سمير حسن الهواري بتاريخ: 29 يوليو 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 29 يوليو 2011 الرائحة سمير حسن الهواري أخوك ؟ فاجأني الصوت ، فتقاطع مع النفس العميق الذي سحبته من سيجارتي ، وأنا أسند أثقالي على حائط الردهة المظللة بأنفاس المرضى ؛ إلتفتُّ إلى أسفل اليسار ، حيث مصدر الصوت ، أخوك ؟ قالتها مرة أخرى مستفسرة ؛ كانت قد افترشت الرواق الفاصل بين الردهات ممسكة بلفافة من النوع الرخيص راحت تنفث دخانها ببطء ساهم وهي ترسل لي نظرة حركت بها هدوئي المتعب . قلت وأنا أتفحص كمية اللحم الهائل الذي كانت تحمله : إنه صديقي ، وأنتِ : من يكون الرجل ؟ أهو أبوكِ ؟ إبتسمت ، فشعرت بملاحتها تقفز من بين ملامحها المكتنزة ؛ كنت أعلم أنني أرضي غرورها بهذا السؤال !! إنني الرابعة كما أنني الأثيرة لديه ، كنت أتمنى أن أكون الوحيدة ، هو صديق لأبي ومن عاداتنا أن نوافق دائما على ما يقرره الأب ، نصيب ، قالتها بحسرة والدخان الرخيص يتصاعد متلويا كأفعى على أنغام ساحر هندي عجوز ؛ ألستِ سعيدة ؟ قلت وأنا أكمل العزف على الأوتار التي بسطتها أمامي دون تحفظ ، لم تجب على سؤالي واستطردت وهي تنظر من خلال فرجة الباب على الجسد المدد فوق السرير ؛ لقد أجرى عملية البروستات ، كما أنه يعاني أزمات في التنفس ؛ كنا في ذلك الوقت الذي يعقب فترة الغداء ، حيث يندر مرور العاملين ، ويلجأ المرضى والمرافقون إلى قيلولة هادئة لا يشق سكونها سوى سعلات جافة تأتي من هنا أو هناك . قامت من مكانها متلفتة وهي تسألني : ألست متزوجا ؟ ثم أضافت وهي تنظر في عينيّ : لم أر نساء يأتين لزيارتكم !! إبتسمت ، وأنا أهز رأسي وقد استراحت عيناي على شفتيها ؛ نظرت إليّ نظرة ظافرة ، واستطردت وهي تضغط على كلماتها : كيف تعيش هكذا ؟ قالتها وهي تقترب مني ، شعرت برائحتها تتسلل نحو حواسي عازفة على أوتار الجوع الكامن في أعماقي ؛ مشت أمامي وهي ترسل إليّ نظرة مدتها من فوق كتفها ؛ تتلوى في مشيتها ، فشعرت بحيواني الجائع يسحبني دون تردد ؛ وصلنا إلى مكان نأى بنفسه عن الأنظار العابرة ، سحبتني من يدي ، ووضعت كفيها الدافئتين على وجهي ، كانت ترتعش كمن أصيب بالحمى ، كنت جائعا ، وكانت المائدة مفتوحة أمامي ، ضمتني إلى صدرها بقوة ، ماءت قطة أيقظها دوران الأقدام المتسارع ، ضمتني أكثر ، خرقت أذنيّ سعلات يابسة تعقبها أنفاس متلاحقة تحاول أن تتعلق بخيوط الهواء ، شممت رائحة الطعام الفاسد ، هززت رأسي محاولا طرد هذه الرائحة ، ضمتني أكثر ، تصاعد السعال وشعرت أن الأفواه المفتوحة تحاصرني القطة ماءت ، أكثر ، سعال ، سعال ، أنفاس تعلو وتهبط ، مواء ، مواء ، إرتعاشات تفرز رائحة كريهة إبتعدي ، قلت وأنا أزيح وجهها من فوق صدري ، تراجعت مندهشة ، كان صدرها يعلو ويهبط في انفعال مسعور ، أنفاسها تصدر فحيحا ملهوفا ، إبتسمت نصف ابتسامة ، ومدت كفيها لتحيط بوجهي ، إبتعدي المكان به رائحة كريهة ، قلت وأنا أسابق نفسي إلى الداخل . وجدته ممددا أمامي بجسده الضخم وكتفيه العريضتين ، كانت ملامح وجهه وشاربه الكث تنبئان عن رجولة ومجد زائل ؛ أسرعت إليه بقدح الماء وأنا أربت على صدره ، ابتسم لي بمودة وطيبه حقيقية لمَ تأكل كثيرا أيها الرجل الطيب ؟ إنتبه إلى نفسك ، فالطعام الكثير يؤذي صاحبه . . . رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان