لعلك قابلتــه!
أحيانا نشعر أننا مشتاقون لشخص معين تكون قد صادقته أو قابلته في ملتقى أو مؤتمر أو كان صديق رحلة في قطار أو زميلا في مدرسة أو الكلية أو على شاطيء أو في رحلة صيفية أو قريبا عائليا لا تتبين ملامـَـحه لكن صوته لم يبرح أذنيك لزمن طويل!
أحيانا يقوم بزيارتك زيارة خاطفة وأنت تتأمل ماضيك أو يأتيك في صورة رائحة طعام أو صوت محبب أو أغنية أو زيارة لمسجد أو كنيسة أو مداعبة من أمواج البحر فتقفز إلى ذهنك صورته كأنه كان معك البارحة.
أحيانا يأتيك في عطلة قصيرة من بين القبور، ويستأذن الموتى معه ليلتقيك للحظة أو برهة أو هنيهة، فيصافحك أو يعانقك أو ينصحك أو ينعش ذاكرتك بآخرين.
أحيانا يطرق بابَ خيالك ليؤكد وحدة الموت والحياة، أو رباط الغياب والحضور؛ فتبحث عنه في الغرفة أو العمل أو أوراقك ثم تنام الذكريات لبعض الوقت.
أحيانا تراه في زحام الشارع على الناحية الأخرى من الرصيف فيبتسم لك أو يُلوّح بيده أو يختبيء خلف السائرين والمتسكعين ؛ فإذا بصفحته في أحلام يقظتك تظهر لك لتقرأها فترى نفسك بين عالميّن لا تدري إنْ كنت أنت الغائب وهو الحاضر أم العكس هو الصحيح.
غائبوك حاضرون، وحاضروك غائبون وأنت في حيرة الحياة والموت؛ فيمدّ أحدهم يدَه من الغيب ويصافحك أو يُـلقي إليك بمشهد غاب عنك طويلا!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 2 يونيو 2019