اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

لمن يقرأ ويعي - د. نبيل فاروق يكتب.


Recommended Posts

أهديكم ثلاثا من مقالات دكتور نبيل فاروق

----------------------------------------

د. نبيل فاروق يكتب: أهكذ تحَّررنا ؟!

عندما اندلعت الثورة فى (مصر) ، فى الخامس والعشرين من يناير، كنت من كبار المتحمسين لها، منذ اللحظة الأولى، حتى أننى صرخت فيمن حولى، بأن الثورة فى (مصر) قد بدأت، وأدهشنى للغاية أنهم جميعاً، وبلا استثناء، كما رأيتها، وإنما، وبتحفظ شديد، أخبرونى أنها ليست ثورة، وإنما مظاهرات غاضبة، سرعان ما تقمعها الشرطة، فإن عجزت عن هذا، سيستدعى (مبارك) الجيش لقمعها.

وعند تلك النقطة بالذات، وجدت نفسى أنفعل بشدة، وأؤكَّد لهم أن قراءاتى الطويلة والعديدة للتاريخ، مع خبرة تبلغ سبعة وعشرين عاماً، من الدراسات المكثفة للتآمرات والثورات والنظم العالمية، تؤكَّد أنه ما من جيش خرج لقمع شعب، اللهم إلا فى (الصين) ، عندما خرج الشباب ينادى بالحرية ، فتمت تصفيته بالدبابات بلا رحمة، فى أكبر ميادين (بكين) العاصمة، ولم يكن جنون حاكم (ليبيا) المختل قد أسفر عن نفسه بعد ، فى أكبر مذبحة قمعية فى التاريخ كله ، قديمه وحديثه.

وتحقق ما تصوَّرته، وما حفلت به كتاباتى وأكَّدت حتمية حدوثه، منذ أكثر من ثلاثة أعوام ماضية، وحتى يوم واحد من سقوط فكرة القمع الأمنى .. وكدت أطير فرحاً، مع شعب (مصر) كله، عندما تم إعلان تنازل رئيس الدولة عن منصبه، بعد ثلاثين عاماً، جثم خلالها، هو وعصابته، على صدر (مصر) .

وبلغت سعادتى ذروتها، عندما شاهدت شباب (مصر) يخلون الميدان، ويبدأون فيه عملية إصلاحية، لم يشهد التاريخ كله أيضاً مثلها، فى كل الثورات التى سجلها، منذ زمن الامبراطورية الرومانية، وبدا لى أن ثورة (مصر) ثورة مثالية، سيقف أمامها التاريخ طويلاً، وينحنى احتراماً وتبجيلاً، لشعب عظيم، قام بثورة شبابية سلمية رقمية، ليس لها من مثيل.

وتفاءلت.. وربما أكثر من اللازم ..وتصوَّرت أن الشباب سيواصل مبادراته العظيمة، لينهض بالوطن، من كبوة استمرت تسعة وخمسين عاماً، فقد خلالها إرادته، وخسر ريادته وانحنت هامته، مع حكام يرفضون التخلى عن مقعد الحكم، بأى ثمن كان.

ولكن الأمور انقلبت فجأة رأساً على عقب ..وسقطنا فى هوة أكثر عمقاً، مما كنا فيها ..والشعب نفسه، الذى نادى بالحرية، انفلت تماماً، عندما حصل عليها.

تظاهرات فئوية، راحت تطالب بما تراه حقاً، أو تسعى لتصفية حسابات مع إدارات قديمة، أو ربما لتفعيل أحقاد شخصية، وإطلاق غل كامن فى النفوس، واستخدام وسائل ضغط وقمع جديدة، للحصول على مكاسب بلا عمل أو انتاج.

إعلام اعتاد نفاق من يحكم، نقل نفاقه، وعلى نحو مستفز، إلى من احتل المشهد السياسى الجديد، حتى أن من كانوا يتباهون قديماً، بانتسابهم إلى النظام الحاكم القديم، انطلقوا يؤيدون الثورة الجديدة، بحماس مصطنع، فى محاولة منهم لمحو تاريخهم الأسود، وآخرون سعوا للحصول على مكان متمَّيز، فى المنظومة الجديدة، بافتعال بطولات، بعد أن وضعت المعركة الكبرى أوزارها.

وفى ظل النظام السابق ، كنا نكتب، ونهاجم، ونفضح الفساد، ونعريه، ونطالب بمحاسبته ومحاكمته، والنظام يضع أسماءنا فى ملفات أمن الدولة، ويحاصرنا بسيف القانون وسلاح المحاكمة.

ومع ديكتاتورية ذلك النظام، كانت هناك محاكمات، وتحقيقات، وهيئات دفاع، وقضاة شرفاء، وأحكام براءة، أو إدانة مع إيقاف التنفيذ. ثم تم استبدال هذا بنظم قمعية جديدة، لا تريد محاكمات أو عدالة، بل مقاصل تقام فى الطرقات، لقطع رأس كل من يشيرون إليه، بغض النظر عن القانون.

انفلات انفعالى، ساد المجتمع كله، وانقضاض على مطالب خاصة وتصفية حسابات، ومحاولات استعداء الشعب على الكل، وضد الكل، حتى القوات المسلحة نفسها، التى يتم إجهادها واستنزافها داخلياً، فى وقت اشتعلت فيه كل الأمور من حولنا، واحتاجت حدودنا إلى جيشنا ودرعنا.

شباب تحوَّل فجأة إلى ذئاب مسعورة ، ذاقت طعم الدم ، فلم تعد قادرة على التخلى عنه، وشعرت بقوة كبيرة ، فلم تدرك أنه مع القوة الكبيرة ، تأتى مسئوليات كبيرة أيضاً .. والكل أراد ..والكل ثار ..والكل غضب ..والكل طالب..والكل نسى أهم ما فى المشهد كله.. (مصر) .

(مصر) التى يهدمون جزءاً منها كل يوم ، ويصرون على مواصلة احتقانها على نحو عجيب ، وكأنما أدمنوا إثبات القوة والقدرة ، وغاب عنهم الفارق الكبير ، بين هدم نظام ، وهدم كيان دولة بالكامل .

النظام القديم كان مغروراً ، يرى أنه يعرف صالحنا أكثر مما نعرفه ، ووصفناه بالطاغية ؛ لأنه لم يبال بالشعب ، ورأى – وحده – أن على الشعب أن يدفع الثمن ، حتى ينهض اقتصاد (مصر) ، دون حتى أن يتساءل ، هل يؤيده الشعب فى هذا أم لا.

والغاضبون الحاليون، مغرورون، يرون أنهم يعرفون صالحنا أكثر مما نعرفه، ويتحدثون عن ضرورة أن يدفع الشعب ثمن الحرية، ولو انخرب اقتصاد (مصر) ، ماداموا يرون هذا ، ويدعون لحشد الآخرين ، ثم يتباهون بقدرتهم على هذا ، ونجاحهم فيه.

النظام القديم لم يكن يبالى بفئات الشعب المطحونة ، ولا باهمية دوران عجلة الانتاج ، مادام هو فى السلطة.

والحاليون لا يبالون بفئات الشعب المطحونة ، ولا بأهمية دوران عجلة الانتاج ، ما دام هذا يجعلهم يتسيدون المشهد السياسى والإعلامى ....

النظام السابق كان يتحدث عن الحرية والديمقراطية ، ثم يمارس القمع والضغط ولى الذراع ....

والحاليون يتحدثون عن الحرية والديمقراطية ، ثم يمارسون التظاهر والاعتصام ، للقمع والضغط ولى الذراع ...

النظام السابق كان يعتبر كل من يعارضه متمرداً ...

والحاليون يعتبرون كل من يعارضهم خائناً ....

النظام السابق كان يضع معارضيه فى قوائم أمن الدولة ...

والحاليون يضعون معارضيهم فى قوائم سوداء ...

الناس كانت ، فى ظل النظام السابق تخشى معارضته ...

والناس فى ظل الوضع الحالى ، يخشون معارضة ما يحدث فى التحرير ....

النظام السابق كان يرى أن من حقه أن يحكمنا كما يشاء ؛ لأنه قام بالضربة الجوية الأولى ....

والحاليون يرون أنه من حقهم أن يحكمونا كما يشاءوا ؛ لأنهم قاموا بالثورة ....

النظام السابق يحكمنا من قصر (عابدين) ، ويرى أنه (مصر) ...

والحاليون يحكموننا من ميدان التحرير ، ويرون أنهم (مصر) ...

أهكذا تحرَّرنا ؟!...

أهكذا نكون قد حصلنا على ما خرج الشعب كله ، عن بكرة أبيه ، يطالب به ؟!...

ألهذا استشهد شباب الثورة ؟!...

ألهذا قاتلنا ، وعارضنا ، وتحملنا لسنوات ؟!...

لست أرى هذا بالتاكيد ...

وبكل الأسف.. شباب عديدون منفعلون، زرعوا عقولهم فى آذانهم وأعينهم ، وليس فى رؤوسهم.. شباب منفعلون من كل ما يسمعونه.. وما يقرؤونه.. وما يشاهدونه، على شبكة الانترنت.

شباب تصوَّروا، من فرط انفعالهم، وليس رجاحة عقولهم، ان كل ما يسمعونه ويقرؤونه، ويشاهدونه، فى عصر بلغت فيه التكنولوجيا الرقمية أوجاً، هو حقيقة لا تقبل الجدل.. بلا أدلة.. أو براهين.. أو حتى منطق.. فقط بانفعال جارف.

شباب تحوَّلوا، دون حتى أن يدركوا هذا، إلى ثورة مضادة، قادرة مع انفعالها وانفلاتها، على هدم الصورة الأصلية من أساسها.

المشكلة أن الإعلام، مع اعتياده النفاق، راح يشعل النيران، بدلاً من محاولة تهدئة الشارع، وخرجت أسماء لامعة، تتكلم بأحاديث تقطر سماً، والشباب يتصوَّرونها حماساً، ولكنها فى واقعها، كما ستثبت الأيام فيما بعد، مجرد تصفية حسابات شخصية، لحالات قهر أو ظلم تعرضوا لها، فى ظل النظام السابق.

حالة من التشفى الشيطانى، والرغبة الوحشية المسعورة، التى يستحيل أن تبنى عليها دولة ديمقراطية حرة سليمة، بقدر ما تبنى عليها دولة مشتعلة، قد لا تهدأ، قبل أن ينهار الاقتصاد بالكامل، ويدفع الشباب، قبل الشيوخ، ضريبة إعادة بناء، قد تحرمهم، حتى نهاية أعمارهم، مما كانوا يحلمون به.

الصورة القادمة، بما يفعلونه، ليست مشرقة كما يتصوَّرون، لأن السياسة، بمضمونها الأشمل، غير واضحة فى أذهانهم، بدليل مطالبتهم بأمورعاجلة، يستحيل تحقيقها، إلا بدمار الدولة بالكامل.

أهكذا تحرَّرنا؟!..أهكذا حققَّنا ما كنا نصبوا إليه؟!.

من ينادى بالحرية والديمقراطية، ينبغى له أن يحترم الحرية والديمقراطية.. والحرية تعنى أن تؤمن بأنك، ومهما كنت، ومهما كان نبل مطالبك، فأنت لا تعبر عن الجميع، فالناس لم تتفق حتى على الخالق عزَّ وجلَّ، فكيف بك؟!

والديمقراطية تعنى أن تصبر، وأن تتحمل الإجراءات العادلة، والتى قد تستغرق وقتاً لا يناسب توترك وانفعالك.

تماماً لو أنك تطهو وجبة شهية، فلن يمكنك أن تتعجَّل طهوها، إلا لو أدى هذا إلى إفسادها بالكامل.

والذين يطالبون بسرعة القصاص، ويرفضون الدفاع عن من ارتكبوا جرائم فى حق هذا الوطن، لا يؤمنون بالديمقراطية، التى تمنح حتى السفاحين، الحق فى المحاكمة، والدفاع، قبل أن يصدر الحكم بالإعدام.

والتاريخ علمنا، وهو لا يخطئ أبداً، أن الدائرة تدور دوماً على من دفعها.

ثوار (فرنسا) طالبوا بمقاصل دون محاكمة ، فوضعت رءوسهم بعدها تحت المقاصل ، وأيضاً بلا محاكمة.

نادوا بسرعة القصاص دون عدالة، فطارت رؤوسهم بسرعة قصاص دون عدالة.

وإذا ناديتم بالطغيان، فستقعون تحت طائلته يوماً، طال الزمن أم قصر، وإن لم تكونوا قد تعلَّمتم مما حدث على أيديكم، فهذا سيعنى أن الله سبحانه وتعالى قد كتب علينا أن نقاتل من اجل الحرية، إلى أمد لا يعلم مداه سواه جلَّ جلاله.

فأنتم اليوم كمن سبقكم ، كتبنا فلم يقرؤوا ، وقلنا فلم يسمعوا ، وشرحنا فلم يفهموا .. أنتم إذن مثلهم .. طغاة.

--------------------------------------------------------------------------------د.نبيل فاروق يكتب: بالعقل وبدون انفعال.. إنهم يهدمون مصر

الثورة نجحت في مصر .. أطلق شرارتها الشباب، وخرج فيها الشعب، وانتصرت، وهدمت نظاماً قمعياً، وكان من المفترض أن تبدأ عهداً جديداً، على نحو متحضر، لم يشهد التاريخ مثله من قبل.

ولكن.. ودعونا نتوقف هنا عند هذه الكلمة، التي طالما قلبت الأمور رأساً على عقب.. فمع كلمة لكن هذه، بدأت الأمور تنقلب، من الثورة إلى الفوضى، ومنها إلى الخيانة، والسعي، عن علم أو جهل، أو تخطيط شيطاني، أو انفعال عدواني، إلى هدم الثورة، أو كما قالت الصحافة العالمية، تدمير الثورة .

في البداية، دعونا نتساءل، مَن مِن فئات المجتمع أضرته الثورة، ومن يمكن أن يستفيد من هدمها؟!.. لقد كانت أولى نتائج الثورة، هي سقوط معاقل الفساد الكبرى، التي انكشفت فيها رؤوس الفساد، وانهار فيها الحزب الوطني، راعى الفساد الأول في مصر، وهو ما يعنى أن التيار سيبدأ في السريان، وسينهار جسد الفساد، ثم أذياله فيما بعد، وهنا نعيد طرح السؤال.. من المستفيد من هدم الثورة ؟!..

لو توقفنا لحظة للتساؤل، وهدأنا من اندفاعنا الانفعالي ثانية واحدة، سنجد أن الجواب يكمن في الفئات نفسها، التي ذكرناها مسبقاً، والتي درست، من خلال فسادها، وعبر سنوات القمع، كل أساليب الدسائس والمؤامرات، وطرق شحن الجماهير، واللعب بالعقول، والتي تملك أيضاً، بحكم فسادها، مليارات، لن تتردد في انفاق جزء كبير منها، في سبيل إفساد وتدمير الثورة، وإشاعة حالة من الفوضى، تتيح لها فرصة لاستعادة السيطرة على الأمور، والإفلات بجرائمها..

ولو أرادت تلك الفئات هذا، فكيف يمكنها تنفيذه، في ظل مجتمع ثائر يغلى، ومستعد للاندفاع والانفعال، دون ترو أو تدبير ؟! الأمر ليس عسيراً في الواقع، ولقد حدث بالفعل أكثر من مرة، عبر التاريخ.

يكفى إطلاق شائعات مغرضه، وسط جموع منفعلة، حتى يقودها هذا إلى إتيان أعمال عشوائية، في اندفاع فوضوي، متصورة أنها تندفع نحو الصواب، في حين أنها تنفذ، ودون أن تدرى، مخططاً مخالفاً تماماً، يقود إلى عكس ما تسعى إليه.. وهذه اللعبة القذرة، لا تحاول استخدام وقود جديد، بل تستغل الطاقة المندفعة بالفعل؛ لتحقيق هدفها، وتعيد توجيهها فحسب.. والوسائل متاحة تماماً، في مثل هذه الظروف، إذ يكفى نشر شائعة مستفزة، أو تعظيم أمور حادثة بالفعل، أو إعادة صياغتها في صورة جديدة، حتى تشتعل الدنيا ولا تهدأ.. وعندما تشتعل الدنيا، فكل ما عليهم هو تحميتها بالوقود، والحرص على بقائها مشتعلة، حتى تنهار كل الحصون، وتحدث الفوضى الشاملة.

وهذا بالمناسبة ليس تحليلاً شخصياً، بل هو دراسة علمية، يمكن لأى منكم التأكد منها، بالبحث عن وسائل الحرب النفسية، أو نظم وأهداف الشائعات، وعن قيام الثورات المضادة، وما استندت إليه ..ابحثوا أولاً عما ذكرته، وتيقنوا من أنه ليس تلفيقاً أو تدليساً، ثم تعالوا نطبق هذا على ما يحدث في مصر الآن.. لقد بدأت رياح التغيير تهب، وسحقت رؤوسا كبيرة، وبدأت فى تعقب الجيل الثاني، وسرعان ما تطال الجيل الثالث من بوتقة الفساد، لذا فذلك الجيل سيبدأً، وبمنتهى الشراسة، في الدفاع عن نفسه، والسعي للإفلات من العقاب، وذلك لا يحدث، ولا يمكن أن يحدث، إلا في حالة واحدة.. تدمير الثورة.

والوقود هنا جاهز .. شعب ملتهب.. شباب محتقن.. فترة غضب طويلة مكبوتة.. وغل يملأ كل النفوس.. لا يتبقى إذن سوى إشعال الفتيل، وترك الباقي للتداعيات الطبيعية، وهكذا، بدأت لعبة إطلاق الشائعات، وتوزيع المنشورات، وهى لعبة ستيناتية معروفة، ولكن وسط حالة الانفعال، يمكن أن يصدق المنفعلون أي شئ وكل شئ، دون تحقق، أو تأنى، أوحتى عقل..

والثورة المضادة، التي تستهدف هدم الثورة الأصلية، تكون على عكسها، منظمة مدروسة، ويمكن لبعض التابعين لها الاشتراك في مجموعات (فيس بوك)، ورمى الأخبار المثيرة المستفزة، وتضخيم كل ما من شأنه استثارة الجماهير، ودفعها إلى مزيد من الفوضى، وهذا ما حدث بالفعل، وما نراه الآن على الساحة.. مطالب فئوية عدوانية، وأحاديث مستفزة تتردد، دون توثيق أو تدليل، وعبارات رنانة، تحمل معان قوية، لا تتناسب مع الظروف، ولكنها تلقى صدى فى النفوس، وإثارة الشكوك في كل ما يقال، وحتى في كل ما يتخذ من إجراءات، بحث لا يعود هناك اطمئنان لأى شئ على الإطلاق، مما يستثير الجماهير أكثر، ويمهد الطريق إلى الفوضى أكثر وأكثر.

راجع الساحة الآن في مصر، وستجد أن هذا يتم تطبيقه بدقة، ويتم تفاعل بعض الشباب، وبعض الكبار معه بانفعال واندفاع، إلى الحد الكافي للتدمير، والذى لن يمكن تداركه، إذا ما بلغ حداً بعينه، وسيكون وقوده الأول هم من أشعلوه، ومن كانوا جنوداً للفساد، وهم يتصورون أنهم جنود للحق.

راجع الموقف، وستجد أن البعض قد وضع عقله في أذنيه، وليس في رأسه، وستجد أن تسعين في المائة، مما يتردد في الساحة، مجرد أقوال مسترسلة، وليس أمراً موثقاً أو مدللاً، وهذا البعض، مع انفعاله واندفاعه، أصبح يطالب بمحاكم تفتيش، وليس بديمقراطية أو شرعية، فهو يطالب بمحاكمات سريعة، بدون أدلة أو وثائق أو إثباتات، ويمارس أسلوباً قمعياً، أسوأ بألف مرة، مما كان يمارسه ذلك النظام، الذى ثار عليه، ووصفه بالقمعي والطغياني، بل وبدأ يتحدث باسم الشعب، تماماً كما كان النظام السابق يتحدث، وصنع من نفسه وصياً على الكل، دون أن يفوضه الكل، حتى أنني شككت في أنني من الشعب، ما دامت مطالبي لا تتفق مع ما ينادى به هذا البعض، وأتساءل الآن، ماذا أفعل، لو أنني لا أتفق معه ؟!.. هل أخرج في تظاهرة أخرى، ويخرج من بيننا في تظاهرة ثالثة، أم أنه هناك أسلوب أكثر تحضراً ؟! ..

ثم ماذا لو تحققت المطالب، بغض النظر عن اتفاق الشعب أو اختلافه معها ؟!.. هل ستكون هذه نهاية المطاف، أم أن التظاهر والاعتصام سيصبحان وسيلة التعبير الأساسية في مصر، ولا داع لمجالس نيابية أو قانون، أو إجراءات ؟!..

ماذا لو أجريت انتخابات رئاسية نزيهة، وفاز فيها رئيس جديد بنسبة خمسة وسبعون في المائة ؟!.. هل سيعتصم الخمسة وعشرون الآخرون في ميدان التحرير، مطالبين بتغييره ؟!.. أية ديمقراطية هذه ؟!..

ثم من قال أن من يعتصمون منزهون كلهم عن الأغراض ؟!... لماذا لا تكون لهم أغراض خاصة، كما يتهمون كل من يعارضهم بهذا ؟؟؟؟ .. أهم من فئة الملائكة، وسواهم من الشياطين ؟!..أهذا مفهومهم عن الديمقراطية والحرية ؟!..

ثم لماذا لم يضعوا في اعتبارهم، ولو لحظة، أن المستفيدين من الفوضى هم من يثيرون مشاعرهم طوال الوقت، ويدفعونهم بذكاء إلى تنفيذ مآربهم ؟!.. لماذا ؟!..ألم يتصوروا لحظة أنهم أصبحوا، بالنسبة لفئة كبيرة من الشعب، أسمعها من حولي كثيراً، أعداءً وليسوا ممثلين لهم، أم أنهم سيرددون تلك الحماقة الديكتاتورية المستفزة، التي تفوق ديكتاتورية من سبقوهم، بأنهم الأعلم والأذكى والأفهم، والأكثر معرفة ببواطن الأمور ؟!..

وهل يدركون حقاً، بذلك العلم الوفير الذى يدعونه، ما يقودون مصر إليه، بعد أن كانت ثورتها أعظم ثورات التاريخ ؟!..

هل يدركون أن الفوضى التي يثيرونها، والتي يرون أنها عظيمة، لم تقتصر على ميدان التحرير، وإنما امتدت إلى أقاليم، تحول الأمر فيها إلى فوضى شاملة، قتل فيها أبرياء، واغتصبت فيها بنات ونساء، كان من الممكن أن يكن أخواتهم أو زوجاتهم، أو حتى أمهاتهم ؟!... وهذا بالمناسبة ليس افتراضاً، بل حقيقة لم ينظروا إليها، ولم يبالوا بها..

سيقولون بالطبع، من منطلق حكمتهم البالغة، وعلمهم الذي فاق علم الأولياء والرسل، إن هذا ثمن الثورة، وأنه لكل ثورة ثمن، وياليتهم يرون شقيقة أو زوجة أو أم لهم تغتصب، لأسألهم بعدها إذا ما كانوا مستعدين لدفع ثمن الثورة أم لا، أم أن الثمن الذى يتصورونه هو النوم فى ميدان التحرير فحسب ؟!..

ويتحدثون عن إصلاحات تحتاج إلى شهور، ثم يرفضون منحها أياما لتحدث.. ويتحدثون عن بطء الإجراءات، ولم يمض شهر واحد على نجاح الثورة !!... هل اختلت مقاييس الزمن لديهم أم لدى المرحوم أينشتاين ؟!.. ثم، وهو الأخطر، والأخطر للغاية، تلك الموجة المسعورة غير المسؤولة، التى تحاول استعداء الشعب على الجيش، فقط ليثبت أصحابها لأنفسهم أنهم قادرون على فعل هذا، وأن لهم شأن هام..

لقد شهدت مصر المسكينة انفلاتاً أمنياً رهيباً، انطلق على أثره خارجون عن القانون، لا يبالون بالثورة، ولا حتى بمصر نفسها؛ ليعيثوا في الأرض فسادا، وانتهكوا حرمات، وممتلكات، وأعراض، ولم يردعهم سوى نزول الجيش إلى الشارع، الذى مازال يحوى أربعين ألف مسجل خطر، تم إطلاقهم عمداً، وأكثر من عشرة آلاف سجين هارب، وسبعة آلاف قطعة سلاح، في يد بلطجية، مازال لا يردعهم سوى الجيش..

تعالوا إذن نرسم سيناريو لفيلم من أقوى أفلام الرعب، يفترض نجاح حملة الخيانة المسعورة، في إحداث التصادم بين الجيش والشعب، واستعداء الشعب على الجيش.

تعلوا نتصور شارعاً مصرياً، خلا تماماً من الجيش والشرطة، فيه البلطجية والمسجلون، دون ضابط أو رابط .. هل سيشعر واحد منكم بالأمان حينذاك ؟!.. هل سيصمد شعبنا، وتصمد مصرنا، لو تحولت شوارعنا إلى غابة لابد أن يحمل كل منا فيها سلاحه؛ ليدافع عن بيته ورزقه وعرضه ؟!.. وإلى أمد لا يعلمه سوى الله سبحانه وتعالى ؟!.. وهل من الوطنية والحكمة والمصرية، أن تنهك جيشك داخل البلاد، وتساعد على سيلان لعاب الكل على وطن له جيش منهك ؟!..

احسبوها بالعقل، قبل أن يبدأ فيلم الرعب العظيم، فتذهب الشكرة، وتنتهى نشوة الإحساس بالقوة، إلى خراب ودمار، يلتهم في البداية أعظم ثورة، ثم يلتهمكم أنتم أيضاً، يوم لا ينفع الندم.. لست أطلب منكم ان تؤيدوا ما أقول، ولكن أطلب منكم العقل والتفكير والتدبير فيه، ثم اتخاذ ما تمليه عليكم وطنيتكم بعدها.

أيها السادة، اندفاعكم الانفعالي، وحماسكم لإثبات قوتكم، يقضى على كل مكاسبكم، ومن يستعدونكم على جيشكم يسعون، عن وعى، أو بدون وعى، وبحماس حقيقى، أو برغبة في إثبات الوجود، والفوز بجزء من الغنيمة، إلى تدمير مصر.. إنهم يدمرون مصر.. فاحسبوها.. واتخذوا قراركم.. ولك الله يا مصرنا؛ ليحميك من محبيك قبل كارهيك.

----------------------------------------------------------------------------------

د. نبيل فاروق يكتب -

بينى وبينك: ما أسهل أن تنافق (2)

على عكس ما يتصوَّر الكل ، لم تكن الثورة البلشيفية فى (روسيا) ، عام 1917 م ، والتى قادها (فلاديمير لينين) و (ليون تروتسكى) ، هى المرحلة الأولى من الثورة الروسية ، وإنما كانت أشبه بثورة مضادة على الثورة الأصلية ، التى اندلعت لتطالب باسقاط نظام الامبراطورية ، وسقوط أسرة (رومانوف) ، التى عاثت في (روسيا) فساداً ..

فلقد انتهت المرحلة الأولى بسقوط النظام ، وإعدام عائلة (رومانوف) بالكامل ، وسط احتقان شعبى شديد ، كان من الممكن أن يقود (روسيا) إلى أن تصبح دولة عظيمة ، ذات نظام ديمقراطى سليم ، ويتمتع بحرية حقيقية ، ينعم بها كل مواطن روسي.. ولكن الاحتقان لم يتوقف ، حتى يعطى الفرصة لهذا ..

لقد استغل أصحاب الفكر الشيوعى الفرصة ، وعمدوا إلى دفع المزيد من الاحتقان إلى الشارع ؛ بحجة مطاردة أذناب أسرة (رومانوف) ، والحرص على أن يلقوا نفس المصير ، الذى لاقته أسرة الامبراطور السابق ..ولأن الثورة المضادة تستلهم وقودها من احتقان الشارع واندفاعه ، عقب الثورة الأصلية ، فقد راح الشارع الروسى يحتقن ..

ويحتقن ..

ويحتقن ..

ولأنه هناك خطة منظمة ؛ لإبقاء الشارع فى حالة احتقان دائم ، واشعال انفعاله وغضبه طوال الوقت ، ولأن (روسيا) ، عقب ثورتها ، كانت تواصل حربها تحت راية الحلفاء ، ضد دول المحور ، فقد ساعد هذا على مزيد من الاحتقان ، و..واندلعت الثورة البلشفية.. وفى محاولتها لاحتواء الأزمة ، شنت الحكومة المؤقتة هجوماً عنيفاً ضد الألمان ، فى الأول من يوليو ، ولكنه فشل فشلاً ذريعاً ، مما أجج الثورة أكثر ..

وهنا ، بدأت مؤامرة ضد الحكومة المؤقتة ، قادها الجنرال (كورنيليوف) ، فاجتاحت (روسيا) موجة من تظاهرات مليونية حقيقية ، مع سلسلة من الإضرابات ، أدت فى النهاية إلى نجاح الثورة البلشيفية ، فى أكتوبر 1917م .. وتصوَّر الشعب الروسى عندئذ أنه قد انتصر ..وأنه قد نال حريته ، التى حلم بها طويلاً ..ولكن هذا لم يحدث .. ففى 12 نوفمبر من العام نفسه ، أجريت انتخابات الجمعية التأسيسية ، وهو الاسم الذى كان يطلق على البرلمان الروسى ، وكانت انتخابات حرة حقيقية ، ولكنها لم تأت بالنتيجة ، التى كان ينتظرها البلاشفة ..

لقد حصلوا على نسبة ضئيلة من الأصوات ، على عكس ما كانوا يتصورون ..وغضب البلاشفة ؛ لأن النواب ، الذين اختارهم الشعب بانتخاب حر ، قد رفضوا إقرار المراسيم ، التى أصدرتها الحكومة البلشيفية ..وفى يناير 1918 م ، تم حل البرلمان بالقوة ، واعتقال معظم نوَّابه ، مما أثار غضب من نادوا بالديمقراطية والحرية ، وخرج الناس فى مظاهرات سلمية ، يعيدون مطالبهم بالديمقراطية والحرية ..وهنا ، قام البلشفة بأسوأ مما كانت تقوم به النظم السابقة ..لقد أطلقوا النار على المتظاهرين ..

وبمنتهى الوحشية ..

وتحت وطأة النيران ، وسقوط القتلى والمصابين ، تم قمع التظاهرات ، وسقط الشعب ، الذى نادى بالحرية والديمقراطية ، تحت حكم ديكتاتورى قمعى دموى ..وتم إقرار مجلس مفوضى الشعب ، كأساس للحكومة الجديدة ، وعلى الفور ، قام ذلك المجلس بإقرار سلسلة من الاعتقالات ، لكل زعماء المعارضة وقادة الرافضين لما يحدث ، ورجال الحزب الاشتراكى الثورى ، وتم حبس الجميع فى قلعة (بولس وبطرس)

..

وفى العشرين من ديسمبر ، أسس (لينين) لجاناً استثنائية ، كانت نقطة البداية ؛ لقضاء البلاشفة على كل أعدائهم ومعارضيهم ، بأساليب قمعية إرهابية جماعية ، ومصادرة كل الحسابات المصرفية الخاصة ، وتأميم جميع المصانع والشركات ..لم يعد هناك من يمتلك شيئاً ..أى شئ ..والعبارة السابقة هى ما أشاعه البلاشفة ، ولكن الحقيقة كانت تختلف ..فرجال النظام الجديد كانوا وحدهم يمتلكون ..ويمتلكون الكثير ..

أما باقى الشعب ، فلم يكن ينعم حتى بتناول وجبة منزلية هادئة ، إذ امتدت الموائد فى شوارع (روسيا) ، على غرار موائد الرحمن لدينا ، وأصبح إلزامياً على الجميع أن يتناولوا( معاً ) نفس الطعام ..وهنا تعلم الشعب الدرس ..لو أردت أن تتميَّز ، فى ظل ذلك النظام الجديد ، فليس أمامك سوى سبيل واحد .. النفاق ..وفى صراع محموم ، راح الكل يتسابق ؛ لمنافقة النظام الجديد ، والتقرب إليه ، عن طريق الإشادة بكل ما يفعله ، حتى ولو كان قمعياً دموياً رهيباً .. والأهم هو الإشادة بقادة النظام الجديد ..

لينين أصبح الحكيم العظيم المفكَّر الشريف ، صاحب النظرة البعيدة الثاقبة ..

كل قادة النظام صاروا كذلك ..هذا ما ردده المنافقون ، وما سعوا لإقناع الشعب به ، عن طريق برامج مدروسة ومنظمة ، و ..ولكن القدر جاء بما لم يتحسبوه ..ففى يناير 1924 م ، مات (لينين) ..

وأصيب المنافقون بالهلع ، وراحوا يبحثون فى ذعر عمن سيخلفه ، حتى ينقلوا نفاقهم إليه ..كان (جوزيف فيسارينوفيتش ستالين) ، المولود فى مدينة (جورى) ، فى الامبراطورية الروسية ، لأب اسكافى يدعى (بيسو) ، وأم فلاحة تدعى (إيكاترينا) ، هو المرشح الأقوى ليخلف (لينين)..

و(ستالين) كان طالباً فاشلاً ، بالمقاييس العادية ، وكانت والدته تتمنى أن يصبح راهباً ، ولقد ظلت على أمنيتها هذه ، حتى بعد أن أصبح رئيساً ، ولكنه اقتحم المجال السياسى السرى ، وتعَّرض للاعتقال ، والنفى إلى (سيبريا) ، ما بين 1910 ، و 1911 م ، وبعدها اعتنق مذهب (لينين) ، وأصبح عضواً فى اللجنة المركزية للحزب البلشفى ، عام 1912 م ، وفى العام التالى 1913 م ، أطلق على نفسه اسم (ستالين) ، وتعنى (الرجل الفولاذى) ، ويقال أن (لينين) هو الذى أطلق عليه هذا الاسم ؛ لقسوته وثبات أعصابه ..

وفى خلال الحرب العالمية الأولى ، تقلَّد (ستالين) منصب المفوض السياسى للجيش الروسى ، ثم أصبح الأمين العام للحزب الشيوعى ، عام 1922 م ..ولقد أطلق (ستالين) لنفسه أقصى درجات النفوذ والسيطرة ، فى ذلك المنصب ، مما شف عن طبيعته الدموية القاسية ..

وبعد موت (لينين) تم تشكيل مجلس حكم ، من كل من (ستالين) و (كامينيف ) و (روزينوفيف) ، ولكنه سرعان ما تخلص من (كامينيف) و (روزينوفيف) ، بمساعدة التيار اليمينى للحزب ، والذى طرد (تروتسكى) ، شريك (لينين) فى الثورة ، مع الرجلين ، من اللجنة المركزية للحزب عام 1927 م ، ثم من الحزب كله فيما بعد ..

ساعده فى كل هذا (بوخارن) ، الذى كان يتزعَّم التيار اليمينى فى الحزب آنذاك ، وعلى الرغم من هذا ، فلم يكد (ستالين) يشعر بقوته ، حتى سعى لإضعاف نفوذه داخل الحزب ، ثم لم يلبث أن أزاحه من القيادة فيما بعد ، عام 1929 م ، ليصبح هو القائد الاوحد ..

وهنا أدرك المنافقون من ينبغى أن ينافقوا ، فالتفوا كلهم حول (ستالين) ، وراحوا يمجدون كل ما يقوم به ، ويبحثون فى الوقت ذاته عن أية سلبيات فى عهد (لينين) ، الذى نافقوه من قبل ؛ ليعملوا على إبرازها ، ومقارنتها بما أسموه كمال القائد العظيم الجديد ..

ولأنهم أنفسهم من نافقوا (لينين) وعصره من قبل ، كان عليهم أن يتدلهوا فى تمجيد (ستالين) وعصره ورجاله ، خاصة وأن (لينين) لم يكن قد خرج من قلوب الشعب بعد ..وفهم (ستالين) اللعبة ..ولم يعترض ..بل على العكس تماماً ؛ فقد شجعهم على هذا ، على نحو غير مباشر ، عن طريق المناصب والعطايا والمكافآت فى عملهم ..وفى نفسم الوقت ، كان يعمل على تقوية وضعه ، وتأكيد سلطاته وقوته ..وبلا رحمة ..

فإلى جواره ، اختار (ستالين) وزير داخليته (بيريا) ، الذى أطلق عليه التاريخ اسم السفاح ؛ لأنه كان يتباهى دوماً بقدرته على إلقاء القبض على أى معارض أو منشق ، ومحاكمته ، وإصدار الحكم بالإعدام عليه ، وتنفيذه ، فى أقل من عشر دقائق !! ..

وبينما واصل المنافقون نفاقهم ؛ لتمجيد (ستالين) ، راح (بيريا) يعمل على تصفية المعارضين واحداً بعد الآخر ، وأحياناً فى جماعات ، ولكن على نحو سرى ، كما يتصوَّر ، ولكن كل طفل فى الشعب الروسى ، كان يدرك من بالضبط وراء أولئك الذين يختفون فجأة ، أو لا يعودون إلى منازلهم ، بعد انتهاء عملهم ..أما قسم التنظيف ، الذى يخفى قذارات (بيريا) ، فكان جيش المنافقين ، الذين تقلدوا بعض المناصب فى الحزب ، وفى الإعلام والسلطة ..ولكن شهر العسل لم يدم طويلاً ..

لقد وضعوا سيناريوهاتهم ، باعتبار أنهم سيواصلون منافقة (ستالين) ، ما بقى فى السلطة ، مع الاستعداد التام لمنافقة من يأتى بعده ، إلى السلطة نفسها ..بل لقد استعدوا بمعاول هدم أسطورة (ستالين) ، إذا ما جاء من يخالفه ؛ ليحتل نفس مقعده ..ولكن (ستالين) كان لديه سيناريو مختلف تماماً .. لقد كان يطمح إلى السلطة ..كل السلطة ..

لذا ، فما أن وصل إلى القمة ، حتى بدأ فى إبادة كل المعارضين له ، بحجة تعاملاتهم السابقة مع من أسماهم بالأعداء ، من أعضاء اللجنة المركزية البلشيفية ، ثم اعقب ذلك بإبادة كل من يعتنق أفكاراً مخالفة له ، وحتى كل من يشك فى معارضته للفكر الشيوعى ، وفى التطبيق الصارم للاشتراكية ..

نفى البعض إلى (سيبريا) ، فى معسكرات الأعمال الشاقة ، وزج البعض الآخر فى السجون ، وأعدم البعض الثالث ..

ولكل هؤلاء ، وجه تهم متفاوتة ،؟ ما بين التعاون مع قوى خارجية مجهولة ، ومعارضة فكر أو أيديولوجية الحزب الشيوعى ، او حتى التخاذل فى تطبيق قواعده ..ولم ينته المطاف عند هذا ..لقد انتقل (ستالين) إلى الفئة ، التى تصوَّرت أنها فى مأمن .. إلى المنافقين .. ولهذا رواية أخرى .

تم تعديل بواسطة شرف الدين

اللهم احفظ مصر من الفتن؛ ما ظهر منها وما بطن

اللهم احفظ مصر من الفتن؛ ما ظهر منها وما بطن

رابط هذا التعليق
شارك

صحيح أنا غير موجود بمصر الان.. لكن أعتقد و الله أعلم أن الأمر ليس بهذه السوداوية التى يتحدث بها د/ نبيل

ما يحدث طبيعى لشعب مثل أحد الافلام الامريكية التى شاهدتها قديما عن مسجون وضعوه فى حفرة لا تزيد عن متر ارتفاعا و بعد سنين

عديدة خرج و هو يمشى منحنى القامة ,, فقط انتظروا مع الوقت ستعتدل قامته .

c4832be5eeb0a365c14df83fd90f8827.jpg
رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...