شيخ الشهداء والجهاد فى فلسطين

[ragab2]

وكان

المسجد الأقصي هو حجر الزاوية في تكوين فصائل الجهاد الفلسطينية..فما ان مدت اسرائيل بصرها إلي حائط البراق عام 1929م.. حتي تحرك المسلمون في ثورة تولد عنها أول فصيل جهادي فلسطيني للدفاع عن المقدسات بقيادة المناضل الشهيد عز الدين القسام شيخ الشهداء في فلسطين

******************

التحرر والجهاد علي ارض فلسطين:

ففي أغسطس سنة 1929م.. وفي حماية سلطات الاحتلال الانجليزي التي تحكم فلسطين­ مدت الصهيونية اعينها إلي ما وراء الارض الفلسطينية..فتطلعت إلي اغتصاب المقدسات الاسلامية ايضا، وبدأت هذا المسعي بمحاولات وضع اقدامها علي حائط البراق.. الذي اسموه 'حائط المبكي'!..ليكون سبيلهم إلي ازالة المسجد الاقصي، واقامة 'الهيكل' علي انقاضه.. ولقد ساعدتهم علي ذلك سلطات الاحتلال الانجليزي، ذات العقيدة البروتسانتية ­ الانجليكانية ­ التي تري في تحقيق هذه الاحلام الصهيونية شرطا من شروط عودة المسيح ­ عليه السلام ­ ليحكم الارض ألف سنة سعيدة! ويومئذ انتفض الشعب الفلسطيني بالاضرابات والاضطرابات..

مساندة الإنجليز لليهود

ورغم ان للجنة التي عينتها 'عصبة الامم' للفصل في هذا النزاع قد قدمت تقريرها ­ في ديسمبر سنة 1930م. وخلصت فيه إلي: ان'للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي ­ 'حائط البراق' ­ ولهم وحدهم الحق العيني فيه،لكونه يؤلف جزءا لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف، التي هي املاك الوقف وللمسلمين ايضا تعود ملكية الرصيف الكائن امام الحائط وامام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط، لكونه موقوفا، حسب احكام الشرع الاسلامي، ولجهات البر والخير رغم ذلك استمرت سلطات الاحتلال الانجليزي في التمكين للمخططات 'الصهيونية ­ الصليبية' علي ارض القدس وفلسطين.

فكانت

موجة جديدة من الاحتجاجات والاضرابات والاضطرابات العنيفة التي جعلت الشعب الفلسطيني ينخرط في اطول اضراب شهدته البلاد امتد ثلاث سنوات..من سنة 1936م حتي سنة 1938م..ولم يتوقف الا باجهاض الحكام العرب له، عندما تعاونوا مع انجلترا علي تهدئة الاوضاع في فلسطين كي تفرغ انجلترا للاستعداد لنذر الحرب العالمية الثانية التي كانت تلوح في الافاق!

مدرسة الفداء والتحرر

وخلال هذه الموجة من الاضرابات والاضطرابات، تخلق علي ارض فلسطين تنظيم جهادي سري، رأي ضرورة الانطلاق من مدرسة الاسلام في الفداء والاستشهاد، لان خريجي هذه المدرسة وجنودها هم الذين سبق لهم ­ تاريخيا ­ التصدي لكل الاحلام الصليبية والاستعمارية علي ارض فلسطين.

ففي

مدرسة الجهاد هذه تعلم المسلمون ويتعلمون ان الاذن بالقتال..والامر بالقتال.. والتحريض علي القتال وقف وخاص لرد عدوان الذين يخرجون المسلمين من ديارهم، او يظاهرون ويساعدون علي اخراجهم من ديارهم، او يفتنونهم في دينهم بالعدوان علي مقدساتهم.'أجذِنّ للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله علي نصرهم لقدير. الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز'­ الحج : 39، 40 ­ 'وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين. واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث اخرجوكم والفتنة اشد من القتل' ­ البقرة: 190 ، 191­ 'لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين. انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين واخرجوكم من دياركم وظاهروا علي اخراجكم ان تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون' ­ الممتحنة: 8، 9

الجهاد ضد الاستعمار

ولقد وجبت علي ارض فلسطين وفي شعبها فريضة الجهاد القتالي لكل هذه الاسباب..فاليهود يخرجون المسلمين من ديارهم بالاستعمار الاستيطاني، وهم يفتنون المسلمين في دينهم بالعدوان علي مقدساتهم والسلطات الاستعمارية الصليبية تظاهر وتساعد اليهود علي إخراج المسلمين من ديارهم وفتنتهم في دينهم.

وزاد من مبررات قناعة هذا الفصيل الجهادي الفلسطيني أن طريق الجهاد والفداء والاستشهاد قد تعين وتأكد، حقيقة ان الصهاينة هم 'اشد الناس عداوة للذين آمنوا'.. وانهم قتلة الانبياء.

'ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون' ­ البقرة: 61 ­

ولقد عادت الذاكرة الاسلامية بهذا الفصيل الجهادي إلي صدر الاسلام.. وإلي منهاج الاسلام في تربية المجاهدين يوم كان المسجد هو الميدان الذي يتربي فيه ابطال الفداء والاستشهاد.. ويوم كان قيام الليل هو صانع ­ المجاهدين الذين هم 'اشد وطأة واقوم قيلا' والذين ينهضون ­ لذلك مع قلة العدد والعدة ­ بالحمل الجهادي الثقيل 'يا أيها المزمل قم الليل الا قليلا. نصفه او انقص منه قليلا. او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا انا سنلقي عليك قولا ثقيلا. ان ناشئة الليل هي اشد وطأ واقوم قيلا' ­ المزمل : 1­.6

طريق النصر والشهادة

عادت ذاكرة الفصيل الجهادي الفلسطيني إلي معالم هذه المدرسة الجهادية الاسلامية الاولي، وإلي اسوتها الحسنة، خاتم الانبياء والمرسلين، وامام المجاهدين، محمد بن عبدالله، صلي الله عليه وسلم ورأوا كيف كان موقف القلة المؤمنة التي تخرجت في هذه المدرسة امام احزاب الشرك والضلال المتفوقة في العدد والعتاد ­ والتي تحالفت يومها أيضا مع اليهود! ­ 'لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا. ولما رأي المؤمنون الاحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ومازادهم الا ايمانا وتسليما. من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا' ­ الاحزاب: 21 ­ ..23

تحرير القدس وفلسطين

انه الطريق الوحيد المفضي إلي احدي الحسنيين: النصر وقهر العدو وتحرير القدس وفلسطين..او الشهادة التي لا يعدلها مقام في المثل العليا للمؤمنين بالاسلام.. وكيف لا!..و'الشهيد' اسم من اسماءالله سبحانه وتعالي.. والشهيد: هو الذي يقتل في سبيل الله، سمي بذلك لان الملائكة تشهده وتحضره ساعة استشهاده..ولانه ­ ايضا ­ يشهد ما اعده الله له من النعيم المقيم عند اول قطرة دم تسيل من جسده! ان اعداءه اموات حتي ولو كانوا 'احرص الناس علي حياة' ­ اية حياة !..بينما الشهيد حي عند مولاه حتي ولو غادر هذه الحياة الدنيا إلي الدار التي هي خير وابقي 'ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع اجر المؤمنين الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما اصابهم القرح للذين احسنوا منهم واتقوا اجر عظيم الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم' ­ آل عمران: 169 ­ ..174

درب عمر بن الخطاب

انهم ان انتصروا وحرروا القدس وفلسطين، فسيكونون علي درب عمر بن الخطاب '40 ق ه ­ 23 ه/584 ­ 644م' وأبو عبيدة بن الجراح '40 ق ه ­18ه/584 ­ 639م' امين الامة.. وصلاح الدين الايوبي '532 ­ 589 ه/ 1137 ­ 1193م' بطل الاسلام.. وان كانت الشهادة فسيكونون 'مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. ذلك الفضل من الله وكفي بالله عليما' ­ النساء: 69، 70 ­ 'والذين آمنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم اجرهم ونورهم' ­ الحديد ­ ..19ولقد كان هذا هو المبدأ الراسخ لجماعة الجهاد الفلسطينية الجديدة التي بدأ تكوينها في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي بقيادة المناضل الفلسطيني ا لشهيد عز الدين القسام وذلك لان رسول الله، صلي الله عليه وسلم،وهو امام المجاهدين يقول: 'من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون اهله فهو شهيد' رواه الترمذي.. ويقول: 'ما من مسلم يظلم بمظلمة فيقاتل فيقتل الا قتل شهيدا' ­ رواه الامام احمد. فما بالنا اذا كانت المظلمة قد وقعت علي الارض التي بارك الله فيها وحولها ­ القدس وفلسطين ­ وعلي ما فيها من اهل ومال ودماء زكية.. جاءت 'الصليبية ­ الصهيونية' لتغتصب الارض المقدسة..ولتخرج اهلها منها..ولتفتنهم في دينهم بتدنيس المقدسات واغتصابها..ولتسيل من المسلمين الدماء علي الارض التي حررها 'الفاروق' و'امين الامة' وصلاح الدين!

الشهيد عز الدين القسام

ان الشهادة في هذه المدرسة الجهادية هي الطريق.. وهي ليست فقط مرغوبة ومحبوبة بل ان تكرارها مرغوب ومحبوب.. ألم يقل رسولنا، صلي الله عليه وسلم، ' والذي نفس محمد بيده، لوددت ان اغزو في سبيل الله فأقتل ثم اغزو فأقتل، ثم اغزوا فأقتل' ­ رواه البخاري ومسلم ­ وقال ­ ايضا­ 'ما من احد يدخل الجنة يحب ان يخرج منها، وان له ما علي الارض من شئ غير الشهيد، يحب ان يخرج فيقتل لما يري من الكرامة ومن فضل الشهادة' ­ رواه البخاري ومسلم.

في مدرسة الجهاد والاستشهاد والفداء هذه تخلقت طلائع الجهاد والاستشهاد علي ارض فلسطين ابان الاضرابات والاضطرابات التي عمت الارض المقدسة سنة 1935م.

ولقد حاولت هذه المدرسة الجهادية ­ منذ ذلك التاريخ ­ ان تستخلص القضية الفلسطينية للشعب والامة. وان تنقذها من عبث النظم والحكومات، التي 'غدت أسيرة للعجز والتبعية' والتي تشكو من الاستعمار إلي الاستعمار! والتي تستجدي تحرير الارض من لصوص الارض!!

وكان ذلك التوجه الجهادي، اعلانا اسلاميا علي ان الجهاد هو الطريق الوحيد لاستخلاص الحق السليب في القدس وفلسطين.

ولقد كانت اللحظة التي تخلق فيها هذا الفصيل الجهادي ­ علي ارض فلسطين­ لحظة فارقة في عمر هذا الصراع التاريخي حول هذه الارض المباركة ومقدساتها.. هذا الفصيل الذي قاده الشهيد عزالدين القسام

يتبع ..

..............

من مقال للدكتور محمد عمارة

[أسامة الكباريتي]

موضوع كبير للدكتور عمارة ..

لكن لزم تصويب بسيط:

تصويب:

ورد في المقال أن الشيخ عز الدين القسام فلسطيني الجنسية .. لكن الحقيقة أن الشيخ الشهيد سوري الجنسية من بلدة "جَبَلَة" جنوب اللاذقية ..

ولأن الجهاد عقيدة لا وطن لها .. فإن الشيخ البطل يحمل جنسية الجهاد .. ونحسبه في الجنة ولا نزكي على الله أحدا ..