اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

حركة فتح ... إلى أين ؟؟


Recommended Posts

حركة فتح ... إلى أين ؟؟

بقلم / يحي رباح *

الحقيقة التي لا يمكن إنكارها ان هذا السؤال الذي يطرح بصوت عال بل صاخب هذه الأيام ، قد بدأ طرحه بنوع من الحساسية المفرطة والتخوف الزائد وبقدر لا بأس به من التشاؤم منذ عشر سنوات ، أي منذ عودة القيادة الفلسطينية إلى ارض الوطن ، وبداية تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية بمؤسساتها المختلفة ، فقد لاحظ الجميع من خلال فرصة تفحص الذات ان حركة فتح في مشوارها الطويل من المنفي الى الوطن لم تعد كما كانت وهذا امر طبيعي فالثورات عادة تؤول الى هياكل جديدة لا تكاد تذكرنا ببدايتها وماضيها الذهبي ، وذلك بسبب ان الهدف الجامع يكون قد تغير وان الحافز يكون قد تبدل ، وان قوة الإلهام الإنسانية المتمثلة في رموز القيادة تكون قد تآكلت في الطريق الصعب والطويل .

وكانت حركة فتح التي ولدت في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي ، وأعلنت عن دخولها إلى الملعب السياسي في منتصف الستينيات هي الابنة الشرعية للنظام الدولي السابق ، الذي منحها موقعها بين اليمين واليسار ، وجعل منها أمنية الفقراء والاغنياء ، وفتح لها الأبواب من مكة الى موسكو ، ومن إسلام آباد إلى طهران ، وجعلها تتواجد في نفس اللحظة على جانبي جدار برلين ، لان ذلك النظام الدولي بقطبية سمح بهامش واسع جداً من مرونة وحرية الحركة لكل فصائل حركة التحرر الوطني على امتداد رقعة العالم كله ، بل إن حركة التحرير الوطني على مستوي العالم دولاً وثورات قد شكلت لنفسها عائلة كان القطبان الكبيران يتنافسان على خطب ودها وهي حركة عدم الانحياز ، وكانت حركة فتح بلا منازع نجمة ساطعة في سماء تلك العائلة لكن عودة حركة فتح إلى ارض الوطن عام 1994م وكانت قد تمت بدافع من النظام الدولي الجديد الذي أثبت بسرعة تفوق التوقعات أنه لا يسمح بذلك القدر من المرونة ومساحة الحرية للاخرين حتي لو كانوا دولاً كبيرة ، فكيف بحركة تحرر وطني ما زالت على عتبة الاستقلال ولم تدخل الهيكل بعد !!!

ومثل كل الثورات الكبرى بقضيتها ونضالها وتخالفاتها ، فإن حركة فتح وهي في المنفي استطاعت بنجاح ما بعده نجاح أن تزرع نفسها في صورة الحلم ، وراء غلالة الأساطير ، واستطاعت بكفاءة عالية أن تستثمر " صورة الغائب " وهي صورة تكون دائماً غاية في الجمال والكمال والإدهاش ، لأن الناس يسقطون على صورة الغائب كل أوجاعهم النبيلة وكل طموحاتهم العادلة فالغائب في " المثيولوجيا " الفلسطينية والانسانية عموماً ، هو الأجمل والأشجع والأعدل ، وهو النبي الذي سيطرد الشر ويطلق أجنحة الخير، هو الذي سيعطي للمظلومين حقوقهم ، ويمسح بيده الحانية على جراح الموجوعين ، ولكن الشهور الاولى من عودة فتح الى ارض الوطن ضيعت صورة الغائب وأحلت بدلاً منها صورة الحاضر ، وظهر جلياً أن " الفدائي المستتر " لا يشبه هذا " الموظف المعلن " وكانت الخطورة تكمن في أن حركة فتح لم تعمل حساباً لهذا الفرق الهائل ، ولم تحضّر نفسها بكل لقسوة المفارقة بين صورة البطل الشعبي الغائب الذي يحظى بكل العطف ، والمعفي من كل المثالية ، وهذا الموظف الماثل أمام العيان ، كوزير ، او مسئول أو ضابط عسكري ، يتسقط الناس هفواته العادية بنوع من التحسر والاندهاش السلبي حتي لقد وصلت الصورة إلى حد الصدمة عندما رأي الناس بعض الوزراء لا يحضرون عائلاتهم إلى ارض الوطن ، وبعض القادة المحليين تركوا زوجاتهم وأبنائهم هناك في المنفي !!

ولقد اتضح بعد ذلك .. أن صورة الغائب كان لها كل العذر في الماضي أما صورة الحاضر فهي عارية بلا أعذار .

وقد أضيف إلى ذلك كله حالة تحريضية عالية جداً ، بل متوترة، ناجمة عن أولئك المناضلين أعضاء حركة فتح في الداخل ، الذين لم يحصلوا على ما يعتقدون انه حق لهم ، فقد تدخلت معايير مختلفة في من يأخذ ومن لا يأخذ فخلق ذلك حالة ثأرية عميقة ، حالة تقول ( سنريكم إن أتيحت لنا الفرصة ) وهو شئ كنا قد لاحظناه وتابعناه في حالة الثورة الجزائرية ، وجبهة التحرير الوطني الجزائرية ، والتي كانت مثل حركة فتح هي العمود الفقري للنضال الجزائري وصاحبة المشروع منذ بدايته ، كيف التقت ضدها الأخطاء والثارات الناجمة عنها ، حيث أن أكبر من وجهوا لها الضربات الفاصمة جاءوا من داخلها ، من إطاراتها القاعدية والقيادية على حدً سواء ، لأن صورة المناضل الذي في الجبل سقطت لصالح صورة حقيقية وفجّة لأشخاص وصلوا إلى المحاور الرئيسية للدولة دون أن يكون لهم الشرعية الكافية في سيرة الثورة ، بل ان بعض الذين أصبحوا في منطقة القرار كانوا ذوي تاريخ ملتبس ، أو من الذين هربوا مع عائلاتهم مع الاحتلال الفرنسي حين ترك الجزائر !!!.

ربما لم تصل الأمور عندنا في حركة فتح لما كانت قد وصلت إليه الأمور داخل جبهة التحرير الوطني الجزائرية ، فنحن مازلنا على بوابات الاستقلال وليس الاستقلال الكامل ، والجيش الإسرائيلي بكل أشكال حضوره المختلفة مازال موجوداً ولم يرحل مثلما حدث مع الجيش الفرنسي ، ولكن الاسئلة المؤلمة هي نفسها وخاصة تلك الأسئلة الواضحة التي لم تجد جواباً مقنعاً ولا جواباً شجاعاً من احد حيث في كثير من الأحيان فان الشجاعة وحدها تكون الطريقة الوحيدة الممكنة للاقناع .

ولقد حاولت قيادة الحركة ان تعيد التناغم الى الصفوف المرتبكة عبر المزيد من الوظائف والمواقع والارضاءات ولكن ذلك لم يفلح في اعادة التناغم والتناسق لا بين اجيال الحركة ولا بين العائدين والمقيمين لان موجات التوظيف والمواقع تمت في معظمها على قاعدة الابتزاز وليس على قاعدة الائتلاف الحركي الوطني وهكذا وجدنا المنهمكون في عملية الابتزاز يقولون ( هل من مزيد ؟) بل ان كل المحاولات لم تفلح في جسر الهوة لا بين الأجيال الفتحوية، ولا بين القيادة والقاعدة ولم تعد اللجنة المركزية هي الناظم النهائي لمجمل التفاعلات داخل الحركة وهكذا انبثقت بإلحاح الدعوة الى الضرورة عقد المؤتمر السادس لحركة فتح وتشكلت لذلك لجنة تحضيرية تواصل اجتماعاتها وتحاول ان تكون جديرة بما تسعي إليه بل لقد بدأت فعلاً الانتخابات الفرعية في الأقاليم والمناطق الفتحوية بالإعداد لهذا المؤتمر السادس المنشود .

ولكن يبقي السؤال هل هذا كل شيء وهل مجرد الانتخابات هكذا مجرّدة تحل المشكلة ؟؟؟؟

لعلنا نعود للبحث في هذا الموضوع في مقالة أخري

* يحي رباح من الكوادر القيادية لحركة فتح.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...