البحث في الموقع
عرض النتائج للدليل '30 يونية 2013'.
-
يمكن تسمية ما حدث يوم الجمعة أنه كان تأميما للإرادة المصرية بعد أن كانت فى يد الغير بشكل يكاد يكون كاملا .. كان السيسى وهو يطلب احتشاد الشعب على علم بضغوط أمريكية على القرار المصرى الخاص بالتعامل مع جماعة الأخوان .. بل إنه كان بالفعل قد تعرض لهذه الضغوط .. ففى نفس يوم الدعوة صدر قرار الإدارة الأمريكية بتعليق تسليم دفعة من العشرين طائرة F-16 المتعاقد عليها مع شركة لوكهيد .. إستلمت مصر ثمانية منها بالفعل وكان موعد تسليم دفعة من أربع طائرات هو الشهر القادم . وفى نفس الوقت كان عضو الكونجرس الأمريكى توم ميسى يتقدم بمشروع قانون لوقف المساعدات العسكرية والأمنية الأمريكية لمصر والتى اعتبرها ستساعد على قمع اعتراضات الأخوان على عزل مرسى "هكذا" .. وقد وافق الكونجرس على القانون من المؤكد أن السيسى كان على علم بهذه الإجراءات وأنها كانت من عوامل دعوته للشعب المصرى .. وهذا يفسر تشكيكات الطابور الخامس الذى ظهر معترضا على الدعوة ومتسائلا : "لماذا يطلب السيسى تفويضا لكى يؤدى واجبا دستوريا وقانونيا ؟" إذن – فى رأيى – أن تلك الدعوة لم تكن إلا تأميما للإرادة المصرية .. ليقف الشعب المصرى والدولة المصرية فى مواجهة محاولات فرض الإرادة الأمريكية – أو الغربية عموما إذا ضممنا الموقف الألمانى – على القرار المصرى فلنكن على ثقة من أن الإرادة المصرية ستنتصر .. فهذا الشعب لم يخرج – بملايينه – إلا وعاد منتصرا فارضا إرادته .. خرج يوم 9 يونية 1967 ليس من أجل عيون عبد الناصر ، ولكن ليقول "حنحارب" وليحتضن جيشه المجروح .. وفور قرار الشعب المصرى بدأت مرحلة الصمود بمعركة راس العش .. تبعتها ملحمة إغراق المدمرة إيلات .. تبعتها حرب استنزاف مجيدة ثم حرب رد الكرامة الأمجد فى أكتوبر 1973 .. خرج هذا الشعب – بملايينه – فى يناير 2011 ولم يعد إلا فارضا إرادته يوم 11 فبراير مسقطا نظاما لم يكن يتصور أحد سقوطه ولا فى الأحلام ... خرج هذا الشعب من يوم 28 يونية لتبلغ ذروة الإرادة يوم 30 يونية وتتحقق الإرادة المصرية يوم 3 يولية بإسقاط نظام فاشى تسلل من وراء ظهر تلك الإرادة الجبارة لم يخرج الشعب المصرى – بملايينه – إلا وقد عاد منتصرا فارضا لإرادته ولقد خرج الشعب المصرى – بملايينه – ليؤمم إرادته وينتزعها من أيدى من يعتقدون أنهم صانعو القرار فى مصر بالتحكم عن بعد أو بالريموت كنترول .. وسيأخذ فرض الإرادة الشعبية المصرية وقتا .. وقد نخوض فى سبيل تحقيقها معارك تشبه تلك المعارك التى بدأت بسحب تمويل السد العالى .. وبعقد صفقة الأسلحة التشيكية ثم التحول إلى السلاح الشرقى .. وقد ندفع ثمنا لن يكون- بأى حال من الأحوال – مساويا للثمن الذى دفعناه فى 5 يونية 1967 .. فماحدث فى هذا اليوم هو من الأشياء التى لا تحدث إلا مرة واحدة فى العمر نحن نزور التاريخ لنتعلم منه .. فهل يزور الكونجرس والإدارة الأمريكية ذلك التاريخ ليتعلموا من خطأ جون فوستر دالاس .. وزير خارجيتهم فى ذلك الوقت ليعرفوا أنهم - بهذا الخطأ – هم الذين أعطوا للاتحاد السوفييتى تواجدا فى المياه الدافئة وتواجدا فى الشرق الأوسط لم يكونوا يحلمون به ؟ .. إن روسيا والصين تجاهدان وتكافحان فى سوريا ليحافظا على المدخل الوحيد لهما فى مياه البحر المتوسط (ميناء طرطوس) .. فماذا لو حصلوا على منفذ فى الاسكندرية وبورسعيد ومطروح ؟ .. إن ثمن الخطأ الأمريكى – هذه المرة – قد يجر العالم كله ليعيش زمن عودة الحرب الباردة .. هكذا تؤثر مصر وهكذا تؤثر الإرادة المصرية فى العالم كله وليس فى الشرق الأوسط فقط أكتب هذا راجيا ألا ندخل فى هذا السيناريو .. وراجيا أن يستجيب الغرب للإرادة الشعبية المصرية التى جربوها من قبل .. وليدركوا أن مصر – كما عبر عنها جمال عبد الناصر – دولة "تحمى ولا تهدد .. تصون ولا تبدد .. ترد كيد العدو .. تشد أزر الصديق" أرجو أن يفهموا هذا ويتركوا مصر لكى تتفرغ لمشروعها القادم .. وهو تمصير جماعة فقدت ولاءها لوطنها متأثرة بحلم بدأ فى عصر الملك فؤاد لإقامة دولة الخلافة فى مصر لترث الخلافة العثمانية المنهارة .. وجعلوا هذا الحلم عقيدة ودينا إلى درجة أن يدعو أحد قادتها على سرير مرضه : "اللهم أمتنى على الأخوان" .. دين جديد تدين به جماعة فاقدة للانتماء وتريد فرضه على الإرادة المصرية .. هذا هو مشروع مصر القادم بعد أن تنتهى من إجراءات تأميم إرادتها