البحث في الموقع
عرض النتائج للدليل 'فسيخ ، رنجة ، ملوحة ، بيض ، شم النسيم ،'.
-
منذ أكثر من 5000 عام وهذه الموقعه تتكرر كل عام وفى نفس الوقت وبنفس الاسلحه.. أصبحت موعدا ينتظره الملايين بشغف يعدون العده والسلاح واساليب المقاومه . يسهرون من المساء استعدادا لها فى الصباح ولا تستثنى احد من اثارها. أنها موقعه .....شم النسيم.... ووجبته الاساسيه.... الفسيخ والملوحه وحواشيهما. أجل.. كل هذا الكلام المنمق عن أكله فسيخ وملوحه...!!! أه والله.. ما يحدث كل عام يستدعى أن أشارككم به هنا .. لانى واثق انها نفس الطقوس والمفاهيم وان اختلفت فى التنفيذ. منذ الصغر يكون أحلام الصغار أن يكبروا ليجلسوا على طاوله الكبار فى هذه الاكله بالذات.. أتذكر ان أقصى أحلامى أن أجلس مع الرجال لأكل بيدى مثلهم ولا أجلس مع الاطفال على طاولتهم المجهزه بالعينات فقط.. تبدا الاستعدادات للموقعه قبلها باسبوع...حيث يتم تحديد المكان الذى سنحصل منه على الممنوعات وأسلحه الدمار الشامل البيولوجيه والممثله فى الفسيخ والملوحه والسردين وانضم اليها مؤخرا فى العصر الحديث .... الرنجه. وقبل المجزره بسويعات ينطلق الرجال من أجل الحصول على أفضل أنواع البصل الاخضر والليمون والكراث.. والخبز الساخن... ايوه.. الساخن... يالها من استعدادات. ليبدأ تجهيزات أرض المعركه.. ياخذ النساء الفسيخ والملوحه والسردين والرنجه.. ليبدءا عمليه تحويلهم الى اشياء قابله للاستهلاك الادمى فيتم تقطيعهم الى قطع مربعه صغيره جميله مملوءه باللحم الوردى شديد الملوحه و ازاله القشر منها لتوضع بكل حب وود فى سرافيس وتغطى بزيت الزيتون والليمون وقليل من الطحينه وبعض المدارس فى التجهيز تستخدم البقدونس والبعض الاخر يتركها كما هى .....يا له من منظر خلاب.. اما الرنجه فيتم شيها وتفصيصها وفصل بطارخها عن لحمها وترص هى الاخرى فى سرافيس وعليها الزيت والليمون والبصل المقطع الى قطع منمنه.... ياله من طعم خلاب.. والسردين حدث ولا حرج يفتح ويزال شوكه ويوضع وعليه الزيت والليمون ... اما الجريمه الكبرى فهى الملوحه....أجل ... الملوحه... ذلك السلاح السرى المصرى الذى أمنا جميعا من اى هجوم بيولوجى قد نتعرض اليه.... أذكر وانا فى الصاعقه كان هناك مجموعه من الضباط الامريكان ياخذون فرقه الصاعقه الراقيه المصريه معنا... وتزامن التوقيت مع هذه الموقعه وكان لى صديقا من أسيوط اتحفنا بصفيحه ملوحه.... ولم يكن هناك بالطبع من يجهزها مثل هذا التجهيز فاكلناها راسا من الصفيحه ... ولا مؤاخذه سقينا بميه الملوحه....واصر الامريكان على أن يأكلوا مثلنا... فاكلوا وما هى الا ساعه وتم تحويلهم جميعا الى المستشفى بحاله شديده من التسمم مجهول السبب.......وتم التحقيق معنا وتحفظوا على الصفيحه.. وبعد تحليلها.....كان تقريرهم مفاجأه ... فقد ذكروا بالنص والله على ما أقول شهيد : ان الشعب المصرى هو اخر الشعوب تأثرا باى حرب بيولوجيه اذ انه يتناول وعلى صفه الاعتياد الكثير من الجراثيم والميكروبات التى نحاول تخليقها فى المعامل منذ عقود طويله أه والله......والنيعمه..!!!!! وسائنا بالطبع أنهم تحفظوا على الصفيحه.. عوده الى الموقعه..... أصف لكم المنظر قبل خروج السرافيس من المطبخ.. الرجال جالسون يتحدثون وكل منهم يشعر بقلق شديد لما هو مقبل عليه والجريمه التى سوف يرتكبها...هذا يراجع ادويه الضغط ...وهذا يتناول حقنه الانسولين.....وهذا يدخن السيجاره بشراهه وهو ينظر الى السفره بقلق...و هذان يشدان على ان يمسكا عن الافراط ويذكر كل منهم الاخر بعاقبه ما سوف يفعلون.....وهذا يتذكر صديقه الذى مات العام الماضى بعد هذه الاكله... وفجاه تبدا السرافيس بالظهور وتعبق رائحه الفسيخ والليمون المنطقه وتتهادى السرافيس فى طريقها الى طاوله الطعام.... الغريب الذى رصدته خلال سنوات هو انه ما ان تظهر السرافيس وبعدها بدقائق ننظر الى الاطفال فنجدهم جميعا قد اصابهم النعاس وبدأوا فى التساقط نوما على الارض........ربما لضعف مقاومتهم وقوه حاسه الشم فى سنهم الصغير مما يجعل وصول هذه السموم الى المخ سريعا عبر الجيوب الانفيه....... وبعد اكتمال الطاوله من سرافيس الفسيخ والملوحه والسردين والرنجه واطنان البصل الاخضر منزوع الرأس والخس البلدى والجرجير والفجل والليمون.. والبصل المقطع فى وعاء من الخل الجميل ... وأه من البصل الاحمر منزوع الدسم..واقفاص الخبز الساخن .. لتبدا الموقعه.... هذه هى وجبه الدمار الشامل التى لا يتبادل الناس فيها الحديث لاكثر من دقيقتين ليبدا الجميع فى ترديد جمل ثابته... انا الى انا بعمله ده؟؟؟ أه يا بويا... اه يا بويا... الميه يا جماعه.... لا لا لا كده كتير قوى... يا رب نجينى منها ومش هاعمل كده تانى....!!!! ويبدا الجميع فى التحول الى اللون القرمزى الدال على ارتفاع ضغط الدم... وينتبه النساء الى رجالهم وتبدا كل واحده محاولات يائسه لايقاف نزيف الصحه الذى يحدث امامهم.. لمعى كفايه يا لمعى ... وشك ورم يا حبيبى.. فؤاد انت الزلال عندك عالى كفايه بقى... محمد.. رد عليا يا محمد .. محمد.....فوق يا حبيبى... ويستمر ويستمر ويستمر... و يتساقط الابطال.. بشرف وشجاعه فى ساحه الموقعه.. ويتكرر الموقف كل عام.. وكل عام نفقد بطلا من ابطال هذه الموقعه..ويكبر طفل ليتبوأ مكانه على طاوله الكبار... كل عام ونحن جميعا بخير... ولا يسعنى الان الا أن أدعو..... يا خفى الالطاف.. نجنا مما نخاف..!!!!!!