aimen بتاريخ: 2 مارس 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 2 مارس 2011 يقال إن وزير الدفاع الألماني جوتنبيرج، المستقيل يوم 1/3/2011م، قضى ليلته الأخيرة قبل الاستقالة أمام شاشة الحاسوب.. يرقب رقما مزعجا ويفكّر.. بدأ بعشرات.. وارتفع.. وارتفع.. إلى أن زلزل الأرض من تحت أقدامه فاتخذ قراره!..الحكاية من بدايتها.. كان جوتنبيرج يحتل لفترة طويلة المرتبة الأولى في عمليات الاستطلاع الدورية حول مستوى شعبيّة مشاهير السياسيين في ألمانيا.. وكان مرشحا -بسبب إنجازاته وشعبيته- لأن يحتل رئاسة حزب المسيحيين الاجتماعيين الأصغر في الاتحاد المسيحي ضمن ائتلاف حكومة برلين بزعامة المستشارة ميركل.. وكان اسمه مرتبطا بأحد أكبر المخططات السياسية في تاريخ القوات العسكرية الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية، وهو تحويلها من جيش نظامي قائم على الخدمة الإلزامية، إلى جيش أصغر عددا وأشدّ قدرة على "البطش" بقوّته الضاربة وتقنياته الحدذية، ويعتمد على المتطوعين.. وكان.. وكان.. باختصار: أحد "الساسة الكبار!" كما يقال، وليس واحدا من طاقم سياسي في دولة انتقلت من مرحلة دمار مطلق، إلى موقع الصف الأوّل بين الدول المتقدمة، وكان قد تزامن تأسيسها مع نشأة جامعة الدول العربية واستقلال من استقلّ من دولها. أخطأ الوزير.. والبشر معرّض للخطأ..لم يعيّن أحدا من أقربائه في مناصب قيادية ما..ولم تسبّب قراراته مقتل مئات بسبب غرق "عبّارة" ما..ولا أمر جنودا بإطلاق النار على متظاهرين.. ولا شكّل "محاكم عسكرية" لتتحكّم في مصائر أسر ما لا يحصى من المدنيين!!.. إنّما كان من بين أخطائه –كمثال- خطأ حوسب عليه بشدّة من جانب مجلس نيابي منتخب، وهو عدم انتظاره وقتا كافيا إلى أن تتوافر المعلومات اللازمة عادة، عندما قرّر "تجميد" صلاحيات قبطان باخرة حربية!.. هذا الخطأ وأمثاله لم يسبب الاستقالة.. ولكنّ الخطأ الأكبر في نهاية المطاف كان نتيجة كشف "سرّ" من أسراره، فقد حمل لقب الدكتوراة الجامعي بناء على "رسالة دكتوراة" ارتكب أثناء إعدادها جريمة سرقة!.. مهلا.. لا ينبغي أن يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم أنّه سرق الملايين أو المليارات ليودعها في حسابات مصرفية، ربما لإدراكه أن "المسؤولين عن الرقابة المالية" لن يسكتوا عليه كما يسكتون عن سواه من "السياسيين" من زعماء دول أخرى.. ولم يكن باستطاعته –لو سرق الملايين والمليارات- أن يحفظها في خزظائن حديدية في أحد قصوره.. فمشكلته أنّه لا يملك قصورا!.. سرق كلمات فقط! لقد سرق "كلمات".. سرق أفكارا.. نصوصا وضعها في رسالته الجامعية، ولم يذكر أسماء أصحابها الأصليين. هذه السرقة الفكرية جعلت منه "سياسيا غير مرغوب فيه".. وبدأت أصوات تطالبه بالرحيل: "ارحل.. ارحل.. الشعب يريد رحيل الوزير".. فعلا الشعب.. فكثير من أقرانه الحزبيين دافعوا عنه، وتمسّكوا به، وشمل ذلك المستشارة الألمانية ميركل، أي رئيسة الحكومة التي تضمّه وزيرا لشؤون الدفاع فيها.. ولكن أسقطته "المظاهرات الشعبية".. بأسرع ممّا أسقطت سواه!.. من يدري.. ربّما تصوّر أنّ "المظاهرة الشبكية" التي قيل إنّه كان يتابعها في العالم الافتراضي ستتحوّل إلى مظاهرات مليونية في عالم الواقع!.. كانت تلك المظاهرة الشبكية عبارة عن حملة توقيعات دعا إليها عدد من الطلبة الجامعيين الذي يعدّون لرسالة الدكتوراة، ورأوا أن "دكتور جوتنبيرج" الذي تخلّى عن هذا اللقب بعد كشف أمر السرقة الفكرية، يسيء لمكانة الجامعة والدراسة الجامعية إساءة بالغة.. إذا بقي وزيرا!.. وعندما ارتفع عدد الموقعين –في الليلة الأخيرة قبل الاستقالة- خلال فترة وجيزة من بضع عشرات إلى عشرات الألوف، (كان الرقم: 60 ألفا، عندما أعلن استقالته رسميا.. ورحل عن الكرسي) لم يتحمّل الانتظار أكثر، رغم أنّه يعلم علم اليقين.. أن "الشعب يحبّه".. وإن لم يزعم أنّه مستعدّ للموت من أجله!.. ربّما تخيّل الوزير الالماني أن هؤلاء "الشباب" سينقلون ميدان التحرير في القاهرة، أو ساحة التغيير في صنعاء، أو ميدان اللؤلوة في المنامة (أو ساحة الشهداء/ المرجة في دمشق) إلى برلين!.. ربّما أغفل المشاركة في دورة تدريبية على اتخاذ إجراءات وقائية استباقية من قبيل ثكنة "باب العزيزية" فلم يبن~ لنفسه ثكنة عندما استلم منصبه قبل 42 سنة.. معذرة.. هذا خطأ مطبعي فعمر جوتنبيرج في منصب وزير الدفاع كعمر سواه من وزراء الحكومة الألمانية، وعمرها الدستوري لا يزيد في نهاية المطاف على 4 سنوات.. ثم يُنتخب مجلس نيابي جديد، فتتشكل حكومة أخرى.. ربما من أحزاب أخرى!.. لعل التفسير الأصح لهذه الاستقالة السريعة قبل أن تهب الجماهير بمظاهرات مليونية ويسقط قتلى وجرحى.. هو أنّ جوتنبيرج يدرك أنّه بشر، وليس من جنس ملوك ورؤساء لا يغادرون مناصبهم قبل موتهم.. وإن قرؤوا عبارة من قبيل تلك التي حملتها يدا امرأة متظاهرة في صنعاء تقول: "سرقتَ حقوقي وحقوق أبنائي ولا أريد أن تسرق حقوق أحفادي أيضا"!!.. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان