coco بتاريخ: 23 أبريل 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 23 أبريل 2011 ضباب غرقت السيارة في الضباب تماما , ولم يتمكن من الرؤية لأية مسافة مهما كانت صغيرة أمامه , الضباب كان قد لاح له أول الطريق ولكنه لم يعره اهتماما , ما دار في رأسه : سوف يكون يوما مشمسا جميلا , كان يبدو ككومة من الدخان يعبر فيها فتنقشع عن رؤية واضحة شيئا ما , كلما أوغل في الطريق كان الضباب يسمك , وبالرغم من ذلك كانت عيناه تستطيعان تمييز الطريق الخالي أمامه , العلامات البيضاء المطبوعة علي الأرض , اللوحات الإرشادية , الإعلانات , السرعات المقررة , السيارات التي تسبقه أو يتجاوزها , كل شئ , الآن وعلي حين غرة رأي نفسه وسيارته غارقين في تلك الكتلة اللعينة , لماذا لم يتحسب لهذا الموقف من البداية , كان في إمكانه أن يهدئ السرعة في بداية رؤيته للضباب ويستكشف الموقف أولا , أحس بالخوف يقفز علي كتفيه فجأة, ماذا لو أن شخصا كان يعبر الطريق الآن ؟, لا بد أنه سيطيح به فيطير في الهواء وسوف يسقط من أعلي مرتطما بالأسفلت متحولا إلي كتلة من اللحم الذي يشهق من جفوة الحياة له بغتة , أبعد هذا الخاطر المخيف بسرعة , لا بد أن من يعبر الطريق سيكون منتبها جدا في هذا الضباب الكثيف , أشعل الأضواء الأمامية العالية ربما يري أبعد , ولكن الضباب كان كثيفا لا يمكن معه النفاذ لأبعد من زجاج السيارة الأمامي , ماذا يفعل وهو يجري علي الطريق السريع , رفع رجله ببطء يخفف السرعة وأشعل الأنوار الخلفية الحمراء , وقال يهدئ نفسه : ربما مسافة قصيرة , لا يمكن أن يدوم هذا الحال طويلا , فتح النافذة وبدأ يستعمل حاسة السمع لأن المرآتين الأمامية والجانبية لم تفصحا له عن أي رؤية في الخلف , لم يلاحظ أي ضوء , دار بفكره عندها : ماذا لو انحني الطريق أمامه يمينا أو يسارا , بدأ يصيخ السمع أكثر , وهو يفكر في الاتجاه لليمين لكي يتوقف وقال لنفسه : سوف استمع لصوت الحصي حين تدوسه العجلات وعندها أتوقف , أدار عجلة القيادة ببطء وحذر وأذناه تنتصبان في تصلب , ظل يقود يمينا لمسافة رأي أنها كافية للوصول إلي جانب الطريق ولكن ما وصل لسمعه لم يكن غير صوت نعومة العجلات تنزلق علي الطريق الحريري , ما هذا؟ , أين جانب الطريق الأيمن ؟, دار ذلك في رأسه بعنف ولكن قبل أن يفكر فيه كثيرا قفزت فكرة مرعبة , لا بد أن الطريق نفسه ينحني لليمين , يا إلهي كان من الممكن أن أصبح في وضع خطير لو ظلت سائرا كما كنت , ولكن متي ينتهي هذا الإنحناء , بدأت الذاكرة تستيقظ , لقد مر علي هذا الطريق مئات المرات , ويعرف تفاصيله جيدا ولكنه لم يستطع تذكر مكان بداية الضباب , راحت الذاكرة تسرع كعداد السرعة الذي يراه أمامه بصعوبة بعد انسياب الضباب للداخل عندما فتح النافذة لكنها لم تسعفه بأية فكرة عن هذا الطريق الأيمن الذي طال أكثر من المعتاد , قال لنفسه : لا يمكن أن يكون الأمر هكذا , هناك خطأ ما , أدار عجلة القيادة ببطء إلي اليسار مهتديا بحدسه أن اليمين مسكون يشئ غامض , ماذا لو كانت هناك شاحنة من النوع الكبير آتية في هذه اللحظة من ناحية اليسار , فليكن ما يكون , ماذا عليّ أن أفعل غير ذلك لقد طالت الناحية اليمني كثيرا , وطالما أنني أسير للناحية اليسري فيجب أن أستمع للاحتكاك الخفيف الذي ستحدثه السيارة مع الحاجز الذي يقسم الطريق العام إلي قسمين , ظل يمشي بالسيارة مدة أخري ظنها كافية أيضا للوصول للحاجز ولكن لا شئ , ياربي , مرة أخري الطريق نفسه ينحني ولكن هذه المرة إلي اليسار؟ , ما هذا الحظ العجيب ؟ , مرة اخري راح يفتح ذاكرته ويستجوبها عن المسافة التي تنحني لليمين مرة مسافة طويلة كالتي قطعها ثم مسافة مماثلة لها يسارا , لم يجد معلومة واحدة في الذاكرة , كان يعرف هذا الطريق ككف يده , كثيرا ما سار فيه , هل هي الغريزة التي تقوده الآن , الغريزة التي اكتسبها من طول قطعه للطريق حتي لو ضاعت ملامح الطريق ومعالمه من أمام عينيه , أفاق لنفسه أنه سار مسافة طويلة جدا يسارا فقال لنفسه : مادام هذا الضباب اللعين لا يريد أن ينقشع , وما دامت غريزتي هي التي تحركني فلأنحرف قليلا وألزم المنتصف تماما لمسافة ما , فعل ذلك في هدوء وببساطة كما لو كان في طريق يغمره الضوء الكاشف لكل التفاصيل الدقيقة , ظل سائرا وهو يفكر في الصحو المبشر والشمس التي كانت تبزغ من الأفق علي استحياء عندما بدأ الطريق و ضرب بيده عجلة القيادة وأخذ ينظر أمامه يحاول استجلاء أي بارقة توحي بانتهاء مسافة الضباب أو أي معلم علي الطريق يسترشد به . فجأة اقترحت عليه نفسه : ماذا لو وقفت بالسيارة ونزلت تستطلع الأمر , ماذا يمكن أن يحدث , ولكن نفسه ردت علي هذا السؤال بسرعة , وماذا سيكون الحال لو أن سيارة كانت قادمة من الخلف ؟ لابد أنني سأكون طائرا في الضباب حتي أن من سيطيح بي لن يتمكن من نجدتي , كما أنني لو غادرت السيارة فربما لا أتمكن من العثور عليها في هذا الضباب الذي لا أري فيه كفي , صوت محرك السيارة يشوش عليه السمع , قال : لا بد أن أتوقف لأستطيع تركيز سمعي الذي لم يعد لي غيره الآن , تشجع وداس علي الكابحة في نعومة واستمتع بصوت العجلات وهي تنزلق علي الأرض المبللة بالندي حتي توقفت تماما , أشعل سيجارة و راح يتسمع أي صوت يمكن أن يصدر عن أي كائن حي , أو جماد , لا شئ , أين أنا ؟ , أأنا علي الطريق أم مازلت راقدا في فراشي ؟ , من المؤكد أنه لا يمكن أن يحدث مثل هذا الموقف إلا في حلم , هل مازلت نائما , مازلت لم أغادر فراشي , لم أنزل من بيتي , لم أركب سيارتي , لم أشتر الجريدة التي أتلمسها الآن علي المقعد بجواري , لأنها جريدة الحلم , لم ألوح لجاري الذي ألقي تحية الصباح من النافذة , لم أبتسم في نفسي حين تعثرت فتاة الثانوية الجميلة التي كانت تمر مسرعة أمام السيارة فجأة وتفاديتها بمهارة , قال في نفسه : لا , لست نائما , أنا علي يقين تام أن هذا كله قد حدث , أنا متأكد تمام التأكد , ولكن هذا الضباب اللعين وهذا الطريق الغريب الذي لا يريد أن ينتهي , إنه حلم بالتأكيد وفي الأحلام يبدو كل شئ مؤكدا وحقيقيا , أخذ يفكر في هذه المعضلة الجديدة ثم قال في نفسه وقد تملكته الشجاعة فجأة: ما دمت قد نجوت من قبل بإرشاد غريزتي فعلي ّ أن أمضي إلي الأمام قدما تحت قيادتها لأن الوقوف في هذا المكان الغريب لا معني له , ومادمت لا أستطيع العودة من حيث أتيت لأنني لا أعرف المكان الذي يجب أن أستدير منه وأعبر للنصف الثاني من الطريق , فسأفعل . أدرت مفتاح السيارة وأمسكت بعجلة القيادة وبدأت , رويدا , رويدا , راح الضباب مرة أخري يدخل من النافذة متطايرا حسب السرعة التي تتزايد حتي تمتلئ السيارة كلها به وتصير جزءا من الضباب المخيم علي المكان , ولكني لا أعير ذلك أية أهمية , فتحت المذياع بعد أن تلمست مكانه استمع للأغنية التي انطلقت وأنا أزيد السرعة أكثر وأكثر حتي تصل إلي أقصي حد ممكن وأنعطف يمينا أو يسارا أو أكون في منتصف الطريق بأية مسافة تحلو لي أو تتناسب مع إيقاع الأغاني التي تتري من المذياع متتالية دون توقف ودون ثمة علاقة تربط بيني وبينها إلا أنها فقط أغان توصل لي صوتا يصدر من مكان ما بعيدا عن هذا الضباب . كوكو رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
باهى الطائر الحزين بتاريخ: 23 أبريل 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 23 أبريل 2011 لغه راقيه ، واسلوب سرد جميل وكأنكِ تصف/ين واقع يحدث بالفعل معى كثيرا ما يكون هناك ضباب او ظلام والسيارات المقابله تُشعل النور المبهر ومستوى الرؤيه ينخفض او يكاد يكون معدوما واسترشد غريزتى والتخمين واعتمد على الحظ وفى الغالب انجو فماذال من العمر متبقى ، غير ان القصه كلها تعبر بدقه عن لسان حال الكثيرين. اهلا بك فى المحاورات / امنياتى بقضاء اوقات تفيد وتستفيد شكرا لاهدائك لنا باكورة ابداعك وكالريح لا يركن إلي جهه إلا وهيأ لأخري راحله ... رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
coco بتاريخ: 24 أبريل 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 24 أبريل 2011 شكرا لتحليقك الجميل علي قصتي أيها الطائر الليلي الحزين وشكرا لترحيبك الذي يشي بنبلك شكرا لاهدائك لنا باكورة ابداعك إن كنت تقصد باكورة إبداعي في ناديكم الجميل فالأمر كما تقول وإن كنت تقصد باكورة إبداعي علي الأطلاق فهي واحدة من مجموعة كاملة تجدها علي هذاالرابط مقابــــــــر كوكو رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
باهى الطائر الحزين بتاريخ: 24 أبريل 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 24 أبريل 2011 تعجبنى لغتكِ ،، كذالك ادواتك شرفت بزيارة المقابر السبع ،، واستطيع القول اننى امام اديبه قاصه ،، ربما قليلا ما نتصادف مع هذا الاحساس الراقى المتقن ،، والمهاره التى قد تتخطى الهوايه الى الحرفيه . ربما قد نتلاقى فى ثالوث متساوى الاضلاع ،، كوننا طيور ونقدر صوت فيروز ،، وهاجس السياره الذى كثيرا ما يراوض او يحاكى اشياء يعبُر عليها حال واقعنا. وادعى اانى قد واشكتُ ان احدد احد اهتماماتِك من خلال ولعِك Marcus Aurelius, who work at bringing peace between the many different ethnic groups within the Roman Empire غير ان لى عوده ،، للتدثر بدفء اوراق مقابرها مقمره هذا إن اذنتِ ؟؟ انتِ فى ناديكِ ،، ويشرفنا أنضمام اديبه مبدعه . ودى / كما احترامى وكالريح لا يركن إلي جهه إلا وهيأ لأخري راحله ... رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
coco بتاريخ: 24 أبريل 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 24 أبريل 2011 اديبه قاصه :protest: ( كوكو فارس معدود , علي صيته بايت محسود , ومن صوته شاب المولود علي شنابه يقفوا صقرين , علي دراعه يقفوا سبعين , علي كتافه يبنوا قصرين ) http://www.youtube.com/watch?v=v4309mMH8n8&feature=player_embedded أشكر لك حفاوتك الحارة التي غمرتني ويشرفني أنا أكون بينكم في ناديكم الجميل . كوكو رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
باهى الطائر الحزين بتاريخ: 24 أبريل 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 24 أبريل 2011 بهذا اكتملت اضلاع المربع bv:- كلانا رجل angl:: ومنك اعتزر وكالريح لا يركن إلي جهه إلا وهيأ لأخري راحله ... رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان