اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

اسئلة فى الحاكمية


drmsaber

Recommended Posts

التوحيد في الحاكمية

السؤال :

سمعنا كثيراً في السنوات الأخيرة عن مصطلح ( توحيد الحاكمية ) فما حقيقة هذا التوحيد ؟ و ما حكم استعمال هذا المصطلح في الطرح الإسلامي المعاصر ؟

الجواب :

أقول مستعيناً بالله تعالى :

لفظ ( الحاكميّة ) من الألفاظ المولّدة القائمة على غير مثال سابق في اللغة العربية ، و أول من استخدمها في خطابه السياسي و الديني هو العلامة الهندي الشهير أبو الأعلى المودودي ، ثم أخذها عنه الأستاذ سيد قطب رحمهما الله فبثها في كتاباته كمَعْلَم من معالم العمل الإسلامي الذي جاد بنفسه في الدعوة إليه و التركيز عليه .

هذا عن أصل استعمال ( الحاكمية ) كلفظٍ في لغة العرب ، و قد أصبحت مرادفة للحكم في اصطلاح كثير من المتأخرين ، و إذا وقف الأمر عند حد إطلاق هذا المصطلح على المراد الشرعي منه ، و هو إفراد الله بالتحكيم و التشريع فلا بأس في ذلك إذ لا مشاحّة فى الاصطلاح كما هو مقرر عند الأصوليين .

و ممّا لا خلاف فيه بين الموحدين قاطبةً وجوب توحيد الله تعالى في التحكيم و الرد إلى شريعته المحكمة المنزلة في كتابه المبين ، و سنة نبيّه خاتم المرسلين صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم ، قال تعالى : ( و لا يشرك في حكمه أحداً ) و في قراءة ابن عامر ، و هو من القراء السبعة : ( و لا تُشرك في حكمه أحداً ) ، و قال سبحانه : ( ألا له الخلق و الأمر ) ، و قال أيضاً : ( إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم و لكن أكثر الناس لا يعلمون ) .

فمن أعطى حق التشريع أو الحكم فيما شجر بين الخلق لغير الخالق أو أقر بذلك أو دعا إليه أو انتصر له أو سلّم به دونما إكراهٍ فقد أشرك بالله شركاً أكبر يخرجه من ملة الإسلام ، و العياذ بالله .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [ في منهاج السنّة النبويّة : 5 / 130 ] : ( و لا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر ، فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتّباع لما أنزل الله فهو كافر فإنه ما من أمة إلا و هي تأمر بالحكم بالعدل ، و قد يكون العدل في دينها ما يراه أكابرهم ... فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز لهم الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله منهم كفار ) .

و قال العلاّمة الشنقيطي رحمه الله [ في أضواء البيان : 7 / 162 ] : ( الإشراك بالله في حكمه و الإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد لا فرق بينهما ألبتة ، فالذي يتبع نظاماً غير نظام الله ، و تشريعاً غير تشريع الله ، و من كان يعبد الصنم ، و يسجد للوثن لا فرق بينهم ألبتة ؛ فهما واحد ، و كلاهما مشرك بالله ) .

و قال رحمه الله أيضاً [ في أضواء البيان : 7 / 169 ] : ( لما كان التشريع و جميع الأحكام ؛ شرعية كانت أو كونية قدرية ، من خصائص الربوبية ، كما دلت عليه الآيات المذكـورة ، كان كل من اتبــع تشـريعاً غير تشــريع الله قد اتخذ ذلك المشرِّع رباً ، و أشركه مع الله ) .

و خلاصة ما بينه رحمه الله تعقيباً على الآيات البينات التي سقناها آنفاً يوجزه قوله : ( إن متبعي أحكام المشرعين غير ما شرعه الله مشركون بالله ) .

و ليس بعيداً عنه قول مفتى الديار السعودية في زمنه الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : ( أما الذي جعل قوانين بترتيب و تخضيع فهذا كفر و إن قالوا أخطأنا و حكم الشرع أعدل ؛ فهذا كفر ناقل عن الملة ) .

و للمشائخ المعاصرين حفظ الله حيهم و نفع به و رحم ميتهم و أجزل مثوبته من الكلام في وجوب توحيد الله في الحكم و التشريع ، و تسمية العدول عنه شركاً ، و الحكم على صاحبه بالكفر الأكبر الناقل عن الملة الشيء الكثير مما لا يسمح المقام بتتبعه و سرده مطولاً ، و من أراد التوسع فعليه بفتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله و رسائله ، و بخاصة رسالة نقد القومية العربية .

قلت : و إذا تقرر وجوب إفراد الله بالتحكيم و أن من الكفر الأكبر أن يُشرَكَ في حكمه أحدٌ من خلقه سواءً كان ملكاً أو رئيساً أو سلطاناً أو زعيماً أو مجلساً تشريعياً أو سلطةً مدنية أو عسكرية أو فرداً من العامة أو الخاصة أو غير ذلك ، و أن ذلك مما أجمعت عليه الأمة ، و لا يسوغ لأحد أن يخالف أو يجادل فيه ، فلن يكون للخلاف حول إطلاق مصطلح ( توحيد الحاكمية ) أو عدمه أثر في الواقع ، و لا داعي للانشغال بتقرير هذا التوحيد كقسمٍ رابع من أقسام التوحيد المعروفة ، أو رده إلى الأقسام الأخرى ، و خاصة توحيد الربوبية و توحيد الألوهية .

بل يجب أن يبقى الأمر في دائرة المصطلحات السائغة التي لا مشاحة فيها لأحد ، مع التسليم بجدوى التقسيم إذا كان فيه مصلحة معتبرة لطالب العلم كتسهيل دراسته و تحصيله ، أو لضرورة تنبيه الناس إلى ما غاب عنهم أو انشغلوا عنه بغيره من أبواب العلم و العمل .

فإن أبى من جمد على تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام إلا أن يبدّع من خالفه في هذا التقسيم و يغمز قناته بإطلاق لسانه بثلبه أو نبذه بالتحزب و الخروج و نحو ذلك ؛ قلنا له : من أين لك أن تقسيم التوحيد إلى قسمين أو ثلاثة مرده إلى الكتاب أو السنة أو هدي سلف الأمة ؟

أما إن اعتُرض على توحيد الحاكمية كاصطلاح و ليس على مجرد التقسيم إلى قسمين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر أو أقل ، فيقال للمعترض : إن الدعوة إلى إفراد الله و رسوله بالحكم ليس مما ابتدعه المعاصرون بل هو من القدم بمكان .

قال ابن أبي العزّ الحنفي [ في شرح الطحاويّة ، ص : 200 ] في معرِض ذِكرِ ما يجب على الأمّة تجاه نبيّها صلى الله عليه وسلم : ( فنوحّده بالتحكيم و التسليم و الانقياد و الإذعان ، كما نوحّد المرسِلَ بالعبادة و الخضوع و الذلّ و الإنابة و التوكّل ، فهما توحيدان ، لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما : توحيد المرِسل ، و توحيد متابعة الرسول ، فلا نحاكم إلى غيره ، و لا نرضى بحُكم غيره ) .

فإن شغب علينا من يقول : إن الإمام الطحاوي رحمه الله ذكر توحيد الرسول بالتحكيم و لم يكن حديثه عن توحيد الله .

قلنا : الأبعَدُ ثكلته أمه !! و هل ثمة فرق بين تحكيم الله و تحكيم رسوله الذي لا ينطق عن الهوى ؟

و إن قيل : إن الكلام عن الطاعة و التسليم و الانقياد و ليس عن التحكيم بمعناه المستخدم عند المعاصرين و هو التحكيم في التشريع !

قلنا : أوليس ردّ التشريع إلى الله تعالى من صميم التسليم و الانقياد و الإذعان للشارع الحكيم سبحانه ؟!

بل هو من أدق مسائل التوحيد في الربوبية التي تثبت لله دون سواه الحق في التشريع ، و في الربوبية التي توجب صرف هذا الحق لله تعالى على الإفراد و التوحيد ؛ كما هو مقرر في كتب أصول الدين ، و الموفق من وفقه الله لفهم كلام السلف ، و نهج نهجهم ، و سلوك سبيلهم ، على كان عليه ، لا على ما قد يتوهمه بعض الخلف ، و ينسبونه إلى السلف ظناً منهم أو زعماً أنه منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم .

هذا و الله الهادي إلى سواء السبيل ، و بالله التوفيق .

كتب

د . أحمد بن عبد الكريم نجيب

http://saaid.net/Doat/Najeeb/f112.htm

اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم وكلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته اللهم أنت تكشف المغرم والماثم، اللهم لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك وبحمدك.

0_bigone.gif

رابط هذا التعليق
شارك

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ :

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا "

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا "

أَمَّا بَعْدُ :

فإن العالم الإسلامي يرزح تحت وطئة الكفر والردة بسبب ترك تحكيم الشرع المطهر في البلاد المنتمية للإسلام فضلا عن غيرها وجعل الحكم للتشريعات الكافرة ، وإذا طالب بعض المسلمين بتحكيم الشرع عليهم قامت دول الكفر مجتمعة لحربهم(1) ، ومع الأسف فأن الدول المنتمية للإسلام تخلت عن دين الله تعالى في كل أمرها إلا في الأمور الشخصية من العبادات أو الأحوال الشخصية ، وإن كان بعضها قد غير حتى الأحوال الشخصية فمنع النكاح من الثانية إلا بموافقة الأولى ، أو حرم النكاح من الثانية والطلاق إلا بإذن القاضي !!

وحُكِمَ الناس بالقوانيين الوضعية الكافرة اتباعا للشيطان وعزوفا عن أوامر الرحمن ونقول لهم كما قال إبراهيم لأبيه

( يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً ) (مريم:44)

فآزر لم يكن يعبد الشيطان بلا ريب ولكنه كان يتقرب للصالحين ويتحاكم للسدنة والرهبان .

وقد بات المسلمون في شر حال فشرك في الربوبية والإلهية وحرب على الله تعالى وبات المصلحون يرددون متى نصر الله ؟؟

( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) (البقرة:214)

والدين لله تعالى وهو ناصره بلا ريب ، ولكن المخذول من خذل نفسه وتبع هواه وتمنى على الله الأماني ، والله وعد فقال :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) (محمد:7)

ولكن أين نصر الله من حال المسلمين ؟؟ .

فربا عام ، وقمار منتشر، وخمر يشرب ويباع ، وخِمار قد حرق ، وصلاة هجرت وزكاة منعت ، وخضوع وموالاة لعباد الصليب ، وبقي دين الله في الزوايا لمن أراد ، هذا حال العوام ، أما حال العلماء فأشد وأنكى لأن ضلالهم ضلال للأمة وقد وصف الله تعالى لنا حال جملة من العلماء فقال :

( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الأعراف: 175 ، 176)

وكما قيل : ( زلة العالِم زلة العالَم ) وقد قال ابن المبارك ـ رحمه الله ـ :

وهل أفسد الدين إلا الملوك …… وأحبار سوء ورهبانها

والله سبحانه وتعالى حذر العلماء من مشابهة اليهود فقال :

(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) (آل عمران:187)

قال ابن جرير ـ رحمه الله ـ في تفسيرها : ( عن قتادة: هذا ميثاق أخذ الله على أهل العلم, فمن علم شيئا فليعلمه , وإياكم وكتمان العلم, فإن كتمان العلم هلكة, ولا يتكلفن رجل ما لا علم له به, فيخرج من دين الله, فيكون من المتكلفين, كان يقال: مثل علم لا يقال به كمثل كنز لا ينفق منه, ومثل حكمة لا تخرج كمثل صنم قائم لا يأكل ولا يشرب. وكان يقال: طوبى لعالم ناطق, وطوبى لمستمع واع. هذا رجل علم علما فعلمه وبذله ودعا إليه, ورجل سمع خيرا فحفظه ووعاه, وانتفع به.

وعن أبي عبيدة, قال: جاء رجل إلى قوم في المسجد وفيه عبد الله بن مسعود فقال: إن أخاكم كعبا يقرئكم السلام, ويبشركم أن هذه الآية ليست فيكم:

"وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه"

فقال له عبد الله: وأنت فأقرئه السلام, وأخبره أنها نزلت وهو يهودي.) (2)

وقال القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسيرها : ( قال الحسن وقتادة: هي في كل من أوتي علم شيء من الكتاب. فمن علم شيئا فليعلمه, وإياكـم وكتمان العلم فإنه هلكة. وقال محمد بن كعب:

لا يحل لعالم أن يسكت على علمه, ولا للجاهل أن يسكت على جهله ) (3)

وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيرها : ( هذا توبيخ من الله وتهديد لأهل الكتاب الذين أخذ الله عليهم العهد على ألسنة الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وأن ينوهوا بذكره في الناس فيكونوا على أهبة من أمره فإذا أرسله الله تابعوه فكتموا ذلك وتعوضوا عما وعدوا عليه من الخير في الدنيا والآخرة بالدون الطفيف والحظ الدنيوي السخيف فبئست الصفقة صفقتهم وبئست البيعة بيعتهم. وفي هذا تحذير للعلماء أن يسلكوا مسلكهم فيصيبهم ما أصابهم ويسلك بهم مسلكهم فعلى العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع الدال على العمل الصالح ولا يكتموا منه شيئا فقد ورد في الحديث المروي من طرق متعددة عن

النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ(4))(5)

ولكن بحمد الله ما زال في العالم من علماء الأمة من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويجادل بالحق وهو على يقين بموعود الله ، وما زال في عوامها من يريد رضا الله تعالى ، وقدأخرج مسلم

أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :(مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَلَا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) (6)

ولا شك أن تشريع قوانين وضعية وإجبار الناس على التحاكم إليها كفر بالله العظيم وردة عن دين الإسلام ومنازعة للرب جل وعلا في سلطانه وربوبيته(7)، وكلامنا فيمن تحاكم ، وليس فيمن شرع أو حكم بالقوانين الوضعية فهو كافر كمن شرع(8) ، أما من حكم في قضايا معينة فهذا إما كافر أو ظالم أو فاسق كل بحسبه ، وليس هذا مقام التفصيل .

وإني لا أعلم أن أحدا سبقي بإفراد هذه المسألة لذا أنشرها بين طلبة العلم عبر الانترنت لعل فيهم من يكمل نقصا أو يسد خلال أو يهدي عيبا .

وسبق وأن طبعت عددا من النسخ لجملة من العلماء وأنتظر ردا منهم .

كتبه

عبدالرحمن بن محمد الهرفي

[1] كما شاهدت في دولة نيجريا مع ضعف المسلمين وقلة الحيلة وغلبة الجهل إلا أنهم طالبوا بتحكيم الشرع فيهم ، فما رضيت دول الكفر وهددتهم بالويل والثبور .

[2] تفسير الطبري

[3]

[4] أخرجه أبو داود برقم : 3658 بترقيم محي الدين .

[5] تفسير القرآن العظيم ـ

[6] صحيح مسلم برقم : 1037 بترقيم عبدالباقي .

[7] قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ عن أنواع الحكم بغير ما أنزل الله المخرجة من الملة : ( الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقّة لله ورسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعدادا وإمدادا وإرصادا وتأصيلا، وتفريعا وتشكيلا وتنويعا، وحكما وإلزاما، ومراجع ومستندات ـ فكما أنّ للمحاكم الشرعية مراجعَ مستمدّات، مرجعها كلُّها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجعٌ، هي: القانون المُلفّق من شرائعَ شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك.فهذه المحاكم في كثير من أمصار الإسلام مهيّأة مكملة، مفتوحةُ الأبواب، والناس إليها أسرابٌ إثْر أسراب، يحكُمُ حُكّامُها بينهم بما يخالف حُكم السُنّة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتُلزمهم به، وتُقِرُّهم عليه، وتُحتِّمُه عليهم.. فأيُّ كُفر فوق هذا الكفر، وأيُّ مناقضة للشهادة بأنّ محمدًا رسولُ اللهِ بعد هذه المناقضة.وذِكْرُ أدلّة جميع ما قدّمنا على وجه البسْطِ معلومةٌ معروفة، لا يحتمل ذكرها في هذا الموضوع. فيا معشر العُقلاء، ويا جماعات الأذكياء وأولي النهى كيف ترضون أنْ تجري عليكم أحكامُ أمثالكم، وأفكارُ أشباهكم، أو مَن هم دونكم، مِمّن يجوز عليهم الخطأ، بل خطأهم أكثرُ من صوابهم بكثير، بل لا صواب في حُكمهم إلاّ ما هو مُستمدٌّ من حُكم اللهِ ورسولهِ، نصًّا أو استنباطًا، تَدَعونهم يحكمون في أنفسكم ودمائكم وأبشاركم، وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم، وفي أموالكم وسائر حقوقكم؟؟ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بحُكم الله ورسوله، الذي لا يتطرّق إليه الخطأ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ..وخُضوع الناس ورضوخهم لحكم ربِّهم خضوعٌ ورضوخٌ لِحُكم مَنْ خلقهم تعالى ليعبدوه فكما لا يسجدُ الخلقُ إلاّ للهِ، ولا يعبدونَ إلاّ إياه ولا يعبدون المخلوق، فكذلك يجب أن لا يرضخوا ولا يخضعوا أو ينقادوا إلاّ لحُكم الحكيم العليم الحميد، الرءوف الرحيم، دون حُكم المخلوق، الظلوم الجهول، الذي أهلكته الشكوكُ والشهواتُ والشبهات، واستولت على قلوبهم الغفلة والقسوة والظلمات فيجب على العُقلاء أن يربئوا بنفوسهم عنه، لما فيه من الاستعباد لهم، والتحكم فيهم بالأهواء والأغراض، والأغلاط والأخطاء، فضلاً عن كونه كفرًا بنصِّ قوله تعالى: {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فأُولئكَ هُمُ الكافِرونَ}.

[8] وقد قف شعري لما قرأت ما كتبه المستشار محمود عبدالحميد غراب في كتابه بعنوان : إدانة إسلامية للقوانبن الوضعية ، فقد حكم بحد الجلد على من شرب الخمر فرد حكمه وكان مما قيل له : ( إن الحكم ينم على أن كاتبه أو قائله لم يعرف شيئا عن علم العقاب فهذه الجريمة من الجائز الحكم فيها بالحبس ستة أشهر ، المشرع الوضعي شدد العقوبة حماية للمجتمع !!!! ، فلماذا لم يقض إن أراد التشديد بأقصى عقوبة ؟؟ ) فراجعه إن شئت واستعذ بالله العظيم من الشرك وأهله .

تم تعديل بواسطة drmsaber

اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم وكلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته اللهم أنت تكشف المغرم والماثم، اللهم لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك وبحمدك.

0_bigone.gif

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 20
      نظرا لانتشار هذا المرض في قطاع كبير من الشعب المصري (اعلى نسبة اصابة على مستوى العالم) تصل الى اكثر من 30 بالمائة في بعض قرى الارياف و حسب الاحصائيات الرسمية 12 بالمائة فقط :blink: و عامة حتى لو سلمنا بهذه النسبة فهي اعلى بمراحل من نسبة الاصابة باي بلد اخر فمثلا في اليابان حيث يعتبر هذا المرض احد المشاكل القومية، لا تزيد النسبة عن 2 بالمائة ;) و لطبيعة هذا المرض المزمنة مما يؤدي لتعايش المرضى مع المرض لسنوات عديدة و نظرا لانخفاض نسبة الوعي الصحي عند كثير من المصريين و استجابة لطلب اخوة ا
    • Guest محمد
      0
      السلام عليكم انا اخي يا رفاق تعليم عالي، و جاله عقد عمل في الكويت في شركة المفروض انها عالمية و محترمة، الراتب الاساسي بتاعه 250 دينار بس هو متخوف من كذا حاجة و انا خايف عليه لانه اصغرنا و المدلع وكدا  اسئلتي هي بعد اذنكم يعني ، هي   1- هل الراتب الاساسي يكفيه ؟ علما بانه دايما عايش لوحده غالبا هياخد استوديو لوحده 2-هو بيعمل بحث و سأل كام واحد صاحبه هناك و كلامهم مكنش مخليه متفائل، بيقولوله ان المعاملة سيئة جدا بالنسبة للمصريين، و في ذل و قرف و كمان هو بيشوف اخبار الناس
    • 2
      دي قصه واحد غـــــــبـــــــي شارك في مسابقه ثقافيه عشان تعرفوا لأي درجه بعض الناس توصل للغباء...!! بسم الله نبدا س1: كم استمرت حرب المئه عام؟ أ- 116 ب-99 ج- 100 د- 151 فكر صاحبنا كثير ثم اختار تخطي هذا السؤال لانه اول مره يمر عليه! <حرب المئه عام يعني بالله كم مدتها> س2:اين تصنع قبعات بنما؟ أ-البرازيل ب-تشيلي ج-الاكوادور د-بنما اختار هذا الفالح انه يستعين بأصدقائه بالجامعه على هذا السؤال س3: في اي شهر يحتفل الروس بثورة اكتوب
    • 1
      السلام عليكم انا طبيب وعندى اختبار ACLS بعد 10 ايام واريد ملف الاسئلة الخاص بالدورة....السعودية محتاجة ضروري ضروري جزاكم الله خيرا
    • 3
      • ما صلاحية تصريح الزيارة بعد صدوره من وزارة الخارجية؟ • 90 يوماً. • ما صلاحية تأشيرة الدخول بعد الحصول عليها من السفارة ؟ • تحدد من قبل السفارة وتدون على التأشيرة وغالباً ما تكون 90 يوماً. • ما مدة الإقامة في المملكة ومتى تحسب ؟ • مدة الإقامة مدونة على تأشيرة الدخول وتحسب من تاريخ دخول المملكة. • كيف أحصل على رقم الطلب إذا نسيته ؟ • يجب الاحتفاظ برقم الطلب قبل تقديمه وفي حال نسيانه عليك التقدم بطلب جديد. • ما هي الأوراق المطلوبة للحصول على تصريح استقدام العائلة للإقامة؟ • الإجراء حاليا
×
×
  • أضف...