لم أعد اشعر بالمهانة عندما أحشر في علب السردين هذه
ليس هناك وسيلة مواصلات على هذا الطريق إلا عربات السرفيس
تشمم عرق الكادحين أصبح يمثل استدعاء لقيمة الكدح من أجل لقمة العيش
كان الشم اجباري لكن الاستدعاء مازال تلقائيا
شرح لي الرجل كيفية الوصول لمنزله وعدد لي كم سيارة سأركب
بل وفي كم محطة سأنزل ..
الطريق يجاور ترعة ضيقة .. خبراتي السابقة على هذه الطرق تقول أن
بعض السيارات يصيبها الظمأ فتنزل للترع تروي عطشها
يتسائل المرء عندما ينزل هذا العدد الوفيرمن الناس
كيف احتواهم هذا الفراغ ؟؟ .. هناك اختلال في المعادلة رياضيا
لكن شعبا يحمل إرثا تاريخيا في التحمل يمكن أن يفعلها
استطيع أن أتحمل هذا التلاحم على مضض ولكن المثير أن يقوم شخص بالضحك
بل والتنكيت في هذا الوضع البهلواني
أصوات ضحك مجلجلة وتجاوب من السامعين
يحكي الرجل وهو يقف علي قدم واحدة أنه استلم راتبه وأثناء توجهه عائدا زاغت عينه
على عربة جائلة تحمل حبات المانجو...بين الإقدام والتقهقر ترددت نفسه بين الاشتهاء
والاستبعاد..مابين المقطوع من الراتب ثمنا لكيلو المانجو والمتبقي للاقساط فعلها أخيرا
لن أنسى أبدا طريقة الرجل في سرده التي تبين اشتهائه للقضم بعد نزع القشرة
موسيقى تصويرية من ضحكات خالصة لا تملق فيها تصاحب السرد
عندما فتح الباب سمع صوتها تحكي بصوتها العالي المعهود
توصي ابنتها تأخذ حقها من المتنيل على عينه
انسحبت كل أماني الاشتهاء لديه..فهو يعرف جيدا من هو المتنيل على عينه
حسرة شديدة أصابت الموظف
ليس له نصيب اليوم في طعمها اللذيذ..
عندما وصلت إلى منزل الرجل واستلمت منه الأوراق التي أنهاها لي
ابتسمت ابتسامة لا مبرر لها وكتمت ضحكة داخلي حتى لا يسئ الرجل الظن بي
بمجرد خروجي من منزله أطلقت قهقه في الهواء تذكرا لسرد صاحب كيلو المانجو
وتجاوب المتلاحمين معه
هي حبكت تزورهم اليوم ده
عدت أرتب أوراقي استعدادا للسفر مقتنعا بالتجربة أنهم رغم ما هم فيه يضحكون بصفاء أكثر