البحث في الموقع
عرض النتائج للدليل 'عودة الوعي ، توفيق الحكيم ، الديموقراطية ، فبركة الجماهيرية ،'.
-
حديث لا يموت مع مفكر مات (٧) حبى لعبدالناصر حاجة وما حدث للديمقراطية فى عصره حاجة تانية! بقلم صلاح منتصر ١٨/ ٧/ ٢٠١٧ فى عام ١٩٢٧، وهو فى سن الثامنة والعشرين، كتب توفيق الحكيم روايته الشهيرة «عودة الروح»، وفى عام ١٩٧٤، وهو فى سن الخامسة والسبعين، نشر الحكيم كتابه «عودة الوعى» الذى وصف فيه سنوات حكم عبدالناصر بأنها كانت سنوات غاب فيها وعى الشعب وعاش مفتوناً بقائده الذى كان مثل السحرة الذين يجذبون عيون المشاهدين ويرتكبون أكبر الأخطاء. وقد أثار الكتاب ضجة بالغة تعرض فيها الحكيم لحملة ضارية من الناصريين. والمعروف أن جمال عبدالناصر قرأ فى شبابه رواية الحكيم «عودة الروح» وتأثر بها وأهدى الحكيم أعلى الأوسمة تقديرا، وهو ما جعل الحكيم يقول فى كتابه «عودة الوعى»: كيف لا أحب رجلا يحبنى، ولكن هذا شىء وما حدث للديمقراطية شىء آخر. وما الذى أعجبه فى الرواية؟ هل الفقرة التى تروى ما معناه أن مصر تحتاج دائما إلى معبود من بينها، فلما قرأ ذلك وهو شاب حلم أن يكون هو المعبود؟ إن ذلك ليس بالشىء المكروه، ولكن المكروه، بل الخطر، هو أن يكون للمعبود البشرى من القداسة ما يجعله معصوما من الخطأ، لذا لم يجرؤ أحد على أن يقول رأيا يخالف رأى الزعيم المعبود. ورغم أن الشعب الفرنسى كان يحب ديجول إلى درجة التقديس فإن ذلك لم يمنع من وجود المعارضين لرأيه فى البرلمان والصحف والكتب. وكان ديجول أول الضاحكين لما يرسم له من كاريكاتير ونكت وانتقادات تسخر منه. ولم يعتقل أو يحارب فى رزقه من انتقده. أما فى مصر فإن نقد عبدالناصر من المحرمات. لقد جعلتنا أجهزة الدعاية نرى أنفسنا دولة صناعية كبرى ورائدة العالم النامى، والزعيم يخطب بالساعات ولا أحد يناقشه أو يراجعه، بينما تلتهب الكفوف بالتصفيق. ولم يكتف النظام بتصفيق النخبة، وإنما كان يعتمد على التنظيم والتدبير. وقد رأيت بنفسى- والكلام لتوفيق الحكيم- عندما قابلت يوما رجلا أعرفه من أهل الريف، قال لى عن سبب وجوده فى القاهرة إنه متصل بلجنة الاتحاد الاشتراكى فى قريته وإنهم أحضروه هو وزملاء له فى القطارات باستمارات سفر للاحتشاد فى استقبال عبدالناصر عند عودته من الخارج، وإن إقامتهم وطعامهم على حساب الدولة وعليه هو وزملاؤه أن يهتفوا له طبقا للشعارات المطبوعة والموزعة عليهم. وأخرج من جيبه ورقة أطلعنى عليها فدُهشت. لقد كان مكتوبا عليها: هتاف جماعى.. ناصر.. ناصر.. ناصر، ثم هتاف آخر: يحيا ناصر العروبة، ويحيا زعيم الأمة العربية. وأضاف الرجل الريفى أن كل مجموعة لها قائد يشير إليها بالبدء. وقد كنت أظن «الشعبية» تنبع من القلب، لكن ما كنت أظن أنها يمكن أن يجرى تصنيعها وتأليفها وتوزيعها كأنها نوتة موسيقية للغناء. ومع ذلك- يمضى الحكيم ص ٤٩ من الكتيب- كيف استطاع شخص مثلى أن يرى ذلك ويسمعه ويظل على شعوره الطيب نحو عبدالناصر؟ أهو فقدان الوعى؟ أهى حالة غريبة من التخدير؟ ■ ■ ■ سألت توفيق الحكيم: ما الذى كنت تقصده بالوعى، هل هو وعى الشعب أم وعى المفكرين وأنت واحد منهم؟ قال الحكيم: المقصود به الشعب كله من مفكرين وعاديين وأعضاء مجالس نيابية. لأن القول بأن أحد النواب رقص فى ظرف كهذا دون أن يستنكر الآخرون منظره الشائن فأخف وصف لذلك هو «الذهول وذهاب الوعى» (يشير الحكيم فى ذلك إلى واقعة حدثت بعد تنحى جمال عبدالناصر يوم ٩ يونيو.