drmsaber بتاريخ: 21 أغسطس 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 21 أغسطس 2004 (معدل) عنوان المقالة : الكذبـــــــــات العشـــــــــر عافانا الله وإياكـــــــم منهـــــــا ! التاريخ : 13-08-2004 حامد بن عبدالله العـــــــــــــــــــــلي الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعـــــــــم النصيـــــــر : الكذبة الأولى : ــــــــــــــــــــــــ هي كذبة "الدول العربية" وإنما نحن أمة واحدة ، تجمعنـــا ملّة الإسلام ، وأرضنا هي الأرض التي شريعة الله فيها ظاهره ، فهي دار الإسلام ، وسواها دار كفــر ، إن أعلن الجهاد وجب غزوها ، وعلى هذا الأساس يقوم نظامنا السياسي ، على أساس ملّي قائم على العقيدة التي تفرق بين الناس إلى مؤمن وكافر ، كما نزل القرآن ، قال الحق سبحانه ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) وقال ( يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون ) . وقال ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر ) . أما هذه الحدود السياسية القائمة على فكرة الوطنية فإنما هي أوثان في قلوب عابديها ، وحظائر وضعها المستعمر لكي يمزّق أمتنا ، ويضعف قوّتها ، وليسهل عليه إضعافهــا أكثر بأولياءه ، كلما امتد أمـــــده . وكلها كـــــذبٌ وزيـــــــف ، وما ينبى عليها ، ويقوم عليها مثلها هراءُ ، وهي كيانات الضرار التي وظيفتها تحقيق أهداف أعداء الله في روح الأمة وجسدها . ولهذا أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن لا يكون لنا سوى إمام واحد ، وأمرنا قائلا ( إذا بويع خليفـــتان فاقتلوا الآخـــــــر منهما ) رواه مسلم وغيره . ومن لم يع بعد أن تعبيد الناس لهذه الحدود السياسية التي نَصبت أوطانا أوثانا ، تُحـَـبُّ كحب الله ، والذين آمنوا أشد حبا لله ، ويُوالي ويُعادي عليها ، ويُقاتل لها وبها وإليهــا ، أنه نقض لأصل الشهادتين ، فهو مــن أشد الناس عمى وضلالــة . الكذبة الثانية : ــــــــــــــــــــــ هي كذبة "الأمم المتحدة " أو "المجتمع الدولي " : وإنما هي الطاغوت العصري الأكبر ، نصبها الغرب الصهيوصليبي ، لتؤي إليه الطواغيت الصغيرة ، ما يسمى بالدولة العصرية القائمة على دين الوطنيــة ـ دين ما يسمى الدولة العصرية ـ فتلك هي شريعتهم الإبليسية ، ذلك هــو وثنهـــــم الذي إليه يوفضُون ، وصنمهم الذي إليه يزفّون . وكل هذه جاهلية واحدة ، وهــــو نظام جاهلي واحد مستعبد لإبليس . وكل مؤسسات " الأمم المتحدة " المؤسسات المالية الربوية ، والثقافية ، وغيرها ، كله فروع هذه الجاهلية العالمية التي أطبقت على الأرض ، لم ينج من العبودية لها إلا خُلـّـص الموحدين ، وقليـــــــل ماهـــــــــــم . وليس لهذه الأمة قيام إلا بالكفر بهذا الطاغوت ، والتميز عنه ، وكسره ، أما إن بقيت تدين له ، وتحكم به ، وتحتكم إليه ، فهي في حضن الشيطان ملقاة ، وفي ربقة الرق لأعدائها باقية . الكذبة الثالثة : ــــــــــــــــــــــ هي كذبة الأمن العالمي والسلم العالمي وصنم هذه الفرية مجلس الأمن المزعوم: وإنما هو مجلس الخبث والخبائث ، والخداع والكذب ، شَرَك نصبته الدول الغربية لتعطي لأطماعها ولصوصيتها العالمية ، ونهبها لخيرات الشعوب ، لاسيما الإسلامية ، غطاء من الشرعية الزائفة . وهذا لا يمنع أن يصدر منه أحيانا ما يلبس الحق بالباطل ، من القرارات التي لاتسمن ولاتغني من جوع ، ولا تثمر إلا ثمرة واحدة ، استمرار بقاء هذا الزيف ، واستدامة تغريره . وقد أخبر الله تعالى أن هذه الأمة لاتزال مبتلاة بأعدائها يقاتلونها : ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) . وقال : (اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إلا بأهله فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلا سُنَّتَ الأوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا * أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ) ، وقد قال سبحانه قبلها بثلاث آيات : (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إلا مقتا وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلا خَسَارًا ) . والله تعالى لا يقيم وزنا لكافر ، ويمقت أهل الأرض إن استعلى عليها الكفـــــار ، كما في الحديث ( وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ) رواه مسلم وغيره ، أي قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان أولئك البقايا على دين التوحيد ميراث الأنبياء . والله تعالى بعث هذه الأمة لتكون رسالتها منع هذا الاستعلاء ، قائلا لها ( وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) . وقائـــــــــلا (لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) . هذه هي سنة الله الكونية ، استمرار الصراع بين الحق والباطل ، وهذه هي فريضته الشرعية على هذه الأمة ، أن تجاهد بحقها باطل أهل الباطل. فمن آمن بمجلس الأمن فقد كفر بالقرآن ، ومن آمن بالقرآن فقد كفر بمجلس الأمن ، وهذه القضية في صلب الإيمان ، ومن أساس التوحيد ، لاتقبل المساومة ولا مجال فيها لذلك أصلا. الكذبة الرابعة : ـــــــــــــــــــــــ كذبة أن احتلال القرن الماضي لأمتنا ، قد مضى ، وخلف من بعـــده استبداد ، والحق أنه لم يرحل قط ليخلفه شيء ، بل لم يزل موجودا ، لكنه كان يهيمن مباشرة على أمتنا ، ثم لما ثارت عليه الشعوب ، وضع عليها وكلاءه ، ليقوموا بدوره . وهذا وحده هو الذي يفسر ، أن جميع أهداف أعداء الأمة ، تتحقق فيها ، لا يردها شيء ، في فلسطين ، وأفغانستان ، والعراق ، وفي كل موضع ، لا تصنع هذه الكيانات السياسية ، سوى تحقيق أهــــداف المحتل عدوّ الأمـــّــة نفسه ، سواء بسواء . فالاحتلال باق لم يزل ، وإن كانت بعض الكيانات السياسية استفادت من الصراع الدولي بين المعسكر الشرقي والغربي ، غير أنها لم تخرج عن كونها مسخرة للدول المستكبرة تدور في فلكها ، لم تخرج عن ذلك قط ، فكل هذه الكيانات كانت ولم تزل امتداد للمكر الذي أسقط الخلافة الإسلامية ، ولن تعود الأمة إلى قوتها ، إلا بسقوط هذا المكر كله برمته . الكذبة الخامسة : ـــــــــــــــــــــــــ كذبة أن كل من تسلط على طائفة من هذه الأمــــة ، فهو ولي لأمــرهــا ! لايشترط سوى أن يتسلط على أمتنا ، وقـد وجب تسليم مقاليد أمورنا إليه ، ثم الإنكفاف وراء ذلك عن معارضته ـ بلـه تقييد سلطـته ـ في كل ما يصنع ، فهو لايسئل عما يفعل ! وهذا الدين الخبيث ، دين القاديانية ، آخـــــذ في الإنتشار ، تلوكه ألسنة شيوخ السوء الشياطين الناطقة بالكذب على الله تعالى ، هذه الألسن التي تحولت مع لحاها المسبلة على قلوب عمياء ، إلى ممسحة للصليب ونجمة داود ، كلما أرادوا مكر السيء بهذه الأمة ، جاؤوا بتلك الألســنة تفتري الكذب على الله وشريعته ، تشتري بآيات الله ثمنا قليـــلا فبئس ما يشتــــــرون . وقد قال الحق سبحانه ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخــر ذلك خير واحسن تأويلا ) . فتأمل كيف جعل سبحانه طاعة أولي الأمر بين الأمر بطاعة الله ورسوله ، والأمر برد التنازع إلى الله ورسوله ، وجعل ذلك كله مبنيا على الإيمان بالله واليوم الآخر ، ليعلم كل قارئ للقرآن ، أنه لا ولاية لأحد على أمة التوحيد إلا إن أقام الدين ، وحكـــّــم الكتاب المبين . ثم إن الألف واللام في ( الامر ) لبيان أنه أمر دينها ، لان هذه الامة ، لاتتشخص أمــة أصلا إلا بدينها ، فلايكون ولي لأمرها ، إلا من تولى أمــر دينها ، ولهذا استحق أن يعطف اسمه على اسم الله ، واسم رسوله ، ولعمري إن هذا لتشريف عظيم ، لاتقبل معه فطــرة من فقه روح هذه الشريعة العليّة العظيمة أن يطلق هذا اللفظ ( ولي الأمر ) على هؤلاء الخونـــة الذي تسلطوا على أمتنا ، وإنه ليمـجّ ذلك كما يمـجّ الملح الأجاج بل العلقــــم . ولهذا ففي الحديث (ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله ) رواه مسلم ، فلا تلقى الطاعة في الإسلام لنظام سياسي لا يقود الأمة بكتاب الله ، كلا ولا كرامة له ، لانه لم يشرع النظام السياسي في الإسلام أصلا إلا ليقود الأمة بكتاب الله ، يحكمه فيها ، ولتحمله رايات الجهاد في الأرض كلها . وفي الحديث ( إن هذا الأمر في قريش ، لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ، ما أقاموا الدين ) رواه البخاري من حديث معاوية رضي الله عنه ، وهذا في قريش ، قد قيدت طاعتهم في إقامة الدين ، فكيف ـ ليت شعري ـ بغيرهــــم ؟! والقرشية شرط الإمامة عند عامة أهل السنة ، لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع ، وإنما جعلت سلطة غيرهم ، مجزئة لا جائزة ، جعلت مجزئة في حال العمل بقاعــدة تحمل أدنى المفسدتين ، لدفع أعلاهما ، وهي ـ أعني أعلاهما ـ هي شق وحدة الأمة وتعطل أحكام الشريعة . إما إن كانت السلطة هي نفسها قائمة على مبدأ الوطنية وفق المعنى العلماني العصري لكيان الدولة ، والتي تشق وحدة الأمة ، وهي سلطة معطلة للشريعة أصلا ، فليس لهذه السلطة في دين الله ولاية على أمّة التوحيد ، هذا هو دين الله المنزل ، وسواه ليس من الإسلام في شيء . فالعجب ممن يجعل الأحوال الاستثنائية هي الأصل المستقــــر ، ثــــم يجعل أشد المفاسد ، وهي شق صف المسلمين بتعدد كياناتهم السياسية ، الذي هو سبب ضعفهم وهوانهم ، هو نفسه مصدر الشرعية ، نعوذ بالله من العمايــة بعد البصيرة ، والجهالة بعد الهدى . هذا ومن الجهل المبين المنتشر بين كثيرين من حملة العلــــم ، حمل النصوص النبوية التي جاءت في سياق الأمـــر بالصبر على جور الولاة ، الذي يطول آحاد الرعية ، والكــــــفّ عــن دفعه السلاح ، لأن تحمل الظلم الجزئي ، أولى من دفعه بإهراق الدماء في فتنة عمياء . حملها على ردة تسخير إقتصاد الأمة ومالها الذي به قوتها ، لاقيام لها إلا به ، تسخيره لعـــدوّ الإســلام ، يستعمله في حرب الإسلام ، فهذا الأخير كفر وردة باتفاق العلماء . بل إن إعانة الكفار بتسخير إقتصاد المسلمين لبقاء قوة الكفـــار ، وهيمنتهم على الأمـــّـة ، أشد بكثير من إعانتهم بالنفس ، ولامقارنة بينهما ، لاسيما في هذا العصر ، الذي يعد فيه الاقتصاد عصب قوة الأمة ، فإما أن يعلو بها ، أو يحولها إلى أذل الأمـــــــم . هذا ولانعني هنا التبادل التجاري والاقتصادي مع الكفار ، في إطار المنافسة ، والمغالبة ، كما تفعل الأمم الكافرة القوية مع بعضها ، بل نعني التسخير الذي حول إقتصاد الأمة إلى ملحق لإقتصاد أعداءها ، فهذا هو الردة المعلنة التي لاتخفى منها خافية !! الكذبة السادسة : ـــــــــــــــــــــــــــ أن الجهاد لا يشرع إلا إذا تبنّته سلطة سياسية ، وقد فنّدنا هذه الفرية على دين الله تعالى في فتوى سابقة ، وبينا أن الجهاد في الإسلام فريضة فرضها الله تعالى على الأمة ، إن عطلها الإمام ، فقد شرعيته أصلا . ذلك أن الإمامة في الإسلام ، لم تشرع إلا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، هذا هو مقصود الولايات الشرعية كلها ، إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، داخل بلاد الإسلام بإقامة الحدود ، وخارجها بالجهاد ، فكيف تتوقف هذه الفريضة العظيمة التي بها يظهر الحق وينصر ، ويرفع لواؤه المظفر ، على إذن سلطة سياسية ؟! غير أنه إذا كانت السلطة في الإسلام قائمة بهذه الفريضة ، لم يجز الافتئات عليها ، كما لا يجوز في سائر اختصاصاتها ، ليس ذلك خاصا بالجهاد ، مع أن العلماء قد نصوا على استثناءات يجوز فيها المبادرة بالجهاد بغير إذن السلطة القائمة به أصلا . ثم إن هؤلاء الجهال الذين يقولون هذا القول الباطل ، أنه لاجهاد إلا بسلطة سياسية تتبناه ، يتغافلون عن أن الكيانات السياسية الجاثمة على شعوب الأمة ، أقرت كافرة بكتاب الله ، مؤمنة بميثاق الأمم المتحدة ، أن الجهاد الذي أمر الله به وفرضه على أمتنا وجعل خيّريتها منوطة بإقامته ، موضوع تحت قدمي سدنة الصهيوصليبة المهيمنة على طاغوت الأمم المتحدة ، ليرضوا عنهم ، باتباعهم ملتهم ، وقد فعلـــوا . فليس بعد هذا معنى لإشتراط إذن من لا يؤمن بما أنزل الله في الكتاب العزيز ، بإقامة فريضة الجهاد بالسيف العزيز . كما أنهم يتغافلون عن أن المسلمين اليوم في جهاد الدفع ، والحديث عن إذن الكيانات السياسية التي هي سبب مصاب المسلمين ، وتسلط أعداءهم عليهم ، إذنها في دفع الأعداء عن بلاد الإسلام ، وإفشال مخططاتهم ، ضرب من العمــه عافانــا الله . وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالجهاد المســلّح على السلطة السياسيّة إن هي كفرت كفرا بواحا ، فكيف يطلب إذنها إذا أحلت بديار المسلمين كل الكفر البواح ، والشــرك الصراح !! الكذبة السابعة : ــــــــــــــــــــــ أن النظر السياسي فيما يصلح الأمة في بلاد الإسلام ، ويعلي شأنها في الأرض ، منوط بالسلطة السياسية القائمة ، ليس لأحد من الأمة أن ينظر فيه غيــــــرهم ، ولعمري ، لو كانت أي سلطة سياسية منذ سقوط الخلافة ، تنظر في مصلحة الأمة وفق شريعتها ، لما آلت أوضاعهــا إلى ما آلت إليه . وحتى لو كانت تفعل ، لما سقطت ـ أيضا ـ عن العلماء فريضة القيام عليها بالقسط ، وأن يأخذوا على يدها إن جارت ، بل إنها إن أسرت دون علمهم بتصرف عــــــام في الأمة ، تخفيه عن أهل الحــل والعقد ، فلم يأخذوا على يدها ، كافين لها عن الإستقلال بالتصرف في الأمــة ، فقــد خانوا رسالتهم في أمتهــم ، وجــروا إليهـــا ما هــو من أعظــــم البوائـــق . ومعلوم أن القيام على السلطة السياسة بالنصح والتقويم ، في كل تصرفاتها في الأمة ، حق عام للأمة يشمله حديث ( الدين النصيحة ، قيل لمن يا رسول الله ، قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم ) وحديث ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده .. الحديث ) . وينبغي أن يعلم أن انحراف السلطة في سياسات الأمة العامة ؛ في حمـايتها من أعداءها ، وفي إبراز تمييزها بدينها وأحكام شريعتها بين الأمم ، وفي جعلها أساس قراراتها السياسة كلها ، وتوفير القوة العسكرية ، والاقتصادية ، المستقلة لها ، أن انحراف السلطة التي تسوس المسلمين في هذا الأمور ، أعظم بكثير من انحرافها في المحاباة في إقامة الحدود الشرعية ، ونحوها كالظلم الجزئي ، والاستئثار ببعض المال بغير حق ، في داخل بلاد الإسلام . ذلك أن هذه الأمة العظيمة ، إنما تتشخص رسالتها ، وتظهر شخصيها الحضارية ، بنظامها السياسي القائم على الكتاب المنزل وكلام الرسول المرسل ، فمن يمسك بمقاليد هذا النظام ، فإما إن يرفع الأمة بالوحي ، أو يسوقها سوق الرقيق فيسلمها لأعداءها ، بالإعراض عن الوحي ، فهي لارفعة لها إلا بــه ، ذلك حكم الله تعالى عليها. والانحراف في هذا الباب ، اعني فيما يميز الأمــة بنظام سياسي متحاكم إلى شريعتها في كل شيء ، الإنحراف فيه عظيم الضرر ، عام الخطر ، ولهذا كان تركه بيد سلطة منحرفة ، إيرادا للامة في مهلكة محققة شاملــة ماحقة لاتقارن معها مفسدة أخرى ، لاسيما في هذا الزمان الذي امتزجت فيه المفاهيم السياسية بالعقدية التي هي أصول الدين امتزاجا كاملا . ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإشهار السلاح في وجه السلطة إن ظهر منها الكفر ، وقـدر على ذلـــك ، مع ما قد يقع بسبب ذلك من إهراق الدماء ، وإتلاف الأموال ، بسبب أن هذا الفساد الدنيوي ، لا يقارن بالفساد الذي ستؤول إليه أحوال الأمة ، إن وضعت في نظام سياسي ، ينظمها في نظام الكفر ، ويسخّرها ، ويسخّر إمكاناتها لحضارة سواها ، ويعطّل رسالتها الدينية التي هي سبب بعثها ، كما يحدث لأمتنـــــا في هذا العصــر . ولهذا فإن العلماء المنسوبين إلى علم الشريعة ، مسؤولون عما تعانيه الأمة اليوم من استلاب حضارتها ، وغياب رسالتها ، فضلا عن احتلال بلادها ، ونهب خيراتها ، بل تسخيرها وقودا لجيش العدو في معركته ضدها . مسؤولون حتى عن سكوتهم عما تفعل السلطات السياسية من خيانة للأمة ، ذلك أنهم هم أهل الحل والعقد المكلفون بنزع الشرعية عن السلطة إن خانت ، بعد الوقوف في وجهها ، ولاتبرء ذمتهم أن يفوضوا السلطة السياسية بسياسة الأمة ، أن لو كانت مختارة منهم ، فكيف إن كانت متغلبة ؟! الكذبة الثامنة : ــــــــــــــــــــــ أن المصلحة الدعويّة المرحلية تقتضي مسايرة المشروع الصهيوصليبي ، ومد الجسور معه ، وتهدئة الخطاب الدعوي ، وتأجيل المشروع الجهادي ، وإعادة صياغة خطاب الحركة الإسلامية ليكون متساوقا مع حالة الضعف التي تعيشها الأمة ، بالتركيز على مفاهيم التسامح ، والتعايش ، والسمو الأخلاقي والبعد العبادي الشخصي ، في الإسلام ، والانفتاح ، وتقريب الإسلام من مفاهيم ما يسمى بالحضارة الغربية .. إلــــخ ! ولا يخفى أن هؤلاء كمثل من يأمر أهل بيت عدا عليهم اللصوص ، يبغونهم خبالا ، ويريدون به كل شر ، يأمرهم أن يقيموا مع اللصوص حوارا راقيا ! وأن يحاولوا فهم أهدافهم وثقافتهم ! ليلتقوا معهم في الطريق ، أو يكونون جزءا منهم ، لكي يتوصلوا بذلك إلى منافستهم ، فهل شيء أشبه بخَبـَـــل خابــــــل من هذا ؟!! ولعمري ما أشبه هؤلاء بالأشعرية تلك الفرقة التي أرادت أن تجمع بين ضلالة المعتزلة ، وهدى الوحي الذي حمله أهل الحديث أهل السنة ، ثم حاولوا استلاب اسم أهل السنة ، وقصره عليهم ، ظانين أن أهل الحديث مسيئون للإسلام بقصور فهمهم ، وإصرارهم على تميز الوحي المنزل عن أهواء أهل البدع . فتحول منهجهم ، أعني الأشعرية ، إلى مادة خصبة بيد المعتزلة ، يحتجون بها على تناقض مذهب أهل السنة المُدّعى ، ولهذا قال عنهم شيخ الإسلام لا الإسلام نصروا ، ولا الفلاسفة كسروا . وهؤلاء الذين يتفلسفون علينا ، منتفخين منتفشين ، معجبين بتقعرهــم ، وتشدقهم ، وإظهارهم أنفسهم ، أنهم وحدهم يفهمون صياغة خطاب المرحلة للإسلام ، قد عَمُوا ، عن أنهم أصلا لا يصنعون شيئا في مشروعهم المنهزم سوى أن ينتظروا ما يقوله أو يفعله ، أعداء الإسلام ، ثم تجدهم إثر ذلك ، في سعي حثيث ، ودأب لا ينقطع ، في البحث عن كيفية تركيب الإسلام على مشروع الأعداء . ومن الأمثلة على ما يقترفونه من إفك على هذا الدين ، إفتاؤهم بأن هذا الاحتلال الصهيوصليبي الجديد لأمتنا ، الذي تسخر له أرض الإسلام ومقدراة المسلمين ، لإعلاء دين الشيطان الرجيم ، وإطفاء نور الدين القويم ، لاحرج من مشاركته في مشروعه ، والبحث عن مصلحة المسلمين تحت مظلته ، وبالسير في ركابه ، فليس أمام المسلمين إلا هذا الخيار ، كما أفتى الذين أجازوا الكفر بدخول مجلس الحاكم الصليبي في العراق ، ومشاركته في كل أنواع الكفر برب العالمين . وزعموا أنهم بهذا التنظير الحكيم ! ينقذون الأمة من الفهم السقيم ، ويحققون لها أعلى المصلحتين ، ويدفعون شر المفسدتين ، وليت شعري ، أي شر أعظم من إعانة الكفار على كفرهــم ، وأي مصلحة أعظم من البراءة منهــم ، ومــن جهاده ، ثم هاهــم هؤلاء الذين خانوا أمتهم ، قــد سقط في أيديهم ، كمــا سقط في يـــد كل من حاول إن يلبس الحق بالباطــل على وجـــه الدهــــــر . أما الذين يفتون بأن حكومة علاوي ، أعني حكومة "نغربونتي " ، ولي الأمر الشرعي الذي يجب تجب الطاعة ، فهذا لون آخر من الحمق لم يبلغه ـ فيما أحســـب ـ أحد في هذه الأمة من قبل ، وما أخال أمة أخرى بلغ فيها أحد هذا المبلغ من الجهالة ، ولا أحسب التاريخ ، لو كان يرقُم ما يجري ، إلا أنه يستنكف أن يكتب هذا الهراء . ولقد كثر هذا الحمق بأخرة ، في طائفة جمعت بين قلة العلم ، وقلة العقل ، وقلة الأدب ، وقلة الورع والمبالاة بحال الأمة ، وهم على أهبة الاستعداد أن يبيحوا بلاد الإسلام وأهله لكل واطئ ، لا يردعهم دين ، ولا يحجزهم عقل ، والإعراض عن ذكرهم أولى. الكذبة التاسعة : ــــــــــــــــــــــ أن الجهاد لا يصح إلا براية !! فوالذي نفسي بيده ، إن هذه الراية المزعومة ، لكما قيل في مثلها ، فعلى الراية العفــا ، وصفع القفـــا ، وعلى كل شريعة شرعت بالراية . وليت شعـــــري بأيّ كتاب ، أم بأيّة سنة ، تُوقـَـف شريعة شرعها الله في كتابه الذي نزل به الروح الأمين ، على سيد المرسلين ، وهي الشريعة التي بها عز الدين وأهله ، وعلو الشرع وظهور حكمه ، الجهاد في سبيل الله ، تُوقـف على لفظة ، لم ترد في الكتاب ولا في السنة ، ولا يعرف لها معنى منضبط ! فإن قيل إنما نعني : هدف الجهاد ومقصوده ، فقولوا هذا إذاً لا أبــا لكــم ، لكن لتعلمـــــوا بعـــدُ ـ ويحكم ـ أنه لا هدف يشرع له الجهاد ، أحب إلى الله من طرد أخبث عدو للإسلام من بلاد الإسلام ، ولا مقصد أكثر مشروعية من إبطال مشروعه ، الذي أعلن أنه لن ينهي حتى يخضع جميع بلاد الإسلام إلى أحكام الجاهلية ، ولهذا كان جهــاده فرض عين . فالحمد لله الذي شرح صدر أهل الجهاد في العراق بحقهم ، وأبلج لهم أمرهم ، واعانهم على قصدهم الخيـّـر ، فأغنوا عن المسلمين غناء ، لا يعلم قدره ومدى نفعه على الأمة إلاّ ربهم ، فلله درهم ، وعليهم شكرهم ، من طائفة اصطفاها الله ، فعجن منها نصر دينه ، وأظهر بها آياته . الكذبة العاشرة : ـــــــــــــــــــــــــ أن هذه الأمة ستعود إلى مجدها ، وستسترد حقها المسلوب ، بغير طريـــــق الجهاد ، جهاد هذا الاحتلال وأولياءه ، ومن يعينه ، ويشرّع لمشروعه ، أو يزينه ، كيف وقد جعل الله تعالى ترك الإنفاق للجهاد رميـاً للأمة في التهلكة ؟! قال تعالى ( وأنفقوا في سبيل الله ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) وذلك يشمل إنفاق المال والنفس ، والجود بالنفس أقصى غاية الجود . وكما قال أحد الشعراء : لقد زال هذا الأمر من مستقـــــــره ** وألّف فيــــــه بيـــن حــــق وباطل ودارت رحا الإسلام في غير قطبها ** وطالت يد الباغــي بهــــا المتطاول فلا لوم في حث الكتائب نحـــــــوه ** كرجل جراد في الضحــــى متواصل تطيف بميمون النقيبـــــة رابـــــط ** على الهول جأشا فائض الخير عادل تضيء سيوف العدل فيها وتنتحي ** علـــــى كل رواغ عــــن الحق مائل فهذه يا أهل الإسلام الكذبات العشر ، التي نبرأ إلى الله وندعوكم إلى البراءة منها ، إبراء للذمة ، ونصحا للأمة ، في زمن قل فيه الناصح ونزر ، وعظم عليها الضرر ، وصدق النبي من مضر صلى الله عليه وسلم ( سيأتي على الناس سنوات خداعات ، يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيهـا الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ، قيل ومـأ الرويبضة؟ ، قال الرجل التافه يتكلــم في أمر العامة ) رواه أحمد وغيره .والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصـــــــــير . تم تعديل 21 أغسطس 2004 بواسطة drmsaber اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم وكلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته اللهم أنت تكشف المغرم والماثم، اللهم لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك وبحمدك. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان