شرف وشفيق

[محمد حامد الغنام]

مقال للكاتب

سليمان جودة

«شفيق».. وشرف .......

جاء أحمد شفيق رئيساً للحكومة فى ظروف صعبة، وغادرها فى ظروف أصعب، ولم تكن هذه هى المشكلة، وإنما كانت المشكلة الحقيقية، التى سوف ندرك أبعادها فيما بعد، أن أحداً لم يشأ أن يمنحه فرصة للتفكير، وأن أحداً لم يشأ أن يعطيه مساحة من الوقت ليدافع فيها عن نفسه، وبدلاً من أن نشير عليه وبدلاً من أن ننير الطريق أمامه، فإننا انشغلنا بالهجوم عليه، والطعن فيه، وتمزيقه، وليس أدل على ذلك من بعض ما جاء فى حق الرجل فى برنامج «بلدنا بالمصرى» على قناة «on.tv» مساء الأربعاء.

أحمد شفيق كان يعرف، تماماً، أننا فى وقت صعب للغاية يمر به البلد، وكان يتصرف على هذا الأساس، وكان يفكر على هذا الأساس أيضاً، وكان يريد أن يخدم بلده، وأن يقدم له ما يستحقه، من خلال وجوده فى منصبه كرئيس حكومة، ولكننا - مع شديد الأسى والأسف - انهلنا عليه دون أدنى إحساس بمسؤولية اللحظة، ولم يشأ أحد، إلا قليلين جداً، أن يساعده أو حتى يسعفه!

نحن فى وقت صعب للغاية، وأى مصرى لا يعمل من هذا المنطلق، فى ظروفنا هذه، إنما هو فاقد للوعى، لأننا كبلد إما أن ننتقل إلى مكانة عظيمة نستحقها بين الأمم، وإما أن نكون - لا قدر الله - صومالاً آخر!

بلدنا يمر بظروف تحتاج إلى إجراء تحولات جذرية واتخاذ قرارات قاسية، وهى قرارات وتحولات لابد منها، ولا بديل عنها، ولا خيار آخر أمامنا سواها!

ولابد أن المرء سوف ينتابه حزن عميق، وهو يرى أن «شفيق» كان يدرك ذلك تماماً، وكان يتمنى لو ساعدناه فى هذا السبيل، لولا أن «لو» هذه، كما قيل، تفتح عمل الشيطان، فكان أن غادر الرجل، ولابد أنه مملوء بالمرارة لأننا، أو بمعنى أدق، الذين تأهبوا للهجوم عليه، تفرغوا لكل شىء، وأى شىء، إلا أن يتركوه يعمل!.. ليس هذا فقط، بل راحوا يحاسبونه، ويجلدونه على شىء لا ذنب له فيه، وهو أن مبارك هو الذى جاء به رئيساً للحكومة!

«شفيق» صاحب تاريخ أبيض، حين كان على رأس سلاح الجو، وقد نقل التاريخ نفسه بصحبته عندما صار وزيراً للطيران، واستطاع أن يضع «مصر للطيران» على خارطة الشركات المماثلة فى العالم.

أراد الذين انهالوا عليه دون ذنب من جانبه، أن يغادر، وقد غادر الرجل، وكان ما كان، فليهنأ الآن بتاريخه فى مواقع العمل، وليسعد بأبنائه وأحفاده، وليوفق الله الدكتور عصام شرف فى هذه المهمة الانتحارية.. وليرحمنا الله! مقال للكاتب

سليمان جودة