اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الساعات الأخيرة بين مبارك وطنطاوى


التونسى

Recommended Posts

كان بيان المجلس العسكرى يوم 2 فبراير والذى يؤكد فيه مطالب الشعب برحيل مبارك بداية النهاية فى العلاقة بين الرئيس مبارك والمشير طنطاوى.. وكما تردد فإن مبارك عاتب المشير على البيان.. واعتبره مبارك موجهاً ضده فى المقام الأول.. ويبدو أن الصراع بدا فى تلك اللحظة الفارقة والتاريخية يحتدم.. ويبدو أيضا أن الرئيس السابق مبارك كان مغيباً وأن من حوله لم يفصحوا له عن فداحة الأمر.. فقد حكى لى الوزير السابق فاروق حسنى أنه يوم أن ذهب لتقديم استقالته اتصل به الرئيس السابق مبارك وأخذ يداعبه فى التليفون ويسأله بقهقهة (هل صحيح أن الحرامية دخلوا منزله، ويستطرد مبارك قائلا لحسنى إنهم صوروه بالأقمار الصناعية وهو بيحاول أن يركب لنش للهروب من المنزل).. وما فاجأنى به فاروق حسنى فى حوارى معه عندما قال لى إن مبارك قال له هو إحنا مش حنفتتح معرض الكتاب بكره فرد عليه حسنى قائلا لا يا أفندم احنا اعتذرنا لجميع العارضين وسافروا.. ثم إنى بكره مش هاكون وزير ثقافة.. وأنهى حسنى كما حكى لى مكالمته مع مبارك وهو مندهش.. لأن مبارك يتحدث معه وكأن شيئاً لم يحدث رغم أن البلد ملتهب والمظاهرات تملأ الشوارع.. ويبدو أن ما شعر به فاروق حسنى شعر به أيضا المجلس العسكرى.. حيث يبدو أن مبارك كان فى وادٍ ومصر كلها فى وادٍ آخر.. نعود لمبارك والمشير طنطاوى فقد بات واضحاً أن المجلس العسكرى قد رجح كفة الشعب على مبارك القائد الأعلى.. على الرغم أن قسم اليمين لضباط الجيش يؤكد ولاءهم للقائد الأعلى للقوات المسلحة.. لكن انهيار الأمن وعدم قدرته على احتواء الأزمة فى مصر.. وخروج الملايين أكد للجيش أنه يجب أن يكون مع الشعب وليس مع القائد الأعلى، وبالطبع كان هذا القرار محفوفاً بالمخاطر.. لأنه لو كانت الثورة فشلت وعاد مبارك للسلطة.. كان أول شىء سيقوم به هو محاكمة المشير طنطاوى ورفاقه.. وبعد موقعة الجمل بات خلاف المشير مع مبارك واضحاً للجميع.. ويبدو أن فى هذه اللحظات بدا جمال مبارك يلعب دوراً فى الإطاحة بالمشير طنطاوى.. فتردد فى ذلك الوقت أن هناك قراراً جمهورياً قد صدر من مبارك الأب بإيعاز من مبارك الابن بإقالة المشير طنطاوى، ورئيس أركان الجيش سامى عنان وتعيين قائد الحرس الجمهورى بدلا منه.. وأن هذا القرار أرسل للتليفزيون المصرى لإذاعته.. إلا أن رئيس قطاع الأخبار فى ذلك الوقت اتصل بمدير الشؤون المعنوية وعرض عليه الأمر وبالفعل لم يذع القرار.. وبناء على هذا التصرف كان هناك رد عاجل من المجلس العسكرى من خلال بيان أذيع وكان ملقى البيان هو اللواء إسماعيل عتمان، رئيس الشؤون المعنوية، أكد فيه دعم المجلس العسكرى لثورة الشعب.. وهذه المعلومات توافرت لدى ولدى آخرين من خلال تسريبات صحفية ولكن لم يخرج مصدر رسمى حتى الآن ليؤكدها، لكن تصاعد الأحداث يؤكدها.. وفى اليوم التالى لهذه الواقعة زار المشير طنطاوى المنطقة المحيطة بالتليفزيون وشاهده الجميع وهو يربت على كتف أحد العساكر من الحرس الجمهورى ويشد من أزره.. فى تلك الأوقات كان اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات يتصل بمبارك يوميا ويطلب منه أن يترك البلاد إلى الخارج.. وقد باءت جميع محاولات سليمان لإقناع مبارك فى ترك السلطة والسفر إلى الخارج إلى ألمانيا تحت مسمى العلاج فى هايدلبرج بالفشل.. عندما قرر المشير طنطاوى أن ينحاز للشعب والشباب فى ثورته كان ميقناً أن نفس الشعور الموجود لدى الشباب فى ميدان التحرير موجودا أيضاً لدى شباب الضباط فى داخل القوات المسلحة.. وكان المشير يعى تماما أن ضباط الجيش لن يتورطوا فى إطلاق النار على الشعب المصرى.. وكان الإحساس الغالب على أعضاء المجلس العسكرى أن هناك ديناً يجب رده للشعب المصرى الذى تحمل عار الهزيمة وعودة الجيش مهزوما فى حرب 1967، ومع ذلك لم يحاسب الشعب جيشه على ذلك.. هذا الشعور جعل الجيش وقادته يدركون أن الشعب المصرى العظيم لا يستحق منهم إلا كل حب وتقدير.. لذا فقد بات واضحا أن الجيش المصرى بقادته وضباطه وجنوده مع الشعب ضد مبارك.. وجاءت اللحظات الأخيرة.. وعقب رفض مبارك الانصياع لنصيحة عمر سليمان بترك البلاد.. سمحت القوات المسلحة للمواطنين بالذهاب إلى مقربة من منزل مبارك ليسمع بأذنه الشعب وهو يقول له «ارحل».. وأتصور أن هذه اللحظات هى الحاسمة فى هذا الصراع.. لأنها ما هى إلا سويعات قليلة.. واتصل مبارك بالمشير طنطاوى، كما تردد، وأبلغه أنه سيترك قصر الرئاسة إلى شرم الشيخ.. وفى نفس الوقت طلب من عمر سليمان إلقاء بيانه بتخليه عن السلطة.. وفى نفس اليوم اصطحب أحد قادة القوات المسلحة مبارك فى طائرة هليكوبتر متجها إلى شرم الشيخ.. وبذلك حسم الصراع لأول مرة لصالح المشير والشعب ضد الرئيس.. وإن كانت الأوضاع السياسية مغايرة تماما لما حدث من قبل بين ناصر وعامر والسادات وأحمد بدوى ومبارك وأبوغزالة.. ففى هذه المرة خرج الشعب المصرى لإسقاط النظام وإذا لم يكن الجيش منضما للشعب وكان فى نفس القارب فإن ذلك يعنى لكل من هو مبصر ومتفهم لطبيعة الأمور.. أن هذه الثورة الشعبية كانت ستتحول إلى انقلاب عسكرى.. لذا فإن قرار المشير ورفاقه بالانحياز لثورة الشعب ضد مبارك، رغم العلاقة التى تربطهم ببعضهم البعض، كان قراراً وطنياً سليماً ولن ينساه التاريخ.

عمرو الليثي

المصري اليوم

http://www.almasryalyoum.com/node/483366

تم تعديل بواسطة Mohammad
إضافة المصدر

اللهم أرنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه

و أرنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه

آمين آمين آمين

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...