اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الطريق إلى يافا


Recommended Posts

الطريق إلى يافا

بقلم: صفية النجار-غزة

safea_small.JPG

(1)

كان لعمي إبراهيم طلةٌ (إطلالة) جميلة... وعينان بزرقة البحر .. وجسّد نحيل ممشوق لم تفلح ضربات الزمن بإحناء عوده..

ومُذْ عرفه الناس داخل أروقة مستشفى فلسطين في القاهرة لم يسمعوا منه غير حديثٍ واحد..

- .. من وين اطلع على يافا بالله "

عمي إبراهيم فقد كل الذاكرة إلا ما تحتله يافا منها .. كان لا يذكر أبناءه ولا شئ عن حياته ولا حتى اسمه .. وقد أطلقت عليه إدارة المستشفى هذا الاسم "عم إبراهيم" لتمييزه وفتح ملف له..

(2)

صاحت الأم وهي تطرق باب الحجرة..

- غير معقول يا ابنتي .. ثلاثة أيام وأنتِ تحبسين نفسك في هذه الحجرة هكذا أنتِِِ دائماً تبالغين في كل شئ.

ماذا جرى في الدنيا يعني.. رجل عجوز ومات .. كلنا سنموت الله يرحمه .. افتحي يا مريم.

- أرجوكِ يا أمي.. اتركيني الآن ..أريد أن أبقى وحدي . أجابت مريم دون أن تفتح الباب..

- " برضاي عليكِ يا بنتي بلاش عشانك .. ارحمي هالغلبان اللي في بطنك ".. لا حول ولا قوة إلا بالله . الله يهديكِ

(3)

نهضت من سريرها واتجهت نحو المرآة ...

- ليش تتركيني أموت وحيد.. لا رجعتِ زرتيني ولادليتيني على الطريق اللي تطلعّني على يافا"

- عمي إبراهيم .. أين أنت؟؟..

- كان يقف خلفها مسنداً رأسه على كتفها..

التفتت غير مذعورة .. مطمئنة وحزينة همست مريم في عينيه..

- عمي إبراهيم .. ضمني إليك ..أريد أن أبكيك

يا هذا المسجي جسدك في المنفى جرحاً لا يندمل...

دعني أفترش مساحة عينيك وأبكي بدلاً منك..

يا الذي ألقيت إلى البحر بكل الأسماء إلا اسم يافا..

ها قد بعثرتني الجراح .. لملمني يا أبي

(4)

ها هو الباب يطرق من جديد ...

- مريم . يا مريم . جدك يسأل عنكِ..

كانت مريم تفترش الزجاج وقد اختلطت شظايا المرأة بدماء يديها ...

صاح الجد.. بعد أن فُتح الباب..

- من كسّر المرآة ؟ ...مبتسماً كان ..

مد يده إليها وغمز بإحدى عينيه..

- تعالي إليّ وأخبريني من كسر المرآة يا مريم..

- أنا يا جدي .. أجابت مريم

- ولماذا الدموع الآن .. ألم تفعلي ما أردتِ ...أين الضحكة التي يحبها جدّنا...

وامتدت يده الكبيرة الجميلة لتلف الجسد النحيل ...

ثم باغتها قائلاً...

- لقد علمت أن الجنين أنثى ..أمك أخبرتني...

ها ماذا ستسمينها يا مريم...

- "يافا" ... أسميها " يافا" يا جدي.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...