البحث في الموقع
عرض النتائج للدليل 'نزار قباني'.
-
و قديماً كتبوا و ثاروا… هذه هي حال بلادنا العربية، من مشرقها إلى مغربها، ببترولها و نفطها، بجميلها و مرها… حال أبت إلا أن تعلن عن مأساة شعوب بأكملها، حال أبت إلا أن تعلن عن سلاطين استعبدت أمماً برمتها، حال أبت إلا أن تعلن عن ثوار ينادون للحرية من أوسع أبوابها… و كي لا نخطئ الظن بأدبائنا، و كي لا نسيء لمجد شعرائنا، وجب التعريف بشاعر من أبلغ ثوارنا… هو ابن مدينة دمشق، و ابن سورية، نزار قباني… عرفه التاريخ و صوره النظام على أنه شاعر المرأة، بسبب أشعاره الغزلية و قصائده الغرامية، إلا أن أحداً لم يعرف يوماً أن نزار هو نبض الثورة ضد الفساد و القتل و الرشوة… و انتشار الكراهية… بهذه السلسلة الشعرية، سأقدم قصائد مختارة من أشعار نزار، قصائد كتبها قبل أكثر من عشرين عام، إلا أنها أصدق ما تكون إلى شارع اليوم، قصائد كتبها وهو منفي عن وطنه بسبب كلماته التي أرقت مضجع السلطان، و لم تكن يوماً محببةً لأي ملك من ملوك العربان، و على الرغم من تجوله و ترحاله و غربته، فقد أبى إلا أن يكون عربياً صادقاً…أن يكون إنسان… حارب نزار قباني أنظمةً استعبدت الشعوب، و خص بلاده الكثير من القصائد الثورية التي تفضح النظام و ممارساته و فظائعه، و لم يكرم يوماً في وطنه، و شوه النظام صورته الوطنية الرائعة، باختصار لقبه بـ “شاعر المرأة”، إلا أن التاريخ يسجل له روائع في الثورة و الحرب للاستقلال و الدعور للحرية…إلا أن هذا كله لم يرقى لأعين الحكام و الطغاة… بدون إطالة الكلام…أترككم مع نزار و شعره وثورته… —————————— تقرير سري جداً…من بلاد(قمعستان)!!! لم يبق فيهم لا أبو بكر و لا عثمان… جميعهم هياكل عظميةً من متحف الزمان… تساقط الفرسان عن سروجهم…و أعلنت دويلة الخصيان… و اعتقل المؤذنون في بيوتهم… و ألغي الأذان !! جميهم تضخمت أثدائهم…و أصبحوا نسوان… جميهم يأتيهم الحيض…و مشغولون بالحمل و الرضاعة… جميعهم قد ذبحوا خيولهم…و ارتهنوا سيوفهم… و قدموا نسائهم هديةً لقائد الرومان… ماكان يدعى ببلاد الشام يوماً… صار في الجغرافيا… يدعى يهودستان!!! الله يا زمان… هل تعرفون من أنا ؟؟ مواطنٌ يسكنُ في دولة (قمعستان)… وهذه الدولة ليست نكتة مصرية.. أو صورةٌ منقولةٌ من كتبِ البديعِ و البيان… فأرضُ (قمعستان) جاء ذكرها في معجم البلدان… و أن من أهم صادراتها.. حقائبٌ جلديةٌ… مصنوعةٌ من جلد الإنسان… الله يا زمان… هل تطلبون نبذةً صغيرةً عن أرضِ قمعستان ؟ التي تمتد من شمال افريقيا إلى بلاد نفطستان؟ تلك التي تمتد من شواطئ القهرِ، إلى شواطئ القتلِ… إلى شواطئ السحلِ…إلى شواطئ الأحزان… و سيفها يمتد بين مدخل الشريان و الشريان… ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب بالوراثة… و يفقأون أعين الأطفال بالوراثة… و يكرهون الورق الأبيض، و المداد، و الأقلام بالوراثة… وأول بندٌ في دستورها: يقضي بأن تلغى غريزة الكلام في الإنسان… الله يا زمان… هل تعرفون من أنا ؟ مواطنٌ يسكن في دولة (قمعستان)؟ مواطنٌ.. يحلم في يوم من الأيام أن يصبح في مرتبة الحيوان… مواطنٌ يخاف أن يجلس في المقهى…لكي لا تطلع الدولة من غياهب الفنجان… مواطنٌ يخاف أن يقرب من زوجته قبيل أن تراقب المباحث المكان… مواطنٌ أنا من شعب (قمعستان)… أخاف أن أدخل أي مسجد.. كي لا يقال أني أمارس الإيمان… كي لا يقول المخبر السري: إني كنت أتلو سورة الرحمن… الله يا زمان… يا أصدقائي: إنني مواطنٌ يسكن في مدينة ليس بها سكان… ليس لها شوراع…ليس لها أرصفة ليس لها نوافذ…ليس لها جدران ليس بها جرائد…غير التي تطبعها مطابع السلطان.. عنوانها؟ أخاف أن أبوح بالعنوان… كل الذي أعرفه أن الذي يقوده الحظ إلى مدينتي يرحمه الرحمن… يا أصدقائي: ما هو الشعر إذا لم يعلن العصيان؟ و ماهو الشعر إذا لم يسقط الطغاة و الطغيان؟ و ماهو الشعر إذا لم يحدث الزلزال في الزمان و المكان؟ وما هو الشعر إذا لم يخلع التاج الذي يلبسه… كسرى أنو شروان؟ من أجل هذا أعلن العصيان… باسم الملايين التي تساق نحو الذبح كالقطعان… باسم الذين انتزعت أجفانهم(أظافرهم) و اقتلعت أسنانهم وذوبوا في حامض الكبريت كالديدان… باسم الذين ما لهم صوت و لا رأي و لا لسان سأعلن العصيان… من أجل هذا أعلن العصيان… باسم الجماهير التي تجلس كالأبقار.. تحت الشاشة الصغيرة باسم الجماهير التي يسقونها الولاء بالملاعق الكبيرة باسم الجماهير التي تركب كالبعير من مشرق الشمس إلى مغربها تركب كالبعير… و ما لها من حقوق غير حق الماء و الشعير… وما لها من طموح غير أن تأخذ للحلاق زوجة الأمير… أو ابنة الأمير.. أو كلبة الأمير… باسم الجماهير التي تضرع لله لكي يديم القائد العظيم…و حزمة البرسيم… يا أصدقائي: أنتم الشعر الحقيقي… و لا يهم أن يضحك أو يعبس… أو أن يغضب السلطان.. أنتم سلاطيني.. ومنكم أستمد المجد، و القوة، و السلطان.. قصائدي ممنوعة.. في المدن التي تنام فوق الملح و الحجارة… قصائدي ممنوعة… لأنها تحمل للإنسان عطر الحب و الحضارة… قصائدي مرفوضةٌ.. لأنها لكل بيتٍ تحمل البشارة… يا أصدقائي: إنني مازلت بانتظاركم.. لنوقد الشرارة… httpv://www.youtube.com/watch?v=1Jm5UzW1lEU نزار قباني…بيروت 1984 :buba: ــــــــــ :copied: