sha3ooor بتاريخ: 14 أغسطس 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 14 أغسطس 2004 عن القراءة الأمريكية للحالة الإسلامية بقلم: فهمي هويدي عندي عدة ملاحظات بخصوص التقرير الامريكي حول الحالة الاسلامية, الذي نعرف انه لم يكن عملا خيريا ولا هو لوجه الله, ولكنه اعد لحساب وزارة الدفاع الأمريكية, وصدر عن قسم بحوث الامن القومي بمؤسسة راند ذات الوزن المعتبر في واشنطن, ولان هذه خلفيته فقد جاء التقرير معتوبا عليه, ثم جديرا بالاهتمام والاحترام. (1) لست معجبا بالتحليل الوارد في التقرير, واستيائي لا حدود له من مقاصده, ولكني مقدر للجهد الذي بذل فيه, ومتفهم لحقيقة انه في نهاية المطاف يتحري المصلحة الامريكية, ويرسم خريطة الطريق للنفاذ إلي قلب المجتمعات الاسلامية, واستمالة المتدينين وكسبهم إلي صف الرؤية الغربية, والامريكية بوجه اخص, ولست اخفي ان تقديري لجهد مؤسسة راند وخاصة السيدة شيريل بينارد( زوجة زلماي خليل زاده السفير الامريكي في كابول, وهو مسلم من اصول افغانية) التي كتبت التقرير, حين قارنت الجدية التي تم التعامل بها مع الموضوع بالهزل والغوغائية التي اتسمت بها كتابات عربية عدة في ذات الموضوع. وقبل ان استطرد في تسجيل ملاحظاتي حول التقرير, ألفت النظر إلي ان ملف التيار الاسلامي ليس قضية الساعة, الا اذا كنا نتحدث عن ارساء قواعد الديمقراطية والدفاع عن التعددية, السياسية والفكرية, ذلك أن مصير الاوطان, والامة كلها اصبح في خطر الآن, بحيث لم تعد هناك فرقة سياسية ناجية والحاصل في العراق يشهد بما نقول, فالاحتلال وضع القوي الوطنية كلها في خندق واحد, المسلمين وغير المسلمين, والناشطين الإسلاميين والعلمانيين, والمؤمنين والملحدين, وعبدة الله وعبدة النار والشيطان! بسبب من ذلك فإنني أقاوم بشدة ـ في حدود ما أملك ـ عملية الاستدراج التي تستهدف إما توسيع المناقشة حول موضوع التيار الاسلامي او الاشتراك في المناوشات الحاصلة بين الاسلاميين والعلمانيين, معتبرا ان من شأن ذلك: إما إلهاء الامة عن تحديات الساعة, أو تشتيت الصف الوطني لاضعاف مواجهته لتلك التحديات, وأزعم في هذا الصدد ان الاعين ينبغي دائما ان تظل مفتوحة صوب اهم تلك التحديات المتمثلة في الزحف الامريكي علي المنطقة الذي يعد الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين احدي حلقاته وركائزه. ولست هنا بصدد فتح باب المناقشة حول موضوع الاسلام المدني والديمقراطي الذي ركز عليه التقرير الامريكي ليس فقط للسبب الذي ذكرته توا, ولكن ايضا لاننا لانرفل في الديمقراطية, ولانملك ترف الاختيار بين نوع نماذجها ومواصفاتها, وهل تكون اسلامية ام علمانية, وانما نحن مازلنا نتحسس الطريق إلي اي شكل من اشكال المشاركة والمساءلة أيا كانت اللافتة المرفوعة فوقها. (2) ملاحظاتي حول الموضوع وليست فيه, ومعظمها ينصب علي الشكل والمنهج والمقاصد, وكنت قد تعرضت للتقرير في مقام آخر( مجلة المجلة) كما ان الاستاذ سيد ياسين ناقش مضمونه في جوانب عدة علي صفحات الأهرام خلال الاسابيع الأخيرة, وكانت مجلة المستقبل العربي قد نشرت خلاصة التقرير في عدد أول يونيو الماضي, علما بأنه صدر في واشنطن في منتصف شهر مارس من العام الحالي. الملاحظة الاولي تتعلق بالجهة التي طلبت التقرير, وقد ذكرت انها وزارة الدفاع الامريكية, وان القسم الذي اعد التقرير هو المختص ببحوث الامن القومي, وهو مايوحي مباشرة بأن قضية الحالة الاسلامية اصبحت ضمن اهتمامات وزارة الدفاع, وانها منذ11 سبتمبر باتت أمرا وثيق الصلة بالامن القومي الامريكي, وهو امر لا غرابة فيه, لان الضربة الموجعة التي تلقتها الولايات المتحدة في11 سبتمبر, حملت مسئوليتها لجماعات التطرف الاسلامي, الامر الذي أضفي علي تلك الجماعات أهمية استثنائية, سوغت احالة ملف الحالة الاسلامية إلي وزارة الدفاع. الملاحظة الثانية ان التقرير يتحدث عن اعادة تشكيل المجتمعات الاسلامية فيدعو مثلا إلي ايجاد ادوار نموذجية وقادة من بين دعاة الحداثة, عن طريق الترويج لهم بنشر وتوزيع اعمالهم, وتشجيعهم علي الكتابة للشباب خاصة, وتوفير منابر علنية لهم, وادخال آرائهم في مناهج التعليم الاسلامي. ثمة مقترحات عديدة من هذا القبيل, تستدعي السؤال الكبير كيف يمكن تفعيلها علي أرض الواقع؟ ـ ذلك ان هذه المهام التشجيعية تتطلب توفير نفوذ هائل للادارة الامريكية لانجازها, وهو اعتبار يستدعي الملاحظة الثالثة. تتلخص تلك الملاحظة في ان الذين اعدوا التقرير تعاملوا مع العالم الاسلامي باعتباره ساحة بلا صاحب, مفتوحة وطيعة إلي حد الامتثال الكامل لكل ماتطلبه واشنطن من دوله, فالتقرير لم يتحدث عن مطالبة الحكومات الاسلامية بكذا أو كذا, ولم يشر إلي احتمال ولو بنسبة واحد في المائة لان ترفض بعض الحكومات هذه المطالب, الامر الذي يبعث علي الاستغراب والدهشة, بل والتساؤل عن سر تلك الثقة التي تكلم بها التقرير عما ينبغي عمله في العالم الاسلامي, دون اي اعتبار للارادة او السيادة, وباطمئنان لا حدود له لحالة عدم الممانعة في الدول الاسلامية. (3) الملاحظة الرابعة ان التقرير يعتبر ان العلمانية هي الحل, وانه لا سبيل للتخلص من الارهاب إلا بحصار التدين وتضييق نطاقه, بحيث يعزل الدين عن مجري الحياة العملية, عن طريق فصله عن الدولة, وذلك لايتأتي إلا من خلال أمرين, العلمنة والتغريب, ولهذا فالتوصيات صريحة في دعوتها إلي تشجيع ودعم المؤسسات العلمانية والثقافية وبرامجها وإلي تطوير اسلام غربي و ألماني وأمريكي وفرنسي.. الخ وإلي الدعم المستمر لقيم الحداثة الغربية. في منطق التقرير فإن للحداثة طريقا واحد يبدأ بالعلمانية وينتهي بالتغريب, وفي كل الاحوال فإن اضعاف التدين مطلوب لانجاز المهمة, والنماذج التي يحتفي بها التقرير ويدعو إلي احتذائها هي تلك التي انتمت إلي الاسلام اسما, ثم تمردت عليه وانتقدت تعاليمه وجرحتها ويستشف المرء من القراءة ومن النماذج التي احتفي بها التقرير انه كلما اوغل هؤلاء في نقد الاسلام وطعنه من داخله, كان ذلك دليلا علي الاعتدال والانخراط في طريق الحداثة, علي النحو الذي يؤدي إلي خلق وترويج نموذج اسلام مزدهر معتدل. وفي حين تطرح العلمنة حلا لمشكلة الامة الاسلامية, فان التقرير لايخفي دعوة صريحة إلي تشجيع التصوف, وهو ما يعد نوعا من الدعوة إلي التعلق بما يمكن ان نسميه بـ الاسلام الانسحابي الذي يقلص التدين في دائرة روحية لايتجاوز حدودها, فهو يتحدث صراحة عن اهمية تعزيز الصوفية وتشجيع البلدان ذات التقاليد الصوفية القوية علي التركيز علي ذلك الجانب من تاريخها, وعلي إدخاله ضمن مناهجها الدراسية, بل ويلح علي ذلك في عبارة اقرب إلي الامر تقول: لابد من توجيه قدر اكبر من الانتباه إلي الاسلام الصوفي. الملاحظة الخامسة ان التقرير وهو يشخص ازمة العالم الاسلامي, فإنه ارجعها إلي عاملين هما التخلف وفقدان الصلة بالعالم الخارجي, وهي قراءة ليست مستغربة من وجهة النظر الغربية, وقد نتفق معها جزئيا, باعتبار ان للعاملين تأثيرهما الذي لايشك فيه علي أزمة العالم الاسلامي, ذلك التشخيص يتجاهل عاملا غاية في الاهمية, هو الدور الذي مارسه الغرب في تكريس تخلف العالم الاسلامي, من خلال تمزيقه ونهب ثرواته ومساندة الاستبداد فيه, حتي لانكاد نجد منطقة في العالم تعرضت للضغوط والانهاك من جانب قوي الهيمنة الغربية مثلما حدث مع العالم الاسلامي, وهو الذي تعرض للافتراس منذ كسرت شوكة الدولة العثمانية, بعد أن سري في جسدها التحلل منذ اوائل القرن الماضي, الأمر الذي يسر علي الدول الغربية تقسيم تركتها في سايكس بيكو وبسط هيمنتها عليها بعد الحرب العالمية الاولي. (4) الملاحظة السادسة هي ان التقرير يميز في فرز الحالة الاسلامية بين اربع فئات هي: الاصوليون وهم المتطرفون الذين يرفضون الديمقراطية ويريدون فرض ارادتهم علي المجتمعات بكل وسيلة وإلزام الناس بآرائهم وتصوراتهم للدين والحياة ـ التقليديون الذين يريدون مجتمعا محافظا ويتشككون في الحداثة والتجديد ـ الحداثيون او الليبراليون الذين يريدون تطوير الاسلام من داخله ـ العلمانيون الذين يطالبون بالفصل بين الدين والدولة ويريدون تطبيق النموذج الغربي في العالم الاسلامي. من السياق نفهم ان الفريقين الاول والثاني اقرب إلي الالتزام الديني, وان الشريحتين الثالثة والرابعة اقرب إلي المحيط العلماني, فالحداثيون علي تخومه والعلمانيون في قلبه, وهذا الفرز يستدعي ثلاث ملاحظات فرعية هي: * أنه لايكاد يري امكان بلورة تيار وسطي ـ اسلامي ديمقراطي مثلا ـ يجمع بين المحافظة والتجديد ولايرفض النموذج الغربي لكنه ايضا لايتعامل معه باعتباره مثلا اعلا, وانما يتفاعل معه من زاوية نقدية تحترم ايجابياته وتفرض سلبياته. * انه يتعامل مع الحالة الاسلامية علي اساس الفرز بين طبقاتها وتياراتها, ويريد استمالة واغواء بعض تلك التيارات, ومنطق الفرز هذا اعتمدته ادارة الرئيس كلينتون التي هيمن فيها الحزب الديمقراطي, ولكن الادارة الحالية ـ الجمهورية ـ لا تعترف به, وتتعامل مع الحالة الاسلامية من منطلق قمعي واستئصالي يستهدف الجميع, دون تفرقة بينهم او تمييز, وذلك اوضح ما يكون في التعامل مع المسلمين في داخل الولايات المتحدة ذاتها, فقد احتملتهم ادارة الرئيس كلينتون, واتسع صدرها لهم, وبعضهم كانوا يدعون في مناسبات مختلفة إلي البيت الابيض, اما في ظل الادارة الراهنة فقد ادرج جميع الناشطين المسلمين, حتي اولئك الذين يعملون في المجالات الاغاثية والخيرية, ضمن القوائم السوداء فمنعت انشطتهم وصودرت اموالهم ووضعوا تحت المراقبة, أما الذين كانوا يدعون إلي البيت الابيض في السابق, فقد اودعوا السجون ولفقت لهم التهم والقضايا المختلفة. الملاحظة الثالثة ان تصنيف الفئات الاربع داخل الحالة الاسلامية, رغم انه لايعبر عن منطق ورؤية الادارة الحالية, الا انه يستوقف المرء من عدة زوايا: الاولي انه يتجنب الكسل العقلي الذي يفضله البعض, ممن يضعون الجميع في سلة واحدة, دون ادراك لطبيعة التمايزات بينهم, والثانية انه يذكرنا بموقف السابقين من الباحثين والعلماء المسلمين الذين التزموا الموضوعية والمسئولية في تعاملهم مع الفرق المختلفة التي حفلت بها المجتمعات الاسلامية بصرف النظر عن نقاط الاتفاق والاختلاف معها, فما كتبه ابن حزم او الشهرستاني عن الملل والنحل استعرض كل الفرق التي عرفت في زمانهما, حتي تلك التي ضلت طريقها وهو ما فعله ابو الحسن الاشعري في مؤلفه مقالات الاسلاميين الذي ادرج تحت اللافتة الخوارج والمعتزلة والروافض وغيرهم من الفرق التي انتسبت إلي الاسلام من اي باب. وهذه الملاحظة الاخيرة تستدعي استطرادا يتطلب وقفة خاصة. (5) ذلك ان المرء وهو يلحظ ذلك الاهتمام الامريكي بالفرز بين التيارات الاسلامية ومحاولة الافادة من بعضها استثمارا لحضورها ورصيدها في المجتمعات المسلمة, ينتابه شعور هو خليط من التوجس والحزن, التوجس لان هذه المحاولة الامريكية ينبغي ان ترفض ويقطع عليها الطريق, والحزن لان الفكرة نحن اولي بها, لكنها مغيبة عن واقعنا, حيث لانري اعتمادا لمبدأ الفرز, ولانلمس جهدا لاستثمار ما هو ايجابي في الحالة الاسلامية لصالح النهوض بالمجتمع والدفاع عن ثوابته ومصالحه العليا, والمدهش والمفجع ايضا ـ أننا نلمح في ثنايا خطابنا الثقافي ازدراء لتلك الحالة علي اطلاقها, وانكارا واستهجانا لمبدأ وجودها. آية ذلك ان البعض آثر ان يسوق لفكرة اغتيال الحالة الاسلامية عن طريق التلاعب بالالفاظ, او التنطع اللغوي ان شئت الدقة, فالناشطون في الفرق باختلاف اتجاهاتها, ليسوا اسلاميين كما ذكر الشهرستاني وكما هو الاشتقاق العادي الذي يطلقه أسوياء البشر عليهم وعلي غيرهم, من القوميين والليبراليين والشيوعيين والناصريين, لكنهم في خطاب الاغتيال اسلامويين حينا و اسلامنجية حينا اخر و متأسلمين في قول ثالث, ومن المفارقات البائسة في ذلك ان الذين يعطون انفسهم حق اطلاق تلك الاوصاف يقفون في المربع المعادي لكل ماهو اسلامي: بل منهم من قضي حياته منتميا إلي الحركة الشيوعية التي دعت إلي الالحاد وفرضته منهجا دراسيا في مدارسها, ولايقف الامر عند ذلك الحد وانما وجدنا منهم من نصب نفسه ايضا مفتيا يحدثنا عن صحيح الدين والفاسد فيه. سمعت أحدهم يتحدث مرة عن العلامة الكبير الدكتور يوسف القرضاوي, ويصنفه باعتباره متأسلما فقلت: إن أهل السلف لو علموا أن شيوعيا أطلق علي الشيخ القرضاوي مثل هذا الوصف, لاعتبروا ذلك من علامات الساعة الصغري! من اغرب ما قرأت في هذا السياق, مقال نشرته مجلة الهلال المصرية في عدد أول يونيو لاحد الأكاديميين( الدكتور ماهر شفيق فريد) اعتبر فيه ان اقتراب عدد من كبار المفكرين من التدين اكبر كارثة حاقت بالفكر العربي الحديث وكان بذلك ينتقد موقف الدكتور حسن حنفي استاذ الفلسفة بجامعة القاهرة, الذي ادعي عليه انه يقترب من المنظور السلفي الاصولي واستطرد قائلا ان ذلك المنحي المحزن ينسحب ايضا ـ وبدرجات متفاوتة ـ علي التطور الفكري لطه حسين والعقاد وهيكل والمازني وزكي نجيب محمود وعبدالرحمن بدوي واسماعيل مظهر وعلي عبدالرازق ومنصور فهمي وخالد محمد خالد ومصطفي محمود وغيرهم. في عدد أول يونيو نشرت الهلال ردا مفحما كتبه الدكتور محمد رجب البيومي طرح في مستهله علي الدكتور شفيق فريد السؤال التالي: هل يكون هؤلاء جميعا بقاماتهم العالية, والرفيعة مخطئين في رجوعهم إلي الحق, ويكون وحده المصيب الذي اكتشف ما وصفه بالكارثة الاليمة؟! ان الامريكيين, وهم يحللون الحالة الاسلامية ويسعون للافادة من حضورها القوي, انما يتحرون مصلحة بلادهم, ولكن السؤال الذي يحير المرء هو: لمصلحة من يتبني هؤلاء الاخيرون مواقفهم تلك؟ http://www.ahram.org.eg/archive/Index.asp?...n1.htm&DID=8209 شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان