اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

تخلص من مبارك اللي جواك


Simba

Recommended Posts

د. شريف عرفة

بقلم : د.شريف عرفة

أول كاريكاتير يومي أرسمه ، كان لرجلين يمشيان في جو حزين.. يقول أحدهما للآخر: شفت اللي بيحصل في البلد ؟

فيرد الرجل: و احنا مالنا ..هي بلدنا ؟

أول تغيير حدث للمصريين بعد رحيل مبارك ، هو الشعور الصادق بالانتماء.. فلم يكن أحد منا يدهن الحوائط أو يكنس الشوارع..

لم يكن أحد منا يرفع العلم لسبب غير مباريات الكرة.. لم يكن أحد منا يشعر أن مصر هي بلده و أن له أي تأثير فيها..

و كنا نقول أن مستقبل المصريين الوحيد هو الهجرة لكندا.

بعد ٣٠ عاما من حكم مبارك ، تشوهت أشياء كثيرة في داخلنا .. منها ما رحل برحيله، و منها مايزال موجودا في وجداننا الجمعي حتى اليوم.

و كي نستطيع أن نصبح شعب دولة عظمى، يجب أن نتخلص من هذه القاذورات

دعونا نتأمل بعضها معا :

===========

١- العمل السياسي:

"ماليش في السياسة يا عم !"

============

كلنا نعرف أن مبارك بنفسه منع ممارسة السياسة في الجامعة كي يكون الشعب جاهلا سياسيا.. كما نجح في إبعادنا عن صندوق الانتخابات بأساليب عديدة.

فجعلها بالبطاقة الانتخابية - التي لا تستخرج إلا في وقت محدد في السنة- بالإضافة إلى التزوير السافر الذي أفقد الناس الأمل في العملية الانتخابية برمتها.

في انتخابات الشوري السابقة لم أكن قد فقدت الأمل بعد وقررت أن أشارك بصوتي.. فجمعت أسماء المرشحين لأجري بحثا عن نشاط كل منهم لأقرر من سأنتخب...

فوجدت هذا الفيديو على يوتيوب أثناء بحثي عن إحدى المرشحات.. تأملوا الفيديو أيها السادة:

إضغط لمشاهدة الفيديو: http://www.youtube.com/watch?v=NsdPUImdP_Q

ده كلام يا جماعة ؟

في الانتخابات الرئاسية المزورة السابقة ، وجدت عضو مجلس الشعب في منطقتنا واضعا لافتة يقول فيها : "كل أهالي المعادي و البساتين يبايعونك يا مبارك" !!

فقررت مقاضاته و طلب تعويض، لأنني لا أبايع مبارك و ليس من حقه أن يقول هذا عني.. فليكتب مثلا : كل أهالي المعادي ماعدا شريف عرفة يبايعونك يا مبارك..دعك من أنها انتخابات و ليست مبايعة !

فنصحني المحامي بالابتعاد عن وجع الدماغ الذي لن يأخذني لشيء.. لأنه من رجال النظام و لأنه يمثلني فعلا في البرلمان !

و أنت تقرأ هذا المقال، فكر معي.. من هو ممثل دائرتك في مجلس الشعب ؟

هل تعرف أنه كان -غالبا- يصفق و يهلل و يوافق في المجلس، بإشارة من يد أحمد عز ؟

قبل أن تأتي الانتخابات التشريعية.. دعونا نبدأ بالعمل الجماعي الحقيقي في الشارع لاختيار أشخاص يمثلوننا فعلا..

و تذكر أن سلبيتك ، تعني سماحك لنفس الوجوه القديمة بالفوز مجددا و التحدث باسمك في البرلمان.

علينا أن نبدأ في صنع قياداتنا و تشجيع كل من حولنا على انتخاب الشخص المناسب.

و تذكر أن أنباءا تقول أن الحزب الوطني البائد يجتمع بأعضائه الآن بالفعل، ليخطط للانتخابات القادمة.

============

٢- التفكير العقلاني:

"يا جماعة حرام عليكم- إهئ إهئ- الراجل ماعملش حاجة!"

============

المؤيدون لرئيس الوزراء الراحل أحمد شفيق، حجتهم القوية لتأييده هي: أنه راجل محترم و مهذب !

و هذا صحيح فعلا بلا جدال.. لكنه أيضا دليل علي فساد نظام مبارك! فمعني هذاأن كل رؤساء الوزراء السابقين كانوا متعالين عديمي اللباقة لا يتواصلون مع الناس.. لدرجة أن وجود (راجل محترم و مهذب) يعتبر مكسبا استثنائيا لابد من الحفاظ عليه!

و بالمثل ، حين حاول مبارك قبل رحيله مداعبة مشاعرنا .. كانت حجج المؤيدين له، أن له تاريخا و أنه راجل عجوز و مريض و حرام يسيب الحكم كده..

"و كأن من الصواب أن يحكم بلد مهم كمصر، رجل "عجوز و مريض" لأن له تاريخ، على سبيل الجدعنة و "مايصحش كده يا جماعة !

هل هذا منطق سليم؟

نحن شعب عاطفي أجاد النظام الحفاظ على هذه الصفة لديه.. لذلك يجب أن نحذر كي لا تكون عاطفتنا هي المحرك الرئيسي لنا

في الفترة القادمة نحن من سيصنع مستقبل مصر.. فلا تجعل العاطفة مقياسك الأساسي أمام صندوق الانتخابات.

ما الذي يؤهل (فلان الفلاني) لقيادة مصر بأسلوب مختلف عن مبارك ؟

نحن نتكلم عن أفعال و مواقف حقيقية و ليس مجرد كلام.. فالكلام سهل لكننا نحتاج من عنده القدرة على التنفيذ و إدارة شئون البلاد بكفاءة و لديه إنجازات حقيقية تتكلم عنه.

قال لي احدهم على الفيس بوك أنه لن ينتخب الدكتور البرادعي عشان ساعات بيتهته!

فهل هذا مقياس محترم يقاس عليه؟

الرجل أثبت كفاءته عالميا، بانتخاب دول العالم له مرتين لإدارة مؤسسة دولية ، في منصب شديد الحساسية و الخطورة.. و أعلن أن العراق ليس فيه أسلحة دمار شامل ، و ليس ما نجح مبارك في إقناع الكثيرين به !

أنا شخصيا أحب البرادعي و كنت وسط من استقبلوه في المطار بالورود حين أعلن معارضته لمبارك..

لكن هذا -أيضا - لا يكفي لانتخابه.. فالمهم هو برنامجه الرئاسي القادم..

أليس كذلك ؟

============

- ٣- ابحث عن الحقيقة:

" بيقولوا الراجل ده مش كويس!"

============

وجود مبارك في الساحة ، جعل تفكير الكثيرين منا أحاديا.. بمعنى أن : مبارك سيء، وأي شخص يهاجمه: بطل رائع و عظيم !

حين تستقر الأمور ، لن يكون هناك إجماع قومي شامل على أي موضوع من الموضوعات !

و هذا طبيعي و متوقع على فكرة.. فالناس مختلفون في أفكارهم و توجهاتهم.. و أي شخصية في الحياة السياسية المصرية مهما كانت نظيفة، توقع أن تجد هجوما حادا عليها في الفترة القادمة..

لأن عندنا حرية تعبير.

في هذه المرحلة علينا التمييز بين ما هو حقيقي و ما هو كاذب.. فحين يقول شعبان عبد الرحيم أن البرادعي هو سبب حرب العراق، فإن هذا لا يعني أنها الحقيقة.

الطريقة الصحيحة هي: القراءة و البحث.. الطريقة السهلة هي: أن تسمع رأي شخص تثق في معرفته و علمه.

============

٤- تقبل الآخر:

إنت تخرس خالص !

============

في أمستردام ، شاهدت مهرجانا في الشارع -تشارك فيه كل القوى السياسية- بمناسبة عيد تنصيب الملكة.. و رأيت أحدهم يرفع علم الشيوعية (المطرقة و المنجل ) !

فسألت صديقي عن هذا الأمر، فقال أن هناك بالفعل حزبا شيوعيا عندهم.. لكن ليس له شعبية و لا ينتخبه الناس.. لكنه يمارس حقه الطبيعي في التعبير عما يراه صوابا!.

و في واشنطن رأيت مظاهرة لبعض السود يشتمون فيها أمريكا ذاتها و ينادون بالتمييز العنصري ضد البيض !

سألت ضابط شرطة عن هذا الموضوع فقال أن هذه حرية التعبير و لابد من احترامها، ماداموا لا يؤذون أحدا و يتكلمون فقط !

لقد أصبحنا في بلد ديموقراطي أخيرا.. و أصبح هناك تيارات و أفكار و مرشحون و انتخابات حقيقية.. لذلك توقع أن يكون هناك خلافات في الرأي مع أقرب الناس لك.. لا تنفعل و لا تحاول إجبار الناس على اتباع وجهة نظرك.

فلك الحق في التعبير عن رأيك و المناداة به ، و لمن يختلف معك هذا الحق أيضا!

و علينا جميعا احترام هذا الحق، الذي حصلنا عليه بدماء شهدائنا..

============

٥- الانفتاح على العالم :

"آه يا عميل يا خاين"

============

و نحن أطفال ، كان عندنا أستاذ مريض بالسادية.. كان يستمتع بمعاقبتنا بمبرر أو دون مبرر.. لدرجة أن أحد الأطفال اشتكاه في قسم الشرطة لأن يده قد انكسرت من كثرة الضرب.

جاء الأستاذ في اليوم التالي و جعل هذا الطفل يقف أمامنا ، و ألقى عليه محاضرة في الأخلاق.. مفادها : "بقى تشتكيني برا ؟ حد يشتكي أستاذه؟ كاد المعلم أن يكون رسولا.. أنا باعمل كده عشان أعلمك..

و الغريب أن الطفل اقتنع ، و طلب من والده أن يتنازل عن المحضر.

هذا المنطق يمارسه نظام مبارك منذ زمن.. و الغريب أن بعض الناس كانت تصدق.

كيف تطلب رقابة دولية عالانتخابات ؟

كيف تشتكيني في المحكمة الدولية ؟

"بقي تشتكيني برا ؟"

أوهم مبارك الناس أن الشكوى منه هي (استقواء بالخارج) و (تسويء سمعة الوطن).. في حين أن هناك منظمات دولية محترمة, مهمتها تحسين أوضاع البشر في كل مكان.. كمنظمات حقوق الإنسان.

لا تخف من العالم الخارجي.. دعونا نؤيد فكرة الرقابة الدولية (و القضائية طبعا) على الانتخابات.. فنحن بأنفسنا كنا نراقب انتخابات أمريكا و دول أخرى.. هذا ضمان للمصداقية لأن المزور يخاف من الفضيحة و خصوصا لو كانت دولية.

لقد أقنعنا مبارك أن العالم كله يتآمر ضدنا ، كي نعتقد أنهم سبب ما نحن فيه، و ليس فشله هو في إدارة البلاد.

و جعلنا نخاف من التعامل مع العالم كله .. كي لا نشتكيه لأحد.

============

٦- كرامة المصريين

"إنت عارف أنا ابقى مين ؟"

============

قال مدير أمن البحيرة أن الشرطة (أسياد) الناس.

هذا الاعتقاد طبيعي في ظل نظام مبارك، فقد تم السماح للبعض باستعراض قوتهم و شعورهم بالتفوق، كوسيلة تعويضية لنقص الرواتب و العمل الشاق الذي يتخلله مجاملة رجال النظام و الوقوف في التشريفات في الحر لساعات طويلة.. و هي أمور لا علاقة لها بوظيفة الشرطة الحقيقية.

النظام أفرز هذه الشخصيات الموجودة بالفعل، و التي التحقت بجهاز الشرطة فقط كي تحصل على هذا الشعور بالتفوق.

و هو الدافع هو الذي جعل كثير من الناس يلتحقون بالحزب الوطني بالمناسبة.

هذا الشعور -السيادة و العبودية- متبادل بطبيعة الحال.. فالشعور بالعبودية مترسخ في قلوب بعض الناس.

- شاهدت في التلفزيون المصري - قبل رحيل مبارك- رجلا يبكي و يقول : عايز أجي أعتذر لك يا ريس و أجيب مراتي و عيالي و نعيش تحت رجليك نخدمك طول العمر!

يسمون هذا في علم النفس (التماهي مع المعتدي) .. أي أن القهر الذي تتعرض له يجعلك في النهاية تتقبل الوضع و تتعاطف مع المعتدي و تتقمص وجهة نظره و احتقاره لك.. كي تبرر لنفسك منطقية ما كان يفعله.. و عرف هذا على الإنترنت بمتلازمة ستوكهولم.

عزيزي المصري.. لا تسمح لأحد أن يمارس فكرة التسلط عليك.. كلنا مصريون و الاحترام -كل الاحترام- للقانون الذي يفصل بيننا.

الرئيس القادم موظف عام له كل الاحترام و كل التقدير بحكم منصبه ..لكن مسموح بنقده بالطبع.

فلا يوجد إنسان كامل.. كما كان يحاول ممتاز القط أن يصف مبارك

============

٧-- الديكتاتورية المضادة:

" هانشنقهم في ميدان التحرير"

============

عبأنا نظام مبارك بالغضب و القهر.. لذلك حدث الانفجار.

صدمني رد فعل الناس في حادثة سائق المعادي.. حين أطلق ضابط شرطة الرصاص على سائق فأوسعه الناس ضربا حتى كاد يفارق الحياة.

و ضايقني فيديو لمجموعة من الرجال، يحملون شخصا مضرجا بالدماء على سيارة نصف نقل، و يطوفون به في المكان.. و قيل أنه معاون شرطة كان يعذب المواطنين و ها هم ينتقمون منه.

،لاحظ أن مبارك شجع استخدام البلطجة للخروج على القانون..فأحكام القضاء لا تنفذ و أصبح الناس يلجأون للبلطجية لتطبيق عدالتهم الخاصة.. كان هذا في عهد مبارك فلا يجب أن نلوث سمعة ثورتنا العظيمة بالدماء.. فالقانون سينتقم لنا ممكن نراهم مخطئين، فلابد من احترام سيادة القانون.

لا يجب أن نكون أكثر بشاعة من نظام مبارك، فنعود أسوأ مما كنا قبل الثورة.

حتى المسئولين الذين تتم محاكمتهم ، أتوقع أن يخرج بعضهم بحكم البراءة.. علينا وقتها - أيضا - أن نحترم سيادة القانون ، طالما تحقق استقلال القضاء.

قريبا جدا ، لن نحتاج إلى التظاهر من أجل تحقيق مطالبنا.. سيصبح هناك قانون حقيقي.. و قضاء حقيقي.. و انتخابات حقيقية..

عندها، ربما يصبح الالتقاء في ميدان التحرير كل يوم جمعة ، نوعا من الاحتفال الأسبوعي، الذي سيأتي السياح حول العالم لزيارته و استلهام روح هذا الشعب العظيم..

عزيزي المصري..

نحن نعيش في وطن واحد..

و حان الوقت ليكون أعظم وطن في العالم

رابط هذا التعليق
شارك

عزيزي المصري..

نحن نعيش في وطن واحد..

و حان الوقت ليكون أعظم وطن في العالم

دايما مواضيعك متميزة يا سمبا

اخر كلمتين دول فيهم الزبد كله

اتمنى ان اشوف مصر اعظم وطن في اسرع وقت ممكن

860754425.png

رابط هذا التعليق
شارك

اسمح لي ان اشكرك علي هذا النقل الكريم

مقال رائع جدا

تفاءلوا بالخير تجدوه

بعضا مني هنا .. فاحفظوه

رابط هذا التعليق
شارك

مقال الدكتور شريف عرفة هذا ذكرني بمقال اكثر من رائع .. للدكتور احمد خالد توفيق

-------------------------------------------------------------------------------

اشارة مرور مصيرية

------------------------

الدستور - 18 فبراير 2011

ما دامت مصر ولادة

وفيها الطلق والعادة

حتفضل شمسها طالعة

برغم القلعة والزنازين

أحمد فؤاد نجم

***

عند ذلك التقاطع بين شارعين، كانت الإشارة حمراء لكن شرطي المرور الريفي البسيط سمح بالمرور لسيارتين تقلان بعض السادة الذين يعتبرون أنهم أكبر من القانون ، وهكذا تعالت احتجاجات راكبي السيارات الذين يذكرون الشرطي بأن الإشارة حمراء، فقال بطريقة متساهلة شبه أنثوية

ـ"يا سنة سوخة .. أهو احنا كده يا مصريين .. عمرنا ما نشيل بعضنا !"ـ

ثم أتبعها بالعبارة الشهيرة

ـ"يعني هي خصلة؟"ـ

بالطبع فاق هذا احتمال الجميع، فتصاعدت من عشرين سيارة تقريبًا عبارة (جاتك ستين نيلة) و(جاتك خيبة).. هناك كلام في غير موضعه، وليس هذا الحديث المائع عن التكافل الاجتماعي والتسامح بصالح عندما نتكلم عن إشارة مرور. هذه أشياء غير مطروحة للنقاش ومعنى تجاهلها تدمير المجتمع ذاته. أحيانًا يجب أن يكون المجتمع صارمًا قاسيًا، وهذا أقرب للرحمة والتماسك

تذكرت هذه القصة بقوة هذه الأيام مع تزايد الكلام عن صحة الرئيس مبارك. تضارب إعلامي رهيب بين من يزعم أنه مريض ومن يزعم أنه في غيبوبة، ثم يأتي من يؤكد أنه بصحة ممتازة ويأكل الكافيار والشوكولاتة. لكن النغمة السائدة هي: أيها الأوغاد الملاعين .. لقد آذيتم الأب بعقوقكم .. فلو كان فيكم خير لهرعتم زاحفين إلى شرم الشيخ تلثمون يديه وتطلبون الصفح

صوت شرطي المرور يتردد في ميوعة، حتى ليوشك هؤلاء على إنهاء كلامهم بـ (هي خصلة؟)ـ

حتى قبل أن يتنحى مبارك انتشر البلطجية الرقميون عبر الإنترنت .. بعض هؤلاء صادقون ويفكرون بطريقة (هي خصلة)، وبعضهم بالتأكيد يعملون لدى الأمن، وبعضهم بلا نقاش من المستفيدين من النظام السابق أو أنفقوا الملايين من أجل مجلس الشعب كي ينالوا أكثر، ثم فوجئوا بالجموع تحاول حرمانهم من هذا .. هكذا بدأت الحرب القذرة .. هناك فنان شهير قال إنه ينوي تمثيل دور مبارك في فيلم سينمائي فردت عليه قارئة مهذبة: "إزاي تمثل أسيادك يا حقييييييييير يا واطي؟". شراسة لا يمكن تبريرها بالإخلاص وحده. هذه ذئاب كادت تفقد فريستها

أسلحة هذه الحرب صارت معروفة للجميع، وهناك مقال جميل ظهر مؤخرًا وصار لدى كل واحد تقريبًا عن تقنيات الثورة المضادة التي تدور الآن. من ضمن هذه الأسلحة سلاح (خربتوها وقعدتوا على تلها ؟) وسلاح (وائل غنيم ماسوني) وسلاح (عندما يحكم البرادعي سيسيل الخمر أنهارًا من الحنفيات).. هناك سلاح لا يخيب هو (فلان المعارض الشريف راتبه كذا مليون) .. وهذا السلاح جربه أنس الفقي مع محمود سعد، كما جربوه مع إبراهيم عيسى في الماضي، وبالفعل نسى الناس القضية ليتحسروا على حالهم.. سلاح (النفسنة) لا يفشل أبدًا، لكن لم يسأل أحد هؤلاء نفسه كم يقبض أنس الفقي نفسه ؟... دعك من أن محمود سعد لم يسرق شيئًا .. هذا أجره وتم برضا الطرف الآخر، وعلى الأرجح يسدد ما عليه من ضرائب كاملاً.. إذن ما المشكلة ؟. هناك سلاح آخر هو سلاح (مبارك مريض وأخلاقنا تقضي بأن نصمت)ـ

الموقف يتلخص في التالي: "الرجل مريض وقلبه كسير .. دعوه ينعم بالنقود التي سلبها منا". فإذا تكلم أحد عن إعادة المال قالوا له: "ش ش ش !".. فإذا تكلم أحد عن المحاكمة قالوا له : "هذه ليست أخلاق الشعب المصري". وهو ذات منطق عمر سليمان عندما قال إن خلع الرئيس عبارة ليست من ثقافة الشعب المصري .. لعل لها أصولاً في اللغة الفارسية إذن

وعلى طريقة شرطي المرور تنتشر عبر النت التعليقات على غرار: "آه يا بلد .. آه يا شعب واطي .. من أسبوع كنتوا بتبوسوا جزمته ودلوقت بتقولوا رئيس سابق .. ". وهذا المنطق يقضي بأنه حتى لو حكمنا هتلر أو نيرون فعلينا أن نطيعه ونخلص له، ولا نزيحه أبدًا .. فإذا أزحناه فعلينا ألا نحاسبه أبدًا وإلا فنحن شعب واطي بلا أصل

هذا العقد الاجتماعي الأبوي العجيب ظهر بوضوح في عصر السادات مع مفهوم (كبير العيلة). الحاكم هو أبونا الذي يعتبر الاعتراض عليه قلة أدب .. وأبناء جيلي يذكرون الطالب الجريء (عبد المنعم أبو الفتوح) عندما وقف يقول كلمة حق أمام السادات، فانفجر هذا غاضبًا: "تقول لي كده أنا رئيس العيلة .. رئيس البلد ؟!". وإن كنا لن ننسى للسادات أن هذا الطالب لم يختف أو يذوب في الأحماض. العقد الاجتماعي الذي يجب أن يسود تفكيرنا هو أن الرئيس موظف لدى الشعب .. راتبه يتقاضاه من الشعب .. الشعب يحاسبه فإن لم يرض عنه يستبدل به رئيسًا آخر. الشعوب التي فهمت هذا تقدمت والتي لم تفهم هذا صارت مثلنا. ولنا مثال عظيم في تشرشل بطل الحرب العالمية الثانية .. بعد الحرب جاءوا برئيس وزراء آخر يصلح لبناء البلاد .. شكرًا لما قدمته لإنجلترا يا أخ تشرشل وإن كان هذا واجبك.. ابق في بيتك.. بينما لو كان مفهوم الأب و(بطل التحرير) مسيطرًا عليهم لظل تشرشل رئيس وزراء حتى اليوم

أحببت (مبارك) فعلاً في فترة الثمانينيات حين كان وجهًا مشرقًا ذكيًا يحمل شرف البطولة في الحرب، ولديه استعداد هائل للسماع والديمقراطية. يبدأ عصره بلقاء المثقفين الذين زج بهم السادات في السجن. تشكو جريدة الشعب لسان وزير الداخلية زكي بدر البذيء الذي اتهم كل المعارضين في جلسة واحدة بالعمالة والكفر والشذوذ الجنسي، فيقوم بإقالته في اليوم الثاني. هناك قصة شهيرة عن كلمات قاسية وجهها له الشيخ الغزالي، والقصة تقول إنه حاول الاعتذار وتقبل النقد بصدر رحب. قرأت فيما بعد للدكتور ميلاد حنا أنه يحب مبارك الثمانينيات ويكره مبارك التسعينيات وما بعدها. مع الوقت والسلطة المطلقة وشلة المنتفعين والقرف من الشعب تضاءل رصيد الرجل من الحب، حتى توقف المرء ونظر حوله فأدرك أنه حاكم فاشل جدًا وفاسد ومفسد معًا .. كلما ارتفع جزء صغير من غطاء البالوعة شممت رائحة عطن لا مثيل لها، مع تشابك علاقات يستحيل فك خيوطه .. فلانة كانت زوجة فلان وهي الآن زوجة فلان، وشركتها سرقت الأراضي بمساعدة فلان، وفلان هذا هو المسئول عن صفقة كذا الفاسدة التي مولها فلان، وفلان الأخير هو الذي سهل قرضًا لعلان .. الخ .. لا علاج لهذا كله سوى الحرق

عندما قامت الثورة أدركنا المدى الذي يمكن أن يبلغه مبارك في عناده ورغبته في البقاء يومًا آخر، والغرض طبعًا هو إخفاء كل ملفات الفساد التي تتضمن اسمه، ورأينا كيف أنه حول مصر إلى أرض خراب وقطع عنها الهاتف الجوال والإنترنت والقطارات، وأطلق ذئاب الداخلية تطلق الرصاص الحي وتدوس الشباب في الشوارع. من أجل يوم آخر فليحترق المتحف المصري ولينهب، وليرش المصلون بسيول الماء، ولتجب العصابات شوارع مصر تروع الآمنين. كان عبد الحليم قنديل يطالب دومًا بمظاهرة المئة ألف مصري على أساس أنها ستسقط النظام !... رأينا كيف أن النظام مصر على البقاء برغم أن هناك نحو ثمانية مليون مصري في شوارع مصر (حسب تقدير ألماني)!. لم أعد حسن الظن بمبارك على الإطلاق، وأعتقد أنه طلب أو كان سيطلب من الجيش إطلاق مدافع المدرعات على المتظاهرين، فهو قد برهن على مدى حبه وحنوه على الشعب المصري. وبالطبع رفض الجيش

ومن جديد صاح عسكري المرور: "ما تسيبوه ست شهور ... هي خصلة ؟"ـ

وماذا يفعله في ستة أشهر مما لم يفعله طيلة ثلاثين عامًا ؟

لقد رحل مبارك .. لكن لابد من محاسبته بدقة وفك خيوط الفساد العفنة هذه، وهي مهمة عسيرة فعلاً لأنه بينما يدور هذا الجدل يتم حرق ملفات الفساد بانتظام في كل الوزارات.. أكبر دليل على أن النظام لم يتفكك هو الفتى الذي خرج يوم المولد النبوي الشريف من أقبية أمن الدولة، وقد أعلن على شاشة الجزيرة أنه كان سجينًا ويعذب بالكهرباء 3 مرات يوميًا حتى بعد تنحي مبارك بأربعة أيام!.. ولم يكن وحده

الوطن عند تقاطع طرق مصيري. ربما رأى البعض أننا (ما لناش أصل) .. لكن هؤلاء السادة قد برهنوا منذ زمن على أنهم بلا أصل وأوطى مننا بمراحل. أما التعامل مع المستقبل بطريقة (هي خصلة) فمعناه أننا لم نتعلم شيئًا

،، مع اجمــل تحيـــاتي

الســــاري

782283329.png

رابط هذا التعليق
شارك

تحيه لسيمبا و تحية للساري المقالان رائعان ,,

وتامر مصطفى ماعرفوش :happy:

المجد لولادك المخلصين ...

رابط هذا التعليق
شارك

تحيه لسيمبا و تحية للساري المقالان رائعان ,,

وتامر مصطفى ماعرفوش :happy:

ما دام عجبك مقال سمبا كأني كلي عجبتك

تحياتي ليك يا ابو تمرة

860754425.png

رابط هذا التعليق
شارك

الشكر موصول لكم جميعا

وطول ما فيه ناس واعية واقلام متزنة وعاقلة زي كده ان شاء الله هنعديها علي خير للاحسن

رابط هذا التعليق
شارك

انضم إلى المناقشة

You are posting as a guest. إذا كان لديك حساب, سجل دخولك الآن لتقوم بالمشاركة من خلال حسابك.
Note: Your post will require moderator approval before it will be visible.

زائر
أضف رد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   تمت استعادة المحتوى السابق الخاص بك.   مسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...