ggamal بتاريخ: 4 أبريل 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 4 أبريل 2004 كيف أفسدت واشنطن عقد القمة في تونس وقائع وأسرار ماجري في الجلسة المغلقة لوزراء الخارجية العرب تقرير يكتبه : مصطفي بكري ماذا جري داخل أروقة القمة العربية في تونس؟ من اتخذ قرار تأجيل القمة إلي أجل غير مسمي؟ وما هي دواعيه واسبابه الحقيقية؟ كيف جرت المناقشات داخل اجتماعات وزراء الخارجية العرب؟ اين هي نقاط الاتفاق وأين هي نقاط الخلاف.. ماذا عن دعوة الرئيس مبارك لعقد القمة في دولة المقر؟ وهل تنتهي الازمة الراهنة حول مقر انعقاد القمة القادمة أم أنها يمكن ان تؤدي إلي مقاطعة تونس في حال عقدها في دولة المقر؟ هذا التحقيق ينفرد بالرد علي التساؤلات المطروحة من خلال رصد لتطورات ما جري في تونس وواشنطن والقاهرة وعدد من العواصم العربية الأخري. لم يكن يتطرق إلي ذهن أي من وزراء الخارجية المجتمعين في تونس أن اجتماعهم المغلق ينقل علي الهواء مباشرة ليس فقط إلي حيث يتواجد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وإنما إلي واشنطن مباشرة، لقد اشارت المعلومات إلي أن كاميرات نقل تليفزيوني وتنصت وضعت في اركان القاعة لتنقل المناقشات الساخنة للوزراء إلي حيث يجري تقييمها داخل تونس وخارجها. وكانت أجهزة النقل السرية تنقل الوقائع إلي الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض وجهات أخري عديدة مصحوبة بترجمة فورية، وكان لكل هذه الجهات رأيها في عقد القمة من عدمها، فهي كانت معنية بالأساس بالتطورات الحاصلة داخل أروقة القمة، مما استدعي تدخلها في اللحظات الأخيرة لإفشال القمة وتأجيلها إلي أجل غير مسمي، وكان وزراء الخارجية العرب قد اعتمدوا في جلساتهم المغلقة 18 بندا في جدول أعمال القمة منها : وثيقة العهد الصراع العربي الإسرائيلي فلسطين الوضع في الجولان المحتلة دعم التضامن مع لبنان الوضع في العراق الاحتلال الايراني للجزر الاماراتية الانفراجة الدولية في العلاقات مع ليبيا وحدة الأراضي السودانية دعم الصومال مستقبل الشرق الأوسط عقد قمة عربية لاتينية في البرازيل الميثاق العربي لحقوق الانسان القمة العالمية لمجتمع المعلومات المقرر عقدها العام المقبل في تونس المشاركة العربية في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب الوضع المالي للجامعة العربية مشروع العقد العربي للمعوقين مشروع الاستراتيجية العربية لمكافحة الفقر. وكانت بعض الدول العربية ومن بينها تونس قد تلقت تقريرا أمريكيا عاجلا كان يؤكد المتابعة المباشرة والدقيقة لأعمال وزراء الخارجية العرب، لذلك فإن كولن باول وزير الخارجية أجري اتصالات عاجلة خلال الاجتماع الأخير مع عدد من القادة العرب، ثم نقل تقرير من الخارجية الأمريكية بشكل عاجل إلي تونس وبعض البلدان العربية الأخري يتضمن انتقادات لمسار الاجتماع المغلق والمنعقد في تونس. وقد جاء تقرير الخارجية الأمريكية بعد أن اتفق الوزراء العرب علي أن يبدأ مشروع البيان الختامي للقمة بتوجيه تحية تقدير واكبار للرئيس عرفات علي صمود الشعب الفلسطيني وتصديهم الشجاع للعدوان الإسرائيلي المستمر والمتصاعد وادانة حائط الفصل العنصري. وراح البيان يؤكد 'إدانة ارهاب الدولة الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية ومؤسساتها العسكرية والمتمثل في سياسة العقاب الجماعي وتدمير البنية التحتية وغيرها في الأراضي الفلسطينية، ويعتبرون أن العملية الارهابية التي قامت بها قوات الاحتلال الاسرائيلية في 22/3/2004 والتي أدت إلي استشهاد الشيخ احمد ياسين مؤسس وزعيم حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وعدد من رفاقه تمثل تجسيدا لإرهاب الدولة في أبشع صوره وتدل علي استمرار سياسات الحكومة الاسرائيلية العدوانية التي تظهر بشكل واضح أنها لا تعبأ بالمبادرات الهادفة إلي تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة'. وما أن تم الانتهاء من تلاوة الفقرة التي كانت محل اتفاق بين المجتمعين حتي بدأت بعض الأمور تسير بشكل غير مرض وقد تردد أن السفير الإسرائيلي في واشنطن كان يتابع من داخل مقر الخارجية الأمريكية في واشنطن الوقائع المباشرة للاجتماع المغلق وانه قدم احتجاجا سريعا قبله كولن باول في الحال وأطلع بدوره الرئيس بوش علي هذه الصيغة التي كانت ستصدر من قمة تونس. ووفقا للمعلومات الدبلوماسية فإن بوش أصدر أوامره العاجلة إلي كولن باول بالتحرك سريعا لإفشال هذا الموقف. وبالفعل جري اعداد تقرير أمريكي عاجل وسريع وصل إلي عدة عواصم عربية في وقت واحد طالب بإلغاء فقرة ادانة اسرائيل في قضية اغتيال احمد ياسين، والغاء كل ما ورد عن فكرة ارهاب الدولة لإسرائيل. واشار التقرير الامريكي إلي أنه من غير المنطقي أن يبدأ قرار القمة بتوجيه تحية تقدير لياسر عرفات، لأن هذه الفقرة بالذات ستعقد الموقف حسب الرؤية الأمريكية. وكان هناك اقتراح أمريكي بأن يعبر العرب في بداية البيان عن تقديرهم وسعيهم للسلام الشامل مع إسرائيل وتأييد قيام دولة فلسطينية إلي جانب دولة 'إسرائيل' مع التأكيد علي أن أمن إسرائيل سيكون محل الاعتبار والاهتمام في كل مبادرات السلام العربية. وكانت هناك مطالبة بالغاء عبارة 'مواصلة كل اشكال الدعم السياسي والمعنوي والمادي للشعب الفلسطيني في مقاومته المشروعة للاحتلال' لأنه من وجهة النظر الأمريكية أن ذلك يعني صراحة تقديم دعم مالي للعمليات 'الارهابية' الفلسطينية وأن هذه الفقرة يجب التأكيد عليها أيضا في اطار دعوة الفلسطينيين لوقف العمليات الانتحارية والتأكيد علي اعطاء الفرصة لعملية السلام. وكانت الخارجية الأمريكية قد حاولت عرقلة أن يتضمن البيان الختامي أي موقف عربي للتضامن مع سوريا ضد العقوبات الأمريكية المقترحة ولذلك اقترح كولن باول علي الرئيس الأمريكي تأجيل العقوبات التي يمكن فرضها علي سوريا في اطار قانون محاسبة سوريا إلي حين الانتهاء من عقد القمة العربية وبما يؤكد علي عدم اعطاء الفرصة لصدور ادانة أو مناشدة للولايات المتحدة بالتراجع عن قرارها. وكانت سوريا قد طالبت في اجتماع الوزراء المغلق اضافة فقرة تتعلق بالتهديدات الأمريكية ضد سوريا خاصة، يتعلق بفرض عقوبات دولية عليها، إلا أن هذا الطلب لقي معارضة من عدد من دول الخليج بالاضافة إلي دولتين مغربيتين علي اساس أن ذلك سيزيد من اشتعال الموقف حسب وجهة النظر تلك، وأن ذلك حسب رأيهم سيؤدي إلي وقف الوساطات العربية مع أمريكا. وعلي الرغم من أن سوريا كان لديها اصرار علي ادراج هذا البند، إلا أنه وبعد مشاورات سورية مع كل من مصر والسعودية وتجنبا لزيادة الخلافات مع الدول العربية تم تجاهل هذه الفقرة خاصة أن الجانب الأمريكي كان لديه تصميم كما وضح في تقريره علي حذف هذا الاقتراح السوري، ولذلك فإن فقرة دعم سوريا جاءت في اطار دعم عودة الجولان العربي السوري استنادا إلي قرارات الشرعية الدولية، ورفض الاجراءات الاسرائيلية التي تهدف إلي تغيير الوضع القانوني والطبيعي والديموجرافي للجولان المحتل، ويعتبرون هذه الاجراءات غير قانونية ولاغية وباطلة وغير ذات أثر قانوني، ودعم التمسك بالهوية العربية السورية للجولان. وكان هناك اعتراض أمريكي حول فقرة لبنان ، حيث طالبت المذكرة الأمريكية بأن يضاف إليها وقف الأنشطة الارهابية من الأراضي اللبنانية ضد إسرائيل. وعلي الرغم من أن الاقتراحات كانت تعبر عن وجهة نظر أمريكية وإسرائيلية خالصة إلا أنه من المؤسف أن بعض الدول العربية كانت قد تبنت الكثير مما ورد في المذكرة الأمريكية العاجلة التي سلمت لبعض وزراء الخارجية العرب اثناء الاجتماعات المغلقة. وكان واضحا في كل ذلك أن تونس تريد بيانا ختاميا هادئا لايتعارض مع التوجهات الأمريكية أو الدولية، خاصة أن تونس تحديدا تواجه بضغوط أمريكية قوية في ملف حقوق الانسان والاصلاحات الداخلية في تونس. وتشير المعلومات إلي أن الولايات المتحدة قدمت مؤخرا مذكرة مطولة تتعدي 'ال100 صفحة' علاوة علي تهديدات مباشرة تلقتها تونس من واشنطن تشير إلي أنه إذا لم تتخذ تونس اجراءات سياسية قوية فإنها ستعتبر من الدول الداعمة للتطرف في المنطقة وانها تقف ضد توجهات السلام والحرية ووفقا لتقارير هامة فإن تونس كانت قلقة جدا من الموقف الأمريكي حتي انها وسطت بعض الدول الأوربية ومنها فرنسا للوصول إلي نقطة اتفاق حول المشروع الأمريكي الذي وضع خصيصا لتونس. والمدهش أن واشنطن قد وضعت هذا المشروع الذي اطلق عليه 'مشروع التطوير والتحديث في تونس' منذ اكثر من 6 اشهر، حيث ركز المشروع بصفة خاصة علي فكرتين اساسيتين: الأولي خاصة بدعم حقوق الانسان وما يتعلق بالاجراءات البوليسية. الثانية.. تعديل القوانين والتشريعات وتداول السلطة، وكانت واشنطن قد بدأت فعليا في الدخول في اتصالات غير معلنة مع تونس حول تطورات هذا المشروع، ووفقا لمصادر هامة فإن الخارجية الأمريكية عندما وضع هذا المشروع كانت تهدف إلي استخدامه كورقة ضغط قوية ضد تونس، التي ستستضيف وترأس القمة العربية في دورتها الجديدة، خاصة أنه قبل هذا المشروع فإن إحدي الأوراق الأمريكية التي أعدها 'كلارك دوكال' مستشار وزير الخارجية الأمريكي حول 'الشرق الأوسط الكبير' أشارت إلي أن القمة العربية التي ستعقد بعد 7 أشهر في تونس يجب أن تدعم صراحة الموقف الأمريكي في العراق، وأن يجري تشكيل لجنة عمل عربية أمريكية حول العراق وغيرها من الموضوعات في المنطقة، وأن أمريكا ستكون في حاجة إلي مساندة قوية من رئيس القمة العربية 'الرئيس التونسي' الذي سيتولي بدوره عرض هذه الموضوعات علي القادة العرب. وأشار 'كلارك' في تقريره إلي أن قمة العرب القادمة قد تكون هامة، وأنه من غير المنطقي تجاهل تأثيراتها، وإنما يجب أن يكون هناك حضور وتأثير أمريكي جيد علي قرارات القمة حتي يتاح ضمان أكبر تأييد ممكن للاستراتيجية الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط. وقد لوحظ أنه وبعد ورقة 'كلارك' بدأ الحديث عن دعم مشروعات أمريكا للإصلاح في مصر والسعودية وسوريا، ثم أضيفت إليها تونس التي وضعت علي قائمة الاهتمام. ووفقا للمعلومات فإن تونس لم تكن راغبة في أن تكون محط اهتمام الجانب الأمريكي، ويتردد أن الخارجية الأمريكية ومنذ أربعة أشهر قدمت مذكرة سرية ومهمة حول قمة تونس، وأن هذه المذكرة كان لها تأثير كبير علي الموقف الأولي الذي اتخذته تونس في عدم استضافة القمة وترددها الكبير في ذلك. وقد تضمنت هذه المذكرة الأمريكية قائمة طلبات من تونس تضمنت عدة مطالب أبرزها: أن تكون الاجتماعات هادئة وأن تعكس ذلك في بيانها الذي يجب أن يعبر عن روح ودية تجاه القوي الاقليمية والدولية. ألا تكون هناك اشارات لاحتمال وقوع صدام بين الدول العربية وأمريكا حول أي من موضوعات التعاون أو القضايا الإقليمية وأن يلتزم القادة العرب بهذه القاعدة. أن يتم تغيير اللهجة العدائية المباشرة ضد إسرائيل، وأن نهج القمم العربية السابقة لم يؤد إلا إلي مزيد من الخلافات وعدم التقدم في عملية السلام، وأن الدول العربية ليست في حاجة لأن تجدد هجومها علي إسرائيل أو دعوتها للالتزام بالقرارات الدولية، لأن ذلك موجود وقائم فعليا في قرارات القمم العربية السابقة قبل ذلك، وأن الأساس هو أن تكون هذه القمة جديدة في توجهاتها من أجل صياغة مستقبل هذه المنطقة علي أسس السلام والتعاون بين العرب والإسرائيليين. فيما يتعلق بالعراق فإن تونس كانت مطالبة بإقناع القادة العرب بأن يضمنوا في بيانهم الختامي اشارات قوية إلي أهمية التعاون العربي مع أمريكا في إعادة الهدوء والاستقرار للعراق، وأن يعبر هذا التعاون عن الروح الايجابية البناءة للعلاقات العربية الأمريكية في إعادة بناء العراق والاشادة بالدور الأمريكي في العراق والتأكيد كذلك علي الانتهاكات الخطيرة للنظام العراقي السابق، والتأكيد علي الأهمية الضرورية والملحة للإعلان الأمريكي بالحرب علي العراق واسقاط النظام العراقي السابق. وكان واضحا أن الإدارة الأمريكية تريد أن تحصل علي دعم من القمة العربية لموقف بوش في الانتخابات الأمريكية القادمة، خاصة بعدما كثر الجدل داخل أمريكا ذاتها حول شرعية الحرب علي العراق، وكذلك عدم وجود أسلحة دمار شامل، وما تقوم به لجان الكونجرس حاليا من تقدير الانفاقات المالية الضخمة في حرب العراق ومدي مشروعية هذه الانفاقات في ضوء الظروف الاستراتيجية المهمة لأمريكا لإعلان هذه الحرب. وكان تخطيط الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض هو أن تحصل علي غطاء شرعي من قادة الدول العربية، بل ومباركة الجهود الأمريكية في العراق، إلا أنه كان هناك اعتراض شديد من 16 دولة عربية علي كل الاشارات الأمريكية السابقة، بل إن ما ورد في مشروع البيان الختامي الذي أثار حفيظة بعض الدول العربية هو التأكيد علي عبارة إنهاء الاحتلال حيث أشارت الفقرة الخاصة بالعراق إلي القول 'يؤكد القادة العرب حرصهم علي وحدة الأراضي العراقية وإنهاء الاحتلال واحترام سيادة العراق واستقلاله ووحدته والالتزام بمبدأ عدم التدخل في شئونه الداخلية' وقد اعترضت واشنطن علي هذه الفقرة بشدة واعتبرتها معادية صراحة لسياستها في العراق. أما العبارة التي كانت محل اتفاق بين أمريكا وغالبية الدول العربية فهي ما نصت علي ادانة القادة العرب الشديدة للتفجيرات الإرهابية التي تحدث في العراق وتودي بحياة المئات من الأبرياء من أبناء الشعب العراقي، ويدينون الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي اقترفها النظام السابق أثناء احتلال دولة الكويت وطمس الحقائق المتعلقة بالأسري والمفقودين الكويتيين الذين تم العثور علي عدد من رفاتهم قتلي في المقابر الجماعية في العراق، والانتهاكات التي اقترفها ضد الشعب العراقي، ويؤيدون احالة مرتكبي هذه الجرائم من أعضاء النظام السابق إلي محكمة عراقية وفقا للقانون العراقي وعدم توفير ملاذ آمن لهم. وقد أبدت كل من سوريا ولبنان واليمن والسودان اعتراضها في حين أن مصر لم تكن قد حسمت موقفها بعد، وأكد المعترضون أن يتم التعامل مع العمليات العراقية مثل العمليات الفلسطينية باعتبار أنها عمليات مقاومة ضد الاحتلال الأمريكي، وقد رأي المعترضون ضرورة حذف عبارة كانت تقول: 'والقوات الأمريكية والدولية' بعد عبارة تودي بحياة المئات من الأبرياء من الشعب العراقي، لأن المعترضين رأوا أن ادانة العمليات ضد القوات الأمريكية تعني اعطاء مشروعية للاحتلال في حين أن البيان أكد علي إنهاء الاحتلال، والمهم أنه تم الاتفاق علي الفقرة كما جاءت. ووفقا للمعلومات فإن تونس عندما تلقت المذكرة الأمريكية السرية وما تحمله من تهديدات حول العديد من الملفات التونسية ترددت في استضافة القمة في البداية، إلا أنه تحت ضغوط عربية وأخري داخلية قرر رئيس تونس القبول باستضافة القمة. وعلي الجانب الآخر كانت هناك اغراءات أمريكية وعدت بها واشنطن تونس، حيث إن الولايات المتحدة حرضت عددا من الدول العربية علي اقامة عدد من المشروعات الاستثمارية المهمة في تونس بقيمة تزيد علي 2 مليار دولار ولكن بشرط الاعتذار عن استضافة القمة. ومن الواضح وفقا للمعلومات أن الضغوط التي مورست علي تونس وعدد آخر من البلدان العربية كانت قوية وعديدة وأن هذه الضغوط لم توجه إلي تونس فقط، وإنما إلي العديد من الدول العربية، ولكن الملاحظة الرئيسية هنا أن هناك دولتين صديقتين للولايات المتحدة لم تتلقيا أي اتصالات من واشنطن حول القمة وهما مصر والسعودية، وذلك علي الرغم من تأثيرهما الكبير في هذه القمة. ومع كل هذه الخلافات والتدخلات الخارجية خاصة خلال الاجتماع المغلق الثاني الذي استمر لمدة 5 ساعات إلا أنه كان واضحا اتفاق الوزراء علي قرارات العراق والسودان وعملية السلام وليبيا والصومال وجزر القمر وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكل من فلسطين والجولان ولبنان، هذا بالاضافة إلي أن الوزراء كانوا قد قطعوا شوطا كبيرا فيما يتعلق بمشروعات الاصلاح. وفي الواقع فإن لجنة الإصلاح كان مفترضا أن تضع ورقة موحدة مستمدة أساسا من مشاريع مصر واليمن والأردن وبدأ الخلاف حول ما يتعلق بالإصلاح بنقطة أساسية: هل تتم مناقشة المشروع الأمريكي حول 'الشرق الأوسط الكبير' وكذلك مناقشة الأفكار الإصلاحية الأوربية أم أن يقتصر الأمر علي مناقشة العديد من الأوراق العربية فقط وجعلها جميعا ورقة واحدة؟ والمهم هو وثيقة العهد التي تشكلت لجنة لإقرارها، وبعد ادخال بعض التعديلات عليها منذ شهدت تقدم تونس بالعديد من المقترحات، بل كان هناك مطلب بتأجيل الوثيقة كلها إلي قمة الجزائر في .2005 وعلي الرغم من أن السعوديين حاولوا تجنب الخلافات مع التوانسة حول مقترحاتهم، إلا أنه كانت هناك أصوات كثيرة معارضة لتأجيل اقرار وثيقة العهد إلي الجزائر في .2005 وكانت الجزائر قد رأت إرجاء البحث في كل ملفات إصلاح مؤسسات العمل العربي المشترك إلي قمة الجزائر وجعل قمة تونس قمة للوفاق العربي في هذه المرحلة.. تونس اعترضت علي الاقتراح الجزائري، ورأت الإصرار علي بحث هذا الملف في قمة تونس الحالية، وذلك علي الرغم من أن التوانسة بدأوا يثيرون تأجيل هذا الملف، إلا أنه نظرا لموقف السعودية ومصر تحديدا ورفضهما تأجيل هذا الملف فإن تونس عدلت عن موقفها وانضمت إلي هذا الملف، في حين انضمت الكويت إلي الجزائر في موقفها. وعندما تم ابلاغ ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بأن ملف الإصلاح قد يتأجل إلي قمة الجزائر سأل عن السبب، فرد عليه وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بأن ذلك يعود إلي كثرة المشروعات المعروضة حاليا، وأن غالبية الدول العربية لديها مشروعات اصلاحية، وأن كل هذه الدول تريد عرضها علي القمة. وقد عبر ولي العهد السعودي في اتصال هاتفي مع الرئيس مبارك علي عدم ارتياحه إزاء المبادرات العربية الكثيرة المقدمة إلا أن الرئيس مبارك أكد أنه من المهم عقد القمة وأنه علي ثقة من أن اجتماع القادة العرب سيزيل هذه الخلافات، وعلي الرغم من ذلك فإن الأمير عبدالله كلف الأمير سعود الفيصل بالانتظار حتي يتم الوصول إلي الصيغة النهائية. وإزاء الخلافات الأولية في صيغ الإصلاح قرر الامير عبدالله الغياب عن هذه القمة وكلف سعود الفيصل بترؤس الوفد السعودي خاصة بعدما علم أن هناك أفكارا تونسية مطلوبا ادخالها علي وثيقة العهد، وأن هناك رغبة تونسية ومغربية لإضافة بنود وأفكار جديدة علي مبادرة السلام العربية، وكان الأردن قد انضم كذلك إلي وجهة النظر تلك. في ذات الوقت كان الوزراء ماضين في طريقهم للاتفاق علي الصيغ النهائية إلا أن وزير خارجية تونس بدأ يثير قضية انتقال الرئاسة من البحرين إلي تونس وكيفية اجراءات هذا الانتقال، إلا أن وزير خارجية البحرين أثار مسائل بروتوكولية بخصوص استقبال ملك البحرين بصفته رئيسا للقمة العربية وأن يرأس هو الجلسة الافتتاحية ويلقي كلمة الافتتاح الرئيسية، ثم تنتقل الرئاسة إلي تونس، في حين أن الأشقاء في تونس كانت لديهم إجراءات بروتوكولية أخري تشير إلي ضرورة أن يفتتح ملك البحرين الجلسة فقط ويتخلي عن الرئاسة مباشرة لرئيس تونس، وأن كلمة الافتتاح الرئيسية تكون لرئيس تونس وليس لملك البحرين، إلا أن هذه الأزمة البروتوكولية بدأت تتصاعد تدريجيا إلي الحد الذي تأكد فيه غياب ملك البحرين عن حضور القمة احتجاجا، إلا أن تونس تمسكت بموقفها علي الرغم من تدخل دول عربية أخري مثل مصر لاحتواء هذه الأزمة. وكان الرئيس التونسي قد طلب من الرئيس مبارك التدخل مرة أخري لدي البحرين، وبحيث يرأس ولي عهد البحرين وفد بلاده، حتي يتسلم هو الرئاسة منه، إلا أن البحرين أصرت علي موقفها ما لم يتم تغيير قواعد البروتوكول في جلسة الافتتاح، الأمر الذي رفضته تونس. من جانب آخر فإنه علي الرغم من إصرار ليبيا علي الترحيب بجهودها الجديدة خاصة في مجال أسلحة الدمار الشامل والحذو حذوها في هذا الاتجاه، إلا أن سوريا رأت أنه من المهم التركيز علي الأسلحة النووية الإسرائيلية، وليس هناك ما يدعو للترحيب بالخطوة الليبية، وإلا فإن ذلك يعني من وجهة نظرها أن الدول العربية مطالبة جميعها بما فيها سوريا بأن تدعو المفتشين الدوليين لزيارة أراضيها ودعوة الولايات المتحدة للتأكد من عدم وجود أسلحة دمار شامل، ومع ذلك فإن التدخلات المصرية بالاضافة إلي تدخلات عمرو موسي أدت إلي احتواء هذه الأزمة بعدما تم التأكيد علي الأخذ بالفقرة السورية بالإضافة إلي تخفيف الفقرة الليبية، إلا أن تونس رأت أيضا تخفيف الفقرة السورية، وهو ما كان سيؤدي إلي تجدد الأزمة. أما الخلاف السوري الثاني، فقد كان حول برنامج إصلاح الجامعة العربية الذي كان متحمسا له عمرو موسي وكان يدافع عنه بشدة. لقد اقترحت سوريا إلغاء ما ورد في المشروع حول وجود مفوضين ومفوضين مساعدين للجامعة، وإلغاء ما يطلق عليه لجنة الحكماء لأن هؤلاء لن تكون لهم أدوار حقيقية وأن ما يتعلق بنظام المفوضية الأوربية يختلف تماما عن وجود نظام مفوضية في الجامعة العربية، لأن الدول العربية لم تصل بعد إلي المرحلة التي وصلت إليها الدول الأوربية. وعلي الرغم من أن الخلاف في هذه المسألة كان حادا إلي الدرجة التي اضطر معها عمرو موسي للانسحاب من الجلسة، إلا أنه عاد مرة أخري وتقرر أن يتم رفع هذا الخلاف إلي القمة لتأخذ القرار النهائي فيه. أما عن الورقة المصرية فهذه الوثيقة أشارت إلي أهمية تسوية النزاع العربي الإسرائيلي وأن هذه التسوية يجب أن تتم بموازاة تطبيق برنامج للإصلاحات الداخلية في الدول العربية، وأن تسوية النزاع العربي الإسرائيلي يجب أن تتم علي أساس قاعدة خريطة الطريق وانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة في عام 1967، وأن هذا يعد شرطا ضروريا لإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل. في ذات الوقت تطرق المشروع المصري إلي الحريات الأساسية وحقوق المرأة والاصلاحات القضائية وتحديث الاقتصاد، وقد حذرت الورقة المصرية من أن عدم الاتفاق علي مضامين الإصلاح الداخلي في الدول العربية سيؤدي إلي قبول هذه الدول لمشروعات خارجية قد تستهدف الأمة العربية في الصميم. سوريا رأت أن المشروع المصري وإن كان يعبر عن رؤية مصرية سعودية سورية إلا أنه يحتاج إلي المزيد من النقاش وأنه من الضروري التركيز في المرحلة الراهنة علي تسوية الصراع العربي الإسرائيلي قبل تقديم روشتة أو برنامج للإصلاح. ووفقا للمعلومات فإن ما دفع سوريا للأخذ بوجهة النظر تلك علي الرغم من وجود تنسيق مسبق مع مصر والسعودية هو أن مصر ضمنت الورقة بعض الأفكار الأردنية من أجل تفادي أن تناقش القمة العديد من مشروعات الإصلاح، وقد وافق الأردن علي الفكرة المصرية، كما أن السعودية أبدت تجاوبا مع ذلك. وقد أيدت كل من لبنان وفلسطين الموقف السوري إلا أن الاتصالات اللاحقة بين مبارك وبشار ومع عرفات أدت إلي الالتقاء حول نقاط مشتركة.. وكان من المفترض أن يتم التواصل حول هذه النقاط في اللقاء المباشر بين القادة في تونس، وقد احيطت تونس علما بالاتصالات المصرية علي مستوي القمة من أجل استمرار الوزراء في أداء مهامهم الأخري، إلا أن الذي شجع تونس علي التأكيد علي استمرار الخلافات وأن تتقدم هي الأخري بمشروع للتعديلات هو أن فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية قام بتوجيه انتقادات إلي مصر والأردن ورأي أن الدول العربية التي تتقدم بمبادرات للإصلاح الداخلي في العالم العربي حلت مشاكلها مع إسرائيل وتريد صرف الأنظار عن قضية العرب الكبري الرئيسية وهي الصراع مع إسرائيل، وأنه ليس من المهم الرد علي المشروع الأمريكي المسمي بالشرق الأوسط الكبير، وأن الدول العربية إذا تجاهلت هذا المشروع فإن أمريكا لن تستطيع فرضه علي دول المنطقة، وأنه ليس من المهم أن يكون هناك برنامج للإصلاح في العالم العربي، لأن العالم العربي له رؤيته الخاصة في الإصلاح الديمقراطي، وأن هذه الرؤية الخاصة لم تهدد استقرار النظم السياسية العربية، وأن أمريكا تريد بعد ما حدث في العراق ممارسة دور الفتوة بفرض أُندتها علي المنطقة، وأن مصر والأردن ليس من حقهما أن تتقدما بأي مشروع للإصلاح لأن هاتين الدولتين وقعتا معاهدة سلام مع إسرائيل، وأن الدول التي تواجه إسرائيل فقط مثل سوريا ولبنان وفلسطين هي التي يحق لها أن تتقدم بمبادرات للإصلاح في العالم العربي. هذا التدخل الفلسطيني تبعه تدخل آخر من تونس حيث إنه وعلي الرغم من الاتفاقات شبه النهائية حول مشروع 'عهد الوفاء والتضامن' بين قادة الدول العربية، تقدمت تونس فجأة بمطالب للتعديل علي هذه الوثيقة التي تم اقرارها وهي أن يضاف إلي الوثيقة تمسك العرب بقيم التسامح والتفاهم ومبدأ الحوار بين الحضارات، وتأكيد الرفض المطلق للتطرف والتعصب والعنف والإرهاب، والحرص علي التصدي لهذه الظواهر في إطار التعاون والتضامن الدوليين للقضاء علي أسبابها'. غالبية الدول العربية رفضت المقترح التونسي لأن الوثيقة قد اكتملت أركانها، وهذا التعديل لا يضيف جديدا، إلا أن قطر والكويت والمغرب بدأت في الاستماع جيدا للموقف التونسي، إلا أنه وبعد حوالي نصف ساعة من المناقشات حول الفقرة التونسية دخل أحد المسئولين العرب عارضا علي وزير خارجية (سوريا) نص المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الكبير، وهذه الفقرة التونسية مقتبسة بالحرف من المشروع الأمريكي. وشيئا فشيئا بدأت هذه المعلومة تتسرب إلي الوزراء العرب وبدت هناك معارضة عربية واضحة لضم فقرة وردت في المشروع الأمريكي إلي وثيقة 'العهد'. وقد أشارت المعلومات هنا إلي أن هذه الفقرة تم الاتفاق علي ادخالها في الوثيقة منذ زيارة الرئيس التونسي لواشنطن في 17 فبراير الماضي، وقد بدت تونس مصممة علي ادخال هذه الفقرة في الوثيقة، وقد رأت قطر هنا أنه ليس هناك ما يمنع من الأخذ بهذه الفقرة لأنها ايجابية حتي ولو كانت قد وردت في المشروع الأمريكي. أما مصر فقد رأت ضرورة اغلاق الملف وعدم فتح الباب لخلافات جديدة، وأن المشكلة ليست في هذه الفقرة وإنما يجب أن تكون كل الأوراق مفتوحة، وأن ادخال هذه الفقرة قد يغري البعض بأن يقتبس فقرات أخري من المشروع الأمريكي لضمها إلي الوثائق العربية حتي نفاجأ نحن العرب في النهاية أننا أقررنا مشروع الشرق الأوسط الأمريكي بدون أن ندري. أما سوريا فقد أكدت رفضها المطلق لذلك وتبعتها لبنان وفلسطين، ثم رأت السعودية أن الفقرة التونسية لا تمثل جديدا علي المشروع الذي تم اقراره وأن تفجير تونس لهذه القنبلة في غير محله، إلا أن تونس رأت أن فقرتها تحديدا هي برنامج عملي، وأن المشروع المقدم يحوي في الكثير منه عبارات انشائية مطاطة لا تمثل برنامج عمل، وأن ما طرحته تونس يمثل إدراكا منها للقيم الدولية والمبادئ التي يجب أن تسير عليها الدول العربية. وقد ردت السعودية علي ذلك بأن هذا موجود بالفعل في وثائق القمة ولا داعي للتكرار. في هذه اللحظة حدث اتصال من قبل الرئيس التونسي بوزير خارجيته الحبيب بن يحيي دخل بعدها الحبيب بن يحيي ليقول إن وثيقة العهد تخلو من كلمة الديمقراطية وأن هذا يعني أن الدول العربية لا تريد تطبيق الديمقراطية!! وفي هذه اللحظة حدث هرج ومرج داخل القاعة، وراح البعض يقول 'لا وصاية لأحد علي أحد'، وقد رأي البعض أن ذلك يعني أن بوش يدير هذا الاجتماع من البيت الأبيض. أما عمرو موسي فقد طالب باغلاق ملف الخلافات في حين رأي محمد بن عيسي وزير خارجية المغرب الانتقال إلي نقطة جديدة في جدول الأعمال، أما الجزائر فقد رأت أن يتم تأجيل المشروع لقمة الجزائر. وقد رفضت تونس المقترح الجزائري وظل النقاش مستمرا حول دلالة، وأهمية الاقتراحات التونسية من عدمها.. وعاد الحبيب بن يحيي من جديد بعد أن ترك القاعة لمحادثة الرئيس التونسي ليقول إن المشروع خلا ايضا من دور المجتمع المدني. فردت مصر بأن مشروعها يؤكد دور المجتمع المدني ولا داعي لتكرار ذلك في وثيقة العهد. وقد رأت تونس أن هناك ترددا عربيا في الأخذ بالديمقراطية الحقيقية وتقوية دور المجتمع المدني. وقد اشتدت الخلافات حول المقترح التونسي في حين رأي السودان أن ما يحدث هو في غير محله وأن هناك أسبابا غائبة تهدف إلي إفشال الاجتماع لأن خلافات الألفاظ لا يمكن أن تقود إلي هذا الخلاف، وأن كل دولة أدري بظروفها الداخلية وحركات إصلاحها. ومع تعقد الأزمة وزيادة حدة الخلافات قال الوزير التونسي: إن الدول العربية لا تريد مكافحة الإرهاب وإنها لو أرادت ذلك لأخذت بالاقتراح التونسي. وهنا تدخل وزير الخارجية المصري وقال: إن مصر أول من نبه إلي خطورة الإرهاب وتبنت استراتيجية إقليمية ودولية لمواجهته، أما السعودية فقد رأت أن الدول العربية لو كانت مترددة ما أقرت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب.. وقالت سوريا: نحن مترددون في مواجهة الإرهاب من الخارج والقادم من أمريكا وإسرائيل، أما فلسطين فقد رأت أن القوي الاستعمارية والخارجية هي التي تصدر الإرهاب إلي دول المنطقة، وقال وزير خارجية المغرب: إن الدول ماضية علي طريق الإصلاح ومكافحة الإرهاب وأن البيان اشتمل علي عبارة مطولة في مكافحة الإرهاب وأنه يكفي الفقرة التي جاءت في البيان عن مكافحة الإرهاب والتي قالت: 'يؤكد القادة إدانتهم للإرهاب الدولي والذي تساهم الدول العربية في مكافحته بفاعلية ويؤكدون رفضهم إدراج المقاومة علي لوائح الإرهاب من منطلق ضرورة التفريق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي'. وقد رأت تونس أن الفقرة غير كافية وغير حماسية في مكافحة الإرهاب، ومع ذلك بدا أن الحماس الذي بدأت به قطر والكويت والمغرب للدفاع عن تونس يفتر رويدا رويدا خاصة أن وزراء مصر وسوريا والسعودية كانوا يقدمون حججا منطقية. واقترح عمرو موسي علي محمد بن عيسي وزير خارجية المغرب أن يطرح الأمر للتصويت للانتهاء من ذلك وقد تمت الموافقة علي عدم الأخذ بالمقترحات التونسية وإلغائها وقد طلب من الوزير التونسي أن يمتثل للقرار فأعلن أن تونس هدفها الصالح العام وطالما أنه قراركم فليكن. في هذا الوقت كانت لجان العمل قد انتهت من صياغة أكثر من 90 % من وثائق القمة خاصة ما يتعلق بتطوير وثيقة الجامعة العربية ومبادرة السلام ووثيقة الإصلاحات العامة ووثيقة البيان الختامي، بل إن الجو العام بدأ يميل إلي الهدوء في جلسة الوزراء حتي أن عمرو موسي بدأ يناقش مع مساعديه مسائل إجرائية تتعلق باستقبال القادة العرب، بينما انشغل بعض الوزراء الآخرين في أحاديث ثنائية.. وسط هذا الجو الهادئ دخل شخص تونسي وتوجه مباشرة إلي الحبيب بن يحيي الذي هب واقفا للترحيب به ودار حديث هامس بين الاثنين، خرج بعدها هذا الشخص، ولكن وزير الخارجية التونسي يبدو أنه لم يستوعب ما أبلغ إليه فظل في حالة اندهاش بعد أن تلقي قرار الرئيس التونسي بتأجيل القمة إلي أجل غير مسمي، إلا أنه أراد أن يتأكد بنفسه. ثم خرج مسرعا من القاعة وأجري مكالمة من هاتفه النقال بالرئيس التونسي ليتأكد بنفسه من القرار وما أن عاد الحبيب بن يحيي إلي القاعة مرة أخري وجلس في مكانه ليبلغ زملاءه حتي استدعي مرة أخري علي عجل لتلقي مكالمة من الرئيس التونسي واستمرت المكالمة عدة دقائق دخل بعدها من جديد إلي القاعة وفي يده مشروع البيان التونسي الذي أعدته الرئاسة التونسية وقال: إن بلاده اتخذت قرارا سياديا بتأجيل القمة. كان للخبر وقع الصدمة علي الحاضرين، ساد الهرج والمرج للحظات، سأل أحد الوزراء: وما معني قرار سيادي؟. فرد الوزير التونسي أي أنه قرار صادر من الرئيس زين العابدين بن علي، فرد الوزير السوري: ولكن هذا القرار لا تملكه دولة، أما وزير الخارجية المصري فقد أكد أنه لابد من التشاور مع بقية الدول العربية قبل إصدار هذا القرار الخطير ورد الوزير التونسي: لقد حصل التشاور وتم تأجيل القمة. أما عمرو موسي الأمين العام للجامعة فقال: نريد معرفة الأسباب الحقيقية لذلك، فرد الوزير التونسي بأن بيانا تفصيليا سيصدر في وقت لاحق يتضمن هذه الأسباب. وقد طلب أحد الوزراء التوجه للرئيس التونسي ومعرفة أبعاد القرار، فاتصل الوزير التونسي بالرئيس بن علي وأبلغه رغبة الوزراء في اللقاء، إلا أن الرئيس بن علي اعتذر عن عدم اتمام اللقاء لظروف صحية.. ثم فتح باب قاعة الاجتماعات بأمر أحد موظفي الرئاسة، فأسرع الوزير السعودي بالخروج سريعا وطلب سيارته ورفض التعليق، وبعده توالي خروج الوزراء الذين رد بعضهم علي إلحاح الصحفيين بأن القمة تأجلت إلي أجل غير مسمي. وبعد ذلك بدأ وزراء الخارجية يجرون اتصالات بقادتهم وعندما اتصل نبيل شعث بالرئيس عرفات ليبلغه بخبر التأجيل أصيب عرفات بصدمة غير مصدق وأغلق سماعة الهاتف وهو يردد لا حول ولا قوة إلا بالله. أما عمرو موسي فقد أجري اتصالات بالرئيس مبارك ثم الأمير عبد الله ثم الرئيس بشار ثم الملك عبد الله ثم الملك محمد السادس. وخلال ذلك كان أحد كبار موظفي الخارجية التونسية يتحدث مع بعض الوزراء مشيرا إلي أن قادة الدول العربية لم يبدوا احتراما كافيا لقمة تونس وأن عدد الذين أبلغوا بالحضور إلي القمة كانوا فقط خمسة من القادة وأن ذلك يعد إهانة لا يقبلها التونسيون، فالذين أكدوا حضورهم حسب قوله هم فقط الرئيس مبارك والعاهل المغربي ورئيس الجزائر وأمير قطر والملك عبد الله، أما الآخرون فلم يؤكدوا حضورهم حتي هذا الوقت. هذا عن الصورة التي جرت في تونس والتداعيات التي أدت إلي هذه الأزمة التي أثارت حالة من الإحباط في الشارع العربي، فماذا عن القمة الآن؟! المعلومات تشير إلي أن غالبية الدول العربية تؤيد دعوة الرئيس مبارك لعقد القمة في دولة المقر في شرم الشيخ إلا أن ما حدث هو أن تونس نجحت في خلال الأيام الماضية في تكتيل الدول المغربية علي اعتبار أنها صاحبة الحق في انعقاد القمة علي أراضيها وأنه لا يجوز أن تعقد خارج أراضيها إلا بموافقتها وهذه الدول هي: المغرب والجزائر وموريتانيا. وعندما وصلت هذه المعلومات إلي الرئيس مبارك كان الرئيس يخطط للإعلان عن موعد القمة القادم وبعد المشاورات الأولية مع القادة العرب إلا أن المحور المغربي دفع الرئيس لأن يؤجل ذلك ولحين الاتفاق مع كل دول المغرب العربي حتي لا تكرس القمة القادمة خلافا جديدا في الواقع العربي. وأكد الرئيس مبارك أنه علي استعداد لأن يذهب شخصيا إلي تونس وكافة دول المغرب العربي من أجل تحقيق الوفاق المنشود. ويبدو أن هناك اتجاها عربيا قويا يرغب في عقد القمة في شرم الشيخ وبرئاسة تونس، وهذا هو ما يسعي إليه الرئيس بشار الأسد الذي أجري اتصالات عديدة بالرئيس التونسي لإنهاء الأزمة وعقد قمة بين الرئيسين مبارك وبن علي. وقد أبلغ بن علي الرئيس بشار أن قرار التأجيل كان موضوعيا وأنه اطلع علي الخلافات الكبري بين الدول العربية خاصة حول مشروعات الإصلاح والتطوير للجامعة وأن وصول القادة مع وجود هذه الخلافات كان يعني فشل القمة. وقد أبلغه الرئيس بشار بأنه كان من الضروري التشاور مع كافة القادة العرب خاصة ملك البحرين رئيس القمة العربية الماضية إلا أن بن علي أكد أن معظم القادة اعتذروا عن عدم المشاركة وسوف يبلغ الرئيس بشار الرئيس مبارك صباح الأحد بنتائج مباحثاته مع الرئيس بن علي. أما ملك المغرب محمد السادس فقد أكد خلال الاتصالات التي جرت معه أنه من المهم الحصول علي توافق عربي واسترضاء تونس إذا تقرر بشكل نهائي عقد القمة في شرم الشيخ لأن القمة العربية هي الفرصة الوحيدة لتجاوز الخلافات العربية. أما العقيد معمر القذافي فقد أكد خلال الاتصالات معه أن الخلافات بين العرب سوف تستمر وأنه لا يوجد اتفاق حول المضامين الأساسية للمصلحة المشتركة وأن المهم هو محصلة القمة ونتائجها. هذا عن المواقف العربية فماذا عن الموقفين الإسرائيلي والأمريكي من تأجيل عقد القمة في تونس؟ لقد نقل وزير الخارجية الإسرائيلي الخبر إلي شارون ليلا والذي كان سعيدا بذلك وأكد أن اختلاف العرب أهم لديه من أي إنجاز علي مسرح السياسة الداخلية أو الخارجية لإسرائيل، وأنه رغم أنه لا يخشي من القمم العربية إلا أن اجتماعهم في حد ذاته في صورة قمة عربية يعطي مؤشرا علي اتفاقهم ضد الأمن الإسرائيلي. أما وزارة الخارجية الأمريكية فقد استقبلت الخبر بارتياح حيث أكد تقرير الخارجية أن تأجيل القمة كان بسبب الخلاف حول مشروعات الإصلاح وهذا إنجاز في حد ذاته لأن الإصلاح أصبح قضية أساسية علي جدول الأعمال وأن العرب يختلفون حولها. وأشار التقرير إلي أن مصر أثبتت فعلا أنها صمام الأمان للدول العربية وأن تحرك مبارك السريع أربك كل قيادة الدول العربية الذين كانت لديهم رغبة في أن تعلن تونس قرار التأجيل خاصة أن غالبيتهم اعتذر بالفعل عن عدم المشاركة في القمة، إلا أن مبارك أربك الحسابات وأعاد من جديد الكرة لقادة الدول العربية إلا أن المفاجأة الكبري كما يري التقرير الأمريكي هي أن الرئيس التونسي لم يكن مصدقا لما يحدث، وأنه اعتقد أن كل الدول العربية ستقبل بقرار التأجيل إلا أن موقف مبارك أحرجه كثيرا أمام الشعب التونسي وأمام الأمة العربية. وأشار التقرير الأمريكي إلي أن المصلحة العربية طغت علي فكر مبارك وأنه لم يعط اهتماما للمواقف الأمريكية والضغوط التي يمكن أن تمارس ضد مصر فأربكت حركته السريعة موقف الإدارة الأمريكية وشل يدها عن الاتصالات بحلفائها من الدول العربية والذين تعهد أغلبهم للرئيس مبارك بالمشاركة في قمة شرم الشيخ القادمة. تلك هي تفاصيل ما حدث وتوقعات ما سيحدث. كافة المؤشرات تؤكد أن القمة ستعقد في شرم الشيخ خلال الأسبوع الأول من شهر مايو المقبل وأن الاتصالات التي تجري حاليا سواء تلك التي يجريها الرئيس مبارك أو الأمين العام للجامعة ربما تفضي إلي مشاركة واسعة في أعمال القمة القادمة. بقي القول أخيرا: إن موقف الرئيس مبارك أنقد الجامعة العربية من الانهيار وأعاد الأمل إلي النفوس. ولكن يبقي السؤال: هل إذا انعقدت القمة سوف تخرج بتوصيات ترقي إلي مستوي التحديات أم أنها ستكون شبيهة بقمم سابقة انعقدت ثم انفضت دون إجراء حقيقي علي أرض الواقع؟ رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
achnaton بتاريخ: 4 أبريل 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 4 أبريل 2004 كيف أفسدت واشنطن عقد القمة في تونسوقائع وأسرار ماجري في الجلسة المغلقة لوزراء الخارجية العرب تقرير يكتبه : مصطفي بكري ماذا جري داخل أروقة القمة العربية في تونس؟ من اتخذ قرار تأجيل القمة إلي أجل غير مسمي؟ وما هي دواعيه واسبابه الحقيقية؟ كيف جرت المناقشات داخل اجتماعات وزراء الخارجية العرب؟ اين هي نقاط الاتفاق وأين هي نقاط الخلاف.. ماذا عن دعوة الرئيس مبارك لعقد القمة في دولة المقر؟ وهل تنتهي الازمة الراهنة حول مقر انعقاد القمة القادمة أم أنها يمكن ان تؤدي إلي مقاطعة تونس في حال عقدها في دولة المقر؟ هذا التحقيق ينفرد بالرد علي التساؤلات المطروحة من خلال رصد لتطورات ما جري في تونس وواشنطن والقاهرة وعدد من العواصم العربية الأخري. لم يكن يتطرق إلي ذهن أي من وزراء الخارجية المجتمعين في تونس أن اجتماعهم المغلق ينقل علي الهواء مباشرة ليس فقط إلي حيث يتواجد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وإنما إلي واشنطن مباشرة، لقد اشارت المعلومات إلي أن كاميرات نقل تليفزيوني وتنصت وضعت في اركان القاعة لتنقل المناقشات الساخنة للوزراء إلي حيث يجري تقييمها داخل تونس وخارجها. يا عزيزى الفاضل .. ليست أمريكا وحدها ..!! ولكن يشاركها .. ويساندها .. ويشجعها .. أبواق النفاق الآدمية التى لم تكتفى بتزوير الحقائق .. عن أوضاعنا الإقتصادية بكل بجاحة .. بل تعدت الحدود .. وكتمت الشهادة .. بل وإستمرأت شهادة الزور .. والمتابع لأقوال وكتابة دناصير الإعلام فى أحاديثهم الدورية فى الإعلام المرئى والمسموع .. وكتاباتهم فى الصحف التى تصدر عن المؤسسات العريقة والغير عريقة للأعلام المقروء التى حولوها بقدرة شيطانية الى عزب لهم .. كل هؤلاء كانوا هناك .. فى تونس .. مثلهم مثل مصطفى بكرى والفرق أن الأخير يتحمل مع شركائه .., مصاريف سفره وإقامته .. حتى ولو كان ضيفا على الوفد الرسمى .. أما الباقى وقد تعودوا على مص دماء الشعب .. وإستحلوا بغير حق حرمان الآلاف من ابناء العب من رغيف يأكلوه .. او .. كام جرام لحم حقيقى يستمتعوا به .. خطفوا .. ولن أقول سرقوا قوت الشعب ليعيشوا بثمنه فى أرقى الفنادق .. والشعب يعانى من الجوع فى مختلف أشكاله .. ورغم هذا كتموا الشهادة .. وزوروا المعلومة وبكل بجاحة .. شغل نصابيين .. وليس له آية علاقة بإعلام التنوير .. وما قاله مصطفى بكرى اليوم ليس ببعيد عن الحقائق لو المرء منا فكر فى مقاله بعمق .. والحبيب بورقيبة لم يمت .. واختراق أجهزة الدول المختلفة .. لإجتماعات الغير .. شئ وارد وسهل .. وتونس ليست دولة متخلفة .. وزرع أجهزة للتصنط لعبه يجيدها حتى تلامذة المدارس فى الدول المتقدمة .. أما زرع كاميرات تصوير فهذا أمر يسطيع آى مبتدأ فى الأمن أن يلحظه .. وبصرف النظر عن كل هذا .. الفراودة الأفاضل .. الذين سافروا بأموال الشعب لينقوا اليه مجريات الأمور .. تخطوا من زمان مرحلة التدريب .. ومنهم من كان فى الأصل " جامع أخبار " يعنى صحفى ولو مش بالشهادة بالخبرة فكيف لم يتمكن من رصد مثل هذه التحليلات التى عرضها مصطفى بكرى .. لا يوجد سبب واحد يعفيهم من رد كل مليم إستحلوه من مصاريف سفر ومصروف جيب ومكافآت الى خزينة الدولة مرة أخرى .. مع شلوت بأسم الشعب وابعاد نهائى عن العمل الصحفى ,, وكاتم الشهادة .. يتساوى مع شاهد الزور .. وكلاهما لايستحق الا نار الله الموقدة كما تعلمنا من ديننا الحنيف .. وكفاية كده .. أخناتون المنيا :rolleyes: mfb: mfb: taz:: taz:: taz:: كلمات حق وصيحة فى واد .. إن ذهبت اليوم مع الريح ، فقد تذهب غدا بالأوتاد .. ليس كل من مسك المزمار زمار .. وليس كل من يستمع لتصريحات الحكومة الوردية ..حمار ويا خسارة يامصر .. بأحبك حب يعصر القلب عصر رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
أسامة الكباريتي بتاريخ: 5 أبريل 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 5 أبريل 2004 بلاغ الى من يهمه الأمر تتبرأ الساحة الفلسطينية من هذا الموضوع جملة وتفصيلا .. فالقمة العربية فبركاتها وإفسادها أو إلغائها أو نقلها أو أو أو .. كل هذا شأن عربي عام وفيه من الهموم والأشجان ما يطرح جَمَلاًّ .. وما نقل مصطفى بكري من شاشات الفضائيات العربية إلى هذه الساحة إلا مؤامرة مبيتة لتوريطنا في شأن فشل أعتى الرجال في التصدي لها .. بل وعجزوا عن مجرد الاجتماع لتدارس تبعات أفعالهم التي سيكون الحساب عليها عسيرا .. سيدي من يهمه الأمر .. أشهدك بأننا نبرأ إليك منهم .. ومن أفعالهم .. ومن أقوالهم ومما يعلنون .. ومما يبطنون .. سيدي يامن يهمه الأمر .. لقد مضى من عمري قرابة الستون عاما وأنا أنتظر واترقب وأتلهف .. أبكي بصمت .. وأجهر بالدعاء .. أتوسل على الأعتاب فتمسح الأحذية من دموع الثكالى من حرائر أمتي .. والأيتام من أطفال أمتي .. أعلق في رقابهم دماء الشهداء .. وجراح الجرحى .. وجوع الملايين .. وتشرد المليار ونيف .. أعلق في رقابهم كل ما حاق بأمتنا طوال سنوات عمري .. وما قبلها .. فكلهم مجتمعين ومنفردين مسؤولين جملة وتفصيلا عن هذه المصائب .. يا من يهمه الأمر .. أشهدك بأننا لم نر من أي منهم خيرا يلتمسون به العذر أمامك .. بل هي تراكمات من الآثام على كواهلهم أسألك ألا تسامحهم عليها .. أسألك يا من بيدك الأمر .. أن تأخذهم أخذ عزيز مقتدر.. وألا تدع منهم ديارا .. وأن تستبدلهم بمن تحب وترضى لهذه الأمة .. يا عزيز .. يا جبار..يا فعال لما تريد .. أعنا على إصلاح امرنا .. واهدنا إلى السبيل السوي .. حتى نكون أهلا لمرضاتك والتمتع بمشيئتك في تغيير ما ألم بنا .. ياااااااااااااااااااارب يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا حسبنا الله ونعم الوكيل رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان