Gharib fi el zolomat بتاريخ: 5 أكتوبر 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 5 أكتوبر 2004 أيـن نقف بالضبــــط؟! بقلم : فهمـي هـويـــدي منذ وعينا علي الصراع العربي ـ الإسرائيلي, الذي كتب علي الفلسطينيين أن يخوضوه نيابة عنا, لم يخطر لأحد منا أن يسأل أين يقف العرب, باعتبار أن جانب الاصطفاف هنا من البديهيات التي لا تحتاج الي سؤال, ولكن بعدما أصبحت بديهيات كثيرة بحاجة الي إثبات, وبعدما لاحت في أفق الصراع بوادر عدة مقلقة ومحيرة, فقد وجدت أن الحاجة باتت ملحة لطرح السؤال: أين حقا يقف العرب (1) لم أصدق عيني في ذلك الصباح(9/28), حين قرأت تصريحا أدلي به أحد وزراء الخارجية الخليجيين في نيويورك, قال فيه إن لقاءاته مع وزير الخارجية الإسرائيلية أمر طبيعي, وقعت علي الكلام في عنوان الخبر, وظننت لأول وهلة أن ثمة خطأ مطبعيا, فسارعت الي قراءة التفصيلات الواردة تحته, لكني وجدت أن مضمونها مطابق للعنوان, أعدت القراءة حتي أتثبت من انطباعي, فتأكد لدي أن العبارة صحيحة, لم تبارحني الدهشة, فاحتفظت بالقصاصة وانتظرت أربعة أيام, ممنيا نفسي بقراءة تكذيب للتصريح أو حتي تخفيف أو تصويب لصياغته, ولكنني كنت أشعر بالخيبة في كل يوم!. ظللت غير مصدق لبعض الوقت وأنا أتمتم: منذ متي في دنيا العرب كانت مصافحة وزير خارجية إسرائيل واللقاء معه أمرا عاديا وطبيعيا. وأنا أفتش في صحف اليوم التالي9/29, وقعت علي خبر آخر هيج مشاعري, فقد بث تليفزيون بي.بي.سي مشهد مصافحة وزير الخارجية البريطانية جاك سترو, لرئيس زيمبابوي روبرت موجابي, في اثناء حفل استقبال أقيم في الأمم المتحدة علي شرف رئيس جنوب إفريقيا, ولأن الحكومة البريطانية لديها تحفظاتها علي سياسة الرئيس موجابي الداخلية, الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي الي حظر دخول أعضاء حكومته الي دول الاتحاد, فإن واقعة المصافحة أحدثت لغطا واحتجاجا داخل بريطانيا, وإزاء ذلك اضطر جاك سترو لأن يشرح لمواطنيه ملابسات المصافحة قائلا: إنه لم يتوقع وجود الرئيس موجابي في الحفل, ولكن الذي حدث أنه كان يقف في مكان معتم تماما, ووجد نفسه يصافح شخصا ما من قبيل الكياسة, ثم اتضح أن هذا الشخص هو الرئيس موجابي! لم أستطع أن أمنع نفسي من المقارنة بين المشهدين, إذ في حين يفصل بين العرب وبين إسرائيل بحر من الدم مليء بجثث الفلسطينيين الذين يذبحون وتهدم بيوتهم كل يوم, فإن المسئول الخليجي الذي لا علاقة مباشرة ببلده بالصراع اعتبر أن مصافحته لوزير الخارجية الإسرائيلية ولقاءاته معه شئ عادي, بالمقابل فإن ما بين بريطانيا وزيمبابوي مجرد خلاف سياسي حول مصالح ملاك الأراضي من البيض, فضلا عن بعض الانتقادات لسجل الرئيس موجابي في مجال حقوق الإنسان والفساد السياسي, ومع ذلك فإن وزير خارجية بريطانيا اعتبر المصافحة شيئا غير عادي, واضطر لتبريرها بعنصر المفاجأة, والعتمة التي لم تمكنه من التعرف علي حقيقة الشخص الذي صادفه. أشعرتني المقارنة بخليط من الإحباط والحزن, تضاعف حين تتبعت شواهد أخري في أفق العلاقات العربية ـ الإسرائيلية. (2) رغم أن الحاصل في العراق لا يفاجئنا, إلا أن ما يتسرب منه وعنه يصدمنا بين الحين والآخر, لا يفاجئنا لأن الطبقة السياسية العراقية التي جاءت علي الدبابات والطائرات الأمريكية, مرت بالبوابة الإسرائيلية بمجرد عبورها البوابة الأمريكية, وهو ما ينطبق علي جميع السياسيين والمثقفين العرب, الذين التحقوا بالمركبة الأمريكية وذابوا في سياستها, وهم الذين أصبح يطلق عليهم في مصر وصف المارينز العرب. إخواننا هؤلاء حين تسلموا مقاليد الأمور في بغداد, كانوا قد رتبوا أمورهم سلفا مع الإسرائيليين, ولم يعد ينقص الفيلم سوي الإخراج فقط, مثلا, نشرت الواشنطن بوست بعد أسابيع قليلة من سقوط النظام البعثي, أن السيد أحمد جلبي زعيم حزب المؤتمر الوطني علي علاقة مع الإسرائيليين منذ عام1992, وأنه زار تل أبيب عدة مرات تحت اسم مستعار, والتقي هناك ـ الي جانب المسئولين الحكوميين ـ ممثلين عن اليهود العراقيين, ولكن حين زار إسرائيل أحد قياديي حزبه( مثال الألوسي مدير هيئة اجتثاث البعث) في الشهر الماضي, فإن ذلك اعتبر إرباكا لعملية الإخراج وإحراجا لقيادته, ولذلك فإن الحزب علق عضويته وطرده من منصبه, وهو يبرر زيارته لإسرائيل قال إن المصلحة الوطنية تقتضي فتح حوار معها, باعتبار أنها دولة استراتيجية علي الحدود العربية العراقية, مثلها مثل إيران وتركيا, ثم انها حليفة لأمريكا التي هي حليفة للعراق, لم يشر صاحبنا الي فلسطين بكلمة( وهو الأمر الذي لم يعد أحد من قادة العراق الجديد يأتي عليه بذلك). قال الرجل ما هو أخطر, حيث ذكر أنه لم يكن أول من زار إسرائيل, لكنه فعلها علنا, بينما الآخرون فعلوها سرا, ثم حث الحكومة العراقية علي أن توضح طبيعة علاقاتها مع إسرائيل, وشدد علي أن السيد إياد علاوي زار الدولة العبرية بصحبة وفد عراقي( لم يذكر متي),والتقي وزير الخارجية هناك, مضيفا أن ذلك يعني أن العلاقات بين الجانبين لا تشوبها شائبة) ـ( الحياة ـ9/28). وخزتني الكلمات الأخيرة, لأنها جاءت متطابقة في معناها مع ما قاله الوزير الخليجي عن لقائه مع الوزير الإسرائيلي, واعتباره أن اللقاء معه شيء عادي! برغم إدراكي لخلفية قادة العراق الجديد, فقد قلت ان كلاما مثل هذا يصدمنا ويوجعنا حين يصدر في بغداد, تماما مثل الموت الذي نعرف انه قادم لا محالة, لكنه حين يقع يصيبنا بالأسي والفجيعة, قل مثل ذلك عن جوازات السفر التي أعطيت لإسرائيليين هاجر أهلوهم من العراق قبل عقود, عن أنشطة أكثر من مائة شركة إسرائيلية اخترقت السوق العراقية, ناهيك عن أنشطة الموساد الذي صار له مركز في كل ولاية أو مدينة كبيرة.. الي غير ذلك من الشواهد التي تدل علي أن القول بأن العلاقة المستجدة بين الجانبين لاتشوبها شائبة لا مبالغة فيه أو ادعاء. (3) الشيء الذي لم أفهمه هو, كيف تزداد إسرائيل توحشا واستعلاء كل يوم, في حين يزداد التعاون الاقتصادي بينها وبين الأقطار العربية عاما بعد عام, ولابد أن يصاب المرء بالدهشة حين يري الجدار العنصري يلتهم الأرض الفلسطينية ويشرد الآلاف من البشر, ويكتسح البيوت والزراعات, ثم وهو يري إسرائيل وقد استباحت الضفة والقطاع وافترستهما بمنتهي القسوة, ويتوقع ازاء ذلك أن يجمد أو يتراجع مؤشر التعامل التجاري مع العالم العربي, ولكنه يصدم بأن الحاصل عكس ذلك تماما. طبقا لما نشره معهد التصدير الإسرائيلي في8/4 الماضي, فإن قيمة صادرات اسرائيل الي العالم العربي بلغت خلال الربع الأول من العام الحالي85 مليون دولار, بزيادة68% عن العام الماضي, كما أن واردات اسرائيل من العالم العربي وصلت الي42 مليون دولار, بزيادة18%. فيما يخص مصر فإن قيمة الصادرات الإسرائيلية وصلت الي14 مليون دولار, بزيادة40%, أما واردات اسرائيل فقد وصلت قيمتها الي15 مليون دولار, بزيادة35% في حين زادت الصادرات الاسرائيلية الي الأردن68% والي دول الخليج بنسبة10%, فإن نسبة الصادرات الي المغرب زادت بنسبة100%, أما صادرات اسرائيل الي تونس فإنها زادت200% والبلدان الأخيران ليس بينهما وبين اسرائيل أية اتفاقات سلام أو علاقات دبلوماسية ـ صدق أو لا تصدق! (4) لكن كل ما سبق في كفة, وما يتردد عن التعاون الأمني الإسرائيلي مع بعض الأنظمة العربية في كفة أخري, لفت نظري الي هذا البعد السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس, حين سمعت منه في أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة, أن تعاون بعض الدول العربية مع الموساد الاسرائيلي اصبح أوثق مما يتصور كثيرون, لمست الحركة ذلك حين لاحظت ان الشبان الذين يخضعون للتحقيق من قبل أجهزة الأمن الاسرائيلية في الداخل, تنقل أقوالهم الي بعض العواصم العربية بسرعة, لكي يتم التثبت منها, حين يمر أولئك الفلسطينيون بتلك العواصم, الأمر الذي يوحي بأن محضر التحقيق يفتح في تل أبيب ثم يستكمل في عواصم أخري بالمنطقة. في9/24 نشرت صحيفة الحياة خبرا علي صدر صفحتها الأولي, ذكر أن اسرائيل عقب العملية الفدائية التي وقعت في بئر سبع وراح ضحيتها16 إسرائيليا, وان الاستجابة العربية تمت بسرعة( خلال ثلاثة أيام), حيث تم تزويد الموساد بالملف الذي تضمن, حسب النص المنشور, معلومات مفصلة عن قيادات حماس تحركاتهم وأماكن اقامتهم وصفاتهم الشخصية والمسلكية, اضافة الي معلومات تتعلق بطعامهم وشرابهم, وغسيل ملابسهم وكيها وطبيعة كل منهم ودوره. أضاف التقرير المنشور أن جهاز الاستخبارات الاسرائيلي الذي فشل في اختراق حركة حماس, أراد أن يكون صورة واقعية عن قيادات الحركة, تمهيدا للقيام بعمليات اغتيال وتصفية لتلك القيادات, بهدف إضعاف وشل الحركة التي أصبحت تسبب وجعا حقيقيا لإسرائيل. كان للخبر وقع الصاعقة علي, وظللت غير قادر علي استيعاب مضمونه, وتبين أن ذلك لم يكن شعوري وحدي, لأن صحيفة الوفد القاهرية أبرزته علي صفحتها الأولي في اليوم التالي, واعتبرته خبرا مدسوسا استهدف إحداث وقيعة بين حركة حماس والدول العربية, أراحني التعامل مع الخبر علي ذلك النحو وأعاد الي بعض السكينة. فقلت: أولاد الأبالسة لا يكفون عن تعكير حياتنا بدسائسهم كل يوم. لم يكتب لذلك الارتياح أن يستمر, لأن صحيفة معاريف نشرت بعد ذلك بأيام قليلة( في9/28) الخبر ذاته منسوبا الي صحيفة الحياة تحت العنوان التالي: دولة عربية تساعد إسرائيل ضد حماس, ولم تكتف بإعادة نشر مضمونه, وانما اضافت اليه معلومات مذهلة نسبتها الي مصدر استخباري غربي, خلاصتها ان هذه الخطوة جزء من سيناريو اعادة رسم خريطة الشرق الأوسط, وبمقتضي السيناريو فإن سوريا يفترض أن تقطع علاقاتها بمنظمات المقاومة الفلسطينية وتوقف دعمها للمقاومة العراقية, ثم تنخرط في مسيرة التطبيع مع اسرائيل, وتبدأ معها مباحثات لحل مشكلة احتلال الجولان, ومن شأن هذا التحول أن يخرج قيادات منظمات المقاومة من سوريا بحيث لا يصبح لهم ملاذ سوي طهران, واذ يفترض في هذه الحالة أن سوريا ستفك ارتباطها بإيران, فإن هذه الأخيرة سوف تعزل في المنطقة, الأمر الذي سيؤدي الي اضعاف موقفها في العراق. ويفترض لذلك السيناريو أن ينتهي بتهدئة الأوضاع وإضعاف المقاومة العراقية, الأمر الذي يراد له أن يتم قبل التصويت علي انتخابات الرئاسة الأمريكية, لكي يصب الانجاز في هذه الحالة لمصلحة الرئيس بوش وفرصته في الفوز,واذا سألت ما هو المكسب الذي يجنيه الطرف العربي من وراء القيام بهذا الدور, فإن الرد حسب تقرير معاريف هو انه وراء العملية صفقة تعزز المكانة في واشنطن, وتؤمن المستقبل علي الجانب الآخر. ظللت عند شكي فيما يصدر عن أولاد الأبالسة, وتمسكت برفضي لتصديق الكلام, فدفعت بالتقرير الي أحد مراجعنا في المهنة وفي السياسة وقلت: هل هذا معقول: فجاءني صوته مشحونا بالحسرة والمرارة وهو يقول: الأمر أفدح مما تتصور! أصابني الرد بالغم والاكتئاب! (5) مازلت عند تصوري البسيط في أنه حين يخوض الفلسطينيون صراع الأمة ضد مشروع الهيمنة الإسرائيلية والأمريكية بالتالي, وحين يصبح أمننا القومي في خطر اذا ما حدث الانكسار الفلسطيني في ذلك الصراع, فإن الموقف العربي ينبغي أن يظل محسوما ـ وبلا تردد ـ الي جانب مصالح الأمة العليا أو من ثم الي جانب الصف الفلسطيني, وقد تعلمنا أن للانحياز المفترض في هذه الحالة درجات, أدناها وأضعفها شأنا هو ما تعبر عنه القاعدة الاصولية التي تقول: إنك اذا لم تكن قادرا علي إحقاق الحق, فلا تكن عونا للباطل, واذا كان ذلك واجبا في الامور العادية التي تتعدد فيها الخيارات, فانه يصبح أوجب حين يتعلق الأمر بالمصير والوجود. قلت هذا الكلام لبعض من أعرف, فقال لي: انس كل ما تعلمته في الموضوع, فقد تغيرت الدنيا وانقلبت الأمور والمعايير رأسا علي عقب, وهو منطق مازلت أقاومه وأرفض تصديقه, بل أزعم أن التسليم به هو دعوة للانتحار. هل من بصير يبدد حيرة المرء, وهو يري كل ذلك ويسمعه ويجيب عن السؤال: أين يقف العرب الآن, وهل يسيرون في طريق السلامة أم في طريق الندامة؟. وأنا أنتظر الاجابة, ترن في أذني كلمات ابن الاثير وقد استهول اجتياح التتار لديار الاسلام منذ ثمانية قرون, إذ بعد أن سجل الكارثة قال: ياليت أمي لم تلدني, وياليتني مت قبل حدوثها وكنت نسيا منسيا. وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ لقد کفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثه رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان