المدارس بشكلها التقليدي وأداءها المتعارف عليه من القرن الماضي لم تعد هي الشكل الأمثل للتعلم في القرن الواحد وعشرين حيث ان المعلومة لم تعد هي الهدف من التعليم.. فبضغطة زر يمكننا أن نحصل على ما نريده من معلومات بعد التطور المذهل و السريع في عالم التكنولوجيا والذي أحدث طفرة كبيرة في عقلية الأطفال منذ نعومة أظافرهم فأصبحوا أكثر مهارة و قدرة منا على استخدام أجهزة الكومبيوتر و المحمول و الاتصال بالشبكة العنكبوتية ... فعلينا نستغل هذه القدرات ونطور التعليم بما يتناسب مع عقلية الطفل و العصر الذي سيعيشه و ظروفه و متطلباته .. خاصة في عصر ما بعد الكورونا وبعد أن جربنا التعلم عن بعد في مصر ونجحت التجربة التي ظننا انها ستكون صعبة .
التابلت والكومبيوتر وما شابه من أجهزة أصبحوا هم الوسيلة الأمثل حاليا لتلقي التعليم في مصر التي لا يتوفر فيها عدد مدارس يستوعب أعداد الطلبة الهائلة و المتزايدة.. و أيضا لا يتوفر الأستاذ المتمكن من مادته والمدرب على إثارة شغف الطالب و توصيل المعلومة له بسلاسة ويسر وتدريبه على البحث و التحليل وغربلة المعلومات.. حيث لم تعد المعلومة هي الهدف.. وانما التأكد من صحتها و استخدامها فيما يفيد وينفع المجتمع .
من مميزات التعلم عن بعد انه يوفر لنا المدرس المتخصص المتمكن من مادته حينها لن نحتاج لاعداد كثيرة من المعلمين ففرصة الإختيار والإنتقاء ستكون كبيرة .. مدرس واحد لكل مادة قادر على تعليم طلبة مصر كلها مادته ...وبهذا نضمن ان كل طالب حصل على نفس المعلومة التي حصل عليها زميله باسلوب صحيح وسليم .. مع العلم ان المدرس سيكون دائما تحت اشراف وزارة التربية و عيون اولياء الأمور .
لا احتاج أن أعدد مميزات التعلم عن بعد الذي سيوفر لنا و للدولة الوقت و المال .. فلا مدارس ولا كتب و لا اوراق ولا ملازم ولا زي مدرسي ولا مواصلات .. و هذا يعتبر حل مثالي لمشكلة الازدحام و تلوث البيئة في نفس الوقت .
وهنا سيعترض البعض- وله الحق في ذلك- بأن الطفل يجب أن يلعب ويختلط مع أصحابه وزملاءه ويحدث بينهما احتكاك وحياة اجتماعية وتبادل خبرات....
اطمئنوا .. كل ما سبق سيحدث ولكن بشكل مختلف .. لن نستطيع أن نغفل إحتياجات الطفل والطالب البالغ... بل هي يجب ان تكون أولى أولويتنا .. ولن نغفل حاجة الأولياء الأمور أيضا في أن يستريحوا و يطمئنوا على أولادهم في الصباح وقت خروجهم للعمل ..
ولكن مهلا .. هنا يجب أن ندرك أن شكل الحياة سيختلف قليلا .. النوادي ومراكز تدريب وتنمية المهارات بجب أن تكون هي البديلة عن المدارس .. الأطفال في الصباح يخرجوا للتريض والمشي ساعة داخل النوادي ليكتسبوا هذه العادة الحميدة منذ الصغر .. ثم يتدرب كل طفل مع مجموعة من أقرانه على أي رياضة يفضلها ثم ينتقل لممارسة هوايته سواء كانت رسم او موسيقى او أشغال يدوية مع مدربين متخصصين.. وتدور حلقات نقاش في كافة المجالات مع توجيه الطفل دائما للسلوكيات و الأخلاق الحميدة .. يبقى الطفل في النادي او في مراكز التنمية للساعة الثالثة او الرابعة ظهرا.. ليعود للمنزل و يتناول الغذاء مع العائلة.. ثم يأخذ قسطا من الراحة و النوم الى السادسة مساء.. وتبدأ العملية التعليمية عن بعد ولمدة ثلاث ساعات ل ٥ مواد يوميا ..كل مادة مدتها نصف ساعة مع كل استاذ.. وبعدها يستمر الطالب في البحث و المذاكرة و تحضير الأبحاث على النت بنفسه.. ويمكنه ان يتابع ذلك في اليوم التالي بعد الأنشطة اليومية الصباحية في النوادي ومراكز التدريب مع زملاءه .
هذه هي الخطوط العريضة لتصوري للعملية التعليمية وشكل الحياة في المستقبل ..والتي تهتم اولا بصحة الطفل العقلية و النفسية وبمهاراته ..والاهتمام بمواهبه ..وتدريبه على أن يؤدي أعماله بيده.. و يعمل فكره فيما يفعله و يقرأه ..
الطفل يجب أن يشعر بالسعادة في كل ما يقوم به هذا هو الهدف الأساسي و الأسمى .. أما تفاصيل ما سبق فيمكن مناقشتها وتعديلها بما يناسب ظروف المجتمع وامكانيات الدولة وبما فيه سعادة و راحة ومتعة وفائدة للطفل و الاسرة .
لنبدأ التغيير ولتكن مصر هي الرائدة .