الشريف الادريسى بتاريخ: 12 يوليو 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 12 يوليو 2004 المستبدّون والطواغيت وإننا لنرى اليوم أن الأمور المؤسفة التي جرت على كتاب الله ـ هذه الوديعة الإلهية وأمانة رسول الإسلام محمد صلى الله عليه واله) ـ هي ممّا يبعث على البكاء بدل الدموع دماً، والتي ابتدأت بُعيد شهادة الامام عليّ بن ابى طالب وانتهاءدولة الخلافة الراشدة؛ فقد اتّخذ المستبدون والطواغيت من القرآن وسيلة لإقامة الحكومات المعادية للقرآن، وإقصاء المفسرين الحقيقيين للقرآن والعارفين بحقائقه ـ من أولئك الذين أخذوه عن رسول الله (صلى الله عليه واله) وسمعوه عنه وممن كان نداء "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتى اهل بيتى" يملأ أسماعهم ـ عن موقع القرار باسم القرآن وبذرائع مختلفةٍ ومؤامرات محاكةٍ سلفاً. وفي الحقيقة فإن هؤلاء الطواغيت عملوا على إبعاد القرآن ـ الذي يعدُّ أعظم منهج للحياة المعنوية والمادية للبشرية حتى يوم ورودها الحوض ـ عن واقع الحياة وقضوا بذلك على حكومة العدل الإلهي التي تمثل أحد أهداف هذا الكتاب المقدّس، وأسسوا للانحراف عن دين الله وعن الكتاب والسُّنَّةِ الإلهية، حتى بلغ الأمر مبلغاً يخجل القلم عن إيضاحه. القرآن منهج الحياة وكلّما استطال هذا البنيان الأعوج ازداد به الإنحراف والإعوجاج، حتى وصل الأمر حداً أقصي فيه القرآن الكريم عن ميدان الحياة وأصبح وكأنه عديم الدور في الهداية، وهو الكتاب الذي تنزل من مقام الأحدية الشامخ إلى مقام الكشف المحمدي التام لإرشاد العالمين، وليكون نقطة الجمع لكل المسلمين، بل للعائلة البشرية جمعاء، هادفاً إيصالها إلى ما يليق بها، وتحرير وليدة علم الأسماء من شر الشياطين والطواغيت وإقامة القسط والعدل في العالم وتفويض أولياء الله العاملين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه واله وسلم أمر الحكومة يسلمونها بدورهم لمن يرون فيه صلاح البشرية. وإذا بالقرآن يصبح على أيدي الحكومات الجائرة ورجال الذين الخبثاء وفقهاء السلطةـ الذين يفوقون الطواغيت سوءاً ـ وسيلة لإقامة الجور والفساد وتبرير ظلم الظالمين والمعاندين للحق تعالى. ومن المؤسف أن يقتصر دور القرآن الكريم ـ وهو كتاب الخلاص ـ وبسبب المتآمرين والأصدقاء(رجال الدين الجهلة) الجهلة، على المقابر والمآتم، ويصبح ـ وهو النازل لجمع المسلمين والبشرية جمعاء وليكون منهجاً لحياتهم ـ وسيلة للتفرقة والاختلاف أو أنه يُهجر كليّاً. وقد رأينا كيف كان يعامل من تلفظ بشيءٍ عن الحكومة الإسلاميّة أو تحدث عن السياسة وكأنه قد ارتكب أكبر المعاصي! مع أن الحكومة والسياسة هي المهمة الأولى للإسلام والرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) والقرآن والسنة يفيضان بها. كما رأينا كيف أصبحت كلمة "عالم دين سياسي" مرادفة لكلمة "عالم دينٍ بلا دين" وما زال بعض الناس يعتقد هذا رغم كل هذه التجارب الطواغيت وطباعة القرآن فقد عمدت القوى الشيطانية الكبرى مؤخراً ـ وبهدف القضاء على القرآن وتحقيق المقاصد الشيطانية للقوى الكبرى، وبالإيعاز للحكومات المنحرفة، الخارجة عن تعاليم الإسلام المتلبسة زوراً بالإسلام ـ للقيام بطبع القرآن طبعات فاخرة ونشره على نطاقٍ واسعٍ لتحجيم دوره بهذه الحيلة الشيطانية؛ وكلنا يعلم مايقوم به سلاطين الجور والظلم من اهتمام ظاهر بالقران وطباعته وتوزيعه ليخدعوا به عامة الناس ويخفوا جرائمهم وانحرافاتهم و سعياً في تطويع المسلمين والشعوب الغافلة للقوى الكبرى، والقضاء على الإسلام العزيز والقرآن الكريم باسم الإسلام والقرآن. مؤامرة القرن الكبرى من المؤامرات الخطيرة التي ظهرت بوضوح في القرن الأخير ـ خصوصاً في العقود الأخيرة منه ـ الحركة الإعلامية الواسعة النطاق وذات الأبعاد المختلفة الهادفة لإشاعة اليأس والقنوط من الإسلام في أوساط الشعوب، ، فتارة يصرّح هؤلاء بسذاجة بأنّ أحكام الإسلام التي وضعت قبل ألف وأربعمائة عام لا يمكنها إدارة الدول في العصر الحاضر، أو أن الإسلام دين رجعي يعارض كل معطيات التقدم والتمدن، أو أنه لا يمكن للدول في العصر الحاضر اعتزال الحضارة العالمية القائمة ومظاهرها، الى غير ذلك من أمثال هذه الدعايات البلهاء. وتارة أخرى يعمدون ـ بخبث وشيطنة ـ الى التظاهر بالدفاع عن قدسية الإسلام، فيقولون: بأنّ الإسلام وسائر الأديان الإلهية تهتمُّ بالمعنويات وتهذيب النفوس، وتحذر من طلب المقامات الدنيوية، وتدعو الى ترك الدنيا والاشتغال بالعبادات والأذكار والأدعية التي تقرب الإنسان من الله، وتبعده عن الدنيا، وأن الحكومة والسياسة وإدارة الأمور تتعارض كلها مع ذلك الهدف وتلك الغاية المعنوية السامية، وهي أمور يُراد بها بناء الدنيا، الأمر المغاير لسيرة جميع الأنبياء العظام. ومما يؤسف له فإنّ الجهد الإعلامي المبذول بالاتجاه الثاني ترك أثره على بعض علماء الدين والمتدينين الجاهلين بالإسلام، الى حد جعلهم يعتبرون التدخل في الحكومة والسياسة معصية وفسقاً، ولعل البعض لازال الى الآن يرى الأمر كذلك، وهي الطامة الكبرى التي ابتلي بها الإسلام. وللرد على الفريق الأول لابد من القول بأنهم اما أن يكونوا جاهلين بالحكومة والقانون والسياسة، أو أنهم يتجاهلون ذلك مغرضين، فتطبيق القوانين على أساس القسط والعدل، والوقوف بوجه الظالمين والحكومات الجائرة، وبسط العدالة الفردية والاجتماعية، ومحاربة الفساد والفحشاء وأنواع الانحرافات، وتحقيق الحرية على أساس العقل والعدل، والسعي للاستقلال والاكتفاء الذاتي، وقطع الطريق على الاستعمار والاستغلال والاستبعاد، وإقامة الحدود وإيقاع القصاص والتعزيزات طبقاً لميزان العدل للحيلولة دون فساد المجتمع وانهياره، وسياسة المجتمع وهدايته بموازين العقل والعدل والإنصاف ومئات القضايا من هذا القبيل لا تصبح قديمة بمرور الزمان عليها، وهي قاعدة سارية المفعول على مدى التاريخ البشري والحياة الاجتماعية. إنّ هذا الادعاء بمثابة القول بضرورة تغيير القواعد العلمية والرياضية وإحلال قواعد أخرى محلها في العصر الحاضر، فإذا كان من الواجب تطبيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الظلم والنهب والقتل في مستهل الحياة البشرية، فهل سيصبح هذا النهج بالياً اليوم لأننا في قرن الذرة؟ أمّا ادعاء معارضة الإسلام للتقدم فهذا امر من السخف بحيث لا يردـ عليه لأن حضارة الاسلام التى بلغت مشارق الارض ومغاربها كشمس النهار لا تحتاج الى دليل وما وصل اليه المسلمون من تطور وعلو الا بتمسكهم بهذى القران الكريم فإذا كان المراد من مظاهر المدنية والتقدم هو الاختراعات والابتكارات والصناعات المتطورة، التي تساهم في تقدم البشر ونمو حضاراتهم، فإن الإسلام وسائر الأديان التوحيدية الأخرى لا ولن تعارض ذلك أبداً، فالإسلام والقرآن المجيد يؤكدان على ضرورة العلم والصناعة. أما إذا كان المراد من التقدم والمدنية ذلك المعنى المطروح من قبل بعض ممتهني الثقافة القائلين بالاباحية في جميع المنكرات والفواحش ـ حتى الشذوذ الجنسي وما شابه ـ فإن جميع الأديان السماوية وجميع العلماء والعقلاء يعارضون ذلك، وإن كان المأسورون للغرب أو الشرق يروجون لذلك من منطلق تقليدهم الأعمى. أما الفريق الثاني، والذين يؤدون دوراً مخرباً بقولهم بفصل الإسلام عن الحكومة والسياسة، فلابد من إلفات نظر هؤلاء الجهلة بأن ما ورد من الأحكام المتعلقة بالحكومة والسياسة في القرآن الكريم وسنة رسول الله (صلى الله عليه واله) يفوق كثيراً ما ورد من الأحكام في سائر المجالات، بل إنّ كثيراً من أحكام الإسلام العبادية هي أحكام عبادية ـ سياسية، والغفلة عن ذلك هي التي جرت كل هذه المصائب. لقد أقام رسول الله حكومة كسائر حكومات العالم، ولكن بدافع بسط العدالة الاجتماعية، وكذلك فقد حكم الخلفاء المسلمون الأوائل بلدان مترامية الأطراف، وكذا كانت حكومة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه باعتمادها على ذلك الدافع وبشكل أوسع وأشمل وهي أمور من واضحات التاريخ. ثم توالت الحكومات باسم الإسلام، واليوم أيضاً فإن ادعياء الحكومة الإسلامية سيراً على خطى الإسلام والرسول الأكرم (صلى الله عليه واله) كثيرون للغاية. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان