اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

كاتب يكتب عن هيكل و الجزيرة


Sherief AbdelWahab

Recommended Posts

هذا مقال نشرته القدس العربي اليوم للكاتب المصري سليم عزوز رئيس تحرير الأحرار الأسبق..

هيكل والجزيرة.. والهجوم علي مصر في الخارج!

2004/08/30

سليم عزوزہ

القرعة تتباهي بشعر بنت أختها. والقرعة لمن هم خارج الحدود الجغرافية لجمهورية مصر العربية، هي من ليس لها شعر، يعني: زلبطة . وليست القرعة فقط هي التي تتباهي بشعر بنت أختها، وانما أيضا من في حكمها، مثل ذوات الشعر المجعد الخشن، الذي يعد وجوده مثل عدمه، بل ان عدمه افضل. ولتقريب المسألة للقارئ، فان السيدة كونداليزا رايس تندرج في قائمة من في حكم القرعة ، ويكفي نظرة الي شعر رأسها، حتي تقف علي هذه الحقيقة المرة!

ونحن نفعل ما تفعله القرعة، فنتباهي بقناة الجزيرة . لست انا فحسب، ولكن عامة العرب وخاصتهم، سواء العرب العاربة او العرب المستعربة، ما عدا الحكومات العربية، فهي تكره الجزيرة كراهية التحريم، او كراهية المعارضة، لان هذه القناة القطرية كشفت هذه الحكومات علي حقيقتها، ليس في انها تذيع من الأخبار او تستضيف من الضيوف ما ينكد عليها، ويكشف عوراتها، وهي مكشوفة للمارة، ولكن لانها كشفت عجزها وهوانها علي شعوبها، فلا يوجد في هذه الدول من المحيط الهادر الي الخليج الثائر تليفزيون واحد عليه القيمة يتبع نظاما من هذه الأنظمة، مع ان كل نظام لديه وزير إعلام، كان قبل الجزيرة ينظر لنفسه في المرآة فيظن نفسه عملاقا، في حين انه في حجم عقلة الإصبع ، ولا يُري بالعين المجردة، وان دققت فيه النظر، ضعف الطالب والمطلوب!

وعلي المستوي الشخصي، فالجزيرة يرجع لها الفضل في ان تحول وزير الإعلام المصري المشلوح الان صفوت الشريف الي نكتة، ليس فيما يقوله، عن إعلام الفتاكة، والريادة، والحداقة، الذي شيده باقتدار كما يوحي، فيكفي ان تراه حتي تفطس من الضحك، فظهوره لـه نفس مفعول النكتة البايخة، علي الرغم من محاولة أنصاره إضفاء الأهمية عليه، والتعامل معه كما لو كان شجيع السيما ابو شنب بريمة!

مؤخرا تشرفت قناة الجزيرة بالأستاذ محمد حسنين هيكل، وكنت أتمني ان تتشرف باستضافة حمدي قنديل علي شاشتها، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. والغريب ان الأستاذ حاول في الحلقة الأولي من برنامجه: مع هيكل ان يبرر ظهوره علي هذه القناة، التي يناصبها التوجه الرسمي في المحروسة العداء. ولم يكتف بمحاولة التبرير مع انه عاد فيها وزاد، وانما أكده في حوار مع صحيفة العربي في مصر!

هيكل قال للزميلة نور الهدي زكي انه اشترط علي الجزيرة ان يأخذ التليفزيون المصري حق إذاعة الحلقات في أي وقت وبلا مقابل!

ولا اخفي انني تبسمت ضاحكا عندما قرأت ما قاله للزميلة نور، ونشرته العربي ، فقد تصورت انه يمزح بهذا الشرط، لانه أول من يعلم ان تليفزيون الريادة الإعلامية لن يبث له كلمة، لا بمقابل، ولا بدون مقابل، ولا حتي بدفع مساحة البث، للأسباب التي سيرد ذكرها!

لقد كنت أتصور ان الأستاذ يمزح عندما ذكر هذا الشرط، ولكن من الواضح انه كان جادا، والدليل ان من وقع العقد معه ممثلا للقناة القطرية، تعامل مع شرطه بكل جدية، واشترط في المقابل ان الا يذيع التليفزيون المصري قبلهم، وان يذيع علي محطاته الأرضية فقط. وواضح ان سيادة الموقع لا يعرف ان التليفزيون المصري لصاحبه صفوت المشلوح لا يحتفي الا بالعاهات ولا يروج الا للجهلة، ومن يعد المهيب الوزير صفوت بجانبهم فيلسوفا لا يشق له غبار!

شرط هيكل، الذي لم يتفهمه الجانب الآخر فاحتاط له بشروط، يمكن فهمه في اطار ما ذكره في أول كلام له في برنامجه عبر قناة الجزيرة ، فقد سعي الي تبرير اختياره لهذه القناة القطرية، ومن الواضح ان الرجل شعر بحرج من ان يتحدث عن الشأن المصري خارج الحدود، ولهذا فقد تعامل كمن علي رأسه بطحة تحسسها في اول لقاء، وعليه ذهب يؤكد انه كان يفضل ان تكون إطلالته عبر تليفزيون بلاده، ولكنه استدرك، وقدم عذره للمشاهدين والبصاصين، فالتليفزيون المصري له ظروفه، التي حالت دون تحقيق أمنية الأستاذ!

هيكل ممنوع من الظهور علي شاشة التليفزيون المصري، وهو شخص يمكن ان يكون وجوده علي قيد الحياة في حد ذاته غير مرغوب فيه، لانه قد يذكر البعض بضآلتهم، لذا فانهم يسكون عليه. لاحظ انه تولي رئاسة تحرير الأهرام فقفز بتوزيع عددها الأسبوعي الي 750 ألف نسخة، في وقت كان عدد سكان المحروسة لا يتجاوزن الـ 16 مليون نسمة، وكانت نسبة الأمية مرتفعة، وقد نجح في ان يصبح نجم شباك حسب التعبير السينمائي، يترقب الناس كتاباته من الأسبوع الي الأسبوع، في فترة كان فيه شارع الصحافة يزدحم بالقمم!

وقد سعي خصوم الرجل الي تحطيمه، ومحاولة إرجاع نجوميته الي علاقته بجمال عبد الناصر، مع ان نجوميته بدأت قبل الثورة وهو في بداية مشواره الصحافي، فضلا عن ان الساحة الصحافية كانت زاخرة بالكتاب الكبار، الذين يعد هيكل بالنسبة لهم مجرد محرر في الاوله في الغرام، بل ان عبد الناصر كانت تربطه ببعضهم علاقة جيدة حتي قبل ان تقوم ثورته، وكانت نظرته لبعضهم ـ مثل إحسان عبد القدوس ـ نظرة التلميذ للأستاذ، وكون هيكل نجح في ان يفرض وجوده علي ناصر بعد ذلك، فان هذا دليل علي قيمته، فلم يكن الرئيس عبد الناصر بالشخص الهفية الذي يصطفي شخصا ضعيف الإمكانيات، هذا ناهيك عن ان السلطة لا تستطيع ان تصنع نجوما من الهواء، وان اجتمعت له، وظني ان بعض الأنظمة في العديد من بلدان عالمنا العربي، وعلي مر التاريخ، وقفت بالباع والذراع وراء كتاب بعينهم، ولم تنجح في فرضهم علي الناس، علي الرغم من محاولاتها المستميتة، فالفسيخ قد يتحول الي شربات في كثير من الاحيان، الا في مجال كمجال الكتابة والفكر!

ولن نعيد ونزيد، ونلت ونفت، في محاولة التأكيد علي ان قيمة صاحبنا يستمدها من ذاته، فقد مات عبد الناصر، وتم طرده من عرينه ، وهو الأهرام ، و ترك للجميع الجمل بما حمل، وظل ردحا من الزمن يكتب خارج مصر، ومع هذا فقد ظل نجم النجوم في عالم الكتابة، ولا يزال الناس يهرعون الي حيث يجدونه، علي الرغم من الحملة التي شنت ضده في عهد الرئيس السادات، والتي شارك فيها الحابل، والنابل، والنائم علي صرصوره .

فهيكل صنع الأهرام ولم تصنعه، وارتفع بتوزيعها علي الرغم من قلة عدد السكان، وانتشار الامية، ولن نقارن زمانه بزمان غيره، حتي لا يتم اتهامنا بخدش الحياء العام للقراء، لكن بيت القصيد في ان هذا يجعل البعض يعتبرون وجوده علي قيد الحياة حتي الان امر غير مرغوب فيه!

هذه واحدة، والثانية ان هيكل شغل في فترة من الفترات منصب وزير الإعلام الإرشاد القومي وقتها ، واذا عقد احد مقارنة بينه وبين صفوت الشريف الذي شغل المنصب لمدة 22 عاما، فان هذا يمكن ان يفسر السر في نظر البعض الي وجوده علي النحو سالف الذكر، ولعله يفسر ما قاله الأستاذ عن ظروف التليفزيون المصري التي حالت دون استضافته فيه!

منذ اكثر من عشر سنوات تورط السيد سمير سرحان رئيس هيئة الكتاب في دعوة الأستاذ هيكل للمشاركة في إحدي ندوات معرض القاهرة الدولي للكتاب، عندما كان البعض يتصور ان الديمقراطية التي نرفل فيها تتسع لأي احد، وتستوعب أي كلام، وقد قدر لي حضور هذه الندوة وفوجئت بالآلاف الذين جاءوا من كل فج عميق ليشاهدوا الأستاذ، ولعل الذين سمحوا له بالحضور قد فوجئوا بهذا العدد الضخم، الذي ضاهي حضور المنتمين للتيار الإسلامي الذين احتشدوا في المعرض لمشاهدة المناظرة الشهيرة بين الدكتور فرج فوده من جهة، والشيخ محمد الغزالي ومأمون الهضيبي والدكتور محمد عمارة، من جهة أخري، وهي المناظرة التي عقدت في نفس العام أيضا! لقد تم اعتبار دعوة الأستاذ في هذا العام خطأ، مع ان ما حدث كان ينبغي ان يعمق، فالتيار الإسلامي ليس وحده القادر علي الحشد، وليس وحده المتحكم في الشارع المصري، وهو ما تتم الشكوي منه الان، حيث يتم الترويج بان الشارع مملوك ملكية كاملة للإخوان، وان الديمقراطية يمكن ان تدفع بهم الي سدة الحكم!

لكن تبقي المشكلة فان كراهية القوم لهيكل ـ الذي لا ينزل لهم من زور ـ جعلتهم لا ينظرون الي نصف الكوب الملآن، فقد استغرقهم النظر الي نصفه الفارغ، وعليه فقد استبعدوه في العام التالي، وقد تحول استبعاده الي سؤال في كل مؤتمر او ندوة او لقاء للمسؤول عن المعرض، وهو السؤال الذي كان يحمل في طياته اتهاما للسلطة بأنها ليست ديمقراطية بالشكل الذي تشيع، وقد استطاع من تحاصرهم الاتهامات التغلب عليها في الأعوام التالية بالاستعانة بأحد المعارضين ليكون ضمن اللجنة المشرفة علي معرض الكتاب، وقد تصدي بدون خجل او وجل وبصفته مستأجراً لهذه المهمة لاصحاب السؤال عن عدم دعوة هيكل، واعلن في بجاحة يحسد عليها بأن هيكل ليس هو المقياس الوحيد علي ديمقراطية المعرض، ومادام هناك من يعتبرونه كذلك، فعنادا فيهم لن يستضيفوه، بعد ان حول المنع كما لو كان وليد العند الذي يولد الكفر!

وهذا المعارض هو تعبير عن روح العصر الذي نعيش فيه، فدور المعارضة في البلدان التي توجد بها تعددية سياسية ان تنتقد السلطة وتعارضها وتقف لها علي الواحدة ، أما في البلدان العربية فان المعارضة الحقيقية خارج التنظيمات السياسية، ولا يراد لها ان تكون موجودة علي الساحة بشكل رسمي وفي إطار قانوني، لان هذا الإطار يضم المعارضين شكلا، فالهدف منهم الديكور ليس الا، وحتي إذا قالت الحكومة: أما نعيمة ؟ ردوا عليها: نعمين !

المهم، فان إحساس الأستاذ كما لو كانت علي رأسه بطحة تحسسها قبل ان يتحدث عن الشأن المصري في وسيلة إعلامية خارجية، امر يحتاج الي دراسة، فهذه العقدة بدأت بالاتهام الذي كان سائدا في عهد الرئيس السادات لمن ينتقدونه في صحافة الخليج، بالهجوم علي مصر، بعد ان تم اختزال مصر في شخصه الكريم، وهو الاختراع الذي توصل اليه الكاتب المغفور لـه بإذن الله ثروت اباظه، وعليه سار جميع سدنة المعبد.

وكانت صحافة الخليج في هذا الوقت الذي تعارض السادات بسبب توقيعه معاهدة كامب ديفيد مع العدو الإسرائيلي، وكان البعض مخلصا في معارضته فلم يلبس وطنيته بظلم، لكن هناك من كانوا يفعلون هذا نتيجة ارتباطهم بأنظمة الصمود والتصدي، التي كانت تدفع لهم بالتي هي احسن مقابل الهجوم علي الرئيس الذي هو مصر، وهم الذين ينتمي اليهم المعارض العنيد سالف الوصف، فقد ارتمي هؤلاء بعد توقف الدعم الخارجي، وبعد وفاة السادات، في أحضان السلطة الدافئة، واصبحوا يرفعون نفس الشعارات عن عدم جواز معارضة مصر في الخارج، ولم تعد مصر هي الرئيس فحسب، وانما اصبح حتي عادل إمام، وعمرو دياب، وحنان ترك هي مصر، والأخيرة سبق لها ان أحدثت مشكلة في إحدي البلدان العربية لانها سافرت للمشاركة في مهرجان فني ولم يوفروا لها سيارة مرسيدس سوداء، وعادت تقول انها دافعت عن كرامة مصر! ولا أنكر أنني أتحرج كثيرا من الحديث عن الشأن المصري في الإعلام الخارجي، وكنت أتصور انني بحكم النشأة في أقاصي الصعيد تغلب علي التربية القبلية، ولم اكن أتصور ان الأستاذ هيكل مثلنا.. يا حلاوة!

عموما شكرا للجزيرة، التي نفاخر بها الامم، فالقرعة تتباهي بشعر بنت اختها، وها انا افعل!

ہكاتب وصحافي من مصر

azzoz66@hotmail.com

خلص الكلام

Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...