أثر الطائر بتاريخ: 21 أغسطس 2011 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 21 أغسطس 2011 الشيخ "عبدالمتعال الصعيدي" : "دول تتقاتل على الملك وتنسى أنه يجمعها دين واحد" يختلف الدارسون حول تاريخ ميلاد ووفاة الشيخ الجليل "عبدالمتعال الصعيدي"، مع أنه لم يعش مثلا قبل عصور الكتابة أو في غياهب ظلام القرون العثمانية والمملوكية، كذلك لم يكن من بين الرعيل الإسلامي الأول، ولا من التابعين ولا تابعي التابعين.. الشيخ عبدالمتعال الصعيدي هو "مواطن مصري أزهري" عاش ما بين (1895– 1971) على أحد الأقوال، أو بين عامي (1894 – 1966) على قول آخر..وهناك أقوال أخرى!! لكن ما دلالة هذا الاختلاف في تاريخ ميلاد ووفاة رجل عاش منذ أقل من خمسين عاما تقريبا؟! الدلالة هو أننا نعيش في أوطان تأكل أبناءها..ليس كل أبناءها طبعا، ولكن النابهين منهم، المجتهدين منهم، المختلفين منهم، وأصحاب العقول منهم. اختلاف هؤلاء الأبناء المغضوب عليهم في مصرنا الطيبة ليس اختلاف الإثارة الجماهيرية (المنتشر بصورة عالمية تقريبا) ولكنه اختلاف الجدارة الفكرية، والتميز الروحي، والعمق الإنساني، اختلاف الحقيقة عن الزيف، اختلاف التمسك بالدين الحقيقي عن التجارة بالتدين الزائف. لماذا أهملت أراء وكتابات الشيخ الجليل "عبدالمتعال الصعيدي"؟ إجابة هذا السؤال سهلة للأسف، وهي : أن الرجل قال الحقيقة فقط ولم يقيم وزنا ولا حسابا لأي شيء أو أحد سوى الحقيقة. والحقيقة – في عصور التراجع - لا تستوعبها أذهان مريضة وقرائح معطوبة وعقول متشددة ونفوس مغرضة. وبشر يقدمون حسابات المصلحة والمنفعة والتجارة بالإسلام على الإسلام نفسه.. فيروجون باسم الدين تشددا وتنطعا وجمودا وغباء لا يخص الدين وليس منه، والإسلام منه – ومنهم – براء. هذه العقول الجامدة المعطوبة لم تتورع – كالعادة – عن اضطهاد الشيخ في حياته، فشنت عليه أقلامهم الموتورة حملة تشويه ضارية في الصحف، حملة تشنيع – كعادة كل ما يفكرون فيه ويفعلونه – غير نظيفة، شككوا في إيمان الشيخ وفي يقينه وفي إخلاصه وإنتمائه المتفاني للدين وقضاياه ومستقبله وأماله. حملة يقول عنها د.عصمت نصار في بحثه عن الشيخ : "يتراءى لي أن كتابات الصعيدي السياسية عن حقوق الأمة والنظام الجمهوري كانت وراء هذه الحملة وهذا العقاب." .. لقد أبحر الشيخ "عبدالمتعال الصعيدي" شأن عظماء المجددين في الإسلام وأئمة الدين في هذا العصر وراء عقدة تأخر المجتمعات الإسلامية وتدهورها قياسا لتقدم الغرب وعلو شأنه. سؤال عويص يؤرق المخلصين والشرفاء ويتوقف على إجابته أو إجاباته مستقبلنا كله، وطننا كله وديننا كله. دائما يكون التفكير في هذا السؤال الكبير صعبا ومعقدا، وتكون إجاباته شائكة ومؤرقة كالحقيقة. ولكي تتضح قضية التعتيم على الأراء القيمة للشيخ، وقضية التعتيم على الحقائق في مجتمعنا عموما، سأستعرض هنا بعض أراء وتبصرات الشيخ العظيم "عبدالمتعال الصعيدي" والواردة في كتاب له بعنوان "المجددون في الإسلام من القرن الأول إلى القرن الرابع عشر"، كتاب كان قد أعيد إصداره عام 2007 عن هيئة قصور الثقافة المصرية. نقد الجمود الفقهي رغم أن الشيخ الصعيدي هو من أبناء الأزهر إلا أن وفاءه لأمته وإخلاصه لحقائق دينها وتاريخها لم يجعلاه يتحرج من نقد الجمود الفقهي في مؤسسته الأم، والمؤسسة الدينية الأم في مصر : الأزهر الشريف. هذا الجمود الديني أغلق باب الاجتهاد في الإسلام منذ أكثر من خمسة قرون تقريبا، وجعل من الإسلام "دين عبادة" فقط، وليس "دين عمل"، وهو ما يسميه الشيخ "التغالي في العبادات" ويرفضه بقوة ويرى أن من كرسوا هذه النظرة القاصرة للدين هم ممن "ابتدعوا رهبانية في الإسلام". وأعتبر الشيخ أن الخليفة "عمر بن الخطاب" من المجددين الكبار في التاريخ الإسلامي، وأستشهد في هذا السياق باجتهادات عمرية كثيرة تراعي كلها سياق التغير الاجتماعي والتبدل الزمني، بعضها معروف، وبعضها ربما يسمع به الكثيرون للمرة الأولى، ومن بين هذه الاجتهادات العمرية الواردة في الكتاب : 1- رفض "عمر بن الخطاب" إعطاء الصدقة للمؤلفة قلوبهم بالمخالفة للآية القرآنية الصريحة بسورة التوبة. باجتهاد منه رأى أن الإسلام أصبح في حال من القوة والانتشار لم يعد معه في حاجة إلى أن يؤلف قلوب الناس ويشتري ودهم بالأموال والصدقات. 2- مزق "عمر ن الخطاب" كتاب الخليفة "ابي بكر الصديق" بالتوصية لاثنين طلبا الصدقة وقال لهما : "إن الله أعز الإسلام وأغنى عنكم فإن تبتم وإلا بيننا وبينكم السيف". ولم يكتف بذلك بل منع عنهما الزكاة أيضا. 3- ما فعله الخليفة "عمر بن الخطاب" مع مسيحيي بني تغلب، فقد أنفوا (يعني أستعروا) من اسم "الجزية" التي تؤخذ منهم وطلبوا من "عمر" أن يأخذ منهم "زكاة" كالمسلمين على أن يضاعفها عليهم، فقبل منهم الخليفة العادل ذلك. وكان اجتهاد "عمر بن الخطاب" هنا أيضا بالمخالفة لما ينص عليه القرآن صراحة في أن الذي يؤخذ من أبناء الديانات الأخرى هو "الجزية" وليس "الزكاة". 4- أخيرا، التعطيل الشهير للخليفة العادل لعقوبة السرقة في عام الرمادة أو الجفاف. ثم يتبحر بنا الشيخ "عبدالمتعال الصعيدي" في مقارنة مبكية بين الوجه المشرق للاجتهاد العمري والعدل الخطابي وبين آخرين من قواد وخلفاء المفترض أنهم يحكمون حكما مستبدا باسم الدين، فيذكر أن "الحجاج ابن يوسف الثقفي" قتل "معبد الجهني" لأنه قال بالقدر!!. وأن "هشام بن عبدالملك" قتل "غيلان الدمشقي" وكان أول من تكلم في القدر وأمر بقطع يديه ورجليه وصلبه!!. وأن الخليفة العباسي "أبا جعفر المنصور" كان أول من أحدث تقبيل الأرض بين يديه. وأختلف الشيخ "الصعيدي" مع الإمام "الشافعي" في قوله: "كل قرشي غلب على الخلافة بالسيف واجتمع عليه الناس فهو خليفة"!!. فكتب الشيخ "الصعيدي" ردا على الإمام "الشافعي": "إن من يأخذ حقه بالسيف يكون غاصبا. وإجماع الناس عليه بعد ذلك لا يصح أن يسوغ ما وقع لأنه يكون ناشئا عن عجزهم". رحمة الله عليك أيها الشيخ المجتهد الجدير بوقته ودينه وعقله..ورحمة الله - أيضا - على وجه اجتهادك المشرق الغائب.. ضياع العقلانية واضطهاد الفلسفة يتنقل الشيخ "عبدالمتعال الصعيدي" في كتابه بين عصور الإسلام المختلفة حتى يصل إلى أيامنا. ويرصد في هذه الرحلة - التي تعكس ثقافته الموسوعية المذهلة – وقائع اضطهاد حرية الفكر وإلغاء العقل الإسلامي منذ عصور الحضارة الشامخة وحتى عصور الانحطاط والتخلف التي لا نزال نحيا وقائعها. يذكر الشيخ أن الدول الإسلامية التي تطاحنت على الملك، ساقت من أجله رعاياها سوق الأنعام، فأصبحت الدول تقوم وتسقط دون إرادة أو تدخل من شعوبها. وكانعكاس مباشر لهذا الخلاف السياسي الدموي أخذت الفرق الدينية الاسلامية تتطاحن فيما بينها، يلغي بعضها بعضا ويكفر بعضها بعضا. ويذكر أنه عند استقرار الأمور في بغداد الخلافة العباسية لأهل السنة. أخذت الفرقة السنية تضطهد كل الفرق الأخرى المخالفة لها، وهو نفس ما حدث في مصر الفاطمية الشيعية، ليصل التنازع بين الفرق الإسلامية إلى حد القتال كما حدث بين السنة والشيعة، وصار هذا التنازع عنصريا، فهذه دولة عباسية صبغتها فارسية، وهذه دولة تركية يحكمها الأتراك، وهذه دولة عربية. ووصل الانقسام إلى غايته فصارت هذه الدول تتقاتل على الملك وتنسى أنه يجمعها دين واحد. لذلك يعتبر الشيخ القرن الخامس الهجري "أسوأ من سابقه".. في سياق هذا الاقتتال بين الطوائف الدينية يرصد الشيخ "عبدالمتعال الصعيدي" عددا من الوقائع المؤسفة، منها : - وقوف الإمام "أبو الحسن الأشعري" بعد تبحره في الاعتزال على المنبر قائلا : "أشهدوا عليّ أني كنت على غير دين الإسلام. وأني قد أسلمت الساعة"!! ويكتب الشيخ ردا على ذلك : "وحينئذ يكون المعتزلة في نظره كفارا لا مسلمين. وكان الأجدر به ألا يتنكر لمذهب مكث معتقد صوابه أربعين سنة، فلا يصح أن ينفي الإسلام عن أصحابه أو يقول إنهم "فساق مسلمون"، وإنما هم مجتهدون يثابون على صوابهم ويعذرون في خطئهم" - وصول لغة التكفير بين المختلفين إلى حد أن "ابن حزم الأندلسي" كفر الصوفية!!. وشنع الغزالي على الفلسفة وكفر الفلاسفة!!. حتى أن أهل السنة كانوا يتوجسون شرا ممن يشتغل بالفلسفة ويرمونه بالكفر فأوغلوا في الجمود ومنعوا العقل من البحث والنظر، حتى أن "ابن سينا" لم يسلم من الطعن عليه في دينه!!. - كانت أشد حملة على الفلسفة في دولة نور الدين ودولة صلاح الدين الأيوبي حيث استبيحت دماء الكثيرين ومن بينهم المتصوف الإسلامي الشهير "السهروردي". وكان "ابن الجوزي" حنبلي المذهب وفيه تعصب شديد لمذهبه وكان يذم ليس التفلسف فقط بل التأويل في الدين أيضا!!. ثم حرم الفقيه "ابن الصلاح" المنطق!!. وهدد الأشرف ابن موسى (من ملوك الأيوبيين) قائلا : "من ذكر غير الحديث والتفسير أو تعرض لكلام الفلاسفة نفيته"!!. وعلى هذا المنهاج المتشدد سار "ابن تيمية" الذي حرم الفلسفة والمنطق وكل ما لا صلة مباشرة له بالفقه!!. وأشتهر بفتاويه المتشددة التي كرهت المسلمين في كل العلوم العقلية. - ويأتي الشيخ "عبدالمتعال الصعيدي" على حديث تكفير الإمام الأكبر "محيى الدين ابن عربي" وهو من أئمة التصوف الإسلامي المعدودين، حيث كفره كل من : السخاوي والتفتازاني وابن حجر العسقلاني وابن حيان و..غيرهم!! بل إن بعض من كفروا الإمام الأكبر (رحمة الله عليه) كانوا يبولون على قبره!! وفي ذلك يستشهد الشيخ بعبارة عنيفة حد الرعب للإمام الذهبي، يقول فيها : "إن الفلسفة الإلهية لا ينظر فيها من يرجى فلاحه ولا يركن إلى اعتقادها من يلوح نجاحه. وما دواء هذه العلوم وعلمائها إلا التحريق والإعدام من الوجود"!! ويأتي "ابن قيم الجوزيه" فيسير على منهاج أستاذه "ابن تيمية" في معاداة الفلسفة والمنطق، فيطعن في دين ومعتقد كل الفلاسفة ويتهم "نصر الدين الطوسي وزير هولاكو" بأنه "نصير الكفر والإلحاد ووزير الملاحدة. جعل إشارات إمام الملحدين "ابن سينا" مكان القرآن"!! كتب "ابن القيم" ذلك في عداء الفلسفة و"إمام الملحدين" وليس التتر الذي كان هو أيضا – شأن الطوسي – على اتصال ثابت بهم بعد احتلالهم لبلاده.. تعريف أوفى بالشيخ المجدد "عبدالمتعال الصعيدي" جريدة الأهالي المصرية رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
أثر الطائر بتاريخ: 25 أغسطس 2011 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 25 أغسطس 2011 الشيخ "عبدالمتعال الصعيدي" : "دول تتقاتل على الملك وتنسى أنه يجمعها دين واحد" (2) إنكماش الحضارة وإضمحلال العقل ويواصل الشيخ الجليل "عبدالمتعال الصعيدي" تبحره الصاعد في بحور التاريخ الإسلامي والدول الإسلامية المتحاربة، والمذاهب الفقهية والكلامية المتناحرة، وصولا إلى أيم الناس هذه، فيرصد وقائع إعدام العقل العربي الإسلامي، فيما قاد بعد قرون إلى النتيجة الطبيعة : تدهور وإضمحلال الحضارة والثقافة العربية الإسلامية. ينتقل الشيخ إلى أبو إسحق الشاطبي الذي عاش في القرن الرابع للهجرة ورأى أن "الفرقة الناجية فرقة واحدة لا غير هي فرقة أهل السنة". ويعني هذا أن أي اختلاف فقهي أو مذهبي في إطار الإسلام وخارج الإطار السني يوازي أن يصبح صاحبه أو أصحابه من أهل النار!! ثم ينتقل كتاب "المجددون في الإسلام" إلى رصد الصعود الغربي الموازي لانهيار العقل العربي. ويرصد الشيخ : "نستطيع أن نحكم بأن العلم أزداد ضعفا بين المسلمين وأزداد قوة بين أهل أوربا. وأن هذا سيكون له أثر في ضعف المسلمين. ولم يظهر بينهم من أدرك هذه الحقيقة" ويقدم الكتاب مقارنة بين المجتمع التركي والمجتمع المصري إبان احتلال الدولة العثمانية لمصر من خلال المقارنة بين أوضاع المرأة في البلدين من خلال قرار "القاضي التركي" المعين في مصر من قبل الباب العالي والذي منع النساء في مصر، "اللواتي يتمتعن بما لا تتمتع به نساء تركيا" من الخروج إلى الأسواق وإلى دور اللهو والحمامات، وزيارة أقاربهن. ويعود الشيخ "عبدالمتعال الصعيدي" للتأكيد : "وبينما كان المسلمون يصلون في الانحطاط إلى أسوأ حالاته، كانت أوربا تطفر من عصر النهضة إلى العصر الحديث لأنها ثارت على الثقافة القديمة لبناء ثقافة جديدة..وبينما كان فلاسفة أوربا وعلماؤها يقاومون سلطان الكنيسة وسلطان الحكم المطلق للملوك ويشيدون قاعدة العلم، كان الفقهاء المسلمون يتمسكون بالتقليد" ويحكي الشيخ "الصعيدي" كيف أن السلطان أراد أن يدخل المطبعة في أستنبول أضطر أن يقنع علماء الدين بفائدتها وأمر "شيخ الإسلام" أن يصدر فتوى بأن المطبعة نعمة من الله وليست رجسا من عمل الشيطان. ولأنها فتوى بالإكراه فقد أصدرها "شيخ الإسلام" مشفوعة بمنع طبع القرآن وكتب التفسير والحديث والفقه والكلام لأنها "يخاف عليها من التحريف"!! .. حين يصل الشيخ الصعيدي إلى زمن "الفكر الوهابي" في الجزيرة العربية فإنه يعلل نجاح هذه الدعوة الدينية السياسية المتشددة بظهورها بين الدو في إمارة عربية. ويقارن بين نجاح الدعوة الوهابية بتشددها وفشل دعوة "ابن تيمية" بتشددها أيضا بأن الثانية – دعوة ابن تيمية" – ظهرت في الحضر. أدان "الصعيدي" الدعوة الوهابية بأنها لم تكن دعوة سلمية "بالحكمة والموعظة الحسنة"، بل إنها أعلنت جهادا دينيا لحمل مخالفيها (من المسلمين) على اعتناقها. فمن آمن بها سلم ومن خالف فقد حل دمه وماله. وعلى هذا الأساس بدأت واستمرت غزوات الوهابيين في نجد واليمن والحجاز وأطراف الشام والعراق. إذا بقوا في بلد ألحقوه بإمارتهم، وإذا لم يتمكنوا من البقاء أكتفوا بما سلبوه من الغنائم. ويصل "عبدالمتعال الصعيدي" إلى النتيجة المؤسفة وهو أن الوهابيين : "كانوا يرون أن الإسلام لم يقم إلا بالسيف فلتقم دعوتهم بالسيف أيضا." ورغم ذلك، فقد واجه الملوك الوهابيون من آل سعود أنفسهم عواقب تشدد فقاءهم، حيث تصدى رجال الدين الوهابيون لإدخال التلغراف والتلفون للمملكة، وقالوا للملك : "يا طويل العمر لقد غشك من أشار عليك باستعمال التلغراف" فقال لهم الملك : "لم يغشنا أحد. وليس هناك دليل أو سنة". ولكنهم أصروا على موقفهم بل وقطعوا الأسلاك الموصلة لقصر الملك بحكم أن التلغراف من "المنكر الذي يجب إزالته شرعا"!! وكان نفس الموقف من قبل العلماء الوهابيين تجاه الدراجة (!!) حيث رأوا أنها تسير بقوة السحر وأنها من عمل الشيطان. وكذلك أنكروا الساعة الدقاقة لأنها من عمل الشيطان وكسروا أول ساعة وصلت إليهم!!. ويرصد الكتاب عددا من الأراء الشاذة للعلماء الوهابيين التي تكشف مدى ما بلغوه من تشدد وضيق أفق وبصيرة، حيث رأوا أن الملك سعود "يوالي الكفار" لأنه أرسل أبنه ليتعلم في مصر "بلد الشرك" ولأنه استخدم السيارات والتلغراف وغيرهما من مخترعات العلم الشيطاني. كما أعترضوا على تدريس الرسم والفنون واللغات الأجنبية والجغرافيا..حيث أنها تقرر أن الأرض كروية!! وفي زمن لاحق يطلب الخديوي اسماعيل من شيخ الأزهر المصري طلبا مشابها لطلب السلطان العثماني بخصوص المطبعة، أراد الخديوي أن يقوم بإصلاح نظام المحاكم وطلب من شيخ الأزهر أن يتولى إقناع "المشايخ" بذلك، وأجابه شيخ الأزهر راجيا : "إنني يا مولاي قد شخت ولم يطعن أحد في ديني فلا تعرضني لتكفير المشايخ في آخر حياتي وأقلني من هذا الأمر"!! وأمر يشبه هذا تكرر في وقت سابق مع "محمد علي الكبير" حين أراد أن يلبس الجنود ملابس عسكرية "ملابس مثل الفرنسيين" فأفتى المفتي وغيره من رجال الدين بأن هذا الأمر بدعة مخالفة للشرع لما فيه من مشابهة النصارى في الملابس!! ويتقدم الكتاب في الزمن ليرصد حادثة من نوع آخر، حادثة زواج لكنها في صلب علاقة تبعية رجل الدين المتشدد للسلطة، كان "رياض غالي" مسيحيا وأسلم ليتزوج من الأميرة "فتحية" بنت الملك فؤاد. ورفض أخوها "فاروق" هذا الزواج وبذل ما في وسعه لمنعه، وكان من بين ما فعله "فاروق" أن أستصدر فتوى من لجنة الإفتاء بالأزهر بأن هذا الزواج لا يصح "لأن رياض غالي مسلم حديث، والمسلم الحديث لا يكون كفؤا للمسلم القديم"!! .. وأختم لك هذه الجولة السريعة في كتاب "المجددون في الإسلام" بالإشادة بموقف الشيخ المستنير "عبدالمتعال الصعيدي" من المرأة، حيث دافع عن حقوقها التي منحها لها الإسلام وسلبها منها المسلمون، إذ أرجع الرجل أمر الحجاب والنقاب إلى العرف والعادة وليس إلى نصوص القرآن الكريم الذي كان واضحا وصريحا في تأكيده على رفض التبرج دون التقيد أو الالتزام بزي معين موصوف أو ملبس معين مفروض. كما طالب بتقييد حق الطلاق للرجل بما يكفل أمانا يليق بإنسانية المرأة في حياتها الزوجية والأسرية. تعريف أوفى بالشيخ المجدد "عبدالمتعال الصعيدي" جريدة الأهالي المصرية رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان