في الماضي السعيد كانت تلك الجملة بلكنة الجنوب الجميلة تتردد بطبيعة تلقائية .. مصر و السودان هتة واهدة .. و لكن ولي هذا الزمن السعيد الذي أخذ كل شيء جميلآ معه و ترك لنا فقط حزازيات و انانية .. مشاكل تعصف بالعالم كله و ها هي عاصفة جديدة تلم مكوناتها كي تعصف علي السودان و ما هي الا فترة قصيرة و ستصل الينا تداعياتها ..
علينا أن نتحرك الآن فى مصر بأقصى سرعة ممكنة... لأنه بعد ايام تقل عن اصابع اليد الواحدة سيقرر سكان جنوب السودان مصيرهم.... و الذي من جراءه و حتى وقت قليل مضى كنا نعتقد أن هناك سيناريوهين فقط... الأول أن يختار سكان الجنوب الوحدة وهو احتمال لا يزيد على 5٪... أو يختاروا السيناريو الثانى السيئ بالنسبة لنا وهو الانفصال... وهذا الاحتمال هو المرجح للأسف من قبل غالبية سكان وقادة الجنوب.. وأوروبا وأمريكا وبلدان أفريقية كثيرة مؤثرة... والآن هناك السيناريو الثالث الكارثى أو الكابوسى وهو الحرب بين الشمال والجنوب.
بالطبع مصلحتنا كدولة مجاورة أن يختار سكان الجنوب خيار الوحدة... ولكن ولأن السياسة لا تعرف التمنيات... فقد بات مؤكدا أنهم سيختارون الانفصال... خصوصا أن رئيس حكومة الجنوب سيلفا كير و معه الأغلبية الساحقة لأهل الجنوب أعلنوا بوضوح أنهم سيصوتون لصالح الانفصال.... بل و بدات الترنيبات لهذا الأنفصال مع اول يوم في الأستفتاء ...
اعود لأحتمال الحرب لأنه احتمال وارد و له سوابق عديدة في السودان .. حتي الآن لا يوجد ما يقلق علي الحدود بخلاف بعض المناوشات .. و لكن التاريخ يعلمنا ان في تلك الحالات تكفي شرارة صغيرة .. او حادثة فردية كي تندلع شرار حرب أهلية بين ابناء وطن واحد مثال الهند ... كوريا .. اليمن ..الخ الخ ... و عليه و في حالتنا تلك خيار الحرب لم يعد مستبعدا بين الشمال والجنوب ليذكرنا بالحرب الدامية بينهما منذ عام 1983 حتى توقيع اتفاق السلام فى مدينة نيفاشا الكينية فى 2005 والذى أنهى حربا وحشية استمرت 20 عاما.
إذا حدثت الحرب لا قدر الله.. فهل نحن فى مصر مستعدون لآثارها وتداعياتها؟!.. هل فكرنا فى تقدير تأثيرها على تدفق مياه النيل إلينا.. هل فكرنا فى تأثيرها على المشروعات المصرية هناك.. أو على تدفق كثير من اللاجئين إلى مصر؟
هل فكرنا فى تأثيرها على بقية السودان.. وماذا لو فكر إقليم دارفور فى الانفصال ايضا... إلى آخر عشرات الأسئلة التى تؤثر على صميم أمننا القومى؟!
اللاعبون الأجانب فى ملف السودان الآن صاروا كثر.. من أمريكا إلى إسرائيل... ومن الصين إلى إثيوبيا... ومن فرنسا إلى بلدان الجوار.
كان مفترضا أن نكون اللاعب الأكثر تأثيرا هناك بحكم أشياء كثيرة.. من اللغة والدين إلى التاريخ والعلاقة الخاصة نهاية بالحفاظ على مصالحنا خصوصا ضمان تدفق مياه النيل. الواقع سيئ وليس هذا وقت الحساب ومن المسئول عن تراجع تأثيرنا وهواننا على أنفسنا وعلى الآخرين... الآن علينا أن ندرس ونفكر ونضع خططا لكل السيناريوهات... حتى لا تتم مفاجأتنا مثلما يحدث فى كل القضايا.