عشتار بتاريخ: 9 أغسطس 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 9 أغسطس 2011 (معدل) لا شىء سيكون هنا غير مذكرات قد لا تهمكم كثيرا .. لأنها ببساطة عادية جدا أشياء تخصنى حوداث أفكار مواقف وعادات سوف أكتب عنها وكتابتى لن تكون خارقة للمعتاد ولن تحمل مفاجآت من أى نوع فأنا لا أجيد طقوس الأبجدية كثيرا وحياتى - كما أظن - حياة عادية جدا مثل حياة أى امرأة تعيش وتتعايش .. تخوض غمار الحياة بحلوها ومرها وتتذوق من الكأسين معا فلا تهتموا كثيرا .. كل ما أستطيع أن أعدكم به أننى سوف أنشر شراع البحث والتأمل لا أكثر كعادتى ..ومنذ كنت طفلة أنظر حولى وأرى ما فى داخلى أرتب المعانى وأعمق الألوان أجرى فى نهر الحياة أجرى .. كما كنت أجرى دائما ولا أزال أحن للرسو على مرفأ قادر .. يمكننى من الإحاطة بألوان كينونتى كلها مرفأ آمن .. من تلك المرافىء العالية والأصيلة التى عندما تصل إليها ترى الحقيقة وترى نفسك بوضوح وترى الدنيا كما تستحق أن تُرى مرفأ .. أقترب منه .. ألقى إليه بسفينتى أحاول أن ألتقط فوقه أنفاسى لأقف فى هذا المدار الذى طالما بحثت عنه فوق هذه الأرض التى لا تهتز تحت أقدامى أحاول .. أحاول كثيرا فإذا ما أخرجتنى الأقدار من مدارى ..وأرضى .. طوعا أو كرها لتلقينى على مرفأ آخر فى مدار آخر ..وأرض أخرى أعود راضية مرضية إلى نهر الحياة .. ليجرى بى الشراع من جديد فى أمواجها . . . . . هنا فقط ستكون روحى بينكم ستكون ذات ذاتى فى مدار .. تمنيت كثيرا أن أكون فيه وإليه هو وحده وحيدى ورفيقى ومرفئى الأصيل الأخير والنهائى أهدى .. كل ذكرياتى وحنينى وأنينى كل ما عشته وما زال ينتظرنى وأنتظره إليه .. أهدى روحى كل روحى ( مذكرات امرأة عادية جدا ) تم تعديل 9 أغسطس 2011 بواسطة عشتار رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Salwa بتاريخ: 9 أغسطس 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 9 أغسطس 2011 عشتار. تحيات طيبات. تأملت ما رسمتيه من كلمات ووجدتنى أتذكر انى قلت نفس الكلمات وربما بطريقة مختلفة الحروف .. قلت هنا نفس الشئ...لعله اتفاق غير معلن بين بنات حواء ؟ لماذا نرحل دائما داخل اعماق النفس؟؟؟ لماذا نتخيل ان شراع سفينتنا يتجه دائما نحو أرض صلبة ؟؟؟...الا نخشى الرحيل ؟؟..الا نتوجس من الغد؟؟ من أين اتت لنا منحة او هبة اليقين؟ ولماذا...تكون دائما الكلمات والأسرار (( العادية )) تقبع فى هدوء ثم فجأة نقرر ان نطفو بها فوق سطح يسطع..ثم...نهديها لمن نحب ؟؟ كتبت كثيرا فى تأملاتى اليومية ...ولم أكتب شيئا لشخص بذاته.( كلمات اهداء ) اتعلمين لماذا يارفيقة القلم.؟؟ لأنها تأملاتى أنا...وآرائى أنا ....وتفكرى أنا .. أحكيها لتكون مجرد نبراس على طريق الحياة اليومية ...لكن؟؟ تظل دائما مهداة منى ..الى.. الى نفسى . اهدى حياتى وايامى الماضية الى ...لحياتى الآتية . ف انتظار المذكرات ..وبالتأكيد لن تكون مجرد مذكرات لأمرأة عادية . اتعرفين لماذا؟؟؟......لأنه لاتوجد أى امرأة عادية ...ولا يوجد أى انسان ...عادى. كلنا.. كلنا... كل منا..حالة استثنائية .. ولهذا ..انا فعلا فى انتظار مذكرات استثنائية . دمت بخير... :clappingrose: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء : 93] رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عشتار بتاريخ: 9 أغسطس 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 9 أغسطس 2011 لا أتذكر على وجه الدقة منذ متى وأنا أستيقظ فى هذا الموعد .. وكيف أصبح من عاداتى المقدسة والأصيلة ..ولا أعى كذلك .. فى ذاكرتى منشأ لهذا الموعد الباكر ..السادسة صباحا .. كيف تسلط علىّ وأعتدته بمثل هذه الطريقة ..وصرت لا أفتأ أبدا استيقظ من نومى كل يوم فى تمام السادسة .. أدين بهذه العادة - كما أعتقد - بشكل كبير لأبى ..هذا الرجل الروحى برغم شدته ..كان دائما يستيقظ فى الفجر .. يجد متعة مثيرة ودائمة فى اليقظة فى جوف الليل .. يمارس فيه طقوسه الروحية التى كان يفتتح بها يومه دائما والتى كنت - أنا أيضا - أنفر منها قليلا فى سنوات عمرى المبكرة .. فللنوم فى هذه الفترة سلطان قوى وأنا ..أنا ..ليس لى شأن بموعد استيقاظ أبى ..ولا تلزمنى تلك الأصوات التى كانت تزعج منامى ..!! وحدث أن انقلب الأمر بعد فترة وجيزة للعكس تماما .. وأصبح من عاداتنا - للأسرة كلها - أن نستيقظ مع أبى ليس فى الفجر تماما ولكن فى حدود السادسة ..بعدها أو قبلها بقليل .. وأضحت الساعة السادسة من العادات الأساسية المحببة لنفسى والتى لازمتنى حتى اليوم ..بروحانيتها وشروقها الربانى وصفاء أجوائها ..حتى لا يمكننى أبدا أن أنعطف عنها يمينا أو يسارا .. أما مع أبى .. وفى هذا الوقت المبكر من العمر ..وبعد محاولات لكى نثنيه عن هذا الإزعاج فى الفجر والذى يوقظنا شئنا أم أبينا ..لم ننجح فى الحقيقة وإنما شعرنا بمرور الوقت بالأنس والألفة وارتبط هذا الموعد فى ذهنى بالخصوص بالنقشبندى والإذاعة وكلمتين وبس وبالسلامة يا حبيبى بالسلامة ..لا أعتقد أن مثل هذه البرامج الإذاعية التى أعتدناها وأحببناها يمكننا أن ننساها فى يوم من الأيام .. واستمرت عادة الإستيقاظ السادسية بجدارة وانضباط حتى إذا جاء اليوم - نادرا ما كان يحدث - الذى لا يصحو فيه أبى ويوقظنا مع سبق الإصرار والترصد ليمارس طقوس صباحه المزعجة قليلا ..الأليفة كثيرا ..كنت أشعر شخصيا بشىء غريب ..شىء مريب ..وكأنه يوم غير اليوم ولا يمكن أن يحسب من ضمن الأيام ..تلك التى اعتدت فيها على أصوات أبى وهو يصلى ..ويقرأ القرآن ..وهو ينبش عن حاجياته وأشياؤه ..وهو يصنع شايه ويعد لنا ما يستطيع من الفطور مع أمى .. آه .. بعدما يكبر الصغير ..ويصير الكبير صغيرا وحيدا .. تبقى الآثار على نفوسنا باقية .. تلك الآثار التى تربينا عليها ..وتشكلت فينا . ربما ليس بإرادتنا تماما ..فنحن لم نكن نملك الإختيار .. وكيف نفعل ونحن نكون وقتذاك مثل العجينة النقية الطرية التى يشكلونها هم بطريقتهم وعلى أفكارهم وعاداتهم مثلما يريدون ..ثم نجد أنفسنا هذه التشكيلة التى أرادوها لنا .. وبصرف النظر على أن الساعة السادسة تصلح كمثال أم لا ..أجد أن كلنا هكذا ..كلنا نخرج من رحم بيئة وأفكار وتصورات تخص كينونة الأب والأم والمجتمع كله ..نخرج للحياة مراهقين تشكلوا فى هذا الجو من نتاج شخصيتيهما وشخصية المجتمع العامة .. شىء خطير لاشك اذا ما تأملنا الحال وأدركنا كم هى مرتفعة نسبة الجهالات الشخصية فى المجتمع ودرجة رقى المجتمع نفسه أو تأخره !! وبرغم أننا نمتلك حريتنا فعلا كما ندعى .. أجدنى أتساءل هل نملك حقا ؟ يظل الإنسان أسيرا لعاداته .. عاداته التى أحبها - ربما - وعرفها ونشأ عليها ..سواء بإيجابياتها أو بسلبياتها.. لا يفكر كثيرا فى حريته اذا ما تلاقت أو تعارضت مع عاداته ..مع المألوف أو غير المألوف ..الحقيقة أننا ننمط أنفسنا بعدما نمطنا الآخرين المقربون وبعدما نمطهم من قبلهم آخرين ..وهكذا هى الحرية فى مجتمعنا ..رحلة تنميط قسرية مجتمعية لا يشذ عنها سوى الجرىء والشجاع والذى يمتلك قدرا من الوعى والفهم على أن يصحح مساره الفردى ومسار الآخرين الجمعى اذا تمكن من ذلك وأصر على التصحيح .. المهم فى النهاية أننى أتبع نفس الطقس المقدس الذى نشأت عليه لليوم ..ولا أحيد عنه أبدا ولست أدرى هل هو نوع من الإخلاص ..أم هى العادة ..أم شىء آخر .. هل هذا مرتبط بأحباء رحلوا عنا وتركوا لنا طقوس الموعد ..وذكرياته العزيزة ..فنفعل بنوع من العزاء.. بالبقاء فى نفس الأجواء السعيدة القديمة ..لست أدرى ! ربما نشعر أننا نود لو أن نسير على نفس الخطى .. لأنها كانت آمنة وطيبة ..مجربة ..وكانت التجربة مثمرة فلم تكلفهم الكثير ..أو ربما تلمسا لبركة ايام بريئة .. ومفتوحة ..أو هو الحنين للماضى كما أفعل الآن !!! أستيقظ فى السادسة ..فجأة وبلا مقدمات واضحة أجد نفسى صاحية فى فراشى .. ساعتى البيولوجية دقيقة جدا ..لم تتخاذل عن مهامها فى يوم من الأيام ..ولا يوم من الأيام ..فحتى لو نمت مثلا متأخرة أجد نفسى فى تمام السادسة .. أوه .. وبكامل هيئتى النشطة مثل عفريت لا يهدأ أبدا ..!! لا تخطىء ساعتى البيولوجية موعدها أبدا بل وترفض دائما أن تعطينى وقت إضافى عند اللزوم !! سأعود حتماً رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عشتار بتاريخ: 9 أغسطس 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 9 أغسطس 2011 عشتار. تحيات طيبات. تأملت ما رسمتيه من كلمات ووجدتنى أتذكر انى قلت نفس الكلمات وربما بطريقة مختلفة الحروف .. قلت هنا نفس الشئ...لعله اتفاق غير معلن بين بنات حواء ؟ لماذا نرحل دائما داخل اعماق النفس؟؟؟ لماذا نتخيل ان شراع سفينتنا يتجه دائما نحو أرض صلبة ؟؟؟...الا نخشى الرحيل ؟؟..الا نتوجس من الغد؟؟ من أين اتت لنا منحة او هبة اليقين؟ ولماذا...تكون دائما الكلمات والأسرار (( العادية )) تقبع فى هدوء ثم فجأة نقرر ان نطفو بها فوق سطح يسطع..ثم...نهديها لمن نحب ؟؟ كتبت كثيرا فى تأملاتى اليومية ...ولم أكتب شيئا لشخص بذاته.( كلمات اهداء ) اتعلمين لماذا يارفيقة القلم.؟؟ لأنها تأملاتى أنا...وآرائى أنا ....وتفكرى أنا .. أحكيها لتكون مجرد نبراس على طريق الحياة اليومية ...لكن؟؟ تظل دائما مهداة منى ..الى.. الى نفسى . اهدى حياتى وايامى الماضية الى ...لحياتى الآتية . ف انتظار المذكرات ..وبالتأكيد لن تكون مجرد مذكرات لأمرأة عادية . اتعرفين لماذا؟؟؟......لأنه لاتوجد أى امرأة عادية ...ولا يوجد أى انسان ...عادى. كلنا.. كلنا... كل منا..حالة استثنائية .. ولهذا ..انا فعلا فى انتظار مذكرات استثنائية . دمت بخير... :clappingrose: سلوى .. مرحبا الحقيقة .. أننا - أنا وأنتِ - واحدتين ..من عشرات ..من تلك الأشرعة التى مهما علت واستقامت لن يحتفظ بها مرفأ على كفاءته .. ولن ينقطع لها ترحال ..وهذا النمط من العيش أو من الحياة هو ما يثرى كل منا بمعرفة صادقة بنفسه .. ويقربه من العلم بجنس الإنسان ..ويصل حواسه بمعنى الوجود وشهوده ..كما أن هذا هو طبع الحياة الأصيل وأجد أنه لا مناص من الخوض فيه ونيل مكافأته وحصد متاعبه أيضا ..فهكذا الحياة تعطينا وتأخذ ..ونكبر فيها ونحيا ونتعظ ..وهذا فى ذاته ما يوصلنا لمرفأ أخير ..وليقين مؤكد .. والأجمل يا سلوى أننا بالعودة لأنفسنا والنظر فى داخلها بعينين محدقتين كبيرتين ..نبحث فى أشرطة الذاكرة والأيام ..نعمل حتى ولو لم ندرى على بناء ذواتنا من خلال سرد التجربة بملمات ومنمنات بسيطة..حيث تتشكل الكلمات والأسرار " العادية " لمعانى أكثر انسانية تتحول للبنات تشارك فى بناء الذات والوجدان .. وهذا ما يعطى لمذكرات انسانية قيمة كبرى ..ولعلنا نفعل فجأة عندما نصل لمرحلة كبيرة من اليقين ومن الخلاص ..عندما نكون قد وصلنا بالفعل لمن لامس فينا جدار انسانيتنا هذا ..لمن أصقل تلك اللبنات فى دواخلنا ..لمن شعرنا أنه ساعدنا على الوقوف فوق الأرض الصلبة بالمعنى الآمن .. المتحركة دائما بالمعنى الدافع على التعلم والإكتساب .. لا أحب أن أطيل هنا كثيرا ولكننا دائما نهدى هدايانا لمن نحب كتعبير عن الامتنان والتقدير والفضل ..هذا ببساطة .. ونهدى أنفسنا كلها لمن يستحق عندما نلقاه ونكتشف أنه ساندنا وشجعنا وأكثر ..أكثر كثيرا ..وهذا لا يتعارض بالتأكيد مع كون المذكرات هى من نفسى ولنفسى وله وللناس جميعا ومسار حركة التدوين الحميمية كلها .. أهديها لنفسى يا عزيزتى .. فعلا ..فلا فارق بين نفسينا ..أتمنى من كل قلبى أن يجد كل منا نفسه فى يوم من الأيام ليهديها لا أقل من .. نفسه مودتى رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عبير يونس بتاريخ: 9 أغسطس 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 9 أغسطس 2011 و كنت أدرك أنك تشبهينني يا غاليتي خاطرتك مست شغاف قلبي و كأنك تحكين عن أبي و طقوسه أليس هذا ما نحاول الحفاظ عليه دائما و أبدا؟ الحنين يا له من احساس يهز الكيان و ترجف به أعماق النفس ألا يقولون أن كل فتاة بأبيها معجبة ألا نبحث في رحلتنا عمن يشبهه؟ نعم أبي يعني الأمان والحنان و الحماية و رجلي هو من يحقق لي ذلك و متى ما وجد هذا الرجل أو ظهر على السطح تهتز الأنثى بشدة في الأعماق وتطفو على السطح بكل الحنان و العطاء فمثل ذلك الرجل هو وحده فقط من يستحق الأمومة بكل ما تحمله من عطايا عجيبة تلك الحلقة التي ندور فيها أب لي هو و أنا أم له ما أجمل الأدوار التي نلعبها في هذا الكون و ما أشد تنوعها و عمقها و ما أجمل أن نكتشف ذواتنا بدهشة متناهية لنرى أننا نشبه بعضنا كثيرا جدا مهما اختلفنا و تنوعت طبائعنا وما أحلى شعور الاحتياج لما يكملنا و تهدأ به أرواحنا أوجده لنا خالقنا لنعرف معنى السعادة حين نحتاج ثم نحصل على ما نحتاجه ثم نعرف الألم في فراق ما نحتاجه لندرك بعدها ونتعلم ألا نكابر في احتياجاتنا ونتعلم أن نحافظ على أشياءنا الثمينة ولا نفرط فيها و يا لها من نعمة رزقنا بها مولانا أن هناك دوما فرصة أخرى للحياة فالابتلاء دائما ما يتلاشى متى ما أدركنا و تعلمنا و بات لدينا استعداد للبدء من جديد أعد شحن طاقتك حدد وجهتك و اطلق قواك رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
أثر الطائر بتاريخ: 10 أغسطس 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 أغسطس 2011 خفقة في حضرة السحر دقة خجلى على بوابات ممالكة العلوية إعلان حضور ممزوج بالرهبة لابد أن كل قارئ لعنوان الموضوع سيحاول أن يجد تفسيره الخاص لعبارة "امرأة عادية جدا".. بالتأكيد سيسأل ذاته عن حال المرأة العادية ومعاني هذه "العادية"؟ ولماذا هذا الحرص على التأكيد بـ "جدا" تنضاف إليها؟.. وكما أن لفظة "العادي" تثير لدى البعض ظلالا سلبية وتثير لدى آخرين ظلالا من الإيجابية.. فهو ما سيستدعي انطباعا أوليا بإثبات مؤكد للمعنى المقصود في العنوان من قبل البعض (أي الاتفاق على العادية) وأيضا نفيا له من قبل آخرين نفيا مؤكدا كذلك (أي رفض هذه العادية).. وقد يستفز حس التواضع البادي في قران الكلمتين "عادية جدا" أناسا فيرون فيها إدعاء (هو ليس موجود) أو بعض إدعاء (ليس له أثر بالمرة).. وقد يراه الآخرون تواضعا حسنا أو مستقبحا..وبغض النظر عن أن سمة التواضع الجميل من السمات المرتبطة حقا بالشخصية العشتارية التي عرفناها إلا أن هذا الأمر لا يعد حاسما في تصوري في تذوق قارئ للعنوان.. وقد يعمد آخرون – مثلي - إلى تفسير الحضور بالغياب أو قراءة الغياب بالحضور فيرون ببساطة أن : الإثبات يستدعي النفي.. والتأكيد يستدعي الإقصاء.. واختصارا يا عشتار أقول أنك امرأة مدهشة بالمعنى العادي - أو غير العادي - للدهشة.. تملكين حسا لغويا جوهريا جدا..أموميا حقا..عطوفا ببراءة..أنثويا فذا..إنسانيا مؤكدا..وأيضا..بالمعنى العادي - أو غير العادي – لكل هذه المشاعر النبيلة الرفيعة.... أنتي استخدمت كلمة العادي هنا بمعناها البسيط : العادي هو الشائع أو المتكرر أو القابل للتكرار.. وغالبا ما يكون المعنى المعجمي البسيط لأي كلمة هو أكثر المعاني جوهرية.. أكثر المعاني القابلة على بساطتها لبناء المعاني المعقدة.. والـ"عادي" هو لفظ من ألفاظ "الذوق" كما يقول المتصوفة.. ويعني هذا أن الأبعاد الفاصلة بين المواقع المختلفة لفهمه تتسع بدوام التفكير فيه.. وأنه لفظ مولد لما لانهاية له تقريبا من زوايا الرؤية ومواقع النظر وتعدد الدلالات.. وهو ما يدل يا عشتار على أنك اخترت لفظة غير عادية لتؤكدي بها العادية.. وهي لفظة تحمل شحنة مفارقة ذهنية شديدة الكثافة والتميز لأنها توقظ حواس قارئها وترهف ذوقه - طبقا لفهمه الخاص للكلمة وللعنوان - إزاء المدون والمكتوب تحت الكلمة والعنوان.. أريد أن أشير إشارة سريعة خارج الموضوع لكنها دالة جدا في تبيين ما أردت أن أقول بوضوح : كانت كلمة "امرأة عادية" كلمة من كلمات السر في فن الرواية مثلا..بل إنها كانت حجرا أساسيا من أحجار بناء الجنس الروائي الحديث كله.. كان كل مجد وشهرة وانتشار كاتبة مثل "شارلوت برونتي" وكل مجد وشهرة روايتها الخالدة "جين آير" آت من كونها أول رواية تتحدث عن "امرأة عادية" أي امرأة من عامة الشعب..ليست من الملكات أو بنات الملوك..وليس فيها ما يميزها عنصريا أو اجتماعيا عن عامة النساء..لكن فيها بالتأكيد ما يميزها روحيا وإنسانيا كأنثى واحدة..فريدة..خالدة.. ثم إننا نقرأ مثلا رواية هنري ميللر "فتاة عادية" التي يعيد فيها الروائي الأمريكي اكتشاف سحر حياة عادية لفتاة عادية. حقا لم يكن في القصة أمر غير عادي لكن – وهنا سحر الفن ومن قبله سحر الإنسان – لم يكن فيها شيء عادي..بالمرة رأيت يا عشتار أن تؤكدي أن وقائع حياتك يمكن – أو هي فعلا – تحدث للكثيرات في نفس الوقت.. الأمر الذي يمكن أن يكون له فعل مؤكد في نفي غشاوة العادية وضبابية التكرار المستهدفة بالتأكيد في العنوان من عيني القارئ.. فيستشف من العنوان أن ما هو عادي جدا ليس عاديا لهذه الدرجة.. وأن ما يحدث للكثيرين أو الكثيرات يحدث لكل واحد منهم لأول مرة..ببراءته وعفويته..بإنسانيته وسحره وطزاجته.. وأضيفي إلى ذلك مفارقة ارتباط العادية المؤكدة هذه بالمرأة..والمرأة ليست كائنا عاديا لهذه الدرجة في نظر الرجل بخاصة..والأهم أنها ليست عادية أبدا في نظر ثقافة ذكورية تتلون فيها المرأة تقريبا بكل ألوان الخطورة والويل وتتشكل بهيئة المكر والدهاء وتمتاز بالقابلية للتقمص من قبل الشياطين والرغبات والنوازع الشريرة.. وهنا مفارقة أخرى.. وهي أنك اخترت أن تضيفي ذلك كله إلى لفظة "مذكرات" بما تحمله من شحنات الأهمية والتفخيم المرتبط عادة بهذا الشكل من التدوين الذي كاد يكون في الأزمان الماضية مقصورا على الساسة والملوك والفنانين والقواد والمشاهير على العموم.. وبذلك تكوني يا عشتار قد وضعتينا أمام عنوان متفجر بالمفارقات ومتخم بالدلالات على بساطته و"عاديته" الظاهرية.. عشتار إنني لم أتعمد – حين بدأت - أن أستغرق كل هذه المساحة في تحليل العنوان.. لكن هذا ما حدث.. والأكثر أنني لم أنوي أن أقدم بين يدي كلماتك مداخلة سردية أو تحليلية بهذا الشكل.. لكنه سحر "العادي" الذي يمكن أن يأخذ الأشياء بسحر المفارقة إلى المنحى "غير العادي".. وهو أيضا السحر العشتاري العادي المتكرر أو القابل دوما للتكرار.. لكني سأتدارك على مواصلة سرد أفكاري في هذا القالب التحليلي..وسأعود يا عشتار..سأعود كثيرا.. تقريبا لن أتوقف لأن بالموضوع فتنة.. شغف.. ضوء.. حب.. يقين.. قداسة.. تحليق.. إبحار.. تحريض على السباحة تجاه أفق أشمل للذات والعشق.. والتوغل في أعماق إنسانية أبعد للوجود والتلاقي.. ربما حتى كررت هذه العودة التحليلية في مرات قادمة.. لكني أطمع الآن في قوالب أخرى مختلفة لتعليقاتي على مذكراتك التي سأنتظرها بشغف لا مثيل له.. قوالب تناسب أكثر ما بقلبي من فيوضات.. وما بروحي من ارتعاشات.. ما يتداخل في وجداني من معاني ومشاعر وابتهالات.. من بعض ما فجرته في روحي هذه المذكرات العادية التي تخص امرأة عادية.. في الواقع يا عشتار الملهمة.. هي مذكرات غير عادية.. لامرأة غير عادية.. إطلاقا.. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عشتار بتاريخ: 10 أغسطس 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 أغسطس 2011 و كنت أدرك أنك تشبهينني يا غاليتي خاطرتك مست شغاف قلبي و كأنك تحكين عن أبي و طقوسه أليس هذا ما نحاول الحفاظ عليه دائما و أبدا؟ الحنين يا له من احساس يهز الكيان و ترجف به أعماق النفس ألا يقولون أن كل فتاة بأبيها معجبة ألا نبحث في رحلتنا عمن يشبهه؟ نعم أبي يعني الأمان والحنان و الحماية و رجلي هو من يحقق لي ذلك و متى ما وجد هذا الرجل أو ظهر على السطح تهتز الأنثى بشدة في الأعماق وتطفو على السطح بكل الحنان و العطاء فمثل ذلك الرجل هو وحده فقط من يستحق الأمومة بكل ما تحمله من عطايا عجيبة تلك الحلقة التي ندور فيها أب لي هو و أنا أم له ما أجمل الأدوار التي نلعبها في هذا الكون و ما أشد تنوعها و عمقها و ما أجمل أن نكتشف ذواتنا بدهشة متناهية لنرى أننا نشبه بعضنا كثيرا جدا مهما اختلفنا و تنوعت طبائعنا وما أحلى شعور الاحتياج لما يكملنا و تهدأ به أرواحنا أوجده لنا خالقنا لنعرف معنى السعادة حين نحتاج ثم نحصل على ما نحتاجه ثم نعرف الألم في فراق ما نحتاجه لندرك بعدها ونتعلم ألا نكابر في احتياجاتنا ونتعلم أن نحافظ على أشياءنا الثمينة ولا نفرط فيها و يا لها من نعمة رزقنا بها مولانا أن هناك دوما فرصة أخرى للحياة فالابتلاء دائما ما يتلاشى متى ما أدركنا و تعلمنا و بات لدينا استعداد للبدء من جديد أستاذتى المتبحرة فى محيط الدهر والحياة ..صديقتى الغالية عبير .. حظ عظيم أن يحظى الإنسان بمن يلفته إلى قوى ايمانية ..ومثل انسانية عليا غير قوة المال وقوة الجاه الماديتين اللاتين أصبحتا تسيطران على مداخل النفس البشرية هذه الأيام برغم أنهما لم يلبيا احتياجات الإنسان الكاملة النفسية وحتى المادية وكانت النتيجة أن تاه الإنسان .. ولأننى ذات حظ عظيم كما أعتقد بفضل من الله ومِنه ..ولأسباب واضحة فى حياتى ..أعتقد أننى حظيت بمعرفتك هنا وبتلمس مكامن الكنوز الحسية والآدمية فى نفسك السامية التى جعلتنى ألتفت معك إلى قراءات ايمانية عالية الروحية تساعدنا على اكتشاف المراد الإلهى من حوادثنا وحكاياتنا ..فنخرج من الحياة سالميين ..بل أشد قوة وتماسكا.. آنستنى مداخلتك وصدقينى شعرت وكأننى أريد احتضانك وأكثر عندما ترقرق دمع صاف فى العين ..والسبب هو أننا فعلا كما قلتِ فى كلماتك المؤثرة ..نحّن لأن نتلاقى ونتشابه ..نهفو لأن نتآزر .. تصل السعادة لدرجاتها القصوى أظن عندما نربت على قلوب بعضنا البعض ونشعر أن ألمنا واحد وفرحنا واحد..عندما تتلاقى نفوسنا وتجمعنا معالم انسانيتنا الصافية ..على حقيقتها كما أراد الله لها أن تكون ..وربما كان الدمع لأننا صرنا مؤخرا على مستوى الإنسانية أبعد ما نكون عن بعضنا ..تنافرنا وتباعدنا واختلفنا وأهملنا من قيم قلوبنا ونداءاتها ..فأصبح نادرا أن نتلاقى ونتشابه ..وإن حدث ..يكون هذا الحدث حدثا جميلا ومؤثرا .. فعلا نحن متشابهون ..كل البشر متشابهون ..كل البشر خلقوا من رحم واحد ..من ماء واحد ..فى دنيا واحدة وكون واحد ..نحن متشابهون فى انسانيتنا وأصولنا ..ونحن أيضا من نعمل بوعينا أو بجهالتنا على الحذف والتعديل فى خلقتنا الأصلية من خلال مكتسبات وهمية أو حتى عصرية أبعدتنا وغيرتنا ! ولهذا قد يكون البوح الإنسانى والشخصى فى موضوع مثل المذكرات هذه يكتسب قيمة انسانية كبرى لأنه يعود بنا لحقيقتنا ..يجعلنا نرى أنفسنا ونتلمس الطريق لمعانينا الحقيقية .. قيمته ربما فى أنه يجعلنا كلنا واحد ..نفعل شىء واحد ..نشعر بشىء واحد ..ولهذا جاءت لفظه " عادية ..مذكرات عادية " كى تجمعنا أكثر وتقربنا أكثر .. أدعو أن يحفظك وأن تبقى دائما كلماتك تجلى احساسى وتؤثر فى نفسى وتحيينى الإنسان رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عشتار بتاريخ: 10 أغسطس 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 أغسطس 2011 خفقة في حضرة السحر دقة خجلى على بوابات ممالكة العلوية إعلان حضور ممزوج بالرهبة لابد أن كل قارئ لعنوان الموضوع سيحاول أن يجد تفسيره الخاص لعبارة "امرأة عادية جدا".. بالتأكيد سيسأل ذاته عن حال المرأة العادية ومعاني هذه "العادية"؟ ولماذا هذا الحرص على التأكيد بـ "جدا" تنضاف إليها؟.. وكما أن لفظة "العادي" تثير لدى البعض ظلالا سلبية وتثير لدى آخرين ظلالا من الإيجابية.. فهو ما سيستدعي انطباعا أوليا بإثبات مؤكد للمعنى المقصود في العنوان من قبل البعض (أي الاتفاق على العادية) وأيضا نفيا له من قبل آخرين نفيا مؤكدا كذلك (أي رفض هذه العادية).. وقد يستفز حس التواضع البادي في قران الكلمتين "عادية جدا" أناسا فيرون فيها إدعاء (هو ليس موجود) أو بعض إدعاء (ليس له أثر بالمرة).. وقد يراه الآخرون تواضعا حسنا أو مستقبحا..وبغض النظر عن أن سمة التواضع الجميل من السمات المرتبطة حقا بالشخصية العشتارية التي عرفناها إلا أن هذا الأمر لا يعد حاسما في تصوري في تذوق قارئ للعنوان.. وقد يعمد آخرون – مثلي - إلى تفسير الحضور بالغياب أو قراءة الغياب بالحضور فيرون ببساطة أن : الإثبات يستدعي النفي.. والتأكيد يستدعي الإقصاء.. واختصارا يا عشتار أقول أنك امرأة مدهشة بالمعنى العادي - أو غير العادي - للدهشة.. تملكين حسا لغويا جوهريا جدا..أموميا حقا..عطوفا ببراءة..أنثويا فذا..إنسانيا مؤكدا..وأيضا..بالمعنى العادي - أو غير العادي – لكل هذه المشاعر النبيلة الرفيعة.... أنتي استخدمت كلمة العادي هنا بمعناها البسيط : العادي هو الشائع أو المتكرر أو القابل للتكرار.. وغالبا ما يكون المعنى المعجمي البسيط لأي كلمة هو أكثر المعاني جوهرية.. أكثر المعاني القابلة على بساطتها لبناء المعاني المعقدة.. والـ"عادي" هو لفظ من ألفاظ "الذوق" كما يقول المتصوفة.. ويعني هذا أن الأبعاد الفاصلة بين المواقع المختلفة لفهمه تتسع بدوام التفكير فيه.. وأنه لفظ مولد لما لانهاية له تقريبا من زوايا الرؤية ومواقع النظر وتعدد الدلالات.. وهو ما يدل يا عشتار على أنك اخترت لفظة غير عادية لتؤكدي بها العادية.. وهي لفظة تحمل شحنة مفارقة ذهنية شديدة الكثافة والتميز لأنها توقظ حواس قارئها وترهف ذوقه - طبقا لفهمه الخاص للكلمة وللعنوان - إزاء المدون والمكتوب تحت الكلمة والعنوان.. أريد أن أشير إشارة سريعة خارج الموضوع لكنها دالة جدا في تبيين ما أردت أن أقول بوضوح : كانت كلمة "امرأة عادية" كلمة من كلمات السر في فن الرواية مثلا..بل إنها كانت حجرا أساسيا من أحجار بناء الجنس الروائي الحديث كله.. كان كل مجد وشهرة وانتشار كاتبة مثل "شارلوت برونتي" وكل مجد وشهرة روايتها الخالدة "جين آير" آت من كونها أول رواية تتحدث عن "امرأة عادية" أي امرأة من عامة الشعب..ليست من الملكات أو بنات الملوك..وليس فيها ما يميزها عنصريا أو اجتماعيا عن عامة النساء..لكن فيها بالتأكيد ما يميزها روحيا وإنسانيا كأنثى واحدة..فريدة..خالدة.. ثم إننا نقرأ مثلا رواية هنري ميللر "فتاة عادية" التي يعيد فيها الروائي الأمريكي اكتشاف سحر حياة عادية لفتاة عادية. حقا لم يكن في القصة أمر غير عادي لكن – وهنا سحر الفن ومن قبله سحر الإنسان – لم يكن فيها شيء عادي..بالمرة رأيت يا عشتار أن تؤكدي أن وقائع حياتك يمكن – أو هي فعلا – تحدث للكثيرات في نفس الوقت.. الأمر الذي يمكن أن يكون له فعل مؤكد في نفي غشاوة العادية وضبابية التكرار المستهدفة بالتأكيد في العنوان من عيني القارئ.. فيستشف من العنوان أن ما هو عادي جدا ليس عاديا لهذه الدرجة.. وأن ما يحدث للكثيرين أو الكثيرات يحدث لكل واحد منهم لأول مرة..ببراءته وعفويته..بإنسانيته وسحره وطزاجته.. وأضيفي إلى ذلك مفارقة ارتباط العادية المؤكدة هذه بالمرأة..والمرأة ليست كائنا عاديا لهذه الدرجة في نظر الرجل بخاصة..والأهم أنها ليست عادية أبدا في نظر ثقافة ذكورية تتلون فيها المرأة تقريبا بكل ألوان الخطورة والويل وتتشكل بهيئة المكر والدهاء وتمتاز بالقابلية للتقمص من قبل الشياطين والرغبات والنوازع الشريرة.. وهنا مفارقة أخرى.. وهي أنك اخترت أن تضيفي ذلك كله إلى لفظة "مذكرات" بما تحمله من شحنات الأهمية والتفخيم المرتبط عادة بهذا الشكل من التدوين الذي كاد يكون في الأزمان الماضية مقصورا على الساسة والملوك والفنانين والقواد والمشاهير على العموم.. وبذلك تكوني يا عشتار قد وضعتينا أمام عنوان متفجر بالمفارقات ومتخم بالدلالات على بساطته و"عاديته" الظاهرية.. عشتار إنني لم أتعمد – حين بدأت - أن أستغرق كل هذه المساحة في تحليل العنوان.. لكن هذا ما حدث.. والأكثر أنني لم أنوي أن أقدم بين يدي كلماتك مداخلة سردية أو تحليلية بهذا الشكل.. لكنه سحر "العادي" الذي يمكن أن يأخذ الأشياء بسحر المفارقة إلى المنحى "غير العادي".. وهو أيضا السحر العشتاري العادي المتكرر أو القابل دوما للتكرار.. لكني سأتدارك على مواصلة سرد أفكاري في هذا القالب التحليلي..وسأعود يا عشتار..سأعود كثيرا.. تقريبا لن أتوقف لأن بالموضوع فتنة.. شغف.. ضوء.. حب.. يقين.. قداسة.. تحليق.. إبحار.. تحريض على السباحة تجاه أفق أشمل للذات والعشق.. والتوغل في أعماق إنسانية أبعد للوجود والتلاقي.. ربما حتى كررت هذه العودة التحليلية في مرات قادمة.. لكني أطمع الآن في قوالب أخرى مختلفة لتعليقاتي على مذكراتك التي سأنتظرها بشغف لا مثيل له.. قوالب تناسب أكثر ما بقلبي من فيوضات.. وما بروحي من ارتعاشات.. ما يتداخل في وجداني من معاني ومشاعر وابتهالات.. من بعض ما فجرته في روحي هذه المذكرات العادية التي تخص امرأة عادية.. في الواقع يا عشتار الملهمة.. هي مذكرات غير عادية.. لامرأة غير عادية.. إطلاقا.. يا أثر الطائر .. يا خالد الأثر ..يا بهى الطلعة ..والقسمات ..واللمحات ..واللفتات ..والكلمات .. كل ما قلته هنا ساهم فورا وعاجلا فى بناء لبنات جديدة لذاتى ..كل كلمة هنا أصبحت جزء منى ..نقش وطبع على سرائرى وكينونتى ..كل ما قلته هنا هو جوهرك أنت ..معانيك أنت ..تراكمك أنت الروحى ..كل ما قلته هنا أنت أنت ..كل ما قلته هنا أنا أنا ..أنا أنت وأنت أنا فى سياق واحد ومتضامن وعطوف .. نصوصك نصوص صوفية ..ترسم وعيا مختوما بمحبة انسانية شاملة ..محبة تحسن التعايش مع المتناقضات المتجاورة ..والأشياء العادية جدا مثل التى تحدثت عنها هنا ..ولهذا السبب بالتحديد كنت الإنسانة المحظوظة جدا التى غمرها الله بحظ وفير ومِنة لا تضاهيها مِنة حتى جعلك الكائن المستنير والمنير الذى يغدق علىّ من نوره الداخلى الوفير ونقاؤه ما لم يحظى به أى انسان فى حياته ..نعم ..نعم ..أنت تفهم كل ما أردت قوله هنا ..أنت تفهمنى تماما ..أنت تعرفنى تماما .. لا أستطيع التعبير حقا .. ولكننى سأظل طول عمرى ممنونة لك على معاملتك الوجدانية لى وأننى فى نظرك ذات انسانية .. محبة خالصة ..وامتنان رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عشتار بتاريخ: 10 أغسطس 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 أغسطس 2011 (معدل) لا أعتقد اننى فى حياتى أحببت أى جماد – اذا كان كذلك فعلا – مثلما أحببت الشمس .. فهى ليست فى نظرى قرص منير يخرج فى الصباح ويختفى عند المغرب .. ولا هى المصدر الوحيد للنور النهارى ..ولا حتى مجرد مولد ضخم للحرارة ..لم تكن أبدا الشمس فى نظرى جماد ولاشىء يؤدى مهامه بانتظام وعادة ..فلم تربطنى بها قط أى علاقة مصلحة من أى نوع ..فهى حية دائما فى حياتى ..تنبض فى كل صباح لتعلن أن الحياة مولودة منها مع مولد كل نهار جديد .. كنت طفلة تثيرها الشمس ..وأكثر عندما كنت أنظر فى وجهها دائما بتحدى .. كانت تحرضنى دائما على تأملها وعلى التفكر فى ماهية هذا الضوء العجيب المنبعث من قرص فى السماء .وبرغم الدموع التى كانت تنهمر من عيونى فى تحد سافر لكل المحاذير.. أتذكر أننى كنت أصر على النظر إليها والنظر وكأننى أعقد معها اتفاق مرئى صامت يربطنى بها وبضوءها الخالد على مدى الحياة ..وهكذا ظلت علاقتى قوية بالشمس منذ وعيت تداعبنى أشعتها الذهبية الدافئة ..فتبعث فى قلبى ووعى اشراقات الحياة والأيام .. أعتقد أننى أدين بهذه المعرفة الأصيلة بالشمس لوالدى رحمه الله ...إذا لولا عادة الإستيقاظ فى السادسة لما نمت هذه العلاقة على هذه الصورة ..ولما كنت ذهبت فى طريقى لمتابعة الشمس فى رحلة شروقها كل يوم ..تربيت فى كنف الشمس ودفئها وهى أيضا اعتادت على أن تولد فى نفسى كل صباح بحب واعزار كشاهد عيان ومواظب على حنانها وأصالتها ولأنه كذلك بالفعل كآفئتنى الشمس مكافأة عظيمة من مكافأت الحياة .. تلك المكافأة كانت الأمل ..الأمل الخالد الذى وضعته بأشعتها الذهبية فى قلبى ولم ينمح أبدا .. وهكذا ..يعود الفضل لنفس الشخص ..دائما هو نفس الشخص الروحى .. أبى ..الذى ساعدنى دون أن يدرى فى تنمية الثقة بين انسان ونجم ..بين قلب وقلب .. بين كائنين من صنع الله وفى رحاب الله ..بينى وبين شمسى الشموسة ..وأعمق..أعمق كثيرا من ذلك ..أؤكد هنا بين أياديكم على أن الأمل لم يغادرنى قط فى حياتى ..حتى فى تلك اللحظات التى اعتقدت فيها أن الأمل مات فى قلبى وأن حياتى انتهت على هذه الكيفية .. كنت أتوهم ذلك ..فبدون الأمل ..وبشكل شخصى جدا ..أنتهى ..أفنى ..فأنا لا عيش سوى بأمل .. ولا يحتوينى سوى أمل.. ولا أعمل ولا أحب ولا آكل وأشرب سوى لأننى عندى أمل ..ومن أجل أمل ..الأمل عندى يساوى النَفَس ..يساوى الحياة لأن الأمل هو فى قرارته إيمان .. إن قصة اليأس والأمل ليست مجرد قصة تتصل بالحالة النفسية للانسان من خلال نتائجها الإيجابية والسلبية.. بل تتصل من خلال كلام الله وبالخط العقيدي.. فأن تكون الانسان الذي يعيش الأمل في عقلك وقلبك يساوي أن تكون مؤمناً.. وأن تكون الانسان اليائس يساوي أن تكون كافراً..وأن نكون المؤمنين يعني أن لا يزحف اليأس إلى حياتنا وأن نبقى نحدق في الشمس عندما تميل إلى الغروب ويسيطر الظلام ونحدق بالنجوم وهي تشير إلينا أن الظلام ليس خالداً.. وأن هناك إشراقة الفجر التي تنطلق من كل نقاط الضوء.. فإذا كنا نشعر بالظلام فعلينا أن نفكر بنقاط الضوء التي نجدها منتشرة في الحياة حتى تلتقي بالفجر وفي قلبك أكثر من أمل وفي قلبك أكثر من انفتاح على الشروق..فليس هناك ظلام مطلق.. علينا أن ننتج النور من عقولنا وأن ننتج النور من قلوبنا وأن ننتج النور من جهدنا بالإيمان أولا لنلتقي بالنور الذي يفتحه الله لنا من خلال إشراقة شمسه..ومخلوقاته كلها .. وهكذا .. هى الشمس عندى ..وهى الساعة السادسة ..وهى قدسية أبى وعادته التى ألفتها وأعتنقتها ..وأسير عليها كدواء ناجع للهموم والبلاء ..ساعة الشروق ..التى أشهدها كل يوم فى السادسة ..وكلى شوق لرؤية ميلاد القرص المستدير الذهبى الذى أرى فى بزوغه حكمة وعظة وعبرة متجددة ودائمة اذا ما قارنتها بساعة الغروب وبكل ما تحمله من أثر مهيب فى النفس والوجدان ..رسالة حب وعشق هى لحظة الشروق ..رسالة تحمل نبض ينطق بأجمل لحظات الفرح ....رسالة تؤكد للعاشق ..للسائر ..للعامل ..لكل انسان على وجه الأرض : أننى أنا الشمس كلما أشرقت ارتفع معدل عشقكم لأنفسكم وأحبائكم وأعمالكم .. وللحياة ..عيشوا بالأمل ..انظروا فى اشراقتى المتجددة ليولد الأمل ألف مرة فى قلوبكم ..الحياة ستستمر طالما أنا هنا ..موجودة ..ومستمرة ..! أظل فى فراشى مستلقية ..وعيناى مفتوحتان ..أشعر بالنوم يغادرنى منسحبا بعيدا - بفضل ساعتى البيولوجية الصامدة - كموجة ترحل سريعا عن رمال الشاطىء .. وفى ضوء لا لون له ينسل من شيش الشرفة والنافذة الضيقين أرقب انبعاثات الشروق الملونة ببهجة وأمل ..وذكريات تستبد بى أحيانا لدرجة الوجع ..تحدث لى تلك الحالة أوقاتا وأوقات ..وكأن ملكة الذكرى عندى ساعتها تتسلط علىّ وتبقينى فى الفراش برهة لتسقينى من كأسها الوجع ..وجع يثير شجنه همس حفيف لأوراق الشجرة المجاورة لنافذتى مباشرة ..شجرتى الحبيبة التى طالما استقبلت معى وفى كل الفصول موجات الشروق العاصفة وموجات الغروب الراحلة ..على أرواقها الندية ترسو أشعة الشروق كل يوم ..فتعاود ارساء الأمل بداخلى فى جرعات متوازنة ومنضبطة ..نافذتى تلك تعطينى الطمأنينة ..فمن خلال مساحتها المحدودة أرى براح ..براح الشروق ..براح السماء ..براح الأخضر والأزرق والذهبى وكل الألوان الكونية الممكنة التى تتزين بها مخلوقات الله وتنفتح على ّ ..تفتح لى نافذتى نفسى على نفسى ..ونفسى على الدنيا ..فى كل يوم تفعل لى تلك الأشياء الحميمة ..الشمس ..والنافذة ..والشجرة ..هذه الخدمات الجليلة وبلا أى مقابل يذكر ..يغمروننى بالرضا والسكينة ..فعندما تقع عيونى عليهم وبقع الشمس منطبعة على هياكلهم وتنفذ فيها فيزدادوا بريقا ووضوحا .. أبتسم ..أبتسم ابتسامات واسعة لا تلبث أن تتحول لضحكات مثل ضحكات الأطفال .. وعودة قريبة ..جداً تم تعديل 10 أغسطس 2011 بواسطة عشتار رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
أثر الطائر بتاريخ: 11 أغسطس 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 11 أغسطس 2011 آه .. بعدما يكبر الصغير ..ويصير الكبير صغيرا وحيدا .. تبقى الآثار على نفوسنا باقية .. تلك الآثار التى تربينا عليها ..وتشكلت فينا . ربما ليس بإرادتنا تماما ..فنحن لم نكن نملك الإختيار .. وكيف نفعل ونحن نكون وقتذاك مثل العجينة النقية الطرية التى يشكلونها هم بطريقتهم وعلى أفكارهم وعاداتهم مثلما يريدون ..ثم نجد أنفسنا هذه التشكيلة التى أرادوها لنا .. وبصرف النظر على أن الساعة السادسة تصلح كمثال أم لا ..أجد أن كلنا هكذا ..كلنا نخرج من رحم بيئة وأفكار وتصورات تخص كينونة الأب والأم والمجتمع كله ..نخرج للحياة مراهقين تشكلوا فى هذا الجو من نتاج شخصيتيهما وشخصية المجتمع العامة .. شىء خطير لاشك اذا ما تأملنا الحال وأدركنا كم هى مرتفعة نسبة الجهالات الشخصية فى المجتمع ودرجة رقى المجتمع نفسه أو تأخره !! وبرغم أننا نمتلك حريتنا فعلا كما ندعى .. أجدنى أتساءل هل نملك حقا ؟ يظل الإنسان أسيرا لعاداته .. عاداته التى أحبها - ربما - وعرفها ونشأ عليها ..سواء بإيجابياتها أو بسلبياتها.. لا يفكر كثيرا فى حريته اذا ما تلاقت أو تعارضت مع عاداته ..مع المألوف أو غير المألوف ..الحقيقة أننا ننمط أنفسنا بعدما نمطنا الآخرين المقربون وبعدما نمطهم من قبلهم آخرين ..وهكذا هى الحرية فى مجتمعنا ..رحلة تنميط قسرية مجتمعية لا يشذ عنها سوى الجرىء والشجاع والذى يمتلك قدرا من الوعى والفهم على أن يصحح مساره الفردى ومسار الآخرين الجمعى اذا تمكن من ذلك وأصر على التصحيح .. سأعود حتماً آه .. يا عشتار لم أقل أنك تحفرين حول الجذور وتفتشين عنها.. تشغفين ذاتك وتشغفك ذاتك الخالقة بالخلق.. تتنفسين المعاني الجوهرية.. وتنقشينها لغة سهلة بسيطة.. سهلة وبسيطة لأنها لغة قلوب عامرة بحب إلهي.. ولأنها لغة نقاء محبة ومعايشة عشق.. لغة هيام ولغة طفولة ولغة اقتراب طفولي من الأشياء.. لغة قرب برئ ونقي لكنه أيضا اقتراب جرئ وخطر.. قرب يشبه اللعب قرب مناطق الخطر في غابات مفتوحة على كل الاحتمالات.. لغتك شاملة يا عشتار..لأنها لغة تأمل لا تتوخى الحذر لا تتعمد التوجه في اتجاهات مرسومة سلفا ولا تسير طبقا لخطط أو حسابات أو أنماط وجداول ضرب محفوظة.. وهذه هي جوهرتك "العادية"..كما تطلبين أن نعتبرها ولتكن..عادية عادية.. طالما أن العادي يمتلك كل هذا القدر الحي من البريق اللامع في عين الحياة المقدسة.. . . حقا يا عشتار..هل نحن ثمرة أذواق الآخرين؟..عصير من ثمرتهم التي خفقت كثيرا حتى أصبحت بلون الماء وأذيبت في وجودنا فأصبحنا لا نرى غير أنفسنا الخاصة بنا فقط، والتى يتراءى لنا أننا صنعناها، بإرادتنا الخالصة وعقولنا وقلوبنا المنفردة.. أليس حقيقيا أننا مكونون من عقول – ربما ألاف أو مئات ألاف أو ملايين – ومكونون من قلوب – تبلغ نفس التعداد الرهيب – لأشخاص آخرين عاشوا قبلنا، عاشوا حتى قبل أباءنا وأجدادنا أنفسهم؟ شكلوا حياتهم وشكلوا معها حياتنا دون أن ندري نحن ودون أن يدروا هم؟ أحاول يا عشتار أن أمد الخط السحري الذي ابتدأته ريشتك حتى آخره.. هذه السلالات البشرية المهولة الاختلاط التي عاشت معا متآزرة في مجتمعات / مستعمرات بشرية، تلبي لنفسها مطالب مشتركة، وتواجه معا أخطارا مشتركة، تعاين أفراحا ومرارات مشتركة، هذه المسيرة البشرية الغابرة ألم تذوب إلى حد بعيد حدود الفرد في حدود الجماعة تذويبا خفيا وخطرا لأنه لا يمكن الالتفاف عليه أو مواجهته، بل ولا يمكن الاستدلال عليه – أصلا - على وجه اليقين؟ سأبتعد..لأعود : نحن لا نرث من أبائنا "جينات" فقط، نرث منهم أيضا مصاحبات للجينات لا تقل عن الجينات حسما في التأثير فينا، يسميها بعض علماء البيولوجيا بالـ"ميمات"، وقد أصبح العلم أخيرا متأكدا من وجودها، وهي مركبات كيمائية، يمكننا أن نلمس خطورتها، تساهم بعمق في تحديد الميول والأذواق الثقافية، نعم الثقافية، ولها تأثير في تحديد مسارات السلوك والاختيار البشري والتفضيلات الذوقية، وهي تنتقل إلى الجسم – شأن الجينات - بوسائل بيولوجية أو كيمائية لا سيطرة لغير قوانين الطبيعة عليها. ثم أننا..لا نرث من أبائنا جينات أو ميمات فقط، نرث منهم أيضا قيما وأنماطا لا تعد ولا تحصى من التفكير والتعبير والعادات والذوق والسلوك. فكيف نكون متأكدين من أن ما نفعله، أي شيء نفعله، وليكن ما نكتبه الآن، هو من نتاج ما اكتسبناه بإرادتنا أو ببذلنا الشخصي وليس من ثمرة ما أورثنا الأجداد مع المجتمع وراثة إجبارية؟ وهل هذه التفرقة بين الموروث والمكتسب ممكنة أو أنها مستحيلة أيضا؟ وهل هي تفرقة ضرورية لحياتنا أو أنها ليست مهمة لنا بأي شكل؟ أعتقد أن التفرقة ذاتها بين ما ينتمي لنا وما ينتمي لميراثنا البشري كله ربما (أقول ربما) لا تكون على هذا القدر البادي من الأهمية. لأن ميراثنا البشري، رغم أنه ملكية جماعية، إلا أنه يتفرق علينا في صورة فردية خالصة، ويصبح ملكنا بشكل فردي خالص، يصبح ميراثا شخصيا خاصا بكل منا، وتصبح مسيرة حياتنا الفردية في المجتمع، وأعمارنا قصرت أو طالت، حوارا وجدلا مطولين بين ما هو لنا وما هو لهذا الميراث، ما هو لذواتنا وما هو للمجتمع.. لكن ما الذي يتركه هذا الميراث الضخم الطويل لنا؟.. أعتقد يا عشتار أنه لكل منا الحق والحرية في أن يضيف إلى ما يخصه من ميراث أبويه بل وميراث الجنس البشري المهول كله ما يشاء، ما يرى، مايستخلص ويعرف، ما يمكنه ويستطيعه، ما تؤهله له شخصياته وثقافته وقدراته، يضيف إلى ميراثه أو يعدل فيه أو يحذف منه، أو أن يحدث قطيعة معه لو أراد، وأن يستسلم له أو يتمرد عليه. ولنعود، بعد هذه الدورة الواسعة لميراث الساعة السادسة، هذا الميراث العشتاري الجميل والرقيق والصبوح، وأشتق مما سبق سؤال قد يكون هو المهم : هل أنتقل هذا الميراث كما هو شكلا ومضمونا؟ الشكل المقصود هو الاستيقاظ مع شروق الشمس أو قبل الشروق بقليل.. والمضمون هو النظرة الشخصية أو الخاصة للشمس.. هل نظرة الوالد كانت هي كما هي نظرة الابنة الفاتنة؟ هل كانت الشمس التي طالعتها عين الوالد هي نفس الشمس التي رأتها عينا الابنة الساحرتين؟ : أجزم أن النظرة لا يمكنها أن تكون أبدا نفس النظرة.. فالنظرة التي يمكن أن ينظرها شخص ما للشمس هي نظرة خاصة به، تحمل بصمته، ولا يمكنها أن تتكرر بحذافيرها، بنسبها، بمقاديرها، بمكوناتها، بمشاعرها المصاحبة، بذكرياتها، بخفقاتها، بألامها..لدى أحد غيره. تبقى نظرة كل منكما، الوالد والابنة الجميلة، نظرة مختلفة، ربما يقع تشابه بين النظرتين من بعض الأوجه(لو كانت المقارنة متاحة لديك يا عشتار من أحاديث والدك مثلا؟)، لكن يبقى الاختلاف منطقيا وبارزا ومتشعبا وشديد الخصوصية. ومن هنا أتت حتما إضافة أو إضافات عشتارية مؤكدة لميراث الساعة السادسة المنتقل شكلا لا مضمونا، ربما ولا جزء من المضمون انتقل إلا ما كان خاصا منه بالمشترك الإنساني العام، الثقافة المشتركة وتأثير "الميمات" التي تؤثر في الميول لكنها لا تحددها تحديدا نهائيا ولا ثابتا.. ينجلي هنا، فيما أرى، "قدر الحرية" الذي وعد به الإنسان على الأرض، الحرية حتى فيما يبدو أنه قسر للإرادة أو شبيه بالقسر.. فقدر الحرية هو الإنسان..الإنسان الحقيقي وإسهامه الأصيل لمواريثه الإنسانية.. وبعد رحلة جدل إنساني طويل ستستغرق من كل واحد منا العمر بحاله، سوف نسلم تركتنا الشخصية جدا، وفي نفس الوقت : ميراثنا البشري العام جدا، بالحالة التي آل إليها معنا وبفضلنا وخلال حياتنا. وبعضنا يسلمه كما هو ميراثا خاملا لا زائدا ولا ناقصا، لا منه ولا مضاف إليه.. أعتقد يا عشتار، آسفا، أنها حالة الغالبية من الناس الذين يفضلون أن يعيشوا ويموتوا على هامش كل ما هو جوهري وأصيل (وغامض وخطر بالنسبة لهم) في هذه الحياة. غالبية الناس يخافون التحديق، يا عاشقة الشمس، في عين الشمس.. ومن هنا تأتي أيضا مأساة الوعي الإنساني والوجودي العميق، الوعي الذي يفارق غالبا زمانه الاجتماعي ومكانه القومي، الوعي الذي يتفتح بنشوة وتأمل على أفقه الإنساني الحميم، أعتقد أنه يكون في كثير من الأحيان وعي شقي أو يكسب المرء الشقاء. لكن..أي شقاء أتحدث عنه؟! ثمة نقاط الضوء البيضاء التي تتناثر في ظلام الفجر، تضمها جاذبية النور في بطء ومهل وأناة، وتلضمها في حرص : واحدة إلى واحدة، حتى يولد منها جميعا أول ضوء وأول أمل.. أنا أنتي يا عشتار.. أليس هذا أيضا أمل..أمل كبير جدا.. clappingrose: . عشتار.. أعتذر إذ يبدو أنني قد أطلت إلى حد رهيب..أتمنى لو لم تكن مداخلتي قد أوصلت أحدا للملل.. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عشتار بتاريخ: 11 أغسطس 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 11 أغسطس 2011 آه .. بعدما يكبر الصغير ..ويصير الكبير صغيرا وحيدا .. تبقى الآثار على نفوسنا باقية .. تلك الآثار التى تربينا عليها ..وتشكلت فينا . ربما ليس بإرادتنا تماما ..فنحن لم نكن نملك الإختيار .. وكيف نفعل ونحن نكون وقتذاك مثل العجينة النقية الطرية التى يشكلونها هم بطريقتهم وعلى أفكارهم وعاداتهم مثلما يريدون ..ثم نجد أنفسنا هذه التشكيلة التى أرادوها لنا .. وبصرف النظر على أن الساعة السادسة تصلح كمثال أم لا ..أجد أن كلنا هكذا ..كلنا نخرج من رحم بيئة وأفكار وتصورات تخص كينونة الأب والأم والمجتمع كله ..نخرج للحياة مراهقين تشكلوا فى هذا الجو من نتاج شخصيتيهما وشخصية المجتمع العامة .. شىء خطير لاشك اذا ما تأملنا الحال وأدركنا كم هى مرتفعة نسبة الجهالات الشخصية فى المجتمع ودرجة رقى المجتمع نفسه أو تأخره !! وبرغم أننا نمتلك حريتنا فعلا كما ندعى .. أجدنى أتساءل هل نملك حقا ؟ يظل الإنسان أسيرا لعاداته .. عاداته التى أحبها - ربما - وعرفها ونشأ عليها ..سواء بإيجابياتها أو بسلبياتها.. لا يفكر كثيرا فى حريته اذا ما تلاقت أو تعارضت مع عاداته ..مع المألوف أو غير المألوف ..الحقيقة أننا ننمط أنفسنا بعدما نمطنا الآخرين المقربون وبعدما نمطهم من قبلهم آخرين ..وهكذا هى الحرية فى مجتمعنا ..رحلة تنميط قسرية مجتمعية لا يشذ عنها سوى الجرىء والشجاع والذى يمتلك قدرا من الوعى والفهم على أن يصحح مساره الفردى ومسار الآخرين الجمعى اذا تمكن من ذلك وأصر على التصحيح .. سأعود حتماً آه .. يا عشتار لم أقل أنك تحفرين حول الجذور وتفتشين عنها.. تشغفين ذاتك وتشغفك ذاتك الخالقة بالخلق.. تتنفسين المعاني الجوهرية.. وتنقشينها لغة سهلة بسيطة.. سهلة وبسيطة لأنها لغة قلوب عامرة بحب إلهي.. ولأنها لغة نقاء محبة ومعايشة عشق.. لغة هيام ولغة طفولة ولغة اقتراب طفولي من الأشياء.. لغة قرب برئ ونقي لكنه أيضا اقتراب جرئ وخطر.. قرب يشبه اللعب قرب مناطق الخطر في غابات مفتوحة على كل الاحتمالات.. لغتك شاملة يا عشتار..لأنها لغة تأمل لا تتوخى الحذر لا تتعمد التوجه في اتجاهات مرسومة سلفا ولا تسير طبقا لخطط أو حسابات أو أنماط وجداول ضرب محفوظة.. وهذه هي جوهرتك "العادية"..كما تطلبين أن نعتبرها ولتكن..عادية عادية.. طالما أن العادي يمتلك كل هذا القدر الحي من البريق اللامع في عين الحياة المقدسة.. . . حقا يا عشتار..هل نحن ثمرة أذواق الآخرين؟..عصير من ثمرتهم التي خفقت كثيرا حتى أصبحت بلون الماء وأذيبت في وجودنا فأصبحنا لا نرى غير أنفسنا الخاصة بنا فقط، والتى يتراءى لنا أننا صنعناها، بإرادتنا الخالصة وعقولنا وقلوبنا المنفردة.. أليس حقيقيا أننا مكونون من عقول – ربما ألاف أو مئات ألاف أو ملايين – ومكونون من قلوب – تبلغ نفس التعداد الرهيب – لأشخاص آخرين عاشوا قبلنا، عاشوا حتى قبل أباءنا وأجدادنا أنفسهم؟ شكلوا حياتهم وشكلوا معها حياتنا دون أن ندري نحن ودون أن يدروا هم؟ أحاول يا عشتار أن أمد الخط السحري الذي ابتدأته ريشتك حتى آخره.. هذه السلالات البشرية المهولة الاختلاط التي عاشت معا متآزرة في مجتمعات / مستعمرات بشرية، تلبي لنفسها مطالب مشتركة، وتواجه معا أخطارا مشتركة، تعاين أفراحا ومرارات مشتركة، هذه المسيرة البشرية الغابرة ألم تذوب إلى حد بعيد حدود الفرد في حدود الجماعة تذويبا خفيا وخطرا لأنه لا يمكن الالتفاف عليه أو مواجهته، بل ولا يمكن الاستدلال عليه – أصلا - على وجه اليقين؟ سأبتعد..لأعود : نحن لا نرث من أبائنا "جينات" فقط، نرث منهم أيضا مصاحبات للجينات لا تقل عن الجينات حسما في التأثير فينا، يسميها بعض علماء البيولوجيا بالـ"ميمات"، وقد أصبح العلم أخيرا متأكدا من وجودها، وهي مركبات كيمائية، يمكننا أن نلمس خطورتها، تساهم بعمق في تحديد الميول والأذواق الثقافية، نعم الثقافية، ولها تأثير في تحديد مسارات السلوك والاختيار البشري والتفضيلات الذوقية، وهي تنتقل إلى الجسم – شأن الجينات - بوسائل بيولوجية أو كيمائية لا سيطرة لغير قوانين الطبيعة عليها. ثم أننا..لا نرث من أبائنا جينات أو ميمات فقط، نرث منهم أيضا قيما وأنماطا لا تعد ولا تحصى من التفكير والتعبير والعادات والذوق والسلوك. فكيف نكون متأكدين من أن ما نفعله، أي شيء نفعله، وليكن ما نكتبه الآن، هو من نتاج ما اكتسبناه بإرادتنا أو ببذلنا الشخصي وليس من ثمرة ما أورثنا الأجداد مع المجتمع وراثة إجبارية؟ وهل هذه التفرقة بين الموروث والمكتسب ممكنة أو أنها مستحيلة أيضا؟ وهل هي تفرقة ضرورية لحياتنا أو أنها ليست مهمة لنا بأي شكل؟ أعتقد أن التفرقة ذاتها بين ما ينتمي لنا وما ينتمي لميراثنا البشري كله ربما (أقول ربما) لا تكون على هذا القدر البادي من الأهمية. لأن ميراثنا البشري، رغم أنه ملكية جماعية، إلا أنه يتفرق علينا في صورة فردية خالصة، ويصبح ملكنا بشكل فردي خالص، يصبح ميراثا شخصيا خاصا بكل منا، وتصبح مسيرة حياتنا الفردية في المجتمع، وأعمارنا قصرت أو طالت، حوارا وجدلا مطولين بين ما هو لنا وما هو لهذا الميراث، ما هو لذواتنا وما هو للمجتمع.. لكن ما الذي يتركه هذا الميراث الضخم الطويل لنا؟.. أعتقد يا عشتار أنه لكل منا الحق والحرية في أن يضيف إلى ما يخصه من ميراث أبويه بل وميراث الجنس البشري المهول كله ما يشاء، ما يرى، مايستخلص ويعرف، ما يمكنه ويستطيعه، ما تؤهله له شخصياته وثقافته وقدراته، يضيف إلى ميراثه أو يعدل فيه أو يحذف منه، أو أن يحدث قطيعة معه لو أراد، وأن يستسلم له أو يتمرد عليه. ولنعود، بعد هذه الدورة الواسعة لميراث الساعة السادسة، هذا الميراث العشتاري الجميل والرقيق والصبوح، وأشتق مما سبق سؤال قد يكون هو المهم : هل أنتقل هذا الميراث كما هو شكلا ومضمونا؟ الشكل المقصود هو الاستيقاظ مع شروق الشمس أو قبل الشروق بقليل.. والمضمون هو النظرة الشخصية أو الخاصة للشمس.. هل نظرة الوالد كانت هي كما هي نظرة الابنة الفاتنة؟ هل كانت الشمس التي طالعتها عين الوالد هي نفس الشمس التي رأتها عينا الابنة الساحرتين؟ : أجزم أن النظرة لا يمكنها أن تكون أبدا نفس النظرة.. فالنظرة التي يمكن أن ينظرها شخص ما للشمس هي نظرة خاصة به، تحمل بصمته، ولا يمكنها أن تتكرر بحذافيرها، بنسبها، بمقاديرها، بمكوناتها، بمشاعرها المصاحبة، بذكرياتها، بخفقاتها، بألامها..لدى أحد غيره. تبقى نظرة كل منكما، الوالد والابنة الجميلة، نظرة مختلفة، ربما يقع تشابه بين النظرتين من بعض الأوجه(لو كانت المقارنة متاحة لديك يا عشتار من أحاديث والدك مثلا؟)، لكن يبقى الاختلاف منطقيا وبارزا ومتشعبا وشديد الخصوصية. ومن هنا أتت حتما إضافة أو إضافات عشتارية مؤكدة لميراث الساعة السادسة المنتقل شكلا لا مضمونا، ربما ولا جزء من المضمون انتقل إلا ما كان خاصا منه بالمشترك الإنساني العام، الثقافة المشتركة وتأثير "الميمات" التي تؤثر في الميول لكنها لا تحددها تحديدا نهائيا ولا ثابتا.. ينجلي هنا، فيما أرى، "قدر الحرية" الذي وعد به الإنسان على الأرض، الحرية حتى فيما يبدو أنه قسر للإرادة أو شبيه بالقسر.. فقدر الحرية هو الإنسان..الإنسان الحقيقي وإسهامه الأصيل لمواريثه الإنسانية.. وبعد رحلة جدل إنساني طويل ستستغرق من كل واحد منا العمر بحاله، سوف نسلم تركتنا الشخصية جدا، وفي نفس الوقت : ميراثنا البشري العام جدا، بالحالة التي آل إليها معنا وبفضلنا وخلال حياتنا. وبعضنا يسلمه كما هو ميراثا خاملا لا زائدا ولا ناقصا، لا منه ولا مضاف إليه.. أعتقد يا عشتار، آسفا، أنها حالة الغالبية من الناس الذين يفضلون أن يعيشوا ويموتوا على هامش كل ما هو جوهري وأصيل (وغامض وخطر بالنسبة لهم) في هذه الحياة. غالبية الناس يخافون التحديق، يا عاشقة الشمس، في عين الشمس.. ومن هنا تأتي أيضا مأساة الوعي الإنساني والوجودي العميق، الوعي الذي يفارق غالبا زمانه الاجتماعي ومكانه القومي، الوعي الذي يتفتح بنشوة وتأمل على أفقه الإنساني الحميم، أعتقد أنه يكون في كثير من الأحيان وعي شقي أو يكسب المرء الشقاء. لكن..أي شقاء أتحدث عنه؟! ثمة نقاط الضوء البيضاء التي تتناثر في ظلام الفجر، تضمها جاذبية النور في بطء ومهل وأناة، وتلضمها في حرص : واحدة إلى واحدة، حتى يولد منها جميعا أول ضوء وأول أمل.. أنا أنتي يا عشتار.. أليس هذا أيضا أمل..أمل كبير جدا.. clappingrose: . عشتار.. أعتذر إذ يبدو أنني قد أطلت إلى حد رهيب..أتمنى لو لم تكن مداخلتي قد أوصلت أحدا للملل.. كعادتك يا أثر الطائر .. تشجينا وتفحمنا ولا أقل من ذلك .. كلامك دائما هو سيمفونية روحانية تلبى كل متطلباتنا النفسية والعقلية والقلبية ..كل كل شىء .. دائما تضعنا على الطريق الحقيقى والصحيح ..ترى الأمور دون زيادة أو نقصان .. تتحفنا بجدارتك الإنسانية .. وأحكامك الرحيمة على الأمور ..الراضية المؤمنة .. أؤمن بكامل ارادتى الواعية على كل ما جاء فى مشاركتك الثرية وأشكر لك من كل قلبى ما تخصنى به من اطراء وعناية يحفزانى فى كل مرة على أن أكون أفضل وأرقى لأكون عند حسن ظنك .. أتمنى أن أكون عند حسن ظنك دائما .. نعم يا طيرى .. نحن نولد من جينات وراثية تتحكم فى خلقتنا ..شكلنا.. ملامحنا ومواصفاتنا الجسدية وفصائل دمائنا ..واضافة إلى ذلك بالتأكيد نولد محملين بــ " الميمات " التى أشرت إليها والتى تحمل مما لاشك فيه طبائع وراثية سيكولوجية وروحية تخص آباءنا وأمهاتنا ..ولعلنا ..لعل كل واحد فينا إذا تذكر فى هدوء وتركيز بعض العادات السلوكية التى يفعلها بلا ارادة ونبش عن أصلها وفصلها سيصل قطعا إلى انها كانت تخص ابيه أو امه أو حتى عمه أو جده ..وقد يستغرب فعلا ..فحتى تلك الموتيفات غير المادية تنتقل إلينا دون تأخير أو تراجع ! تلك أمور موجودة فعلا وأصيلة .. والحقيقة أننا فى الحياة ننمو أو نتشكل بهذه الطريقة ..لدينا رصيدنا الأساسى الوراثى سواء اكان شكلى او سلوكى ولدينا رصيد آخر مكتسب نحن المسئولون عن تنميته وتوجهاته ..المسئولون عن سيره وتشكيله بما نكتسب ونتعلم ونقول ونفعل ..وهكذا ..كلنا هذا الشخص ..كلنا متشابهون فى خط عام ..وكما أشرت ..نظرة أبى مثلا للشمس والساعة السادسة ليست كنظرتى ولا احساسى ..بالتأكيد لكل منا أفكاره حول هذه النقطة والتى تختلف عن الآخر أو حتى تزيد وتنقص عنها ..لا أتذكر أن أبى قد قال لنا عن الشمس شيئا محددا فى يوم من الأيام ولا عن الإستيقاظ الباكر سوى كلام عادى عملى ومفيد على هيئة نصح فيما معناه مثلا ان فى البكور بركة وأننا بهذه الطريقة سوف لا نهدر وقتنا وهكذا ..فى حين أننى كنت أتناول الأمر من منظور روحانى فلسفى يخلق الامل فىّ كما شرحت أعلاه ..وربما كان يحب عادته لشىء روحانى يحسه ولكنه لا يدريه بوعى ولكننى بما أملكه من رؤية مغايرة قادرة على الإيضاح والإيصال استطعت .. غير أننى أرى من زاوية أخرى أن المجتمع له أيادى خفية غير هذين الطريقين الأخريين فى صناعة شخصياتنا – الوراثى والمكتسب – تعمل على تنميطنا قسرا يا عزيزى ..المجتمع له مصلحة فى أن يجعلنا مستنسخين غير مختلفين كى نظل نقول آمين آمين ..وأعتقد أن المجتمعات الديكتاتورية هى ما أعنيها هنا ..هى ما تحاول أن تضع شعبها طول الوقت داخل بوتقة تصهره حتى تنتج منه أشكال متساوية فى الحجم وفى الصلادة ..أشكال ان تكلمت تتكلم فى جوقة جماعية تخرج نفس المدى الصوتى لا أبعد ولا أقرب ..أشكال القطيع ..المجتمع يحاول بالفعل أن يكسر فينا الشخصية المتفردة فى حين أن الله سبحانه وتعالى خلقنا مختلفين بل ان فكرة الخلق نفسها فكرة ايمانية تتمثل فى الإختلاف ..الإختلاف سنة الكون .. الإختلاف من ضروريات الحياة..الله خلق كل شيء ليكون للحياة معنى..حتى الشيطان خلقه الله وهو المختلف الأشر ولم يكن ليوجد دون إرادة الله ..والأسوأ أننا لما نتشابه جدا تسهل فينا عملية السيطرة والقمع جدا جدا والعكس صحيح اذا تمردنا واختلفنا ..المجتمع لاشك يصنع لنا قوالب نتقولب فيها ..قوالب للرؤى والآراء..قوالب للتصرفات ..قوالب حتى للملابس ..قوالب للدين ..قوالب وقوالب لا نخرج عن فوارغها ابدا ..هذا ما كنت أعنيه بمعنى التنميط ..كل ذى سلطة ومسئولية يمارس تنميط على الآخر ..يريده أن يتفق معه حتى يستريح ..حتى يأمن شره..حتى يوفر على نفسه جهد العمل على التوازى معه ومع أفكاره أو عناء الإختلاف معها ..يريد ألا يتعب ولذا من السهل أن يقمع وأن يستنسخ من يشبهه ويريح دماغه ..ولا أعرف حقا هل هذا داء انسانى أم طبيعة بشرية عادية !! حكمة صينية استوقفتني للمعني العميق لها .. ربما تعبر جزئيا عما أود قوله ..تقول الحكمة :الطبيعة تخلق اناسا متشابهين ، لكن الحياة هي التي تفرقهم la nature crée des gens semblables et la vie les différencies لو تمعنا في هذه الحكمة لوجدناها وصفت الواقع بكلمتين ..الطبيعة والحياة..الطبيعة أخرجت اناسا متشابهين ..هذا خلق الله ..كلنا ولدنا من بطون أمهاتنا.. كلنا صرخنا عند ولادتنا صرخة أولى للحياة ..كلنا كان جسدنا صغيرا و كبرنا ..كلنا لنا ايادي .. ارجل ..راس.. انف ..كلنا لنا أب و أم ..كلنا نكبر بمروور السنين ..كلنا نضحك ..نلعب.. نبكي و نتكلم ..كلنا نمرض ..كلنا نحب و نكره ..كلنا نموت ..اُمرت أن تجعلنا مثل بعضنا ..لكن ماذا فعلت الحياة ..غيرتنا بحوادثها ..فجعلت منا ..الصادق و الصادق ..الثرثار و الصامت ..الفقير و الغني ..العالم و الجاهل ..الطيب و الخبيث ..الحكيم و الغبي ..المتسلط و البسيط ..ولا ننكر أننا أحيانا نشذ عن ميماتنا وكما يقول المثل الشعبى " يخلق من ظهر الفاسد عابد ومن ظهر العابد فاسد " .. والمجتمع من ناحية أخرى يحارب الجميع ..الفاسد والعابد كى ينمطهم ! bsh:) فأين الخطأ : هل الخطأ في الطبيعة انها لم تدرك اننا مختلفين ؟؟ ام الحياة انها فرقتنا رغم تشابهنا ؟؟؟ كيف نكون نحن .. وما قصة الفضيلة .. ومما نستقيها !! وإلى أى يجب أن نكون مختلفين ومتشابهين !! أسئلة ..أسئلة ستظل كعلقة فى سماواتى ..لن أجد لها اجابات شافية قاطعة .. أثر الطائر .. أثر الطائر مازلت فى انتظار أفكارك القريبة جدا وأحاديثك الشيقة جدا جدا ..أنا شغوفة بكل ما تخطه يداك .. وتسعدنى حتى السماء اطالتك واطلالتك الحميمية .. كن بخير .. كن بفرح رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
أثر الطائر بتاريخ: 24 أغسطس 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 24 أغسطس 2011 كعادتك يا أثر الطائر .. تشجينا وتفحمنا ولا أقل من ذلك .. غير أننى أرى من زاوية أخرى أن المجتمع له أيادى خفية غير هذين الطريقين الأخريين فى صناعة شخصياتنا – الوراثى والمكتسب – تعمل على تنميطنا قسرا يا عزيزى ..المجتمع له مصلحة فى أن يجعلنا مستنسخين غير مختلفين كى نظل نقول آمين آمين ..وأعتقد أن المجتمعات الديكتاتورية هى ما أعنيها هنا ..هى ما تحاول أن تضع شعبها طول الوقت داخل بوتقة تصهره حتى تنتج منه أشكال متساوية فى الحجم وفى الصلادة ..أشكال ان تكلمت تتكلم فى جوقة جماعية تخرج نفس المدى الصوتى لا أبعد ولا أقرب ..أشكال القطيع ..المجتمع يحاول بالفعل أن يكسر فينا الشخصية المتفردة فى حين أن الله سبحانه وتعالى خلقنا مختلفين بل ان فكرة الخلق نفسها فكرة ايمانية تتمثل فى الإختلاف ..الإختلاف سنة الكون .. الإختلاف من ضروريات الحياة..الله خلق كل شيء ليكون للحياة معنى..حتى الشيطان خلقه الله وهو المختلف الأشر ولم يكن ليوجد دون إرادة الله ..والأسوأ أننا لما نتشابه جدا تسهل فينا عملية السيطرة والقمع جدا جدا والعكس صحيح اذا تمردنا واختلفنا ..المجتمع لاشك يصنع لنا قوالب نتقولب فيها ..قوالب للرؤى والآراء..قوالب للتصرفات ..قوالب حتى للملابس ..قوالب للدين ..قوالب وقوالب لا نخرج عن فوارغها ابدا ..هذا ما كنت أعنيه بمعنى التنميط ..كل ذى سلطة ومسئولية يمارس تنميط على الآخر ..يريده أن يتفق معه حتى يستريح ..حتى يأمن شره..حتى يوفر على نفسه جهد العمل على التوازى معه ومع أفكاره أو عناء الإختلاف معها ..يريد ألا يتعب ولذا من السهل أن يقمع وأن يستنسخ من يشبهه ويريح دماغه ..ولا أعرف حقا هل هذا داء انسانى أم طبيعة بشرية عادية !! عشتار الرقيقة الراقية المحبة كداااائما عادتك أنتي هي أن تقرأي دائما بقلبك فترين الجميل أجمل والمضيء أضوأ..وهو كله من فيضك أنت تعلمين كم أثمن ما تجود به روحك من محبة هنا.. إنك فيما تقدمين من نقد - مهما كان مريرا - لا تلبسين أبدا أثواب القسوة ولا تستشعر النفس في رفضك الصافي أثرا من كراهية أو حقد أو ترسبا من ضغينة أو ظلا أسود من ذكرى متوارية حقا يا عشتار تكتمل لك الرقة والقوة في نقدك للأشياء .. في حديثك عن المجتمعات الديكتاتورية هنا أكثر من مغزى فالديكتاتورية فضلا عن أنها قسوة فهي في المقام الأول..غباء إنها الرغبة في الاستنساخ والتلخيص حتى لا تصبح هناك فروق تستدعي التفكير ولا اختلاف يستدعي المناقشة واستخدام العقل ولا هوات تستدعي بذل الجهد للردم أو التجسير ولا طرق متفرعة في الواقع والحياة تستدعي المنافسة والصراع تقضي الديكتاتورية على هذه الحياة الموارة المتغيرة كمجرى نهر وتستبدل بها برودة الموت وسكونه وهذا حقيقي جدا.. وأزيد إلى توضيح هذا المغزى في كلماتك مغزى آخر مؤثرا ومهما "فالديكتاتورية" لا تتجسد في النظم السياسية بالضرورة.. إنها كما يتضح في كلماتك قد تتجسد أكثر في نظم اجتماعية وثقافية وأسرية ومؤسساتية وطبقية هناك.."ثقافات ديكتاتورية" وربما يكون النموذج النمطي لها هو "ثقافة الريف" وهي ثقافة تتكيء نمطيا على "العادات والتقاليد" وهي من أكثر أنماط الثقافات البشرية عشقا للتشابه والنموذج والنمط ورفضا وكراهية للاختلاف.. وهناك طبعا.."مؤسسات ديكتاتورية" وهي المؤسسات التي تدار بطرق عسكرية أو شبه عسكرية تعتمد على السمع والطاعة والرضوخ للأوامر ورفض المناقشة..ومن أهم نماذج هذه المؤسسات الجماعات الدينية السياسية وإلى جانب ذلك طبعا توجد المؤسسات التي تدار بروح ديكتاتورية وإن كان ذلك يشكل انحرافا في مسارها وليس مبدأ أصيلا بداخلها..ومن أهم نماذج هذه المؤسسات المدارس والجامعات ومؤسسات التعليم بعامة والتي تدار في المجتمعات الديكتاتورية والمتخلفة بأبعد الطرق عن روح العلم وروح الحرية والنقاش والاختلاف وأكثرها تكريسا للقيم الاستبدادية وأخطر هذه المؤسسات من الناحية التربوية والفكرية والاجتماعية والبنائية هي مؤسسة الأسرة طبعا..ونموذج الأسرة الديكتاتورية هي الأسرة الذكورية التي تلغي قيم الحوار وإمكانيات الاختلاف وأرضيات التكافؤ لصالح "الأب" أو "الرأس" أو "الكبير" أو "الذكر الأوحد" وتفعّل من أجل ذلك قيما هامة مثل "احترام الكبير" تفعيلا استبداديا مشوها وهناك.."شارع أو رأي عام ديكتاتوري" وهو شارع أو رأي عام يعبر عنه عادة أو يوصم بالغوغائية والروح القطيعية (من روح القطيع). ونموذج لذلك حالات "الصرع" التي تتلبس الرأي العام عادة في القضايا التي يقع فيها في مواجهة فكرة مختلفة أو زي مختلف أو دين مختلف.. أعتقد يا عشتار أن الديكتاتورية "روح" شيطاني إذا تلبس مجتمعا من المجتمعات فإنه يسرى في أوصاله سريان السم وداء السرطان وأمراض الطاعون يضرب في كل اتجاه ويصيب كل المرافق بالعطب والخطورة يا عشتار.. أن أبناء هذه المجتمعات يعتادون تنفس الديكتاتورية والاستبداد كما يعتادون تنفس الهواء وتكون كل ممارساتهم الواعية أو اللاواعية موصومة بهذه الوصمة المشوهة اللانسانية أعتقد يا عشتار أننا ننتمي إلى واحد من هذه المجتمعات (ليس - لحسن الحظ - إلى حد كبير) لكن النسيج الثقافي المصري المتسامح ضربته خلال النصف الثاني من القرن العشرين بالذات الكثير من أمراض التشدد وظواهر العنف وجرائم اللاتسامح دعائي أن يسلم النسيج المصري مما ألم به من عطب وخوفي الكبير على زهور وزهرات هذا المجتمع من الأجيال الجديدة والعقول الغضة التي أتمنى لها أن تفلت من قبضته الاستبدادية القاسية التي لا تعرف الرحمة تماما كما أتمنى - يزهرتي الرقيقة الراقية - أن يهدأ قليلا خوفي الدائم عليك الذي لا تنفذ أبدا لا دواعيه ولا مصادره غير أن أعتقد أن هذا ليس أمرا ممكنا فحتى المخاوف هناك من بينها ما يمكننا أن نحبه رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عشتار بتاريخ: 25 أغسطس 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 25 أغسطس 2011 (معدل) كعادتك يا أثر الطائر .. تشجينا وتفحمنا ولا أقل من ذلك .. غير أننى أرى من زاوية أخرى أن المجتمع له أيادى خفية غير هذين الطريقين الأخريين فى صناعة شخصياتنا – الوراثى والمكتسب – تعمل على تنميطنا قسرا يا عزيزى ..المجتمع له مصلحة فى أن يجعلنا مستنسخين غير مختلفين كى نظل نقول آمين آمين ..وأعتقد أن المجتمعات الديكتاتورية هى ما أعنيها هنا ..هى ما تحاول أن تضع شعبها طول الوقت داخل بوتقة تصهره حتى تنتج منه أشكال متساوية فى الحجم وفى الصلادة ..أشكال ان تكلمت تتكلم فى جوقة جماعية تخرج نفس المدى الصوتى لا أبعد ولا أقرب ..أشكال القطيع ..المجتمع يحاول بالفعل أن يكسر فينا الشخصية المتفردة فى حين أن الله سبحانه وتعالى خلقنا مختلفين بل ان فكرة الخلق نفسها فكرة ايمانية تتمثل فى الإختلاف ..الإختلاف سنة الكون .. الإختلاف من ضروريات الحياة..الله خلق كل شيء ليكون للحياة معنى..حتى الشيطان خلقه الله وهو المختلف الأشر ولم يكن ليوجد دون إرادة الله ..والأسوأ أننا لما نتشابه جدا تسهل فينا عملية السيطرة والقمع جدا جدا والعكس صحيح اذا تمردنا واختلفنا ..المجتمع لاشك يصنع لنا قوالب نتقولب فيها ..قوالب للرؤى والآراء..قوالب للتصرفات ..قوالب حتى للملابس ..قوالب للدين ..قوالب وقوالب لا نخرج عن فوارغها ابدا ..هذا ما كنت أعنيه بمعنى التنميط ..كل ذى سلطة ومسئولية يمارس تنميط على الآخر ..يريده أن يتفق معه حتى يستريح ..حتى يأمن شره..حتى يوفر على نفسه جهد العمل على التوازى معه ومع أفكاره أو عناء الإختلاف معها ..يريد ألا يتعب ولذا من السهل أن يقمع وأن يستنسخ من يشبهه ويريح دماغه ..ولا أعرف حقا هل هذا داء انسانى أم طبيعة بشرية عادية !! عشتار الرقيقة الراقية المحبة كداااائما عادتك أنتي هي أن تقرأي دائما بقلبك فترين الجميل أجمل والمضيء أضوأ..وهو كله من فيضك أنت تعلمين كم أثمن ما تجود به روحك من محبة هنا.. إنك فيما تقدمين من نقد - مهما كان مريرا - لا تلبسين أبدا أثواب القسوة ولا تستشعر النفس في رفضك الصافي أثرا من كراهية أو حقد أو ترسبا من ضغينة أو ظلا أسود من ذكرى متوارية حقا يا عشتار تكتمل لك الرقة والقوة في نقدك للأشياء .. في حديثك عن المجتمعات الديكتاتورية هنا أكثر من مغزى فالديكتاتورية فضلا عن أنها قسوة فهي في المقام الأول..غباء إنها الرغبة في الاستنساخ والتلخيص حتى لا تصبح هناك فروق تستدعي التفكير ولا اختلاف يستدعي المناقشة واستخدام العقل ولا هوات تستدعي بذل الجهد للردم أو التجسير ولا طرق متفرعة في الواقع والحياة تستدعي المنافسة والصراع تقضي الديكتاتورية على هذه الحياة الموارة المتغيرة كمجرى نهر وتستبدل بها برودة الموت وسكونه وهذا حقيقي جدا.. وأزيد إلى توضيح هذا المغزى في كلماتك مغزى آخر مؤثرا ومهما "فالديكتاتورية" لا تتجسد في النظم السياسية بالضرورة.. إنها كما يتضح في كلماتك قد تتجسد أكثر في نظم اجتماعية وثقافية وأسرية ومؤسساتية وطبقية هناك.."ثقافات ديكتاتورية" وربما يكون النموذج النمطي لها هو "ثقافة الريف" وهي ثقافة تتكيء نمطيا على "العادات والتقاليد" وهي من أكثر أنماط الثقافات البشرية عشقا للتشابه والنموذج والنمط ورفضا وكراهية للاختلاف.. وهناك طبعا.."مؤسسات ديكتاتورية" وهي المؤسسات التي تدار بطرق عسكرية أو شبه عسكرية تعتمد على السمع والطاعة والرضوخ للأوامر ورفض المناقشة..ومن أهم نماذج هذه المؤسسات الجماعات الدينية السياسية وإلى جانب ذلك طبعا توجد المؤسسات التي تدار بروح ديكتاتورية وإن كان ذلك يشكل انحرافا في مسارها وليس مبدأ أصيلا بداخلها..ومن أهم نماذج هذه المؤسسات المدارس والجامعات ومؤسسات التعليم بعامة والتي تدار في المجتمعات الديكتاتورية والمتخلفة بأبعد الطرق عن روح العلم وروح الحرية والنقاش والاختلاف وأكثرها تكريسا للقيم الاستبدادية وأخطر هذه المؤسسات من الناحية التربوية والفكرية والاجتماعية والبنائية هي مؤسسة الأسرة طبعا..ونموذج الأسرة الديكتاتورية هي الأسرة الذكورية التي تلغي قيم الحوار وإمكانيات الاختلاف وأرضيات التكافؤ لصالح "الأب" أو "الرأس" أو "الكبير" أو "الذكر الأوحد" وتفعّل من أجل ذلك قيما هامة مثل "احترام الكبير" تفعيلا استبداديا مشوها وهناك.."شارع أو رأي عام ديكتاتوري" وهو شارع أو رأي عام يعبر عنه عادة أو يوصم بالغوغائية والروح القطيعية (من روح القطيع). ونموذج لذلك حالات "الصرع" التي تتلبس الرأي العام عادة في القضايا التي يقع فيها في مواجهة فكرة مختلفة أو زي مختلف أو دين مختلف.. أعتقد يا عشتار أن الديكتاتورية "روح" شيطاني إذا تلبس مجتمعا من المجتمعات فإنه يسرى في أوصاله سريان السم وداء السرطان وأمراض الطاعون يضرب في كل اتجاه ويصيب كل المرافق بالعطب والخطورة يا عشتار.. أن أبناء هذه المجتمعات يعتادون تنفس الديكتاتورية والاستبداد كما يعتادون تنفس الهواء وتكون كل ممارساتهم الواعية أو اللاواعية موصومة بهذه الوصمة المشوهة اللانسانية أعتقد يا عشتار أننا ننتمي إلى واحد من هذه المجتمعات (ليس - لحسن الحظ - إلى حد كبير) لكن النسيج الثقافي المصري المتسامح ضربته خلال النصف الثاني من القرن العشرين بالذات الكثير من أمراض التشدد وظواهر العنف وجرائم اللاتسامح دعائي أن يسلم النسيج المصري مما ألم به من عطب وخوفي الكبير على زهور وزهرات هذا المجتمع من الأجيال الجديدة والعقول الغضة التي أتمنى لها أن تفلت من قبضته الاستبدادية القاسية التي لا تعرف الرحمة تماما كما أتمنى - يزهرتي الرقيقة الراقية - أن يهدأ قليلا خوفي الدائم عليك الذي لا تنفذ أبدا لا دواعيه ولا مصادره غير أن أعتقد أن هذا ليس أمرا ممكنا فحتى المخاوف هناك من بينها ما يمكننا أن نحبه نعم يا طائر .. هى الديكتاتورية بالفعل وهو الجزار الذى يُساق إليه القطيع ليذبح فلا واحد من القطيع يستطيع أن يقاوم لأن المقاومة لن تنفعه ولأن الجزار مؤكد سيغضب وهو نفسه سيعرض حياته وحياة باقى القطيع للخطر فى هذه الحالة وحتى لو قرر أحدهم - فى القطيع - أن يكون شجاع ويقاوم من أجل مصلحتهم جميعا سيلاقى من النطح والجروح أزمنة ..ومن من ؟!! من القطيع نفسه .. من أفراد قبيلته حتى يموت ! وهكذا تفعل الديكتاتورية فينا .. بهذا المعنى الأعم والأشمل وعلى كل المستويات الإجتماعية كما تفضلت وذكرت تنمطنا بغباء .. بفعل الخوف الوهمى .. بل تمحونا .. تمحونا تماما ويساعدها فى ذلك الجهل قطعا نقتل وننبذ ولابد وأن نخضع للتنميط القسرى وإلا ..! لمجرد أننا خرجنا عن المعتاد فى غير اتجاه الجزار المطمئن تماما تماما إلى أن أفراد القطيع أنفسهم لن يسمحوا للآخر المقدام أو المتهور بالتمادى لأنه خالف تقاليدهم وعادتهم فى الخضوع والإذعان والذبح أثر الطائر .. أعتذر عن الصورة القاتمة ولكنها حقيقية بكل أسف حقيقية وموجودة بالفعل وأرى أنك بعين العقل والوعى المتقدتين عندك قد ألهمتنا لحقيقة التنميط على المعنى السلبى ألا وهى الديكتاتورية كيف نتخلص إذن من الإنسان الديكتاتور !!! معضلة حقيقية .. وتزداد خطورتها لو كان بداخل كل منا ديكتاتور .. وهو لا يعلم !! أو وهو يعلم وفى كل الأحوال .. مذعن !! تم تعديل 25 أغسطس 2011 بواسطة عشتار رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عشتار بتاريخ: 25 أغسطس 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 25 أغسطس 2011 لست أدرى ما الذى دفعنى اليوم لأن أفتح خزانة ملابسى وأتطلع فيها على غير موعد ..ربما هى العادة النسائية الشهيرة ..وعادتى أنا الخاصة فى التنسيق والترتيب وحصر القديم والجديد عندما أنتوى الابتياع مثلا أو اختيار الأقمشة لتفصيلها حيث أننى من هواة هذا الأخير و بشدة .. لدرجة أننى عندما أقرر أن أتسوق فى الأقمشة ..أفعل.. لا من أجل مسايرة الموضة مثلا والظهور.. وإنما أكثر.. من أجل التفصيل بالذات .. كان التفصيل هو الهواية الأثيرة لجدتى ..وكانت تتقنه بمهارة حرفية عالية على الرغم من أنها كانت تتخذه كنوع من الواجبات التى يجب أن تجيدها المرأة المتزوجة للتوفير وتلبية متطلبات أسرتها من التفصيل والخياطة وغيرهما ..يعنى مثله مثل الطبخ والتنظيف والغسيل وسائر أعمال المنزل .. وأعتقد أن هذا الفكر الإقتصادى المحبوب كان هو السائد قديما بين النساء المتزوجات ربات البيوت أو الآنسات ..كانت المرأة تجيد كل شىء ولابد أن تفعل .. وكان التفصيل من أبجديات ادراتها لمنزلها ..هكذا كنت أرى جدتى تفعل وأمى ..وهكذا عرفت أنا الأخرى وأجدت .. غير أننى عندما توقفت أمام الخزانة لم أكن أبحث عن شىء معين ..ولا عن رغبة ملحة لأن أفصل قطعة ملابس جديدة .. وانما كنت أبحث عن ذاكرة ما مختبئة فى الملابس ..ذاكرة مدسوسة بين قطع الملابس وألوانها وزخارفها تعمل كشريط سينمائى سريع يقلب على ذكراى ذكريات ومواقف ..أحيانا نشتاق لملابس معينة كانت لها مشاهد لدينا ..مناسبة ما ..لقاء ما ..المهم أننى فعلت مدفوعة برغبة أنثوية فى التطلع لمقتنيات قد أضيف لها تنسيقا ما ..وهى بدورها قد تعود بى لإضافة حنونة مستعجلة ترجعنى لمعنى قديم جديد .. لا أعتقد أن عندى هوس الموضة وصرع الموديلات الذى أصبح منتشرا فى الطرقات بشكل محموم ..غير أننى أساير الموضة فعلا فيما يلائمنى وأحبه ..وأحمد الله كثيرا على أن الله عافانى مما ابتلى به غيرى فى مواسم الموضة حيث ترافق الكثير من النساء فى عروض الأزياء والديفيليهات الموسمية كآبة نسائية شهيرة حينما يتابعن خطوط الموضة بعناية ويعجزن فى نفس الوقت عن شراء تلك الملابس البراقة آخر موضة وعن تحقيق متطلباتهن المثيرة منها ..برغم أن التفصيل يوفر كل ذلك وبأقل التكاليف الممكنة ..!! رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عبير يونس بتاريخ: 25 أغسطس 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 25 أغسطس 2011 لست أدرى ما الذى دفعنى اليوم لأن أفتح خزانة ملابسى وأتطلع فيها على غير موعد ..ربما هى العادة النسائية الشهيرة ..وعادتى أنا الخاصة فى التنسيق والترتيب وحصر القديم والجديد عندما أنتوى الابتياع مثلا أو اختيار الأقمشة لتفصيلها حيث أننى من هواة هذا الأخير و بشدة .. لدرجة أننى عندما أقرر أن أتسوق فى الأقمشة ..أفعل.. لا من أجل مسايرة الموضة مثلا والظهور.. وإنما أكثر.. من أجل التفصيل بالذات .. كان التفصيل هو الهواية الأثيرة لجدتى ..وكانت تتقنه بمهارة حرفية عالية على الرغم من أنها كانت تتخذه كنوع من الواجبات التى يجب أن تجيدها المرأة المتزوجة للتوفير وتلبية متطلبات أسرتها من التفصيل والخياطة وغيرهما ..يعنى مثله مثل الطبخ والتنظيف والغسيل وسائر أعمال المنزل .. وأعتقد أن هذا الفكر الإقتصادى المحبوب كان هو السائد قديما بين النساء المتزوجات ربات البيوت أو الآنسات ..كانت المرأة تجيد كل شىء ولابد أن تفعل .. وكان التفصيل من أبجديات ادراتها لمنزلها ..هكذا كنت أرى جدتى تفعل وأمى ..وهكذا عرفت أنا الأخرى وأجدت .. غير أننى عندما توقفت أمام الخزانة لم أكن أبحث عن شىء معين ..ولا عن رغبة ملحة لأن أفصل قطعة ملابس جديدة .. وانما كنت أبحث عن ذاكرة ما مختبئة فى الملابس ..ذاكرة مدسوسة بين قطع الملابس وألوانها وزخارفها تعمل كشريط سينمائى سريع يقلب على ذكراى ذكريات ومواقف ..أحيانا نشتاق لملابس معينة كانت لها مشاهد لدينا ..مناسبة ما ..لقاء ما ..المهم أننى فعلت مدفوعة برغبة أنثوية فى التطلع لمقتنيات قد أضيف لها تنسيقا ما ..وهى بدورها قد تعود بى لإضافة حنونة مستعجلة ترجعنى لمعنى قديم جديد .. لا أعتقد أن عندى هوس الموضة وصرع الموديلات الذى أصبح منتشرا فى الطرقات بشكل محموم ..غير أننى أساير الموضة فعلا فيما يلائمنى وأحبه ..وأحمد الله كثيرا على أن الله عافانى مما ابتلى به غيرى فى مواسم الموضة حيث ترافق الكثير من النساء فى عروض الأزياء والديفيليهات الموسمية كآبة نسائية شهيرة حينما يتابعن خطوط الموضة بعناية ويعجزن فى نفس الوقت عن شراء تلك الملابس البراقة آخر موضة وعن تحقيق متطلباتهن المثيرة منها ..برغم أن التفصيل يوفر كل ذلك وبأقل التكاليف الممكنة ..!! حديثك ذو شجون يا غاليتي في عصر الفرسان كان يكفي المرأة جمالها و رقتها و حتى إن لم تُجد شيء مما يتم عادة تجهيز الفتاة به و كان يتم إعداد الفارس جيدا في فنون اللغة و الموسيقى و الشعر و المبارزة و ركوب الخيل وفنون الذوق و الاتيكيت و هذا الفارس بكل ما يملك ينحني على ركبتيه لينال نظرة رضا من محبوبته أو يسعده زمانه أن تقبل منه وردة و يطير فرحا إن سمحت له بتقبيل يدها و في هذا العصر على الفتاة أن تتقن كل أعمال المنزل و تتقن العمل خارج المنزل و تنجب و تربي و توفر النفقات و تتزين و تهتم بجمالها و رشاقتها كفتيات الإعلانات و الرجل يكفيه فقط أنه .... رجل!!! أعد شحن طاقتك حدد وجهتك و اطلق قواك رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
أثر الطائر بتاريخ: 26 أغسطس 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 26 أغسطس 2011 لست أدرى ما الذى دفعنى اليوم لأن أفتح خزانة ملابسى وأتطلع فيها على غير موعد ..ربما هى العادة النسائية الشهيرة ..وعادتى أنا الخاصة فى التنسيق والترتيب وحصر القديم والجديد عندما أنتوى الابتياع مثلا أو اختيار الأقمشة لتفصيلها حيث أننى من هواة هذا الأخير و بشدة .. لدرجة أننى عندما أقرر أن أتسوق فى الأقمشة ..أفعل.. لا من أجل مسايرة الموضة مثلا والظهور.. وإنما أكثر.. من أجل التفصيل بالذات .. كان التفصيل هو الهواية الأثيرة لجدتى ..وكانت تتقنه بمهارة حرفية عالية على الرغم من أنها كانت تتخذه كنوع من الواجبات التى يجب أن تجيدها المرأة المتزوجة للتوفير وتلبية متطلبات أسرتها من التفصيل والخياطة وغيرهما ..يعنى مثله مثل الطبخ والتنظيف والغسيل وسائر أعمال المنزل .. وأعتقد أن هذا الفكر الإقتصادى المحبوب كان هو السائد قديما بين النساء المتزوجات ربات البيوت أو الآنسات ..كانت المرأة تجيد كل شىء ولابد أن تفعل .. وكان التفصيل من أبجديات ادراتها لمنزلها ..هكذا كنت أرى جدتى تفعل وأمى ..وهكذا عرفت أنا الأخرى وأجدت .. غير أننى عندما توقفت أمام الخزانة لم أكن أبحث عن شىء معين ..ولا عن رغبة ملحة لأن أفصل قطعة ملابس جديدة .. وانما كنت أبحث عن ذاكرة ما مختبئة فى الملابس ..ذاكرة مدسوسة بين قطع الملابس وألوانها وزخارفها تعمل كشريط سينمائى سريع يقلب على ذكراى ذكريات ومواقف ..أحيانا نشتاق لملابس معينة كانت لها مشاهد لدينا ..مناسبة ما ..لقاء ما ..المهم أننى فعلت مدفوعة برغبة أنثوية فى التطلع لمقتنيات قد أضيف لها تنسيقا ما ..وهى بدورها قد تعود بى لإضافة حنونة مستعجلة ترجعنى لمعنى قديم جديد .. لا أعتقد أن عندى هوس الموضة وصرع الموديلات الذى أصبح منتشرا فى الطرقات بشكل محموم ..غير أننى أساير الموضة فعلا فيما يلائمنى وأحبه ..وأحمد الله كثيرا على أن الله عافانى مما ابتلى به غيرى فى مواسم الموضة حيث ترافق الكثير من النساء فى عروض الأزياء والديفيليهات الموسمية كآبة نسائية شهيرة حينما يتابعن خطوط الموضة بعناية ويعجزن فى نفس الوقت عن شراء تلك الملابس البراقة آخر موضة وعن تحقيق متطلباتهن المثيرة منها ..برغم أن التفصيل يوفر كل ذلك وبأقل التكاليف الممكنة ..!! عشتار الفاتنة رغم أنك ترين بتواضع نبيل - وكما تذكرين في مقدمة المذكرات - أنك لا تجيدين الكتابة إلا أن ما تضيفينه في موضوعك لمعارفنا الإنسانية العميقة ينفي ذلك بقوة أضفت من قبل مشاهدا حميمة ورائعة تعبق روائحها الدافئة في الذاكرة لأمد طويل..من بينها مشهد أب يستيقظ فجرا يقلب في الأشياء وتصدر عن حركته في المنزل الأصوات حتى يستيقظ الجميع ثم أضفت الآن مشهدا لا يقل روعة ولا خلودا في الذاكرة عن المشهد السابق : امرأة تفتح خزانة ملابسها..تقف أمامها وتتأمل فيها.. هذه أول مرة - حقا - أدخل إلى عقل ووجدان امرأة تتأمل وقتا طويلا في خزانتها وبهذه الخصوصية الماتعة ذكرتني مباشرة يا عشتار بكتابات وتأملات عبقري السرد "يوسف إدريس" حول المرأة لا أريد أن أستطرد لكن لابد أن أذكر أن "يوسف إدريس" كان أول كاتب يلاحظ مثلا أن الرجل لو أشعل كبريتا فإن يده تتجه مع العود في حركة إلى الداخل رهانا على المجازفة..أما المرأة فإنها عندما تشعل كبريتا فإن يدها تتجه مع العود في حركة إلى الخارج حرصا على الأمان هنا نحن أمام نص ذكي من هذا النوع الثاقب المشوق نص موشى بخصوصية المرأة.. مشغول بسيال شعوري أنثوي عميق ومطرز بشواغل وخطرات نسائية دقيقة جدا أحسدك على كتابته يا عشتار.. أما الجدة العظيمة فلها كل قبلاتي وأظن أنه ليس عيبا تقبيل الجدات :) ذكرى جداتنا وأثارهن دليل يقيني على أن المرأة لم تكن في وقت ما عبئا أو "فياضة حاجة" أو "كمالة عدد" حتى من قبل أن تخرج المرأة إلى العمل لتشارك الرجل كفاحه داخل وخارج البيت..حتى من قبل كانت المرأة عضوا منتجا في وحدة إنتاجية صغيرة نسميها "الأسرة" وكانت هذه الوحدة الاجتماعية قادرة فيما مضى على تحقيق الاكتفاء الذاتي لنفسها..تنتج طعاما ودواء وملبسا..كما كانت تنتج ثقافة تثقف بها إناث وذكور الأسرة (قبل التلفزيون ووسائل الترفيه الكثيرة) على هيئة حكايات قبل النوم والقصص الواقعية والخيالية والحكم والمواعظ..إلخ.. ومهما كانت وجوه النقص في هذا النمط الاجتماعي الذي يكاد ينقرض فأنت نجحت بجدارة في استخراج هذه الطبقة الفريدة من تربة وجدانك الأنثوي الخصب فمن جهة شخصية أنا لا أتعجب مهاراتك الكثيرة المتشعبة يا عشتار فهي لا تجسد إلا تكاثف طبقات عميقة من الوعي والخصوصية والشعور الإنساني لديك تجسد كل ما نحمله بداخلنا من أسلاف عشتار.. (لا أقل من عشتار).. كنت منذ السطر الأول في هذه المذكرات مقتنعا بأن التقليب في تربة خصبة كأنوثتك الفياضة لن ينتج أقل من ثمرات وأشجار طارحة وكنوز ثمينة من الوعي والشعور.. متابع يا عشتار بلذة وتشوق تاميّن ولهفة وبهجة قصوى.. من فضلك..لاتتأخري..أبدا :clappingrose: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عشتار بتاريخ: 11 سبتمبر 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 11 سبتمبر 2011 لست أدرى ما الذى دفعنى اليوم لأن أفتح خزانة ملابسى وأتطلع فيها على غير موعد ..ربما هى العادة النسائية الشهيرة ..وعادتى أنا الخاصة فى التنسيق والترتيب وحصر القديم والجديد عندما أنتوى الابتياع مثلا أو اختيار الأقمشة لتفصيلها حيث أننى من هواة هذا الأخير و بشدة .. لدرجة أننى عندما أقرر أن أتسوق فى الأقمشة ..أفعل.. لا من أجل مسايرة الموضة مثلا والظهور.. وإنما أكثر.. من أجل التفصيل بالذات .. كان التفصيل هو الهواية الأثيرة لجدتى ..وكانت تتقنه بمهارة حرفية عالية على الرغم من أنها كانت تتخذه كنوع من الواجبات التى يجب أن تجيدها المرأة المتزوجة للتوفير وتلبية متطلبات أسرتها من التفصيل والخياطة وغيرهما ..يعنى مثله مثل الطبخ والتنظيف والغسيل وسائر أعمال المنزل .. وأعتقد أن هذا الفكر الإقتصادى المحبوب كان هو السائد قديما بين النساء المتزوجات ربات البيوت أو الآنسات ..كانت المرأة تجيد كل شىء ولابد أن تفعل .. وكان التفصيل من أبجديات ادراتها لمنزلها ..هكذا كنت أرى جدتى تفعل وأمى ..وهكذا عرفت أنا الأخرى وأجدت .. غير أننى عندما توقفت أمام الخزانة لم أكن أبحث عن شىء معين ..ولا عن رغبة ملحة لأن أفصل قطعة ملابس جديدة .. وانما كنت أبحث عن ذاكرة ما مختبئة فى الملابس ..ذاكرة مدسوسة بين قطع الملابس وألوانها وزخارفها تعمل كشريط سينمائى سريع يقلب على ذكراى ذكريات ومواقف ..أحيانا نشتاق لملابس معينة كانت لها مشاهد لدينا ..مناسبة ما ..لقاء ما ..المهم أننى فعلت مدفوعة برغبة أنثوية فى التطلع لمقتنيات قد أضيف لها تنسيقا ما ..وهى بدورها قد تعود بى لإضافة حنونة مستعجلة ترجعنى لمعنى قديم جديد .. لا أعتقد أن عندى هوس الموضة وصرع الموديلات الذى أصبح منتشرا فى الطرقات بشكل محموم ..غير أننى أساير الموضة فعلا فيما يلائمنى وأحبه ..وأحمد الله كثيرا على أن الله عافانى مما ابتلى به غيرى فى مواسم الموضة حيث ترافق الكثير من النساء فى عروض الأزياء والديفيليهات الموسمية كآبة نسائية شهيرة حينما يتابعن خطوط الموضة بعناية ويعجزن فى نفس الوقت عن شراء تلك الملابس البراقة آخر موضة وعن تحقيق متطلباتهن المثيرة منها ..برغم أن التفصيل يوفر كل ذلك وبأقل التكاليف الممكنة ..!! حديثك ذو شجون يا غاليتي في عصر الفرسان كان يكفي المرأة جمالها و رقتها و حتى إن لم تُجد شيء مما يتم عادة تجهيز الفتاة به و كان يتم إعداد الفارس جيدا في فنون اللغة و الموسيقى و الشعر و المبارزة و ركوب الخيل وفنون الذوق و الاتيكيت و هذا الفارس بكل ما يملك ينحني على ركبتيه لينال نظرة رضا من محبوبته أو يسعده زمانه أن تقبل منه وردة و يطير فرحا إن سمحت له بتقبيل يدها و في هذا العصر على الفتاة أن تتقن كل أعمال المنزل و تتقن العمل خارج المنزل و تنجب و تربي و توفر النفقات و تتزين و تهتم بجمالها و رشاقتها كفتيات الإعلانات و الرجل يكفيه فقط أنه .... رجل!!! فى الأدبيات الغربية القديمة كانت تتجلى بوضوح هذه النظرة يا أستاذة عبير ..فى فرسان العصور الوسطى بالتحديد ..عندما كان يكفى المرأة بالفعل جمالها ورقتها وكانت تبذل لأجل ذلك كل جهدها ..بل عمرها كله .. ولكى يكون الرجل جديرا بها كان ولابد أن يكون فارسا متحليا بأوصاف الفرسان ومجتهدا فى إجادة مهارات رومانسية وقتالية تجعله فى نظرها الفارس الرقيق الصنديد الشجاع الذى يستحقها ويستحق جمالها ورقتها ..بالتأكيد هى نظرة مثالية حالمة من الرائع جدا لو تحققت بمثل هذا النبل والتقديس .. ولكن .. تغير الزمن ..وتغيرت تلك المظاهر ..حتى فى الغرب .. ولم يكن لها وجود أصلا فى مجتمعنا الشرقى ..العلاقة بين الرجل والمرأة كانت محكومة طوال الوقت بعلاقة الجارية والسيد ..وكانت المرأة محكومة اضطراريا بإجادة تلك المهارات المنزلية ..ليس على سبيل التهيئة والإجادة والتوفير بقدر ما كانت الزامات ترفع من ميزاتها كعروس وزوجة منتظرة ستعمر طويلا وتوفر كثيرا ..فشتان بين النهجين فى الثقافة الأوروبية والشرقية برغم أن الإسلام رفع من مكانة المرأة وساوها بالرجل كإنسان وآدمى له نفس المتطلبات إلا أن مجتمع الذكورية الشرقية لم يكترث كثيرا بعدالة الدين الإسلامى فى تعامله مع المرأة لدرجة أنه لايزال حتى اليوم وفى صعيد مصر الجوانى من يحرم على المرأة حقها فى الميراث دون الإكتراث بشرع الله من عدمه !! بصرف النظر عن كل ذلك ..لاشك أن مكانة المرأة اليوم أفضل كثيرا من الماضى ..والكلام هنا - بخصوص احترام المرأة قديما وحديثا - أحب أن أوضح أنه ليس شاملا ولا أعممه على كل الحالات ..سنجد اناسا فى طبيعتهم نفسها احترام المرأة الأمس و غدا على السواء ..وتقديس مجهوداتها ..واحترامها ككائن منتج وفعال فى المجتمع ..فتلك طبيعتهم وفطرتهم الصحيحة ..وسنجد على الجانب الآخر اناسا متعصرنيين لا يقيمون للمرأة وزنا برغم كل ما وصلوا له من ثقفاوية متطورة ..اذن هى ثقافة ..ولكن برغم ذلك هناك خط عام يمكن ملاحظته والسير جنبا إلى جنب معه فى رحلة التقصى والبحث .. المرأة اليوم وضعيتها أرقى مما لاشك فيه ..تناضل فى سبيل أن تنال حقوقها التى تتمثل فى أبسط متطلباتها الإنسانية ..مثل العمل والحياة ..الرأى ..والإحترام ..ولاشك أنه كلما أجادت المرأة من المهارات ما ينفعها وينفع بيتها ومجتمعها كلما ارتقت بمستواها ..وأثبتت جدارتها فى ادارة حياتها الشخصية و العملية ..المرأة ليست نصف المجتمع فقط ..ولكنها عندما تصلح وتتطور وتتعلم وتقف جنبا إلى جنب مع الرجل كزوجة وأم بوعى واستحقاق بالتأكيد تكون وبامتياز مكسب عظيم فى الحياة ولا أقل أن تصير المجتمع كله وقتذاك .. نعم للتعليم المستمر والتراقى ..ولا للنزوع إلى التخصيص استنادا إلى النوع .. أو الأحقية .. أشكرك يا أستاذة عبير من كل قلبى على نقاشاتك المثمرة التى تفتح أمامنا آفاق أخرى للفكر والحوار ..مع خالص مودتى وتقديرى رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عشتار بتاريخ: 11 سبتمبر 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 11 سبتمبر 2011 (معدل) لست أدرى ما الذى دفعنى اليوم لأن أفتح خزانة ملابسى وأتطلع فيها على غير موعد ..ربما هى العادة النسائية الشهيرة ..وعادتى أنا الخاصة فى التنسيق والترتيب وحصر القديم والجديد عندما أنتوى الابتياع مثلا أو اختيار الأقمشة لتفصيلها حيث أننى من هواة هذا الأخير و بشدة .. لدرجة أننى عندما أقرر أن أتسوق فى الأقمشة ..أفعل.. لا من أجل مسايرة الموضة مثلا والظهور.. وإنما أكثر.. من أجل التفصيل بالذات .. كان التفصيل هو الهواية الأثيرة لجدتى ..وكانت تتقنه بمهارة حرفية عالية على الرغم من أنها كانت تتخذه كنوع من الواجبات التى يجب أن تجيدها المرأة المتزوجة للتوفير وتلبية متطلبات أسرتها من التفصيل والخياطة وغيرهما ..يعنى مثله مثل الطبخ والتنظيف والغسيل وسائر أعمال المنزل .. وأعتقد أن هذا الفكر الإقتصادى المحبوب كان هو السائد قديما بين النساء المتزوجات ربات البيوت أو الآنسات ..كانت المرأة تجيد كل شىء ولابد أن تفعل .. وكان التفصيل من أبجديات ادراتها لمنزلها ..هكذا كنت أرى جدتى تفعل وأمى ..وهكذا عرفت أنا الأخرى وأجدت .. غير أننى عندما توقفت أمام الخزانة لم أكن أبحث عن شىء معين ..ولا عن رغبة ملحة لأن أفصل قطعة ملابس جديدة .. وانما كنت أبحث عن ذاكرة ما مختبئة فى الملابس ..ذاكرة مدسوسة بين قطع الملابس وألوانها وزخارفها تعمل كشريط سينمائى سريع يقلب على ذكراى ذكريات ومواقف ..أحيانا نشتاق لملابس معينة كانت لها مشاهد لدينا ..مناسبة ما ..لقاء ما ..المهم أننى فعلت مدفوعة برغبة أنثوية فى التطلع لمقتنيات قد أضيف لها تنسيقا ما ..وهى بدورها قد تعود بى لإضافة حنونة مستعجلة ترجعنى لمعنى قديم جديد .. لا أعتقد أن عندى هوس الموضة وصرع الموديلات الذى أصبح منتشرا فى الطرقات بشكل محموم ..غير أننى أساير الموضة فعلا فيما يلائمنى وأحبه ..وأحمد الله كثيرا على أن الله عافانى مما ابتلى به غيرى فى مواسم الموضة حيث ترافق الكثير من النساء فى عروض الأزياء والديفيليهات الموسمية كآبة نسائية شهيرة حينما يتابعن خطوط الموضة بعناية ويعجزن فى نفس الوقت عن شراء تلك الملابس البراقة آخر موضة وعن تحقيق متطلباتهن المثيرة منها ..برغم أن التفصيل يوفر كل ذلك وبأقل التكاليف الممكنة ..!! عشتار الفاتنة رغم أنك ترين بتواضع نبيل - وكما تذكرين في مقدمة المذكرات - أنك لا تجيدين الكتابة إلا أن ما تضيفينه في موضوعك لمعارفنا الإنسانية العميقة ينفي ذلك بقوة أضفت من قبل مشاهدا حميمة ورائعة تعبق روائحها الدافئة في الذاكرة لأمد طويل..من بينها مشهد أب يستيقظ فجرا يقلب في الأشياء وتصدر عن حركته في المنزل الأصوات حتى يستيقظ الجميع ثم أضفت الآن مشهدا لا يقل روعة ولا خلودا في الذاكرة عن المشهد السابق : امرأة تفتح خزانة ملابسها..تقف أمامها وتتأمل فيها.. هذه أول مرة - حقا - أدخل إلى عقل ووجدان امرأة تتأمل وقتا طويلا في خزانتها وبهذه الخصوصية الماتعة ذكرتني مباشرة يا عشتار بكتابات وتأملات عبقري السرد "يوسف إدريس" حول المرأة لا أريد أن أستطرد لكن لابد أن أذكر أن "يوسف إدريس" كان أول كاتب يلاحظ مثلا أن الرجل لو أشعل كبريتا فإن يده تتجه مع العود في حركة إلى الداخل رهانا على المجازفة..أما المرأة فإنها عندما تشعل كبريتا فإن يدها تتجه مع العود في حركة إلى الخارج حرصا على الأمان هنا نحن أمام نص ذكي من هذا النوع الثاقب المشوق نص موشى بخصوصية المرأة.. مشغول بسيال شعوري أنثوي عميق ومطرز بشواغل وخطرات نسائية دقيقة جدا أحسدك على كتابته يا عشتار.. أما الجدة العظيمة فلها كل قبلاتي وأظن أنه ليس عيبا تقبيل الجدات :) ذكرى جداتنا وأثارهن دليل يقيني على أن المرأة لم تكن في وقت ما عبئا أو "فياضة حاجة" أو "كمالة عدد" حتى من قبل أن تخرج المرأة إلى العمل لتشارك الرجل كفاحه داخل وخارج البيت..حتى من قبل كانت المرأة عضوا منتجا في وحدة إنتاجية صغيرة نسميها "الأسرة" وكانت هذه الوحدة الاجتماعية قادرة فيما مضى على تحقيق الاكتفاء الذاتي لنفسها..تنتج طعاما ودواء وملبسا..كما كانت تنتج ثقافة تثقف بها إناث وذكور الأسرة (قبل التلفزيون ووسائل الترفيه الكثيرة) على هيئة حكايات قبل النوم والقصص الواقعية والخيالية والحكم والمواعظ..إلخ.. ومهما كانت وجوه النقص في هذا النمط الاجتماعي الذي يكاد ينقرض فأنت نجحت بجدارة في استخراج هذه الطبقة الفريدة من تربة وجدانك الأنثوي الخصب فمن جهة شخصية أنا لا أتعجب مهاراتك الكثيرة المتشعبة يا عشتار فهي لا تجسد إلا تكاثف طبقات عميقة من الوعي والخصوصية والشعور الإنساني لديك تجسد كل ما نحمله بداخلنا من أسلاف عشتار.. (لا أقل من عشتار).. كنت منذ السطر الأول في هذه المذكرات مقتنعا بأن التقليب في تربة خصبة كأنوثتك الفياضة لن ينتج أقل من ثمرات وأشجار طارحة وكنوز ثمينة من الوعي والشعور.. متابع يا عشتار بلذة وتشوق تاميّن ولهفة وبهجة قصوى.. من فضلك..لاتتأخري..أبدا :clappingrose: أثر الطائر .. الخالد ما بقت الروح فى الجسد وفى السماء .. كلماتك دائما ترفعنى لأعلى ..أعلى ..حتى أكاد ألامس النجوم ..وكم أخشى - حقا وصدقا - أننى أقل مما تصف ..فأسقط من هذا العلو المقدس الذى ترفعنى اليه .. تحية عرفان وتقدير وامتنان لكل كلمة توجهها لذاتى العادية جدا ..صدقنى ..جدا يا أثر الطائر ..وترفعنى بها لأعلى وتدفعنى نحو الترقى ..وللأمام ..وللعلو ..والتسامى ..فى سبيل الأفضل والأنفع والأجمل أتمنى أن أكون دائما عند حسن ظنك بى وتصورك فىّ ..يارب مداخلاتك دائما تشبع ..تروى ..وبعد الشبع والإرتواء يشعر الإنسان فينا بالإمتلاء الُمنعِم ..وأن صحرواته الجافة قد ارتوت وأينعت ..وهذا ما تفعله فينا - ولا أقل من جميعنا - كلماتك وتعقيباتك الشاملة ..الملمة ..المتعمقة بجذورها الضاربة فى بحور انسانيتنا وثقافتنا العميقة الروحية المتراكمة .. لأجلك ..كلماتك ..روحك ..ذاتك المفنة ..أعود لهذه المذكرات دائما .. دائما سأعود .. :clappingrose: تم تعديل 11 سبتمبر 2011 بواسطة عشتار رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
عشتار بتاريخ: 11 سبتمبر 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 11 سبتمبر 2011 الشتاء ..ورائحة الجوافة تزكم الأنوف..أريج البرتقال المنعش..السحب الفضية التى تشبة هالات القطن الرمادية بغموضها وجلالها..أشعة الشمس الحنونة العفية التى تتسلل من بين خيوطها الذهبية مساحات واسعة من الدفء..وليالى ممطرة يتوارى من خلفها برق خاطف وصواعق باردة..!! مظاهر قد تبدو موحشة ولكنها داخل اعماق نفسى ناعمة حزينة تمنحنى سعادة لا نهائية يتجدد على ايقاعها الصاخب المضطرب الإلهام والذكرى..أحب الشتاء..نعم أحبه .. ويكاد يكون هو الفصل الوحيد من بين فصول السنة الأربعة الذى يسمح لى أن أحكى فيه أكبر وقت ممكن مع نفسى...ابحث وأقلب فى عمرى كله..أرجع بخيالى الى الوراء لذكريات مرتبطة تارة بالفرح وتارة بالحزن...وفى كل الاحوال..فى الفرح وفى الحزن .. يكون للحديث طعم آخر...ربما ذو شجون ..ولكنه فى كل الأحوال ملون بألوان قوس قزح الشتوية البراقة ..حتى فى الحزن ! والحقيقة أن مظاهرالشتاء اذا تأملناها سنجد أنها تحمل فى طياتها فلسفة عميقة للحياة ..هكذا دائما أراها .. الغيمات مثلا سرعان ما يتساقط منها المطر ليغسل الشوارع والطرقات .. فتصفو الأجواء..وتبدو الدنيا فى ابهى حلة..ويتبدل الحال فى دقائق معدودة من البرودة للدفء ومن الظلام للنور ..والليل الشتوى البارد..برغم قسوته وشجنه .. تتفاعل فيه القريحة مع كل المظاهر الشتوية الصارخة...فتتولد داخل النفس قوة تحريضية تحث الإنسان على التفاعل مع الكون المغسول المتجدد ..وكما من قلب البرودة ينبعث الدفء...ينبعث أيضا الشجن والأسى ليتلمس الإنسان بهما مسارات أفضل للحياة...مسارات تعيد خلقها أصداء الشتاء المتغيرة الطيبة .. إنها حقا دورة الطبيعة المثيرة للتأمل والعظة..! محبب لقلبى هذا الفصل...فأنا من عشاقه ومريديه.. ولا اعرف مدى صحة تلك المقولة التى مفادها أن مواليد الشتاء هم فى الحقيقة شتويين بطبيعتهم الأصلية ..حيث نجدهم متأملين دافئين على عكس مواليد الصيف الذين يشبهونه ويملأون الدنيا صخبا وضجيجا فى صيفهم المنعش المحبوب..اعتقد أنها الى حد ما مقولة صحيحة..فلم أر من مواليد الشتاء سوى تجانس وتآلف واضح وعميق مع مظاهر هذا الفصل وكأنهم فيه يزدهرون ويكبرون ..وأعتقد فى نفسى أننى واحدة منهم ...فأنا انتظره كل عام ..انتظره بلهفة كبرى لألوذ بنفسى فيه من صخب الحياة...وأسدل الستائر السميكة على نافذة غرفتى وانعم بلحظات الدفء والدعة..وكأننى فى عش دافىء حميمى يفتح شهيتى للحب والحياة والقراءة والسكينة .. فى فصل الشتاء ..انتظر الشمس دائما ..فشروقها بالنسبة لى يكون مفاجأة سارة ..مفاجئة بالفعل منتظرة على عكس شمس الصيف الحارقة الدائمة البروز ..أغوص داخل ابداعاتها اللونية بانعكاساتهاالظليلة ..وأغرق على أثرها فى تكوينات الشتاء المسترخية فى السكون..تبدو المعالم طازجة...حاضرة...ثابتة...مفعمة بالغموض...تحث على التفاعل وكأنها منبع لإلهام صاف .. فالأفق مكسو بضباب منعش..و السماء بدرجاتها الرمادية تبدو لامعة ومصقولة ..تلقينى كلى فى لحظات من التجلى ..تحيطنى بهالات رقيقة من الألق والشجن .. انها مظاهر مغايرة تماما لمعالم الصيف التى تتسم بالحدة والوضوح والانطلاق... ولعل البرق ورذاذ المطر من اكثر المظاهر الشتوية التى تدفع محبى الشتاء الى الإلتحام مع عناصر الطبيعة الثائرة..وربما تندهشون حينما اخبركم ان هذه المظاهر الثائرة فى كينونتها تغمرنى بالسكينة والوضوح لانها فى نظرى تحفز النفس على انتاج ما يقابلهم من سلام وامان مطلوبين لتتدثر بهم النفس من الصقيع والرمادية الناتجين .. من خلف النوافذ والجدران ..فى كل شتاء ..أضبط نفسى واقفة بشغف لأتأمل هذا الطقس البديع..ربما لاننى استشعر يد الله الحانية تتسلل إلينا من خلف هذا الصخب كى تربت على قلوبنا من ينبوع الرحمة الإلهية...وتنسل معها خيوط أخرى للذاكرة تبرق مع حبات المطر المتساقطة كلما هطلت ..فيعود الإنسان بخياله الى الماضى والذكريات يستمد منهما رياح دافئة تسرى فى الجسد المتوار خلف زجاج النافذة والجدران السميكة..فيغمره دفء المشاعر والذكريات وتنتقل حرارتهما الى القلوب الخاشعة.. عاد الشتاء..استشعر بوادره هذه الأيام فى نفسى وقلبى ..عاد مع الإنكسار النهارى الطفيف للشمس و الذى لا يلحظه سوى العالم بها والمفتون بضوئها .. عاد الشتاء مع نسيم بارد يداعب فى خفاء احساسى ويقبلنى بالدفء المنتظر ..عاد واعدا بمطر غزير.. زخاته طيبة تغسل القلوب و أوراق الشجر ..فتلمع الطرقات..ويتصاعد رحيق الشجر المغسول مع رائحة التربة المبلولة وتنتشر هذه الرائحة العطرية فى الأجواء والتى هى من أحب الروائح الطبيعية التى تبقى فى الذاكرة...وفى الوجدان . أخيرا سيعود الشتاء بحكاياتة وذكرياته التى لا تنسى ولا تنمحى..كم كانت دافئة ولاتزال تشع دفئا فى القلب ..دفء يعرفه كل من أحب الشتاء وذاق حلاوته ..دفء يقرب فيما بين الأصدقاء والأحبة حيث يكون للكلمات عبق خاص ..ويكون للتلاقى خصوصية..فنهار الشتاء مرتجف وليله براق دافىء يساعد على القرب والحميمية .. و بعد الشتاء ربيع ..كما بعد البرودة دفء وتستمر الحياة ..والمطر ..والحب ..والعطاء .. كما قال بدر شاكر السياب ذات يوم فى قصيدته " الشتاء " : " وكأنما قوس السحاب وقد بدأ اوتار قيثار مضت تتنادم فتقاربت حتى يعاود عزفها روح الانامل بالملاحن عالم هذا الشتاء فأوسعوه تحية فوراءه إنّ الربيع لقادم " إذن الربيع قادم ..لا محالة قادم ..والشمس من وراء الغيب ستبرز فى شجاعة لتواجه مصيرها وسط الرمادى ..والبرد سيأتى ..لاشك سيأتى ..ليبعث على الإفتتان بالطبيعة..وليزحف على أنفسنا زحف الحب على القلب...فيداعبه بحنو حتى يحوله الى اعصار من العواطف تنعش رغبة خفية إلى الدفء والتودد..وحين يدب الألم فى النفس تمنحنا الطبيعة مطرا ينهمر مع دموعنا فاذا نحن سويا نشهد المطر والإحتماء ...بتآخى . أحب الشتاء لأتعلق بقوس قزح....حين تنكسر جدائل الشمس فى أثناء تموجها...مع زخات المطر ...وأحبه لرغبتى فى التحليق وسط أمواج الضوء حينما يصرخ البرق فرحا بعناق الرعد...أحبه لمحاولة الريح أن تخيفنى اذ تقتحم غرفتى الموصدة فى اصرار...وأحبه أيضا لرغبة المطر فى أن تغفو قطراته على وسادتى وأحلامى..أحب الشتاء وأتوق اليه لأنه بعد البرد تأتى النسمات اللطيفة ربيعا مثيرا للفرح والأمل...أحبه لأننى أتطلع للطريق ..أرقب ترابيته ورماديته بإمعان .. وصلابته المبللة بدموع الغيمات..والأشجار العالية وهى تتلوى بأذرع الريح...أرقبه بنوع من الحنين لزمن تسرب سريعا من بين يدى وترك اثارا تخبرنى أنه مر يوما من هنا...من على ذات الطريق المطير .. عندى ذكريات شتوية لها طابع مختلف..منذ كنت طفلة تسمع هدير الأمواج وهى تزأر خلف نوافذ الغرفة..ونقرات المطر التى تتساقط زخات زخات متسارعة.. يتساقط سيلا فوق امواج البحر الثائرة من وراء غرفتى..ويبدو المشهد الخلاب تحت ضوء القمر المتوار بين النجوم والغيمات مستعصيا على الوصف..حيا ..يعيش ويتنفس ويبتسم ويبكى ويمرح..كانت أصابعى الصغيرة تلملم الستائرالمنسدله على النافذة مفسحة مجالا محدوداا لوجهى كى يندس من وراءها ويرقب المشهد البديع..وكانت أمى الحبيبة تسد كل المنافذ التى قد تتمكن الريح من النفاذ منها الى وتدثرنى بالأغطية الواحد فوق الأخر وتحكمها من حول جسدى الصغير..أتذكر جدتى التى كانت تعد النار للتدفئة..كانت دائرة خالدة للدفء نجتمع حولها..نتبادل أطراف الحديث ونرتشف رشفات لذيذة من الشاى المدهش التى كانت- رحمها الله – تصنعه لنا فوق هذه النار فى أماسى الشتاء الطويلة الباردة ...والخبز المحمص الذى كانت تضعه فوق الجمار بعد أن تخبو نيرانها...هذا الطعم الأسطورى الذى طالما احببته وأفتقدته...ثم يمتد العمر ليضيف الشتاء اسماء جديدة لحياتى...هى اسماء أصدقاء واناس أقابلهم وأعرفهم ...فى الدراسة وفى العمل ..وفى خضم الحياة كلها .. ذكريات عديدة تمر أمام عينى الآن..وصور لأشخاص يعبرون طرقات الذاكرة بقوة..وكلمات وأصوات ترن فى أذنى حية لا تموت.. القلب معصور..معصور بذكريات تهجع اليه مع مطلع كل شتاء..مع مشاعر تطفو..ومشاعر تغوص وتغوص... http://www.youtube.com/watch?v=KoT-RC0lWQk رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
أثر الطائر بتاريخ: 11 سبتمبر 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 11 سبتمبر 2011 ما الذي يفعله بنا الشتاء؟ إنه فصل يشبه فيه الإنسان إلى حد كبير سائر الكائنات والموجودات، يشبه الطبيعة ذاتها. ينسحب الكائن في الشتاء إلى داخله، يلم في هدوء متعلقاته الشخصية المبعثرة خارج كهف ذاته، يطفأ نيران السامر الجماعي التي أشعلها تحت نجوم الصيف، وترك نسيم الليلات الصيفية يداعب أطراف لهبها ويلهو بها، ليشعل نيرانا أخرى بالداخل..داخل كهف ذاته. حيث يغلق المرء على ذاته باب ذاته ويستدفئ بنيرانه الداخلية الحميمة وحدها. ما الذي يفعله بنا الشتاء؟ إنه يقودنا إلى دواخلنا، يسحبنا إلى أعماقنا الأكثر دفئا، والأكثر إشعاعا. كمهاجر كان بعيدا عن وطنه يعود المرء ليتجول في دروب ذاته، يشاهد المعالم التي طال هجرانها خلال صيف طويل، يتأمل في التغيرات الطفيفة أو العميقة التي وقعت، وفي الكيفيات التي استحدثت، يتأمل ما يجرى في خارجه، ويتأمل ما يجري في داخله، من أحداث. يغوص في ماضيه وذاكرته أو ذاكراته التي أكتسبها خلال سنوات عمره، يراقب خطوات ما رحل ويبتعد في الزمن ويقيس حجم الفراغ الذي خلفه، ويهيئ داخله لما حل ويقترب في المستقبل ويفسح له داخل ذاته مكانا يضيق أو يتسع.. ما الذي يفعله بنا الشتاء؟ إنه يقرب الكائنات من ذواتها، يعطي كل منها منظارا مقربا أو ميكروسكوبا يدقق به ذاته، ويقرب إليه ذوات الآخرين .. في الشتاء يا عشتار يستدفأ كل منا بنيران ذاته..نيران ذات هي الأكثر صفاء ونصوعا وقربا من حقيقتنا الداخلية العميقة هناك من الذوات من تطارده في الشتاء لعنة الوحدة، فيجلس أمام نيران ذاته الخافتة كذبالة تعاني الانطفاء، تلقي بظلال كئيبة مضخمة في كل مكان من حوله، يستشعر برد الوحدة ويعاني كآبتها منفردا لكن المحظوظ من البشر من يمكنه أن يمزج نيران ذاته بوقود يستمده من ذوات الآخرين المحظوظ من البشر هو الذي تبلغ نيرانه هذا الحد من القوة وقدرات العطاء ومنح الدفء وحميمية الأمل، فيمنح دفئه ليس لذاته وحدها ولكن لذوات أخرى تشاركه بحميمية مسيرته الشتائية المتوغلة في الحقيقة وفي الإيمان أنت يا عشتار واحدة من هذه الذوات المحظوظة التي يجاوز دفئها دائما حدود ذاتها فتصنع دفئا إنسانيا صافيا وحميما..تجعلين من حولك دائرة من الضوء المستمد من علاقتك الطبيعية بالشمس وإيمانك بها، دائرة لا تقترب أبدا منها ظلمات البرودة والتوحد ولا شياطين العزلة والكآبة وها أنا يا عشتار أتخذ مكاني حول نار حميميتك الشتائية..أتابع وأنتظر نصيبي من دفء الحكايا ومن دفء الحب :clappingrose: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان