صناعة الدواء صناعة عريقة و متقدمة للغاية بمصر , والدواء المصرى دواء ممتاز و فعّال للغاية , ويجب علينا ان نكون فخورين بهذه الصناعة المصرية التى تجد سوقا رائجة لها فى كل الدول العربية...ولا أرى أن علينا أن نشوّه صورتها (فالأردن أصبح لديها مؤخّرا صناعة دواء لا ترقى لمستوى صناعة الدواء المصرى ولكنهم طالعين بأدويتهم السماء على ايه ما أعرفش) وان كان هذا لايمنع من أنه علينا ان نضع يدنا على أوجه القصور لمحاولة علاجها أولا بأول حفاظا على هذه الصناعة التى ستثبت الأيام أن لمصر مستقبل كبير بها نظرا لتوافر الكوادر الطبية و الصيدلانية ذات الكفائة العالية وتوافر البنية التصنيعية الأساسية لها خاصة فى ظل ضخ استثمارات خاصة لا يستهان بها فى هذا المجال
فعالية الدواء المصرى الكبيرة و سعره المنخفض جعلت الاقبال شديدا عليه فى الدول العربية , وأرى بنفسى عدد كبير جدا من المرضى السعوديين الذين لا يرتضون بالبديل الأجنبى لبعض الأدوية المصرية , ليس لفارق السعر فقط و انما لأن عدد منهم قاموا بتجربة الدواء الأجنبى البديل و شعروا بفارق فى الكفائة لصالح الدواء المصرى (على سبيل المثال يطلب المرضى فوّار النقرس المصرى أبو 2 ريال (Urosolvin) والذى يمتيّز بفعاليته الشديدة و طعمه المقبول جدا مقارنة بالبديل الألمانى (Uralyte) الأقل فعالية وذو الطعم السيّئ جدا للدرجة التى تجعل المريض يتوقف عن تناوله , وكل هذا رغم أن ثمنه 167 ريال :o ... ويندرج نفس الشيئ على الــ"نو-يوريك" المصرى أبو 10 ريال مقارنة بالــ"زيلوريك" الانجليزى أبو 58 ريال....كما تجد الكثيرين يطلبون قطرة العين المصرية أم علبة صفراء أم 5 ريال "بريزولين" والتى تفوق قطرات حساسية العيون الأمريكية التى تتعدى الــ30 ريال.. ناهيك عن المضادات الحيوية المصرية التى لايتجاوز سعرها واحد على ستة من سعر مثيلاتها الأجنبية رغم عدم وجود فارق واضح فى الفعالية...ناهيك عن قرص الــ"ريفو" المصرى الذى يرى الكثيرون أن معامل "باير" الألمانية لم تنتج ما هو أفضل منه على أى حال)
لايعيب الدواء المصرى سوى التعبئة الفقيرة للغاية فى مظهرها (بصراحه.... شكلها عرّه hg):: ) وان كانت الشركات المصرية قد بدأت فى معالجة هذه النقيصة خاصة شركات القطاع الخاص (فاركو , العامرية..الخ الخ الخ) بينما لازالت المشكلة ماثلة فى شركات القطاع العام (القاهرة,الاسكندرية ,..الخ الخ الخ) لأن فى رفع جودة التغليف و التعبئة رفع للتكلفة وهم لايريدون فقدان سلاح انخفاض السعر فى معمعة المنافسة التجارية
انخفاض سعر الدواء المصرى ليس مثيرا للشك و الريبة ولاحاجه...فاذا عرف السبب بطل العجب..وهناك أسباب مش سبب واحد فقط....أولا انخفاض أجر اليد العاملة المصرية (من أول رجل البحث العلمى و الصيدلانى حتى عامل المصنع و فـتاة التعبئة و التغليف) .. ثانيا : انخفاض قيمة أغلب الخامات التى لانحتاج لاستيرادها - وهى تمثل أكثر من نصف خامات الأدوية المنتجة بمصر) وثالثا عدم ارتفاع تكاليف التعبئة , ورابعا - وهو الأهم- ما يسمّى بسعر تسجيل الدواء....فالدواء الذى تنتجه شركة معينة كأحد منتجاتها الخاصة يظل لمدة خمس سنوات محظورا على أى شركة أخرى انتاج بديل له , وبعد الخمس سنوات فان سعر تسجيل العقار البديل أو المكافئ ينخفض بنسبة تتراوح بين 5 و 8% حسب تصنيف العقار الدوائى , وفى كل مرة تقوم شركة جديدة بانتاج الدواء يتم تسجيله بسعر أقل عن مثيلتها... فعلى سبيل المثال كان دواء قرحة المعدة (Losec) قد تم تسجيله فى السعودية بــ160 ريال , ومع توالى البدائل وصل سعر البديل المسمّى (omiz) الى 40 ريال , والآن يتم تداول أحدث بديل وهو الــ(Omidar)بـــ28 ريال... وهو ما ينطبق على الفياجرا و من قبله الزانتاك و الفولتارين وجميع الأدوية "الأوريجينال"
بالنسبة للحالة المذكورة فى رأس الموضوع تحديدا (دواء الجلوكوفاج وبديله السيدوفاج) يجب التنويه الى عدة نقاط :
=الــ(Metformin) المادة الفعالة فى العقارين أساسا مش محتاجة عبقرية فى تصنيعها ولا يوجد ما هو أسهل من ذلك , كما ان المادة الخام سعرها رخيص ولا يذكر و مش مستاهلة التلاعب فيها , حتّى الدواء نفسه سعره أى كلام (حتى الجلوكوفاج الأجنبى... وأعتقد أن حشيش لاحظ انخفاض سعره مقارنة بباقى الأدوية - يمكن ده اللى شجعه يعمل فيها أبو الكرم و يبعث كمية كبيرة و..و..و...لايمكن...عيب يا راجل...عليّا المرّة دى... عليّا الطلاق الحساب عندى cld: :o )
=قد يكون انخفاض فاعلية أى دواء ليس ناتجا عن سوء تصنيعه بقدر ما هو ناتج عن سوء نقله وتخزينه و تعريضه لدرجات حرارة عالية (كام صيدلية فى مصر مافيهاش تكييف؟؟؟ علما بأن أى دواء يتلف فى درجة حرارة أقل من 30 درجة مئوية - اللى هيّه درجة الحرارة العادية بمصر أكثر من 3 أرباع السنة)
=المثال كان عن شركة حالتها خاصة للغاية بمصر و يعتبرها الجميع شركة دواء "ناشزة" وجايبه لصناعة الدواء المصرى الكسوف و مقصّرة رقبة الدواء المصرى...فهى شركة فقيرة فقر مدقع ... ويكفى القاء نظرة على مندوبيهم (وهم فى الغالب بيطريين و خرّيجى زراعة وليسوا صيادلة أو أطباء بشريين فى غالبيتهم) لتعلم مدى فقر هذه الشركة , وأتذكّر عندما كنت فى فترة النيابة بالدمرداش أن ذهبت احدى مندوبات "شركة سيد" لأحد زملائى الذى اعتقد أنها مريضة جائت تطلب منه اعفائها من قطع الكشف أبو نصف جنيه.... ناهيك طبعا عن عدم تورّع هذه الشركة عن لف الأدوية فى ورق لحمة لو ترك لها الخيار فى فعل ذلك , وان كانت الشركة و مصانعها بها البنية الأساسية التى لا تحتاج الاّ ضخ بعض الاستثمار بها مع اعادة هيكلتها
والخلاصة...صناعة الدواء المصرى لاتحتاج سوى مزيد من الاستثمار والاهتمام بها من جانب المستثمرين....فهى صناعة واعدة (من منّا لم يسمع عن الدواء المصرى لشركة فاركو الذى سيكون علاجا يحلم به مرضى الكبد؟؟؟)...وعلى الله بس لايتم خنق هذه الصناعة (بعد نضوجها أكثر و أكثر) بيد العولمة و منظمة التجارة العالمية عن طريق اتهامنا بالاغراق نتيجة رخص أسعر أدويتنا... وستثبت الأيام أن صناعة الدواء المصرى ستكون أحد ركائز اقتصادنا فى المستقبل المنظور و أحد أهم مصادر النقد الأجنبى باذن الله