من الآخر

[دكتور عادل الليثي]

لو ( جبنا ) من الآخر .... سيكون السبب الأصلي والأساسي لما حدث في الإسكندرية ليلة رأس السنة .... بعيدا عن تحقيقات الشرطة والنيابة وأجهزة الأمن للبحث عن جان مناسب .... وبعيدا عن ربما إتهامات متبادلة غير مسموعة تدور فقط في الأذهان .... وبعيدا عن ضجيج تختلط فيه النغمات الموزونة منها والنشاز والصادقة منها والمنافقة والعاقلة منها والجاهلة وحسنة النية منها واللئيمة والصاخبة منها والهادئة .
هو تشقق وتفتت وضعف وهوان حدث للمجتمع المصري بعد أكتوبر 73 ... وضعف وتراجع في مناعته .... وهو مشهد من مرآة تعكس رؤية وعلاقة كل منا بالآخر ... بين الحاكم والمحكوم ... بين الغني والفقير ... بين سكان القرى وسكان المدن ... بين القاهرة وباقي البلد ... بين الدلتا والصعيد .... بين المثقف والجاهل .... بين المتعلم والأمي .... بين الأكثرية والأقلية ... وبين الحكام والمعارضة .... ومن ضمنها بين المسلم والمسيحي .
هذا تعكسه أحوال الشارع ... أمين الشرطة وسائق الميكروباس ... أرقام الميزانية المرئي منها والمخفي ... انتخابات مجلس الشعب وفرض نتائجها على الجميع .... غياب الخجل من الأفعال الفاضحة في الطريق العام ....سواء كان هذا الطريق سياسيا أو أي نوع آخر ..... الكذب المتفشي والنفاق المستشري والرياء .... التدين الشكلي والانحلال ... غياب قيم العدل والتسامح والمسؤولية .... غياب الحقيقة ... بل كرهها ... وحشرجة الصوت الذي يريد أن يصرخ بها وإسكاته .... المواءمات والتنازلات ... الواقعية الحديثة والتي هي في حقيقتها رضا بالهوان والانكسار .
ولهذا حدث أن مات القانون الذي مزق إربا إربا وألقي به في أكوام الزبالة التي تملأ الشوارع ... وولد قانون جديد لم يقيد في دفتر المواليد خشية من السؤال عن الأب الذي بكل سفالة لا يريد الاعتراف به .
هذا القانون الجديد هو السبب وهو الجاني الحقيقي .