أسامة الكباريتي بتاريخ: 26 أغسطس 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 26 أغسطس 2004 (معدل) في ذكرى إحراق الأقصى: عندما يلتهب الغضب !! بقلم : سمير عطيه صديقي الذي أحبُّه، يختلفُ معي كثيراً في الحديث عن مثل هذه المواضيع، ولإنْ صبغتْ السنواتُ في شعره لون رايات الاستسلام، إلاّ أنّهُ صلبٌ لا "يعترفُ" بقصائد "الجراح"، أو أشعار "الوجع"، أو قوافي "الأنين"، اليوم أتذكّرُ هذا الصديق وأنا أُعيد فتحَ دفاتر بعض الأشعار التي التهبت واحترقت كمداً، وهي ترى الأقصى يستغيث من ألسنة النيران التلمودية، ولا يرى من مُنقذٍ ولا يلمحُ في الأفقِ طيفَ مغيثْ. حين يكونُ الحديثُ عن مثل هكذا مناسبة، لا نستطيع أنْ نزعم أنّ شعراءنا حبسوا أشجانهم كي لا يذرفوا دموعهم قصائد وأشعاراً، لكنَّ الذي أتفقُ فيه مع هذا الصديق أننا لا نجعل من الجرح مَعْبراً إلى اليأس، ولا نترك قوافي الألم في الدِّيوان الفلسطيني تحبِسُنا في زنزانة القنوط. ***** عندما كانت العيون تبكي على ما حلّ بالمسجد الأقصى المبارك من حريقٍ ولهيبْ، اهتزت صدور الشعراء واشتعل القهر في قصائدهم، يتردد في شرايين أشعارهم صدىً للنداء القديم الذي يُصور مشهداً من المشاهد الحزينة في ذلك الحدث الرهيب، ومثَّل التقاعس العربي عنواناً مريراً للآه التي سكنتْ في النفوس والتي كان لسان حالها يقول: وظلمُ ذَوي القُربى أَشدُّ مَضاضة على النَّفسِ مِنْ وقعِ الحسامِ المهنَّدِ "وهنا تُضافُ لوعةٌ جديدة إلى تلك اللوعات التي عاشها الشاعر عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى)، حين رأى فلسطين تغرق في ظلمات الاحتلال ولا من عربي يُغيث، ثم رأى المسجد الأقصى تُحرقُ جنباته المقدسة، لكنَّ المسلمين هذه المرة يغرقون في بحار شهواتهم... ووراء الأفقِ المضمَّخِ بالنَّقعِ…أناسٌ أعمتهمُ الشهواتُ ودفاعاً عنِ العروبةِ نجتاحُ المنايا ومنهمُ الدَّعواتُ ودموعُ الخليجِ خضَّبت البحرَ.. وفي مكّة.. بكى عرفاتُ *** الهاجس الذي يعيشه الشعراء مع الأقصى يذهب بعيداً بعيداً، وهنا نرى الشاعر عبد الغني التميمي كيف أضاف إلى لغة الوجع الموجودة في قصيدته، شكلاً جديداً من أشكال الإبداع الفني، حين جعل الاستغاثة تأتي على لسان المسجد الأقصى في قصيدة حمل الديوان اسمها (رسالة من المسجد الأقصى)، وهي تستحق بالفعل وقفة منفردة، ففي هذا المقطع البسيط تتشكل صور التغريب التي يعيشها الأقصى، وهو رغم قعود أبناء الأمّة، لكنه لا يبخل عليهم بخطاب فيه كثيرٌ من عتابْ: أرسَلَ الأقصى خِطاباً فيه لومٌ واشتِياقْ قالَ لي وَهْوَ يعاني مِنْ هَوانٍ لا يُطاقْ: حَدِّثِ الأمّةَ عنّي بَلِّغِ الأمّةَ أنّي عيلَ صبري بين أسرٍ واحتِراقْ هَتَكَ العُهْرُ اليهوديُّ خشوعي مِنْ رُواقٍ لرُواقْ أشعَلوا ساحاتيَ الأخرى فُجُورا وصفيراً ودَنَايا وسُفورا دنَّسوا رُكنيْ ومِحرابي الطَّهورا فأنا –اليومَ– أُعاني بل أُعاني منذُ دهرٍ أَلَمَ القهرِ أسيرا*** تأخذ قصيدة الشاعر السوري مصطفى عكرمة أبعاداً جديدة في هذا الموضوع من عدة أشكال، فمن ناحية نراه يبث أشجانه وهمومه وأحلامه إلى الصبح الذي كان يوماً يُلقي بأنواره على المدائن، ثمّ إنّ شاعرنا الذي ينتسب إلى سوريا لا تحجزه الحدود اليوم عن الهرولة صوب الأقصى، وحمل صرخاته ليبثها إلى الأفق في قصيدة طويلة يناجي فيها صبحه الغائب والمُنتظر، فاليوم يحاصِر سوادُ الاحتلال زهرةَ المدائن فنرى القوافي تبث إلى الصبح لوعة الشاعر من قومه الذين أدمنوا اللعب وصار ديدناً لهم: يا صبحُ مسجدُنا الأقصى يدنِّسُهُ.. رجسُ اليهودِ، وقومي استدمنوا اللَّعبا نغفو على أعذبِ الأحلامِ حين غدا.. يبكي ويندبُ محروقاً ومُنتَهبا ما حرَّكتْ ساكناً فينا مصيبتهُ.. ولا شكونا، ولم يلقَ الذي شجَبا هو يعالج مشكلة مستعصية نراها اليوم مثلما هي بالأمس حين يرى أنَّ "الفدائي" الذي يُقدّم روحه في سبيل قضيته، لا يجد النصرة المعنوية، ناهيك عن النصرة المادية وهذا والله الوجع الأكبر: لا المالُ ننفقهُ من أجلِ نُصرته... ولا نقرُّ فدائيا له غَضِبا وواحدٌ من ألوفِ الأثرياء بنا... لو شاء جهَّزَ جيشاً يضمنُ الغَلَبا يا صبحُ عفوكَ ما شكوايَ منْ جزعٍ... لو أنَّ ما بي مسَّ الصَّخرَ لانعطبا وإذا كان الحديث مع "الصُّبح" يأخذ كل هذا البوح، فليس غريباً على الشاعر أن تخرجَ زفراته "رائعة" في وصف هذا الحال وأقصد هنا الروعة الفنية، لا الرَّوعة المضمونية، فلم يكن الخذلان -يوما- رائعاً بأيِّ حالٍ من الأحوال: همومُ قومي مذيباتٌ وأخطرُها…ألاَّ ترى شاكياً منها ومنتَحِبا *** أما "الكناري اللاجئ.. يحيى برزق" فالأقصى الأسير عنده، صورة يرسمها بالكلمات، ويُصوِّر أشخاصها وأحداثها بكل ما فيها من ألم، وهو هنا يضيفُ مضموناً جديداً حين ينبّه إلى شخصية العدو وحقده، هذا العدو الذي صار المسجد محاصراً بين أنيابه ونيرانه: يا أيُّها الأقصى الأسيرُ وأنتَ في.. ظفر اليهوديِّ الحقودِ ونابِهِ والنَّاسُ حولَكَ سائحٌ ومطأطئٌ.. للغاصبِ الموتورِ ليس بآبِهِ ماذا أقولُ وكلُّ يومٍ عابثٌ.. تتوقَّدُ البغضاءُ في أنيابهِ بالنَّارِ يَقذِفُ للعبادةِ رُكنَها... وكأنَّ طهرَ البيتِ من أسلابه لن نستغرب على "يحيى وإخوانه" من الشعراء "بيانات الاستنكار"، فالقعود والنكوص عن نصرة المسرى يبعث المرارة في النفوس، أوَليس الشعراء أرقّ الناس قلوباً، وأكثرهم شعوراً بالألم؟! وأقدرهم على تحويله إلى كلمات ذات إيقاع خاص؟ لذا كان من الطبيعي أن تستمر التساؤلات المريرة على لسان الشاعر وهو يبحث للمسجد عن نصير؟؟ ماذا أقولُ وألفُ مليونٍ رأوا.. كيدَ العدوِّ وعربداتِ كلابِهِ فحنوا رؤوسهمُ الذّليلة خيفَةً.. وتقرَّبوا هلعاً إلى عرَّابِهِ *** جابر قميحة هو نبضٌ آخر من نبضات هذا الجرح، ونفثاتُ يراعه ما هي إلا دلالة على اتساع مساحات الحريق في أفئدة الشعراء، من مصر الكنانة يأتي إلى الأقصى في زيارة شعرية تحمل عناوينُها كثيراً مما نريد "الإسراء والأطفال والحجارة" في كلماته يذوبُ شوقاً، وتراه يقبضُ على جمر الحنين بكلِّ ما في قلبه من عِشقٍ مقدسي: أنا لن أبرح المحرابَ حتى يأذن اللهُ أنا في المسجد الأقصى وقلبي: الحبُّ أضناهُ ذروني أرتوي منه وأشبعُ منْ نجاواهُ ثمّ نرى كيف أنّ الحُلمُ يتكسّر على صخرة الأحقاد، وتتلطخ الأشواق الطاهرة بأكاذيب المعتدين كما نرى: ولكنّ الأيادي السُّودَ شدَّتني فأوّاهُ وقالوا لمْ يعدْ لكُمُ... ولا حتّى بقاياهُ هنا قدْ كانَ هيكلُنا... بنيناهُ وشِدْناهُ سَنبنيهِ ونُعليهِ.. ليرضى ربُّنا (ياهو) يستطيع القارئ أن يلاحظ أنّ الشعراء من خلال هذه القصائد ساهموا في تشكيل صورة واضحة لهذا العدو الذي ينتهك المقدسات، كما أنهم ومن خلال أساليب فنية متعددة استطاعوا أن يفضحوا بعض أشكال التخاذل العربي، وفي الإطار العام لهذا الحدث اتضحت مكانة الأقصى في النفوس، هذه المكانة الشعرية التي أبقتْهُ رمزاً مقدساً رغم كل ما أصابه من ويلات، ولا نبتعد كثيراً حين نأتي بقصيدة الشاعرة مريم العموري التي "استنجدت" بالقائد صلاح الدّين الأيوبي وبثَّت إليه ما جرى، في قصيدةٍ وجدت طريقها للتلحين والتمثيل في مسرحية "لوحات مقدسية"، التي حملت هذه القصيدة دمجاً بين الماضي والحاضر: يا منبراً لكَ يشتكي ما قدْ جنى فيهِ اليهودْ مذ أضْرموا حقداً وجاسوا في حِمى الطُّهرِ النَّضيدْ ناحتْ حمائمُ ساحِهِِ شوقاً إلى الأملِ البعيدْ أَتُراكَ تَترُكُها صلاحْ.. نَهبَ المواجِعِ والجراحْ ودَّعتها يا ليتَ أنَّكَ يا صلاحُ لها تعودْ *** إنّ هذا الحنين الشاعري، واللُّجوء إلى عمالقة الوطن والأمة ، يأتي منسجماً مع مكانة هذه المدينة في القلوب، وما التغزُّل بالقدس بكل ما فيها من جمال إلا دليل على سموّها في صدور أبنائها، ولله درُّ الشاعر هارون هاشم رشيد في قصيدته التي تفيض رقةً وعذوبة، والتي تحكي بنزفها عن القدس وعما أصابها من ويلات، المُصاب الذي ظلّ محفوراً في ضمائر الشعراء كمخزون للغضب والثورة، يدعو فيها الكتائب والسرايا أنْ تهبَّ لنجدة المدينة، القصيدة التي عمرها أكثر من ثلاثين سنة كأنها وُلدت اليوم في عهد انتفاضة الأقصى في المضمون واللغة والعاطفة الملتهبة الصادقة، جميلةٌ هذه القصيدة وجميلةٌ أكثر أنْ تسمعها في العمل الإنشادي "عشرون عاماً" لفرقة اليرموك، حيث ستحلِّق مع القصيدة أكثر وأكثر : لعيْنيها مدينتيَ التي سُجِنتْ لمسجِدِها لأقصاها لحرْمَتها التي انتُهكتْ لخطو محمَّدٍ فيها لما حملتْ وما حَفِظتْ لعينيْها مدينتي التي اغتُصبت وفوق جبينها المشجوج آيُ الله قد طُمِستْ *** أناديها كتائبنَا وأدعوها سرايانا أقولُ لهمْ لأجلِ القدسِ تصميماً وإيمانا لأجلِ القدسِ أدعوكمْ لها.. للقائها الآن *** هل توقفت قصائد الشعراء عند هذا الحدّ؟ هل انتفضت القوافي في صدور الناس فهبوا لنجدة القدس... لقد حدث ذلك بالفعل، ولذا علينا أن نقرأ ما قاله الشاعر عدنان النحوي في مكانه الصحيح، إذْ رفض أن يكون دورنا في نصرة الأقصى مُتوقفا عند الكلام، بل إنه يترك لنا مفهوماً للشّعر الذي يُريد، والأدب الذي يطلبه: القدسُ في خطرٍ؟! ويحي! أيرفَعُه.. عنّا القصيدُ ويشفي صدرنا الخُطَبُ كمْ مهرجانٍ وكمْ من ندوةٍ طَلَعَتْ.. يدورُ فيها بيانُ الشعرِ والأدبُ ما أجملَ الأدبَ الفوّاح تُطلقهُ.. حُمْرُ النِّصالِ وفي الميدانِ يَخْتضِبُ ويا لذلك الوصف الرائع الذي جاءت به فريحة الأستاذ الشاعر أحمد محمد الصديق في وصفه الحريق الفاجعة الذي طال المسجد المبارك: الثريات نجومٌ تتهاوى.. وعيونٌ تحترقْ والشبابيك شفاه تتلظّى.. وضلوعٌ تصطفقْ والسجاجيد التي تَرعَشُ خوفاً والتياعا عانقت أحجار سقف يتداعى وزهور الفنّ تذوي والزخارفْ والصدى المحبوس في قلب المصاحفْ من خلالِ الردم يعلو يتفجّر ****************** تم تعديل 26 أغسطس 2004 بواسطة أسامة الكباريتي يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا حسبنا الله ونعم الوكيل رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Abouhemeed بتاريخ: 26 أغسطس 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 26 أغسطس 2004 و الله يا أسامة يعجز القلم أحيانا عن الكتابة عن مأساة العرب الأولى في فلسطين .. يعجز العقل عن فهم تراجع الكرامة العربية و الشهامة الإنسانية و موت الحق و التآمر بالصمت الذي يحدث في العالم العربي .. أنا شخصيا فقدت إيماني بكثير من الشعارات التي كان يلوكها العرب بالسنتهم عن الأخوة و القومية و المصير و الأمل الواحد .. أصبحت ألعن كل ما أدى بنا لهذا الوضع المخزي من بترول و مال و قبلية و فساد إلخ ... و لكن في وسط هذه الظلمات يبزغ من آن إلى آخر ضوء يشع بعض الأمل .. شهيد يستشهد .. أديب يكتب .. شاعر ينظم .. و أدباتي يعود بكلماته و حكاياته و يذكرنا بما نسينا و يزرع بعض الأمل فينا ... بسم الله الرحمن الرحيم مات أديب الأدباتي ومين سيحكي الحكايات_ لعيالي في الزمن الآتي بكل صدق لناس صادقين *** مين يقول لهم اني سكوتي دا موش عن جبن_ و لا خوفي حد يحاسبني غير مولى عزيز و حكيم *** مين يقول لهم ان سكوتي عمره ما كان خوف م الموت_ و لا كان رضا ب الموجود_ دا كان سكوت المنتقمين *** مين يقول لهم اني عشت حياتي ب أئن_ و الكل فاكرني بأغني ألحان بتحكي ع المساكين *** من يقول لهم ان تيوس سلطان أمير ملك و رئيس حطوا نفوسهم فوق الروس و قالوا انهم لنا حاكمين *** لنفسهم عاشوا دنياهم يخدموا أسيادهم بغباهم آخرتها فقدوا هما حياهم و فضلنا شعب حر عظيم *** جلدوا بكرابيجهم عقلي حفظت برضه شرف أهلي و بحديد كتموا كلمه بفمي و ايدي بتكتب لحن حزين *** لحن يقاوم كل الظَلَمه بكلمه تنور في الضلمه بتقول انه مالوش لزمه من لم سقط ف أرضه شهيد *** بإيد عدو كان معاديكي صهيوني بينطق أمريكي برضه أموت أنا فيكي يا أرضي يا أم صلاح الدين *** دي كلمة واحده بأقولها لها ميت مليون معنى يسمعها من كان له مرمى يصيب هدف و قوام راجعين *** شايلين شهيدنا على كتافنا لابسين تحت سلاحنا كفنا يمكن في يوم دا يكون حالنا و بجنة الخلد نكون فايزين *** مين قال مات خلاص الأدباتي دا مغنواتي غنى حكاياتي عن من بدمه كتب رواياتي يغنيها بكره أجيال قادمين أبو حميد المصري بني الحمى و الوطن .. من منكم يحبها مثلي أنا ؟! رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان