ المرتكب يشكّل جريمة جنائية, و هنا تطبق عليه قواعد القانون الجنائى.
و لكن فى نفس الوقت, توجد لوائح و قرارات وزارية تصدرها وزارة التعليم, و تحدد العقوبات الإدارية التى يمكن توقيعها على المدرس إذا أخطأ أثناء قيامه بعمله كمدرس.
و أغلب المخالفات التى يرتكبها المدرس تنبع من سلوك التلميذ نفسه, و رغبة المدرس فى تقويمه كما لو كان أب للتلميذ.
و لكن المدرس , فى هذه الأيام, قد يرغب فى تأديب تلميذه, كما يؤدب نجله ( أو من هو فى منزلته) لتقويمه, و لكنه فى نفس الوقت يكون قد ارتكب مخالفة أو جريمة, و ذلك يتوقف على خلفيته, و ثقافته, و تقاليد اسرته.
فقد تغيرت القوانين فى الغرب, بحيث أن المدرس الذى لم يتعود على قوانين تلك البلاد, و خاصة المُدرّس المهاجر من بلد تختلف تقاليده و عادته عن تلك المُتبعة فى أستراليا, سيجد نفسه واقعا تحت طائلة القانون.
و نظرا لتعدد و تضارب اللوائح التى تحكم و تنظم واجبات, و حقوق, و أسلوب أداء المدرس, فإنه من الصعب على من يقوم بوظيفة التدريس أن يكون ملما بكل الأحداث, و الظروف, التى قد تجعله يخطئ فى شيئ ما, بدون أن يدرى.
و ترجع هذه البلبلة لعدة أسباب , منها:
1- دعوة بعض خبراء التعليم, و بعض أعضاء المجتمع, بضرورة إعطاء فرصة للمجتمع المدنى ( جمعيات آباء و أمهات التلاميذ) , لكى يشاركوا فى إدارة مجالس المدارس, و ذلك بإدراج بعض أعضاء تلك الجمعيات ضمن مجلس إدارة المدرسة.
2- التوسع فى تطبيق اللامركزية, فلا يكفى أن لكل ولاية وزارة تعليم مختلفة, تختلف مناهجها عن الولايات الأخرى, بل أن الولاية نفسها قد قسمت حقول التعليم فى شكل مناطق, يمكنها فيها تحوير المناهج لتتناسب مع طبيعة المنطقة حضاريا, و ديموجرافيا, مع منح كل منطقة حق إضافة مواد, أو اختصارها من المنهج., و منح حق وضع امتحان آخر العام لكل منطقة, أو مدرسة, عدا السنة النهائية الثانوية.
3- انتشار الشعور بضرورة معرفة الحقوق القانونية بين الآباء, فضلا عن أن التلاميذ أنفسهم يدرسون مواد قانونية فى السنتين الأخيرتين من التعليم الثانوى, بالإضافة إلى تواجد نظام "المساعدة القانونية" Legal Aid و التى تقدمها المجتمعات القانونية, مجانا , و تشارك فيها الدولة, لكى توفر لكل أسرة حق الاستشارة القانونية مجانا,
4- ظهور " حركة" حقوق الأطفال, التى انتشرت فى الغرب منذ حوالى 30 عاما
5- تغير مشاعر الشعب تجاه العقوبات البدنية التى يوقعها المدرس, و التدخين فى المدارس, و مظهر التلميذ, و الزى الرسمى للتلميذ, و مدى سلطة المدرس على التلاميذ.
فى الفقرة التالية, سأتحدث عن محاسبة المحامين عند ارتكابهم خطأ.
تقبلوا التحية.