الفاطمية.. دولة التفاريح و التباريح

[Cleo]

و بعد حضورالمعز لدين الله إلى مصر، بدأ الأزهر يباشر مهمته فى الدعوة للمذهب الجديد. وجلس قاضى القضاة أبو الحسن بن النعمان فى صحن الأزهر يقرأ مختصر أبيه (أبو حنيفة النعمان بن حيون) فى فقه الشيعة، و حضر الدرس جمع حافل من وجوه الدولة و علمائها، و أثبت القاضى أسماء الحاضرين، فكانت هذه أول حلقة للدرس بالأزهر. و بعد وفاة المعز، اقترح الوزير الخطير يعقوب بن كلس على الخليفة الجديد "العزيز بالله" أن يعين بالأزهر جماعة الفقهاء للقراءة و ادرس، يعقدون مجالسهم بالأزهر بعد صلاة الجمعة إلى صلاة العصر، و كان عددهم 37 فقيها، و رتب لهم مرتبات شهرية ثابتة و جرايات حسنة، و أنشأ لهم دارا للسكنى بجوار الأزهر، فكانت هذه أول خطوة لاستغلال الأزهر كمهد لتدريس الفكر الشيعى إلى جانب كونه مسجدا لإقامة الصلوات. و كان هؤلاء الفقهاء هم الذين لا يزيد عددهم على 37 دارسا هم النواة الأولى لأفواج الدارسين بالجامعة الأزهرية، و على مر العصور سار الأثرياء و الأمراء و الكبراء على نهج الخلفاء الفاطميين، فتنافسوا على إقامة حلقات الدرس و تشييد الأروقة للمجاورين – طلبة الأزهر – و فرشت الأروقة بما يلزم من بسط، و صارت مساكن يأوى إليها طلاب العالم. و أعدت بجانبها محلات للغسيل و أخرى للوضوء و غيرها لطبخ الطعام، بحيث لا يحتاج الطالب إلى مغادرة الأزه إل انادرا، فهو دائما منكب على التعليم، و كان فى ذلك تشجيع لأبناء الشعوب الإسلامية على المجيء إلى مصر، فكنت ترى الكردى إلى جانب الهندى، و السودانى و الأفغانى و الحبشى بجانب التركى و المصرى و المغربى و الجاوى و الشركسى و الشامى.. تسودهم جميعا رابطة الدين و الإخاء، و على مر السنسن كثرت الأروقة، فمن الأروقة المصرية، رواق الصعايدة، و رواق البحاروة و رواق الحنفية و رواق الشراقوة و رواق الحنابلة و الرواق العباسى وكان هناك رواق خاص للعميان لا يسكنه إلا مكفوفو البر و شيخهم منهم.

[Cleo]

فقه الشيعة:

فالمعرو فى التقليد الإسلامى أن الدعاء للحاكم فى خطبة الجمعة يمثل اعترافا بشرعية الحكم. و تغيير اسم الحاكم يستتبعه بالضرورة قطع الدعاء له و النداء باسم الحاكم الجديد. و هذا ما حدث فى أول خطبة استمع إليها الناس من فوق منبر الأزهر. فقد أمر جوهر بقطع الدعاء للخليفة العباسى. و كانت مصر حتى ذلك الوقت تعترف بالتبعية إلى خليفة بنى العباس، و كان عليها أن تعترف الآن بخلافة الحاكم الفاطمى: المعز لدين الله. ولم يقتصر التغيير فى الخطبة على ذلك، و إنما أمر جوهر بأن يقال فى الخطبة : "اللهم صلى على محمد المصطفى و على علىَ المرتضى و على فاطمة البتول و على الحسن و الحسين سبطى الرسول، الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و صلى على الأئمة الطاهرين، آباء أمير المؤمنين المعز لدين الله" كما أضاف إلى الأذن عبارى "حى على خير العمل"

موقف المصريين غريب جدا... كأن العرش و اللى قاعد عليه ماهمهمش على الإطلاق..!! كأنهم قاعدين عالكنب يتفرجوا على قناة الجزيرة ولا كأن ده بيحصل فى بلدهم...!!!!

[kfaya]

يظهر ان الخليفة العباسى هوا كمان كان قاعد بيتفرج على قناة الجزيرة ؟؟؟؟

أزاى تروح منه مصر قلب الدولة الاسلامية و ميتحركش لاستعادتها ؟؟؟و يحارب ذلك الوافد الجديد ؟؟؟

التاريخ ده مدرسة .. و عبرة لمن يعتبر ..

ويل للأمم الضعيفة ....

[Cleo]

و هكذا نما الأزهر كجامعة عالمية جعلت من مصر قبلة للعلماء، و موئل الفقهاء و مشعل الحضارة. و يمكن القول إن تطور الأزهر و تساع رسالته على المستوى العالمى كان يراود خاطر مؤسسيه الفاطميين، فقد كانوا أصحاب دعوة عالمية تخرج عن نطاق مصر المحلى و تتعداها إلى ما سواها من أقطار إسلامية، و ليس من شك فى أن بناة الأزهر الأوائل كانوا بعملون بكل بهمة على تشجيع المجتمع المصرى، و كانوا يتوسلون لغزوه بكل الوسائل السياسية و الفكرية، و لم يكن اعتماد الخلافة الفاطمية فى بث دعوتها سلاح التشريع قدر اعتمادها على الدعاية السرية و غزو العقول بطرق منظمة. فهى خير وسيلة لغزو الأذهان المستنيرة و حشدهاو لتأييد الدعوة المنشودة.

[Cleo]

وقد كانت الدعوة السرية أنفذ وسائل الفاطميين إلى تبوء الملك، فلما جنوا ثمار ظفرهم الأولى و نجحا فى الاستيلاء على مصر، كانت الدعوة السرية وسيلتهم إل حماية ثمرتهم و تدعيمها، و كانت هذه الدعوة المذهبية تتخذ منذ البداية صيغة رسمية، و منذ قامت الخلافة الفاطمية بالقاهرة نراها تنتظم فى القصر الفاطمى، و تتخذ صورة الدعوة إلى قراءة علوم أهل البيت - علوم الشيعة - و التفقه فيها.

[Cleo]

و كان يقوم بإلقاء هذه الدروس فى زمن المعز و العزيز بنو النعمان، و هم أسرة مغربية متخصصة فى الفقه الشيعى، صاحبت الغزو و تولت قضاء مصر زهاء نصف قرن. و كانت هذه الدروس تلقى أحيانا فى القصر، و أحيانا فى الجامع الأزهر، و أحيانا كان يشترك فى إلقاءها بعض عظماء الدولة مثل الوزير يعقوب بن كلس، فقد كان يتولى قراءة علوم الشيعة و شرحها للكافة بنفسه، و له فى الفقه الشيعى رسالة مشهورة تعرف بالرسالة (العزيزية) نسبة إلى الخليفة العزيز، و يشير المسبحى مؤرخ الدولة الفاطمية إلى إقبال الكافة على الاستماع لهذه الدروس المذهبية... فيقول : إنه فى ربيع الأول سنة 385 هـ جلس القاضى محمد بن النعمان بالقصر لقراءة علوم أهل البيت على الرسم المعتاد، فمات فى الزحام أحد عشر رجلا فكفنهم العزيز بنفسه..!!

[Mohammad Abouzied]

جزاكي الله خير يا كليو

مجهود طيب وممتاز

لن نعرف حاضرنا طالما نجهل تاريخنا

[Cleo]

جزاكي الله خير يا كليو

مجهود طيب وممتاز

لن نعرف حاضرنا طالما نجهل تاريخنا

ربنا يكرمك يا أ/ محمد...

لا زال الكتاب يحوى الكثير من أسرار الفكر الشيعى و هو أخطر ما فيه، و ليس الحديث عن الفاطميين كتاريخ و سياسة...

قد أتأخر قليلا فى متابعة هذا الموضوع نظرا لظروف تغيير السكن و عدم الاستقرار فى الفترة الحالية... لكن أعدكم بأن أكمل هذا الكتاب الشيق و الخطير (من وجهة نظرى أنا على الأقل) ما قدرنى الله تعالى...

أطيب تحياتى

كليو

[Cleo]

دار الحكمة:

و مع تطور الدعوة الفاطمية و تطرفها العقائدى لم يعد الأزهر يفى بالحاجة إلى تخربج دعاة مدربين على اختراق الحواجز المذهبية و الدينية لدى الناس المطلوب تجنيدهم لخدمة الدعوة السرية، و أصبحت الحاجة ملحة لإنشاء مؤسسة سرية تكون مهمتها إعداد هؤلاء الدعاة المتخصصين، خصوصا عندما جاء الحاكم بأمر الله إلى الحكم و كشف عن وجهه القبيح وداعا الناس إلى تأليهه، فأنشأ الحاكم "دار الحكمة" لتقوم بهذه المهمة الخاصة إلى جانب المهمة العامة للأزهر.. و يمكنك أن تقول أن الأزهر كان أشبه بالجامعة.. أما دار الحكمة فكانت بمثابة مؤسسة للدراسات الأكاديمية أو الدراسات العليا التى لا يقربها إلا من أوتى حظا كبير فى علوم العوة الجديدة اى (تأليه الحاكم).

لقد أنشأ الحاكم بأمر الله مؤسسته الجديدة بجوار القصر الغربى الصغير و فتح أبوابها لروادها يوم السبت العاشر من جمادى الآخرة سنة 395 هـ بعد أن فرشت و علقت الستائر على جميع أبوابها وممراتها، و رصد لها جمع الموظفين والخدم ليقوموا على خدمة الدارسين و الأساتذة، و قد هيئت لهم المرتبات و الأرزاق، و أعدت لهم مكتبة ضخمة نقلت إليها الكتب من خزائن القصر الملكى فى سائر العلوم و الآداب مما لم ير مثله مجتمعا لأحد قط، و أودعت بها كتب التشيع، فضلا عما يحتاجه الدارسون من أقلام و أوراق و أحبار، و أوقف الحاكم على دار الحكمة أوقافا تنفق غلتها على مصالحها.

[Cleo]

و يحدد الدكتور أحمد أحمد بدوى ثلاثة أهداف من إنشاء هذه الدار، أولها: أن تكون سجلا للحركة الفكرية، فتحفظ بها الكتب و المحاضرات ليستطيع من شاء أن ينهل منها، و أن يعود إليها فى البحث و الدراسة.. ثانيها: تثقيف القضاة بدراسة الفقه الشيعى دراسة واسعة، و هؤلاء يدخلون دار الحكمة بعد أن يتموا دراستهم بالأزهر... ثالثها: تعليم رجال الدعوة حتى ينهضوا بعبء نشرها فى أرجاء الإمبراطورية الفاطمية، فكانوا يدخلون الدار بعد أن يكونوا قد درسوا فى الأزهر... النحو و الفلسفة و المنطق و التنجيم، و كان أمر تثقيف هؤلاء موكولا إلى داعى الدعاة، يجتمعون إليه و يتكلمون فى العلوم المتعلقة بمذهبهم. و الداعى رجل عالم فى جميع مذاهب أهل البيت، يقرأ الدرس على فقهاء الدولة، و بين يديه نقباء المتعلمين اثناعشر نقيبن وله نواب فى سائر البلاد كنواب قاضى القضاة، و أن هذه الأهداف لتدلنا على أن الغرض الى أنشئت له دار الحكمة إنما هو نشر تعاليم الشيعة فى الناس بطريقة علمية منظمة.

[kfaya]

اتجدعنى شويا يا ماما ...... مش معقول كدا يا كليو .... بالنظام دة الكتاب هيأخد ييجى سنتين .... عقبال ما أقرأ الفقرة الجديدة بكون نسيت اللى فاتت ..... rs:

وبعدين مين أحمد أحمد بدوى دة ؟؟؟؟؟؟!!!!!!! rs:

مش انتى شغالة من كتاب جمال بدوى ...؟؟؟؟؟

أوعى تكونى دخلتى على كتاب تانى ..... أنا صاحى قوى :)

[Cleo]

اتجدعنى شويا يا ماما ...... مش معقول كدا يا كليو .... بالنظام دة الكتاب هيأخد ييجى سنتين .... عقبال ما أقرأ الفقرة الجديدة بكون نسيت اللى فاتت .....

ولله يا كفاية أنا كنت متعطلة بسبب ظروف تغيير السكن و زحمة شغل رهيبة...

بس خلاص....

أنا رجعت تانى..... rs:

وبعدين مين أحمد أحمد بدوى دة ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!

ماهو لو سعادتك بتركز كويس... كنت فى مداخلة سابقة عرفت إنه أحد المصادر اللى جمال بدوى استقى منها المادة بتعات كتابه...

إنما حضرتك مش معانا فى الفصل عشان عمال تتصيدلى الأخطا الإملائية بدل ما تركز... fsh::

أنا صاحى قوى

لأ... ماهو واضح..... :)

[Cleo]

الذى لفت انتباهى فى الكتاب منذ بداية الحديث عن دار الحكمة و حتى آخر الكتاب... هو ذلك الفكر المنظم لأصحاب المذهب الشيعى و كذلك اليهود (أول من ابتدع المذهب الشيعى)... فهو فكر منظم... له ظاهر يختلف عن باطنه... ظاهره الخير و باطنه كل شر... و كذلك الخطط طويلة الأجل من أجل تحقيق هدف ما..!!!

انظر مثلا إلى حزب الله .... تجدهم منظمين... up to date أول من حارب إسرائيل معلوماتيا.. بضرب مواقع إسرائيل الحيوية على شبكة المعلومات... أول من أدرك فينا أهمية الإعلام و الفضائيات، فأنشأول قناة المنار للترويج لمذهبهم بشكل مستتر وسط نشرات الأخبار و البرامج الأخرى المفيدة.... rs:

أما نحن فننظر تحت أقدامنا فقط... ولذلك "اتكفينا على بوزنا" و أصبح الجميع يدوس علينا..

تم تعديل 16 يوليو 2004 بواسطة Cleo

[kfaya]

انا قلت ان الغياب المتكرر بتاع مدرسين اليومين دول بيخلى الواحد ينسى و التركيز اللى هو أصلا تعبان بيضيع خالص ... rs:

ولا أنتى عايزانى فعلا كل مرة أقرأ الموضوع من أولة !!!!!

و بعدين كلهم من عيلة بدوى ... :)

الكتاب شيق و لذيذ و انتى شرحك ممتع .... بس شدى حيلك و انا هفوتلك كل الأخطاء اللغوية ..... rs:

[Cleo]

الكتاب شيق و لذيذ و انتى شرحك ممتع .... بس شدى حيلك و انا هفوتلك كل الأخطاء اللغوية ..... rs:

يا فندم أنا لا أقوم بالشرح.. أنا أنقل الكتاب كما هو... ومن وقت لأخر أنقل إليكم ملاحظاتى أو خواطرى ...

عموما كلك زوق و أخجلت تواضعى... :)

تم تعديل 16 يوليو 2004 بواسطة Cleo

[Cleo]

أهل الثقة:

وهذه الطريقة المنظمة تكشف عن الجانب المستور فى نظام الحكم الفاطمى، و هو الجانب الذى لم يكن يظهر إلا للخاصة.. بل خاصة الخاصةالذين أصبحوا محلا للثقة. هنا بين الجدران المغلقة كان علماء المذهب الاسماعيلى يكشفون عن مكنون صدورهم و يبوحون بحقيقة الدعوة السرية التى خفيت عن عامة المصريين. وفى ذلك يقول الأستاذ محمد عبد الله عنان و هو بصدد المقارنة بين الدعاية المذهبية فى شكلها الظاهر فى الأظهر، و الدعاية الخفية داخل القصور و دار الحكمة: :إن الدعاية الظاهرة كانت ستارا و تمهيدا لدعاية أخرىكانت تحاط بنوع من التحظ و التكتم و يشرف على تنظيمها و تلقينها زعيم دينى كبير يشغل منصبا مهما فى ديوانه الخاص و ينعت (بداعى الدعاة) وكان هذا المنصب الخطير من أغرب الخطط الدينية التى أنشأتها الدولة الفاطمية، كما كان داعى الدعاة من أغرب الشخصيات الرسمية التى خلقتها.

[Cleo]

و كان داعى الدعاة يلى قاضى القضاة فى الرتبة، و يتزيا بزيه، و يتمتع بمثل امتيازاته، و ينتخب من أكابر فقهاء الشيعة المتضلعين فى العلوم الدينية و فى أسرار الدعوة الفاطمية. و يعاونه فى نشر الدعوة اثنا عشر نقيبا و عدة كبيرة من النواب يمثلونه فى سائر النواحى، و كانت هذه الدروس الخاصة تلقى بعد مراجعة الخليفة و موافقته فى إيوان القصر الكبير. و تعقد للنساء مجالس خاصة بمركز الداعى بالقصر، و هو المسمى "بالمحول" وكان من أعظم الأبنية، أرحبها، فإذا انتهت القراءة أقبل المؤمنون و المؤمنات على الداعى، فيمسح على رؤوسهم بعلامة الخليفة، و يأخذ العهد على الراغبين فى دخول المذهب، و يؤدى له "النجوى" من استطاع (وهو رسم اختيارى قدره ثلاثة دراهم و ثلث يجبى من المؤمن للإنفاق على الدعوة و الدعاة). وكانت ثمة مجالس أخرى تعقد بالقصر أيضا لبعض الهيئات و الطبقات الممتازة من أولياء المذاهب، و رجال القصر و الدولة، و نساء الحرم الخاص و يسودها التكتم و التحفظ، و يحظر شهودها على الكافة، و تعرض فيها الدعوة الفاطمية السرية على يد دعاة تفقهوا فى درسها و عرضها: و كان تلقين هذه الدعوة هو أخطر مهمة يقوم بها الدعاة، بل كان فى الواقع أهم غاية يراد تحقيقها. و كان للكافة أيضا نصيب من تلك المجالس، فيعقد للرجال مجلس بالقصر و يعقد للنساء مجلس بالجامع الازهر، و يعقد مجلس للأجانب الراغبين بتلقى الدعوة: و كان الداعى يشرف على هذه المجالس جميعا إما بنفسه أو بواسطة نقبائه و نوابه. و كانت الدعوة تنظم و ترتب طبقا لمستوى الطبقات و الأذهان، فلا يتلقى الكافة منها سوى مبادئها و أصولها العامة، و يرتفع الدعاة بالخاصة المستنيرين إلى مراتبها و أسرارها العليا.

[Cleo]

وقد عرضنا من قبل فى حديثنا عن الإمامة إلى ما ينسب إلى الأئمة من ادعاء الغيب و المقدرة على إتيان الخوارق، و رأينا كيف يؤيد بعض الدعاة الإسماعيلية هذه المزاعم فى كتبهم. بل و كيف يرفعون بعض الأئمة إلى مرتبة النبوة و ينسبون إليهم بالفعل إتيان الخوارق و المعجزات، و كيف ينفى بعض الدعاة من جهة أخرى نسبة هذه المزاعم إلى الأئمة. ثم رأينا بعد ذلك كيف كان الخلفاء الفاطميون يتوجهون إلى التعلق بمدارك الغيب، و يغلب عليهم شغف الخفاء.

على أن هذه المسألة ليست إلا ناحية واحدة من مسائل أخرى متعددة النواحى، و هى تتعلق بالدعوة الإسماعيلية ذاتها، و ما يحيطها به الدعاة من ضروب الخفاء و الغموض، و التوسل إلى ذلك من القول بالتأويل و الدعوة الظاهرة و الباطنة، و المعنى الظاهر و المعنى الباطنو منطوق الرموز و الأرقام و أمثال ذلك، مما يراد به أن تلقى على الدعوة الإسماعيلية أو الدعوة الفاطمية هالة من الخفاء و الروع، تجعلها فوق إدراك الكافة.

[Cleo]

و ينقل عنان ما ورد فى "المجالس المستنصرية" من إشارات عديدة إلى مسألة الظاهر و الباطن، ترينا إلى أى حد كان العاة يعتمدون على هذه المسائل فى إثارة الخفاء و لروع فى نفوس "المؤمنين". فمن ذلك قول الداعى فى المجلس الأول : "و أرجعوا فى المشكلات إل من جعله الله بهدايتكم خير كفيل، فإن الظاهر و الباطن كالروح و الجسد إذا اجتمعا،انقدحت الفوائد، و عرت المقاصد، و أدركت النفس بتوسط الحواس ما فى العالم من البدائع، فاستدلت بوجود الصنعة على معرفة الصانع". و قله فى المجلس الثانى معلقا على الآية "وذروا ظاهر الإثم و باطنه" ، "فمن عبد الله تعالى بظاهر دون باطن، أو بباطن دون ظاهر، فهو كمن يعبده على حرف، لأن كل كلمة تقيد معانيها، و لا تنتهى إلى الغاية فيها خصصناكم بإعادة القول فى بيان تأويلها".

و يلجأ الدعاة فضلا عن ذلك إلى الرموز و الأرقام، و يذهبون فى ذلك إلى مذاهب خيالية: فمن ذلك تفسير الداعى "للبسملة" و كلماتها و حروفها و كون كلماتها الأربع، تشتمل على تسعة عشر حرفا، منها "بسم الله" سبعة أحرف، إشارة إلى أن الأئمة السبعة الذين فى كل عصر منهم إمام يؤدى إلى أهل عصره ما أقامه الله تعالى لتأديته، و "الرحمن الرحيم" و حروفها اثنا عشر، مثل الحجج الاثنى عشر الذين بثهم الإمام فى جزائر الأرض، لاثنى عشرة للإبلاغ عنه، و من التسعة عشر حرفا التى تتكون منها البسملة، عشرة أحرف، خمسة تتكرر و خمسة لا اتتكرر. فالخمسة التى لا تتكرر هى مثل الحدود العلوية لأنها باقية فى كل شريعة لت تتغير و لا تتكرر، و الخمسة أحرف التى تتكرر، فهى مثل الحدود السفلية التى تتردد في كل دور.

و الرموز الرقمية المفضلة لديهم هى السبعة، و الاثنى عشر: فعبارة "لا إله إلا الله" بها سبعة فصول و اثنا عشر حرفا، و الصلاة سبع مراتب تتفاضل فيه صلاة المصلين، و الإمامة فى الصلاة تجب لسبعة متفاضلى الرتب، ودعائم الإسلام سبع فرائض، و اثنتا عشر سنة.

و يعترف الأستاذ إيفانوف بأن النظرية الإسماعيلية الباطنية كانت تنطوى على إيمان راسخ بحقيقة هذه التعليلات فى عالم المرئيات، و أن هذه الفكرة كانت بالنسبة لها فرضا لا يقبل الجدل. ثم ينوه بما كان لهذه الأفكار الخرافية من قوة هائلة تطوى أمامها الحقائق التاريخية و تثنى بلا رحمة لتوافق منطقها.

[Cleo]