البحث في الموقع
عرض النتائج للدليل 'فاطمة ناعوت'.
-
مع كل نهار، ترتكب داعش مذبحةً جديدة. فتغصُّ صفحات فيس بوك وتويتر بفيديوهات تعرض جرائمهم. وينقسم المُعلّقون (من غير المسلمين) إلى فريقين: 1- فريق يسأل في ذهول وحيرة: “ما هذا بحق السماء؟!” 2- فريق يسأل في ذهول وحيرة، أيضًا: “أهذا دينكم؟! إرهابٌ وسفك دماء! نحر أعناق ودحرجة رؤوس على الرمال! تعليق جماجم على أسنّة الأسوار وتمثيل بجثامين ونبش قبور وإهانة رُفات موتى؟ تهجير ذِميّين مسالمين عن بلادهم واستلاب أموالهم ودورهم؟ سبي فتيات وختان نساء في عمر الجدات؟! هدم تراث البشرية وتكسير آثار خالدة ووءد حضارات ظلّت شاهدة على عظمة العقل البشري قرونًا، حتى وصل مَن جاءوا ليقدموا الدليل على موات العقل البشريّ! أهذا دينكم الذي به تفخرون؟!” أما نحن المسلمين، فنهتف على مسامع البشرية في ثقة العارف: “أولئك ليسوا مسلميييييي! ليس الإسلامُ هكذااااااا! دينُنا الحنيف، دينُنا السمح، دينُ السلام والإسلام براءٌ من داعش ومما يصنعون. أولئك يسيئون للإسلام.” نقول هذا، ثم نصمت. فقد غسلنا الإثم عن أيادينا، وارتاحت ضمائرُنا، وانتهى الأمر. وماذا بعد؟ لا شيء! علينا، وحسب، أن نجلس هادئين، نلهو على صفحات الانترنت ونلعب بلاي ستيشن، ونسمع أغاني ونشاهد أفلام أكشن، في انتظار جريمة الغد الداعشية. حين تحدث كما عودونا، نتنحنح ونضبط أوتار حناجرنا، ثم نأخذ سمتَ المهاجم الشجاع، ونبدأ في ترديد العبارات ذاتها على مسامع البشرية ذاتها وعلى صفحات النت ذاتها، لنصمت بعدها الصمتَ ذاته، وترتاح ضمائرُنا الراحة ذاتها. ولمَ لا وقد أدّينا دورنا العظيم كمسلمين على أكمل وجه تجاه ديننا، وذُدنا عنه بكل جسارة وقوة، ورددنا السهامَ الموجهة إلى صدر الإسلام إلى نحر أعدائه الجهلاء الذين لا يعرفون سماحة ديننا كما نعرفها نحن، ولا قرأوا كيف كان الرسول يذوب حُنوًّا على مريض أو مُعوَز، وكيف أنّبه ضميرُه حين عبس في وجه الأعمى الفقير (عبس وتولّى أن جاءه الأعمى) وازوّر عنه لانشغاله بدعوة أحد أثرياء قريش إلى الإسلام، ووووو. لكن أحد متصفحي فيس بوك، "أمير المحامي" وضع سؤالا صعبًا: “إذا كانت ’داعش‘ تسيء للإسلام كما تزعمون، إذن لما لا تجتاح المظاهراتُ شوارعَ البلاد العربية منددة بأفعالها، كما حصل مع حادثة الرسوم الدنماركية والفيلم المسيء للإسلام؟!” ونتساءل معه، أين غضبُ المسلمين من إجرام داعش في حق الإسلام؟! أين الإجراءات العملية (وليس الاكتفاء بالتنديد) التي يجب أن تقوم بها المؤسسات الإسلامية في الدول التي ترفع راية الإسلام، والأزهر الشريف بمصر ضد ما يفعله الدواعشُ فيسيء بقوة إلى صورة الإسلام، أكثر مليون مرة من صورة كاريكاتورية هنا، أو فيلم تافه هناك؟! اعتدنا أن نصرخ في وجه من يتساءل: “لماذا يكبّر الدواعش باسم الله وهم يقتلون؟” فنقول له بحدّة وعنف: “كفاكم حقدًا على الإسلام. إنها الحرب على الإسلام يا أعداء الإسلام!” مَن هم أعداء الإسلام الفعليون؟ من يقتلون باسمه، أم من يرفضون انتهاك اسم الله القدوس واستخدامه في نحر البشر؟!