أحاول ان اقاوم حالة الإحباط و القلق العام الذي يحيط بي ... امسك الريموت كنترول و ابحث عن محطة لا تتكلم عن الفيروس .. لا تتكلم عن ضعف البشر .. و غباء الأخرين .. لا تتكلم عن الأقتصاد المحلي و لا العالمي ... لا تتكلم عن تحذيرات و عقوبات ... الحمد لله ما زال هناك من يبث اشياء مختلفة ... فوجدت فيلم أبيض و اسود لشارلي شابلن .. فأندمج معه بنفس سعادة الطفل الذي في داخلي عندما كان يراه منذ سنوات طويلة
لا تمر 15 دقيقة الا و تعود زوجتي لتغير القناة مرة أخري بحثآ عن نشرة أخبار العاشرة ... مسئول الحماية المدنية القومي يدلي بتقريره اليومي عما يحدث في البلد .. لم أتحمل أكثر من ذلك فارتديت ملابسي .. و تسلحت بالماسك و القفاز و الإقرار الشخصي و نزلت الي ساحة المعركة المسماة بالسوبر ماركت ... امام المدخل الآن بخلاف الروتين الأمني المعتاد .. هناك تشيك بوينت جديد يقيس درجة حرارة العملاء قبل الدخول .. من تتخطي درجة حراراته ال 37 لا يسمح له بالدخول ... لا بأس فلنقم بهذا ايضآ ..
هذه المرة و لاكتسابي بعض الخبرة و قلة الأشياء المطلوبة انتهيت من تلك المهمة في فترة زمنية قصيرة ..
انظر حولي ... لا المح ابتسامة واحدة ... القلق و الغضب و فقدان الصبر هو ما استطيع ان اشعر به علي وجوه الناس .. و هو الشعب المرح المماثل لشعب مصر ... اخرج و بالسيارة اتخذت الطريق الأطول للوصول الي المنزل ... شوارع خالية ... محلات مغلقة .. فقط صيدلية امامها بضعة اشخاص .. ثم شوارع خالية أخري ... و امام حديقة عمومية مغلقة يلفت نظري حركات فوق النجيل ... شعرت بالتقزز للحظة معتقدآ بانها فئران .. و لكن لاحظت انها كبيرة الحجم .. فقمت بتهدئة السرعة قليلآ لأنظر أفضل .. فوجدت انها أرانب برية .. أرانب في المدينة ؟؟!! .... لقد عادت الأرانب لتسترد أرضها من البشر ... تسللت ابتسامة علي وجهي و انا في طريقي أركز أكثر فيما حولي .. انه الربيع يعود ... بكل جمال الطبيعة التي تحوطني .. اشجار ... زهور .. براعم تزهر .. طيور .. شمس دافئة .. فأنزع الماسك و افتح زجاج السيارة و استغل هذا القرب من هدايا الرب تلك ..
الطبيعة و جميع المخلوقات الأخري بخلاف البشر لا تعاني ما نعانيه ... لا تعيش قلقنا .. توترنا ... أمراضنا .. فيروساتنا ..
في مهرجان الجمال الذي يحيطني هذا أشعر بأن الطبيعة تسخر منا ... تقول لنا .. انها مشاكلكم انتم .. ابحثوا عن حل لها و اتركوني في شأني ..
ارجع المنزل و انا ادندن بأغنية لويس ارمسترونج الخالدة What a wonderful world .. و خطر علي بالي فكرة القيام بعمل فيديو كليب لهذه الأغنية اقضي به بعض الوقت عند عودتي ..امام المنزل تنتظرني زوجتي لتذكرني بخطوات التعقيم المعتادة .. احني رأسي و انا اترك الحذاء امام المنزل و ادخل الحمام لأغسل يدي للمرة السادسة .. و اترك لها باقي الطقوس ..
مسيرها تعدي