اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

ادب نجيب محفوظ ......زوايا اخرى فى ذكرى ميلاده


مغتربة

Recommended Posts

بمناسبه ذكرى ميلاد نجيب محفوظ التى صادفت يوم امس جمعت بعض المقالات ربما النقديه و ربما الدراسيه لادب نجيب محفوظ بغرض القاء الضوء بشكل اكثر قربا على انتاجه الادبى المتميز

عذرا على طول المقالات او الدراسات التى ساوردها لكنها تستحق القاء النظر عليها

حرافيش نجيب محفوظ

على مقهى قشتمر

6 أيلول (سبتمبر) 2006بقلم أحمد فضل شبلول

يهتم نجيب محفوظ كثيرا في أعماله الروائية بالأماكن الضيقة أو المحدودة التي تجمع عادة بين أكثر من صنف من الناس، هكذا كان في "ميرامار" الذي هو عبارة عن بنسيون صغير الحجم في الإسكندرية يجمع بين مجموعة من الناس (رجالاً ونساء) لكل واحد حكايته وماضية وخوفه وحزنه وتطلعاته المستقبلية، وهكذا كان في "ثرثرة فوق النيل" حيث العوامة التي تدور فيها أحداث الرواية بشخصياتها المتعددة البسيطة والمركبة، وهو يفعل الشيء نفسه في روايته "قشتمر".

وقشتمر هو ذلك المقهى الصغير في حي العباسية بالقاهرة الذي اكتشفه الأصدقاء الخمسة منذ حداثة سنهم، وكان هذا في العشرينات من القرن العشرين. يقول الكاتب ص28 "هكذا عرفنا قشتمر في أواخر عام 1923م أو أوائل 1924م" وظلوا يلتقون عليه بصفة شبه يومية إلى أن احتفلوا عام 1985م بعيد ميلاد صداقتهم السبعين في المقهى نفسه.

ولئن كانت رواية "يوم قتل الزعيم" مثلاً للرواية الصوتية أو رواية الشخصيات عند نجيب محفوظ، ورواية مثل "زقاق المدق" هي رواية المكان، فإن رواية "قشتمر" جمعت بين الاثنين معاً، بمعنى أنها رواية مكان ورواية شخصيات، فضلا عن أنها رواية زمان ـ كما سنرى ـ فالمكان هو "قشتمر" الشاهد على مرور الزمن والأحداث، بينما الشخصيات ـ من خلال الراوي ـ هي التي تتفاعل مع الزمان والمكان، أما الزمان ـ وهو سبعون عاما ـ فهو زمن الأحداث والعمر التقريبي للشخصيات الخمس التي لم يختف أحد منها سواء بالموت أو الهجرة حتى نهاية الرواية، (العمر الحقيقي لكل شخصية من الشخصيات الخمس هو خمسة وسبعون عاماً حتى تاريخ الاحتفال بعيد ميلاد الصداقة).

حوالي نصف قرن من الزمان تمر على قشتمر وجلسائها، يشهدون فيها على أحداث عصرهم العجيب الذي شهد ارتفاع أناس، وتقهقر أناس، وموت أناس، وميلاد أناس، وشهد قيام المظاهرات ضد الإنجليز، وإضرابات الطلبة والعمال، وتعاقب الحكومات بانتماءاتها المختلفة، وحريق القاهرة، وقيام ثورة 23 يوليو 1952، وجلاء الإنجليز، وتأميم قناة السويس، والعدوان الثلاثي على مصر، وقيام الوحدة بين مصر وسوريا، وقرارات التأميم، وحرب اليمن، وهزيمة 1967م، وحرب الاستنزاف، وموت جمال عبد الناصر وتولي أنور السادات الحكم، وانتصار 1973م واتفاقيات وقف إطلاق النار، والانفتاح الاقتصادي، وعودة الأحزاب، وزيارة السادات لإسرائيل، واتفاقية كامب ديفيد، ومقتل السادات وتولي حسني مبارك الحكم.

كل هذه الأحداث تمر على البلد وأصدقاء قشتمر الخمسة يزدادون حباً ومودة لبعضهم البعض (والمودة التي بينهم صافية لا تشوبها شائبة) والدليل على ذلك سبعون عاما من الصداقة (تسير الأيام بلا توقف لا تعترف بهدنة أو استراحة، نحن نكبر، وحبنا يكبر، إن غاب أحدنا ليلة لعذر قهري قلقنا وتكدرنا) ولا سبيل لمواجهة الهزيمة وغوائل الزمن إلا بالحب والمودة والصداقة، لقد كان هذا هو السياج الذي يحمي إنسانيتهم ويشعرهم بوجودهم وآدميتهم ويخرجهم من دوامة الأحزان والمصائب والآلام. يقول ص57: "واقتصر المجلس على خمستنا أصبحنا من معالم المقهى، وظل قشتمر أحب الأماكن إلينا بل هو المأوى الذي نخلو فيه إلى أنفسنا ونتبادل عواطف المودة". فمن هم هؤلاء الخمسة أصدقاء قشتمر ؟ أو حرافيش نجيب محفوظ الجدد ؟.

يقدمهم لنا نجيب محفوظ بقوله ص5 "بدؤوا التعارف عام 1915م في فناء مدرسة البراموني الأولية دخلوها في الخامسة وغادروها في التاسعة، ولدوا عام 1910م في أشهر مختلفة ولم يبرحوا حيهم حتى اليوم، وسيدفنون في قرافة باب النصر، تضخمت جماعتهم بمن انضم إليهم من الجيران، جاوزوا العشرين عداً، ولكن ذهب من ذهب بالانتقال من الحي أو بالموت، وبقي خمسة لا يفترقون ولا تهن أواصرهم، هؤلاء الأربعة والراوي التحموا بتجانس روحي صمد للأحداث والزمن، حتى التفاوت الطبقي لم ينل منهم، إنها الصداقة في كمالها وأبديتها، الخمسة واحد، والواحد خمسة منذ الطفولة الخضراء وحتى الشيخوخة المتهاوية حتى الموت".

وبداية لا بد أن يلفت نظرنا أن شخصية الراوي هي شخصية نجيب محفوظ نفسه، وهي شخصية لا دور لها سوى الحكي أو القص والتذكر والشهادة على سير الأحداث وتقدمها ووقوعها، وكأن هذه الشخصية المحفوظية هي المنجم الذي يتفجر بالذكريات، ويتفجر معها القلم حبراً وكتابةً، إنه لا يقدم لنا نفسه مثلما فعل مع الأربعة الآخرين، بل يقول (اثنان منهم من العباسية الشرقية، واثنان من الغربية، والراوي أيضاً من الغربية، ولكنه خارج الموضوع).

أما الأربعة الآخرون فهم صادق صفوان الذي يقول له أبوه: "يا صادق اجتهد، أبوك لا يملك شيئا ليتركه لك فاجعل الشهادة وسيلتك إلى الوظيفة"، وإسماعيل قدري سليمان الذي يقول له أبوه: "أما أنت فمستقبلك بيدك"، وحمادة يسري الحلواني الذي ينصحه أبوه بقوله: "لا قيمة للمال بدون العلم والمركز"، وطاهر عبيد الأرملاوي الذي سيصبح شاعراً مشهوراً فيما بعد ويتحدى رغبة والديه في أن يكون طبيبا مثل أبيه الباشا، يقول له أبوه: "الشعر في ذاته حرفة الشحاذين". يقدم لنا الراوي ـ نجيب محفوظ ـ هذه الشخصيات الأربع ـ وعائلاتهم ـ من خلال السرد وحوار الأصدقاء عند التعرف واللقاءات المتعددة، ونلاحظ أنه يقدمهم لنا بحب شديد وإخلاص حقيقي رغم أنه يعتبر نفسه خارج الموضوع كما يقول.

ورغم أن آراءهم افترقت واختلفت حول سعد زغلول وثورة 1919م تبعا لاختلاف آراء أسرهم، فإنهم ظلوا محافظين على صداقتهم ومودتهم، يقول الكاتب ص19: "وشهدنا الأحداث تباعا فطرأ الخلاف بين سعد وعدلي على وحدة الثورة، ووجدنا طاهر في جانب وبقيتنا في جانب آخر، كما اختلفنا سابقا حول ماشست وفانتوم، ولكننا ـ بخلاف الزعماء ـ حافظنا على مودتنا وصداقتنا الباقية".

إن نجيب محفوظ لا يعتمد على الرواية الأحادية للأمور والأحداث، ولكنه يقدم لنا الرأي والرأي الآخر على طول الرواية، وقد ساعده على ذلك اختلاف الشخصيات، واختلاف تركيبتها الاجتماعية وانتماءاتها السياسية والفكرية والثقافية، يقول صادق صفوان ـ على سبيل المثال ـ عن قريبه رأفت باشا الذي كان ضد سعد زغلول ص30: "موقفه السياسي لا يمس مودتنا الراسخة، ويعاتب أبي كثيرا في رفق متسائلا إلى متى يا خالي تنخدع بذلك الرجل المهرج".

حتى اختلافاتهم في مجال الثقافة والأدب والأصالة والمعاصرة لا تفسد للود قضية بينهم (ويواصل ركن قشتمر سمره ما بين الأصالة والمعاصرة) ص61، إنهم حرافيش نجيب محفوظ وأصدقاؤه الذين لا يتخلفون عن اللقاء كل ليلة ويناقشون كل شيء بحب، حتى أمور الحب والمراهقة والزواج والطلاق يناقشونها في قشتمر الذي صار وطناً ثانيا لهم (ويمضي الزمن ويشهدون الحياة السياسية المصرية في تفسخها ولا انتماء لهم لحزب من الأحزاب).

لقد خرج من بين هذه الثلة من الأصدقاء شاعر كبير بفضل تشجيع أصحابه له وحثهم على المضي قدما في طريق الشعر رغم معارضة أسرته التي بالفعل ينفصل عنها لأنه أراد أن يشق طريقه في عالم الشعر وينبذ الطب، إنه طاهر عبيد الأرملاوي الذي ربما أراده نجيب محفوظ رمزاً للشاعر الراحل صلاح جاهين كاتب أغاني الثورة، يقول ص110: "ومن بين أفراد مجموعتنا الفانية يبزغ طاهر عبيد كالقمر في تألقه وينطلق في طريق النجاح كالشهاب، من أول يوم دعي إلى المشاركة في تحرير مجلة الثورة".

وبهزيمة 1967م يحزن طاهر عبيد أكثر مما يحزن الزعيم نفسه، يقول نجيب محفوظ ص119: "أما طاهر عبيد فقد حزن على الزعيم أكثر مما حزن الزعيم على نفسه، وتلا علينا ذات مساء قصيدة رثاء تقطر حزناً ومرارة وسخرية من النفس، ولم يسمع القصيدة أحد سوانا، ولم تعد الأجهزة تردد أغانيه فهي أغان لا تسمع إلا في جو النصر"، وأخذ طاهر يقول شعراً كثيراً "يفيض يأساً وحزناً وتشاؤماً، وتأثر في بعضه تأثراً واضحا بفن العبث، ولم ينشر شيئاً مما يمكن أن يسيء إلى البطل الجريح ولو من بعيد".

أما بقية الحرافيش في مقهى قشتمر فقد سارت الحياة بهم سيرها، فها هو صادق صفوان صديق الدراسة يفاجئهم بنيته فتح دكان خردوات وترك الدراسة والتفرغ لإدارة الدكان، وبالفعل يصبح من أشهر التجار وأغناهم في العباسية بعد ذلك، أما إسماعيل قدري سليمان فيطرد من كلية الآداب ويموت أبوه ويضطر للعمل موظفا بسيطا في دار الكتب، أما حمادة يسري الحلواني فيبدو أن نصيحة أبيه (لا قيمة للمال بدون العلم والمركز) قد فعلت فعلها، ولكن بطريقة عكسية، لأنه يرث ثورة كبيرة عن أبيه، ثم عن أمه فيقرر تبديدها والصرف منها على جميع ملذاته وسهراته وغرائزه، وكأنه يقول لأبيه (المهم المال ولا قيمة للعلم والمركز) ولكن يبدو أنه يتراجع عن فكرته هذه كلما تقدمت به السن، يقول ص143: "لا قيمة اليوم لأغنياء الزمن الماضي".

إن البطل الحقيقي في رواية قشتمر لنجيب محفوظ هو الزمن، فسبعون عاماً عمر الزمن بما يدور فيها من أحداث وتطورات وتغيرات في طبيعة البلد والبشر وحياتهم، هي البطل الرئيسي في هذه الرواية المضغوطة، ولأن سبعين عاما ليس بالعمر الهين في حياة الشخصيات الأربع فقد اضطر المؤلف إلى استخدام أسلوب النقلات الزمنية السريعة، وإزاء دور الزمن السريع لم يلجأ إلى أسلوب التحليل النفسي والاجتماعي والسياسي المعروف عنه في روايات أخرى، إلا بقدر.

إن رواية "قشتمر" لم يتعد عدد صفحاتها 148 صفحة من القطع الأقرب إلى الصغير (14×19سم) لذا فقد اعتمد الكاتب على أسلوب التقطيع والمونتاج السينمائي، وأحيانا كان يلجأ إلى أسلوب الاختزال مع إتاحة الفرصة لكل شخصية من شخصياته الأربع لأن تقول ما عندها وما يؤرقها ويقض مضجعها أو يسعدها في اجتماعهم الليلي في مقهى قشتمر، ونلاحظ ـ مرة أخرى ـ أن الراوي لا موقف له سوى التأمل، التأمل في طبيعة الزمن أو التأمل فيما يفعله الزمن في أصدقائه خلال سبعين عاما، والتأمل في طبيعة هذه الصداقة نفسها.

إنه يتأمل الماضي ويتشبث به "كلما ضن الحاضر بنبأ يسرِّ هرعنا إلى الماضي نقطف من ثماره الغائبة" ص146.

إن اقتراح الأصدقاء بالاحتفال بمرور سبعين عاما على صداقتهم الوطيدة في مقهى قشتمر هو احتفال ببطل الرواية وبالشخصية الفاعلة فيها بحكم طبيعتها وصيرورتها، إنه احتفال بالزمن وهو بالنسبة لهم زمن خاص جداً، لأنه لم تند عن أحدهم خلال هذا الزمن هفوة تسيء إلى الوفاء من قريب أو بعيد. إن تيار الزمن في الرواية يبدأ منذ وقت التعارف الذي يحدده الكاتب بعام 1915م حيث تمضي فترة الصبا الأولى ثم فترة الشباب الذي يولي بإطلالة جيل الأبناء إبراهيم وصبري ودرّية. إن أصدقاء قشتمر يشعرون بوطأة الزمن عليهم فيقول حمادة الحلواني بامتعاض ص94: "نحن نتقدم بسرعة في ذلك الطريق المجهول المسمى بالعمر" ويصيح صادق صفوان في الصفحة نفسها: "إليكم أول شعرة بيضاء في رؤوس شلتنا المصونة" ويتساءل طاهر عبيد ص95: "هل تتذكرون كيف التقينا بمدرسة البراموني الأولية ؟ كأنما حدث ذلك صباح اليوم"، حتى قشتمر لم يسلم من فعل الزمن، إنه أيضا طعن في السن وشاخ. وعندما يتقدم أحد الأصدقاء طالباً ابنة أحدهم لابنه يهز المجموعة ذلك الخبر هزة لطيفة تذكرهم بمرور الأيام، تذكرهم بمرور الزمن وبوجوده الخفي بين أصابعهم وفوق سرير جفونهم.

لقد انقضت الأعوام والأصدقاء يمضون على وتيرة واحدة وهم يدنون من الستين، ثم يمضي بهم الزمن ويطوون كل يوم خطوة في الحلقة السابعة، ويمسي قشتمر عضواً فيهم كما يمسون هم ركناً فيه. يقول صادق ص143: "حقا أصبحنا هياكل عظمية، وسيكون أتعسنا من يمتد به العمر بعد رحيل الآخرين"، إنهم يسمعون صلصلة عجلات الزمن ويرون قبضته وهي تطوي الصفحات الأخيرة من عمرهم، ويتساءل حمادة الحلواني: "ترى كيف تجيء النهاية ؟" ولكن إزاء هذا الإحساس المفعم بفعل الزمن وباقتراب خطوات النهاية يعتقدون أن صداقتهم لم يمر عليها سوى دقيقة واحدة، وأن الزمن يمضي ويبقى الحب جديدا إلى الأبد.

فلا سبيل إلى مواجهة فعل الزمن ـ البطل ـ سوى الحب والصداقة العميقة في كمالها وأبديتها، وهو الخطاب الأدبي الذي يحاول أن يجسده لنا نجيب محفوظ في "قشتمر". إذن نحن أمام فعلين رئيسين في هذه الرواية هما فعل الزمن مقابل فعل الحب والصداقة، وهما وجهان لعملة واحدة هي الحياة الإنسانية بكل ما فيها، وقد جسد الكاتب كلا الفعلين تجسيدا دراميا فاعلا في تلك الرواية المضغوطة. ولكن، أي الفعلين سيصمد في النهاية ؟ هل الحب والصداقة سينهزمان ويموتان تحت مطرقة الزمن ؟ يقول الكاتب على لسان إسماعيل قدري ص147 آخر صفحات الرواية "ينطوي التاريخ بما يحمل ويبقى الحب جديداً إلى الأبد"، وكأنه ينتصر لفعل الحب والصداقة مقابل فعل الزمن، فهل ستصدق رواية نجيب محفوظ أمام خيول الزمن الجامحة ؟ لو صدقت فإننا على الفور سنعدل أو سنغير من رؤيتنا للزمن على أنه بطل للرواية ونقول في هذه الحالة إن الحب والصداقة هما البطل الأول والأخير والأبدي في رواية "قشتمر".

EjGPv-c584_381280136.jpg

ما اجمل الانوثه عندما تمتطى صهوه الحياه

رابط هذا التعليق
شارك

الشخصية المسيحية فى أعمال نجيب محفوظ

ليلى فريد GMT 7:20:00 2010 السبت 4 ديسمبر

ليلى فريد: أتصور أننا كلنا نعرف نجيب محفوظ،، أديب مصر العظيم الذى نال جائزة نوبل عام 1988، والذى تحالفت عليه قوى الظلام، فأصدر الشيخ عمر عبد الرحمن فتوى بتكفيره، كان من نتيجتها أن طعنه فى رقبته شاب جاهل مغيب، وهو شيخ فى الثالثة والثمانين من عمره، ونجا من الموت بمعجزة إلهية، ليرحل عنا عام 2006، مخلفا ثروة أدبية وفكرية تربو على الخمس وثلاثين رواية، والثلاثمائة قصة قصيرة، بالإضافة للعديد من المقالات، وخمس مسرحيات من فصل واحد.

وإنه لمن المثير للاهتمام أن نعرف موقع الشخصية المسيحية فى وسط هذا الكم الهائل من الأعمال. والحقيقة أنه من الصعب الفصل الكامل بين المسيحيين الذين أظهرهم محفوظ كشخصيات روائية، والمسيحيين الذين التقى بهم فى الحياة الواقعية. لأن العديد من شخوصه الفنية هى من وحى أناس حقيقيين عرفهم خلال مشوار عمره؛ كما سنرى لاحقا.

وسنلاحظ أن النماذج المسيحية فى أعماله قليلة. و السبب فى ذلك، فى تصورى، هو أن محفوظ لم يكتب إلا عما عرفه واختبره جيدا. فأعماله محورها الحارة والأحياء الشعبية، والطبقة الوسطى من موظفين وتجار وطلبة. لم يكتب مثلا عن الريف و الصعيد أو الفلاحين وعمال التراحيل ؛ ببساطة لأنها أماكن لم يعش فيها، و أناس لم يخالطهم. ومن الطبيعى أن يكون عدد من عرفه حق المعرفة من المسيحيين متفقا مع نسبتهم العددية فى مصر.

ولنتحدث قليلا عن ظروفه الحياتية التى شكلت حدود علاقاته ومعارفه. ولد نجيب محفوظ عام 1911 فى حى الجمالية لأسرة غير متعصبة، ولكن الثقافة الوحيدة فى بيته كانت ذات طابع دينى. أبوه لم يتردد فى تسميته باسم الطبيب القبطى الذى أنقذ الأم والمولود من الولادة المتعسرة. الأم - رغم أميتها- كانت مولعة بزيارة الآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية. وكثيرا ما أخذت ابنها الصغير فى يدها وجالت به بين حجرة الموميات بالمتحف المصرى، والمساجد وأضرحة الأولياء، والكنائس والأديرة. ورغم أن معلوماتها عن كل هذه الأشياء كانت مغلفة بالأساطير، إلا أن الطفل قد تشرب منها التسامح والمحبة للجميع؛ فقد كان يسمعها تقول عن الحسين ومار جرجس أن كلاهما بركة، وكان يراها تصادق الراهبات، ويزرنها فى بيتها عندما تمرض.

ولكن نشأته الأولى فى الحى الشعبى المجاور للحسين، الذى يكاد يقتصر سكانه على المسلمين، قد جعلت دائرة أصدقائه فى هذه المرحلة المبكرة من حياته، تكاد تخلو من المسيحيين.

وعندما خرج إلى حياة أوسع، فى المدرسة والجامعة والوظيفة، اتسعت دائرة زملائه وأصدقائه؛ فدخل المسيحيون عالمه، ولكن بقدر محدود يتفق مع كونهم أقلية عددية.

نجد أن مجموعة الأصدقاء المقربين (الحرافيش) لم تضم إلا مسيحيا واحدا هو عادل كامل الذى كتب روايتان ثم انصرف عن صنعة الأدب.

وعندما اختار محفوظ سبع شخصيات ليكونوا طليعة أساتذته الذين يدين لهم بتشكيل فكره وثقافته، وضع من بينهم سلامة موسى؛ الرائد السابق لعصره فى آراءه التقدمية، وتبشيره بالعلم، ومناداته بالعدالة الاجتماعية. كان سلامة موسى مشجعا للموهوبين، ومدافعا عن الحق بغض النظرعن العقيدة الدينية أو الاتجاه الفكرى؛ فأفسح المجال للطالب الصغير نجيب محفوظ لنشر مقالاته فى المجلة التى كان يصدرها، ونشر له أول رواياته. ورغم الاتهامات المتبادلة بينه وبين العقاد وطه حسين، وقف بجوار الأول عندما سجن بتهمة العيب فى الذات الملكية، ودافع عن الثانى عندما طرد من الجامعة.

ومن أساتذة محفوظ المختارين أيضا الشيخ مصطفى عبد الرازق، الذى تتلمذ على يديه فى قسم الفلسفة بالجامعة. وكان بدوره عالما مستنيرا بعيدا عن التعصب. ولم يمنعه اعتقاده أن تلميذه نجيب محفوظ مسيحى ( بسبب اسمه) من احتضانه و تشجيعه.

ولأن نجيب محفوظ كان وفديا حتى النخاع، شب فى أحضان ثورة 1919 التى طبقت عمليا شعار:" الدين لله والوطن للجميع"، فقد تشبع بمبادىء التسامح والمواطنة.

والواقع أن كل من عرفه يدرك تماما أنه كان أبعد مخلوق عن التعصب الدينى. أقواله وأفعاله- التى هى تعبير صادق عن مبادئه- تشهد بذلك. كان من أشد المعجبين بفن نجيب الريحانى. وكانت قائمة أصدقائه وتلاميذه تضم الكثير من المسيحيين الذين أخلص لهم الود، ولم يبخل عليهم بالتشجيع والإرشاد. لويس عوض ويوسف جوهر وغالى شكرى ومجدى وهبة وادوار الخراط ويوسف الشارونى وتوفيق حنا والفريد فرج ونبيل راغب وماهر شفيق كلهم أمثلة واضحة على ذلك.

لم يصدر عنه يوما¬- على امتداد عمره الطويل- قولا أو فعلا يشتم منه موقفا سلبيا تجاه المخالف له فى العقيدة. ولم تمنعه كراهيته للاحتلال البريطانى من تعلم الإنجليزية، والاستمتاع بالأدب العالمى، والإعجاب بمدرسيه الأجانب، وتقدير الحضارة الغربية، والدعوة إلى الاقتداء بالغرب فى تقدمه العلمى ورقيه الإنسانى. وكثيرا ما صرح بمفهومه عن الدين فقال:"الدين بمنتهى البساطة هو الإيمان بخالق هذا الكون. والمهمة الأساسية له هى معاملة الناس على أساس أخلاقى".

ومن الواضح أن محفوظ، بثقافته الواسعة، قد قرأ التوراة والإنجيل قراءة جيدة، وانعكست هذه القراءة على بعض أعماله القصصية. وها هنا أمثلة لها:

- القصة القصيرة أيوب، من مجموعة الشيطان يعظ،، هى من وحى سفر أيوب فى الكتاب المقدس. و تروى قصة رجل أعمال يتمتع، ويمتع أسرته، بالجاه والمال، أصابه مرض جعله قعيد الفراش ويعانى من الإحباط و الاكتئاب. وعلى غير توقع يزوره صديق قديم لم يره منذ عشرين عاما (د. جلال أبو السعود). ومن خلال أحاديثهما الطويلة يقود الزائر العجيب رجل الأعمال فى رحلة مواجهة مع الذات، ومكاشفة مع ضميره الذى عاش طويلا فى سبات عميق. وأسفرت هذه التجربة المزلزلة عن تحرر الغنى من زيف الحياة التى كان يعيشها، وعن تصميمه على التغيير. ورغم تعافيه من مرضه الجسدى، فقد قر قراره على اتخاذ خطوة شجاعة- رغم أنها ستقوض أسس حياته وحياة أسرته اللاهية بمسراتها- وهى كتابة مذكرات يعترف فيها بكل أخطاء الماضى والأساليب الملتوية والأعمال اللا أخلاقية التى أوصلته إلى المركز والثراء. وتذكرنا المناجاة الطويلة بين البطل وصديقه بمحاجاة أيوب مع أصحابه الثلاثة: أليفاز التيمانى وبلدد الشوحى وصوفر النعمانى ثم مع أليهو بن برخئيل البوزى.

- وقصة زعبلاوى فى مجموعة أهل الهوى، قد حللها و لفت النظر إلى إيحاءاتها الدينية القوية الناقد الدكتور ماهر شفيق فريد. بحث البطل هنا عن زعبلاوى الوحيد القادر على شفائه من دائه المستعصى، هو شبيه ببحث صابر فى رواية الطريق عن الأب الذى سيجد فى أحضانه الكرامة والسلام. هو بحث الإنسان- القديم قدم الخليقة- عن الله. القصة رمزية فزعبلاوى فيها " عجيب القدرة، يشفى من المتاعب التى يعجز عنها البشر. ولكنه لغز، لا يعرف له مكان، يحضر ويختفى بلا موعد". والواقع أن فى قصة زعبلاوى إيماءات كثيرة إلى شخص السيد المسيح. يقول البطل الباحث عنه: "أنا على استعداد لأعطيه ما يريد من نقود"، فيرد من يعرف زعبلاوى:"إنه لا تغريه المغريات، ولكنه يشفيك إذا قابلته". فيسأل غير مصدق: "بلا مقابل؟". ويأتيه الجواب: "بمجرد أن يشعر أنك تحبه". دعونا أيضا نتأمل فى أوصاف أخرى لزعبلاوى: "شيال الهموم والمتاعب. كنا نراه معجزة. فى وجه جمال لا يمكن أن ينسى. هو حى لم يمت. لا مسكن له". وتروى القصة أن البطل سكر وغاب عن الوعى، وعندما أفاق وجد رأسه مبتلا. وقيل له أن زعبلاوى قد حضر أثناء نومه، وعطف عليه فراح يبلل رأسه بالماء لعله يفيق. وطبعا العماد فى المسيحية هو رمز الميلاد الروحى الجديد. وتنتهى القصة بنبرة أمل وتصميم. فرغم فشل البطل فى لقاء زعبلاوى فإنه لا ييأس و يقول: " وقلت على أن أنتظر وأن أروض نفسى على الصبر. وحسبى أنى تأكدت من وجود زعبلاوى، بل ومن عطفه على، مما يبشر باستعداده لمداواتى إذا تم اللقاء... الحق أننى اقتنعت تماما بأن على أن أجد زعبلاوى. نعم، على أن أجد زعبلاوى".

- وفى أصداء السيرة الذاتية، وهى عبارة عن لمحات مبهرة لاتزيد الواحدة منها عن بضعة أسطر، نجد تحت عنوان النداء: " أحيانا يظهر لى بوجهه الجميل فيلقى إلى نظرة رقيقة ويهمس: ’اترك كل شىء واتبعنى‘. قد يلقانى وأنا فى غاية الإحباط، وقد يلقانى وأنا فى غاية السرور، ودائما ينتزع من صدرى الطرب والعصيان. وكلانا لم يعرف اليأس بعد ".

-

- - أما ملحمة الحرافيش، التى تمثل حلم المدينة الفاضلة، فهى مكتوبة بلغة فريدة. جمل قصيرة خالية من حروف العطف. معانى مركزة. لغة شعرية حافلة بالحكمة والتأمل. ويرى الناقد رجاء النقاش أن أسلوبها شديد التأثر بمزامير داود لدرجة أنه أطلق عليها: "مزامير نجيب محفوظ" ولكنى أتصور أنها تحمل أيضا أصداء من سفر الأمثال. هيا نستمع إلى أمثلة من الحكمة المقطرة فى عبارات مختزلة: " لو أن شيئا يمكن أن يدوم على حال فلم تتعاقب الفصول؟!. ما دام يوجد خطأ فلا بد أن يوجد صواب. البسمة قدر والدمعة قدر. من يسترشد يجد من يرشده. قدح الحياة حتى فى أسعد أحوالها لا يخلو من كدر وسم. العدل قيمة يحبها فى النهاية من ينتفع بها ومن يخسر. الإنسان لعبة هزيلة والحياة حلم. من يحمل الماضى تتعثر خطاه. لا خجل فى الضعف إذا المرء عليه انتصر. الحزن كالوباء يوجب العزلة".

- - وتناول محفوظ لشخصية المرأة الساقطة فى أعماله، من أمثال نفيسة فى بداية ونهاية، نور فى اللص والكلاب، وريرى فى السمان والخريف، يذكرنا بموقف السيد المسيح من المرأة الخاطئة: "من كان منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر". فنجد محفوظ لا يدينهن، بل يتعامل معهن برحمة، وبتفهم للظروف القاسية التى دفعتهن إلى السقوط، ولا يغفل النواحى الطيبة فى شخصية كل منهن.

- - أما العمل الذى أثار أزمة كبرى، وكاد أن يكلف الكاتب حياته، فهو أولاد حارتنا. ورغم أن تأثيرالكتب الدينية جلى فى الرواية، وخلفيتها مستلهمة منها، ورغم أن الرمز فيها واضح لا يمكن إنكاره، فأبطالها شخصيات موازية للأنبياء؛ بل ومن المحتمل للخالق جل جلاله، فإن الرواية عمل فنى قد يستمد عناصره من مصادر معروفة، ولكنه لا يترجمها ترجمة حرفية. وشخصيات الرواية ليست تصويرا فوتوغرافيا لشخصيات محددة، فالشخصية الفنية رغم أنه قد يكون لها أصل فى الواقع، فإنها فى الإطار القصصى تصبح مجرد شخصية روائية لا يجب أن يحاسب عليها المؤلف إلا فنيا.

ومن حسن الحظ أن المسيحيين بلا استثناء تقريبا، قد تقبلوا الرواية من هذا المنطلق، وقرءوها على أنها عمل أدبي وليست نصا دينيا، ولم يعتبروا أنها تشويه لقصة الخلق ورسالة الأنبياء. وبالتالى لم يغضبوا من الطريقة التى صورت بها شخصية رفاعة، التى تعتبر موازية للسيد المسيح فى التسلسل الروائى.

والرواية كما أراها- ويراها الكثيرون- هى تصوير لبحث الإنسان الأزلى عن اليقين والسعادة والعدالة. ويلقى محفوظ بتساؤلات فلسفية يتركها بلا إجابات قاطعة. هل تحقيق المراد يكون عن طريق القوة أم المحبة أم العدل أم العلم؟!

ورفاعة فى الرواية أثنى أصحابه عن السعى إلى الإرث الأرضى (أو الوقف كما رمز له فى القصة)، ونبذ العنف، ودعى إلى الحب ولهزيمة الشر بالخير، وجعل جل همه شفاء النفوس و تخليصها من الخطيئة الكامنة فيها ( أو العفاريت كما فى النص الأدبى)، ولم يبخل على غير آله بنعمة الشفاء. وكانت هذه هى خلاصة الرسالة التى حملها تلاميذه من بعده. ولأنه شخصية روائية وليس نسخة مطابقة لشخص السيد المسيح طبقا لما جاء فى الإنجيل، فلا مانع من أن يكون لرفاعة فى القصة أب وأم كباقى الخلق، وأن يتزوج من امرأة خاطئة، بل وأن يعير بأنه "كودية زار"، و أن يرفع الجبلاوى (الشخصية الملغزة المحيرة للعقول التى لم يرها أحد) جثته ويدفنها فى حديقته. فكل هذا يدخل فى إطار الصنعة الفنية.

ونلمح مفهومه لبعض الجوانب من العقيدة المسيحية ونظرة الآخرين لها فى ثنايا أعماله:

- ففى القصة القصيرة البارمان، من مجموعة خمارة القط الأسود، نجد البارمان اليونانى الخواجا فاسيليادس يحدث الراوى عما وراء الموت فيقول:" إذا جاء الموت أعقبته سعادة كبرى... ألا يشبه الظلام الذى أتيت منه الظلام الذى ستذهب إليه بعد عمر طويل؟ وقد أمكن أن يخرج من الظلام الأول حياة، فما يمنع من أن تستمر الحياة فى الظلام الثانى؟!" وهنا يصيح الراوى وهو ثمل: " برافو فاسيليادس يا صوت القديسين".

- وفى قصر الشوق نجد هذا الحوار الطريف الذى يستجوب فيه أحمد عبد الجواد ابنه كمال بخصوص مقالة نشرها يعرض فيها نظرية النشوء والارتقاء لدارون. يقول الأب: "إنى أعرف أقباطا ويهودا فى الصاغة وكلهم يؤمنون بآدم...فمن أى ملة دارون هذا؟... خبرنى أهو من أساتذتك بالمدرسة؟" فيجيب كمال بصوت متواضع:" دارون عالم انجليزى مات منذ زمن بعيد". ولكن رغم الإقرار بأن كل الأديان تؤمن بآدم، نجد الأم تقول:" قل لهذا الإنجليزى الكافر.. إن آدم هو أبو البشر".

- - وفى السكرية تسأل العالمة زبيدة رياض قلدس عن اسمه، وعندما يجيبها تقول بدعابة: "كافر؟!". ثم تسترسل فى المباهاة بالتاجر القبطى الكبير الذى كان من ضمن عشاقها.

- وفى ميرامار نلتقى بماريانا صاحبة البنسيون اليونانية وهى جالسة تحت تمثال العذراء. يسألها أحد النزلاء: طلبة مرزوق (وهو من الأعيان الممتلئين بالمرارة لأن الثورة وضعته تحت الحراسة): "لماذا رضى الله بأن يصلب ابنه؟" فتجيب:" لولا ذلك لحلت بنا اللعنة". فيضحك طويلا ويقول:"ألم تحل بنا اللعنة بعد؟!".

- - وفى أولاد حارتنا إشارة إلى الخطيئة الأصلية، حيث يحدث همام ( الذى يمثل هابيل) نفسه قائلا:" فوق رءوسنا لعنة من قبل أن نولد".

- - وفى أقصوصة جنة الأطفال، من مجموعة خمارة القط الأسود، نقرأ هذا الحوار بين طفلة وأبيها: الطفلة:" أنا وصاحبتى نادية دائما مع بعض... ولكن فى درس الدين أدخل أنا فى حجرة وتدخل هى فى حجرة أخرى؟" الأب: " لأنك أنت مسلمة وهى مسيحية". الطفلة: " من أحسن؟" الأب: " هذه حسنة وتلك حسنة". ولكن الطفلة تسأل لماذا لايمكن أن تكون مثل صديقتها، فيقول الأب:"أنت تعرفين الموضة... وكونك مسلمة هو آخر موضة، لذلك يجب أن تبقى مسلمة". فترد الطفلة:"هل أقول لها أنها موضة قديمة؟" .وتستمر الإبنة فى تساؤلها: " أين يعيش الله؟". الأب:" فى السماء". الطفلة:" ولكن نادية قالت لى أنه عاش على الأرض... وأن الناس قتلوه". الأب:"كلا يا حبيبتى، ظنوا أنهم قتلوه...".

ويكشف الكاتب بوضوح عن موقفه الرافض للتعصب ضد الأقباط ( وهو الموقف الواقعى فعلا وليس من وحى الخيال) من خلال شخصية عبد الوهاب اسماعيل فى كتاب المرايا. هذه الشخصية الروائية تمثل سيد قطب الزعيم الإخوانى. يقول عنه فى الرواية:"وبالرغم من أننى لم ألق منه إلا معاملة كريمة إلا أننى لم أرتح أبدا لسحنته ولا لنظرة عينيه...". والمعروف أن قطب قد استهل حياته بكونه ناقدا أدبيا جيدا، وكان أول من كتب عن نجيب محفوظ مبشرا بموهبته الواعدة. ثم يروى الكاتب عنه هذه القصة: "بالرغم من تظاهره بالعصرية فى أفكاره وملابسه... إلا أن تعصبه لم يخف على. أذكر أن كاتبا قبطيا شابا أهداه كتابا له... فقال لى عنه... إنه ذو أصالة فى الأسلوب والتفكير. فسألته ببراءة... متى تكتب عنه؟ فابتسم ابتسامة غامضة وقال: انتظر وليطولن انتظارك! سألته: ماذا تعنى؟ فقال بحزم: لن أشترك فى بناء قلم سيعمل غدا على تجريح تراثنا الإسلامى...فتساءلت بامتعاض: أأفهم من ذلك أنك متعصب؟ فقال باستهانة: لاتهددنى بالاكليشيهات فإنها لا تهزنى. قلت: يؤسفنى موقفك. أجاب:.. أصارحك بأنه لا ثقة لى فى أتباع الأديان الأخرى!..".

أما بخصوص الشخصيات المسيحية التى تضمنتها أعماله، فقد جاءت كلها فى سياق طبيعيى، بدون إقحام على العمل الأدبى، كما صار يحدث فى الكثير من الأعمال الحديثة، حيث يزج الكاتب بشخصية مسيحية أو اثنين، بصورة مفتعلة، لمجرد الدخول فى زمرة المنادين بالوحدة الوطنية.

- لعل رياض قلدس فى السكرية هو أحد الشخصيتين المسيحيتين اللتين أفرد لهما محفوظ مساحة واسعة. ارتبط هو وكمال ( الذى يحمل الكثير من ملامح شخصية نجيب محفوظ الحقيقية) بصداقة متينة، وعلاقة فكرية غنية. ومن خلال الثقة والصراحة التى توفرت فى علاقتهما، تفتحت أعين كمال (أو محفوظ بمعنى آخر) على مخاوف الأقباط و معاناتهم، فعرف من رياض أن الأقباط ينتمون إلى الوفد لأنهم يرون فيه حزب القومية الخالصة. ويرى حزن رياض عندما أقيل مكرم عبيد من الحزب، فيقول لكمال:" سيجد الأقباط أنفسهم بلا مأوى... وإذا اضطهدنا الوفد فكيف يكون الحال؟" .فتساءل كمال متغابيا: "مكرم ليس الأقباط والأقباط ليسوا مكرم. إنه شخص ذهب، أما مبدأ الوفد القومى فلن يذهب". فهز رياض رأسه فى أسف ساخر وقال: "هذا ما قد يكتب فى الجرائد، أما الحقيقة فهى ما أعنى... الأقباط يتلمسون الأمان وأخشى ألا يظفروا به أبدا". ويكتشف أن رياض رغم عدم تمسكه بالدين، لايمكن أن ينتزع من أعماقه انتماؤه لأهله وناسه. فعندما يتساءل كمال فى دعابة:" ها أنت تتحدث عن الأقباط! أنت الذى لا يؤمن إلا بالعلم والفن!"، يقول رياض بعد صمت طويل:"أليس من الجبن أن أنسى قومى؟". فيعتذر كمال لصديقه:"لا تؤاخذنى، فقد عشت حتى الآن دون أن أصطدم بمشكلة العنصرية، فمنذ البدء لقنتنى أمى أن أحب الجميع، ثم شببت فى جو ثورة 1919 المطهر من شوائب التعصب، فلم أعرف هذه المشكلة". ويستمع كمال إلى رياض وهو يقول: " يؤسفنى أن أصارحك بأننا نشأنا فى بيوت لا تخلو من ذكريات سوء محزنة. لست متعصب، ولكن..." ويتفكر كمال: " كيف يتأتى لأقلية أن تعيش وسط أغلبية تضطهدها؟".

-

والواقع أن محفوظ كان مدركا لارتباط الأقباط بالوفد وزعيمه، فهو يروى للأديب جمال الغيطانى أن أحد أصدقائه الأقباط تزامن زفاف شقيقته مع موت سعد زغلول. فأرسل دعوة الزفاف مجللة بالسواد وقائلة: "ندعوكم لحضور إكليل الخ الخ... والبقية فى حياتكم لموت زعيم الأمة".

ومن خلال تجربة شخصية، أدرك أثر التعصب ضد المسيحيين، فقد رشح فى صدر شبابه لبعثة إلى فرنسا، ولكن لأن فائزين آخرين بها كانوا أقباطا، ولأن المقررين للبعثة قد ظنوا أنه أيضا قبطي ( بسبب اسمه)؛ فقد استكثروا أن تكون الفرصة من نصيب عدد كبير من الأقباط،، فاستبعدوه من الترشيح.

- والشخصية الثانية التى تناولها بإسهاب هى عدلى كريم فى السكرية، ورغم أنه لم يشار لدينه فى الرواية، إلا أنه من المعروف أن شخصيته و الدور الذى لعبه فى حياة أحمد شوكت الفكرية، كانا تصويرا شديد التماثل لسلامة موسى وتأثيره على نجيب محفوظ.

-

- - ويتضمن كتابه المرايا لوحات فنية لشخوص روائية تعكس شخصيات واقعية التقى بها محفوظ خلال مشوار حياته الطويل. ونجد فيه ثلاث شخصيات مسيحية.

- الأول: سابا رمزى زميله فى المدرسة الثانوية. كان كاثوليكيا، ومن خلاله تعرف محفوظ - لأول مرة- على الخلاف بين المذاهب المسيحية. وكانت له قصة كارثية، فقد أحب مدرسة تكبره فى السن، ولما صدته قتلها بمسدس، وبذا اختفى من حياة الطلبة.

والثانى: ناجى مرقص: زميل آخر فى المدرسة الثانوية؛ أرثوذوكسى. يقول عنه محفوظ أنه كان أنبغ تلميذ صادفه فى حياته؛ فهو الأول فى جميع المواد. ولكن بسبب إصابته بداء الصدر وانعدام القدرة المادية، عجز عن مواصلة تعليمه. وعندما التقى به الكاتب صدفة فى طور الشيخوخة، وجده غارقا فى دراسة الروحانيات وتحضير الأرواح.

أما الثالث اسحق بقطر، فهو زميله فى الجامعة، جاء ذكر سريع له فى معرض أنه لم يتردد فى مواجهة أستاذهم الذى خان المبادىء، وشجعه على جرأته أنه كان غنيا، مطمئنا على مستقبله.

- وفى أقصوصة مفترق الطرق، من مجموعة فتوة العطوف، نرى رجلا يتأمل صورة فصل المدرسة، وماذا فعل الزمن بالزملاء القدامى. فيتذكر حنا عبد السيد الذى أصبح طبيبا معروفا، وعبد الملك حنا الذى كانت تنتابه نوبات صرع اضطرته للانقطاع عن المدرسة.

- ويأتى ذكر بعض المسيحيين الأجانب، الذين كانوا يقيمون فى مصر، كشخصيات ثانوية فى القصص والروايات. على سبيل المثال: البارمان اليونانى الذى يتبادل المودة مع زبائنه، صاحبة البانسيون التى تربطها علاقات حميمة بنزلاء البنسيون الدائمين، أساتذة المدارس والجامعات موضع إعجاب وتقدير تلاميذهم، جنود الاحتلال البريطانى، فالدميير المحامى بالمحكمة المختلطة و مدموزيل فلورا الخياطة.

إذن هذا هو المسيحى والمسيحية فى حياة وأعمال نجيب محفوظ. أخوة فى الوطن ورفاق فى الحياة، ليسوا ملائكة وليسوا شياطين، بل بشر عاديون منهم الطيب ومنهم الخبيث؛ ولكن المهم أنه لا يقبل بأى حال من الأحوال أن يحرموا من حقوقهم، أو أن تضمر لهم الكراهية، أو أن يجابهوا بالعداء، من غير ذنب ارتكبوه.

EjGPv-c584_381280136.jpg

ما اجمل الانوثه عندما تمتطى صهوه الحياه

رابط هذا التعليق
شارك

حكم إنسانية في روايات نجيب محفوظ

نجيب محفوظ

محيط - سميرة سليمان

تمر اليوم ذكرى ميلاد الأديب الراحل الكبير نجيب محفوظ عام 1911، والذي حاز جائزة نوبل عام 1988، كتب منذ بداية أربعينيات القرن العشرين واستمر في الكتابة حتى عام حتى 2004، من أشهر أعماله الثلاثية وأولاد حارتنا، ويعتبر محفوظ أكثر أديب عربي حولت رواياته إلى أعمال درامية سواء في السينما أو التليفزيون . وتحمل السطور التالية وقفة مع أشهر أقواله عبر أبطال الروايات ..

ــ إذا أردتَ أن تضحكَ من قلبك حقا ، فانظر إلى الأرض من فوق ..

- ــ الثورات يدبًرها الدهاه ، وينفذها الشجعان، ثم يكسبها الجبناء.

- إنه لم يكن عجيبا أن يعبد المصريون ( القدماء ) فرعون ، ولكن العجيب أن فرعون آمن حقا أنه إله ..

ــ الويل لمن يحترم الحبَّ في عصر لا يُكنُّ للحب احتراما ..

ــ الأمل يمتد في المستقبل بسرعة مئة مليون سنة ضوئية ..

- المرأة أهم رابطة تربطنا بالحياة.

- العقل الواعي هو القادر على احترام الفكرة حتى ولو لم يؤمن بها.

ــ القلب نبع يفيض بمنصهر المعادن النفيسة والخبيثة ، والسرور توأم الحزن ..

ــ الماضي يتوارى بمكر كاللص ، لكنه لايموت ..

ــ الصدق جوهرة قد تختفي أحيانا تحت ركام الأوهام ..

ــ عندما يفتر الحب ، يبدأ الندم على السرور البريء .

ــ إن حكمة الحياة هي أثمن ما نفوز به من دنيانا ذات الأيام المعدودات ..

ــ الحب لا يتخيّر مناسبة ، فهو صالح لكل مناسبة ..

- عندما تغضب المرأة تفقد ربع جمالها ونصف أنوثتها وكل حبها.

- إن أكبر هزيمة في حياتي هي حرماني من متعة القراءة بعد ضعف نظري .

- علآقتى بالنص تنتهى به لحظة أن أسلًمه إلى المطبعة.

ــ ما أجمل أن يثور البحر حتى يطارد المتسكعين على الشاطئ ..

ــ الفَشَلُ : هو اللعنة التي تُدفَنُ ولا تموت ..

ــ الرنين الأجوف لا يصدر عن إناء ممتلئ ..

ــ تجربة الحب ثمينة ولو بالعذاب ..

ــ قد يتغير كل شيء إذا نطق الصمت ..

ــ لا ألم بلا سبب .. وإن اللحظة الفاتنة الخاطفة ، يمكن أن تمتد في مكان ما إلى الأبد ..

- هذه هي الحياة أنك تتنازل عن متعك الواحدة بعد الأخرى حتى لا يبقي منها شيء وعندئذ تعلم أنه قد حان وقت الرحيل.

- الأدب ثورة على الواقع لا تصويرا له.

- لم أستمتع بأي رحلة من الرحلات التي قمت بها لأنني كنت على الدوام أصحب معي ... نفسي !

- يبدو أنني سأعيش وأموت فقيراً، فمن الصعب على رجل في الخمسين أن يشرع في تعلم أصول السرقة !

ــ الزيف في الحياة منتشر كالماء والهواء، وهو السر الذي يجعل من باطن الإنسان حقيقة نادرة ، وقد تخفى عن بصيرته في الوقت الذي تتجلى فيه لأعين الجميع ..

ــ توقّع المعجزات عند اليأس ..

ــ لا قيمة للحياة بلا حرية ، فلا تكن متعصبا ..

ــ ما فائدة أن نسترد أرضا ، ونخسر أنفسنا ؟؟!!

ــ علينا أن نوفر الضوء والهواء النقي إذا أردنا أزهارا يانعة..

- إذا نظرت الى القمر وتنهدت فأنت .. عاشق، وإذا نظرت إليه وتصعبت فأنت .. فيلسوف، وإذا نظرت إليه وتثاءبت فأنت ... أنــا!

ــ من الحمق التعلق بماضٍ مسلولٍ ، مادام المستقبل ينهض راسخا بصورة أقوى ملايين المرات من أجبن الجبناء ..

- في علاقتي بالآخرين أحب على الدوام أن يظلوا ... آخرين !

- دائماً أندم على لحظات ضعفي ... وربما ندمت أكثر على لحظات قوتي !

- لا أريد أن أموت قبل أن أكمل رسالتي .. أو على الأقل قبل أن أعرف ماهي !

- إذا مت فأكون شاكراً لو نشرتم في النعي كافة محاسني .. لن يكلفكم ذلك أكثر من ثَمَن سطرين!

ــ عندما يظفر القلب بضالته سيجد نفسه خارج الزمان والمكان ..

ــ إن كل الاتجاهات في نظر منْ ضلّ الطريق متساوية مادامت لا تؤدي إلى غاية ..

ــ إن القاتل لا يشعر بفظاعة القتل، لكن الشاهد العيان هو الذي يشعر بهذه الفظاعة ..

ــ محاربة شهوات الناس تبدأ بعد أن نفرغ من خنق شهواتنا.

ــ إن الحقد والحسد وقود الحق إذا اختلّ الميزان ..

ــ إن الأخطاء يُنْسي بعضها بعضا ..

- الأذن لاتسمع الا ماترغب فى سماعه

- لو لم نصل للمعنى العام لا جدوى لكتاباتنا.

- الإيمان الوحيد الحاضر في قلبي هو إيماني بالعلم والمنهج العلمي.

ــ الدنيا كالمرأة تدبر عمن يجثو بين يديها ، وتقبِل على من يضربها ويلعنها ..

ــ إن كذب النساء بلسم لجراح دامية ، أحيانا ..

ــ السرور كالحزن ، عدوّان للنوم قديمان ..

ــ الموت من صنع الإله ، والأمل وليد حماقتنا ..

ــ الحب في القرب ـ على طموحه المعذِّب ـ جنة ، أما على البعد فهو مأساة حقيقية كاملة ..

ــ إن مواجهة سوء الحظ بالتسامح والصبر سرور ينبغي أن يعدَّ من حسن الحظ ..

ــ إن محاولة الغريق اليائسة للنجاة ، أشبه بأحلام الشقي بالسعادة ، كلتاهما أمنية ضائعة

ــ من العبث أن تناقش قوما ليس بينك وبينهم لغة مشتركة ..

ــ ما أفظع الخداع !! إنه أنكر من القتل ..

ــ لكل شيء شباب وشيخوخة ،، تلك سنة الحياة

ــ الصراع الحقيقي في هذه الحياة، هو ما يقوم بين الحقائق والأساطير.

ــ الصداقة لا تصلح بديلا عن الحب ..

ــ من الجنون أن نزحف، إذا كان بوسعنا أن نُحَلِّقَ ..

ــ الحب في صميمه سلوك لا معقول ..

ــ أظفر الحكام بقلوب المحكومين، هو أعظمهم احتراما لإنسانيتهم، وليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ..

ــ أتعس الناس من يستوي لديهم الموت والحياة ..

ــ الماضي يتمثل لبعض الناس وكأنه الحقيقة الوحيدة الراسخة ..

ــ على عهد الفراعنة كان الناس يموتون أو يقتلون، لأسباب مقنعة ..

ــ تصاب الأمم ـ أحيانا ـ بفقدان الذاكرة ، ولكن ذلك لا يدوم إلى الأبد ..

ــ الخيبة هي : الحب الذي ينجو من مخالب الواقع ، ويبقى أملا خلابا ..

ــ عندما تحب حقا، فإنك تستغني بالحب عن الحكمة والبصيرة والكرامة..

ــ من العبث أن تناقش عاشقا في عشقه ..

ــ الحب الحقيقي يهب مناعة بخلاف ما يتصور كثيرون ..

ــ الزمان في الظلام ، والصمت ، يتوقف تماما ..

ــ الخطأ له عذر ، أما التهاون فلا عذر له ..

ــ لا شيء يقرّب بين الناس مثل العذاب المشترك ..

ــ اللحظة الخائنة هي اللحظة التي تنفصل فيها عن تيار حياتك ، فتقف على ربوة فوق الشاطئ لتراقبه بدهشة ..

ــ إن أحقر مسمار قد يهتك بدلة جديدة ..

ــ إن الله قد خلق النجوم الجميلة ليحرضنا على النظر إلى الأعلى ..

ــ كلنا يتكلم عن الحياة بثقة ، كأنه يعرفها حق المعرفة ..

ــ بالحزن يتقدس الإنسان ، ويعد نفسه للفرح الإلهي ..

ــ إن ما يوفر لنا بعض الطمأنينة، هو اعتقادنا بأن الموت منطقي ، يمارس وظيفته من خلال مقدمات ونتائج، ولكنه كثيرا ما يداهمنا بلا نذير كزلزال ..

ــ ليس أتعس من الحظ السيئ ، إلا الرضا به ..

ــ أنصحك ألا تتزوج من امرأة تحبها ، وألا تحبّ امرأة إذا تزوجتها .. اقنعْ بالمعاشرة والمودة ..

EjGPv-c584_381280136.jpg

ما اجمل الانوثه عندما تمتطى صهوه الحياه

رابط هذا التعليق
شارك

مغتربة

رائعة ومتالقة دوما - كعهدى بك

متابعة ومنصتة ومزيد من المقالات والوقوف عند الزوايا

وذكرى ميلاد نجيب محفوظ

خالص الود

:give_rose:

نـحن البلـــــدان الحقيقـيــة فى هــذا العـــالم . . . وليـــــس مــا يرســــم فـــوق الخرائــط

نـحن الرمـــوز الحقيقيــــة فى هــــذا العــالم . . . وليــــــس اسمـــــاء القـــــادة العظمــاء . . . لاننـا نحـن من صنعـناهـم

فرسـان العالـم الحقيقيـون . . هــم شعــوب الارض

رابط هذا التعليق
شارك

مغتربة

رائعة ومتالقة دوما - كعهدى بك

متابعة ومنصتة ومزيد من المقالات والوقوف عند الزوايا

وذكرى ميلاد نجيب محفوظ

خالص الود

:give_rose:

اغابى الغاليه

اشكر لك تشجيعك و اعدك بالمزيد قريبا باذن الله

تحياتى

EjGPv-c584_381280136.jpg

ما اجمل الانوثه عندما تمتطى صهوه الحياه

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...