أبناء «زعيمة الطرشى» فى الغورية يكملون مسيرتها بالخلطة السرية
0
0
Tweet
0
تصوير : other
«الأصل يعمر والتقليد يدمر وزيارة واحدة لنا تجعلك عميلنا الزعيم»، تلك الجملة حفرت على جدران أحد محال الطرشى فى منطقة الغورية، وأصبح قاطنو الحى العريق يحفظونها عن ظهر قلب، ليس لكونها تتصدر واجهة المكان، ولكن لأنها ارتبطت بصلة وثيقة بزعيمة الطرشى فى الغورية كما يطلقون عليها، وهى الحاجة عزيزة محمد رشاد، كانت لاتزال طفلة لم تتعد الثانية عشرة من عمرها حين فتح أحد الأشخاص محل طرشى بجوار منزلها، واضطرتها ظروفها الاقتصادية الصعبة كغيرها من فتيات المنطقة إلى العمل فى تقشير البصل لصالح ذلك المحل مقابل قرشين للصفيحة،
وظلت كذلك لسنوات طويلة إلى أن وصلت بها مهاراتها فى التخليل التى شهد لها الجميع، إلى أن تعمل فى أحد محال الطرشى، رحلة طويلة قضتها الحاجة عزيزة فى التنقل بين محال الطرشى لمساعدة زوجها، الذى كان يعمل «أرزقى» على مصاريف المعيشة، وكانت نقطة التحول فى حياتها عندما استطاعت أن تستأجر أول محل لحسابها الخاص، ولأن للمخلل أسراراً، كانت الحاجة عزيزة دائمة البحث عنها لتحاول استقطاب زبائنها بخلطة سحرية خاصة تجعلها تتميز عن غيرها وتحتفظ بلقب «الزعيم».
منذ شهور قليلة ودعت الغورية «زعيمة الطرشى» التى نالت خلطتها السحرية إعجاب الجميع، ولكن يبدو أن الحاجة عزيزة كانت تفكر دائما فى كيفية الحفاظ على هذا اللقب، فأخذت على عاتقها تعليم أبنائها الأربعة خلطتها السرية ليحملوا الراية من بعدها ويكملوا مسيرتها فى الغورية، نهاد وشريهان وهند ومحمد هم أبناؤها الذين أصبح لا هم لهم سوى كيفية الحفاظ على السمعة التى نالتها والدتهم وجعلتها تتميز عن غيرها من بائعى الطرشى فى المنطقة بأكملها،
اعتادوا منذ نعومة أظافرهم على العمل مع والدتهم ليكتسبوا مهاراتها فى التخليل، نهاد هى الابنة الصغرى للحاجة عزيزة، اعتادت أن تأتى معها كل يوم لمساعدتها وللتعلم منها، «الطرشى ده صنعة أهم حاجة فيها الضمير» تلك كانت وصية زعيمة الطرشى لأبنائها دائما،
تقول نهاد: «كانت والدتى تقول لنا دائما أهم حاجة نضبط الشغل، يعنى الخلطة بتاعة المخلل ونبعد عن أى ألوان صناعية عشان نضمن سمعة كويسة، فالطرشى ده أنواع فيه منه البلدى وفيه الإفرنجى»،
وعن الفرق بين النوعين تقول نهاد «الأول تستطيع أن تشرب مياهه وتتذوقها أما الثانى فلا، كما يوجد أنواع للألوان التى توضع فبعضها صناعى والآخر طبيعى نستخدم فيه البنجر أو فلفل قرنقوطى يعطيه لون كغروب الشمس، ولكن الزبائن دائما تفضل الطبيعى»،
أما محمد شقيق نهاد فيتحدث عن طرق الغش التى يتبعها البعض فى التخليل قائلا: «سمعنا كغيرنا عن استخدام بعض معدومى الضمير الصودا الكاوية وفضلات الإنسان فى التخليل، بحجة أن هذا يزيد من سرعة التخليل، وهو ما يقوم به بعض بائعى الزيتون الأسود على العربات المكشوفة فى الشارع فتكون الزيتونة ذات لون غامق قليلا وطعمها مر فيلجأ البائع إلى طرق غير سليمة لتخليلها،
أما المحال الكبرى فتحتاج لتخزين المخللات لفترات طويلة، لذا فليس من المعقول أن تستخدم أى مواد تزيد من سرعة التخليل وتعرض بضائعها للتلف بسرعة»، يضيف محمد: «لا يستطيع الزبون أن يفرق بين المخلل الجيد والسيئ لذا يفضل أن يشتريه من بائع يثق فيه»، وعن طريقة التخليل المنزلى تقول شريهان: إذا أرادت ربة المنزل أن تخلل فلفلاً وزيتوناً وليموناً فعليها أن تضع الفلفل أولا ثم تضع فوقه الزيتون
أما الليمون فتضعه فوقهما فى برطمان به مياه وملح، وإذا كانت لا تستطيع أن تضبط مقدار الملح الذى يجب أن تضعه، فأنصحها بأن تزيد منه قليلا فإذا حدث وكان قليلاً يتلف، ولكن إذا كان الملح زيادة عن المقدار اللازم فلا مشكلة»، تستطرد شريهان قائلة: «الفلفل ممكن يستوى فى أسبوع واحد والزيتون لو تفاحى هياخد 15 يوماً أما أى نوع تانى فمحتاج شهرين، أما الليمون فكل ما (يعد) كل ما يكون أحسن».
ويقول محمود «الطرشى ليس له موسم معين، أو طبقة معينة فالناس أغنياء كانوا أو فقراء يحتاجون إلى فاتح للشهية، فالمصرى ذواق بطبعه يعنى مايقدرش ياكل من غير مخلل يفتح نفسه على الأكل، وأحيانا ناس بتيجى تطلب منى بنص جنيه وماقدرش أكسفها علشان كل اللى بييجى هنا لازم يحس إنه الزعيم».