اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

القراءة ..التلاوة .. التدبر ..التذكر


sha3ooor

Recommended Posts

القراءة ..التلاوة .. التدبر ..التذكر ............ما هى و الفرق بينهما ؟

القراءة..

التلاوة..

التدبر..

التذكر..

ما هي, وما الفرق بينها؟.

صلاح الدين ابراهيم أبو عرفة

لكم يظلم الناس القرآن حين ينظرون فيه غير مدركين أن يكون المتكلم الله, كلمة كلمة وحرفاً حرفاً. ونجد دلالة تلك الغفلة في الخفة التي نمر بها على آياته, فترانا ننظر ولا نبصر, ونقرأ ولا نعقل.

ولعل علة هذا كانت من تحامل الناس لواجباتهم وأماناتهم بعضهم على بعض من جهة, وخلط كثير من العلماء بين الخوف من القول بالقرآن بغير علم, وبين منافع السؤال والبحث ومحاولات الفهم من جهة أخرى, فاكتفت العامة والخاصة, إما تراخياً وإما سلامة, اكتفى الغالب منهم بجهد السابقين الاولين ومحاولاتهم, فعطلوا الكتاب وأطفأوا جذوة البحث والنظر, مخوَفين أو مخوِفين.

وما كان الله ليرحم ذا فاحشة أو كبيرة ويغفر له, ثم يعذب عبداً انشغل بالقرآن, فسأل وتبين واستبصر وإن أخطأ, {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به, ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً}.

وحتى نُقبل على كتاب الله إقبال المؤمن المحب المعظِم المستبصر, لنا قبلها أن نسأل أنفسنا: ما الفرق بين أن نقرأ القرآن, وبين أن نتلوه, وبين أن نتدبره, وبين أن نتذكره؟.

أن نقرأ القرآن

إذا تتبعنا توظيفات "القراءة" في القرآن, نجدها في أول درجات التعامل مع القرآن, فهي أول ما يبدأ به العبد حال افتتاح كتاب الله, {إقرأ بسم ربك الذي خلق}.

والقراءة لا تقتضي بالضرورة الفهم والعقل, فقد تقرأ وتعقل, وقد تقرأ ما لا تعقل, كما لو كنت تقرأ لغة أنت تعرف حرفها, ولكنك لا تعرف مفرداتها ودلالاتها وتراكيبها, ثم قد تقرأ غيباً وقد تقرأ من كتاب.

وبدلالاتها هذه, قل ما نجدها في كتاب الله, وحيثما وجدناها دلت إلى ما نشير إليه, ولعل أظهرها إشارة, الآية التي في آخر سورة الشعراء, {ولو نزّلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين}, فالآية تجمع بقوة بين الأعجمي وبين القراءة, إذ هو في الغالب لا يعقل ما يقرأ. فترى العرب والأعاجم في شرط الصلاة سواء, كلهم يقرأون ما تيسر من القرآن, حتى ولو لم يعقل الأعجمي ما يقرأ, {فاقرأوا ما تيسر من القرآن}.

فتلك هي أولى درجات الدخول إلى "الكتاب", وعليها تبنى الدرجات الأخر, وعليها ضمن لنا النبي عليه الصلاة والسلام بكل حرف عشر حسنات, ليضمن بذلك لكل مقبل على الكتاب أجره, عقل أو لم يعقل, فما بالك بالأعزم الأشد إقبالاً؟.

أن نتلو القرآن

وهي من تلا الشيء يتلوه, إذا تبعه, وتلا "الكتاب" إذا قرأه بالتتابع, وهذا المعنى يوحي بالتواصل والتسلسل والترابط, فيما لا تشترط القراءة في ذاتها لهذه المعاني, فقد تقرأ سطراً وتقف, وتقرأ فقرة وتنتقل إلى غيرها لا تليها. ولعله من أجل ذلك نزل أول ما نزل {إقرأ}, إذ لم يكن قبلها ما يتلى, وفي أصول اللغة ما يُفصّل هذا لمن شاء الاستزادة.

فالآيات المتتابعة المتسلسلة هي المتلوة, والمعاني المترادفة المسترسلة في الموضوع الواحد والقصة الواحدة هي المتتالية المتلوة, وهي جلية في أسلوب القرآن وسرده, {تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق}, كان ذلك في ختام قصة طالوت وجالوت, بعدما تتابع سرد الموضوع القصصي.

والتلاوة على خلاف القراءة, تقتضي لذاتها العقل والفهم من التالي والمتلو عليه, فلا يتلى ما لا يعقل ولا يعرف قصده, ولا يوقف له على أول من آخر, بل هذا كله مقتضى مشروط للتلاوة, {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً يتلو عليهم آياتنا}. فلن يهلكهم ما لم يعقلوا المتلو المحذور!.

فالتلاوة بهذا, بعد القراءة وفوقها وأقوم قيلا, {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته, أولئك يؤمنون به}.

أن نتدبر القرآن

التدبر: من دَبَرَ, والدبُر هو من الآخر والعقب. وتدبير الأمور, هو النظر فيها بعمق وإحاطة, وتوجيهها وتصريفها على الوجه الأحسن, واعتبار عواقبها ونهاياتها.

وتدبر القول كتدبر الأمر, من النظر فيه, وإدراك مراميه ومقاصده, وتتبعه من ابتداآته حتى أدباره وأعقابه, {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون, مستكبرين به سامرا ًتهجرون, أفلم يدّبروا القول}.

وتدبر القرآن هو السبيل إلى الفهم والفقه, بعد الوصول إلى إدراك اتفاق الآيات وانسجامها, واستشعار مكامنها, {أفلا يتدبرون القرآن؟, ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً}.

ولا يظن ظان أن التدبر لفئة دون فئة, أو طبقة دون أخرى, بل هو أمر الله العام لكل من بلغه الكتاب, مؤمن أو غير مؤمن, عالم مستبصر أو دون ذلك, {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}, فهل منا من يرى هذا الآية لقوم دون قوم؟.

كذلك لا يشترط القرآن على المتدبر غير مناطات العقل, من السمع والبصر, فمن ملكها ملك نصاب التدبر, {أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم, أفلا يتدبرون القرآن؟}.

فإذا تدبر غير المؤمن كما أمر الله, متجرداً لها قاصداً صوابها, آمن بإذن الله.

ولمن تدبر مواقعها في القرآن وجدها جميعاً بحق غير المؤمنين, فهي بهذا, الباب الأول للإيمان, فلا يتركها بعد إذ آمن واهتدى, بل هو بعد إيمانه أولى بها.

أن نتذكر القرآن

وهي عند الله أعلى الدرجات بباب الولوج والتداخل مع "الكتاب", فترى الله يقصرها ويحصرها بفئة خاصة, على أمثالها تُعقد المعاقد, وتُنصب الشواهد, بما أولاها الله من موازين القسط, وفراقين الصواب, {وما يذّكر إلا أولو الألباب}.

فما هو التذكر, ومن هم أولو الألباب؟!.

التذكر: من ذكَر, وظاهر معناه يقابل النسيان, {واذكر ربك إذا نسيت}, {أذكرني عند ربك فأنساه الشيطان}, وهو بالوصف التقريبي, استحضار ما لم يكن حاضراً, واسترجاع ما كان غائباً, فالنسيان يخرج المعلوم من مساحة العلم, فلا يستطيع الانسان أن يستعمله, تماما كأنه لا يعلمه, حتى إذا ذكره فدخل حوزة العلم, استطاع أن يستعمله ويوظفه. فهذا الاستحضار والاسترجاع إلى حيز المعلوم هو التذكر.

ثم للمتدبر أن يسأل: لم لا يتذكر إلا أولو الألباب؟!.

قبل أن نجيب, علينا أن نحاول تحديد من هم "أولو الأباب".

اللب في تفاسير سياق الآيات هو العقل, ولكن لِمَ لم يقل ربنا: أولو العقول؟, إن كان كذلك؟.

اللب, في لغة العرب: أصل الشيء وأحسنه, ثم جعلت الكلمة كناية للعقل.

وتذكّرُ القرآن: هو استحضار الاصول والمتعلقات المشترَكة لمذكور ما, بإشاراته ولفتاته إلى حيز العقل والعلم, والوقوف عليها وتوليفها والعقد بينها, ليخرج العبد المتذكر بالدلالة والمقصد والمعنى, الذي لا يظهر ولا ينتشر عياناً لوهلته الأولى, بل هو قائم على قدرة العبد على الاسترجاع والاستجماع والاستحضار.

فترى العبد المتذكر يتطوف بين السور والآيات, والقصص والأمثال, فيذكر هذه مع هذه, ويفهم هذه بتلك, فتستنير له المعاني والعبر أجلى ما تجلى.

وعامة ما ذكرت عليه في القرآن -بهذه الدلالة-, كانت فيما انقضى ومر من العبر والآيات, التي يحسن بالعاقل أن يسترجع أصولها وصورتها, ليحصل له المطلوب من المواعظ والمراشد والعظات.

{ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أُخرج حيا, أولا يذكر الإنسان إنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً؟}.

فمن هم أولو الألباب؟.

كما أشرنا من قبل, فاللب: أصل الشيء وأحسنه, بالتالي فإن أولي الألباب خصوصاً, هم الذين ينصرفون ويتوجهون إلى ألباب الأمور بأصولها وجواهرها ومكامنها, والوقوف على أحسن ما فيها, فتخلص لهم الأمور صافية جلية صحيحة, {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب}.

و"أولو الألباب", صفة ذهنية عقلية لا يشتر ط لها الايمان, فقد تكون ذا لب مؤمن, وقد تكون ذا لب غير مؤمن, {فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا}, ولو لم يكن في غير المؤمنين أولي ألباب, لما آمن أحدهم قط, ولكن بما عندهم من الألباب آمنوا.

وقد يقول قائل بعدها: فأين الترتيل من هذه الاربع؟

فنقول: إن الترتيل حالة في عرض القرآن واستعراضه, وهو متعلق بالقراءة والتلاوة, فقد أقرأه مرتلا, وقد أتلوه مرتلا, فهو في الحالتين, للعرض والاستعراض كما أشرنا, ولكننا نتدبره ونتذكره مفصلا أو مجملا مجموعا, سرا وجهرا, على أن غالب التدبر والتذكر إنما يكون سرا في ذات العبد.

والترتيل من رتل, وهو حسن التناسق, ويكون في المفرق, كرتل الاسنان وصفها, ووردت في سورة الفرقان كذلك, {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة, كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}, وهو في صالح المعنى الذي سقناه, إذ الترتيل هنا جاء في مقابل المنزل جملة واحدة.

ثم ما ورد في المزمل {يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا, نصفه او انقص منه قليلا, او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا}, وسياق الترتيل في الآية يتناسب والعرض المجزء المقسم, كالآية التي سبقت, وصورة "المزمل" الذي يجمع بعضه إلى بعض, هي الصورة المقابلة للترتيل والاسترسال.

فالترتيل بهذا, حالة عرض أو استعراض, حال قراءة العبد أو تلاوته للكتاب.

{ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل}.

شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...