الأفوكاتو بتاريخ: 3 يوليو 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 3 يوليو 2004 الدساتير وعدت بالكتابة فى موضوع الدساتير,و بعض المقارنات : فى الديمقراطيات, يكون حكم الشعب للشعب, و بواسطة الشعب, أو من ينتخبه الشعب (الديمقراطية غير المباشرة) أى أن الحاكم هو الشعب, لذا لا يوجد فاصل بين الدولة , وهى الشعب, و الحكومة, التى هى أيضا الشعب الذى يحكم نفسه. وفى الدول التى تقوم السلطة التنفيذية بالسيطرة فيها على جميع السلطات, فإن كلمة حكومة تعنى هنا السلطة التنفيذية, فاصلة نفسها عن الحكومة بالمعنى الدستورى, أى السلطات الثلاث, و هى: التشريعية, و القضائية , و التنفيذية. معظم اللبس مصدره نظرية الفصل بين السلطات, و كما قلت سابقا, ففى جميع الدول الديمقراطية, بما فيها إنجلترا والولايات المتحدة, و سويسرا, و فرنسا, و الهند, و كندا, وأستراليا, فإن فصل السلطات ليس مطلقا, بل مستحيلا. و هناك بعض الأمثلة التى سوف أحاول أن أجعلها قى متناول من لم يمارس أومن لم يدرس القانون: فى أمريكا و أستراليا مثلا: تشكل لجان برلمانية, وتكون عادة من مجلس الشيوخ( السنات) و مهمتها التحقيق فى بعض الإنحرافات, أو بعض الممارسات الحكومية أو غير الحكومية, مما يهم الشعب بصفة عامة.و تقوم هذه اللجان, وتسمى أحيانا لجان تقصى الحقائق, بالتحقيق و سماع شهود بقصد الوصول الى سبب المشكلة, ثم إصدار قرارات و توصيات. هذه المهمة هى فى الواقع من إختصاص النائب العام, و المحاكم المختصة, ولكن لصفتها السياسية, تقوم بها لجنة برلمانية, لا تلتزم بقواعد قانون المرافعات, و لا تلتزم بقواعد الإثبات, ولا تقبل قراراتها الإستئناف, و غالبا تقبل الحكومة توصيات هذه اللجان, بل و تنفذها. من الواضح أن هذا هو تدخل فاضح فى إختصاص السلطة القضائية, ولكنه مسموح به. ثم نرى أن رئيس الولايات المتحدة, أو رئيس وزراء أنجلترا أو فرنسا أو أى بلد ديمقراطية أخرى, له حق إصدار مراسيم بقانون, و قرارات, و تعليمات لها صلاحية القانون, كما نرى الجهات الأعتبارية, مثل المجالس البلدية, و الهيئات الحكومية, و المرافق العامة, لها حق إصدار قوانين فرعية, مثل اللوائح والتعليمات ... الخ. هذه القوانين الفرعية مفروض أن تعرض على البرلمان لإجازتها, ولكن لكونها صدرت فى حدود إختصاص هذه الهيئات, فمن النادر, بل من المستحيل أن يتمكن البرلمان من متابعة هذه القوانين الفرعية. ومتى مضت المدة المقررة للإعتراض على هذه اللوائح, و لم يكن هنا إعتراض عليه, أصبحت فى حكم القانون هذه القرارات و المراسيم و االلوائح ... الخ لم تصدر من البرلمان, أى من السلطة التشريعية التى إنتخبها الشعب لتسن القوانين, بل أصدرها أعضاء السلطة التنفيذية, أى أن السلطة التنفيذية تقوم بعمل السلطة التشريعية, فإذا كان ذلك كذلك, فأين الفصل بين السلطات هنا؟؟ نعود الى القضاء, فقد تقضى محكمة النقض بأن قانونا معينا كا ن معيبا, وليس دستوريا, إو أن قصد المشرع لم يكن متمشيا مع ما حكمت به محكمة الموضوع, كذلك قد تصدر المحكمة الدستورية العليا حكما بعدم دستورية قانون معين, فليس أمام السلطة التشريعية إلا أحد أمرين: الأول: أما أن يسمح للحكم النهائى الصادر من محكمة النقض بأن يكون مكملا للقانون فى المستقبل, و بهذا تكون المحكمة قد أضافت للقانون من عندها بحكم قضائى. الثانى: و إما أن يلغى البرلمان هذا القانون, و يعيد صياغته بالطريقة التى يهواها, و لن يمنع ذلك المحكمة الدستورية من التدخل فى المستقبل بناء على طلب ذوى المصلحة. لذا, فإن نظرية الفصل بين السلطات هى بالضبط مايطلق عليها, أى مجرد نظرية مستحبة, و لكن من العسير الإلتزام بها, و لا تطبق, لأنه لا يمكن تطبيقها. مسائل دستورية. بدون إطالة مملة, سأتعرض, بعد بعض الشرح, للدستور المصرى الذى قد يرى غير المصرى أنه غير ديمقراطى, و لكن لكل دولة ظروفها الخاصة,لذا, فإنه من الصعب اللجوء الى مقارنات لتحديد ما هو ديمقراطى و ما هى التركيبة الديمقراطية المناسبة لدولة معينة. كما أن المقارنة نفسها ليست مجدية, فمقارنة الدستور الإنجليزى بنظيره الأمريكى هى مقارنة بين شيئين مختلفين من ناحية الشكل, و كذلك المضمون,ذلك لأن الدستور الأمريكى كان نتيجة تشريع أستفتى عليه الشعب الأمريكى عند توحيد الولايات( ومثله فى ذلك الدستور الأسترالى), بينما الدستور الأنجليزى تطور مع تطور العرف القانونى الإنجليزى, فالدستور الإنجليزى لم يُشرع, ولم يستفتى الشعب عليه فى وقت معين, كما أنه ليس متضمن فى و ثيقة واحدة, و هذا غير مستغرب, فالقانون الإنجليزى أصلا هو قانون تطور من أحكام المحاكم, التى تحولت الى سوابق قانونية ملزمة للمحاكم الأدنى, مكونة ما يسمى بالقانون العرفى الإنجليزى " Common Law," وقد أدخلت على الدستور الأمريكى بعض التعديلات مع مرور الزمن, لتحتضن و تواكب تطور الأحداث العالمية, ومن أقوى مواد الدستور الأمريكى هى مادة عدم رجعية القوانين, التى لها نظير فى القانون المصرى, وإن جرى العمل على السماح برجعية القوانين فى ظروف معينة, بشرط عدم الحاق ضرر بالمواطن, أى أذا كان القانون يفيد ولا يضر(لا رجعية للقوانين التى تؤدى الى تجريم ما لم يكن جريمة وقت إصدار القانون). تضمن الدستور الأمريكى كثيرا من حقوق المواطن وحماية الحرية الفردية, و عندما وافق البرلمان الأنجليزى على الدستور الأسترالى فى 5 يوليو عام 1900, الذى وحد المستعمرات البريطانية الأسترالية, تحت حكم حكومة فدرالية موحدة, مع الإحتفاظ بدساتير المستعمرات, التى تحول إسمها الى " ولايات", فقد تعمدت الحكومة البريطانية عدم الإشارة الى حقوق الإنسان بعكس ما تضمن الدستور الأمريكى الذى تم إقتباس بعض تقسيماته فى الدستور الإسترالى. و السبب فى ذلك زعمهم أن القانون الأنجليزى( الذى كان مطبقا فى أستراليا ذلك الوقت و بعده) يحتوى على قوانين تحمى جميع الحريات و الحقوق , و تسمى هذه القوانين" Torts ", ويقابلها فى القانون المدنى المصرى القوانين الخاصة ب" الخطأ, و الضرر, وحق التعويض طبقا لقواعد المسئولية المدنية". ووجه الشبه بين كل من الولايات المتحدة وكندا و سويسرا و ألمانيا و أستراليا أنها دول تتكون من ولايات أو دويلات, ولكن المقارنة المجدية تكون بين دساتير دول لها خلفية متشابهة, مثل أستراليا و أمريكا. لقد إختار الشعب الأسترالى النموذج الأمريكى تفضيلا على النموذج الكندى, مع بعض الفروق, ففى حين أن الحكومة الفدرالية الأمريكية تختص بإصدار قوانين فى الأمور المستجدة التى لم تمنح الولايات حق التشريع فيها, نرى أن النموذج الأسترالى ا قد أعطى الحكومة الفدرالية سلطات محددة بموجب المادة 51 من الدستور الإسترالى , و أغلب هذه السلطات لا تتمتع بها الولاايات لأنها حق مطلق للحكومة الفدرالية( فى أمر مثل العملة, الدفاع, المواصلات, النزاع بين الولايات, الضرائب... الخ) ولن بعضها , يختص بأمور من صضميم شئون الولايات وفى حالة التعارض بين سلطات الحكومة الفدرالية وسلطات الولاية أثناء تطبيق القانون, تسرى القوانين الفدرالية, أما ما عدا ذلك من أمور مستجدة تخص الولايات , أو لم ترد فى الدستور الفدرالى, فليس فى قدرة الحكومة الفدرالية إصدار أية قوانين فى شأنها, و تصبح هذه الأمور من إختصاص الولايات المطلق, إلا إذا فضلت الولايات التنازل عن هذا الحق, كما حدث فى قوانين الأسرة, التى كانت أصلا من إختصاص الولايات, ولكن لمصلحة توحيد قوانين الأسرة’ تنازلت الولايات للحكومة الأسترالية عن حق إصدار قوانين فى الأحوال شخصية. سأتوقف هنا, وسوف أستأنف الكتابة مستكملا الموضوع قريبا بإذن الله. أعز الولد ولد الولد إهداء إلى حفيدى آدم: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
ابو حلاوه بتاريخ: 5 يوليو 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 5 يوليو 2004 الافوكاتو العزيز اولا شكرا علي الموضوع الرائع ... انا جديد في امريكا و بسبب امور عملي مضطر من وقت لأخر لمراجعة نصوص قانونية و احيانا التعامل مع القضاء بخصوص بعض المرضي ... ما لفت نظري هو التباين الشديد جدا في بعض الاحيان بين قوانين الولايات بشكل يثير الارتباك ..مصر ام الدنيا دولة مركزية من لحظة وجودها و فرنسا حيث لي تجارب سابقة هناك ....الدولة المركزية فرضت نفسها من بعد الثورة الفرنسية و بالرغم من تغيير الدستور عدة مرات في مصر و في فرنسا علي السواء كان الدستور في كل الاحوال يؤكد علي الطبيعة المركزية للدولة و يدعمه و ينعكس ذلك علي القوانين .... اشعر كثيرا بالارتباك عندما اتابع موضوع اعلامي له شق قانوني في التليفزيون مثلا او حتي في عملي هنا ..... اشعر احيانا بأن الفكر القانوني الفرنسي اقرب كثيرا لواقعنا المصري ... هناك واقعة لو سمحت لي ان اسردها هنا ... بالطبع سمعت عن مذابح رواندا .. و الحقيقة ان بعض شركات البترول الفرنسية لها يد فيما حدث بشكل مباشر او غير مباشر ... الكثير من رجال القضاء الفرنسيين استفزتهم تلك الاحداث و لاعتبارات سياسية كثيرة لم يكن من الممكن تناول ما حدث هناك بشكل مباشر .. و لكن من الواضح وجود رغبة شديدة لأن يدفع المسئول عن تلك الاحداث الثمن ... و بالفعل تم اجراء تحقيقات واسعة لاصطياد رئيس شركة الف اكيتاين وبالرغم من هروبه لكن تم القبض عليه بتهم فساد متشعبه و بالطبع لم تتناول الاتهامات رواندا ولكن الكل بيتعامل مع تلك القضية من زاوية ----- انت عارف و انا عارف -----.. و الف اكيتاين هي اكبر شركات البترول الفرنسية علي الاطلاق و بتعبير اخر حوت متشعب له علاقات شديدة التعقيد بالوسط السياسي الفرنسي و كان من الواضح في اثناء تلك القضية ان هناك صراع بين السلطة التنفيذية التي تريد ان تكفي علي الخبر ماجور و القضاة الذين استمروا في نبش الكثير من علاقات لوفلوك بريجان رئيس الشركة برموز السياسة الفرنسية ... و علي سبيل المثال كان من نتائج تلك القضية الغير مباشرة فتح ملف عصابة افريقيا ... و توجيه اتهمات متعدده لابن فرنسوا متران بالفساد و تجارة السلاح الغير مشروعة .. كانت الرسالة واضحة ان هناك حدود للممارسات الغير اخلاقية في السياسية الخارجية و اذا كانت السلطات التنفيذية و البرلمانية متواطئة او غير قادرة علي الاحتفاظ بقيم اخلاقية معينة سيتولي القضاء ذلك ... الحقيقة يبدو ان الكثير استوعب الدرس و اصبحت السلطة القضائية الفرنسية رقيب جديد الي حد كبير حر الحركة في مراقبة السياسة الفرنسية ... بصراحة لا اتصور ذلك في امريكا ربما كانت المرة الوحيدة عندما تعرض كلينتون لاستجواب بسبب مونيكا لوينسكي وكان الموضوع كله استعراض فج ... ارجو ان نستفيد برايك في مقارنة الدستور الفرنسي بالدساتير الانجلو سكسونية الرئيس مسئول عن كل ما تعاني منه مصر الأن لا رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
الأفوكاتو بتاريخ: 5 يوليو 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 5 يوليو 2004 الأخ العزيز أبو حلاوة, و سوف أكتب بالتفصيل عن هذا الموضوع, غالى و الطلب رخيص أعز الولد ولد الولد إهداء إلى حفيدى آدم: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
الأفوكاتو بتاريخ: 6 يوليو 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 6 يوليو 2004 إستجابة لرغبة الأخ العزيز دكتور أبوحلاوة, سوف شرح الفروق الجوهرية بين الدستور الفرنس, و الدساتير الأنجلوساكسونية, و لكنى أرجوا أن تسمحوا لى بإعادة شرح بعض الأمور التى كتبت عنها فى الماضى, و التى ستعاون قارئ هذا الموضوع لأول مرة, علىمتابعة و فهم مضمون هذا المقال. بداهة, دستور أى دولة هو الوثيقة التى تحدد و تعرف سلطات حكومتها, و لا يختلف الدستور عن بقية القوانين الأخرى سوى أنه القانون الذى يعطى بقية القوانين شرعيتها. فإصدار دستور جديد, أو تعديل دستور قديم, يمر تقريبا بنفس مراحل إصدار, أو تغيير, أو تعديل أى قانون آخر, عدا بعض الشكليات التى تضمن أن الدستور الجديد, أو التعديل على الدستور المتواجد, قد جاء بموافقة أغلبية الشعب, و تختبرهذه الأغلبية عن طريق إستفتاء عام, ليس مطلوبا عادة عند إصدار القوانين العادية. و سوف أشرح الفرق بين الدستور الفرنسى و ما يشابهه, و الدساتير الأنجلوساكسونسة, و ما يشابهها,مستعينا بثلاثة معايير: 1- الأحداث التاريخية 2- الطبيعة الجغرافية و الديموغرافية 3- النمط المتبع. أولا: الأحداث التاريخية: إستقراء التاريخ يوضح لنا أن نشأة الدساتير بمعناها الحالى لم تأتى بين ليلة و ضحاها, بل جاءت نتيجة لتطورات تاريخية, مستمرة, و ديناميكية. و لكن الملحوظ هو أن إصدار دستور دولة ما يكون عادة مقصود به إشهار المبادئ الأساسية التى يؤمن بها شعب هذه الدولة, كما يعبر عن كنيتها و حضارتها, سواء الدينية, أو العرقية, أو الأخلاقية. و فى أوروبا, كانت هناك دائما حساسية عرقية بين بعض شعوبها, و تغيرت حدود بعضها مرات عدة , نتيجة لحروب كثيرة و طويلة, و لكن الملاحظ أن العداوة بين الإنجليز و الفرنسيين قد أستمرت عقودا طويلة, بل أن ملوك نورماندى الفرنسيون, إحتلوا إنجلترا عام 1066, و لم يتركوها, بل بقوا فيها, الى أن أثرت, و تأثرت الحضارة الساكسونية بالحضارة النورماندية, لكى تصبح كل منهما فيما بعد رائدة التقدم القانونى فى أوروبا و كثير من بقاع العالم. فانجلترا تطور قانونها عن طريق العُرف , الذى إنقلب الى عرف قضائى بواسطة الإدارة الفرنسية بعد معركة " هاستينج عام 1066 ", بينما أستمرت فرنسا فى تطوير قانونها المبنى على القانون الرومانى, و قانون جستنيان, ثم كود " نابليون". و الفروق الجوهرية التاريخية بين النظامين يمكن تلخيصها فى كيفية صناعة القانون(و أيضا, الدستور) الفرق الأساسى هو سلطة خلق القانون, فطبقا للنظام الفرنسى, تصدر جميع القوانين من مجلس تشريعى, أى " برلمان", يتكون من نواب يختارهم الشعب, و يكون الإختيارعن طريق الإنتخاب العام. و يتم التصويت على مشروع القانون, بعد أن تتم مناقشته بواسطة جميع أعضاء المجلس, و متى فاز القانون المعروض بالأغلبية العددية, أصبح قانونا واجب التنفيذ فى تاريخ يحدده نص فى القانون, بشرط نشره فى جريدة رسمية, و الفشل فى نشر القانون يجعله عديم السريان, و يفقد فعاليته. و أصبحت آليات صناعة القانون أمرا مقدسا تنص عليه جميع الدساتير التى إتبعت النموذج الفرنسى و لكن القانون الإنجليزى لم يصدر أغلبه من مجلس تشريعى, بل بدأ قانونا عرفيا غير مكتوب. (و أعيد للمرة الثانية شرح كلمة غير مكتوب.) فليس القصد من هذه الجملة أن القانون ليس مكتوبا على ورق, و لكن المقصود أنه ليس مكتوبا بالصيغة الرسمية التى يتطلبها القانون الفرنسى. إذن كيف يتعرف الناس على القانون الإنجليزى الذى ليس مكتوبا؟ أغلب القوانين الإنجليزية التى تسمى حاليا " Common Law , " يمكن تقسيمها تحت نوعين: الأول: Leges non Scriptae أى القانون غير المكتوب فى نص تشريعى, و يتضمن العادات و التقاليد التى تعارف الناس على إتباعها عبر السنين, و التى طبقتها المحاكم الأقليمية, كل حسب نوع العادات المحلية, و التى تم توحيدا بعد إنشاء نظام قضائى مركزى, حعل القانون العرفى متطابقا فى جميع إنجلترا, و الثانى: Leges Scriptae, أى القانون المكتوب فى نص تشريعى, و لكن هذا النص ليس بالضرورة صادرا من البرلمان, بل من الملك, الذى أصدره بإرادة منفردة. كذلك القوانين المكتوبة التى أستوردها الفرنسيون عند تطبثق القانون الكنسى, و القانون التجارى, و القانون البحرى, و لكن تطبيق هذه القوانين لم يكن إعترافا بشرعيتها البرلمانية, بل لأن الفرنسيين طبقوها, و دخلت ضمن نظامهم الإدارى الذى طبقوه على المحاكم الإنجليزية أثناء إحتلال البلاد. كون هذين المصدرين قانونا طبقته المحاكم المختلفة, و أصبح قانونا موحدا, لم يصدر من برلمان ذى سيادة, بل تطور فى المحاكم, و أصبح قانون الدولة, هذا, و قد تطور الدستور الإنجليزى بنفس الطريقة تماما, فالدستور لا يتواجد فى وثيقة واحدة, بل فى أوامر ملكية قديمة, و إتفاقات دولية, و حروب أهلية, و قرارات مجالس اللوردات, قبل تطور البرلمان الإنجليزى, ليصبح سلطة تشريعية. إذن فالفروق التاريخية يمكن تلخيصها فى أن فرنسا إتبعت النموذج البرلمانى فى التشريع, و الذى إقتبسوه من القانون المدنى الرومانى, الذى تطور على مر الزمن, و أنتشر فى معظم دول أوروبا( حتى أسكتلندا تطبقه) بينما أستبقت بريطانيا قوانينها العرفية التى تطورت فى المحاكم نتيجة لتطبيق السوابق القضائية. و لكن هنا, و قبل أن أنتقل الى النقطة التالية, يجب أن ألفت النظر أن البرلمان الإنجليزى مازال له الكلمة الأخيرة, فالتشريع له أسبقية التطبيق حاليا على القانون العرفى, و لكن هذا أيضا سيحتاج لمزيد من الشرح فى المقالات الآتية. و الى اللقاء غدا مع الجزء التالى: ثانيا: الطبيعة الجغرافية و الديموغرافية. أعز الولد ولد الولد إهداء إلى حفيدى آدم: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
الأفوكاتو بتاريخ: 6 يوليو 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 6 يوليو 2004 الفرق بين القانون الفرنسى, و القوانين الأنجلوسكسونية. ثانيا: الطبيعة الجغرافية و الديموغرافية: إستكمالا لمقالى السابق, سأتكلم الآن عن العوامل الجغرافية و الديمغرافية التى تساهم فى إختلاف شكل الدساتير. تختلف الدساتير أيضا طبقا لبعض ظروف الدولة الجغرافية, و يتواجد هذا الخلاف , ليس فقط بين المعسكر الفرنسى, و المعسكر الأنجلو ساكسونى, بل يتواجد أيضا هذا الخلاف بوضوح فى داخل المعسكرات نفسها. ففرنسا مثلا تتكون من شعب واحد, يسكن مكان واحد, و له برلمان واحد, و مصر , حين كانت تتبع النموذج الفرنسى, ( و مازالت تتبعه هلاميا الآن) كانت أيضا دولة ذات حكومة مركزية, تحكم شعب متجانس, و لها برلمان واحد( من مجلسين) و لكن , عند النظر الى دولة مثل سويسرا, نجد أن الأمر يختلف, فسويسرا , تنقسم جغرافيا و ديموجرافيا الى دويلات, يسكنها تشكيلة من الإثنيات, و أو العرقيات, نتيجة تكوينها من أجزاء دول مجاورة شاركتها فى الحدود, و يتحدث أهل سويسرا عدة لغات بالإضافة الى اللغة السويسرية, هى الفرنسية, و الأيطالية, و الألمانية, و لكل ولاية دستور مستقل, كما أن الحكومة الفدرالية لها أيضا دستورها , يحدد إختصاصات الدساتير الإقليمية, و إختصاصات الحكومة الفدرالية. و نفس الشيئ يمكن قوله عن ألمانيا الإتحادية, فرغم وحدة اللغ, إلا أنها تتكون من أقاليم لكل منها حكومتها الإقليمية, و ترأسها حكومة فيدرالية, و دستور فيديرالى, يتنازع الإختصاص مع الحكومات الإقليمية. فإذا إنتقلنا الى معسكر الدول ذات الأصل الإنجليزى مثل إنجلترا, و كندا, و أمريكا, و أستراليا, و نيوزيلاندة, سنجد أن بعضها يتكون من مجموعة دويلات, توحدت تحت حكومة فيدرالية, و من هذه الدول : الولايات المتحدة كندا أستراليا بينما بقيت نيوزيلاندا حكومة واحدة, و شعبا واحدا.( و لكنه ينقسم إثنيا الى " الكيوى", أى الغربيين, و" الموارى", أى السكان الأصليين) أما إنجلترا, فإن أمرها غريب, فإلى جانب أن شمال إيرلاندا يخضع للحكم الإنجليزى, فإن سكوتلاندا, وهى جزء من التاج البريطانى, لها حكومة مستقلة, و ينتمى تشريعها الى القانون الرومانى, حيث تم إدماج قوانينها العرفية القديمة فى نشريعات برلمانية حديثة, و أصبح التشريع البرلمانى هو المصدر الوحيد للقانون. و فى الدول التى أشرت اليها عاليه, ( أى الولايات المتحدة, و أستراليا, و كندا) نجد أنه إلى جانب الحكومة المركزية الفدرالية, توجد حكومات إقليمية, فى شكل ولايات, أو أقاليم, أو تشكيلة من كليهما( كما فى أستراليا) ويخنلف الدستور الكندى عن الدستور الأمريكى فى أنه يعطى للولايات سلطات أوسع, و ذلك لأن الطبيعة الديموغرافية تحتم ذلك, و تقتصر سلطات الحكومة الفدرالية على الأساسيات, مثل الدفاع, و النقد, و العلاقات الخارجية, أما فى الولايات المتحدة, فالأمر أكثر تعقيدا, لأن دساتير الولايات تعطيها إختصاصات محددة, و ما عداها, يكون من إختصاص الحكومة اليفدرالية. و قد إقتبست إستراليا دستورا يجمع ما بين الإثنين, فاحتفظت الولايات بدساتيرها التى تمتعت بها قبل الوحدة الفدرالية , التى تمت فى أوائل عام 1901, و تركت بعض الأمور السيادية ( المنصوص عليها فى المادة 51 من الدستور الفدرالى الأسترالى) ضمن إختصاص الحكومة الفدرالية, و ماعدا هذه الإختصاصات, تقرر أن يكون من إختصاص كل ولاية على حدة. و قد تكونت مشكلة , فكثير من الأمور التى يتمتع بها الدستور الفيدرالى, يتواجد ضمن إختصاصات دساتيرالولايات الأسترالية, مثل المواصلات, و التعليم, و الصحة.و التجارة الداخلية. و حسما لهذا النزاع, تم النص فى الدستور الفيدرالى على أنه فى حالة صدور قوانين فى نفس الموضوع من البرلمان الفيدرالى, و برلمان الولاية, تكون السيادة للقانون الصادر من البرلمان الفيدرالى. و لكن فى المقابل, إذا عجزت الولايات عن أصدار قوانين موحدة فى الأمور التى تقع فى إختصاصها, و لكنها لا تقع ضمن إختصاصات البرلمان الفيدرالى, فإن الولايات يمكنها التنازل عن حق التشريع فى هذا الأمر, و يتم الإتفاق بين جميع الولايات على التنازل للحكومة الفيدرالية عن حقهم فى التشريع فى هذا الأمر. و قد حدث ذلك من حوالى 20 عاما, حين تنازلت الولايات الأسترالية عن حقها فى إصدار قوانين الأحوال الشخصية, و ثم توحيدها فى قانون فيدرالى واحد. سأتوقف هنا, و الى اللقاء فى الجزء الثالث: إختلاف نمط.أو أسلوب تطبيق القانون. أعز الولد ولد الولد إهداء إلى حفيدى آدم: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
الأفوكاتو بتاريخ: 6 يوليو 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 6 يوليو 2004 تابع مقارنة الدساتير. ثالثا: إختلاف نمط , أو أسلوب, تطبيق القانون ( المحاكمة). بعدالتمهيد و الإستعداد للإجابة على أسئلة الدكتور أبو حلاوة, سوف أشرح العنصر الأخير من العناصر التى تؤدى الى إختلاف الدستور الفرنسى, عن الدساتير الأنجلوسكسونية, مشيرا الى قضية " الف أكيتاين" التى أشار اليها الأخ أبو حلاوة. القانون, و الدستور, كلاهما كلمات مكتوبة على ورق, و لا قيمة لهذه الكلامات بدون تواجد آليات تفعيل ما تتضمنه هذه الوريقات من نصوص, و كلمات براقة. و قبل أن أتناول تأثير اختلاف أسلوب تطبيق القانون فى النظم المختلفة, فلا بد أن أشير الى أن نظرية الفصل بين السلطات, التى أشرت اليها مرارا فى هذا الباب, تبدوا نظرية رائعة, حيث تمنع تعدى إحدى السلطات , على إختصاصات السلطات الأخرى. و لكنى شرحت أيضا أن هذه النظرية, ليست فى الواقع سوى نظرية, أو حلم جميل, لم يتحقق, و يمكن الرجوع الى مقالى الموجود فى سياق هذا الموضوع. إذن, ما هى أساليب إعمال القانون, أو تنفيذه, التى تتبعها الدول المتحضرة لكى تتوصل الى أفضل تطبيق للقانون, و التوصل الى أقصى درجات العدالة؟ يرجعنا ذلك مرة أخرى إلى الفرق بين القوانين المستمدة من القانون الرومانى ( مثل الفرنسى), و القوانين المستندة من القانون العرفى الإنجليزى , Common Law ,( إنجلترا, أستراليا, نيوزيلاندا, كندا, أمريكا) فالمحاكم التى تعمل فى ظل القانون الرومانى, و لنأخذ القانون الفرنسى مثلا, تقوم بأداء دورها طبقا لنظام يسمى: النظام "التحقيقى" أو "البحثى" Inquisitorial System , و بمقتضى هذا النظام, أو الأسلوب, يكون من سلطة القاضى التمتع بصلاحيات لا يوفرها القانون الإنجليزى ( كما سأشرح بعد قليل). فالقاضى الفرنسى يستطيع توجيه إتهام جديد للمتهم, غير ذلك الذى تم تحويله الى المحاكمة بسبه, كما أن القاضى يمكنه إيقاف المحاكمة أى وقت يشاء, لكى يطلب من أحد طرفى النزاع, تقديم مستندات, أو أدلة جديدة. كما يمكن للقاضى الفرنسى أن يستجوب المتهم , و أن ينااقشه, كما يستجوب الشهود.بل يستطيع إستجواب, و مناقشة ممثل الإدعاء و ممثل الدفاع . و لكن , فى نظام القانون الأنجلوساكسونى, و الذى يسمى : نظام, أو أسلوب :" المنازلة", أو "المخاصمة ", و بالإنجليزية: Adversary System , يقتصر دور القاضى على مراقبة تنفيذ قواعد الإجراءات, و التأكد أن أطراف النزاع يلتزمون بقواعد المحاكمة. ثم إصدار الحكم بناء على الأدلة التى تم تقديمها من طرفى النزاع, فالقاضى لا يحكم بما يعرف خارج قاعة المحكمة, و سواء كان سماع القضية بحضور محلفين , أم لا , فإن القاضى يكون حكما بين الإتهام من جهة, و الدفاع , من جهة أخرى. و لا يجوز للقاضى أن يستجوب المتهم, أو الشهود, إلا بغرض الإستيضاح, كما تتلخص مهمة القاضى, إذا تواجد محلفون, فى أن يشرح لهم قواعد اللعبة, ثم يشرح لهم عناصر الجريمة التى يحاكم من أجلها المتهم, و يطلب منهم التظر فى الوقائع التى تثبت من الأدلة المقدمة الى المحكمة من كلا الطرفين, و بعد السماع أقوال الشهود, فإذا اعتقدوا أن المتهم قد إرتكب الأفعال المكونة للجريمة, فعليهم أن يجدوه مذنب, أما إذا كان لديهم أى شك فى أن ما قام به المتهم يرقى الى إرتكاب الجريمة التى يحاكم من أجلها, فعليهم أن يجدوه غير مذنب. و أخير, يقتصر دور القاضى النهائى على توقيع العقوبة المناسبة, بعد سماع أدلة بتواجد بظروف مخففة, أو ظروف مشددة. و قرار المحلفين يجب أن يكون إجماعيا, فإذا لم يتوصلوا الى قرار باالبراءة أو الإدانة, فلا بد من إجراء محاكمة ثانية. هنا يمكن الرد على سؤال الأخ الدكتور أبو حلاوة. ففى فرنسا مثلا, متى أقيمت الدعوى على المتهم, فالقاضى مُكلف بالنظر, و التحقيق فيها, و متابعة الأدلة, و الأمر بإحضاره, و إستدعاء شهود جدد, و الأمر بالقبض على أشخاص آخرين ورد أسمهم فى القضية, و يشتبه فى مشاركتهم فى الجرم. أما فى النظام الإنجليزى, الذى ورثه الأمريكان, فإن مهمة إثبات جرم المتهم تقع كاملا على عاتق الإتهام. و إذا فشل الإتهام فى تحقيق ذلك, فإن القاضى سوف يقذف بالقضية من الشباك, أو فى سلة المهملات. يضاف الى ذلك مسألة الفصل بين السلطات, فالعلاقة بين سلطات الإتهام , و السلطة التنفيذية قوية, بحيث من الممكن أن يتغاضى المدعى العام عن تقديم أدلة مهمة و جوهرية قد تؤدى الى إدانة المتهم, و ذلك متى طلبت منه السلطة التنفيذية ذلك, لأسباب سياسية أو أمنية. أعتقد أنى قد شرحت جميع أبعاد سؤال الأخ أبو حلاوة, و لن أتطوع لتقديم تقييم لأى من هذه النظم, حيث أن مهمتى , فى محاولة الرد على هذا السؤال, تقتصر على شرح القانون كما هو مُطبق, و ليس كما أتمنى أن يكون. و تقبلوا تحياتى. أعز الولد ولد الولد إهداء إلى حفيدى آدم: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
ابو حلاوه بتاريخ: 7 يوليو 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 7 يوليو 2004 أجمل ما يتيحه المنتدي للمشاركين فيه تلك الفرصة الرائعة للمعرفة و الاطلاع ... عزيزي الافوكاتو ... شكرا جزيلا الرئيس مسئول عن كل ما تعاني منه مصر الأن لا رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
الأفوكاتو بتاريخ: 7 يوليو 2004 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 7 يوليو 2004 لا شكر على واجب أعز الولد ولد الولد إهداء إلى حفيدى آدم: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان