كتاب تيسير العلام

[Howayda Ismail]

الحديث الثامن والعشرون بعد المائتين

......................................

عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال ( تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع

بالعمرة الى الحج واهدى فساق معه الهدى من ذى الحليفة وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم

واهل بالعمرة ثم اهل بالحج فتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاهل بالعمرة الى الحج

فكان من الناس من تمتع فساق الهدى من ذى الحليفة ومنهم من لم يهد فلما قدم رسول الله

صلى الله عليه وسلم قال للناس :

من كان منكم اهدى فانه لايحل من شئ حرم منه حتى يقضى حجه ومن لم يكن اهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة

وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهد فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة ايام فى الحج وسبعة اذا رجع

الى اهله فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة واستلم الركن اول شئ

ثم خب ثلاثة اشواط من السبع ومشى اربعة وركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين

ثم انصرف فاتى الصفا وطاف بالصفا والمروة سبعة اشواط ثم لم يحل من شئ حرم منه حتى قضى

حجه ونحر هديه يوم النحر وافاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شئ حرم منه وفعل مثل مافعل

رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق الهدى من الناس )

[Howayda Ismail]

الحديث التاسع والعشرون بعد المائتين

.....................................

وعن حفصة زوج النبى صلى الله عليه وسلم انها قالت :

( يارسول الله ماشأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل انت من عمرتك ؟ قال :

( انى لبدت رأسى وقلدت هديى فلا احل حتى انحر )

المعنى الاجمالى

..................

لما خرج النبى صلى الله عليه وسلم الى ذى الحليفة ( ميقات اهل المدينة ) ليحج حجته التى ودع فيها

البيت ومناسك الحج وودع فيها الناس وبلغهم برسالته واشهدهم على ذلك احرم النبى صلى الله عليه وسلم

بالعمرة والحج فكان قارنا والقران تمتع

فتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

فبعضهم احرم بالنسكين جميعا وبعضهم احرم بالعمرة ناويا الحج بعد فراغه منها

وبعضهم افرد الحج فقط خيرهم بين الانساك الثلاثة

وساق صلى الله عليه وسلم وبعض اصحابه الهدى من ذى الحليفة وبعضهم لم يسقه فلما دنوا من مكة

حض من لم يسق الهدى من المفردين والقارنين الى فسخ الحج وجعلها عمرة فلما طافوا اكد عليهم ان يقصروا

من شعورهم وليتحللوا من عمرتهم ثم يحرموا بالحج ويهدوا لاتيانهم بنسكين بسفر واحد

فمن لم يجد الهدى فعليه صيام عشرة ايام ثلاثة فى ايام الحج يدخل وقتها باحرامه بالعمرة

وسبعة اذا رجع الى اهله

فلما قدم صلى الله عليه وسلم مكة استلم الركن وطاف سبعة خب ثلاثة لكونه الطواف الذى بعد

القدوم ومشى اربعة ثم صلى ركعتين عند مقام ابراهيم ثم اتى الى الصفا فطاف بينه وبين المروة

سبعا يسعى بين العلمين ويمشى فيما عداهما ثم لم يحل من احرامه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر

فلما خلص من حجه ورمى حمرة العقبة ونحر هديه وحلق راسه يوم النحر وهذا هو التحلل الاول

افاض فى ضحوته الى البيت فطاف به ثم حل من كل شئ حرم عليه حتى النساء وفعل مثله من ساق الهدى من

اصحابه وذهبت طائفة الى النبى صلى الله عليه وسلم حج ( قارنا ) وهذا هو الصحيح الذى يسهل

رد الادلة الصحيحة اليه

وقد ساق له ( ابن القيم 9 من الادلة مايزيد على عشرين حديثا صحيحة صريحة فى ذلك وكثير منها

فى الصحيحين او احدهما

منها : مارواه مسلم من حديث ابن عمر : ( انه قرن الحج بالعمرة وطاف لهما طوافا واحدا

ثم قال : هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم )

ومااخرجاه فى الصحيحين عن حفصة : قلت للنبى صلى الله عليه وسلم :

( ماشأن الناس حلوا ولم تحل انت من عمرتك ؟ قال : انى قلدت هديى ولبت راسى فلا احل حتى احل من الحج )

وهذا يدل علىانه كان فى عمرة معها حج

وقال صلى الله عليه وسلم : ( لو استقبلت من امرى مااستدبرت لما سقت الهدى ولحللت معكم )

وهذا صريح فى انه استمر فى حجه ( ولم يتحلل الا يوم النحر ) وقد قال صلى الله عليه وسلم

( سقت الهدى وقرنت )

وقد قال الامام احمد : ( لاشك ان النبى صلى الله عليه وسلم كان قارنا )

الاسلام ( ابن تيمية ) رحمه الله من الذين يرون انه حج قارنا ويوفق بين الروايات التى ظاهرها الاختلاف فيقول:

والصواب ان الاحاديث فى هذا الباب متفقة الا باختلاف يسير يقع مثله فى غير ذلك

فان الصحابة ثبت عنهم ( انه تمتع ) والتمتع عندهم يتناول القرآن والذين روى عنهم ( انه افرد 9

روى عنهم انه تمتع ويريدون افراد اعمال الحج بحيث لم يسافر للنسكين سفرين

ولم يطف لهما طوافين ولم يسع لهما سعيين

مايؤخذ من الحديث

...................

(1)كون النبى صلى الله عليه وسلم احرم متمتعا وهو القران وياتى تحقيق الخلاف ان شاء الله تعالى

(2)مشروعية سوق الهدى من الحل فهو فعل النبى صلى اله عليه وسلم

(3) جواز الانساك الثلاثة:

( التمتع- القران - الافراد ) اذ اقر النبى صلى الله عليه وسلم عليها كلها وياتى الخلاف فى بيان فضلها

(4)مشروعية فسخ الحج الى العمرة لمن لم يسق الهدى وتحلله وبقاء من ساقه على احرامه حتى ينتهى من حجه

يوم النحر فيحل وقال شيخ الاسلام وهكذا يقولون فى كل متمتع ضاق عليه الوقت فلم يتمكن من

الطواف قبل الوقوف بعرفة فانهم بامرونه بادخال الحج على العمرة ويصير قارنا

وياتى تحقيق الفسخ هل هو للوجوب ام للاستحباب ان شاء الله تعالى

(5) ان فسخ الحج لمن لم يسق الهدى يكون ولو بعد طواف القدوم والسعى وينقلبان للعمرة

(6) ان على من لم يجد الهدى صيام عشرة ايام ثلاثة فى الحج وسبعة بعد الرجوع الى اهله

فاما الثلاثة لاتصح قبل الاحرام بالعمرة بالاجماع واتفقوا على مشروعيتها بعد الاحرام بالحج

وهل يجزئ قبله او لا ظ قولان : ومذهبنا جوازه لوجود سببه وهو الاحرام بالعمرة لان موجب الفدية

هنا هو الاتيان بالعمرة والحج فى سفر واحد والصيام بعد الاحرام بالعمرة شبيه باخراج كفارة

ايمين بعد عقده وقبل الحدث

(7)مشروعية طواف القدوم لغير المتمتع الذى لم يسق الهدى وهو سنة لانه تحية المسجد الحرام

(8)استلام الحجر الاسود فى اول الطواف وتقدم مشروعية ذلك فى كل طوافه ان سهل

(9)الرمل فى الثلاثة من طواف القدوم والمشى فى الاربعة الباقية

(10)مشروعية ركعتى الطواف عند مقام ابراهيم

(11)السعى بين الصفا والمروة بعد طواف القدوم سبعا وهو احد اركان الحج على الصحيح ورجح

الموفق بن قدامة انه واجب وليس بركن

(12)الموالاة بين الطواف والسعى مستحب وقيل : شرط

(13)ان سائق الهدى يتحلل من حجه يوم النحر بعد الرمى والنحر للتحلل الاول

(14)طواف الافاضة هو الركن الاعظم للحج والسنة الافضل ان يكون يوم النحر بعد الرمى والنحر

(15)التحلل الكامل بعد طوا الافاضة من كل شئ حرم عليه باحرامه

(16)ان هذه الافعال من النبى صلى الله عليه وسلم تشريع لامته فكل من احرم كاحرامه فعليه مثل

ماعليه لحديث ك ( خذوا عنى مناسككم )

[Howayda Ismail]

باب الهدى

..............

الهدى : ماهدى الى البيت الحرام من الابل والبقر والغنم وغيرها

ويراد بتقديمه الى البيت التوسعة والاحسان الى جيرانه وزائريه من الفقراء

والمساكين وهو من افضل القرب عند الله تعالى لان الدقة والانفاق م افضل العبادات

لاسيما اذا كان فى البلد الحرام وعلى المنقطعين لعبادة اله تعالى

والمجاورين لبيته

تم تعديل 15 أكتوبر 2011 بواسطة Hend Ali

[Howayda Ismail]

الحديث الثلاثون بعد المائتين

..............................

عن عائشة رضى الله عنها قالت

( فتلت قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اشعرها وقلدها - او قلدتها ثم بعث بها الى بيت

واقام بالمدينة فما حرم عليه شئ كان له حلالا )

القلائد : جمع قلادة وهى مايحاط به العنق وتكون من الخيوط والحديد

والمراد هنا قلائد الهدى وتوضع على خلاف العادة وكانوا يجعلونها من القرب والنعال وخيوط الصوف

ليعلم انها هدى فتحترم

اشعرتها : الاشعار معناه : الاعلام والعبادات شعائر الله لانها علامات طاعته

والشعيرة هنا مايهدى الى البيت من بهيمة الانعام فتعلم

وذلك بازالة شعر احد جانبى سنام البدنة او البقرة وكشطه حتى يسيل منه الدم

ليعلم الناس انها مهداة الى البيت فلا يتعرضوا له

فتلت : لويت

المعنى الاجمالى

................

كان النبى صلى الله عليه وسلم يعظم البيت العتيق ويقدسه فكان اذا لم يصل اليه بنفسه

بحث اليه الهدى تعظيما له وتوسعة على جيرانه

وكان اذا بعث الهدى اشعرها وقلدها ليعل الناس انها هدى الى البيت الحرام فيحترمونها ولايتعرضوا لها

بسوء فذكرت عائشة رضى الله عنها تاكيدا للخبر : انها كانت تفتل قلائدها

وكان اذا بعث بها وهو مقيم فى المدينة لايتجتنب الاشياء التى يجتنبها المحرم من النساء

والطيب ولبس المخيط ونحو ذلك بل يبقى محلا لنفسه كل شئ كان حلالا له

مايؤخذ من الحديث

..................

(1)استحباب بعث الهدى الى البيت الحرام من البلاد البعيدة واو لم يصحبها المهدى

لان الاهداء الى البيت صدقة على مساكين الحرم وتعظيم للبيت وتقرب الى تعالى باراقة

الدماء فى طاعتع

(2)استحباب اشعار الهدى وتقليده بالقرب والنعال ولحاء الشجر مماهو خلاف عادة الناس

ليعرفوه فيحترموه

(3)ان المهدى لايكون محرما يبعث الهدى لان الاحرام هو نية النسك

(4)ان المهدى يحرم عليه ايضا مايحرم على المحرم من محظورات الاحرام قال ابن المنذر

قال الجمهور : لايصير بتقلد الهدى محرما ولايجب عليه شئ وقال بعض العلماء :والى ذلك فقهاء الامصار

(5)جواز التوكيل فى سوقها الى الحرم وذبحها وتفريقها

(6)ان الشرع يكون حيث المصلحة المحضة او المصلحة الراجحة فان اشعار الابل والبقر المهداة

فيه تعذيب لها ولكن مصلحة اشعارها لتعظيمها واظهار طاعة الله فى اهدائها راجح على هذه المفسدة اليسيرة

(7)ان الافضل بعثها مقلدة من امكنتها لاتقليدها عند الاحرام لتكون محترمة على من تمر به

فى طريقها وليحصل التنافس فى انواع هذه القرب المتعدى نفعها

[Howayda Ismail]

الحديث الحادى والثلاثون بعد المائتين

......................................

عن عائشة رضى الله عنها قالت

( اهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة غنما )

المعنى الاجمالى

................

اكثر ماكان يهديه النبى صلى الله الله عليه وسلم الى البيت الابل لكونها اعظم نفعا واكثراجرا

وذكرت عائشة رضى الله عنها انه صلى الله عليه وسلم اهدى مرة غنما

والاهداء من من بهيمة الانعام وغيرها جائز ولكن الانعام فيها اظهار شعائر الله تعالى

واراقة الدماء فى مرضاته فهو عبادتان صدقة وسفك دم لوجهه الكريم بعد ان كان يسفك للاصنام والطواغيت

مايؤخذ من الحديث

....................

(1)جواز اهداء الغنم الى البيت الشريف

(2)ان الاكثر من هديه صلى الله عليه وسلم افضل الهدايا والاموال عند العرب هى الابل

[Howayda Ismail]

الحديث الثانى والثلاثون بعد المائتين

.....................................

عن ابى هريرة رضى الله عنه :

ان نبى الله صلى الله عليه وسلم راى رجلا يسوق بدنة فقال : اركبها .قال : انها بدنة

قال : ( اركبها ) فرايته راكبها يساير النبى صلى الله عليه وسلم

وفى لفظ : قال فى الثانية او الثالثة : ( اركبها ويلك ) او ( ويحك )

بدنة : بفتح الباء والدال تطلق على الابل والبقر لعظم ابدانها وضخامتها

والمراد هنا الناقة المهداة الى البيت

ويلك : من الويل والهلاك وهى كلمة تستعمل للتغليظ على المخاطب بدون قصد معناها

وانما تجرى على السنة العرب فى الخطاب لمن وقع فى مصيبة فغضب عليه

ويحك : كلمة يؤتى بها للرحمة والرثاء لحال المخاطب الواقع فى مصيبة

المعنى الاجمالى

..............

مااهدى الى البيت لاينتفع منه بشئ مع عدم الحاجة اليه لانه اخرج لوجه الله فلايرجع اليه

فان كان ثم حاجة الى ركوبه او حلبه فلابأس مادام ذلك لايضره

ولهذا لما راى صلى الله عليه وسلم رجلا يسوق بدنة هو فى حاجة الى ركوبها رخص له فى ذلك

وامره بها ولكون الهدى معظما عندهم لايتعرض له قال : انها بدنة مهداة الى البيت وامره بها

ولكون الهدى معظما عندهم لايتعرض له فعادوه الثانية والثالثة فقال : لركبها مغلظا له الخطاب

مايؤخذ من الحديث

..................

(1)تعظيم العرب للهدى واحترامه فى قلوبهم ثم جاء الاسلام فزاد من احترامه

(2)جواز ركوبه وحلبه مع الحاجة الى ذلك بما لايضره وهذا اعدل المذاهب وفيه تجتمع الادلة

(3)انما قيدناه ( بالحاجة وعدم الضرر )لما روى مسلم عن جابر قال :

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اركبها بالمعروف اذا الجئت اليها حتى تجد ظهرا )

(4)اخذ من هذا الحديث البخارى رحمه الله تعالى جواز انتفاع الواقف بوقفه

[Howayda Ismail]

الحديث الثالث والثلاثون بعد المائتين

.......................................

عن على بن ابى طالب رضى الله عنه قال

( امرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اقوم على بدنه وان اتصدق بلحمها وجلودها وآجلتها

وان لا اعطى الجزار منها شيئا وقال : نحن نعطيه من عندنا )

بدنه : ( بضم الميم جمع بدنة )

اجلتها : المفرد ( جل )بضم الجيم وجمعه ( جلال )بكسرها و( اجلة )جمع الجمع

و( الجل ) هو مايطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه

ان لايعطى الجزار منها شيئا : اى من لحمها عوضا عن جزارته والجزارة اطراف البعير

كالراس واليدين والرجلين ثم نقلت الى ماياخذه الجزار من الاجرة لانه كان ياخذ تلك الاطراف من اجرته

المعنى الاجمالى

..............

قدم النبى صلى الله عليه وسلم مكة فى حجة الوداع ومعه هديه وقدم على بن ابى طالب رضى الله عنه

من اليمن ومعه هدى

فكان هدى النبى صلى الله عليه وسلم مائة بدنة فنحر بيده الشريفة ثلاثا وستين بدنة

وامر عليا ان يقوم على نحر الباقى وان يتصدق بلحمها وجلودها واجلتها ولكونها لله تعالى

فلم يحب صلى الله عليه وسلم استرجاع شئ منها ولذا امره بالتصدق بلحمها وجلودها واجلتها

وبما انها صدقة للفقراء والمساكين فليس لمهديها حق التصرف بها او بشئ منها على طريقة

المعارضة فقد نهاه ان يعطى جازرها منها معاوضة له على عمله وانما وعده ان يعطيه اجرته

من غير لحمها وجلودها واجلتها

مايؤخذ من الحديث

...................

(1)مشروعية الهدى وانه فعل النبى صلى الله عليه وسلم

(2)الافضل كونه كثيرا عظيم النفع فقد اهدى النبى صلى الله عليه وسلم مائة بدنة

(3)ان يتصدق بها وبما يتبعها من جلود واجلة وله ان ياكل من هدى التطوع والتمتع والقران الثلث فاقل

(4)ان لايعطى جازرها شيئا منها على وجه المعارضة بل يتصدق عليه ويهدى اليه منها

قال ابن دقيق العيد ك والذى يخشى منه فى هذا ان تقع المسامحة فى الاجرة لاجل ماياخذه الجازر

من اللحم فيعود الى المعاوضة فى نفس الامر

قال البغوى : اما اذا اعطى اجرته كاملة ثم تصدق عليه ان كان فقيرا فلا باس

(5)جواز التوكيل فى ذبحها والتصدق بها

[Howayda Ismail]

الحديث الرابع والثلاثون بعد المائتين

.......................................

عن زياد بن جبير قال :

( رأيت ابن عمر قد اتى على رجل قد اناخ بدنته ينحرها فقال : ابعثها قياما مقيدة

سنة محمد صلى الله عليه وسلم )

المعنى الاجمالى

................

السنة فى البقر والغنم وغيرهما ماعدا الابل ذبحها من الحلق مضجعة على جانبها الايسر

ومستقبلة القبلة واما الابل فالسنة نحرها فى لبتها قائمة معقولة يدها اليسرى

لان فى هذا راحة لها بسرعة ازهاق روحها

ولذا لما مر عبد الله بن عمر على رجل يريد نحر بدنة مناخخة قال : ابعثها قياما مقيدة

سنة النبى صلى الله عليه وسلم الذى نهج ادب القرآن فى نحرها بقوله : ( فاذا وجبت جنوبها )

يعنى سقطت والسقوط لايكون الا من قيام

مايؤخذ من الحديث

.................

(1) 1سنة النبى صلى الله عليه وسلم نحر الابل قائمة مقيدة لانه من احسان الذبحة والرفق بالحيوان

وتشير الاية الكريمة التى سبق ذكرها وقد اخرج عن البخارى عن ابن عباس ( صواف قياما )

قال سفيان بن عيينة: الصواف بالتشديد - جمع صافة اى مصطفة فى قيامها

(2) كراهة ذبحها باركة لان فيها تطويلا فى ازهاق روحها

(3)عادة الناس الان نحرها باركة معقولة فاذا كانوا غير قادرين على نحرها قائمة

ويخشى عدم التمكن من احسان ذبحها وتطعينها بما يعذبها ولايريحها فالاحسن ان تكون باركة

حسب القدرة والمستطاع

(4) رحمة الله تعالى ورافته بخلقه حتى فى حال ازهاق ارواحه وبمثل هذه الاحكام الرحيمة

والحنان العظيم يعلم انه دين عطف وشفقة لادين وحشية وعنف فمن ينبئ الذين رموه بذلك

وهم يقتلون ابرياء بنى آدم فى عقر دارهم لعلهم يفقهون ؟

[Howayda Ismail]

باب الغسل للمحرم

...................

الحديث الخامس والثلاثون بعد المائتين

....................................

عن عبد الله بن حنين ( ان عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالابواء فقال ابن عباس :

يغسل المحرم راسه وقال المسور : لايغسل راسه . قال : فارسلنى ابن عباس الى ابى ايوب الانصارى

رضى الله عنه . فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستتر بثوب فسلمت عليه . فقال : من هذا ؟

فقلت انا عبد الله بن حنين ارسلنى اليك ابن عباس يسألك : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

يغسل راسه وهو محرم ؟ فوضع ابو ايوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لى راسه .

ثم قال لانسان يصب عليه الماء : اصبب فصب على رأسه . ثم حرك راسه بيديه فأقبل بهما وادبر

ثم قال : هكذا رايته صلى الله عليه وسلم يفعل )

وفى رواية : ( فقال المسور لابن عباس : لا أماريك بعدها ابدا )

القرنان : العمودان اللذان تشد فيهما الخشبة التى تعلق عليها بكرة البئر

الابواء : بفتح الهمزة موضع بين مكة والمدينة يقع شرقى قرية مستورة بنحو ثلاثة كيلو مترات

طأطأه : اى طامنه يعنى الثوب ليرى الرسول راسه من ورائه

اماريك : اجادلك

مايؤخذ من الحديث

...................

(1)جواز غسل المحرم راسه ويستوى فيه ان يكون ترفها او تنظفا او تبردا او عن جنابة

(2)جواز امرار اليد على شعر الراس بالغسل اذا لم ينتف شعرا ويسقطه

(3)فى الحديث دليل على جواز المناظرة فى مسائل الاجتهاد والاختلاف فيها والرجوع الى من يظن عنده العلم بها

(4)قبول خبر الواحد فى المسائل الدينية وان العمل به سائغ شائع عند الصحابة

(5)الرجوع الى النصوص الشرعية عند الاختلاف وترك الاجتهاد والقياس عندها

(6)جواز السلام على المتطهر فى وضوء او غسل ومحادثته عند الحاجة

(7)استحباب التستر وقت الغسل فان خاف من ينظر اليه وجب

(8)جواز الاستعانة فى الطهارة بالغير

(9)سؤال ابن عباس ابا الايوب يفيد ان عنده علما نقليا عن غس المحرم وان ابا ايوب يعرف

ذلك فقد سأله عن كيفية الغسل لا عن اصله

(10)قال شيخ الاسلام : ويستحب الغسل للاحرام ولو كانت ( المحرمة )نفساء حائضا وان احتاج ( المحرم )

الى التنظيف كتقليم الاظافر ونتف الابط وحلق العانة ونحو ذلك فعل ذلك

[أبو يمنى]

مجهود طيّب أختنا الكريمة .

تعريف بالشيخ عبد الله البسام مؤلف الكتاب رحمه الله

منصبه وأعماله :

لما تخرج من الدراسة الجامعية عام 1374هـ عمل ما يلي:

القضاء: فكان قضاؤه في القضايا الجزئية المستعجلة في مكة.

عين مدرساً رسمياً في المسجد الحرام فكان يلقي دروساً عامة وخاصة. فمارس التدريس بالحرم منذ عام 1372هـ إلى 1417هـ لم تنقطع دروسه إلا مدة رئاسته لمحكمة الطائف ثلاث سنوات أو إجازات يقضيها خارج مكة وكانت حلقات درسه بين المغرب والعشاء. قضى الشيخ - - أكثر من خمسين عاماً في المسجد الحرام يلقي دروسه الفقهية وخاصة في كتاب الروض المربع، ولم تنقطع دروسه إلا قبيل وفاته بثلاث سنوات حينما أثقل كاهله المرض [2].

عضواً في رابطة العالم الإسلامي، وعضواً في موسم الحج.

قام بالإمامة في المسجد الحرام لمدة ثلاثة أشهر، وطلب منه البقاء في الإمامة رسمياً ولكنه لم يرغب ذلك لانشغاله بأعماله الأخرى من بين الأعمال التي كلف بها انه لما غاب إمام المسجد الحرام الشيخ عبد المهيمن أبو السمح كلف بالقيام عنه في صلاة العشاء وصلاة الفجر لمدة ثلاثة أشهر وطلب منه الاستمرار ولكنه لم يرغب ذلك شعوراً منه أن الإمامة في المسجد الحرام تتطلب مرابطة تامة ومراقبة للوقت وهو يشق عليه ذلك مع أعماله الأخرى.

رئيساً للمحكمة الكبرى بالطائف، عام 1387هـ بأمر من الشيخ محمد بن إبراهيم، وحاول الشيخ عبد الله بن حميدان يبقى البسام في مكة ليدرس في الحرم لكن الأمر نفذ

قاضي في محكمة تمييز الأحكام الشرعية للمنطقة الغربية التي مقرها مكة المكرمة عام 1391هـ.

رئيساً لمحكمة التمييز بمكة المكرمة 1400هـ، وقام بها حتى تمت مدة عمله النظامي، ثم مدد له سنة، ثم تقاعد عام 1417 هـ.

عضواً في المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، والتابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي [3].

عضو في هيئة المراقبة الشرعية في شركة الراجحي للاستثمار.

عضو في اللجنة الثقافية برابطة العالم الإسلامي.

عضو في مجمع الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة.

عين عضواً في المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي.

عين عضواً في مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية.

عين عضواً في المجلس الأعلى لدار الحديث الخيرية بمكة.

عين رئيساً للجمعية الخيرية لمساعدة الشباب على الزواج في مكة المكرمة.

رئيساً للمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في جدة.

رئيساً لمجلس إدارة المستودع الخيري بمكة المكرمة

عضواً في هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية.

عضو في تحديد الحرم المكي

تم تعديل 13 نوفمبر 2011 بواسطة تامر حسن محمد

[أبو يمنى]

مؤلفاته

لم تشغل الشيخ الوظائف والارتباطات الرسمية عن طلب العلم والتأليف، فله نشاط بارز واضح ومؤلفاته أثرت المكتبات الإسلامية، كما أن له إسهامات فاعلة في العلوم الشرعية والتاريخ والسير والأنساب منها [1] :

مجموعة محاضرات وبحوث ألقاها في مواسم رابطة العالم الإسلامي.

تيسير العلام شرح عمدة الأحكام.

خلاصة الكلام على عمدة الأحكام.

تقنين الشريعة أضراره ومفاسده.

علماء نجد خلال ثمانية قرون.

القول الجلي في زكاة الحلي.

الاختيارات الجليلة في المسائل الخلافية.

الدين الإسلامي كفيل بتحقيق المصالح.

توضيح الأحكام في شرح بلوغ المرام : وهو آخر إصدارات الشيخ عبد الله البسام- -.

الفقه المختار موسوعة فقهية.

مجموعة تواريخ نجدية وأنساب.

حاشية على عمدة الفقه.

تنبيه ذوي الأبصار عن ما في كتاب الآثار المحمدية من الأضرار.

نيل المآرب تهذيب عمدة الراغب.

شرح على كشف الشبهات.

[Howayda Ismail]

باب فسخ الحج الى عمرة

........................

الحديث السادس والثلاثون بعد المائتين

......................................

عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال : اهل النبى صلى الله عليه وسلم واصحابه بالحج وليس

مع احد منهم هدى غير النبى صلى الله عليه وسلم وطلحة وقدم على رضى الله عنه من اليمن . فقال :

اهللت بما اهل به النبى صلى الله عليه وسلم فامر النبى صلى الله عليه وسلم اصحابه : ان يجعلوها

عمرة فيطوفوا ثم يقصروا ويحلوا الا من كان معه الهدى فقالوا : ننطلق من منى وذكر احدنا يقطر ؟

فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال : لو استقبلت من امرى مااستدبرت مااهديت ولولا ان معى الهدى لاحللت .

وحاضت عائشة فنسكت المناسك كلها غير انها لم تطف بالبيت فلما طهرت وطافت بالبيت قالت :

يارسول الله ينطلقون بحج وعمرة وانطلق بحج فأمر عبد الرحمن ابن ابى بكر :

ان يخرج معها الى التنعيم فاعتمرت بعد الحج

مايؤخذ من الحديث

.................

(1)كون النبى صلى الله عليه وسلم احرم ومعه الهدى فهو افضل واكمل

(2)ان ترك الهدى جائز لان اكثر الصحابة لم يسقه وياتى تمنيه صلى الله عليه وسلم

عدم سوقه الهدى وتوجيه ذلك ان شاء الله تعالى

(3)فقه على رضى الله عنه فانه حين لم يعرف اى الانساك افضل علقه باحرام النبى صلى الله عليه وسلم

(4)جواز تعليق الاحرام باحرام الغير

(5)ان النبى صلى الله عليه وسلم امر اصحابه الذين لم يسوقهم الهدى ان يفسخوا حجهم الى عمرة

فاذا فرغوا من اعمال العمرة حلوا ليرموا بالحج فيقتضى الامر فعل مافعلوه وياتى الخلاف

فى ذلك وتحقيقه ان شاء الله تعالى

(6)ان من ساق الهدى منعه ذلك من الاحلال وبقى على احرامه كما صنع النبى صلى الله عليه وسلم

(7)جواز المبالغة فى الكلام لاستيضاح الحقائق وتبين الامور

(8)تمنى النبى صلى الله عليه وسلم انه لم يسق الهدى وانه فسخ حجه الى عمرة منها وانه

آخر الامرين من النبى صلى الله عليه وسلم

(9)جواز تمنى الامور الفائتة اذا كانت من مصالح الدين لانه رغبة فى الخير

وندم عليه فهو انواع التوبة

(10)جواز فعل المناسك للحائض ماعدا الطواف بالبيت فممنوع اما لاشتراط الطهارة فى الطواف

واما لخشية تلويث المسجد

(11)ان السعى من شرطه ان يقع بعد طواف نسك ولذا لم يصح من الحائض السعى لا لاشتراط الطهارة

فيه ولكن لابد ان يقع بعد طواف نسك وهو معدوم فى حق الحائض

(12)جواز الاتيان بالعمرة من ادنى الحل بعد الحج ولاتسن لانه لم يقع من الصحابة الا هذه المرة

من عائشة ولم ينقل عن عائشة انها فعلتها بعد ذلك

ولو كانت العمرة المشروعة لما تركوها وهم فى مكة سهلة عليهم ميسرة لهم

(13)ان الاحرام بالعمرة لابد ان يكون من خارج الحرم وهو قول الائمة الاربعة وجمهور العلماء

ولم يخالف الا قلة بخلاف الحج فانه من مكة لمن هو فيها

والفرق بين الحج والعمرة ان العمرة جميع اعمالها فى الحرم فيخرج للحل للجمع فيها بين الحل والحرم

واما الحج فبعض اعماله فى الحرم وبعضها فى الحل وهو الوقوف بعرفة

(14)قوله : ( اهل بالحج ) ظاهره انه مفرد وتقدم الجمع بين روايات مايوهم الافراد او التمتع

وانالصحيح انه قارن

[Howayda Ismail]

اختلاف العلماء فى فسخ الحج الى عمرة

....................................

اجمع العلماء على ان الصحابة الذين مع النبى صلى اله عليه وسلم فى حجة الوداع قد فسخوا حجهم

الى عمرة بأمر النبى صلى الله عليه وسلم واختلفوا : هل هذا الفسخ لمن بعدهم ايضا ام لهم خاصة

فى تلك الواقعة ؟

فذهب الائمة الثلاثة ابو حنيفة ومالك والشافعى وجمهور العلماء الى ان هذا الفسخ خاص بالصحابة فى

تلك السنة ولايتعداهم الى غيرهم وذهب الامام احمد واهل الحديث والظاهرية ومن الصحابة ابن عباس

وابو موسى الاشعرى : الى الفسخ . استدل الاولون بما رواه ابو داود عن ( ابى ذر )كان يقول

فيمن حج ثم فسخها بعمرة : ( لم يكن الا للركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم )

ول ( مسلم ) عن ابى ذر : كانت المتعة فى الحج لاصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

وبمارواه الخمسة عن حارث بن بلال عن ابيه بلال بن الحارث قال : قلت : يارسول الله فسخ الحج لنا

خاصة ام للناس عامة ؟ قال : بل لنا خاصة

فعند الجمهور ان حديث بلال ناسخ لاحاديث الفسخ فهو للصحابة خاصة فى تلك السنة ليخالفوا

ماكانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة فى اشهر الحج ويؤيد ذلك الاثر السابق عن ابى ذر رضى الله عنه

واستدل الاخرون على فسخ الحج باحاديث صحيحة جيدة قربت من حد التواتر عن بضعة عشر من الصحابة

منها حديث جابر وسراقة بن مالك وابى سعيد الخدرى وعلى وابن عباس وانس وابن عمر واسماء بنت

ابى بكر رضى الله عنهم اجمعين - تنص على فسخ الحج الى العمرة ولهذا لما قال سلمة بن شيب

للامام احمد : ياابا عبد الله كل شئ منك حسن جميل الا خصلى واحدة فقال : وماهى ؟ قال : تقول بفسخ الحج

فقال الامام احمد : كنت ارى ان لك عقلا عندى ثمانية عشر عشر حديثا صحاحا جيادا

وكلها فى فسخ الحج اتركها لقولك .

[Howayda Ismail]

وقد اورد المصنف رحمه الله تعالى فى هذا الكتاب منها حديثين

1_ حديث جابر الذى نحن نتكلم عليه الان

2- وحديث ابن عباس سياتى ونورد معهما حديثين من تلك الاحاديث المتكاثرة

الاول : مارواه ( مسلم )عن ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه :

( خرجنا مع رسول الله صلى الل عليه وسلم ونحن نصرخ بالحج صراخا )

فلما قدمنا مكة امرنا ان نجعلها عمرة الا من ساق الهدى فلما كان يوم التروية ورحنا الى ( منى )

اهللنا بالحج .

والثانى : مارواه ( مسلم ) و( ابن ماجة )عن اسماء بنت ابى بكر رضى الله عنهما قالت :

( خرجنا محرمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كان معه هدى فليقم على احرامه

ومن لم يكن معه هدى فليحلل ) فلم يكن معى هدى فحللت . وكان مع الزبير هدى فلم يحلل

وهذه احاديث عامة للصحابة ولمن بعدهم الى الابد فان الاحكام الشرعية لاتكون لجيل دون جيل

ولا لطائفة دون اخرى فمن ادعى الخصوصية فعليه الدليل وكيف ولما سأل سراقة بن مالك

النبى صلى الله عليه وسلم عن هذا الفسخ ( هل هى للصحابة خاصة ) ؟ فقال : ( بل للامة عامة ؟!)

وقد وردت هذه الاحاديث فى واقعة متأخرة لم يأت بعدها ماينسخها ومن ادعى النسخ فعليه

الدليل بل ورد مايبعد دعوى الفسخ حين قيل للنبى صلى الله عليه وسلم :

( عمرتنا هذه امامنا هذا ام للابد ) ؟ فقال : ( لا بل لابد الابد ودخلت العمرة فى الحج الى يوم القيامة )

[Howayda Ismail]

اما دعوى الجمهور النسخ بحديث بلال بن الحارث فبعيد كل البعد لان الامام احمد قال فى حديثه :

حديث بلال بن الحارث عندى ليس بثبت ولااقول به وأحد رواة سند الحارث بن بلال لايعرف

وقال ايضا : ارايت لو عرف الحارث بن بلال ؟ الا ان احد عشر رجلا من اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم

يرون مايرون من الفسخ : اين يقع الحارث بن بلال منهم ؟!

واما أثر ابى ذر فهو راى له وقد خالفه غيره فيه فلايكون حجة لاسيما مع معارضته للاحاديث الصحاح

وممن اختار الفسخ شيخ الاسلام ( ابن تيمية )قدس الله روحه وتلميذه ( ابن القيم )

وقد اطال ( ابن القيم ) البحث فى الموضوع فى كتابه ( زاد المعاد ) وبين حجج الطرفين

ونصر الفسخ نظرا مؤزرا مبينا ورد غيره وفند ادلته بطريقته المقنعة وعارضته القوية

ثم اختلف القائلون بالفسخ : اهو للوجوب ام للاستحباب ؟

فذهب الامام احمد : الى استحباب الفسخ قال شيخ الاسلام : اهل مكة وبنو هاشم وعلماء الحديث

يستحبونها فاستحبها علماء سنته واهل سنته واهل بلدته التى بقربها المناسك وهؤلاء اخص الناس به

ولعل قصر الامام ( احمد ) لاحاديث الامر بالفسخ مع تغليظ فيه على الاستحباب حمله على عدم مبادرة الصحابة

الى امتثال امره صلى الله عليه وسلم

وذهب ( ابن حزم ) الى ماذهب اليه ابن عباس حيث يقول فى كتابة المحلى :

ومن اراد الحج فانه اذا جاء الى الميقات فان كان لا هدى معه ففرض عليه ان يحرم بعمرة مفردة ولابد

ولا يجوز له غير ذلك

فان احرم بحج او بقران حج وعمرة ففرض عليه ان يفسخ اهلاله ذلك بعمرة يحل اذا اتمها لايجزئه غير ذلك

[Howayda Ismail]

وذهب ابن القيم الى هذا الراى حيث قال فى كتابه ( زاد المعاد ) بعد ان ساق حديث البراء بن عازب :

ونحن نشهد الله علينا انا لو احرمنا بحج لراينا فرضا علينا فسخه الى عمرة تفاضيا من غضب

رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعا لامره

فوالله مانسخ هذا فى حياته ولابعده ولاصح حرف واحد يعارضه ولاخص به اصحابه دون من بعده

بل اجرى الله سبحانه وتعالى على لسان سراقة ان يساله : هل ذلك مختص بهم ؟ فاجاب : بان ذلك كائن لابد للابد

فما ندرى ماتقدم على هذه الاحاديث وهذا الامر المؤكد الذى غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم

على من خالفه فهؤلاء لما راوا تكاثر فى الامر به وغصب الرسول صلى الله عليه وسلم من اجله

لم يقنعوا الا بالقول بوجوبه وفريضته وحديث البراء المشار اليه هو ماخرجه ابن ماجة

والامام احمد وصححه عن البراء ابن عازم قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه

قال فاحرمنا بالحج فلما تقدمنا مكة قال : ( اجعلوا حججكم عمرة ) قال : فقال الناس :

يارسول الله قد احرمنا بالحج كيف نجعلها عمرة ؟

قال : ( انظروا ماآمركم به فافعلوا ) فردوا عليه ثم انطلق حتى دخل على عائشة وهو غضبان

فرأت فى وجهه فقالت : ( من اغضبك اغضبه الله ؟ )

قال : ( مالى لااغضب وانا اغضب وانا آمر بالامر فلا يتبع ) فهذا وامثاله متمسك من اوجبوا الفسخ

[Howayda Ismail]

الحديث السابع والثلاثون بعد المائتين

......................................

عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال :

( قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول : لبيك بالحج فامرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

فجعلناه عمرة )

المعنى الاجمالى

.................

يقول جابر : قدمنا فى حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

مهلين بالحج وملبين به لان بعضهم افرد الحج وبعضهم رن وكانه مفرد وسكت عن المتمتعين وفيهم

قسم متمتع فامر النبى صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدى منهم ان يفسخ حجه الى عمرة متمتعا

بها الحج وهذا الحديث احد ادلة من يرون فسخ الحج الى عمرة

[Howayda Ismail]

الحديث الثامن والثلاثون بعد المائتين

...................................

عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال

( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه صبيحة رابعة من ذى الحجة مُُُُلهن بالحج فامرهم

ان يجعلوها عمرة فقالوا : يارسول الله اى الحل؟ قال : الحل كله )

المعنى الاجمالى

................

يذكر ابن عباس رضى الله عنهما : ان النبى واصحابه قدموا مكة فى حجة الوداع صبيحة اليوم الرابع

من ذى الحجة وكان بعضهم محرما بالحج ومنهم القارن بين الحج والعمرة فامر من لم يسق الهدى من

هاتين الطائفتين بان يحلوا من حجهم ويجعلوا احرامهم بالعمرة .

فكبر عليهم ذلك وراوا انه عظيم ان يتحللوا التحلل الكامل الذى يبيح الجماع ثم يحرمون بالحج

ولذا سالوه فقالوا : يارسول الله اى الحل ؟ فقال صلى الله عليه وسلم :

( الحل كله فيباح لكم ماحرم عليكم قبل الاحرام )

فامتثلوا رضى الله عهم وهذا من ادلة القائلين بالفسخ ايضا .

[Howayda Ismail]

الحديث التاسع والثلاثون بعد المائتين

....................................

عن عروة بن الزبير قال :

( سُئل اسامة بن زيد وانا جالس : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير حين دفع ؟

قال : كان يسير العنق , فاذا وجد فجوة نص )

العنق والنص : العنق بفتح العين والنون والنص بفتح النون وتشديد الصاد

وهما ضربان من السير والنص اسرعهما

الفجوة : بفتح الفاء المكان المتسع

المعنى الاجمالى

.................

كان اسامة بن زيد رضى الله عنهما رديف النبى صلى الله عليه وسلم من عرفة الى مزدلفة فكان اعلم

الناس بسير النبى صلى الله عليه وسلم فسئل عن صفته فقال : كان يسير العنق وهو انبساط السير

ويسره فى زحمة الناس لئلا يؤذى به وليكون بعد انصرافه من هذا الموقف العظيم واقباله على المشعر

الحرام خاشعا خاضعا عليه السكينة والوقار راجيا قبول عمله شاكرا على نعمه الى من اجلها

عز الاسلام وذل الشرك فاذا وجد فرجة ليس فيها احد من الناس حرك دابته فاسرع قليلا

وخشوعه وخضوعه لايفارقه صلى الله عليه وسلم فى كل حركة وسكون

مايؤخذ من الحديث

.................

(1)كون اسامة بن زيد رديف النبى صلى الله عليه وسلم من دفع عرفة الى مزدلفة فهو اعلم بسيره

(2)كان سيره صلى الله عليه وسلم انبساطا لاتباطؤ فيه ولاخفة ولاسرعة فيؤذى بهما

ويذهب معهما خشوعه

(3)اذا وجد فجوة ليس فيها احد حرك دابته مع ماهو فيه من الخشوع والخضوع لله تعالى

ومراقبته الله وتعظيمه لمناسكه ومشاعره

(4)ان ماعليه الناس اليوم من الطيش والخفة والسرعة والسباق على السيارات مناف للسنة

وهيبة الحج وسكينته ووقاره ويحدث من جراء هذه السرعة ماينافى الشرع من المبادرة بالخروج

من حدود عرفة قبل الغروب فيحصل التشبه بالمشركين ويحصل اضرار تلحق الراكبين ومراكبهم

ويحصل من الشجار والنزاع ماينافى آداب الحج الى غير ذلك من المفاسد المترتبة على هذه العجلة

التى فى غير موضعها

[Howayda Ismail]

باب حكم تقديم الرمى والنحر والحلق والافاضة بعضها على بعض

.......................................................

الحديث الاربعون بعد المائتين

..............................

عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما

( ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف فى حجة الوداع فجعلوا يسأألونه . فال : رجل لم اشعر

فحلقت قبل ان أذبح ؟ قال : اذبح ولا حرج وقال الآخر : فنحرت قبل ان ارمى ؟ قال : ارم ولاحرج

فما سئل يومئذ عن شئ قدم ولا أخر الا قال : افعل ولا حرج )

المعنى الاجمالى

.................

اليوم العاشر من ذى الحجة هو يوم النحر ويوم الحج الاكبر وهو افضل الايام واسعدها

لما يقع فيه من الاعمال الجليلة لاسيما من الحاج الذى يؤدى فيه اربع عبادات جليلات وهن :

(1)الرمى

(2)النحر

(3)الحلق او التقصير

(4)الطواف بالبيت العتيق

والمشروع ان يأتى بهن على هذا الترتيب اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم

واتيانا باعمال المناسك على النسق الائق

ولكن الشارع رحيم عليم فاذا قدم احدهم بعض هذه الاعمال على بعض جهلا بالحكم او نسانا

فلا يلاحقه شئ من اثم او جزاء ولذا فان النبى صلى الله عليه وسلم وقف فى حجة الوداع

فجعلوا يسألونه فاسئل صلى الله عليه وسلم عن شئ قدم او اخر الا قال : ( افعل ولا حرج )

مايؤخذ من الحديث

.................

(1)وقوف العالم فى ايام المناسك لافتاء الناس وارشادهم فى امر حجهم

(2)جواز تقديم كل من الرمى والنحر والحلق او التقصير والافاضة بعضها على بعض

من الناسى والجاهل

(3)بذء يوم النحر برمى جمرة العقبة ومن حكمة الرمى طرد الشيطان فهو شبيه بتقديم الاستعاذة

فى الصلاة وهذه مقارنة عنت لى ولم ار احدا من العلماء قد ذكرها