sha3ooor بتاريخ: 24 يوليو 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 24 يوليو 2004 درس فلبيني للزعماء العرب 2004/07/24 عبد الباري عطوان قدمت رئيسة الفلبين درساً بليغاً في الأخلاق والقيادة لكل الزعماء العرب، دون أي استثناء، عندما تحدت الولايات المتحدة، ورفضت كل تهديداتها وضغوطها، وقررت سحب قواتها من العراق من أجل انقاذ حياة أحد مواطنيها. الرئيسة الفلبينية لم تقدم علي هذه الخطوة الشجاعة، وربما المكلفة أيضاً، لأن هذا الرهينة أمير أو وزير أو ابن ملك وإنما لأنه مواطن عادي، مجرد سائق سيارة، تري أنها، وبحكم موقعها في قمة الحكم، ومنتخبة من الجماهير، مسؤولة عن حياته ومطالبة بفعل كل شيء ممكن من أجل عودته سالماً إلي زوجته وأطفاله. الزعامات العربية لا تحترم مواطنيها، ولا تسهر علي حماية أرواحهم، وليست مستعدة للتفكير بإثارة عتب الادارة الأمريكية، وليس غضبها، من أجل مواطن معتقل في غوانتانامو، أو مخطوف في العراق لسبب بسيط، لأن هذه الزعامات تحتقر شعوبها ولا نبالغ إذا قلنا إن بعضها لا يعترف بوجود شعوب أساساً. فهذه الزعامات ليست مسؤولة أمام الشعوب، ناهيك عن كونها غير منتخبة، ولا توجــد برلمانات تحاســــبها، ولا صـــحافة تنتقدها، ولهذا تحتل مصلحة المواطن وحياته ورفاهه ذيل قائمة أولوياتها في أفضل الأحوال. الغالبية الساحقة من الزعامات العالمية، استهجنت تعذيب سجناء أبو غريب، وانتهاك أعراضهم، بمن في ذلك الرئيس الأمريكي جورج بوش نفسه، ولكننا لم نسمع زعيماً عربيا واحداً خرج علي العالم في خطاب أو مؤتمر صحافي أو برنامج تلفزيوني مندداً بهذه الانتهاكات، لسبب بسيط وهو أن أعراض السجناء تنتهك يومياً وبطريقة أكثر بشاعة في معظم السجون العربية، إن لم يكن كلها، بما في ذلك سجون الدول التي تدعي الليبرالية واحترام حقوق الإنسان. رئيسة الفلبين لم تخش التهديدات الأمريكية لأنها تستند إلي قاعدة شعبية قوية، وجاءت إلي الحكم عبر صناديق الاقتراع في انتخابات ديمقراطية نزيهة، وفي إطار عملية سياسية تحترم المؤسسات وتقر الفصل بين السلطات وترتكز إلي نظام قضائي مستقل ودستور يكفل الحريات الشخصية والعامة، ولهذا انحازت إلي المواطن البسيط، وقدمت مصلحة بلادها علي مصلحة الولايات المتحدة ومشاريعها الفاشلة والمهزومة في العراق. رئيسة الفلبين غلوريا أورويو أعلنت صراحة أن قرارها الانسحاب الفوري من العراق جاء انطلاقاً من الحرص علي سلامة 8 ملايين عامل فلبيني حول العالم، بينهم مليون ونصف المليون في الشرق الأوسط، يمثلون مورد دعم أساسيا للاقتصاد الفلبيني. فكرامة العامل الفلبيني وحياته أهم من أية اعتبارات أخري لأن هذا المواطن هو الثروة الحقيقية، وإهانته إهانة للأمة بأسرها، وهذه علي أية حال ليست المرة الأولي التي تتخذ فيها الحكومة الفلبينية مثل هذه المواقف المشرفة، فقد سحبت جميع مواطنيها من المملكة العربية السعودية احتجاجاً علي محاكمات غير عادلة انتهت بإعدام عدد من خادماتها ومواطنيها. ونحن نسأل عن حكومة عربية واحدة انتفضت لكرامة مواطنيها وقررت سحبهم من المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج الأخري، احتجاجا علي معاملتهم مثل العبيد من قبل (الكفيل) أو سلطات الأمن. هل سألت الحكومة المصرية وهي التي تمثل أكبر دولة عربية عن مواطنيها المعتقلين في أمريكا أو قاعدة غوانتانامو، وهل تدخلت نظيرتها السورية لإنقاذ حياة مواطن يواجه المقصلة في الرياض أو السجن في إسبانيا، وسحبت سفيرها احتجاجاً علي ان هذا المعتقل لا يحظي بمحاكمة عادلة، مثلما فعلت حكومة كندا احتجاجاً علي ان محاكمة الصحافية الكندية من أصل إيراني التي ماتت تحت التعذيب في سجون إيران، وهل احتج الرئيس عرفات أو قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية علي المعاملة السيئة للمواطنين في مطار القاهرة أو معبر رفح، ومتي انتفضت الحكومة الأردنية علي المعاملة السيئة أو الاعتقالات التعسفية لمواطنيها في بعض الدول العربية؟ الشركة الكويتية التي جري خطف سبعة من عمالها في العراق رفضت وقف أعمالها في العراق استجابة لشروط الخاطفين مقابل الإفراج عنهم، علي غرار ما فعلت شركة نقل سعودية، والسبب بسيط أن المخطوفين (ثلاثة كينيين وثلاثة هنود ومصري) ليسوا من الكويت، أي أن أرواحهم رخيصة، ولا تستحق التضحية ببضعة آلاف من الدنانير من أجل إنقاذها، وبينما سمعنا عن مساع مكثفة من قبل الحكومة الكينية لإنقاذ مواطنيها لم نسمع عن أي مسعي من مصر لإنقاذ مواطنها مثل ممارسة ضغوط علي الحكومة الكويتية للتجاوب مع مطالب الخاطفين، ومصر لها فضل كبير علي هذا البلد، عندما استصدرت قراراً عن الجامعة العربية بتشريع وجود نصف مليون جندي أمريكي في الجزيرة العربية وشن حرب تدميرية علي العراق، وشاركت قواتها في قوات التحالف هذه. إن أهمية العمال المصريين للاقتصاد المصري لا تقل، وإن لم تكن تزيد، عن أهمية العمال الفلبينيين للاقتصاد الفلبيني، إلا أن الفارق في تعامل مانيلا مع مسألة حماية أرواح عمالها وحقوقهم، وتعامل القاهرة، يكمن في أن رئيسة مانيلا تجد من يحاسبها، ولا تهيئ ابنها أو ابنتها لخلافتها في الحكم، وتدرك جيداً أن هناك صحافة قوية، وبرلمانا أقوي في انتظار اية هفوة من جانبها. لا نعتقد أن الرئيس حسني مبارك سيذهب إلي أسرة السائق المصري المختطف الذي أفرج عنه مؤخراً لتهنئتها علي سلامته، ولا نعتقد أنه لا ينام الليل قلقاً علي حياة العامل المصري الآخر الذي هو رهن الاختطاف حالياً، فليس من عادته، أو معظم الزعماء العرب من زملائه، الاهتمام بمثل هذه القضايا البسيطة والتافهة. فماذا لو اختطف مواطن في العراق أو أعدم؟ هناك سبعون مليون مصري غيره، ثم لماذا يذهب هذا المواطن إلي العراق أو ليبيا أو السعودية؟ فالبلاد مزدهرة، والوظائف الشاغرة متوفرة بمئات الآلاف، والمستشفيات والمدارس تتوسل المواطنين للعلاج أو الدراسة. ومن المؤلم أن العرب الذين يحتلون مكانة متدنية بين الشعوب، ينظرون بعجرفة ودونية إلي الفلبينيين والهنود والباكستانيين، ويعتبرونهم شعوباً أقل قيمة وقدرا، فالفلبيني بالنسبة إليهم مجرد سائق، والفلبينية مجرد مدلكة أو خادمة، وينسي معظمنا أن هناك ديمقراطية في الفلبين، وقنابل نووية في باكستان، ونهضة صناعية وتكنولوجية في الهند. بفضل هؤلاء الزعماء أصبحنا شعوباً بلا كرامة، يضرب فينا المثل في الفساد وانتهاك حقوق الإنسان، وبات معظمنا لا يجد حتي وظيفة خادم أو سائق، وبدأت بعض نسائنا يتجهن إلي التدليك وينافسن الفلبينيات، مع فارق بسيط هو أن المدلكات الفلبينيات يجدن من يحميهن، وينتفض لكرامتهن، بينما لا كرامة لأي انسان عربي داخل بلاده أو خارجها، طالما أنه لا ينتمي للعصابة الحاكمة وبطانتها. شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان