اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الفاطمية.. دولة التفاريح و التباريح 2


Cleo

Recommended Posts

وصل جيش نور الدين بقيادة الضابط الكردي أسد الدين شيركوه إلى مصر فأطاح بضرغام بعد تسعة شهور فقط من جلوسه في السلطة , و عاد " شاور " إلى مركزه , ولكنه سرعان ما تنكر لحليفه و نقض اتفاقه معه , بل طلب منه مغادرة البلاد , ولكن " شيركوه " أصر على تنفيذ ما اتفق عليه , و تمركز بقواته في بلبيس في انتظار تعليمات مت سيده نور الدين .

بعد أن وصلت الأمور إلى الطريق المسدود .. ماذا يفعل شاور ؟؟ لجأ إلى الصليبيين مستنجدا بهم لاخراج قوات نور الدين من مصر , و حرضهم على سرعة القدوم قبل وصول نجدات من الشام . وتلقف الصليبيون استغاثة شاور بمنتهى السعادة و الحبور و سارعوا إلى تلبية طلبه خشية وقوع مصر في يد نور الدين فيكون في ذلك القضاء عليهم , و بلغ من لهفتهم أنهم لم يعبئوا بتهديد نور الدين لبلادهم ليمنعهم عن المسير , و توحدت قوات الصليبيين مع قوات شاور في محاصرة قوات " شيركوه " في بلبيس , و استمر الحصار ثلاثة أشهر حتى اضطروا إلى فك الحصار و العودة إلى فلسطين عندما علموا باستيلاء قوات نور الدين على بعض المدن السورية التي كانت في حوزتهم , واتفقوا مع شيركوه على جلاء قوات الفريقين عن مصر .

رابط هذا التعليق
شارك

  • الردود 113
  • البداية
  • اخر رد

أكثر المشاركين في هذا الموضوع

أكثر المشاركين في هذا الموضوع

ما فعله شاور من الأستعانة بقوات نور الدين حاكم الشام لمساعدته على تثبيت أركان حكمة مقابل ان يدفع تكاليف الحملة و ثلث خراج مصر فأرسل له جيش بقيادة شيركوه ......

يشبة تماما ما فعله الخليفة المستنصر حينما أستعان بحاكم الشام جمال الدين بن عمار ليغيثه و يعينه على الفوضى و تصارع الأمراء فارسل له بدر الجمالى على رأس الجيش ...

هذا التكرار فى أحداث التاريخ يثبت :

أولا : أن الدولة الضعيفة محط أطماع جيرانها .. و لابد أن تقع فريسة فى يد جيرانها الأقوى تلك حقيقة تاريخية تم توكيدها فى كل عصر و زمان ..

ثانيا : كما يثبت أن شهوة ولذة الحكم لا يعادلها لذة أو شهوة .... و يهون فى سبيلها الغالى و الثمين و حتى التضحية بالابناء كما قتل الجمالى ابنه " الأوحد " حينما شق عصا الطاعة عليه .

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 أسابيع...

على أسنة رماح العدو :

عادت القوات الشامية و الصليبية إلى قواعدها و عيونهم مركزة على مصر بعد أن تبين لهم ما تعانيه من ضعف نتيجة تنافس وزرائها في الوصول إلى الحكم ولو على أسنة رماح الأعداء .

يقول أبو شامة في ( عيون الروضتين ) : و شاهد أسد الدين البلاد و عرف حالها و عرف أنها بلاد بغير رجال , تمشى الأمور فيها بمجرد الإيهام و المحال . فأقام في الشام مدبرا لأمره , مفكرا في كيفية رجوعه إلى البلاد المصرية محدثا بذلك نفسه , مقدرا لقواعد ذلك مع نور الدين , و في سنة اثنين و ستين و خمسمائة عاد أسد الدين شيركوه إلى مصر , و سير معه نور الدين جماعة من الأمراء و ابن أخيه " صلاح الدين " , و هذه هي المرة الثانية , و كان أسد الدين قد اشتد طمعه في البلاد لما دخلها و كشفها , فكان أبدا يتحدث بالعزم على العود إليها , و بلغ ذلك شاور , فقرر مع الفرنج العود إليه ليساعدوه , فوصلوا بعد أن وصلها أسد الدين , و تصرف في البلاد الغربية , و أقام بها نيفا و خمسين يوما , و سار نحو الصعيد بعسكرة , و سارت العساكر المصرية ( قوات شاور ) و الفرنج وراءهم فثبتوا لهم , فوقعت الوقعة بموضع يعرف بالبابين فانهزم المصريون و الفرنج , و هذه الوقعة من عجيب ما يؤرخ , و ذلك أن ألفى فارس بعيدة عن بلادها , هزمت عساكر مصر في بلادها , و فرنج الساحل , ثم سار أسد الدين إلى الإسكندرية و جبى ما في طريقها من القرايا و السواد من الأموال , و سلم الإسكندرية أهلها إليه , فاستناب بها " صلاح الدين " , وعاد هو إلى الصعيد و تملكه , و جبى خراجه و أمواله , و أقام به حتى صام شهر رمضان , ثم تجمع الفرنج و المصريون , و حصروا الإسكندرية , فسار أسد الدين نحوهم , فجاءته رسل المصريين و الفرنج يطلبون الصلح , و بذلوا له خمسين ألف دينار سوى ما أخذوه من البلاد , فأجابهم , وشرط أن الفرنج لا يقيمون بمصر , و لا يتسلمون منها قرية واحدة , وعاد إلى الشام , وأنفذ " الكامل " بن شاور مالا جزيلا إلى نور الدين , وسأله إصلاح الحال و جمع كلمة الإسلام , وبذل مالا يحمله كل سنة , فبقى الأمر على ذلك إلى أن قصد الفرنج مصر لتملكها .

رابط هذا التعليق
شارك

يقول أبو شامة في ( عيون الروضتين ) : و شاهد أسد الدين البلاد و عرف حالها و عرف أنها بلاد بغير رجال , تمشى الأمور فيها بمجرد الإيهام و المحال . فأقام في الشام مدبرا لأمره , مفكرا في كيفية رجوعه إلى البلاد المصرية محدثا بذلك نفسه

لو نفتكر مع بعض قبل ذلك بعدة سنوات حينما أستشعر الفاطميون بالمغرب ضعف مصر , و قصة الجارية التى أرسلت الأميرة الفاطمية لتبيعها فى أسواق مصر , و استبانت منها مدى انحلال البلاد وتفككها , و عنئذ عقد الفاطميين العزم على غزو مصر و احتلالها ...

و ايضا عندما قدم مصر بدر الجمالى لأنقاذها من الفوضى و عدم الأستقرار ... فطاب له المقام , و عقد نسب مع الخليفة و استوطن مصر ...

و سنرى كيف عاد أسد الدين شيركوه و احتل مصر , بحجة حمايتها من الفرنج تارة , و تحالف مع شاور تارة أخرى , و ضرغام مرة ثالثة ..... و فى النهاية لم يهنأ الى عندما ظفر بمصر بمفرده , و حكم البلاد تحت راية الخليفة " العاضد" الفاطمى القابع بقصره يحمد الله على نعمة البقاء حيا بمعزل عن صليل السيوف .

رابط هذا التعليق
شارك

نصر الإسلام ... فقط :

حاول شيركوه أثناء وجوده بمصر التحالف مع " شاور " ضد الصليبيين الموجودين في مصر و الانقضاض عليهم , و بذلك يسهل على المسلمين القضاء نهائيا على القوى الصليبية في فلسطين و الشام , وذكر أسد الدين في رسالته إلى شاور " وما أومل منك إلا نصر الإسلام فقط , وهو أن العدو قد حصر بهذه البلاد , و النجدة بعيدة عنه , وأريد أن نجتمع أنا و أنت عليه , و ننتهز هذه الفرصة التي قد أمكنت , و الغنيمة التي قد كتبت , فنستأصل شأفته , و نخمد ثائرته , وما أظن أنه يعود يتفق للإسلام مثل هذه الغنيمة أبدا " .

ولكن شاور الذي لم يكن يعنيه سوى منصب الوزارة فقط , كان يخشى كما يقول الدكتور حمدي المناوى من أسد الدين أكثر من خشيته من الفرنج , فلم يستجب لدعوته , بل أمر بقتل رسوله- رغم حصانة الرسل – وأطلع " عمورى " على عرض شيركوه وبذلك أضاع شاور بغبائه و أنانيته تلك الفرصة التي لا تعوض.

و تتكلم المصادر الفرنجية المعاصرة للصليبيين عن سفارة بعث بها الملك عمورى إلى الخليفة العاضد ووزيره شاور لعقد اتفاقية يتعهد فيها الصليبيون بحماية مصر من تهديدات نور الدين , مقابل أن تدفع له مصر 200 ألف دينار معجلة و مثلها مؤجلة , إلا أن المؤرخ الأيوبي " ابن واصل " يذكر أن الكامل بن شاور تأذى من هذا العرض و بعث إلى نور الدين يعلن ولاءه و محبته و الدخول في طاعته , واستعداده لأن يجمع بمصر الكلمة على طاعته , و بذل له مالا يحمله كل سنة..

كان الابن يعلو في تفكيره إلى مستوى المحنة التي تتعرض لها مصر و الشام جانب الصليبيين , بينما الأب الغادر يتواطأ مع الإفرنج , و بالفعل أعتزم الصليبيون العودة إلى غزو مصر , و يذكر ابن واصل أن الفرقة الصليبية التي تركوها على أبواب القاهرة عاملوا المصريين معاملة سيئة , و أرسلوا إلى عمورى يغرونه بفتح مصر لما تبين لهم من ضعفها , كما بعث بعض الأمراء المصريين المعادين لشاور يستحثون عمورى على القدوم لمصر , واستجاب عمورى للطلب . فجاء على رأس جيشه و احتل بلبيس ثم حاصر القاهرة. و لكي يعوق شاور تقدم الصليبيين نحو الفسطاط أمر بإخلاء الفسطاط و حرقها.

ويقول المقريزى : بعث شاور إلى مصر ( الفسطاط ) بعشرين ألف قارورة نفط و عشرة آلاف مشعل نار فرقت فيها , فارتفع لهب النار و دخان الحريق إلى السماء , فصار منظرا مهولا , واستمرت النار تأتى على مساكن مصر لتمام أربعة وخمسين يوما , ومن ثم تحولت الفسطاط إلى الأطلال المعروفة الآن بكيمان مصر .. فلما حدث الحريق رحل عمورى من بركة الجيش , و نزل بظاهر القاهرة و قاتل أهلها قتالا عنيفا .

رابط هذا التعليق
شارك

نهاية الدولة الفاطمية :

و ما أن وصلت استغاثات المصريين إلى نور الدين حتى أمر شيركوه بالتوجه إلى مصر , وأسرع شيركوه الذي كان يتمنى هذه الفرصة , فوصل إلى مصر في ربيع الآخر سنة 564 فاضطر الإفرنج إلى الجلاء عن البلاد . و بذلك حقق نور الدين أمله في ضم مصر و الشام في جبهة واحدة , واضطر شيركوه إلى قتل شاور , و طاف الجند برأسه في شوارع القاهرة و الناس لا يصدقون أنهم تخلصوا من هذا البلاء , و بذلك أمن شيركوه ألاعيب هذا الرجل الخطير و خيانته و غدره .

يذكر ابن واصل أن شاور كان يعتزم دعوة شيركوه و أصحابه إلى حفل عشاء ثم يقضى عليهم ( مثلما فعل الجمالي في مذبحة الجمالية ) فلما علم " الكامل " ابن شاور بنبأ المؤامرة نهى أباه عن ارتكابها , و هدده بإبلاغ شيركوه بتفاصيلها , و عندئذ قال الأب انه إذا لم يبادر بالخلاص من شيركوه فسوف يكون مصيرهم القتل , فرد الابن : انه خير لنا أن نقتل والبلاد في أيدي المسلمين من أن نقتل و البلاد في يد الإفرنج , وأنه إذا سمع الفرنج بالقبض على شيركوه بادروا باحتلال مصر , ولن يقبل نور الدين نجدتها بعد قتل رجاله .

رابط هذا التعليق
شارك

و بذلك انطوت آخر صفحة في تاريخ الدولة الفاطمية , وهى الصفحة التي تلطخت بالصراع الدموي بين شاور و ضرغام , و التي كانت أسوأ ما شهدته مصر من أحداث كانت نتيجتها نهاية الدولة الفاطمية , أو كما يقول المقريزى : إن البلايا و المنايا من حينئذ تتابعت على دولة الخلفاء الفاطميين حتى لم يبق منهم عين تطرف . ويصف الشاعر " عمارة " اليمنى السنوات التي قضاها شاور في وزارته بأنها " كثيرة الوقائع و النوازل " وأنه فيها " انكشفت صفحاته , وأحرقت لفحاته , وأغرقت نفحاته , وغضه الدهر و عضه , وأوجعه الثكل وأمضه , ولا صفا من الأقذاء ورده , وما هو إلا أن تسلمها بالراحة , وسلمت له الهموم عوضا عن الراحة " .

ويلخص عمارة أحوال مصر في الهزيع الأخير من ليل الدولة الفاطمية :

" ولم يرب أحد رجال الدولة مثل ما رباهم الصالح بن رزيك .. ولا أفنى أعيانهم مثل ضرغام .. و لا أتلف أموالهم مثل شاور " .

وبسقوط الدولة الفاطمية , دخلت البلاد في عهد جديد , واستطاع البطل الشاب صلاح الدين الأيوبي الذي خلف عمه في منصب الوزارة , أن يسيطر على الأمور , ويعيد إلى مصر وجهها السني , كما استطاع أن يصد حملات الصليبيين على دمياط , ثم وحد القوى الإسلامية في جبهة واحدة , واستطاع ذلك القائد العظيم أن يطيح بالصليبيين , و يسترد بيت المقدس بعد مواقع بطولية خلدت اسمه في التاريخ .. وانتهت حياة الدولة الفاطمية في هدوء أو كما يقول ابن الأثير " لم ينتطح فيه عنزان " .

رابط هذا التعليق
شارك

****.............. عمارة ,, شاعر لكل العهود ...............****

كان الشاعر " عمارة " اليمنى أكبر شاعر عرفته مصر في القبة الأخيرة من العصر الفاطمي , فشهد التقلبات التي طرأت على نظام الحكم , و الصراعات التي دارت بين الوزراء الكبار من أجل النفوذ و السيطرة , و رغم أنه كان فقيها سنيا على مذهب الشافعي , إلا أن هواه و مصالحه دفعت به إلى مصانعة الوزراء الشيعة و على رأسهم الوزير القوى ( الملك الصالح طلائع بن رزيك ) فنسج له أروع قصائده , فلما دالت دولة الفاطميين على يد صلاح الدين الأيوبي , لم يجد " عمارة " في العهد الجديد ما كان يحظى به في العهد البائد , و أدى به سوء تقديره لموازين السياسة إلى الاشتراك في مؤامرة للإطاحة بالعهد الجديد و إعادة الفاطميين إلى الحكم , و انكشفت المؤامرة و لقي الشاعر " عمارة " حتفه مشنوقا على باب داره المطلة على الخليج .

رابط هذا التعليق
شارك

كان عمارة بن على بن زيدان , يمنيا نشأ في أسرة ذات سيادة في جبال اليمن , وفى صباه رحل إلى مدينة " زبيد " لتلقى العلم على يد شيوخها الشوافع , و هناك زاره أبوه فوجده بلغ في العلم مبلغا طيبا , فضلا عن براعته في قرض الشعر , وعندئذ استحلفه ألا يهجو بشعره أحدا من المسلمين , و حلف عمارة و لكنه لم يبر بقسمه بعد أن طوحت به الرياح إلى مصر , وصار شاعر للبلاط ومن أهم وظيفته أن يمدح سيده ... و أن يزم خصومه .. وهى وظيفة شعراء البلاط في كل عصر وحين , وكان " عمارة " قد ذهب إلى مكة لأداء الحج , واتصل بأميرها هاشم بن قاسم الحسنى , فلما توسم فيه الكياسة و السياسة أوفده إلى القاهرة برسالة إلى حكامها الفاطميين , و حين مثل أمام الخليفة " الفائز " ووزيره " طلائع " أنشد أمامهما قصيدة طويلة مطلعها :

الحمد للعيس بعد العزم و الهمم ......... حمدا يقوم بما أولت من النعم

و يقول " عمارة " في كتابة ( النكت العصرية في أخبار الوزراء المصرية ) أن الوزير " طلائع " استحسن القصيدة حتى استعاد إنشادها مرارا , و الكبراء في المجلس يذهبون في الاستحسان كل مذهب , ودفع له " طلائع " خمسمائة دينار .. وبعثت له الشريفة عمة الخليفة خمسمائة دينار أخرى .. قال : وحملت المال معي إلى منزلي , و أطلقت لي من دار الضيافة رسوم لم تطلق لأحد من قبلي , وتنافس الأمراء على دعوتي إلى منازلهم للولائم , واستحضرني " طلائع " للمجالسة , و نظمي في سلك أهل المؤانسة و انثالت على صالته , وغمرني بره ".

رابط هذا التعليق
شارك

و عاد " عمارة " إلى مكة و منها إلى مسقط رأسه باليمن , ولم تبرح خياله ذكريات الأيام السعيدة التي قضاها في مصر , وما قوبل به من حفاوة و كرم , و أخذ يتحين الفرصة للعودة إليها مرة أخرى ليتخذ منها موطنا و مقاما , و جاءت الفرصة عندما ذهب إلى الحج للمرة الثانية , فكلفه أميرها بحمل رسالة إلى الوزير " طلائع " يعتذر فيها عما تعرض له الحجاج المصريون من نهب و سلب , و جاء " عمارة " إلى القاهرة وهو ينوى البقاء فيها إلى الأبد , ووجد عند الوزير طلائع الملاذ و الآمن , و الركن الحصين , و الصدر الحنون , و صار ملازما له في مجلسه , و طابت نفسه لما كان يجرى في مجلس الوزير من أحاديث الأدب و العلم و السياسة , لولا ما كان يصدر عن بعض الحضور من تعريض بصحابة الرسول – صلى الله عليه و سلم - جريا على عادة الشيعة في سب الشيخين أبى بكر و عمر . ذلك أن الوزير طلائع كان من أشد المتعصبين لمذهب الشيعة الامامية , و كان جلساؤه يصانعونه بالتطاول على الصاحبين , ولم يكن ذلك مما يرضى الشاعر عمارة الأمر الذي اضطره إلى مقاطعة مجلس الوزير .

رابط هذا التعليق
شارك

يقول عمارة : و كانت تجرى بحضرة الوزير مسائل و مذكرات يأمرني بالخوض مع الجماعة فيها , و أنا بمعزل عن ذلك لا أنطق بحرف واحد , حتى جرى من بعض الأمراء الحاضرين فى مجلس السمر من ذكر السلف ما اعتدت عند ذكره و سماعه قول الله عز و جل ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) و نهضت فخرجت , فأدركنى الغلمان , فقلت : حصاة يعتادنى وجعها . فتركوني . و انقطعت في منزلي أياما ثلاثة , و رسوله كل يوم و الطبيب معه , ثم ركبت بالنهار فوجدته في البستان في خلوة من الجلساء , فاستوحش من غيبتى , و قال : خيرا . فقلت : إني لم يكن بي وجع , و إنما كرهت ما جرى في حق السلف و أنا حاضر , فاءن أمر السلطان بقطع ذلك ... حضرت , و إلا فلا .. و كان لي في الأرض سعة , و في الملوك كثرة , فعجب من هذا و قال : سألتك بالله ... ما الذي تعتقد في أبى بكر و عمر ؟ قلت : أعتقد أنه لولاهما لم يبق الإسلام علينا و لا عليكم . و انه ما من مسلم إلا ومحبتهما واجبة عليه , ثم قرأت قول الله تعالى ( و من يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ) فضحك , و كان مرتاضا حصيفا قد لقي في ولايته فقهاء السنة و سمع كلامهم .

رابط هذا التعليق
شارك

" طلائع " .. مجلبدا ضد الفرنج :

إلا أن هذه العادة السيئة التي سلكها الوزير " طلائع " , لا تقلل من شأنه في التصدي للصليبيين في الشام , فقد كان آخر الوزراء الفاطميين الذين حركوا الأسطول و الجيش لمحاربة الفرنج في " صور " و أسر كثيرا منهم , و يذكر الدكتور أيمن فؤاد سيد فى كتابه ( الدولة الفاطمية .. تفسير جديد ) أن الوزير طلائع أدرك أن مصر لا تستطيع بمفردها مواجهة المملكة اللاتينية في بيت المقدس فأرسل إلى " نور الدين " صاحب دمشق يطلب إليه توحيد جهودهما , و كان رسول طلائع في هذه المهمة الأمير الشاعر " أسامة بن منقذ " الذي تبادل معه مجموعة من القصائد لتسهيل مهمته لدى نور الدين , و خلق نوع من التعاون بين مصر الشيعية و الشام , و تأكيد لنيته بعث إلى نور الدين بهدية من الأسلحة و غيرها قيمتها ثلاثون ألف دينار , و سبعة ألف دينار ذهبا عونا له على قتال الفرنج , و لما تنبه الفرنج إلي خطورة هذا التحالف , بعثوا رسولا إلى القاهرة و معه هدية لطلب الهدنة , و لكن الصالح رفض ذلك , واستمر على مساندة نور الدين , و كان من الطبيعي أن تتآلف المملكتان الإسلاميتان , و لكن اختلاف المذاهب الدينية حال دون ذلك .

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 3 أسابيع...

و إلى الصالح طلائع يرجع فضل بناء آخر المعالم العمرانية للفاطميين في القاهرة , وهو الجامع الذي لا يزال قائما إلى ألان خارج باب زويلة , و كان " طلائع " يطمح فى تحويل الخلافة الفاطمية في نسله كما فعل بدر الجمالي – فاختار أصغر الأمراء الفاطميين و أجلسه على عرش الخلافة و أطلق عليه اسم " العاضد " , و زوجه من ابنته , عسى أن ترزق منه بولد فيجتمع لبنى رزيك الخلافة مع الملك . و لم تقبل نساء ا؟لأسرة الفاطمية هذا الإجراء , فدبرت " ست القصور " عمة العاضد مؤامرة لاغتيال الوزير طلائع حيث تربص به الغلمان في دهليز القصر و قتلوه في 19 رمضان 556 هجرية . و كانت آخر كلمات طلائع وهو يلفظ آخر أنفاسه , أسفه على أنه لم يعمل على غزو بيت المقدس و استئصال شأفة الفرنج ... و تحذيره ابنه " العادل رزيك " من " شاور " حاكم الصعيد الذي لا يؤمن غدره .

رابط هذا التعليق
شارك

و جاء مصرع الوزير " طلائع " و ابنه من بعده صدمة للشاعر " عمارة " اليمنى فأطلق لقريحته العنان لتعبر عما في نفسه من لوعة و شجن لفقد أعز الأحباب إلى نفسه , وكان مما قال في مراثيه :

تنكد بعد الصالح الدهر فاغتدت ................. مجالس أيامي وهن غيوب

أيجدب خدي من ربيع مدامعي ................ و ربعي من نعمى يديه خصيب

وان برقت سني لذكر حكاية .................... فاءن فؤادي ما حييت كئيب

ويقول الدكتور محمد زغلول سلام في تأريخه للأدب الفاطمي أن " عمارة " ظل كئيبا بعد مصرع الصالح , وان ضحكت سنه مع من لازم من الوزراء الذين تقلبوا على الوزارة في هذه المرحلة من تاريخ الفاطميين , فقد كثر فيها الطامعون , واقتتل الأعوان , واغتال الخدم و الأصحاب بعضهم بعضا .. فقد شارك " ضرغام " في قتل " رزيك " ... ثم ظهر " شاور " وقتل ضرغام . ثم جاء صلاح الدين فقتل شاور . واضطر " عمارة " أن يجارى الأحداث , و أن يداهن أحيانا , ولكنه ظل على ولائه للفاطميين , ولطلائع و ابنه و عشيره .. و كان وفاؤه سببا في نهايته المؤلمة .

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة

×
×
  • أضف...